الجمعة، 31 مايو 2013

شرفاء الشام لن يذهبوا إلى جنيف


شرفاء الشام لن يذهبوا إلى جنيف
موقع المسلم 

ليس خافياً على متابعٍ أن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في أسوأ ورطة يمر بها منذ تكوينه،مع أنه في مأزق من بداية تأسيسه في ضوء ضغوط غربية هائلة.
فهو يعاني من مشكلة بنيوية تتعلق بعدم تمثيله سائر القوى الثورية السورية،وبطبيعة صناعة قراراته المرتبكة،ولم تنجح محاولات أعضاء الائتلاف لتجاوز مأزقه بعد اجتماعات مضنية على امتداد أسبوع.
بل إنه يمكن الجزم بأن الائتلاف خرج من اجتماعات إسطنبول المشار إليها،وهو أضعف صفاً وأوهن بينة.فأربعة تجمعات رئيسية تمثل الحراك الشعبي الثائر في الداخل،صدعت برفضها مسار الائتلاف وهددت بالخروج منه،بما يعد ضربة قد تكون قاتلة.

وزادت التعقيدات الإقليمية والدولية من أزمة التجمع الأكبر لقوى المعارضة السياسية السورية لعصابات بشار الأسد،فالغرب المنافق يضغط على الائتلاف للذهاب إلى مسرحية جنيف 2، لم يقدم للثورة سوى الثرثرة الكاذبة،وحتى الكلام الغربي يتذبذب فينخفض مستواه بحسب ظروف القاتل واحتياجات مهمته التي يدعمه الغرب والشرق فيها وهي تصفية الثورة ولو اقتضت تصفية نصف الشعب السوري العنيد!!
بل إن الغرب اسدى خدمات حيوية للنظام الأسدي العميل على امتداد سنتين وثلاثة شهور.

والجيش السوري الحر أعلن أنه سوف يتخذ موقفاً حازماً،إذا غامر الائتلاف بمستقبل الثورة كلها،بصرف النظر عن الصعوبات والضغوط.
وما يثير ضحك الثكلى،أن جنيف 2 عبارة عن مهلة إجرامية جديدة قرر البيت الأبيض منحها لأداته بشار،لعله ينجح في جريمته القذرة،بعد أن أصبح الحلف المجوسي يتدخل علانية بينما كان حريصاً على إنكار مشاركته الفعلية في استئصال السوريين.
فنصر الله غدا وقحاً وحشود المجوس الجدد تحتشد في شوارع إيران والعراق ومناطق الحوثي في اليمن،لتجنيد مزيد من القتلة الأنجاس ضد السوريين العزل.

فالمؤتمر بلا أي ضمانات ولا سقف زمني،ثم أضاف الأمريكي إليه شرطاً مثيراً للسخرية وألصقه بالدب الروسي،وهو عدم حق المؤتمر في مناقشة شؤون الجيش والاستخبارات والمالية، إذ قرر القوم أنها حق حصري لعائلة الأسد!!فهل ثار السوريون إذاً لكي يحق لهم الإشراف على نظافة الشوارع مثلاً؟ والنكتة أن نظافة الشوارع في ظل عصابة الأسد تدخل في نطاق العمل الأمني(الاستخباراتي)،والدليل قيامهم بسجن وتعذيب شباب قبل الثورة بمدينة داريا لأنهم ألفوا جمعية أهلية للعناية بالبيئة في مدينتهم!!

وتسرب عن الروس تعهدهم ألا يتم عقد جنيف2 قبل أن تسقط مدينة القصير في أيدي مرتزقة حسن نصر الله،الذي داس سيادة دولتين معاً،ولم يضربه الغرب بوردة،وهي مهزلة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية في الأقل!!

أما السر وراء ذلك كله، فقد أصبح مفضوحاً بعد أن خرج المُخْرِجُ عن صمته وبدأ بتسريب مواقفه المعروفة للعقلاء، فاليهود بحسب تقاريرهم المخابراتية ليسوا قلقين من أن الاسد سيستخدم الأسلحة الروسية و الايرانية المتطورة ضد هم ،فكل ما يشغل بالهم هو ” أين ستذهب تلك الأسلحة إن سقط النظام ” .
فالخوف الصهيوني محصور في احتمال خروج الأسلحة المتطورة من "الأيدي الأسدية الأمينة" وتصبح تحت سيطرة قوى إسلامية لن تتردد في استعمالها على الأقل لتحرير الجولان الذي باعه المقبور حافظ في هزيمة 1967م!

ولا يخفي مسؤول صهيوني تحدث إلى صحيفة الجارديان البريطانية المعروفة، أن كيانه ” بالاضافة الى عدد كبير من اللاعبين الدوليين عدا ايران, راضون تماماً عن استمرار الحرب الأهلية لفترة أطول قليلاً لعدم وجود بديل مستساغ جاهز “ يكون عميلاً في مستوى " أمانة عائلة الأسد" مع سادتهم الصهاينة!!
وفي مسار مُوَازٍ،كشف الدبلوماسي الفرنسي السابق والباحث في الشؤون العربية، إينياس لوفوغري في مدونته على صحيفة "لوموند"، استناداً لمصادر أمريكية مطلعة في واشنطن، أن النقاش بين أوباما وبوتين خلال شهر يونيو المقبل،سوف يتضمن الاتفاق على وقف لإطلاق النار بين الجيش السوري الحر وقوات الأسد،وتحديد موعد للمفاوضات بين أطراف الصراع السورية. وأثناء التحضير لهذا المؤتمر، يعين الجيش الحر المجلس العسكري الأعلى، ويشرف على إدارته ضابط مقبول من قبل النظام والأمريكان، وتحديداً العميد المنشق مناف طلاس، الذي سوف يقوم بتصفية الجماعات "المتطرفة" كجبهة النصرة وأحرار الشام، وغيرها من الجماعات غير المقبولة بالنسبة للولايات المتحدة.

وبعد تصفية الجماعات "الإرهابية"، يؤلف المجلس العسكري الأعلى، برئاسة طلاس وفداً عسكرياً، ينضم إلى المفاوضات التي يقودها الوفد السياسي الذي ألفه الائتلاف.

وهكذا يحلم الأمريكيون بتصفية الثورة السورية،من خلال عميلهم المتفق عليه بينهم وبين عصابات نيرون الشام،ويجري إخراج مسرحي لإجراء تغييرات ديكورية في نظام الحكم الذي سوف يظل طائفياً،برعاية نصيرية ومشاركة فعلية لسائر الأقليات،التي سوف تتعاون معاً لاضطهاد الأكثرية السنية بطريقة أكثر خبثاً وأقل وقاحة من الحكم العلوي المتغطرس.

لكل ذلك،لا يتوقع المرء أن يوافق الشرفاء في المعارضة السورية-وهم كثرٌ بفضل الله- على المشاركة في خيانة شعبهم،الذي قدم-وما زال يقدم-أنبل صورة لشعب مؤمن شجاع مستعد لبذل أقصى التضحيات الممكنة إنسانياً،لكي يتحرر من الظلم الأسدي والاحتلال الصفوي، ويستعيد حريته وكرامته.

من يطيح بالآخر.. وزير الثقافة أم الفساد؟!


من يطيح بالآخر.. وزير الثقافة أم الفساد؟!

