الاثنين، 30 سبتمبر 2013

نساء مصر ... معاناة وألم وصمود

نساء مصر ... معاناة وألم وصمود




مؤيدات مرسي قدمن من كل أنحاء مصر لرابعة والنهضة


النساء حضرن بكثافة في المظاهرات المؤيدة لمرسي


المتظاهرات تحدين الرصاص والقنابل المدمعة


  بعد فض اعتصام ميدان نهضة مصر



دموع ولوعة وأسى


 تبكي قتلى مجزرة رابعة العدوية


لن يثنينا الرصاص والقتل عن مواصلة المشوار



حزن وألم لفقدان صديق أو قريب



كن معتصمات أصبحن أرامل



متظاهرة في رابعة 



أمام "بلدوزر" الجيش.. لن تمروا





عن السودان وانتفاضته ومؤيديها وعن بشار بالمناسبة!!


عن السودان وانتفاضته ومؤيديها وعن بشار بالمناسبة!!

ياسر الزعاترة


منذ سنوات، ونحن نكتب ضد نظام البشير ومغامراته التي لا تتوقف، والتي لم تفرط بالجزء الجنوبي من السودان، بل ودخلت في معضلات مع شماله أيضا، كما هو الحال مع مشكلة دارفور.
مسلسل طويل من الأخطاء ارتكبه نظام عمر البشير، ليس فقط في حق أهالي دارفور الذين ذاقوا الأمرين من بطشه، ولكن في حق جميع السودانيين منذ أن جعل النظام من بقائه هدفا لا يتقدم عليه شيء، فكان أن همّش المعارضة الشمالية، بمن فيها صاحب مشروع “الإنقاذ”، أعني الشيخ حسن الترابي، الأمر الذي تركه عاريا أمام الضغوط الدولية، ولم يدع أمامه سوى تقديم التنازل تلو التنازل وصولا إلى انفصال جنوب السودان، لكن ذلك لم يكن كافيا لحماية رئيسه من أن يصبح مطلوبا لمحكمة الجنايات الدولية.
لا خلاف على أن النظام كان مستهدفا من قبل الولايات المتحدة، هو الذي كان محسوبا على محور المقاومة والممانعة العربية بدعمه المقاومة في فلسطين (طائرات الاحتلال ضربت أهدافا في السودان أكثر من مرة)، ولولا ذلك لما وصل البشير إلى محكمة الجنايات الدولية.
ولو طبقنا نظرية المقاومة والممانعة التي تبناها شبيحة بشار من يساريين وقوميين في رفض الانتفاضة الشعبية ضده، لكان موقفنا مع عمر البشير على طول الخط، لكننا ننحاز فطريا ومنطقيا ومبدئيا لصالح الشعوب ضد الأنظمة الدكتاتورية، مع العلم أن نظام عمر البشير أقل دكتاتورية من نظام بشار الأسد، كما أنه أقل فسادا بكثير.
اليوم ينتفض الشعب السوداني بسبب قرار رفع الدعم عن المحروقات، ومن الطبيعي أن نقف إلى جانب الناس، مع أننا كنا معهم، ومع المعارضة ضد النظام لأنه صاغ نظاما بديكور ديمقراطي كما هو حال الأنظمة الأخرى مثل مبارك وبن علي وعلي صالح وسواهم، وليس من المنطق أن نرفض أولئك ونقبل به لمجرد أنه يرفع شعارا إسلاميا، أو صاحب خلفية إسلامية.
نعم، نحن ننحاز الآن، كما كنا من قبل إلى جانب الشعب السوداني، مع أن ما يجري لا يبدو، إلى الآن على الأقل، ثورة بالمعنى الواقعي للكلمة، وقد استغرب كثيرون، ونحن منهم، سكوت الشعب السوداني على النظام، إذ توقعنا أنه يكون من أوائل الشعوب التي ستلتحق بركب الربيع العربي، لكن ذلك لم يحدث، ولا يعرف إن كانت الانتفاضة الحالية ستتطور إلى ثورة شعبية، أم سيجري استيعابها بعد موجة القمع الأولي، مع تراجع ما من طرف النظام بعد تورطه في قتل عشرات المحتجين.
والحال أن المخاوف على عروبة السودان، فضلا عن المخاوف من اقتتال أهلي وقبلي هي التي لجمت الشارع السوداني عن الانتفاضة على ما يبدو، وعموما ثمة مخاوف تدفع بعض الشعوب نحو التردد في الثورة، كما هو حال الجزائر مثلا خشية استعادة العشرية الدموية السوداء في التسعينيات، وثمة دول أخرى يخشى فيها الناس على وحدة البلد رغم فساد النظام وتغييبه للحرية والتعددية، إلى آخر ذلك.
لكن أحدا لا ينبعي إن يراهن على صبر الناس، لأن الكأس قد يفيض، وحينها سيخرج الناس إلى الشوارع مهما كلف الثمن كما حصل في ليبيا وسوريا، ولذلك ينبغي لنظام البشير أن يتحلى ببعض الرشد، وذلك بالاستجابة لمطالب الإصلاح الشامل التي تعني تعددية حقيقية، وليست شكلية على غرار التي تتوفر حاليا.
وفي حين رفض كبار في الحزب الحاكم الرد بالرصاص على المحتجين، فإن عليهم أن يدفعوا في اتجاه الدعوة إلى إصلاحات شاملة تلبي مطالب الناس، وليس الاكتفاء بإدانة ما جرى من قتل.
بقي القول إنه كان واضحا أن الأنظمة التي ساندت الانقلاب في مصر قد أظهرت سعادة بانتفاضة الشعب السوداني، هي التي تقف دائما ضد الثورات باستثناء سوريا لحسابات تتعلق بإيران، فضلا عن مواقف النظام من القضايا العربية.
هذه الأنظمة لديها مشكلة مع الثورات والربيع العربي والديمقراطية الحقيقية، ولديها مشكلة مع الإسلام السياسي، ولديها مشكلة مع الأنظمة التي تأخذ مواقف أفضل فيما خصّ قضايا الأمة، وبخاصة فلسطين، والأخيرة تنطبق على نظام عمر البشير إلى حد ما، إضافة إلى الثانية من حيث الهوية، وهذا هو سر تهليل تلك الأنظمة للحراك الشعبي الجديد في السودان كما عبرت عن ذلك وسائل إعلامها.
على أن هذا الموقف من الأنظمة المذكورة لن يدفعنا بحال نحو الانحياز للنظام، لأن المبادئ ينبغي أن تنتصر، ولا يجب المساومة على حق الشعب، أي شعب في حريته، بصرف النظر عن مواقف النظام الخارجية، أو الأيديولوجيا التي يعتنقها، ونحن لن نكون مثل أولئك الذين وقفوا مع بشار ضد شعبه المذبوح بدعوى المقاومة والممانعة، تلك التي داس عليها بتسليمه للسلاح الكيماوي من أجل بقائه.

ليست مدينتى


ليست مدينتى
فهمي هويدي 
ما عادت القاهرة عاصمة لأم الدنيا. ولكنها أصبحت وصمة فى جبينها وإهانة لها، وأسوأ دعاية لها. ولا أخفى أننى صرت أنصح الذين تعلقوا بالمدينة وأحبوها ألا يفكروا فى رؤيتها فى الوقت الراهن، بعدما أصبحت بلدة ريفية تعج بالقمامة ومسكونة بالفوضى، انقض عليها العاطلون والباعة الجائلون والمستثمرون الجشعون. فأشاعوا فيها القبح وفساد الذوق.
وفى وضعها الراهن فإنها ما عادت تعبر عن مصر الجديدة بعد الثورة بل إنها ما عادت تمثل شيئا فى مصر القديمة، واستحقت أن يتبرأ منها الماضى والمستقبل، وأرجو ألا تتدهور الأوضاع فى مصر حتى لا يصبح حاضر المدينة تعبيرا عنها.

هذه الانطباعات تلازمنى كلما قدر لى أن أمشى فى أحيائها التى أعرفها، غير مصدق ما أراه فى الشوارع والأرصفة والمبانى والمحال التجارية وسلوك الأهالى.
ولأننى ابن للمدينة لم يتخل عن افتتانه بها منذ اكتحلت عيناه برؤيتها فى طور عزها وبهائها، فإننى صرت أبرأ مما أراه، بعدما تبددت آثار الافتتان وحلت محلها مشاعر الرثاء والحزن، الأمر الذى جعلنى أردد طول الوقت إن هذه ليست مدينتى.

لقد ظللت أختزن تلك المشاعر طوال الأشهر التى خلت وأقاوم البوح بها، لأسباب عدة، منها أن الوطن كانت تتناوشه العواصف، وتتردد فى جنباته أصوات الاضطرابات والفوضى، التى لا يزال بعضها مستمرا إلى الآن.
وأقنعت نفسى بأنه ليس من اللائق أن تكون سفينة الوطن كله معرضة للغرق فى حين أشغل الناس ببهاء غرفة القيادة واستعادتها لشبابها ورونقها.
ثم إننى كنت أقول إنه إذا كان ذلك حال العاصمة والمدينة الأولى فى مصر، فلابد أن تكون أحوال غيرها من المدن والقرى أسوأ وأكثر مدعاة للحزن.
خصوصا أننى كثيرا ما انتقدت سكان القاهرة الذين ما برحوا يملأون الدنيا ضجيجا إذا انقطع التيار الكهربائى أو المياه لبعض الوقت، أو إذا سقطت الأمطار وامتلأت الشوارع بالأوحال، فى حين أن هناك بلدات أخرى فى مصر لا يسمع لها صوت رغم أنها لم يصلها التيار الكهربائى أو لم تمر بها شبكات مياه الشرب وتنهار بيوتها المبنية بالطين على رءوس سكانها كل شتاء.

لا أخفى أن استعلاء أهل العاصمة كان يتسلل إلىّ فى بعض الأحيان، حتى تراودنى الوساوس قائلة إن ذلك قدر البلدات المصرية الأخرى وشأنها طول الوقت، بالتالى فسوء أحوالها ليس جديدا عليها.
أما القاهرة فهى مثل عزيز قوم ذل، لأنها ما كانت كذلك أبدا. فضلا على أنها واجهة البلد التى تستحق اهتماما خاصا وتميزا مشروعا.
إن لم يكن لأجل أهلها فعلى الأقل لأجل زوارها ومحبيها الذين ينبغى أن تتوافر لهم أسباب الجذب بدلا من رسائل الطرد، التى تنتظرهم حيثما يذهبون فى أرجاء المدينة.

قاومت هذه الرغبة فى البوح طويلا، إلى أن قرأت حوارا مع محافظ القاهرة الجديد نشرته صحيفة الأهرام فى 24/9 فلم أطق صبرا. وقررت أن أفرغ ما فى صدرى. إذ تحدث الرجل عن المشكلات الجسيمة، التى تعانى منها القاهرة. التى عانت من القذارة والتخريب، فضلا على الفساد الذى كان سببا رئيسيا فى إشاعة الفوضى العمرانية التى فتحت الأبواب للأبراج السكنية المخالفة للارتفاعات المقررة، كما حولت الأحياء السكانية إلى مناطق اكتظت بالمقاهى والمحال التجارية، بحيث لم يعد فى المدينة شارع لم يشوه ولا حى سكنى احتفظ بسمته وهدوئه.

قال المحافظ إن فى القاهرة 36 حيا جميعها يحتاج إلى إصلاح وترميم، كما أن بها 122 منطقة عشوائية. منها 24 منطقة شديدة الخطورة ويتعين إزالتها تماما.
وهى تحتاج إلى 26 ألف وحدة سكنية لاستيعاب سكانها. قال أيضا إنه بدأ رفع المخلفات وتلال القمامة من شوارع القاهرة. وفى يوم واحد تم رفع نحو ستة آلاف متر مكعب من مخلفات المبانى ونحو 2600 طن من القمامة، وسيتم رفع ربع مليون طن من المخلفات خلال شهر.

أراحنى كلام المحافظ حين قال إن قضية النظافة تحتل المراكز الثلاثة الأولى فى هموم العاصمة. التى تحتاج إلى اعتمادات تقدر بنصف مليار جنيه لإزالة ما أصابها من تشوهات وقبح. وأرجو أن يصدق فى وعده أن وجه المدينة سيتغير خلال شهر، وأن سكانها سيشعرون بالتحسن النسبى خلال أسبوع.

شجعنى ما قاله المحافظ الدكتور جلال مصطفى، وتمنيت أن يتمكن من الوفاء بوعده، خصوصا أننا سمعنا كلاما مماثلا قبل ذلك عن حل مشكلات العاصمة المعقدة، ولم نر الأثر الذى تمنيناه مترجما على أرض الواقع.

