الخميس، 24 فبراير 2011

مصر النهاردة وحوار مع وزير الداخلية

الأحد، 6 فبراير 2011

رسالة السماء إلى الشعوب الميتة

رسالة السماء إلى الشعوب الميتة

شريف عبدالعزيز

من أروع المشاهد القرآنية في كتاب الله عز وجل، تلك المشاهد التي تتكلم عن أحوال يوم القيامة وتفاصيلها، والمواقف المؤثرة والمعبرة التي تقع في هذا اليوم الآتي لا محالة، وروعة القرآن تتجلي في تلك المشاهد أنها تقدم للمستمع كأنها رأي العين وتقع في التو واللحظة، رغم أنها ستحدث يوم القيامة، فالتعبير بالمضارع عن المستقبل واحد من أروع الأساليب القرآنية في الإقناع والتأثير، حتى يعتبر الناس ويرتدعوا عن السير في الطريق الذي سيوردهم التورط في أمثال هذه المشاهد يوم القيامة.

تخاصم أهل النار:


يعتبر مشهد تخاصم أهل النار، من أكثر المشاهد القرآنية تأثيراً في الشعوب والجماعات والأمم، ذلك أن الخطاب فيها يوجه إنذاراً شديد القوة والرهبة ليس للأفراد وحدهم فحسب، ولكن للشعوب الضعيفة والجماهير المستذلة والجماعات الخائفة، من مواجهة الطغيان والجبروت الذي عليه النخب والزعامات، تحذير سماوي لهؤلاء الذين يظنون أن السير في ركاب الظالمين، والركون إليهم والسكوت علي مفاسدهم ومظالمهم، يحقق الأمن والأمان والسلامة والمعافاة، لأن هؤلاء الظلمة والطواغيت لن ينفعوهم لا في دنيا ولا في آخرة، وتنازعهم وتخاصمهم في عرصات يوم القيامة سيكون مشهدا من أروع مشاهد اليوم الآخر.

وقد أخذ هذا المشهد عدة صور في القرآن الكريم وتكرر في عدة مواضع في كتاب الله عز وجل، كل موضع منها يخاطب الوحي الشعوب والجماعات والأمم، بسياقات ودلالات مختلفة تجتمع تحت مفهوم واحد وهو: رفض اليأس والاستسلام، وفي كل موضع يتضح المعني مرة بعد مرة.

المشهد الأول: تخاصم الأتباع مع قادة الفكر الضال

الأتباع الذين سلموا عقولهم ورؤوسهم وتفكيرهم، إلى أصحاب الأهواء والأفكار الضالة ومروجي الانحرافات، الأتباع الذين تنازلوا عن أخص ما ميز الله به الإنسان؛ وهو التفكير والعقل، وتركوا غيرهم يعبث به ويفسد فيه ويملئه ضلالاً وانحرافاً وضياعاً وباطلاً، حتى صاروا مثل الببغاء يردد ما يقوله هؤلاء القادة المضللون بلا وعي ولا تدبر ولا فهم، يتلقون علومهم ومعارفهم من هؤلاء الضالين المضللين، يعتمدون فقط علي ما تبثه وسائل إعلامهم، فلا يسمعون إلا صوتهم، ولا يعملون إلا برأيهم، هؤلاء الأتباع الذين باعوا رؤوسهم، وتنازلوا عن تكرمة الله لهم بالعقل، يحذرهم الله عز وجل في عدة مواضع من كتابه العزيز، فيقول في سورة الصافات من الآيات 27 حتى 32: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنْ الْيَمِينِ * قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ﴾.

وقال الله عز وجل للأتباع عديمي العقل مسلوبي الإرادة أتباع كل ناعق في سورة سبأ من الآيات 31 حتى 33: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ ﴾.

المشهد الثاني: تخاصم السادة الأقوياء والعبيد الضعفاء

السادة من الملوك والزعماء والأمراء وشيوخ العشائر والحكام والسلاطين، وغيرهم ممن ولي من أمر الناس شيئاً، وهو يتسلط علي العباد بالظلم والطغيان والفساد وكبت الحريات وتكميم الأفواه ونهب الخيرات والاستئثار بالمنافع والثروات، ورغم كل هذه الجرائم يكون من شعوبهم ورعيتهم من يواليهم ويشد أزرهم ويرضي بأفعالهم الشريرة الآثمة، ولكن أي شعوب تلك التي ترضي بالهوان والاستسلام للطغيان، إنها الشعوب التي ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة إبراهيم الآية 27: ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾.

وقوله عز وجل في سورة الأحزاب من الآية 66 حتى 68 قوله: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ﴾.