فراج اسماعيل

 ما أروع المسئول عندما يكون شجاعًا في تطبيق مبدأ العدالة والنزاهة غير آبهٍ للمعارضة المتوقعة من أجنحة الفساد التي تحاول بكل ما أوتيت الإبقاء على أوضاعها.
 من هذا المنطلق فهمت الحملة التي انطلقت منذ اليوم الأول لإعلان اسم وزير الثقافة الجديد الدكتور علاء عبدالعزيز، وهي حملة بدأت خسيسة جدًا باستهداف سمعة الوزير وأخلاقه، لكنها سقطت سريعًا لأنه لم يعرها اهتمامًا ولم يتأثر بها.
 والغريب أن دبابير وزارة الثقافة اعتادت على هذا النوع من نسف السمعة. فعلوه بمجرد تعيين فاروق حسني الوزير الأسبق لكنه فهمهم على طريقته فأدخلهم الحظيرة التي استمروا ينهلون من فسادها.
أما علاء عبدالعزيز فقال بوضوح "لن أستدرج لهذا الأمر فاللعبة استدراجي لمجادلة حتى لا أعمل فتصاب الوزارة بانفلات إلا أنني لن ألتفت لذلك، ويجب أن أعمل وأنجز لأن الوزارة خرابة وكلًا من رؤساء القطاعات يحصل على 16 ألف جنيه كل شهر و8 آلاف أخرى كل 3 شهور بالإضافة إلى مكافآت جهد غير عادي ولجنة 500 جنيه، وكم من اللجان موجودة مقابل عمالة لا تحصل على شيء".
 مهرجانات شكلية ولجان لا قيمة لها ورحلات وكتب وجوائز تدر عليهم الأموال الغزيرة.
عرف حسني كيف يضع في عيونهم حصاوي الملح، فقضيتهم ليست على الإطلاق المحافظة على هوية مصر، وإنما ذلك البذخ من الرواتب والمكافآت.
 وزير الثقافة الجديد لم ينتظر عليهم طويلًا.
 سخن الحديد ووضع السيخ المحمي في صرصور الفساد.
 بدأ العلاج بالكي لأن الذين يتحصنون بالمفسدين لا يمكن أن يقبلوا بأقل مما كانوا يحصلون عليه. 
هذا هو الفارق بين وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود وبين وزير الثقافة الجديد.
الأول مد يد الود مع أنه مستوزر على أكبر مجمع لموظفين بلا عمل، ولهذا طلب الرئيس الراحل السادات قبل بدء حرب أكتوبر بأيام أن يبقى ثلاثة أرباع موظفي ماسبيرو في بيوتهم طوال فترة الحرب في إجازة مدفوعة الأجر.
 عبدالمقصود تفادى المواجهة السريعة فاستعصى عليه الأمر فيما بعد، وهكذا ظلت قنوات ماسبيرو لا تختلف عن القنوات الخاصة في إثارة أجواء الفوضى.
أما عبدالعزيز فقد أثبت أنه لها، ولذلك قرروا الاجتماع على إقالته بحجة حماية الهوية المصرية كأنها تعني مجاري الفساد والنهب المنظم وحظيرة الامتيازات التي جاهر الوزير بأنه لن يسمح بها. قام وزير الثقافة بوقف عدد من المهرجانات الشكلية كمهرجان المسرح التجريبي التي لا فائدة منها سوى البدلات التي تذهب للقائمين عليها.
جمد المكافآت الربع سنوية وتقدر بنصف مليون جنيه كان يحصل عليها 20 فقط من قيادات الوزارة، ووجهها لصغار الموظفين خصوصًا العمالة المؤقتة.
عندما سئل الدكتور علاء عبدالعزيز حول اتهام الأباطرة بأنه جاء لتصفية وزارة الثقافة، رد بشجاعة: نعم جئت لتصفيتها من القيادات والعناصر الفاسدة.
الوزير قال في تصريحات لجريدة "الجمهورية" إنه لن يسمح أبدًا بأن يجلس قيادة - مهما كانت - في منزله ويدير العمل بعيدًا عن الهيئة رغم حصوله على آلاف الجنيهات كراتب.
يدرك أنه في عش الدبابير لكنه قرر بحزم واستبسال ألا يدخل أبدًا في مهادنة أو ترويض ليتفادى لدغها.
 الحرب على الفساد أشرس أنواع الحروب، فدائمًا لدى سدنته أدواتهم الجاهزة للتشويه وتحريض الرأي العام ضد من يمس مصالحهم.
 farrag.ismail@yahoo.com

النيل مسلم أم مسيحى؟


النيل مسلم أم مسيحى؟

وائل قنديل

مصر محلك سر، ما أشبه الليلة بالبارحة، لقد اكتشفت بالمصادفة أن الاشتباك الفارغ حول أزمة مياه النيل هذه الأيام صورة طبق الأصل من اشتباك وقع منذ ثلاث سنوات بالتمام والكمال.
ومن مايو ٢٠١٠ إلى مايو ٢٠١٣ لا شىء تغير فى عقلية المصريين وسيكولوجيتهم على الرغم من زلزال يناير ٢٠١١.

لقد خلع مبارك وجاء مرسى، ورحل الأنبا شنودة وتولى تواضروس، ومع ذلك مازلنا نجتر الحواديت ذاتها.

إذن لا بأس من إعادة التذكير بمقال نشرته فى هذا المكان بتاريخ ١٨ مايو ٢٠١٠ بالعنوان أعلاه:

رائع أن تتضافر كل الجهود لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه فى ملف أزمة مياه النيل.. وشىء نبيل ألا نقف مكتوفى الأيدى مكتفين بالبكاء على النهر المسكوب، لكن نبل المقاصد لا ينبغى أن يستدرجنا من حيث لا نشعر وربما نشعر إلى دروب ومتاهات خطيرة لا لزوم لها.

من ذلك أن ينجرف البعض إلى إضفاء صبغة دينية على أزمة مفاوضات دول حوض النيل، كما حدث قبل يومين مع الإعلان عن دخول الكنيسة المصرية على الخط بمخاطبة السلطات الدينية فى دول الحوض، والأغرب أن تأخذ هذه الاتصالات البابوية صبغة شبه رسمية بالتنسيق مع وزير الرى المصرى، ومع تقديرى الشديد لنزاهة المقصد إلا أن ذلك قد يفتح الباب أمام تديين الصراع، وغنى عن القول أن دول الحوض تضم مسلمين ومسيحيين وديانات أخرى، وجلى عن البيان كذلك أن أفريقيا كانت ومازالت ميدانا فسيحا لممارسة نوع من التنافس بين مؤسسات دينية مختلفة.

فما أن أعلن عن تدخل البابا شنودة فى محاولة للتأثير على السلطة الكنسية فى إثيوبيا، حتى سارع المدعو موريس صادق لاستخدام السلاح ذاته فى الاتجاه المضاد، أى دعوة كنائس أفريقيا للضغط على مصر بمياه النيل للحصول على ما يراه حقوقا مهدرة أو امتيازات إضافية للأقباط.

وأخشى أن يستفز هذا الجدل هيئات إسلامية مثلا للدخول هى الأخرى مدفوعة أيضا بنبل الغاية والهدف، وهنا قد نجد أنفسنا فى النهاية فى آتون معركة عقائدية لن تضيف للموقف المصرى والسودانى، بل ربما تسحب منه، ومن يدرى فربما يدخل حاخامات إسرائيل على الخط ويحاولون التأثير على يهود الحبشة والدول الأفريقية الأخرى لممارسة ضغوط على حكوماتهم كى تتعنت أكثر ضد دولتى المصب.

مرة أخرى، لا أحد يجرؤ على التشكيك فى حسن نية الكنيسة المصرية والأزهر الشريف، لكن من المهم أن نترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فتلك أزمة سياسية بالأساس ينبغى أن يتصدى لها الساسة ويوفوا بواجباتهم والتزاماتهم، وإن كانوا يعتبرون أنفسهم أعجز من الاضطلاع بالمهمة فلينسحبوا ويتواروا بعيدا ويتركوا من يستطيع إدارة الملف لتسلمه ومحاولة إيجاد حلول للأزمة.

وفى حدود معلوماتى المتواضعة ليس للنيل ديانة، هو نهر الله الذى أجراه وسيره بقدر فى هذه البلاد تحديدا، يعيش عليه وبه البشر بصرف النظر عن دينهم أو لونهم، فلترفع جميع الرموز الدينية أيديها عن الملف، ومن شاء أن يسهم فى إنهاء الأزمة فليفعل دون أن يعلن ذلك على الملأ، كى لا يتحول النيل إلى ملعب لسباقات السياحة العقائدية والطائفية، لأن النتائج قد تكون أخطر كثيرا مما نراه الآن من لعبة عض الأصابع بين دول الحوض.

شعارهم الوحدة الإسلامية وثمرتهم الفرقة والانقسام!!

شعارهم الوحدة الإسلامية وثمرتهم الفرقة والانقسام!!

رغم أن الشيعة يرفعون دوماً شعار الوحدة الإسلامية، إلا أن وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت، محمد المهري، كان المعارض الأول والأقوى لدعوة د.عبدالله النفيسي بوحدة دول الخليج الطوعية بدلاً من الوحدة القسرية بحسب بعض المخططات الدولية، وليست هذه المعارضة الشيعية للوحدة بغريبة أو غير متوقعة لأن الشيعة يتقنون المتاجرة بشعار الوحدة الإسلامية، التي خصص لها الخميني أسبوعاً بعنوان "الوحدة الإسلامية"، ولا يزال النظام الإيراني يقيمه وها هو منتدى الوحدة الإسلامية بقيادة الشيعة في لندن يعقد مؤتمره الرابع قبل أسابيع، ولكن السؤال الحقيقي والمهم: ما هي النتائج التي تحققت من وراء كل ذلك؟؟

ولكن قبل الجواب على هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى أن الدعوة إلى الوحدة منهج قديم ويمارسه معمّموهم وسياسيوهم، ولعل من أقدم محاولات الخداع التي استغلت شعار الوحدة الإسلامية في العصر الحديث: محاولات العالم الشيعى اللبنانى عبد الحسين شرف الدين، من خلال كتابه "الفصول المهمة في تأليف الأمة" الذي حاول فيه خداع السذج من السنة وهم كثر وللأسف بأنه داعية تقريب ووحدة، لكن سرعان ما ظهرت حقيقة خداعه وتلاعبه في كتابه "المراجعات" المكذوب على شيخ الأزهر سليم البشري، والذي ملأه بالأحاديث الكاذبة والنقولات الباطلة وذلك فرع عن أصل الكتاب الذي زعم فيه أنه مراسلات بينه وبين شيخ الأزهر البشري دون أن يقدم صورة لأي رسالة من رسائل البشري ولم يجرؤ على نشره في حياته بل نشره بعد وفاته بسنين!!
وكذلك ظهرت حقيقته المخادعة والمراوغة لدكتور مصطفي السباعي كما بين ذلك في مقدمة كتابه" السنة النبوية"!!
ولو استعرضنا الخطوات الشيعية والجماعية منها وعبر 50 عاما، وفي أكثر من بلد، فسنجد أن الشيعة حريصون جداً على تنفيذ شعار "الوحدة الإسلامية" من خلال شق أي مؤسسة رسمية إسلامية لتصبح مؤسستين سنية وشيعية، وقد حدث هذا في لبنان والبحرين والكويت والعراق وهم يطالبون بذلك في فلسطين ومصر وغيرهما.