إذ أشد على يد الرجل وأتمنى له التوفيق فإننى أزعم أن حماسه ونواياه لا تكفى مهما بذل من جهد لأنه إذا حل مشاكل التمويل والإمكانات الأخرى سيواجه مشكلتين كبيرتين، واحدة تتعلق ببلادة رؤساء الأحياء الذين يجلسون فى مكاتبهم طول الوقت شأن كل كبار الموظفين، الذين لا يسائلهم ولا يحاسبهم أحد. ولا علاقة لهم بما يجرى فى أحيائهم التى أصبح صغار الموظفين يتحكمون فى مصيرها. والأخرى تتعلق بسلوك السكان الذين سرت بينهم الفوضى وأصبحوا مصدرا دائما لتراكم القمامة ومخلفات المبانى فى الشوارع. وتقويم ذلك السلوك يحتاج إلى وقت طويل. وتلك مهمة أشك فى أن بمقدور المحافظ الحالى أن ينجح فيها. لكنه ينبغى ألا ييأس وأن يحاول.

الشيخ كشك.. صورة الدين غير المريح للساسة



الشيخ كشك.. صورة الدين غير المريح للساسة


بقلم: عمر علي البدوي / كاتب سعودي
بالمناسبة: لا أحب أنا شخصياً إقحام الدين في السياسة والعكس كذلك، وفي المقابل لا يجوز أن نستخدم تفسيراً اعتسافياً لهذا المبدأ بغرض تصفية الخصوم السياسيين أو توظيفه كفزّاعة لإقصاء المنافسين على قارعة السياسة، الإسلام السياسي تيار له وجود واقعي وبرنامج سياسي، ولأنه أكثر التيارات السياسية شعبية، و(نضالاً) ضد فساد السياسيين المتغلبين، فإنهم عادة ما يلصقون به تهمة إقحام الدين بالسياسة لمجرد تشويهه والتخلص من صداعه.
ربما كان للأحزاب الإسلامية السياسية أخطاء لا تغتفر، ولكن الحل الأسلم هو دفع هذه الأحزاب إلى تصحيح مكوناتها الفلسفية والفكرية، وهذا بتأسيس قاعدة دستورية مواطنية صادقة وإعمال أدوات الإصلاح السياسي لضمان نفاذ القانون على الجميع والخروج بدولنا العربية والإسلامية من أزمة التخلف والرجعية إلى مصاف التقدم والتنمية والنهضة الحقيقية.
لا ترقى أخطاء الأحزاب الإسلامية إلى مستوى أخطاء السياسيين الفعليين كالعسكر وثلة الليبرالية الممسوخة، ومع ذلك فإن النقد على بساط المساواة والحياد هو الطريق إلى صناعة بيئة سياسية ديمقراطية حرة، ومجتمع مدني حضاري، وضمان مستقبل تستحقه أجيال العرب والمسلمين.
منذ زمان اندلعت الحرب المبطنة بين التيار الإسلامي السياسي وبعض القوى الدولية والإقليمية التي تحافظ على التحالفات والاستراتيجيات السياسية في المنطقة، وزاد وضوح الحرب وأوارها بعد ثورات الربيع العربي التي أقلت التيارات الإسلامية السياسية دون استعداد كاف إلى سدة الحكم في عدد من الدول العربية.
ولأن مصر تقع في القلب من معادلات المنطقة الحادة، كانت مسرحاً مكشوفاً لهذه الحرب، إذ تولت جماعة الإخوان المسلمين كأكبر فصيل سياسي إسلامي حكم البلاد وتضافرت جمهورية العسكر الباطنية مع قوى إقليمية ودولية للتخندق في حرب علنية معها، وعادت تيارات الإسلام السياسي في نفس دائرة الاتهام والمسائلة والبحث والتحري.
لماذا تشكل الجماعات الإسلامية السياسية قلقاً حاداً للسياسيين بالمنطقة؟ فقبل الربيع العربي كان زين العابدين بن علي ومبارك يواجهانها بقوة ويستخدمانها ذريعة للالتفاف على الضغط الغربي البراغماتي أو للتحايل على الضغط الشعبي المتزايد، كانت ورقة "الإسلام السياسي" مبرراً كافياً لإدامة الاستبداد واستمراء الفساد.
وكانت شعرة ترخى لحظة البحث عن مخرج للانفجار الشعبي وتشدّ عند الشعور بالخوف من الانقلاب على المعادلة الراهنة، ويمكن اكتشاف ذلك عبر ثنائية الاعتقال التعسفي والإفراجات التي تأتي أحياناً في سياق مصالحة وطنية تطبيبية لامتصاص الأوضاع المتفجرة.
وُلد عبد الحميد بن عبد العزيز كشك في شبراخيت بمحافظة البحيرة يوم الجمعة 13 ذو القعدة 1351 هـ الموافق لـ 10 مارس 1933م، وحفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره، ثم التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية، وفي السنة الثانية ثانوي حصل على تقدير 100%. وكذلك في الشهادة الثانوية الأزهرية وكان ترتيبه الأول على الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
وكان الأول على الكلية طوال سنوات الدراسة، وكان أثناء الدراسة الجامعية يقوم مقام الأساتذة بشرح المواد الدراسية في محاضرات عامة للطلاب بتكليف من أساتذته الذين كان الكثير منهم يعرض مادته العلمية عليه قبل شرحها للطلاب، خاصة علوم النحو والصرف.
عُين عبد الحميد كشك معيداً بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة عام 1957م، ولكنه لم يقم إلا بإعطاء محاضرة واحدة للطلاب بعدها رغب عن مهنة التدريس في الجامعة.

* لماذا يشعر الساسة بالقلق من لغة عبد الحميد كشك؟

اعتقل الداعية المصري عبد الحميد كشك عام 1965م وظل بالمعتقل لمدة عامين ونصف، تنقل خلالها بين معتقلات طرة وأبو زعبل والقلعة والسجن الحربي، وتعرض للتعذيب رغم أنه كان كفيفاً لا يبصر منذ صغره، ورغم ذلك احتفظ بوظيفته إماماً لمسجد عين الحياة.
في عام 1972م بدأ يكثف خطبه وكان يحضر الصلاة معه حشود هائلة من المصلين، ومنذ عام 1976م بدأ الاصطدام بالسلطة، وخاصة بعد معاهدة كامب ديفيد حيث اتهم الحكومة بالخيانة للإسلام وأخذ يستعرض صور الفساد في مصر من الناحية الاجتماعية والفنية والحياة العامة.
وقد أُلقي القبض عليه في عام 1981م مع عدد من المعارضين السياسيين ضمن قرارات سبتمبر الشهيرة للرئيس المصري محمد أنور السادات، بعد هجوم السادات عليه في خطاب 5 سبتمبر 1981م، وأُفرج عنه عام 1982م ولم يعد إلى مسجده الذي منع منه كما منع من الخطابة أو إلقاء الدروس، لقي كشك خلال هذه الاعتقالات عذاباً رهيباً ترك آثاره على كل جسده رغم إعاقته.

* "الاحتساب الأخلاقي.. والاحتساب السياسي":

كان الشيخ كشك يتعامل مع المحتوى الإسلامي ككل لا يتجزأ ويدلي برأيه في كافة الأحداث والقضايا، وفي القلب منها مسائل السياسة وإدارة شؤون البلاد، وهذا ما يخالف إرادة السياسيين.
إذ لا يريد المستبدون نسخة من الإسلام الشمولي، الذي يحقق المعنى التكاملي للدين الإسلامي بوصفه جاء تاماً وراسماً للتوجهات العامة للحياة البشرية، ولا شك في أن السياسة كفعل بشري تأتي في موقع متقدم من الأهمية لم تكن بعيدة عن الأطر العامة التي تضبطها حسب الرؤية الإسلامية، ومع ذلك لم يأت الإسلام في نصوصه المحكمة وتشريعاته المعلمة بشكل نهائي وناجز لإدارة البلاد وسياسة العباد، وترك ذلك رهناً لاجتهاد المسلمين ونوابغهم مستلهمين الأصول العامة والقيم الهامة، فضلاً عن العناية بتجدد الزمان وتبدل المكان والحرص على المصالح المتحققة والمرسلة، بما يضمن تحقيق الأهداف النهائية للدين الإسلامي.
على كثرة ما ينقده الشيخ على الفنانين والمطربين ونجوم الكرة وأنهم مواطن الفساد الأخلاقي ومحاضن الانحراف الاجتماعي، لم يكن يسلم من سلاطة لسانه وإحاطة بيانه حتى الساسة والقادة، فكان يشملهم بما يراه فيهم انحرافاً عن صراط العدل وخروجاً عن حياض العقل، وكان يلمزهم بالفساد الإداري وتضييع الحقوق والإفراط في المظالم، حتى يخيّل إليك وكأنك تسمع خطاباً سياسياً خالصاً يدلي به أحد رموز الأحزاب أو تلقيه إحدى جبهات المعارضة السياسية، ولكنه ليس أكثر من رجل دين لا يجد في الله لومة لائم، ولا يحابي في الحق أحداً.
ويملك كشك ومثله من يشبهه في ذلك، عدداً من المزايا التي تجعله يشكل قلقاً للسياسيين بخلاف بقية رجال الدين ممن لا تتوافر لديه هذه الشروط، أو تزيد وتنقص حسب استعداداته الشخصية والظروف المحيطة به:
- الاستقلال والتحوط من عتبة السلطان:
كان الشيخ كشك يتمتع باستقلالية تامة في مواقفه وآرائه، إذ ثبت على مسافة متنائية عن التزلف إلى السلطان أو محاباته في كلمة أو موقف، وكان زاهداً في دنياه وتنازل عن الأموال التي تدرها تسجيلاته المليونية التي يتعطش لها ملايين المسلمين حول العالم، وكثيراً ما ردد على منبره: أنه لن يتنازل عن موقعه من الخطابة وعن مدرسة محمد –صلى الله عليه وسلم– ولو عرضت عليه المناصب وزفت إليه المقامات، وحصل بالفعل عندما رفض أن يتولى منصباً للدولة أو يبيع منبره لعبد الحكيم عامر عندما طلب منه أن يبيح دم الشهيد سيد قطب، وكان لا يتوانى عن كشف التفاصيل الدقيقة لسجنه والعذابات وجلسات التحقيق بشكل وافي وكامل.
- تناول الشأن العام:
كانت روح الشيخ كشك معلقة بالمنابر التي كان يرتقيها منذ الثانية عشرة من عمره، ولا ينسى تلك الخطبة التي ارتقى فيها منبر المسجد في قريته في هذه السن الصغيرة عندما تغيب خطيب المسجد، وكيف كان شجاعاً فوق مستوى عمره الصغير، وكيف طالب بالمساواة والتراحم بين الناس، بل وكيف طالب بالدواء والكساء لأبناء القرية، الأمر الذي أثار انتباه الناس إليه والتفافهم حوله .
ولا غرو في أن يستمر الشيخ كشك في هذا المشوار عندما صلب عوده ونضجت تجربته، إذ استمر في تناول الشأن العام سياسياً كان أو اجتماعياً، مما عرضه للاستدعاءات الأمنية والاستعداءات المخابراتية، فضلاً عن المضايقات والاعتقالات وهو متمسك بموقفه لا يحيد ولا يبيد.
- الجماهيرية والتأثير والقبول:
في بلد الاستبداد لا صورة تعلو على صورة الرئيس، ولا مكان لمزاحمة جنابه الكريم أو شخصه العظيم، وإذا ما أراد رجل دين أو سواه أن ينافس القمر في ضيائه أو النجم في عليائه، فإنه سيفتح على نفسه أبواب النقمة والهلاك، سيما إذا لم يكن في صف الطاغوت وزمرته، وأسوأ من ذلك عندما يفتح نيران انتقاده وجلاده على الرئيس أو سياساته.
- المنافسة على تفسير الإسلام:
أعاد الشيخ كشك إلى المسجد دوره الإصلاحي، وعبر منبر الخطبة انتقد الشيخ عبد الحميد كشك موقف الشيخ الشهير محمد الشعراوي على خلفية تعليقه المبالغ فيه للرئيس المصري وقتئذ أنور السادات وأمام مجلس الشعب، فيما تكررت مواقفه الحادة والناقدة لبعض أطروحات مشيخة الأزهر.
وكأنه يقدم رأياً مختلفاً في دائرة الشريعة، لكنه لا يرضي الساسة ولا ترتاح له القيادة، وبما أوتي من قبول وتأثير، كان تفسيره المختلف لبعض قضايا الشأن العام بدليل الكتاب والسنة يعتبر مشكلاً بالنسبة لمن يريد أن يكسب الدين ورجاله في صفه.
كان الشيخ كشك يتلو آية "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"، وكأنها سوط على ظهور علماء السلطان، تسمع الآية بتفسيرها الوافي وإسقاطها الواقعي ونبضها الحي، وهذا ما زاد من قلق السياسيين على كراسيهم الوثيرة.