ولنقرأ ما قاله المفسرون في تفسير هذا المشهد العظيم:

"الضعفاء هم الذين تنازلوا عن أخص خصائص الإنسان الكريم على الله حين تنازلوا عن حريتهم الشخصية في التفكير والاعتقاد والاتجاه وجعلوا أنفسهم تبعاً للمستكبرين والطغاة، وإنما هم ضعفاء لأن الضعف في أرواحهم وفي قلوبهم وفي نخوتهم وفي اعتزازهم بأخص خصائص الإنسان، فإن المستضعفين كثرة والطواغيت قلة فمن ذا الذي يخضع الكثرة للقلة، إنما يخضعها ضعف الروح وسقوط الهمة وقلة النخوة والتنازل الداخلي عن الكرامة، إن الطغاة لا يملكون أن يستذلوا الجماهير إلا برغبة هذه للجماهير فهي دائماً قادرة على الوقوف لهم لو أرادت؛ فالإرادة هي التي تنقص القطعان، إن الذل لا ينشأ إلا عن قابلية للذل في نفوس الأذلاء، وهذه القابلية هي وحدها التي يعتمد عليها الطغاة".

وتتوالى المشاهد بين الضعفاء والأقوياء، والسادة والعبيد، والأتباع والمتبوعين، والزعماء والرعية المطيعة، والجميع يتخاصمون ويتلاومون ويتعاتبون، ويلعن بعضهم بعضاً ويتبرأ بعضهم من بعض، ويبلغ أعلي درجات التبكيت والحسرة علي الشعوب الجبانة المؤثرة للموت علي الحياة عندما يقوم فيهم إبليس خطيباً وواعظاً ومعلناً براءته منهم ومن أفعالهم وطاعتهم لهم واغترارهم بأمانيه ووعوده الكاذبة.

الشعوب بين الموت والحياة:


الشعوب العربية ظلت توصف لفترة طويلة بأنها شعوب ميتة لا حراك فيها، قابليتها للاستكانة والذلة أصبحت مثل الميراث الذي تتناقله الأجيال، كأن الجبن والضعف مثل الجين الوراثي الذي يورث في السلالات العربية، علي الرغم من أن الوعاء المعرفي والخلفية الثقافية لتلك الشعوب تحمل كل معاني الصمود والعزة والكرام ورفض الطغيان.

ظلت تلك الصفة لازمة ولاصقة بالشعوب العربية حتى جاءت ثورة الشعب التونسي التي حطمت كافة القيود وأزالت جدر المخاوف التي كانت تكبل الإرادة الحقيقية لهذه الشعوب، ولعل سر عظمة هذه الثورة أن شعب تونس كان متفائلاً وصامداً ورافضاً لكل دعاوي اليأس والاستجابة لصوت العقل العاجز، وكل محاولات الإحباط التي كانت تخرج من هنا وهناك والتي دوماً ما كانت ترفع لافتة "لا فائدة"، صامداً أمام التشاؤم، ضارباً المثل الأعلى في إمكانية الشعوب أن تغير وتتحرك، حتى في ظل أعتى النظم الاستبدادية وأكثرها ديكتاتورية في المنطقة، ولعل تفاؤل الإرادة الذي كان عليه التوانسة هو سر نجاح هذه الثورة الشريفة، فالشعب التونسي قد فضل الحياة على الموت، العزة على الذلة، والكرامة على المهانة.

والشعوب العربية الأخرى إذا أرادت أن تحذو حذو الشعب التونسي فعليها أن تختار بين الحياة والموت، عليها أن تعرف أن الخلاص والنصر إذا لا يأتي بالأحلام والأماني بل لابد من وجود تلك الروح الإيمانية الفعالة والمؤثرة التي ترمي بكل سهم من أجل التغيير، وهو الحلم الذي لا تناله إلا الشعوب الحية، وليس للشعوب الميتة فيه من نصيب، ولعل رسالات السماء إلى الشعوب الميتة من سوء المصير أقوى دافع لها أن تتحرك وتتغير قبل أن يكون المشهد الحتمي يوم القيامة إلا وهو مشهد تخاصم أهل النار.

الثلاثاء، 1 فبراير 2011

لا تخونوا الأمة باسم الدين


لا تخونوا الأمة باسم الدين

د.محمد الأحمري

أليس لنا حق أن نعيش مثلهم بشر أسوياء، لا يتولى إدارة حياتنا من ينهبنا ويذلنا لهم؟
ألم يروا أن تأييد الحكام المستبدين ومرهبي الشعوب نفاقا لهم هم صناع الإرهاب

أصبحت على مكالمة من جماعة مصرية تتساءل عن مناقشات حامية يثيرها البعض باسم أنه لا يجوز للمشايخ والدعاة أن يكونوا أتباعا للغوغاء ويتظاهرون معهم ويؤلبون على الحكم؟

صدمني الموقف لأنه أثناء الحديث تبين أن هناك من يستعمل الدين في تخذيل الأمة عن المضي في ثورة تحريرها ممن استعبدها ونهبها وأذلها وأخرجها من التاريخ العظيم لمصر ودفاعها عن للأمة، وجعل بلدا كمصر مجرد مكتب للدعاية للسياسة الصهيونية والاحتلال الأمريكي.