ففي لبنان ومنذ الخمسينيات من القرن الماضي وقبل بروز أي نزعات طائفية، حاول الشيعة فصل الوحدة القائمة بين السنة والشيعة عبر إنشاء مجلس شيعي ديني، فقد حاول نائب بعلبك شفيق مرتضى في العام 1956م إنشاء مجلس خاص للشيعة لكن المحاولة فشلت وبعده حاول محمد تقي صادق -أحد علماء الدين الشيعة في الجنوب- مرة أخرى، وفشلت محاولته أيضا!
ولكن وفي أواخر عام 1967م نجح موسى الصدر باستصدار قانون من مجلس النواب اللبناني لتنظيم الطائفة الشيعية؛ الذي تم بموجبه إنشاء «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» ورأى هذا المجلس النور في مايو/ أيار سنة 1969م برئاسة موسى الصدر، وأدى إنشاء المجلس إلى هدم الوحدة بين الشيعة والسنة لأول مرة في لبنان وصارت سنة متبعة شيعياً.
وكان لدعم المسيحيين الموارنة -على وجه الخصوص- دور في نجاح الصدر لإضعاف المسلمين اللبنانيين، بإيجاد طائفتين بدلاً من واحدة، الأمر الذي يسهل عليهم أن يبقوا متفوقين ومتميزين، في ضربة للوحدة الإسلامية وخدمة للمناوئين لها.
وفي الكويت شهد عاما 2001 و 2002 مطالبات ومنازعات شيعية لإنشاء "هيئة للأوقاف الجعفرية الشيعية" تكون مستقلة عن وزارة الأوقاف وعن الأجهزة الحكومية, بل وطالبوا بأن تكون تحت إشراف مراجع وعلماء مذهبهم كونهم ينوبون عن الإمام الغائب!
وهذه الخطوة الانفصالية والمخربة للوحدة تمت برغم إنشاء الحكومة وحدة للأوقاف الجعفرية تتبع وزارة الأوقاف، أعضاؤها من الشيعة, إلا أن الشيعة وقادتهم أعربوا في تصريحاتهم المتكررة أن هذا القرار لا يلبي طموحاتهم, لأنهم يريدونها هيئة مستقلة عن الأوقاف والحكومة, وفي أحسن الأحوال تتبع الديوان الأميري.
أما البحرين فبرغم إنشاء الدولة لـ "المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية" الذي وزعت عضويته مناصفة بين السنة والشيعة إلا أن الشيعة تجاهلوا ذلك وقامت 80 شخصية شيعية بتأسيس «المجلس الإسلامي العلمائي» سنة 2004 بحجة أن التعامل مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية كمؤسسة حكومية ينطوي على «شبهة فقهية» !!

والمضحك في الموضوع أن أول أهداف هذا المجلس هو: المحافظة على وحدة المجتمع وخدمته! مما يعد ضربة جديدة للوحدة الإسلامية والدستور البحريني الذي يتشدقون باحترامه!
وفي العراق مباشرة بعد الاحتلال 2003 قام الشيعة بتقسيم وفصل دائرة الأوقاف إلى الوقف السني والوقف الشيعي رغم انهم المسيطرون على زمام الأمور، وكان هذا حالهم حين طالبو بتقسيم العراق إلى فدراليات شيعية وكردية وسنية، مما يؤكد أن الشيعة ترغب بالانفصال تحت شعار الوحدة!!
 وليس ذلك بجديد عليهم فبعد تأسيس الدولة العراقية عام 1921 بست سنوات طالب الشيعة بانفصال الجنوب العراق وذلك سنة 1927.
كانت هذه بعض النماذج "الناجحة" في هدم الوحدة وضرب ثوابتها رغم كل شعاراتهم ومهرجاناتهم، أما على صعيد التجارب التي لم تنجح بعد في شرخ المؤسسات القائمة أو إيجاد كيانات شيعية ترسخ الفرقة والانقسام، فعندنا مثال اليمن ومصر وفلسطين، ففي اليمن ها هي المحاولة تلو المحاولة للإنفصال بالقوة العسكرية بحجج طائفية ومبررات شيعية والجميع يرى ويراقب!!
وفي مصر حاول بعض المتشيعة تأسيس "المجلس الأعلى لآل البيت في مصر" في أواخر عام 2004، ولم يتم الاعتراف به رسمياً، رغم محاولاتهم المتعددة، وكانت لديهم نية لمطالبة الأمم المتحدة بحق الإشراف والرعاية على "العتبات المقدسة في مصر"!!
وتكررت المحاولة في فلسطين، فقد تعجل محمد غوانمة سنة 2006 بالإعلان عن تأسيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في فلسطين"، لكن ضغوطات حركة حماس جعلته ينهى هذه الفقاعة بعد أسبوع.
إذاً الثمرة الحقيقية لشعارات الوحدة الإسلامية التي يرفعها الشيعة هي:
1- أنهم لم يقدِموا على تطبيق الوحدة في بلدهم إيران، بل إن واقع الظلم الذي تمارسه إيران على السنة واقع مرير فيكفيك أن تتابع إعلانات الإعدام التي تقام لسنّة إيران أو أخبار اضطهاد علمائهم لتعرف مقدار الكذب والزور الذي يمارسه الشيعة باسم الوحدة الإسلامية، لدرجة أن من مطالب السنة في إيران معاملتهم معاملة اليهود والمجوس الزرادشت الذين يحظون بمعاملة أفضل من معاملة السنة، فيكفى أنهم يملكون حق بناء دور عبادتهم في طهران بخلاف السنة، ولهم مقاعد مخصصة بالبرلمان وليست بحسب أهواء النظام في كل مرحلة.
2- الانفصال والانشقاق وتأسيس المؤسسات الطائفية كلما أتيحت لهم الفرصة.
ونستطيع القول أن شعار الوحدة يرفعه الشيعة لأسباب عدة:
1- إذا كان الشيعة في موطن ضعف فإنهم ينادون ويرفعون شعارات الوحدة الإسلامية، مما يقويهم ويدفع عنهم الضرر.
2- يتم استخدام ورفع شعار الوحدة الإسلامية من قبل إيران لخداع النخب والجماهير العربية والإسلامية في بقية البلدان وتعمل على استغلاله في الدعاية لها وترويج مخططاتها.
3- كما ان الشيعة يرفعون شعار الوحدة الإسلامية في وجوه من يطابهم بإنصاف شركائهم وجيرانهم، خاصة إذا كان الشيعة هم المسيطرون في بلد ما كإيران والعراق فهم يرفعون شعار الوحدة لمنع السنة من المطالبة بحقوقهم ورفع الظلم عنهم.
إذاً المصلحة الشيعية الطائفية هي الفلك التي تدور فيه مسألة الوحدة، فمتى يفهم بعض الحمقى الحقيقة ولو كانوا من حملة الدكتوراة أو كتبة في الصحف والمجلات؟!

الردّ على من وصَفَ جهاد الأمّة المشرف في الشام بالفتنة !

الردّ على من وصَفَ جهاد الأمّة المشرف في الشام بالفتنة !
 
( إنّ سوريا تحت غزوٍ مجوسيِّ يستهدف أمّتنا كلَّها وليس الشام فحسب ، والفتوى بوجوب دعم جهاد الشعب السوري بكلّ أنواع الجهاد بالرجال ، والمال ، والسلاح ، والإعلام ،  لاتخفى إلاّ على أعمى البصيرة ، مخذولٍ عن رؤية الحقّ ، مُثبَّـطٍ عن إعانة أهله _ نسأل الله السلامة _ والواجب منعُ قائل هذه الضلالة ،  إن لم يمكن بالسلطان ، فبإكثار النكير عليه باللسان ،  حتى يُسكـت ، فيُكبـت ، فلا يؤثـّر على جهود الأمة الإسلامية لتحرير الشام من الإحتلال المجوسي ، وذلك كائنٌ وقريب بإذن الله )
 
حامد بن عبدالله العلي
 
الحمد لله الذي أمر بجهاد الكافرين والمنافقين ، والصلاة والسلام على المبعوث بالجهاد للمؤمنين ، لقمع الظالمين والمفسدين ، وإظهار الحق المبين ، وعلى آله وصحابته أجمعيـن ، وبعد :
 
فقد ظهرت أقوالٌ ألقاها الشيطان على ألسنة قائليها ، تشكّك في جهاد أهل الشام ، وتصفُهُ بالفتنة ، وتثبـّط الناس عنهم بتصريح تارةً ، وتلميحٍ تارةً أخرى .
 
ولاريب أن هذا يدخل في الإرجاف ، والتخذيل ، بل هو أقبح من ذلك ، وأشنع .
 