* "خطاب التشدد المعيق للتنمية":

لا يحمل الشيخ عبد الحميد كشك منظومة آراء تقدمية في مسائل التنمية والمجتمع والسياسة، وهو لم يشتغل على تطوير ذلك وترقية مخزونه العلمي والمعرفي بما يصل إلى درجة مشروع فكري تحديثي، فهو محض خطيب مفوّه استخدم الخزينة العلمية والفكرية المكنوزة في المراجع الإسلامية الأصلية أو التابعة، وامتاز طرحه في المقابل بالبساطة والسهولة مع حرصه الشديد على اللغة الفصحى ومزجه بالعامية للتخاطب مع عموم الناس سيما في القضايا المعيشية والمحلية.
كان يحمل هم الطبقة المتوسطة والأدنى منها، ومع ذلك لم يقدم خطاباً متشددا يصل إلى مستوى المغالاة والتطرف التي تعيق التنمية وتعطل معيشة الناس، وكانت أبرز ملكاته هي القدرة على البلاغ والتأثير في الناس ولم يمتلك مشروعاً فكرياً مستقلاً بخلاف ما كان عليه بعض معاصريه من الفلاسفة والمفكرين الذين التزموا الخط الإسلامي كالغزالي والقرضاوي وأبو زهرة وسواهم.
وبهذا يكون الشيخ كشك تقليدياً في حصيلته، ونابغة في أسلوبه ووسيلته، وفريدا في درجة اتصاله بالمعنى الإسلامي المتكامل، وشجاعا في تبني رأيه.
كان الشيخ عبد الحميد كشك غصة في حلوق المستبدين، كان يغالب نواياهم المستبطنة وتصرفاتهم المستهجنة بسلاح الدين المتين وخطاب الشرع الثمين، نفض الغبار عن دين العلماء الممالئين، وأحيا في النفوس شرعة الحرية ودستور الموقنين.
كان يستخدم في خطبه النارية كلمات القرآن التي تعيد الأشياء إلى نصابها: "لمن الملك اليوم؟"، وكأنه يعرّض بالحكام الذين تبلغ بهم شهوة السلطة إلى الظن بغلبة أمرهم واستقرار حكمهم واستسلام الناس لهم، وعلى مسامع جماهيره الغفيرة ممن يحضر في مسجده أو يسمع له من خلال الشرائط التي تنتشر في أصقاع الدنيا كان يردد: "لا ظلم اليوم"، وكأن الظلم برأيه قاصمة العباد ومفسدة البلاد وسبيل الطغاة وصنيعة المستبدين.
كم هي حاجتنا إلى كشك جديد، يعيد إلى الدين هيبته في هذا الزمن المتراخي؟

تقرير عن دراسة: "الأزهر والإخوان: الصراع المفترض على المرجعية"

تقرير عن دراسة: "الأزهر والإخوان: الصراع المفترض على المرجعية"
يتناول المفكر رفيق حبيب من خلال دراسته الهامة عن الأزهر والإخوان وعلاقتها بقضية مرجعية الدولة، بوصفها واحدة من أهم قضايا الصراع السياسي، محاولًا الاشتباك مع سؤال المرجعية والصراع الحاد ما بعد الثورة، كما أنه يتوقف عند وظيفة المؤسسة الأزهرية ما قبل ثورة 25 يناير، التي كانت فيه المؤسسة عنصرا تابعا للنخبة الحاكمة ورهاناتها السياسية، مبتعدة عن وظيفتها الأصلية والحضارية كمؤسسة علمية وتعليمية واجتهاد وآراء، كما أكدت الدراسة على أهمية معرفة موقع الأزهر بعد الثورة ورصد واستعادة وظيفته المحورية، من خلال طرح الأسئلة الجوهرية الآتية:
- ماذا يعني استقلال الأزهر؟ وهل يقدم الأزهر حماية للعلمانيين والمسيحيين ؟ وماذا يعني أن يكون الأزهر بيت الأمة ؟
- هل الأزهر هو مرجعية الدستور أم الشريعة ؟ وهل يساند الأزهر الدولة العلمانية أم الإسلامية ؟
- ما حقيقة العلاقة بين الأزهر والإخوان مستقبليا ؟ وما موقف الإخوان من الأزهر ؟
تبرز الدراسة أنه تم توظيف الأزهر سياسيا في مرحلة هيمنة الدولة العلمانية عليه، ولكن ليس كل الوقت، فقد استطاع بعض شيوخ الأزهر، التصرف وكأن الأزهر مستقل. ولكن أحدا لم يستطع في النهاية الوقوف أمام السلطة المستبدة، وفي الوقت نفسه، فإن الأزهر لم ينتج رؤية أو فكرا جديدا يناسب السلطة المستبدة، أي لم يشوه ميراثه الفكري، بل ظل يعيد إنتاجه بعيدا عن السياسة، لكن النتيجة هو غياب دور عملي فاعل ومؤثر للأزهر، إذ ظل خارج الفعل التاريخي في قضايا المجتمع والسياسة والأمة.
يؤكد رفيق حبيب أن قضية الصراع حول مرجعية الدولة ليست قضية حديثة، بل مستمرة منذ بداية حقبة الاستعمار الأجنبي؛ وظلت قضية المرجعية مطروحة بقوة على الساحة السياسية، خاصة بعد سقوط الخلافة العثمانية، حيث دخلت الدول العربية والإسلامية في مرحلة تغيير مرجعية الدولة، ومحاولة تغيير مرجعية المجتمع. أما بعد الثورة، فتبنى مرجعية الدولة والمجتمع، تبعا للخيارات الحرة للمجتمع، لأن الثورة هي عملية تحرر؛ تحرر المجتمع من كل سلطة تفرض عليه، ويصبح المجتمع حرا في تحديد اختياراته السياسية والاجتماعية، وتحديد هويته الحضارية، والتي تصبح هوية الدولة والمجتمع.
تشير الدراسة إلى أن الدولة المستبدة القابضة، تحتاج للسيطرة على المؤسسة الدينية، حتى لا يخرج المجال الديني عن سيطرتها. ولم يحدث هذا في مصر فقط، بل إن الأنظمة المستبدة العلمانية في الدول العربية والإسلامية، كانت تفرض سيطرة على المؤسسات الدينية، وتجعلها تابعة للسلطة التنفيذية.
كما أنها تبرز أن الدولة القومية العلمانية، لم تستطيع تحييد دور الدين في المجتمعات الإسلامية، لذا تعمل للسيطرة على المجال الديني، عن طريق السيطرة على المؤسسة الدينية، بل وتوظيف المؤسسة الدينية لحماية النظام، وحماية السلطة الحاكمة، ومنع الخروج عليها، وأيضًا وظفت المؤسسة الدينية، لإكساب الحكم غطاءً دينيا شرعيا، أو منع أي خروج شرعي عليه، أو إدانة دينية له.
إن الربيع العربي يمنح فرصة تاريخية لاستقلال مؤسسة الأزهر، عن أي سلطة أخرى، ولا يعني استقلال شيخ الأزهر فقط، بل أن يكون الأزهر مؤسسة مستقلة، تقوم بدورها كمؤسسة رأي وعلم وتعليم ديني، تدافع عن قضايا الدين والمجتمع؛ ومن هنا يمكن تبين جوهر الخلاف بين الأزهر وجماعة الإخوان المسلمين قبل الثورة، الذي كان مرتبطا أساسا بالموقف من النظام السابق، ولم ينتج عنه أي خلاف في الرؤى الإسلامية، لأن مؤسسة الأزهر ظلت تنتج الرؤى الإسلامية، التي يحملها الموروث العلمي والتعليمي للأزهر، حتى وإن أصاب هذا الموروث، حالة جمود، بسبب توقف تفاعل الأزهر مع الحياة اليومية، ووقوعه تحت هيمنة نظام الحكم.
وفي السياق نفسه، ينتقد رفيق حبيب المحاولات الرامية إلى تحويل الأزهر إلى مؤسسة كنسية ذات سلطة دينية، تجمع بين مؤسسة الأزهر والأوقاف والإشراف على المساجد، بحيث تصبح مؤسسة الأزهر هي المسؤولة عن الأوقاف والمساجد، وبذلك يصبح الأزهر مثل الفاتيكان، أي يصبح كنيسة، وله سلطة دينية، حيث يدير الأوقاف، كما يدير المساجد، ويحدد خطب الجمعة وهو ما يجعل الأزهر مؤسسة تملك سلطة دينية، وتتبعها كل المؤسسات الدينية، ويعترض على هذه المحاولة المستوردة قائلا: " تحويل الأزهر إلى مؤسسة مثل الفاتيكان، أو مثل الكنيسة، يغير من طبيعة المنظومة الإسلامية تماما، كما يغير من معنى المرجعية الإسلامية، لأنها مرجعية أمة، ولا يملك أحد سلطة باسم المرجعية الإسلامية، إلا الأمة. وكل الكيانات والمؤسسات الإسلامية، لها دورها وتأثيرها، بقدر ما لها من مصداقية، تجعلها مؤثرة على جماهير الأمة"، بالإضافة إلى ذلك في تكون نتيجة هذه المحاولة في تغيير هوية الأزهر تحويله إلى سلطة دينية فوق سلطة الدول يحدث معه تنازع سلطة بين الأزهر والدولة، مثل ما حدث بين الدولة والكنيسة في الغرب.
كما انتقل المفكر رفيق لتحليل خطورة وضع الأزهر في تقابل مع الإخوان المسلمين وتأثيرات ذلك غير الصحية على بنية الدولة والمجتمع، محاولا القول بأن الأزهر حاول تحقيق توافق بين مختلف مكونات المجتمع حول المرجعية الإسلامية، دون طرح قضية إسلامية الدولة مباشرة، وحاول تطمين المتخوفين من المرجعية الإسلامية، دون أن يدخل صراحة في المشكلات المختلف حولها، أو التي تثير تحفظ العلمانيين والمسيحيين.
وهذا ما انعكس في وثيقة الأزهر، التي حاولت التوصل إلى نص توفيقي، يوافق عليه من يحمل المرجعية الإسلامية، ومن يرفض تلك المرجعية أو يعاديها؛ أي أن وثيقة الأزهر، حاولت تقديم المرجعية الإسلامية، بصورة يقبلها من يؤيد الحل الإسلامي، ومن يؤيد الحل العلماني. والحقيقة أن المرجعية الإسلامية، ليست محايدة بين تلك المشاريع، فهي مرجعية الحل الإسلامي، وهي ضد الحل العلماني. وكل من يوافق على المرجعية الإسلامية، يكون قد رفض الحل العلماني ضمنا، وقبل بالمشروع الإسلامي.
لهذا اعتبر رفيق أن وثيقة الأزهر جاءت بنص مرن، فيه محاولة لترضية أطراف عدة، ولكن هذا النص، لا يمكن أن يوفق بين أشياء لا علاقة بينها، فهو محاولة لتقديم المرجعية الإسلامية، بصورة يقبلها العلماني والمسيحي، بحيث تكون مناسبة لمن يرفض المرجعية الإسلامية، أكثر من مناسبتها لمن يحمل المرجعية الإسلامية، وإن وافق عليها. وبسبب مرونة النص، وعدم تدقيق المعاني، يمكن لكل الأطراف أن تقبل النص، لأنه يعطي لها معنى مختلف، ومناسب لها.
لكن الدراسة تشير إلى أن وثيقة الأزهر لم تحقق الأثر المرجو منها، لأن الصراع حول الهوية استمر بعدها، وزادت حدته، ولم يكن للوثيقة إلا أثر مؤقت، وبعد ذلك غاب أثرها، لأنها لم توضع في سياق تاريخي، يجعل لها تأثير وفعل عملي.
وفي رصده وتفسيره لتطورات موقف الأزهر في لحظة الجمعية التأسيسية للدستور، والمواجهة الحادثة بين الأزهر وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، والأحزاب الإسلامية الأخرى، بسبب تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى، يؤكد رفيق أن الخلاف يرتبط أساسا بمساحة دور كل طرف، وتوصيف دور الأطراف الإسلامية المختلفة، كما ظهر منها محاولة الأزهر لتأكيد دور ومكانة وموضع مؤسسة الأزهر؛ كما يشير البحث إلى أن استراتيجيات جعل الأزهر ملاذا للقوى العلمانية أو الكنيسة، تهدف إلى توسيع الفجوة بينه وبين الحركات الإسلامية، أو لإضعاف أو إحراج القوى الإسلامية، والدفع به لمواجهة الحركة الإسلامية ليكون طرفا في الصراع معها.
وتنفي الدراسة وهم التناقض المرجعي بين الأزهر والحركة الإسلامية، معتبرا أن هناك تمايزا وظيفيا في إطار نوع من التكامل، فجماعة الإخوان المسلمين، ليست مؤسسة علمية، كما أن الأزهر ليس مؤسسة حركية، ووظيفة الجماعة أنها حركة تغيير اجتماعي، ووظيفة الأزهر أنه مؤسسة للعلم والتعليم. ودور الأزهر واقعيا يتكامل مع دور الإخوان، كما أن دور الإخوان يتكامل مع دور الأزهر. والحقيقة، أن الأزهر والحركة الإسلامية معا، يمثلا العمل المتكامل، الذي يحقق استعادة المرجعية الإسلامية.
عرجت دراسة المفكر حبيب على التحديات التي تواجه الأزهر ما بعد الثورة، محددا إياها في:
- اكتشاف دوره بعد الثورة، وهو ليس إلا دوره قبل تأميم الأزهر على يد نظام يوليو العسكري، وهو أيضا دور الأزهر عبر العقود والقرون. فالأزهر تاريخيا، هو مؤسسة العلم والتعليم الإسلامي، وهو مؤسسة الرأي الإسلامي، التي تعلن رأيها للجميع، وتدافع عن الحقوق، وتواجه الظلم، وتدافع عن المرجعية والهوية الإسلامية.  وهي بهذا، واحدة من مكونات المنظومة الإسلامية، والتي تقوم بدور العلماء، وهو دور مركزي في العلم الإسلامي.
- استعادة لتأثيره المعنوي على الرأي العام، بحيث يكون لرأيه مصداقية وتأثير على الرأي العام الإسلامي، وهي مسألة تتشكل من جديد مع الوقت، ومع قدرة مؤسسة الأزهر على تفعيل دورها كمؤسسة للعلم الإسلامي، تدافع عن المرجعية والهوية الإسلامية، وتعلن رأيا إسلاميا في قضايا الساعة، يلقى قبولا جماهيريا، ويقنع عامة الناس، أن الأزهر تحرر من مرحلة هيمنة النظام الحاكم عليه، وتحرر من أي قيود تفرض عليه رأيا، لا يعبر عن موقفه الحقيقي. كما أن الدستور الجديد، حدد مرجعية التشريع، وبالتالي حدد مرجعية الدولة، وحدد معنى مبادئ الشريعة الإسلامية، حسب تعريف الأزهر لها، كما قنن استقلال الأزهر، وقنن دوره الاستشاري، مما يعني أن الدستور الجديد، أعاد الأزهر لدوره التاريخي، وهو ما يؤكد على أن السياسي الإسلامي، لم يجد أنه في تنافس مع الأزهر، ولم يرى في استعادة الأزهر لدوره، أي انتقاص لدوره؛
وفي ختام دراسته، يعمق رفيق حبيب خلاصاته الأساسية واستنتاجاته في رصد طبيعة العلاقة والوظائف والتحديات، بأنه لن تحدث أزمة، إلا إذا حاول الأزهر، أو هيئة كبار العلماء، جعل أخذ رأيها حتمي، وجعل رأيها ليس استشاريا، بل إلزاميا. وهنا يكون الأزهر قد أصبح مؤسسة لها سلطة دينية، وهو أمر إن حدث أحيانا، فلن يستمر طويلا، لأنه يحول الأزهر إلى فاتيكان الإسلام، وهو ما يهدم المنظومة الإسلامية، والتي تقوم على عدم وجود سلطة دينية أساسا؛ مبرزا أن مؤسسة الأزهر، لها من التاريخ العميق، الذي يعطي لها هوية وخصائص محددة، مما يجعلها مع الحركة الحرة تعود إلى طبيعتها التاريخية. وكل آثار النظم المستبدة عليها، زائلة، حتى إن تأخر استعادة الأزهر لعافيته التاريخية؛ فهو إذن، صراع وهمي بين الأزهر وجماعة الإخوان المسلمين، يهدف إلى ضرب الكيانات الإسلامية ببعضها، حتى تضعف كلها. وهو صراع لم يحدث عندما كان الأزهر تحت سيطرة النظام المستبد، ولن يحدث في زمن الحرية بعد الثورة.