أي شيخ يخذل الأمة ويتولى يوم الزحف ويغدر بأمته في معركتها، ويأمر بإسلام الأمة رقابها ومصيرها لمن عرفوا سوء حاله في كل شيء. باسم الإسلام يهدمونه ويذلون شعبه، هذا هو الفهم الذي يجعل الدين أفيونا للشعوب.

الشارع العربي الإسلامي جدد الدين والكرامة ويطارد المنافقين والمجرمين. ليس لنا أن نزايد على جهد وعمل المصريين الرائع وثورتهم المباركة، بل واجب كل حر تأييدها، والتشهير بالذين يحاولون سرقتها، لصالح من يعملون لتغيير الوجوه وإبقاء السياسات، إنها معركة مصر مع التبعية، ومع الهوان ومع الخذلان، إنها معركة أمة تريد الحياة ويريدون لها الموت.

ثورة مصر هذه مثال عظيم لإتباع سنة حسنة قام بها أبطال تونس الذين خلعوا من رقابهم عار الاستبداد والديكتاتورية، إنه مجد لكل عربي ومسلم عاش عصر الاستقلال من العملاء والسجانين، أعداء الأمة خدم أعدائها. ولا نامت أعين الجبناء. مجد عظيم تحقق بثمن مهما غلا فهو قليل مقابل تحرير أمة.
ألم تروا الأمة في تونس تزف حريتها لشعبها وللعالم العربي ولكل مضطهدي العالم؟

يا له من نصر تخطو مصر على خطاه، ويوم تتحرر مصر، فعسى أن يتحرر العالم العربي كله، ويوم تغوى وتخان وتدمر، فإنه الخطر الكبير، لم تنم أعين الصهاينة على خطوات مصر نحو الحرية، لم ينم ساسة أمريكا خوفا من انفلات مستعمرة من أيديهم وأن يحكم الشعب نفسه بنفسه، تابعت قنوات أخرى تعجبت من هبة المستعمرين، محاولين استعادة استعباد مصر والمصريين، إنها حركة موت أو حياة للأمة.

يرسلون رئيس السي آي آيه إلى المنطقة لعقد صفقة نهب واستعادة استعباد مصر، ويحاولون إغواء الناس بمعونات ورشاوى وسيفعلون بإعلان عن إعانات، ودعاية لزعامات تابعة، وضغوط مدمرة لإبقاء مصر مستعمرة تحت حاكم عسكري، إنهم يحاربون الديمقراطية والحرية في بلادنا لتنعم بها بلادهم، يحاربون استقلالنا ليستمر حكمهم لنا وامتصاصهم لخيراتنا.

أليس لنا حق أن نعيش مثلهم بشر أسوياء، لا يتولى إدارة حياتنا من ينهبنا ويذلنا لهم؟
ألم يروا أن تأييد الحكام المستبدين ومرهبي الشعوب نفاقا لهم هم صناع الإرهاب والسبب في قتل الأمريكان في كل أرض، أليس أولى بأمريكا إنهاء استعبادها لشعوبنا عبر خدمها، أليست السياسات الإرهابية لوكلائها من أسباب هزائمها العظمى وتراجع ثروتها وقوتها وانتشار كراهيتها في العالم الإسلامي، أليس آل مبارك وآل بن علي وأمثالهم سبب أساسي للإرهاب.

إن سياسة عبيدهم هي التي أنتجت من يقاتلون أمريكا في كل أرض، أليس من حقنا أن يختفي الحكام الإرهابيون العرب من أرضنا، وأن ينتهي استعباد الشعوب إننا نأمل في علاقة إنسانية مع الغرب لا استعبادنا عبر إرهابيين عملاء لهم. لقد وصلت الرسالة ولكنهم لا يكفون للأسف.

نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى أن نؤيد رواد الخير والسابقين للتضحية وليس الصمت والتشكيك، بل تأكيد التعريف بخيانة من خان غزة ونهب مصر واستتبع الأمة وهرب أولاده بثروة مصر وأبقى لها الديون والتبعية. نحتاج إلى التعريف بأن من يؤيد الشر واللصوصية فهو شريك فيها، ومن يقيم الدعاية للفساد ويسهم في سرقة الثورة فهو خائن للأمة.

بارك الله هذه الحيوية والشباب والمستقبل العظيم لأمة لتزيل أغطية العمالة والمذلة من طريقها.

  • تاريخ النشر: 28 صفر 1432 (1‏/2‏/2011)