وقد أجمع العلماء على تحريم الإرجاف ، ويدخل فيه إشاعة كلِّ ما يوهن العزيمة في لقاء العدوّ ، ومثله التخذيل وهو تثبيط الناس عن الغزو ، وتزهيدهم في الخروج إليه ، ومازال الفقهاء يستدلون في هذا الباب بقوله تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ، وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاّ قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا ، وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا )
 
كما حفلت كتب الفقهاء من جميع المذاهب على أنه لايجوز استصحاب المرجف ، والمخذل إلى جهاد .
 
مع أنّ هذا فيمن يقول إنّ الغزو لافائدة فيه ، أو التصدّي للعدوّ لا جدوى منه ، ومثل هذه الأقـوال ، أما من ينهى عن المشاركة فيه بدعوى أنه فتنة ! ونحو ذلك ، فهذا الفعل أشد جرما ، وأعظم تحريما ، بل هو اصطفاف مع العدوّ ، ونكاية في صفوف المسلمين ! وما أشبه قائل هذا القول القبيح ، بمن وصفه الإمام ابن حزم رحمه الله : ( ولا إثمَ بعد الكفر أعظمُ من إثم مَن نهى عن جهاد الكفار ، وأمر بإسلام حريم المسلمين إليهـم ) !
 
هذا .. وليس هذا الصنف المخذّل بجديـد على الأمـة ، فكم ظهر في صفوفها في حال تصدّيها لأعدائها ، وقيامها بواجب الجهاد .
 
 ومنذ أن وصفهم الله تعالى في غزوة الأحزاب قائلا عزّ شأنه : وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ، ويستأذن فريق منهم النبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورة ،  وما هي بعورة إنْ يريدون إلاّ فرارا، وفي سورة التوبة قائلا سبحانه : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا).
 
من ذلك الحين , وهذا الصنف من المهزومين نفسيا يبرز قرنـُه ، فيردّدون عندما تنهض الأمّة لدفع عدوّها الصائل عليها ، نفس ما ردّده أسلافهم ( إنها فتنة ) و(لا تجلبوا الخراب إلى البلاد ) بجهاد العدوّ ، ( إنّ بيوتنا عورة ) !
 
ذلك أن نفوسهم قد ألفت الخنوع ، إذ طال بقاؤُها فيه ، واستهوت ظهورُهم ركوبَ الطغاة عليها من طول خضوعهم للطغـاة ، فهم يتلفّظون بألفاظ العبيد وسط الأحرار ، ويتكلّمون بلغة الرقيق بين الأباة ، وهم لايشعرون !
 
ولله در القائل :
 
ومن يُهن يسهل الهوان عليه * ما لجـرحٍ بميـت إيلامُ
 
وما أصدق القائل :
 
إذا ما أهان امرؤٌ نفسه * فلا أكرم الله من أكرمه
 
وهم تارةً يُسمُّون هذا النهج الذليل المرذول حكمةً ، وتارة يطلقـون عليه ( نهج السلف ) !
 
ولعمْري ما هي بحكمة ، بل جبنٌ ومهانـة ، وإنها لجناية عظيمة على سلف هذه الأمة العظيمة ، أن ينسب إليها هذا الخور ، فما كان عصر السلف إلاّ عصر الجهاد ، والتضحية ، والتصدّي للطغاة ، وأطْرِهـم على الحـقّ أطرا ،
 
 لقد كان عهد الرماح العوالي المشهوره ، والسيوف البراقة المنصوره ، والغارات التي هي بالظفر ممهـوره .
 
إذ كانوا سلالة عـربٍ أقحاح ، يرون الذلّ أقبحَ العيوب ، والجبن أعظم العار ، والرضى بعلوّ العدوّ أشدّ عليهم من الموت  :
 
ونحن أناسٌ لاتوسـُّط عندنا * لنا الصدرُ دون العالمينَ أو القبر
 
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما * تخر له الجبابرُ ساجدينا
 
لقد كانوا يعـدّون المجد لايُنال إلاّ بمواجهة الكماة في ساح الوغى :
 
لا تحسبُ المجدَ تمراً أنت آكلُهُ *لن تبلغَ المجدَ حتّى تلعقَ الصَّبـِرا
 
فلما بعث الله فيهم خاتم النبييّن صلّى الله عليه وسلم ، فدخلوا في دينه ، كانوا كما قال صلى الله عليه وسلم ( خياركم في الجاهلية ، خياركم في الإسلام إذا فقهوا ) متفق عليه , فطالت راية شموخهم بالإسلام ، وأعلى الله جباهَهم بالإيمان ، إذ أنزل عليهم :  ( وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة ، ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلاّ على الظالمين ) ، وأنزل ( قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ، ويُخْزهم ، وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) ، وغيرها من الآيات التي ربّتهم على أن لا عـزّ لهم إلاّ بالجهاد ، ولا مجد لهم إلاّ فوق ذُرا سنامه.
 
وعلمهم القرآن أنْ تحت راية الجهاد تُذبحُ الفتنة ، وليس هي الفتنة !
 
 وأن في ظلال رماحه ، وبأيدي المؤمنين ، ينتقل الذلُّ والخزي إلى العدوّ فيخزيهم الله بأيدي المؤمنين ، ويشف صدور المؤمنين ، وليس هو الذلُّ والخزي!!
 
وبقيت هذه الأمة فيها هذه الروح الأبيّة التي صنعها الإسلام ، فما برز لهم عدوّ إلاّ نهضوا إليه ملتفّين حول راية الجهاد ، فحطّموا عرش كسرى ، ومزقوا ملك قصير ، ثم كسروا الصليبيين في حطين ، بتضحيات عظيمة ، معطّرة بدماء الشهداء ، ثم هزموا المغول في عين جالوت بمثلها من التضحيات .
 
ثـم ما زالت الأمـّة على هذا الفهم ، فهْم الأمة الحيّة ، التي ترى أنها بشهدائها فحسب تصنع أمجادَها ، فدماؤهم حبرُ تاريخ عزّهم ، وأجسادهم المخضبّـة بتلك الدماء تحت الألوية ، هي صحائفُـهُ .
 
ثم كذلك في هذا العصر ، قدمت الأمة في أقصى الشرق مليون شهيد في أفغانستان لتحطيم إمبراطورية الشيوعية المتمثلة بالإتحاد السوفيتي ، ومليون آخر في أقصى الغرب في الجزائر لتطرد المستعمر الفرنسي ، وفي نقطة الوسط ترى شمس الشهيد عمر المختار ساطعةً بالعزّة ، متألقـةً بالمجد ، مشعّـةً بالشموخ .
 
وفيما بين المشرق والمغرب ، أنهرت الأمة دماءَها رخيصةً ، لتتخلص من إستعمار القرن الماضي ، والذي قبله .
 
هذا ولم تزل الأمة بهذه التضحيات الباهره ، وتلك الدماء الطاهره ، وهاتيك الأجساد الممزقة في سبيل العزة ، محمودة الذكر ، مرفوعة الرأس ، حتى عند عدوّها ،
 
 إلاّ عند هذه الطائفة المخذّلة ، المرجفة التي تُسمّى تارة جامية ، وتارة انبطاحية ، وتارة مخابراتية ! وكلّها تصبُّ في مصبِّ واحد !
 
وإذا كانت الأمم كلُّها مجمعة على أن لاشيء أوجب من حفظ كرامتها بمنع تسلط العدوّ عليها ، وفي سبيل ذلك تسترخص كلُّ أمـةٍ ، كلَّ غالٍ ، وتقدم كلّ نفيس.
 
فكيف بهذه الأمة التي علّمها القرآن :  ( ولاتهنـوا ولاتحزنـوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ).
 
هذا هو منهج السلف في نهج الإسلام ، وعلى آثاره مضـت هذه الأمة العظيمة الشامخة.
 
أما هؤلاء المخذّلون المرجفون ، فإنما ينبحون كالكلاب بأصواتٍ نشازٍ على لحن الأمة المشبـّع بعزف المجـد ، والعـزّة ، والإباء .
 
 وقد سمعنا _ أوّل ما سمعنا _ نباحهـم المزعـج ، عندما حلّت الصليبية غازية أفغانستان قبل عقد من الزمان ، ثم عـلا صوتهم عندما زحفت جيوشها على عاصمة الخلافة بغداد عام 2003م ، إرضاءً لجيوش الصليب ، ومن أعانها من حمير العرب ، وتزلفاً إلى عبيد بوش وكونداليزا رايس ! ، حتى نصبوا ( بريمر ) وليّ أمر على العراق ، وجعلوا من يجاهده خوارج عليه ، قبحهم الله من عميان البصيرة !
 
لكنّ الأمة لـم تلتفت إليهم ، ولا عوّلت عليهم ، بل مضت في طريق جهادها ، وبقيت تحته رايته الخفاقة ، مؤمنة بأن هذا هو طريقها المحتوم ، ونهجها الذي بآي الوحي المنـزّل مخطوط ومرسوم .
 