"مُفجر الفضائح" أمريكا لم تقتل "بن لادن" .. وإعلامها يُضلل العالم

"مُفجر الفضائح" أمريكا لم تقتل "بن لادن" ..

 وإعلامها يُضلل العالم 


شن الكاتب الصحفي الأمريكي الشهير "سيمور هيرش" هجوما حادا على الرئيس باراك أوباما ووسائل الإعلام الأمريكية، ووصفهم بالكاذبين والمخادعين.
واتهم الصحفي والمفكر الفائز بأرفع الجوائز الأمريكية في حوار مع الجارديان البريطانية بتضليل الشعب الأمريكي حول عملية اغتيال زعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن".
وقال "هيرش" "إن عملية اغتيال بن لادن التي تحدث عنها المسئولون الأمريكيون (كذبة كبيرة)، مطالبا بضرورة اغلاق محطات اخبارية أمريكية مثل "إية بي سي" و"إن بي سي" وتسريح 90% من المحررين العاملين فيها.
وانتقد "سيمور" الإعلام الأمريكي الذي وصفه بالفشل في مواجهة ادعاءات أوباما، وصدق ما قاله ولم يفكر في الحصول على صورة واحدة للعملية أو جثة بن لادن، كما أن الإعلام يخشى الحديث عن أوباما.
وأشار الى عدم معارضة الإعلام لأي قرارات يتخذها الرئيس الأمريكي وعدم انتقاده سواء في عمليات التجسس على المواطنين التي تقوم بها وكالة الأمن القومي أو الهجمات بطائرات بدون طيار على المدنيين، وكذلك التهديد بالحرب على سوريا.
جدير بالذكر أن "هيرش" يبلغ من العمر 67 عاما وهو واحدا من أكثر الصحفيين الأمريكيين الذين فجروا فضائح الحكومة البريطانية في سجن أبوغريب بالعراق، وتعذيب وقتل العراقيين في العراق عقب الغزو الأمريكي، بالاضافة الى مجزرة "ماي لاي" في فيتنام عام 1969.