ثم لما جاء الآن دور المجوس ، واشتعل أوارُ جهادِهم في الشام ، وسُلّـت السيوف البرّاقة ، تحملها الأبطال التي هي للجهاد مشتاقة ، والتف حولهم شعبٌ كريم الأعراق ، عظيم الشجاعة ، كبير المقامات ، شهد له الوحي بالفضائل قبل الناس ، والتاريخ .
 
ثم مضى هذا الشعب الكريم في طريق لا يرى له رجعة عنه إلاّ بالنصر ، ولا يبصـر نهاية له إلاّ تحرير الشام من احتلال المجوس ، وتطهير سوريا من رجس الفرس المنحوس.
 
لما جاء دور جهاد المجوس ، طارت تلك الغربان من خرائبها _ كعادتها _  فحطّت حول ساحات الجهاد في الشام ، تصفهم جهاد أهلها المشرّف الذي أعـزّ الأمـة  بالفتنة ! وتخذل الأمة عن اللحاق بهم ، والإنفاق عليهم ، ومدّ يد العون لهم !
 
فهاهو !! هو نفسه نعيق مرجفي غزوة الأحزاب ، وهو ذاته المتكرر عبر التاريخ إلى يومنا هذا ، قبحه الله من نعيق ، وقاتلها الله من غربـان !
 
ولا تعجـبوا أيها الصادقون ، أن سيبقى في أمّـتنا ، إذ هـو امتحان _ أيضا _ يميّز الصادق من الكاذب ، ولهذا ورد في الحديث ( يقاتلون في سبيل الله لايضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ).
 
هذا وقد كتبت فتوى سابقة في جهاد الشام مع أول رصاصة انطلقت في وجه الإحتلال المجوسي له ، بينت فيها حكمه ، وشرحـت فيها وجهه وأمره ، هذا نصها :
 
قال الحقُّ سبحانه : ( وجاهدوُا في الله حقّ جهادِهِ ) ، وقال : ( والذين إذا أصابهَم البغيُ همْ ينتصروُن ) ، وقال : ( ولمن انتصرَ بعدَ ظُلْمِهِ فأولئكَ ما عليهِمْ من سَبِيل )
 
وقال صلَّى الله عليه وسلم عن الطغـاة : ( فمنْ جاهَدهم بيدِه فهُو مؤمِن ، ومن جاهدَهم بلسانهِ فهوَ مؤمنْ ، ومَنْ جاهَدَهمْ بقلْبِهِ فهوَ مؤْمنْ ، وليسَ وراءَ ذلكَ منَ الإيمانِ حبّةُ خرْدل ) حديث صحيح رواه مسلم
 
أما بعـد : فإنَّ الجهادَ في أرض الشَّام هو أفضل الجهاد اليوم ، والقائمون عليه من أسود الشام ، وأبطال الإسلام ، همْ خيرُ المجاهدين منزلة ، وأعظـمهم درجة ، وأزكاهم عند الله إن شاء الله تعالى.
 
 ذلك أنهم يقاتلون من جمـَعَ على أهل الإسلام الشرَّيـْن ، وانتظم الخطريْن ، شرّ المجوس المتدثّر بدين الرفض الذي هو أخبث دين على وجه الأرض ، وشـرّ الطغيان العظيم الذي لم يصل إلى مثله طغـيان.
 
وهم بذلك يدفعون بنحورهم عن أهلِ الإسلام ، ويهرِقون دماءَهَم لأجل حماية المسلمين ، وليدفعوا عنهم بأس الكافرين ، كما قال تعالى ( وحرِّض المؤمنين عسى الله أنَّ يكفَّ بأسَ الذين كفروا ) .
 
ولهم أجر المجاهدين الذي ورد فيه قوله تعالى :(وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) ، وفي قراءة أبي جعفر المدني برواية خلف عنه : ( أجعلتم سُقاةَ الحاج ، وعَمَرَةَ المسجد الحرام ،  كمن آمن بالله ،  واليوم الآخر ، وجاهد في سبيل الله ، لايستوون عند الله ) ، وهذه القراءة أجلى في تعظيم فضل المجاهد ، على كل الأعمال الصالحة حتى أعلاها وهي الصدقة بسقي المـاء ، في أفضل المكان ، لأفضل من يُسقى وهم الحجيج ، بل هـو أفضل ممن يعمرون المسجد الحرام بالصلاة ، والذكر ، وتلاوة القرآن ، فالجهاد بنص الآية أفضل من جميع الأعمال الفاضلة القاصرة ، والمتعدية.
 
ولهذا ورد عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه كان في الرباط ، ففزعوا إلى الساحل ، ثم قيل : لا بأس ، فانصرف الناس ، ووقف أبو هريرة رضي الله عنه ، فمرّ به إنسان ، فقال ما يوقفك يا أبا هريرة ؟! ، فقال : سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( موقف ساعة في سبيل الله ، خير من قيام ليلة القدر ، عند الحجر الأسود ) رواه ابن حبان في صحيحه ، والبيهقي ، وغيرهما  .
 
ومعلوم أنَّ الصلاة في المسجد الحرام ، بمائة ألف صلاة ، وهذه المضاعفة العظيـمة ، مضاعفةٌ أيضـاً بأكثر من 83 عاما في ليلة القـدر ، وبهذا تكون ساعة الرباط خيراً من كـلّ هذا العمل العظيـم ، فسبحـان الله!
.
ولنذكر أيضا _ في هذا المقام _ بعض الأحاديث الواردة في فضل الجهاد العظيم حضّا لأهلِ الشَّام عليه ، وترغيبا لهـم فيه :
.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثلُ المجاهد في سبيل الله ، كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ، ولا صلاة  ،  حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى ) رواه البخاري ومسلم

وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ، ولا صلاة ، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى ) متفق عليه

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأُجري عليه رزقه ، وأمن الفتّان ) رواه مسلم

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ،  سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ العمل أفضل ؟ قال : ( إيمان بالله ورسوله،  قيل : ثم ماذا ؟قال : الجهاد في سبيل الله ،  قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرر متفق عليه
 
وعنه رضي الله عنه : ( مرَّ رجل من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعشب ، فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته ، فقال : لو اعتزلت الناس ، فأقمت في هذا الشعب ، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( لاتفعل فإنّ مقام أحدكم في سبيل الله ، أفضل من صلاته في بيته ستين عاما ، ألا تحبُّون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة ؟ اغزوا في سبيل الله ، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة ، وجبت له الجنة) رواه الترمذي ، ومعنى فُواق ناقة : أي ما بين الحلبتين من الراحة .
 
وعنه : ( أنّ رجلاً قال : يا رسول الله ، دلّني على عملٍ يعدل الجهاد ، قال : لا أجده ، ثم قال : هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك ، فتقوم ولا تفتر ، وتصوم ولا تفطر ؟! فقال : ومن يستطيع ذلك ؟! قال أبو هريرة : فإنّ فرس المجاهد ليستنّ ، يمرح في طوله ، فيكتب له حسنات ) رواه البخاري ، والطول هو الحبل الذي يشد به الفرس ، ويستنّ أي يعدو

هذا .. ومن يُقتل من المجاهدينَ في الشام ، أو ممن يعينُهمْ ، أو ممن يؤيـّد الثورة بأيّ نوع من أنواع التأييـّد ، كلّ هؤلاء الذين يجاهدون نظام طاغية الشام ، من يُقتـل منهم فهو شهيدٌ ،  ينال فضل الشهادة بإذن الله ، وفضلهـا عظيمٌ ، كما في حديث أنس مرفوعا :  ( ما أحد يدخل الجنة ، يحب أن يرجع إلى الدنيا ، وله ما على الأرض من شيء إلاّ الشهيد ، يتمنَّى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتـل عشر مرات ، لما يرى من الكرامة ) متفق عليه
 
فأيُّ فضلٍ في الإسلام أعظـم من هذا الفضل ، وأيُّ مكانة أسمى من هذه المكـانة ؟!
 
كمـا نؤكـِّد لأسود الجهاد الشامي ، وكلّ الثوار الأحـرار ، أنَّ كلّ من يقاتـل مع نظام طاغية الشام ، وأشقاها ، وشارونها ، يريد أن يسفك دماء أبنائها ، ويعتدي على حرماتها ، فدمُهُ مباح ، في شريعة الإسلام ، بإجماع علماء الإسلام ، وسلاحه الذي يحمله يذهب للمجهود الجهادي ، كيف لا ، وقد قال تعالى ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيءَ إلى أمـر الله ) ، وهؤلاء المدافعون عن نظام هذا الفرعون المتكبر في الأرض ، ليسوا بغاةً فحسب ، بل هم أعظم الطغيان ، وجنـود الشيطان ، فليس في إباحة دمهم من الشكِّ قطميرٌ ، ولا نقيـر.
 
وإذا كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلم ، أمر بقتال الخوارج من أجل أنهم يستحلون دماء المسلمين ، كما في الصحيح : ( يقتلون اهل الإسلام ، ويذرون أهل الأوثان ) ! مع أنهـم كما جاء في وصفهم في الصحيح ، كما في السنن والمسانيد من طرق متعددة ، قال صلى الله عليه وسلـم عنهم : ( يحقر أحدُكم صلاتَـه مع صلاتهم ! وصيامَـه مع صيامهم !، وقراءته مع قراءتهم ! يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الإسلام ، كما يمرق السهم من الرمية ،  أينما لقيتموهم فاقتلوهم ; فإنّ في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة ; لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد )
 
فهؤلاء الأخباث جنود طاغية الشـام وشارونها ، المعتدون على دماء الناس ، وأعراضهم ، وأموالهم ، أحقُّ بأن يُقتلوا قتل عادٍ ، وثمـود .
 
غير أنَّ للمجاهدين أن يرجِّحوا مصلحة العفو ، للتشجيع على الإنشقاق ، أو ترك القتل أحيـاناً إن كان ذلك مأمونا ، وترجَّحَ تركـُه ، وليجتهدوا فيما يؤلف قلوب الشعب إليهم ، ويجمـع الكلمة عليهـم ، فجواز القتل لايعني وجوبه في كلّ حال ، ولا رجحانه في كلّ الأحـوال .
 
هذا ونهيب بأهل الإسلام ، لاسيما ذوي اليسار ، والجمعيّات الخيّرية ، وغيرها ، إعانة الجهاد الشامي بالمال ، ففي الصحيح : ( من جهَّز غازيا فقد غزا ، ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا ) .
 
هذا وقد أصدرت سابقا بيانا في دعم الثورة السورية ،  وجهاد أهلها ضد طاغية الشام ،  وأشقاها ، وشارونها ، هذا نصُّـه :   
 
المحمودُ الله جل في علاه ، بالحمد كلِّه ، و المصلَّى والمُسلَّمُ عليه نبيُّه المجْتبى ، ورسوله المصْطفى ، وعلى أهل بيته الطاهرين ، وأصحابه الطيبـين ، و على كلّ مَن بآثـارِه اقتفى ، وبهُداه اهتدى ، وبعد :
 
يُشعـل شعب الشام الأبـّي ،  أحفاد صلاح الدين الأيوبي في أرض جهاده ،  ثورة عظمى ضد طاغيتها بشّار ونظامـه ، الذي طغى في البلاد ، فأكثـر فيها الفسـاد ، وأهلك بالظلم العبـاد ، ثم أظهـر حقيقة طغيانه ، ومبـلغ إجرامه وعدوانه ، فيما فعله في المتظاهرين ضـد نظامه ،
 
 إذ أخذ يسومونهم سوء العذاب ، في إبادة جماعية لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث ، يحضُّهُ عليها حقدُه البغيض على الإسلام والعروبة ، إذ كان من الطائفة النصيرية الملعونة المتحالفة مع المجوسية الكسروية المأفونة في طهران ، ضدّ أمة الإسلام والإيمان ، كما يؤزُّهُ خوفُه على عرش طغيانه أن يهـوى ، وإنَّ ذلك لواقع بإذن الله ، وعلى نظام دولته الباغي أن يسقط ويفنـى ، وإنَّ ذلك لحادث بإذن الله .
 
ولقد تعرَّضَ الشّعب السوري في أثناء حكم هذا الحزب اللعين إلى أبشع ضروب القمع ، والتعذيب ، والتنكيـل ، والقتل بالإغتيال ، كما انتشر الفساد ، وفشَت الجريمة ،  ، وعـمَّت الفواحش ، والإنحلال الأخلاقي ، وحورب الدين ، والتدين في الشعب السوري ، وصار حكمه ملاذا للدعوة المجوسية الباطنية الرافضية ، ولأخباث الخلق ، فقد سلّم الشام إلى مجوس طهران لينشروا فيها أخبث دينٍ للشيطـان .
 
ولقد اقتـرف هذا الحزب الخبيث في الشعب السوري كلَّ أصناف التنكيل ، والتعذيب ، وحرّم الشعـب من أدنى حقوقه الإنسانية ، وسلبه حريَّتـه ، وسلَّط عليه أنظمة القمع ، والإرهاب البوليسي ، كما استنزف وبدَّد ثروة الشعب السوري ، وموارده الطبيعية الغنـيّة ، ونهَبَ أموال الخزانـة العامـّة ، والأرصـدة .. إلـخ
 
غير أنّ شعب سوريا البطـل ، وهو الذي سطَّر في تاريخه أروع البطولات ، وتحت ترابه الطاهر يحتضن قبرَ خالد بن الولد رضي الله عنه ،  وصلاح الدين الأيوبي ، لايمكن أن يذلّ لطاغية ، أو يستعبده طغيان .
 
فأعلن أولاً الثورة السلمية ، فلمّا انطلقت وآزرها الشعب ، فاستظهرت ، واستوتْ على سوقها ، عظم الطغيان من العِدى ، وتجاوز الظالمـونَ المدَى .
 
فتشكَّل من أسود الشام ، وليوثه العظام ، ومن الضباط المشنقّين عن جيش الطاغية ، وغيرهم من الجنود الشرفاء ، وأعانهم غيرهم من داخل سوريا وخارجها من أعانهم ، فالتئم جيشٌ من المجاهدين .
 
 
فأطلقوا صيحات الله أكبر بالجهاد ، فصارت من تحت أقدام فرعون سوريا ، الأرضُ تموج موج البحـار ، وترتج ارتجاج أعجاز النخل أصابها الإعصـار ،
 
 فدعـا الطاغية جيشا من المرتزقة من طهران ، وأرجاس جيش المنغولي مقتدى الصدر ، وأنجاس المهرّج زعيم حزب الشيطان في لبنان ، للدفاع عن عرش البغي والعدوان ، فلم ينجِّهِ ذلك من ثورة غضب الأسود ، وإعصار يشبه إعصـار الجـدود .
 
وهاهو الشعب السوري يشتـعل إشتعال النار في الهشـيم ، وينطلق إنطـلاق السيل العظيـم ، ويضـرب ضربة السيف الصريـم .
 
ويصِـرُّ على إسقاط الطاغية ، وعلى إسترداد حقوقه ، وإقامة سلطان العدل ، وإطـلاق مشـروع النهضة التي تلتحق بالنهضة العربية الكبرى ، لتعيد لأمّتـنا رسالتها الإسلامية الخالدة ، وترفع رايتها الحضاريـة الرائدة .
 
وهو يقــدّم هذه الأيام تضحياتٍ عظيمة ، يقدِّم دماء أبنائه ، وأرواح شهدائه ، ويعرض نفسه لمواجهة نظـام هـو أطغى الطغـاة في الأرض ، وأخبـث الفجرة العـتاة على الدين ، والمال ، والنفس ، والعرض ,
 
ليحرِّر الشعب السوري من الظلـم ، والطغيـان ، والبغـي ، والاستعباد ، والعـدوان.
 
فالواجب على الأمّة الإسلاميّة دعم الشعب السوري في جهـاده ، بكلِّ ما يحتاجه حتّى إسقاط الطاغيـة ، وعلى العلماء ، والمثقفين ، نصرهـم ، والشدّ من أزرهـم ، حتى يزيحوا هذا المستكبـر الخبيث ، ويبدلهم الله تعالى سلطانا عادلا ، وعيشـا كريمـا فاضـلا .
 
ويا أيُّهـا الشعب السوري البـطل ، اعقد العزم بالله ، واجمع التوكّل على الله ، وأحسن الظن بالله ، واثبت على جهادك ، فمن يقتـل فيه ، فهو شهيـد ، ومن يجرح فيه فهو كالجريح في الجهـاد ، يأتي يوم القيامة ، ريح دمه ريح المسك ، وثوابه ثـواب المجاهد للكفر والشـرك .
 
هذا ونحن متفائلون أنّ نهاية هذا الطاغية قريبة ، وسيهلك الله معه من كان له شريكـا ،  وسيقر الله تعالى _ بإذن الله تعالى _ عيون المسلمين بهلاكه وشيكا. 
.
والله المستعان ، وهو حسبنا ، عليه توكّلـنا ، وعليه فليتوكّل المتوكّلون ، والله نعم المولى ، ونعـم النصيـر

الدعوة إلى وحدة الأديان (الإبراهيمية) وبيان ضلال من يدعون إليها

الدعوة إلى وحدة الأديان (الإبراهيمية) وبيان ضلال من يدعون إليها




الدكتوره زينب عبدالعزيز

( معز مسعود مواليد 1978 خريج الجامعه الأمريكيه كلية الإقتصاد يقول عن نفسه : كنت عازف جيتار وغارق فى المعاصى ) ولكن بعد أن خطف الموت أعز أصدقائه قرر فجأه أن يشتغل داعيه إسلامى !!!!
لكن يفضل الإسلام الوسطى " أصل الإسلام أنواع اليوميين دول " خرج علينا فى مؤتمر الحوار الوطنى أمس الأول ليتحفنا بفكرته حول النموذج الإبراهيمى وأنه سيحل بذلك نقط الخلاف فى الدستور بين المسلمين والمسيحيين 
 فما هو النموذج الإبراهيمى وما فرضية تطبيقه على شعب غالبيته الكاسحه من المسلمين ؟


إن من الموالاة العملية التي تناقض الإيمان: إقامة مؤتمرات وتنظيم ملتقيات من أجل تقرير وحدة الأديان، وإزالة الخلاف العقدي، و إسقاط الفوارق الأساسية فيما بين تلك الديانات، وذلك من أجل توحيد هذه الملل المختلفة على أساس الاعتراف بعقائدهم وصحتها، وقد يطلقون على هذه الوحدة المزعومة بين الديانات الثلاث (الإسلام والنصرانية واليهودية) ما يسمى بالديانة الإبراهيمية، أو الديانة العالمية.