شهود المذبحة - الحلقة الحادية عشر

شهود المذبحة - الحلقة الحادية عشر






الحلقة الحادية عشر من سلسلة وثائقيات شهود المذبحة والتي 


توثق مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة

هذه المرة مع حبيبة حسن إحدى الشاهدات على فض اعتصام 

النهضة

الأحد

٢٨-٩-٢٠١٣



الحرية في الفكر الإسلامي

الحرية في الفكر الإسلامي



علي الظفيري
محمد الأحمري
علي الظفيري: أيها السادة ليس من لون يليق بها سوى الأحمر ولأبوابها تماس بالأيادي المضرجة وكأن ثمة اشتراطا هنا، اشتراط لم يكن من شأنه توضيح التباسات المفهوم في تجربة إسلامية امتدت 14 قرنا من الزمن، الحرية الأمل المنشود لإنسان جبل على أن يكون حرا فيما السلطة تسعى على مر الأزمان لإغراقه في وحل العبودية والطاعة العمياء. وليس غريبا أيها الإخوة والأخوات أن نلحظ وبقوة غياب مفهوم الحرية لدى تراكمات الفقهاء التي لا تنتهي، التراكمات التي لم تترك شاردة ولا واردة من الهامشيات إلا وأفردت لها من المطولات والتفسيرات ما تعجز الجبال عن حمله، وليس غريبا بعد قرون من السطوة والهيمنة المطلقة للسلطة السياسية وبحار من فقهاء السلطان ليس غريبا أن يغيب سؤال حرية الفرد والمجتمع وحدود السلطة وضوابطها ومن يملك أمر البشر ويقرر مصائرهم، وليس غريبا أيضا أن نخصص هذه الحلقة لبحث معمق في مفهوم الحرية في المجتمع العربي وفي الفكر الإسلامي، فأهلا ومرحبا بكم. ومعنا للغوص في عمق هذه القضية المفكر الإسلامي الدكتور محمد الأحمري، مرحبا بك دكتور سعداء بوجودك معنا في هذه الحلقة ومن الغريب أن لديك اهتماما خاصا بقضية الحرية بشكل عام، ألفت كتابا “مفهوم الحرية عند علي عزت بيغوفيتش”، “الحرية والفن عند علي عزت بيغوفيتش” وكذلك كما أعرف لديك كتاب قيد الطبع حول مفهوم الحرية، لماذا كل هذا الاهتمام يعني قبل أن نبدأ نقاشنا لماذا كل هذا الاهتمام بهذا الموضوع تحديدا؟
محمد الأحمري: الحقيقة أنا كنت مهموما بقضية الفرق بيننا وبين المجتمعات الأخرى، المجتمع العربي وغيره، نحن لدينا عدد سكان هائل لدينا ثروات ولدينا كذا لكن لماذا الإنسان ضعيف؟ لماذا أيضا يعاني حكامنا من الضعف؟ لماذا لما تشاهد الحاكم العربي أو المثقف العربي يتحدث يكون أقل قدرة من غيره؟ وكان من الأسباب حقيقة التي لاحظتها غياب الحرية في المجتمع تضعف القدرات العقلية، القدرات اللغوية على التعبير الخوف من كل شيء، والإنسان الخائف حقيقة إنسان ناقص الإنسانية ولذلك تكتمل إنسانية الإنسان بمقدار ما تكتمل حريته، فهذا النقص الذي لاحظته بين الناس مقارنة بالمجتمعات الأخرى جعلني أهتم بهذا الأمر وحقيقة أن غياب الحرية في مجتمعاتنا غياب لإنسانية الإنسان ووضعت..
علي الظفيري: إذاً مسألة الحرية مركزية.
محمد الأحمري: أساسية جدا. وأذكر مرة قصة مثلا طريفة، أستاذ جامعي بمرة من المرات كان يرى فاكس مرسل من معارضة عربية في مكان ما وكان يحب أن يقرأ الفاكس مثلا لكنه خائف أن تبقى بصماته على الورق فكان يأخذ منديلا ويرفع الورقة فاصلا بينه وبين الورقة الأخرى، هذا الإنسان الذي لا يستطيع إلى هذه الدرجة من الخوف أي أمانة علمية يمكن أن يوصلها أي موقف فكري أي موقف ثقافي أي مجتمع يعيش في هذه الحالة! هذه المجتمعات المنهكة فعلا من قياداتها إلى قواعدها بهذا الخوف مجتمعات مجالها الإنساني ضعيف جدا ومنهكة قبل أن تتحرك بأي شيء.
تعريف الحرية وعلاقتها بالتاريخ والفقه الإسلامي
علي الظفيري: ما هو تعريف الحرية دكتور؟
محمد الأحمري: هذه الكلمة رائعة وجميلة وعشقها الناس في كل زمان وكل بدأ يعرف حتى أحد المفكرين الكبار يقول تزيد التعريفات عن مائتي تعريف، لأنه كلما جاءت كلمة الحرية كلمة جميلة ويشتاق لها الناس ويحبونها ويعرفها كل إنسان بحسب حاله، مثلا الحرية للسجين هي الخروج من السجن، الحرية بالنسبة للإنسان العربي هي أن يستطيع أن يتحدث أو ينتقد أو يلاحظ ملاحظاته أو يصلح أي شيء، الحرية مثلا في السويد أو النرويج أكيد تختلف عن المجتمع العربي لكن الأصل في الحرية هي إطلاق قدرات الإنسان ومكوناته الإنسانية وفكره وعقله ليعيش هذه الحياة بشكل طبيعي، طبعا لا بد أن يكون هناك قوانين تحددها مصالح الآخرين تحددها ولكن مجمل ذلك هو إطلاق قدرات الإنسان على التعبير عن ذاته والحصول على مصالحه.
علي الظفيري: يعني أشرت في المقدمة إلى قضية الإسلام والمسلمين والدولة الإسلامية بشكل عام، هناك تراكمات يعني أنتجت حضارة إسلامية نقول ولكن يلحظ المتابع دكتور غياب أو تراجع أي نقاش حول هذا المفهوم، هل وجدت وجد نقاش حقيقي جدي تعريفات محددة لمفهوم الحرية في التاريخ الإسلامي؟
محمد الأحمري: طبعا المقياس الأول في الحياة الإسلامية هو مجتمع مكة، المجتمع الذي وجدت فيه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في المجتمع الأول، حقيقة المجتمع الأول هو مجتمع متوفرة فيه الحرية بشكل كبير جدا ولم يكن في مكة سلطان ولا حاكم يقمع الناس ويتمتع الناس بحرية كبيرة ولذلك هذه الحرية التي يتمتع بها الناس استطاعوا لما جاءتهم فكرة وقضية أن ينشروها ويتحركوا في العالم لأن الإنسان في حرية شبه مكتملة، الجزيرة كانت تعاني لا من قلة الحرية بل من زيادتها فكانت تحتاج إلى قضية التنظيم وليس إلى قضية الحرية، مكة لم يكن فيها حاكم مستبد كان فيها حكومة الملأ مجموعة يقضون أي قضية لا يخضعون لشخص واحد ولذلك لما أرادوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستطع واحد أن يقرر الأمر هذا لا بد من إجماع في هذا المجتمع، لا بد من دار الندوة، فمجتمع تعود على الحرية، لم يأت الخطاب بتحدث الحرية لأن الناس توفرت لهم بشكل كبير ومع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطالب بالمزيد منها ويقول “خلوا بيني وبين الناس” اتركوني أتحدث إلى الناس وبالتالي المجتمع النقي المجتمع الصالح هو المجتمع الحر، ولذلك مجتمع الإسلام كان قويا لأنه كان حرا في بدايته وحتى لما جاء الإسلام ولما جاء أبو بكر الصديق خليفة خاف العرب من أن يصبح في ملكية وفي نظام وبعدين أبو بكر بعد أبو بكر يتركها إلى بكر بعده حتى في إشعار في القضية هذه من الخوف أن يصبح هناك نظام وراثي يكبت كرامة الإنسان وحرية المجتمع العربي، فجزء من أسباب الردة الخوف من تقييد الحريات في الجزيرة العربية لكن الفهم الأول لها هي قضية حرية قضية تنظيم قضية القدرة على أن توصل ما عندك. أيضا العبادة في الإسلام أصلا هي تعني الحرية التعبيد لله وحده يعني التحرير من كل قوى أخرى، صرف الطاعة والرغبة والرهبة إليه وحده فهي تعني التحرير ولذلك العبودية في الإسلام تعني قطعا تحرر الإنسان من كل الأصنام الأخرى والأوثان سواء كانت قضية سياسية أو غيرها، ولذلك الخطاب لما انتقلوا إلى فارس والروم الدولتين اللتين أنهكهما الحكم المستبد ودمر إنسانها كان الخطاب أننا نخرجكم من عبودية العباد إلى عبادة الله رب العباد، فقضية التحرير كان خطاب الصحابة كان خطاب الإسلام الأول للمجتمعات المنهكة بسلطان..
علي الظفيري (مقاطعا): دكتور الحديث كان عن نوعين من العبودية يعني عن عبودية المخلوق للمخلوق استعباد البشر للبشر والحديث عن منطقة أخرى وهي التحول إلى طبعا عبادة رب العالمين لكن مع ذلك لم يحدث نقاش جدي حول مفهوم الحرية وضوابطها، لم ترد مفردة حرية في القرآن الكريم مثلا ولم يأت نقاش لم يتبعها نقاش واضح ومحدد حول هذا المفهوم.
محمد الأحمري: نعم هي الحرية بنفس اللفظ لم ترد في القرآن ولكن وجد في نقاشات الفقهاء قضية الحر والعبد وحتى في قضية الحرية مثلا لما ورد في قضية الكفارات من الكفارة أن الشخص إذا قتل شخصا أن يحرر إنسانا.. ما الذي حصل؟ فسرها العلماء أن الإنسان العبد عندما يتحرر كأنه إحياء، كان الإنسان في العبودية ميتا فإذا أطلقته من عبوديته حررته، وفي تفسير في القرآن لما فسروا وجعلناكم لبني إسرائيل يعني حررناكم، وتجد في العصور الحديثة أن الدول الشعوب الحرة هي شعوب ملوك يتحرك الناس فيها سواء، الشعوب المستبد بها شعوبها عبيد وحكامها عبيد للطغاة الآخرين في الدول الأخرى، فهي عبودية متسلسلة تجد الحاكم خاضعا وضعيفا جدا أمام الحاكم الغربي فينقل العبودية والخوف اللي على رأسه إلى الشعب ويقهر الشعب بالمقابل درج في مثال طريف وغريب حصل من فترة ليست بعيدة، كوندليزا رايس كلمت أحد وزراء الخارجية العرب وقالت له تحضر إلى اجتماع معي، قال لها إيش الموضوع؟ قالت له لا، تحضر أولا..
علي الظفيري: الحضور قبل معرفة الموضوع.
محمد الأحمري: يعني إلى درجة أنه هو حتى كما هذه الشعوب تحرم من الحرية والتعبير حتى هم يحرمون من الكلام ومن القدرة ومن القرار فأصبح عبودية تنزل على عبودية وبالتالي إذا رأيت شعبا مستعبدا ففي الغالب أن حاكمه يعاني من ضغوط خارجية تذله كذلك.
علي الظفيري: طيب أستدل من حديثك يعني الجزء الأول من حديثك دكتور أن هناك أرضية ممتازة جدا في النص، النص القرآني، في القضايا التي ركز عليها الإسلام بشكل رئيسي في موضوع العبودية والتحرر من العبودية حتى الحث على قضية التحرر من العبودية ولكن في الغرب مثلا تطور النقاش العلمي حتى حول هذا المفهوم، لدينا لم يتطور هذا المفهوم بقي مفهوما أوليا وخاضعا لاستنتاجات.
محمد الأحمري: وبقي في الأصل المجتمع الإسلامي على أصل حريته ولكن في عهد بني أمية لما استبدوا بالحكم اضطروا أن يدخلوا موضوع الجبر ويدخلوا قضية جبر الناس وأن يقولوا لأنفسهم الحكم هو قدر الله سبحانه وتعالى وأدخلوا مفهوم الجبر ولذلك العبودية والحاكم المستبد يفسد الدين أولا كما ويفسد الناس ويفسد أخلاقهم، المهم أن هذا الاستبداد الذي حصل عند بني أمية اضطروا أن يأتوا بمفاهيم في الدين تثبت قضية تعبيد الناس.
علي الظفيري: عطل على الأقل بشكل أو غيره.
محمد الأحمري: عطلوا حرياتهم. أيضا في قضية أخرى لم تكن الحكومات بالقسوة في الماضي وبالدخول في خصوصيات الناس كما هو في العصر الحديث وبالتالي كان بقي الشعب حرا إلى حد كبير بقيت المجتمعات حرة في منطقة العاصمة وفي كذا ولكن بقية المجتمعات كان عندها حرية، بمقرات الحكم كان هذا الاستبداد موجودا لكن العلماء قاوموا المجتمع قاوم الثورات قامت الفرق قامت الطرق قامت كلها لمواجهة هذا الاستعباد.
علي الظفيري: نحن.. دكتور، مشاهدينا الكرام طرحنا تساؤلا حول علاقة الفقه بالحرية، ما هي العوامل التي أثرت على فهم الحريات وتطبيقاتها في الدول الحديثة وجهناه للمفكر الإسلامي محمد عمارة وهو يضيء لنا على هذا الجانب.
[شريط مسجل]
محمد عمارة/ مفكر إسلامي: كي نفهم تأثير أو علاقة الفقه بالحرية لا بد من أن نعرف أن الفقه هو علم الفروع وعلم الفروع يستمد قيمه ومبادئه من الأصول يعني من القرآن ومن تطبيقات القرآن التي هي السنة النبوية، القرآن الكريم يحدد ويعلن أن الإسلام جاء ليضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، يعني القرآن والإسلام جاء ليحطم القيود التي كانت تقيد الإنسان، الفقه عندنا يستمد من هذا المعين فيحدد العلماء والفقهاء “رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب”، هنا تشريع للتعددية وللاختلاف قبل 14 قرنا، ضيق الصدر بالحرية جاء في الواقع وليس في المثال، نحن دائما هناك عندنا مثال هو الإسلام هو المذاهب الفقهية عندنا واقع، هذا الواقع شابته شوائب وأصبح فيه ضيق صدر بالحرية، نموذج الدولة القومية الغربي وأيضا الضغط الاستعماري الذي يجعل الدول لها الأولوية على الحريات هنا كان ضيق الصدر في واقعنا الحديث بنمط الحرية.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: إشارات الدكتور محمد عمارة وما أشرت إليه قبل قليل دكتور محمد يدفعنا للتساؤل لماذا لا يوجد وضوح أكبر تحديد أكبر معايير وضوابط لمسألة الحرية في الفقه الإسلامي في موروثنا تحديدا الإسلامي بينما لو اتجهت للغرب تجد أن هناك ضوابط وتجد أن نظاما سياسيا قام على فكرة وركيزة الحرية بشكل رئيسي؟