وقد نشأت هذه الدعوات المضللة في أحضان التنصير، والصهيونية العالمية ، كما كان للبهائية مشاركة في إيجاد دين يوافق عليه الجميع .
ويذكر أن من أشهر دعاة وحدة الأديان في العصر الحديث جمال الدين الفارسي، والمشهور بالأفغاني ، فقد كان له دور خطير في السعي إلى توحيد الأديان الثلاثة ، وتلقف هذه الدعوة من بعده تلميذه محمد عبده فقد كان له مشاركة في التوفيق بين الإسلام والنصرانية.
ومن الدعاة لهذه العقيدة الضالة في السنوات الأخيرة: رجاء جارودي كما هو واضح في رسالته المسماة بـ " وثيقة أشبيلية ". وهذه الفكرة الخبيثة قد وجدت قديماً عند ملاحدة الصوفية كابن سبعين وابن هود والتلمساني، وقد أشار إلى ذلك ابن تيمية - رحمه الله - في أكثر من موضع في كتبه، فمن ذلك قوله: - " كان هؤلاء كابن سبعين ونحوه يجعلون أفضل الخلق " المحقق " عندهم، وهو القائل بالوحدة، وإذا وصل إلى هذا فلا يضره عندهم أن يكون يهودياً أو نصرانياً، بل كان ابن سبعين وابن هود والتلمساني وغيرهم يسوغون للرجل أن يتمسك باليهودية والنصرانية كما يتمسك بالإســلام، ويجعلون هذه طرقاً إلى الله بمنزلة مذاهب المسلمين ".
كما وجدت عند التتار، يقول ابن تيمية في ذلك: - " وكذلك الأكابر من وزرائهم وغيرهم يجعلون دين الإسلام كدين اليهود والنصارى، وأن هذه كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين.

ولما كانت الدعوة إلى وحدة الأديان كفراً بواحاً، وردة ظاهرة، يدركها العوام فضلاً عن الخواص، لذا فقد حرص أعداء هذا الدين على إيجاد ذرائع مبطنة واستحداث وسائل مقنعة للوصول إلى مآربهم في هذه القضية، ولذا نجدهم ابتداء يجاهرون بضرورة التعايش بين الأديان، والحوار فيما بينها، ثم ينعقون بالحاجة الملحة إلى زمالة الأديان والتقارب فيما بينها من أجل مواجهة قوى الإلحاد والتيارات المادية.
ويأتي " النظام الدولي الجديد " عاملاً رئيساً في إحياء تلك الشجرة الخبيثة، كما هو ظاهر في مثل هذه الأيام القريبة، من كثرة المؤتمرات والملتقيات التي تسعى إلى وحدة و" خلط " الديانات.

إن الدعوة إلى وحدة الأديان كفر صريح، لما تتضمنه من تكذيب للنصوص الصحيحة الظاهرة، والتي تقرر قطعياً بأن دين الإسلام الكامل، والذي أتم الله به النعمة، ورضيه لنا ديناً، أنه هو الناسخ لما سبقه من ديانات اعتراها التحريف والتبديل، قال - تعالى -: - {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، كما أن هذا القرآن حجة على كل من بلغه.يقول - تعالى -:
{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغ} [الأنعام: 19]
 كما أن بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم للثقلين كافة، قال - تعالى -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158].
وقال تعالى -:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107].

كما أن الدعوة إلى وحدة الأديان عبارة عن إنكار لأحكام كثيرة معلومة الدين بالضرورة، منها:
استحلال موالاة الكفار، وعدم تكفيرهم، وإلغاء الجهاد في سبيل الله - تعالى - وتوابعه..الخ.
وقد حرم الله - تعالى - موالاة الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، فقال سبحانه -:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء}[المائدة: 51].
 وخص - سبحانه - الولاية بقوله  تعالى -: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} [المائدة: 55].
وقد شهد الله-تعالى-عليهم بالكفر في آيات كثيرة، منها قوله - تعالى -: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ} [آل عمران: 70].
وقـال - تعالى -: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1].
 يقول ابن حزم: " واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً، واختلفوا في تسميتهم مشركين. (14) ".
ويقول القاضي عياض: " ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقده، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك".

وتتضمن دعوة وحده الأديان تجويزاً وتسويغاً لاتباع غير دين الإسلام، وهذا كفر يناقض الإيمان، فمن اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة - محمد - صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى - عليه السلام - فهو كافر.
يقول ابن تيمية: " ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر، وهو ككفر مَن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب. ".

وفي نهاية هذه المسألة نقول: " إن من يحدّث نفسه بالجمع أو التقريب بين الإسلام واليهودية والنصرانية كمن يجهد نفسه في الجمع بين النقيضين بين الحق والباطل وبين الكفر والإيمان وما مثله إلا كما قيل:



منقول من رسالة دكتوراه بعنوان:
 (نواقض الإيمان القولية والعملية) لـ د. عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف..
 وقد أجيزت مع مرتبة الشرف الأولى، وتكونت لجنة المناقشة من فضيلة الشيخ د. سالم بن عبدالله الدخيل (- رحمه الله - رحمة واسعة) مشرفاً، وفضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان عضواً، وفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك عضواً.


تستقبل الدكتورة زينب عبد العزيز رسائلكم وتعليقاتكم على المقالة على الإيميل التالي:
dr.z.abdelaziz@gmail.com

صورة اليوم

إلى حسن نصر الله


كلمة السر " ترعة السلام "

كلمة السر " ترعة السلام "



شريف عبد العزيز الزهيري

الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ؛ ما هو إلا كائن هجين جرى استيراده بالكلية من الخارج، ليكون بقعة توتر دائمة في قلب العالم الإسلامي الخصم التاريخي والأيديولوجي للعالم الغربي الصليبي، فمن ينظر على هذا الكيان الطفيلي يري أنه مستورد بالكامل، شعب شتات جرى جلبه من شتى دول العالم، حفنة من أوروبا الشرقية والغربية، وحفنة من أمريكا، وحفنة من أفريقيا، شكلوا في النهاية شعب متنافر العرقيات متباين الثقافات لا يجمعهم إلا اعتناق الفكرة الصهيونية، واقتصاد قام على أكتاف المعونات التي لا تنتهي من أمريكا وأوروبا وسفهاء العرب، وسلاح جرى تصديره من أكبر مصانع العالم في أمريكا وروسيا ليحفظ التفوق الإسرائيلي على كل دول المنطقة مجتمعة، بالجملة فالكيان الصهيوني قد استورد كل شيء إلا شيئا واحدا ظل يمثل هاجسا مؤرقا للساسة الصهاينة على مر السنين، ألا وهو هاجس المياه .
فإسرائيل كانت ومازالت تعاني من مشكلة أزلية في توفير مصادر المياه اللازمة للشرب والري والزراعة، في الوقت الذي لا توجد لدى دول الطوق المحيطة بها ـ مصر ولبنان وسوريا والأردن ـ مشكلة في هذا الباب لكثرة روافد المياه فيها، وجل اعتماد إسرائيل في توفير احتياجاتها المائية من بحيرة طبرية وما تسرقه من روافد الأنهار اللبنانية، وهذا الفقر المائي عرض إسرائيل لخطر التلوث الدائم بسبب ملوثات النفايات الصلبة، من المجاري والمياه العادمة، المحروقات، المواد الخام والمخلفات الصناعية.
وكلها أمور أفسدت مصادر المياه بحيث تصبح غير صالحة للشرب وحتى للري، ناهيك عن الزيادة السكانية نتيجة الهجرة المستمرة إلى الكيان، وارتفاع مستوى المعيشة سوف يؤدي إلى تقليل كمية المياه المتوفرة لكل نسمة وأيضا إلى زيادة التلوث باستمرار  ، هذا غير مواسم الجفاف المتتابعة والتي ضربت الكيان الصهيوني عدة مرات آخرهم الصيف الماضي، مما جعل الصهاينة يحاولون باستمرار البحث عن مصادر بديلة للمياه من دول الجوار .
فكرة تحويل مياه نهر النيل إلى الكيان الصهيوني الغاصب ليست فكرة جديدة، فتاريخيا تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، قد اهتم بإمكانية توصيل مياه النيل إلى سيناء ثم إلى فلسطين قبل أن يبدأ الصهاينة في سرقة أراضيها وإنشاء الدولة الإسرائيلية، وقد عرض هيرتزل بالفعل أثناء زيارته لمصر عام 1903 دراسة فنية لنقل مياه النيل عبر قناة السويس إلى سيناء، ولكن السلطات المصرية والبريطانية أهملت عرضه فى ذلك الوقت، ثم جاء الدكتور إليشا كالى الرئيس الأسبق لهيئة تخطيط موارد المياه فى إسرائيل وأحيي الفكرة في دراسة نشرها عام 1974، وقال فيها : أن نهر النيل هو المورد الأجنبي المفضل لإمداد قطاع غزة بالمياه، وأكد ذلك فى كتاب منشور سنة 1978 بعنوان " الإستراتيجية في الماء "، ثم فى كتابه المنشور عام 1986 بعنوان " الماء في عهد السلام " حيث ألحق به بحثا كان قد نشره فى نفس العام يشمل خريطة توضح ترعة السلام وهى تتفرع من نقطة من فرع دمياط بدلتا مصر . 
حتى جاءت اللحظة المناسبة لتنفيذ هذه الأفكار الخيالية في اتفاقية كامب دايفيد
اتفاقية كامب دايفيد كانت وما زالت واحدة من أسوأ الاتفاقيات الدولية وآثارها الإستراتيجية الخطيرة ستستمر ما بقت هذه الاتفاقية قائمة بنفس بنودها واستحقاقاتها، ومن البنود الخطيرة لهذه الاتفاقية والتي حاول الموقعون عليها أن يبقوها طي الخفاء، بحيث تنفذ بهدوء ودون إثارة ضجيج، البند المتعلق بشق مجرى مائي عبر أراضي سيناء ليصل بماء نهر النيل إلى الكيان الصهيوني الغاضب وفق دراسة الدكتور إليشا كالي السابقة، أو ما عرف وقتها باسم " ترعة السلام "، وقد تم الإعلان عنه صراحة باسم "مشروع زمزم الجديد"،وتم نشر ذلك في مجلة "أكتوبرالأسبوعية لسان الحزب الحاكمفي عددها بتاريخ  16 يناير  1979 حيث أوضح السادات نيته في توصيل جزء من مياه النيل إلى القدس، وفى خطاب بعثه السادات إلى مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق قال فيه :
حيث أننا شرعنا في حل شامل للمشكلة الفلسطينية، فسوف نجعل مياه النيل مساهمة من الشعب المصري باسم ملايين المسلمين كرمز خالد وباق على اتفاق السلام، وسوف تصبح هذه المياه بمثابة مياه زمزم لكل المؤمنين أصحاب الرسالات السماوية في القدس ودليلا على أننا رعاة سلام ورخاء لكافة البشر   
بدأ التجهيز الفعلي للمشروع وتم تحديد مسار الترعة وتخصيص الموارد المالية والأراضي اللازمة، ولكن المشروع اصطدم بالمعارضة الشعبية، ثم بتهديد القيادة الأثيوبية على لسان رئيسها " منجستو هيلامريام " وكان شيوعيا معاديا لأمريكا والرأسمالية، تهديده بإجراء تغييرات حاسمة في مجرى النهر بالقوة العسكرية لو تم تنفيذ هذا المشروع، ناهيك عن وجود عقبات فنية كثيرة حالت دون تطبيق المشروع الذي كان سيشرف على تنفيذه بالمناسبة وزير الري الشهير " يوسف والي " الذي يشكك كثير من المحللين في أصوله اليهودية .
مصر كان لها وجودا راسخا في العمق الأفريقي الإستراتيجي أيام جمال عبد الناصر من خلال أنشطتها التجارية والاقتصادية التي كانت غطاء محكما لعملياتها المخابراتية، فلما جاء السادات أخذ الدور المصري في التراجع شيئا فشيئا، ثم جاء مبارك بعصره الطويل الكئيب، حيث أصبح التجاهل الكبير وهو شعار الدبلوماسية المصرية تجاه العمق الأفريقي، ثم ما لبث أن تحول التجاهل إلى قطيعة كاملة سنة 1995 في أعقاب محاولة إغتيال مبارك في أديس بابا، واكتفى مبارك في سياساته الخارجية على تبعيته المطلقة وخضوعه التام لأمريكا وإسرائيل، وتقزم دور مصر ـ مبارك ليكون حارس البوابة الغربية للكيان الصهيوني، وحارس سجن غزة، وساعي البريد في الصراع العربي الإسرائيلي .
 وفي المقابل وصل لسدة الحكم في أثيوبيا مليس زيناوي وهو عميل إسرائيلي أمريكي أطاح بحكم الشيوعي المستبد " منجستو "،وذلك بعون أمريكي وإسرائيلي مباشر، وما إن ثبت أقدامه في الحكم هناك حتى بدأ الصهاينة في تنفيذ مشاريعهم القديمة في السيطرة والتحكم في منابع النهر العظيم .وحقيقة التواجد والإشراف والإدارة الإسرائيلية المباشرة لمشروع سد " النهضة " الأثيوبي أصبحت أوضح من إخفائها، فشركة " أجرو بروجيكت " الإسرائيلية المتخصصة في التكنولوجيا الزراعية هي المهيمنة على المشروعات الزراعية بأثيوبيا، وشركة " نيتافيم " لمعدات الري هي المشرفة على هندسة الري كذلك، ويعتبر البروفيسير الإسرائيلي " دان ديفوسكين " المشرف العام على المشروعات الزراعية بأثيوبيا، في حين يعتبر " إبريز ميلستار " مدير عام أكبر شركة إسرائيلية أثيوبية للمحاصيل الزراعية .
العجيب أنه في نفس السنة التي وقعت فيها القطيعة الكاملة مع أفريقيا وهي سنة 1995، قام مبارك بإحياء مشروع ترعة السلام، وذلك بعد عام واحد من فشل المحاولات الإسرائيلية من استيراد الماء من تركيا بسبب التكلفة الضخمة، حيث تم إطلاق مشروع تنمية شمال سيناء تحت شعار التنمية والتوسع العمراني لاستصلاح واستزراع 620 ألف فدان على مياه ترعة السلام وترعة الشيخ جابر الصباح بنحو 4.45 مليار متر مكعب من المياه المخلوطة بين مياه النيل العذبة ومياه الصرف الزراعي، يبدأ مأخذ ترعة السلام غرب قناة السويس عند الكيلو 219 علي فرع دمياط أمام سد وهويسدمياط – تمتد الترعة جنوب شرق في اتجاه بحيرة المنزلة ثم جنوبا حتى تتلقي مياه مصرف السرو – ثم تتجه شرقا فجنوبا علي حواف بحيرة المنزلة حتى تتلقي مياه مصرف حادوس – ثم تتجه شرقا حتى قناة السويس عند الكيلو 27 جنوب بورسعيد – ثم تعبر أسفل قناة السويس عن طريق السحارة، واستمر العمل في المشروع على ثلاث مراحل، حتى توقف المشروع في 2010، كان تم تنفيذ المرحلة الأولى وتوقف العمل عند المرحلة الثانية بدعوى أن المرحلة الثالثة ستحتاج تمويل كبير لمد المياه حتى السر والقوارير في وسط سيناء . حيث اتضح أن السبب الحقيقي لوقف العمل هو خروج المشروع عن هدفه الحقيقي، وهو مد إسرائيل بالماء فقط، وامتداد آثاره نحو إحداث نهضة عمرانية كبيرة في منطقة سيناء، مما ينذر بحدوث خلخلة سكانية واقتصادية كبيرة في هذه المنطقة التي يحرص الصهاينة والأمريكان على بقائها منطقة فراغ جيوسياسي يتحركون خلالها بحرية، ناهيك عن امتداد أثر هذه النهضة العمرانية إلى غزة وفلسطين .
واليوم إسرائيل تدفع مصر نحو إحياء فكرة ترعة السلام بأهدافها الأصلية لا بأهدافها الجديدة التي ظهرت أثناء التنفيذ، بحيث تكون ترعة السلام ممرا مائيا ينقل جزءا من مياه نهر النيل إلى الكيان الصهيوني، وذلك بخلق وضع سياسي شديد الضغط، لتكون مصربين خيارين أحلاهما شديد المرارة ؛ أما أن تدفعوا ثمن المياه التي تأخذونها من أثيوبيا، وبالتالي تنهك مصر اقتصاديا أكثر مما هي منهكة، وأما أن ترضخوا لفكرة تمرير مياه النهر إلى إسرائيل، وأثر هذا الرضوخ على مصر والمنطقة بأسرها .
مصر أمام واحدة من أعقد وأخطر قضاياها للأمن القومي، قضية المياه هي قضية مصيرية، حياة أو موت، وفي نفس الوقت خياراتها الإستراتيجية ضئيلة ومحدودة، والنظام الجديد مطالب بالتعامل مع وضع مأزوم تكلس عبر سنوات طويلة، وتدفع ضريبة عهود من السياسة الشوهاء في العمق الإستراتيجي الجنوبي، خلقت فراغا جيواستراتيجي نفذ منه الصهاينة، وشدوا أطراف مصر من جميع الاتجاهات، فضاقت خياراتها في التعامل مع الأزمة بالدرجة التي قد تلجئ مصر في النهاية للخضوع للابتزاز الإسرائيلي والأمريكي ، فهل يكون عند مصر خيارات إستراتيجية وبدائل عملية لمواجهة هذه الأزمة، أم أنها ستقدم تنازلات مؤلمة تزيد الوضع الداخلي احتقانا أكثر مما هو كائن اليوم ؟