محمد الأحمري: من الأسباب الأول أن حقيقة جوانب الحريات وقضايا الحكم صودرت بعد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأنهى قضية الحوار السياسي وقضية الحريات السياسية، فهذا الجانب الفقهي ضعف جدا عند المسلمين ولم يتحرك إلا قضايا فرعية أخرى، أيضا مستوى الاستبداد الذي حصل في المجتمعات الأخرى كان قاسيا جدا وهذه القسوة في الاستبداد في الحكم أنتجت حركة التنوير وحركات التحرير الكبيرة وتحرر الإنسان تدريجيا لكن نحن لما صب علينا الاحتلال الغربي والاستبداد المحلي حقيقة خرج محاولات فقهية معاصرة وحركة من العلماء كبيرة تهتم بحريات الناس لدرجة أن علماء في العصر الحديث عدوا أحد مقاصد الشريعة الحرية، حرية الناس أحد مقاصد الشريعة ودعوا إليها وأصبحت من الأولويات في المجتمع الإسلامي، حتى القرضاوي أخيرا كان يقول مثلا إننا نقدم الحرية على تطبيق الشريعة، فالمجتمع المدلل المستعبد لا يستطيع أن يطبق الشريعة أو ستطبق له الشريعة منقوصة وبالتالي الحركة في العصر الحديث تدعو الناس إلى تحرير أنفسهم ووضع الحرية قضية أساسية من مفاهيم..
علي الظفيري (مقاطعا): هذا الموقف الأعم دكتور؟ يعني عند التيار السلفي مثلا مصطلح أو مفردة الحرية تثير نوعا من الحساسية أو نوعا من التخوف لدى كثير من التيارات الإسلامية التيار السلفي وأيضا آخرين.
محمد الأحمري: نعم، حقيقة من أسباب ذلك حقيقة عند التيار السلفي وعند العلماء في بداية الأمر حقيقة من أسباب ذلك أن الغرب لما جاء احتلنا وسمى احتلاله حرية، فهذا من الأسباب أن الحرية أعطونا الكلمة ولكنها تعني الاستعباد لهم فخاف الكثير من العلماء، السبب الآخر الثاني أنهم تحدثوا عن قضية، قضية الخلاعة ونشر المجون وكذا وسموا هذا حرية وسموا حقيقة التفلت سموه تحررا سموه حرية فخاف العلماء أن هذا الأمر يعني حرية والحقيقة ليست هذه، الحرية هي قدرة العالم والمثقف وجميع طبقات المجتمع في تطوير ذاتها وفي تطوير مجتمعاتها والخلاص من القيود السياسية وغيرها من القيود الفكرية.
تأثير الدين في مفهوم الحرية وحدودها وضوابطها
علي الظفيري: جميل. دكتور عبد الستار القاسم الأكاديمي الفلسطيني المعروف يعني مشكورا بعث لي ببحث قيد النشر هو أساس لكتابه وأشار لهذا الخوض في جزئية من جزئيات البحث يقول اختلط في القرون الأخيرة مفهوم الحرية freedom مع مفهوم التحريرية الـ liberalism ويبدو أن هذا الخلط انتقل أيضا إلى الأدبيات العربية التي لا تكاد تميز بين المفهومين، يتحدث عن الحرية وعن التحرر، التحرر هو الانعتاق كما يقول الدكتور عبد الستار، الانعتاق من الشيء تماما بخلاف الحرية وهو يفصل كثيرا في هذا البحث الذي طبعا نتمنى أن نشاهده قريبا. لمعرفة حدود وضوابط نتوجه أيضا هذا الحديث للشيخ راشد الغنوشي، الشيخ راشد يوضح لنا مشاهدينا الكرام العلاقة بين الدين وصياغة مفهوم الحرية وكذلك يتحدث عن ما هي الحدود المفترضة للحرية في الدين الإسلامي.
[شريط مسجل]
راشد الغنوشي: هنالك تشويش ثقافي هنالك أيضا ميل للشهوات {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ..}[الجاثية:23] ولذلك يفلسف هذا الذي يريد أن يشرب الخمر يحاول أن يفلسفها والذي يريد أن يظلم الناس يفلسف هذا الظلم والأنظمة المستبدة يعني تبرر استبدادها بأنه طاعة لولي الأمر، كلمة التوحيد تبدأ بلا، لا إله إلا الله، على أن تكون قادر أن تقول لا لشهواتك وأن تقول لا للطواغيت والجبارين، فهذا بداية التحرر أن تكون قادرا أن تقول لا للظلم ولا للباطل ولا للفسق والفجور.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: إذاً ثمة خلط كبير جدا كما أشرت وكما أشار الشيخ راشد الغنوشي. التساؤل المخيف أيضا دكتور أنها ما هي حدود الحرية؟ ما هي الضوابط؟ إلى أي درجة يمكن أن تتوقف حرية الفرد في الإسلام حتى يمكن على الأقل قبول الجميع لهذا المفهوم؟
محمد الأحمري: هناك حقيقة حدود الحرية يحددها أي مجتمع بحدود ثقافته دينه الظروف التي يمر بها فمثلا إذا كان مسلما في مجتمع من المجتمعات بقداسة أشياء مثلا لا نتحدث فقط عن المجتمع الإسلامي مجتمعات حتى المجتمعات المسيحية عيسى عليه السلام وكذا، قضية في كثير من المجتمعات لا تمس مثلا، قضايا تاريخها رموزها أحيانا مآسي تاريخية مثلا انظر في قضية قتل اليهود مثلا إنكارها أصبح قضية محظورة، فالمجتمع المجتمع الإسلامي ولا غير الإسلامي يستطيع أن يجعل قضايا محظور النقاش فيها وأيضا يفتح في قضايا أخرى، وبعض الناس يقول لا، لا نقبل الحرية لأنها تعني كل شيء سائب، ليس كذلك، لكن تضمن الحرية ضروريات المجتمع أن يتحدد في قضياتهم أولوياتهم السياسية الاجتماعية الفكرية النقد السياسي متابعة المال كل هذه القضايا يجب أن تكون موجودة وموفرة في المجتمع لكن أن تقول لي بحجة أن الحرية يمكن أن تتحدث في كذا فتصادر حقوق الناس هذه إشكالية كبيرة، الناس بدؤوا يتكلمون عن حدود الحرية وهي لم توجد بعد وهذه طريقة في التفكير خاطئة.
علي الظفيري: يعني ترصد مبدئي ومسبق.
محمد الأحمري: يعني هو يريد أن يصادرها فيبدأ يبحث عن ما هي حدود..
علي الظفيري (مقاطعا): ولكن في أسئلة دكتور تبحث عن إجابات، حرية الردة مثلا أن يرتد المسلم عن دينه في الدول الإسلامية وحرية أيضا غير المسلمين، ما هي ضوابط حرية الردة برأيك؟
محمد الأحمري: أولا في قضية حرية الدين في المجتمع الإسلامي مضمونة والرسول صلى الله عليه وسلم لما انتقل إلى المدينة كان جزء من المجتمع يهوديا وكان مجتمع فيهم نصارى إلى آخره وضمن لهم هذه الحقوق ثم بعد ذلك ورد أنه حتى إحدى جواري الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن مسلمة وأسلمت متأخرة، والإمام الشافعي رحمه الله له موقف عجيب يقول لا يجوز للمسلم أن يعرض الإسلام على زوجته الكتابية لأنها انتهاك..
علي الظفيري (مقاطعا): يعني حتى لا يعرض في الإسلام.
محمد الأحمري: لا يعرض لا يعرض. لاحظ قضية مدى حرية الأفكار في هذه القضية، حرية الدين، المجتمع الإسلامي حكم المناطق التي نعرفها الآن 14 قرنا بقيت الأقليات موجودة فيها نصارى ويهود وزرادشت إلى آخره ولم يقضوا على هذه الأديان فيها فبقيت حرية الدين..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب أيضا هذا غير.. دكتور محمد، في قضية الارتداد، الردة هناك حد واضح.
محمد الأحمري: نعم. في قضية الردة، الردة فيها بحث، أولا في فرق بين من يرتد وعنده قوة عسكرية ويواجه بها الحكومة، هذه قضية واجهها أبو بكر الصديق هذه قوة مضادة وبالتالي لا نقاش في قضية مواجهتها عسكريا، أما قضية الحكم على الفرد إذا ارتد هذه مجال نقاش عند الفقهاء منهم من يرى الحد ومنهم من لا يرى لأنه لا يمثل خطرا على المجتمع الإسلامي..
علي الظفيري: ماذا ترى أنت دكتور محمد؟
محمد الأحمري: هذا النقاش موجود قديما وهذا النقاش موجود..
علي الظفيري: إلى أي الآراء تميل؟
محمد الأحمري: أنا لست مفتيا وبالتالي..
علي الظفيري (مقاطعا): لا، أقصد في الجانب الفكري على الأقل حتى على الأقل نسير في هذا الموضوع ونتقدم فيه.
محمد الأحمري: أنا أعطيك مثلا من قضية مبدأ حرية المجتمع في قضية الردة ولا في قضية حتى مخالفة الحاكم، يعني أحد أصحاب الرسول صلى الله عليهم وسلم لم ير البيعة لأبي بكر الصديق.
علي الظفيري: لم ير البيعة.
محمد الأحمري: نعم لم يبايع بالخلافة وبقي إنسانا مكفولة له الحرية والكرامة والاعتراض والذهاب والمجيء، ما دام لم يأت بجيش يضرب به المجتمع الإسلامي ويدمره من الداخل وبالتالي نحفظ الحق أنه يرى أنه أولى بالخلافة من أبي بكر الصديق، بالتالي الحرية مكفولة للناس. قضية ديننا مثلا هذا الأمر كما ذكرت فيه أقوال فقهية أما من موقف الشخص أنا لست مفتيا وبالتالي كما أنا لا أفتي الناس وبالتالي لا أفتي لنفسي  في القضية.
علي الظفيري: غير المسلم مواطن درجة ثانية حرية غير المسلم في الدولة الإسلامية كيف تراها؟
محمد الأحمري: غير المسلم في الدولة الإسلامية هو شخص تؤخذ منه الجزية مقابل الحماية ولا يطلب منه أن يجاهد ولا يقاتل ولا كذا، مقابل حمايته يؤخذ منه..
علي الظفيري: هذا تاريخيا دكتور لكن في دولة المواطنة اليوم المساواة؟
محمد الأحمري: هذا الوضع تغير وبالتالي حتى جزء كبير من القضايا تخضع لاجتهادات الفقهاء المعاصرين، يعني ليس بالضرورة أن كل حكم فقهي حصل في مرحلة يطبق على مرحلة أخرى يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي، تغيرت الحالة وتغير الحكم.
علي الظفيري: بالتالي يعني فكرة المواطنة الذمية أو مواطنة الدرجة الثانية لغير المسلمين تحتاج إلى نقاش.
محمد الأحمري: تحتاج إلى نقاش ولكن هناك قضية في مسألة المواطنة بالتحديد هذه، حقيقة نحن نستخدم كلمة المواطنة ولا نعرف معناها، نحن في حالة المجتمع العربي ليس عندنا مواطنة بأي نوع لأن المواطنة تعني المشاركة في مسؤولية الوطن في حقوقه وفي واجباته، نحن في الوطن العربي في المناطق المستبدة نحن في حالة اسمها مساكنة يسمح الحاكم بأن نسكن في جواره يسمح لنا بأن نعمل ولكنه يمكن أن يصادر كل حق في أي لحظة، وبالتالي ليست مواطنة ولا يجوز أن نلقي على المساكنة هذه جوازا تسكن في هذا البلد وتسكن في بلد لأنه ممكن يسجنك في أي لحظة ويأخذ مالك في أي لحظة ويعاقبك في أي لحظة ويعاقبك في أي لحظة وهذه مساكنة، مواطنة يعني لك حقوق وعليك واجبات وللحاكم نفس الأمر هذا وهذا أمر بالتبادل والمشاركة وهذا حق غائب في المجتمع العربي وهذا يشمل الجميع.
علي الظفيري: قضية طاعة ولي الأمر دكتور محمد هي قضية إشكالية وكبيرة جدا وتقف حجر عثرة أمام كثيرين ممن يؤمنون بمسألة الحرية وبالتالي طاعة ولي الأمر وفق اشتراطات معينة إذا كذا وإذا فعل كذا أو لم ينه عن كذا، برأيك تلعب دورا مركزيا في قضية تعطيل نقاش تعطيل تطور مفهوم الحرية، ما هي الفكرة التي يجب أن تتبلور اليوم حول قضية طاعة ولي الأمر؟
محمد الأحمري: طاعة ولي الأمر في المجتمعات خاصة في الخطاب السلفي تأثر يعاملين العامل الأول هو قضية المواجهة مع فكرة الإمامية فحقيقة نقلوا إلى المجتمع السني والسلفي أفكار الإمامة في تقديس الحاكم، فهذه قضية غزو للمجتمع السلفي بأفكار الإمامية سموها طاعة ولي الأمر وبالغوا فيها بطريقة لم يسبق في الثقافة الإسلامية ولا في الثقافة السنية أن وجدت. القضية الثانية أنه في فكرة ولعلها فعلا قادمة من المجتمع من الغرب، الملك في بريطانيا لما واجه البرلمان أصبح البرلمان قوة فكان يحب أن يستبد بالسلطة ولكن البرلمان أصبح قويا فمجموعة من المنافقين في الكنيسة جاؤوا قالوا لا طاعة ولي الأمر نهائية وهي من طاعة الله وله علاقة بالله مباشرة في الطاعة وبالتالي لا يجوز الاعتراض عليه لأن هذا اعتراض على الله وقدسوا الأمر، هل الطائفة التي بالغت في طاعة الحاكم أخذت أفكارها من الإسلام أم أخذتها من الطائفة المسيحية التي واجهت البرلمان في بريطانيا؟ أظن لا أستبعد أن القضايا مترجمة وكذا، فهل المجموعة التي بالغت في تعبيد الناس للحكام أخذت المسيحية هذا المفهوم أو أخذت من المسيحيين في بريطانيا الذين واجهوا البرلمان أم أنها فعلا بالغت وأخذت من الإمامية المزيد؟ ولكن الفكر السني ما في، الاعتراض موجود أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يتساءلون ويناقشون الرسول صلى الله عليه وسلم ويردون عن قوله، لكن الآن لا تستطيع أن تقول للشيخ لا، مو فقط الحاكم، لا، ما تستطيع حتى الشيخ.
علي الظفيري: حتى المفتي يعني.
محمد الأحمري: نعم فبالغوا في القضية هذه حتى جردوا الأمة من حقوقها حتى في النقاش والاعتراض وحقيقة هذا إدخال الوثنية في الإسلام باسم الشعارات الإسلامية ولكن ليست إسلامية في الأصل.
علي الظفيري: تعتقد أن هذا الأمر له علاقة بشيء غير الإسلامي تماما؟
محمد الأحمري: أنا أتوقع إما أن يكون وافدا من المسيحية أو وافدا من طوائف منحرفة.
علي الظفيري: سنكمل في قضية الطاعة طاعة ولي الأمر حدود هذه الطاعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم ولكن بعد وقفة قصيرة مشاهدينا الكرام فتفضلوا بالبقاء معنا.
[فاصل إعلاني]
العلاقة بين الحاكم والمحكوم وعوامل التباس مفهوم الحرية
علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في العمق يبحث الليلة بشكل مفصل ومعمق -نتمنى- موضوع ومفهوم الحرية في المجتمع العربي وفي الفكر الإسلامي بشكل رئيسي. كيف هو شكل العلاقة الواجبة بين الحاكم والمحكوم دكتور محمد؟
محمد الأحمري: الحاكم في العالم كله حقيقة في الفكر العقلاني والفكر الإسلامي وغيره معين من قبل الناس وهو خادم لهم في هذا المسار ويملكون إقراره وإبعاده في حالة المخالفة، هذا هو الأصل في جميع الفئات سواء سميتها ديمقراطية أو غير ديمقراطية حتى أن علي بن أبي طالب عرض على عثمان الخلع من الخلافة وبالتالي قضية الخلع وتحديد المدة وإلى آخره أصبحت من الضروريات التي يجب أن تدخل في الثقافة الإسلامية قضية مثل الديمقراطية قضية أساسية تبين كل عقلاء البشر الآن أنها من أحسن النظم التي حكمت في العالم.
علي الظفيري: الديمقراطية.
محمد الأحمري: الديمقراطية. فبالتالي المجتمع المسلم يجب أن يتجه إلى هذه المصلحة كما اتجه إلى أشياء حديثة أخذها من المجتمعات الأخرى هو أولى أن يقبل هذه وأن يطورها مثلما استخدم السيارة والكلية والجامعة والبرلمان أن يستقبل قضية الديمقراطية لأنها أحسن الضمانات التي حصلت للإنسان في هذه العصور، أيضا هذه موجودة ووجدت في عالم الإسلام وجدت في المجتمعات العربية، الأسماء قد تختلف ولكن الناس يختارون حاكمهم هذا هو الأصل في المجتمع البشري، الفطرة البشرية تقول ذلك لا تقول غير هذا، إن الناس يختارون أنجبهم وإذا أخطأ يبعدوه هذا هو الأصل لكن يبعدوه بعد أربع سنوات خمس سنوات إلى آخره من المفروض أن تتطور هذه القضية داخل المجتمع..
علي الظفيري: هذا تفصيل وآلية.
محمد الأحمري: هذه تصبح القضية الطريقة كيف يمكن أن نطور هذا، هذه أيضا فرعا عن الحريات في المجتمع لا يستطيع أن يتحرر وهذا الشخص يملك الدنيا والآخرة، المشايخ يعطونه الآخرة يمتلكها والتجار يأخذ عن طريقهم الدنيا وعن طريق الجواسيس يدمر المجتمع وبالتالي حقيقة المستبد هو إله وبالتالي حتى الجاحظ يقول لا تجد مستبدا إلا كان مجهلا منبوذا، فبالتالي إذا جاءت ثقافة الاستبداد تدمر المجتمع الذي تسود فيه.
علي الظفيري: يعني حتى الحوار الذي دار بين رب العالمين وإبليس في القرآن وهذا الجدل وهذا العرض للرأي وهذا القبول بالرأي.
محمد الأحمري: هذا أحيانا لا يوجد حتى عند فروع بسيطة في الحكومات.
علي الظفيري: دكتور في مسألة مهمة يعني يقال انطلاقا من الموروث الفقهي إنه طالما أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وبالتالي يتوجب طاعته أيا كان الشكل الذي وصل فيه هذا الحاكم إلى السلطة.
محمد الأحمري: أصبحت كلمات الأمر بالمعروف تعطى كلمات وشعارات وأحيانا قضايا بسيطة يسمح بإنكار المنكر فيها وهذه رشوة تعطى للمشايخ ورشوة تعطى لرجال الدين ولكن المنكر الأكبر لا أحد يتحدث عنه، يعني ومثلا إذا سرق عشرة مليار أو عشرين مليار لا يقول ولكن لو امرأة خرجت بوجهها سافرة ولا كذا يساووا منها قصة هذه رشوة لها مقابل الآن يسكت عن المنكر الأكبر وهذه حقيقة عبث بالدين كبير جدا، عبث بقضية حتى المصطلحات، مالك بن نبي لما رأى اللوحة في إحدى البلاد العربية فأعجبته اللوحة رائعة جدا وجميلة، قال لكن لما وجدت المحتوى فإذا مصادم جدا لكل شيء فبالتالي يمكن تعطي الناس كلمات بسيطة وشعارات يقنعون بها لكن المحتوى يكون أحيانا جزئيا وأحيانا ما تقدم شيئا.
علي الظفيري: طيب لأن هناك عناصر كثيرة جدا أريد أيضا أن أتوجه إلى هذه الفكرة حول العوامل التي أسهمت في جعل الحرية مفهوما ملتبسا في مجتمعاتنا الإسلامية، الإضاءة مجددا مع الشيخ راشد الغنوشي.
[شريط مسجل]
راشد الغنوشي: الدين له دور كبير في أمرين في مسألة الحرية على الأقل، له دور كبير في ترقية مشاعر الإنسان تهذيب أخلاق الإنسان في تربية  غرائز الإنسان فلا يصبح الإنسان عبدا للشهوات وعبدا لغرائزه، النبي صلى الله عليه وسلم يقول “تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس وانتكس” فعبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الدنيا وعبد الشهرة وعبد الكرسي هؤلاء ليسوا أحرارا، هؤلاء عبيد. الإسلام نظام تحرري من خلال المفهوم العبادة ألا يخضع الإنسان إلا لله، الإسلام يضع ضوابط وحدود ترتقي بحرية الإنسان في الحقيقة رغم أنها تبدو تحديدا، فمحرمات الإسلام وواجبات الإسلام كلها ضوابط تبدو كأنها تحدد الحرية ولكن في الحقيقة ترتقي بها ولذلك المربون المسلمون يعتبرون أن تمام العبودية هو في تمام الحرية، يعني بقدر ما يكون الإنسان عبدا لله ولذلك لا عجب أن يقول في القرآن واسجد واقترب {..وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}[العلق:19] رغم السجود هو وضع الرأس على الأرض ولكن اقترب يعني فهناك سهم نازل هذا سهم الجسم وسهم آخر صاعد هو السهم الروح والقلب والعقل وملكات الإنسان.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: دكتور أتعجب من تركيزك والضيوف الأفاضل حول فكرة الحرية ومسألة الحرية وأهمية الحرية، يعني ماذا يحدث للمجتمع إذا غابت الحرية، نحن عايشين بدون حرية ومستمتعين جدا، فما هي المشكلة إذا غابت الحرية؟
محمد الأحمري: الذين نشوفهم في السجون هم يعيشون مثلا والمجموعات التي تعاني مثلا في حصار شديد أيضا يعيشون ولكن الحياة غير مكتملة.
علي الظفيري: كيف يتأثر المجتمع بغياب الحرية؟
محمد الأحمري: نعم. من أهم جوانب التأثر في المجتمع هو فساد أخلاق الإنسان، المجتمع الذي تسيطر فيه العبودية الإنسان يفسد تفسد أخلاقه تسيطر عليه لغة النفاق وحتى اللغة نفسها التي هي وسيلة للتعبير عن نفسه في المجتمع المستبد والفاسد تصبح اللغة وسيلة للاختفاء لا يعبر لك عن حقيقة، أيضا إذا غابت الحرية يزيد الفساد المالي إذا غابت الحرية يحصل تدمير لأعراض الناس وأخلاقهم، سيطرة الحكومات تصبح بديلا عن الله، أيضا يفقد المجتمع المبادرات ما يصبح الإنسان عنده أي همة يعمل شيئا لأنه كل شيء مقهور به يهبط المجتمع، حتى قضية نضوج الفن نضوج الأدب نضوج الشعر كل هذه الأشياء تصبح من ضحايا الاستبداد في المجتمع المستبد مثلا في روسيا كان هناك تساؤل لماذا مع الثورة الروسية هبطت الفنون مع أنها الحكومة أعطت وكذا؟ الحقيقة أن الإنسان حوصر ومنع حجب أفق وبالتالي ما أصبح يستطيع أن يعبر، أيضا إذا غابت الحرية يخرج الإنسان ويسرب طاقته في أشياء مختلفة، مثلا الجماعات السرية تصبح بديلا للحرية لأنه يجد فيها داخل المجتمع الضيق المختفي وسيلة للحرية، إذا غابت الحرية يصعد الإرهاب، العجيب أني وجدت من التحليلات المهمة جدا لنشأة القاعدة في كتب غربية كثيرة منها مثلا “الأبراج المشيدة” أن القاعدة نشأت لما منع المشائخ من الحديث بعد قصة الكويت لما منعوا من الحديث وجاء السجن ومن اعترف يسجن فكان الرد هو وجود تنظيم سري يحاول أن يدافع عن هذه المجموعة، أيضا عند السادات لما السادات وقع الصلح لما حرم المصريين من التعبير عن النفس ثم سجن المثقفين هذه المجموعات هي التي ثارت ونشرت فكرها وقتلته وبالتالي جماعة الجهاد والنصرة أيضا من إنتاج الاستبداد، الاستبداد هو السبب الأساسي في إنتاج ظاهرة الإرهاب لذلك الأمن الفكري يعني تريد مجتمعا آمنا أعطه حرية. لكن هذه الحرية تستبد أحيانا، هم يفهمون أن الحرية مهمة لكن تأتي بقضية شيء يسمونه المرح بلا حرية يعني خلهم يرقصون ويغنون ويسكرون وكذا مثلما كان الأميركان يستعبدون السود ولكن يسمحون لهم بالرقص والخمر لدرجة أن السيد اللي عنده مجموعة من العبيد إذا ما رقصوا وسكروا في الأعياد وكذا يتضايق جدا لأنه لا بد أن يعبروا عن هذه اللحظة، فهم فهموا أن قضية التنفيس مهمة لكن التنفيس ماذا؟ بالعهر، طائفة من المجتمع لن تقبل بهذه القضية إذاً سيقى السؤال موجودا إذاً سيبقى مورد الإرهاب موجودا وهو لا بد أن يعبر عن حقوقه. أيضا اللجوء إلى القبيلة، المجتمع المشتهي هو لا يجد نفسه في المجتمع ليس هناك مجتمع مدني..
علي الظفيري: يرجع للانتماءات الأولية الطائفة القبيلة المذهب المنطقة.
محمد الأحمري: ليس هناك مؤسسات ولذلك الظاهرة عندنا الرجوع في المجتمع العربي إلى القبائل إلى الطرق الصوفية أو الجماعات السرية السبب ليس هناك حكومة يأمن فيها ويثق فيها. أيضا في مسرب آخر في قضية إذا غابت الحرية، يهرب الناس إما.. ضد الحرية حتى ممكن ضد الدولة حتى ممكن يهرب للبادية أو لطرق معينة ممكن يهرب أيضا للدولة يتجسس لها ويتقرب منها وينافقها ويسرق منها ويشارك الغنيمة بالتالي تصبح الدولة هي مصدر الفساد والتدمير داخل المجتمع فالمجتمع المستبد يعني يدمر نفسه بطرق مختلفة سواء عن طريق الدولة التدمير أو عن طريق الهروب ضد الدولة، لكن المجتمع المفتوح حقيقة يقلل المخاطر.
علي الظفيري: في التطبيقات السياسية أشرت دكتور إلى أن الديمقراطية هي الخطوة المنتظرة يعني بعيدا عن محاولة الاجتهاد أو الفهم أو استنتاج شيء جديد غير موجود لدينا نموذج موجود، هل لهذا الأمر تتوقع تداعيات أو تأثيرات سلبية ربما في مجتمعات عربية إسلامية؟
محمد الأحمري: هو أي نقلة ممكن أن تؤثر سلبيا لكن هذا التأثير السلبي تأثير موقوت وتأثير بسيط لكن تحقيق كرامة المجتمع كرامة الحاكم والمحكوم تتحقق من خلال حرية المجتمعات في التعبير عن نفسها..
علي الظفيري: عبر الديمقراطية.
محمد الأحمري: عبر الديمقراطية وعبر الحريات..
علي الظفيري: النموذج الغربي من الديمقراطية؟
محمد الأحمري: نعم..
علي الظفيري: هو نموذج واحد.
محمد الأحمري: النموذج هو.. هي وسيلة إدارية ليست عقيدة ليست دين هي طريقة إدارية لإدارة المجتمعات مثلما عندك أصبح مدير إدارة وعندك قسم محاسبة وعندك كذا وأخذناها تماما الغرب أيضا هذا رأس الإدارة لا بد أن تصلحه أو يبقى كل شيء تحت خربان، أن تطور الإدارة إلى أعلى مستوى تصل إلى مستوى صحيح.
علي الظفيري: لكن هو نموذج الحكم مرتبط بنموذج ليبرالي رأسمالي وبالتالي معبأ بحمولات فكرية ثقافية حينما تنقله مجتمعاتنا يجب أن تنقله بالأكمل..
محمد الأحمري: ليس كل شيء ممكن..
علي الظفيري: أو تتجه لقضية الآن ما يقال يعني من بعض العلماء والفقهاء أن قضية الشورى موجودة وبالتالي ما حاجتنا إلى الديمقراطية إذا استطعنا أن نوجد نموذجا شوريا؟
محمد الأحمري: ما هو النموذج الشوري؟ حقيقة نهرب أو نترك كلمة الشورى لأن هذه الكلمة جميلة وأفسدت، سموها مثلا أنك والله هو مجرد يشاور بالتالي يعني التشاور شريكك في الشركة مثلا وانتهى الموضوع وبالتالي ما تحقق شيء أو يشاور أمثاله أو يشاور المتآمرين معه، ما حصل شيء، فبالتالي مشكلة الشورى هنا أنها فسرت على أنها مجرد أن تستمر أنت بطرق مختلفة وبكلمات جميلة لكن محتوى مستبد، هذه لم..
علي الظفيري (مقاطعا): يعني أعطيك مثالا دكتور حتى نكون فقط منصفين، ديمقراطية مثلا عملية الانتخابات المباشرة أفرزت نماذج سيئة في كثير من الحالات..
محمد الأحمري: مثل؟
علي الظفيري: حالات عربية مثلا كانت.. خلينا نقل في السعودية مثلا كان هناك رجوع للقبيلة للمنطقة بشكل رئيسي، حينما يكون مثلا النموذج الشوري يقال إنه قد يكون نموذجا انتقائيا قائما على الكفاءة، طبعا ترد لدينا مشكلة الصلاحيات السقف سقف الحرية لهذا المجلس الشوري أو الصلاحيات الممنوحة له كذلك لكن هناك سلبية أخرى أيضا..
محمد الأحمري: مثلا النماذج التي مثلا جاء الاختيار للقبيلة أو جاء الاختيار كذا لأنه حقيقة الناس فهموا أنه نحكم بالقبيلة وبالتالي يجب أن نقيم قبائل في المدن لأن العقلية ما في لها قبيلة ما في دولة قضية الدولة غير موجودة وغير متصورة وبالتالي نحن قبيلة وبالتالي ممكن أن نوجد قبائل صغار في المدن وفي غيرها لذلك الانتقال إلى ثقافة الدولة نحن حقيقة في مجتمعات الخليج وغيرها انتقلنا من الحكومات التي كانت إلى مجتمع القبيلة لأنه ليس هناك من أفق متصور، لا بد من الانتقال إلى وضع ديمقراطي فعلا حتى توجد الحكومة، الآن هي قبيلة وتحب أن تنشئ بجانبها قبائل وبالتالي ما حصل شيء. ولكن أعطيك..
علي الظفيري (مقاطعا): أنا أردت أن أشير لمثال الكويت لأنني لا أتفق مع من يقول إن الديمقراطية أفسدت شيئا سيئا، لا، هناك إفساد للعملية الديمقراطية في الكويت وشاهدنا مؤخرا ضرب الأكاديميين والمثقفين والنشطاء كان أكبر مثال.
محمد الأحمري: هذا جانب لكن أيضا الديمقراطية في الكويت هي حقيقة ديمقراطية مسحوب منها أهم القضايا في الديمقراطية..
علي الظفيري: ما هي؟
محمد الأحمري: يعني مثلا قضية تقرير مصير البلد هو ما زال قضية مجتمع قبلي، ما زالت قبيلة تحكم هذا المجتمع وبالتالي القضية الخارجية والمال والعلاقات والقرارات الأساسية ورئاسة الوزراء بيد قبيلة لكن يسمحون بقضية الفوضى والضجة والخلاف لكن لا يصل إلى شيء هذا المستوى يعني قضية..
علي الظفيري (مقاطعا): يعني دكتور إحنا ننتقد في دول الخليج مثلا لكن الآن الجمهوريات يعني بدأت تقلدنا يعني في مصر توريث في ليبيا توريث في اليمن توريث في سوريا طبعا هذا النموذج الذي حدث فيه التوريث بشكل رسمي، في الجمهوريات بدؤوا يعني يرجعون للنموذج الخليجي التوريث يعني والعوائل الحاكمة والأسر الحاكمة.
محمد الأحمري: لكن النظر إلى أن هذه المجتمعات غير قادرة وأن في هذا يأس غير صحيح وهذه نظرة غير مستقبلية ولا غير جادة مستقبل، انظر إلى مجتمعات إسلامية انتقلت فعلا مثلا انظر قضية تركيا قضية ماليزيا تحقق فيها نظام ديمقراطي فعلا وفيها حريات وفيها نموذج للحفاظ على كرامة الإنسان هذا نموذج حي موجود بل الإسلام ينتصر فيه عن طريق الديمقراطية لا عن طريق الأوضاع السابقة.
علاقة الحرية بالدين وآليات تصعيد فكرة الحرية عربيا
علي الظفيري: أيضا نطرح تساؤلا مشاهدينا الكرام هل من تضاد بين الدين وفكرة الحريات في سياق علاقة الحرية بالدين وهل يتعارض تطبيق الشريعة في الدولة مع الحرية الشخصية والعامة؟ الدكتور غالب بن الشيخ يجيب على هذا التساؤل.
[شريط مسجل]
غالب بن الشيخ/ رئيس المنتدى العالمي للأديان من أجل السلام: المفروض ليس هناك تضاد ولا تصادم بين مفهوم الحرية التامة وفكرة التدين والدين بممارسته وبممارسة شعائره ومناسكه، هذا من المفروض ولكن للأسف الشديد في كثير من الأحيان وحتى عند بعض العقول ربما هناك تقييد أو نقيد فكرة الحرية بالتدين لأن هناك من يقول من دخل دينا فعليه أن يتبع كل ما تفرضه عليه المجتمعات التي تدين بمثل هذا الدين وأنا أرى شخصيا أن هناك نوعا من التضاد بين هاتين الفكرتين. المعضلة تكمن في تسييس الدين وفي تأسلم السياسة في كثير من الحالات وتوظيف الدين لأغراض غير روحية وغير سامية بل تخدم مصالح سياسوية لتأكيد بعض الشرعيات لبعض الأنظمة أو بعض الاتجاهات السياسية التي تفتقد هذه الشرعية.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: طبعا نستكمل الحديث مع ضيفنا الدكتور محمد الأحمري المفكر الإسلامي والمشرف على مجموعة من المواقع منها مجلة العصر على الإنترنت. دكتور هذه النقطة التي ذكرها الدكتور غالب هي قضية رئيسية يعني دولة أو مجتمع يقوم على دين رئيسي لا بد وأن يحدث تصادم هذا الأمر مع فكرة الحرية بشكل رئيسي وتبدأ عملية التقييد إلى أن تصل إلى أدنى درجة ربما أقل مما هو أدنى من ذلك.
محمد الأحمري: هو نسي مثلا أن العلمانية المتطرفة في فرنسا أنها دين في موقفها من الأديان يعني فيها فعلا تطرف ديني يعني مثلا قضية الحجاب وخرقة على الرأس لا تعني شيئا ومع ذلك هذا التطرف الديني الموجود باسم العلمانية لما أصبحت دينا أصبحت تحرم الناس من حقوقهم، أيضا كان عندهم خوف كبير من المسيحية كانوا يسجلون في بداية القرن أسماء الذين يذهبون إلى الكنيسة سجلوا أسماءهم، في أميركا بالعكس مثلا يعني الدين كان أساسيا في إنشاء الديمقراطية الأميركية حتى مثلا مجموعة من الموحدين مثلا برتراند راسل مثلا أو مجموعة أخرى من الفلاسفة كانوا يرون أن الدين في أميركا المسيحية يعني البروتستانتية تحديدا كانت أساس إنضاج الديمقراطية. الدين يمكن أن يكون عامل تحرير كما يمكن أن يكون عامل تعبيد الدين يمكن أن يكون عاملا لتقوية الديمقراطية كما يمكن أن يكون عاملا لهدمها، كيف قدمت هذا الدين، هل قدمته بمفهوم ضيق صغير جدا أم جئت برسالة الدين كما هو؟ بالتالي الدين نفسه طريقة تفسير الدين هي المهمة وليست قضية نموذج هناك نموذج نهائي نأخذه أو نرفضه.
علي الظفيري: نحن أحيانا كثيرة نركز على السلطة السياسية ومنعها وقمعها للحريات لكن حرية الفكر وقمع حتى علماء الدين.. ما تعرض له نصر حامد أبو زيد، محمد أركون، محمد الجابري يعني رحمهم الله جميعا ومفكرون مجتهدون كثر يشير إلى قضية يعني حدود حرية التفكير اليوم كيف يمكن أن تضبط هذه المسألة؟
محمد الأحمري: في عهد مثلا في عهود إسلامية مشهورة حكام وعهود فقهاء تجد مثلا الحسن البصري عنده مشايخ المعتزلة كانوا من تلاميذه مثلا بينما هو من رموز السنة، وجعفر الصادق مثلا من أئمة الشيعة ومن تلاميذه مثلا أبي حنيفة وغيره، وبالتالي القضية المجتمع المفتوح الحر ما عنده مشكلة في قضية هناك مذهب آخر أو رأي آخر لكن الحكومة التي أحيانا تحتاج عصبية معينة من مذهب معين تقمع الحرية بالتالي ليس الدين نفسه هو الذي يقمع لكن طريقة التعامل مع الدين..
علي الظفيري (مقاطعا): ولا علماء الدين؟
محمد الأحمري: نعم؟
علي الظفيري: ترى دور السلطة أكثر في توظيف علماء الدين؟
محمد الأحمري: لا، هو قضية علماء الدين قابل أن يوظفوا في أي اتجاه للأسف يعني، في منهم النزيه ومنهم المنافق منهم المرتزق منهم الجاد منهم المخلص هم ناس من الناس يعني في هذه القضية وبالتالي أحيانا حتى يعززوا سلطاتهم يزيلون السلطات الأخرى لكن الرقابة الاجتماعية الواسعة مثقفون تجار سياسيون الطبقة الحاكمة كلهم يشاركون في هوية المجتمع ستحدد هذه من سلطة رجل الدين كما تحدد من قضية التاجر إذا..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب هل يبدو دكتور موضوع الحرية كثير من علقوا ربما على موضوع الحلقة قبل ذلك بعض الأشخاص الذين التقيتهم، قد يبدو موضوعا ترفيا موضوعا فكريا موضوعا نخبويا أم أن له ضرورات أو أنه يمس الضرورات المعيشية والاجتماعية للفرد العربي بشكل عام في كل تفاصيل حياته برأيك؟
محمد الأحمري: الحقيقة غياب الحرية كان من أسباب الأساسية لإسقاط الدولة العثمانية يرى الإسلاميون أنها مركز أو كانت قوة الخلافة، العلماء في نهاية الدولة العثمانية كانوا ضد هذه السلطة وكانوا يعني عندهم أسماء سرية ويهربون ضدها ويخالفونها، العلماء كانوا من أسباب ضرب الخلافة المستبدة خلافة السلطان عبد الحميد. الاستبداد هو الذي يدمر، أيضا انظر لقضية العراق مثلا ما الذي هدم ما الذي دمر العراق؟ ليست قضية أميركا فقط، الاستبداد لما دمر المجتمع تماما أصبح المجتمع يبحث عن أي حل حتى عن طريق الخيانة أي طريق يدمر هذا المجتمع، الاستبداد مدمر لكل نموذج الحياة يدمر الأمن يدمر الاقتصاد يدمر الدولة يدمر كل شيء فالأصل أن نحرص على هذه الحرية لأنها ستطور العقل تطور المال تطور كرامة الإنسان تجعل حياتنا سوية ولا توجد هنا طبقية وأوثان يعني عندك إله وبعده الطبقة الإلهية التي بعده والثالثة والرابعة كما حصل في مجتمعات أخرى، كيف تطورت الوثنية في الهند بهذه الطريقة أو عند الفراعنة مثلا؟ تطورت بسبب السكوت على المفسد.
علي الظفيري: كان لدينا نموذج في الخليج جيد نموذج يعني فيه شيء من الديمقراطية أو من ممارسة الرقابة على الأقل البرلمانية في الكويت وصلنا إلى ضرب النواب في الشارع وضرب أستاذ قانون دستوري أيضا وسحله في الشارع، في لبنان تداول الطوائف يعني عملية طائفية بحتة، في العراق شاهدت يا دكتور ما حدث، في مصر مركز العالم العربي الدولة التي يعتد بها ويفترض بها وينتظر منها أن تقود نشاهد جميعا ما يحدث عملية توريث ربما على الأبواب وفي بقية البلدان، برأيك نحن نسير إلى مزيد من فقدان الحرية في مجتمعاتنا العربية؟
محمد الأحمري: الحقيقة نحن نعل على طبقة واعية وعلى ناس حريصين على بلادهم وعلى أمنهم وعلى كرامتهم أن يسعوا في قضية تحرير أكثر مما هو حاصل الآن..
علي الظفيري: كيف؟
محمد الأحمري: أما قضية الكويت كما ذكرت لا تصلح نموذجا لأنها مقموعة الحرية عند مستوى معين، لك أن تتكلم لكن لا تحصل.. مثلا في مصر هناك انتخاب لكن ليس هناك ديمقراطية، تستطيع أن تذهب للصندوق..
علي الظفيري (مقاطعا): هي عملية انتخاب برأيك؟
محمد الأحمري: وبالتالي إشغال للناس كما حصل الإنجليز مثلا..
علي الظفيري: هذه أفضل النماذج على فكرة يا دكتور.
محمد الأحمري: نعم لما ضج المصريون في فترة من الفترات أيام الاستعمار الإنجليزي وقالوا ماذا تريدون قالوا نريد انتخابات قال أعطوهم لهاية، بالتالي ممكن تلهي الناس بأي طريقة لكن عمليا لا يحكم الشعب نفسه عمليا لا يتطور..
علي الظفيري: الآلية لتغيير هذا الأمر دكتور برأيك؟
محمد الأحمري: لا بد من تصعيد فكرة الحريات ولا بد من النظر إلى الديمقراطية أنها حل أساسي لهذه المجتمعات.
علي الظفيري: من هي الجهات التي تقف أمام هذا الأمر برأيك؟
محمد الأحمري: أولا من يقف وراء هذا الأمر بدرجة أساسية طبقة المحتل الغربية التي تحارب الحريات وتظهر أنها تدعو لها لكن حقيقة هي تقمع لأنها تريد أ تتعامل مع مستبد يضمن لها المال وتبيعه السلاح وتأخذ منه وتؤمن مصالحه ويؤمن مصالحها فهي حريصة الاستبداد الخارجي، القضية الأخرى..
علي الظفيري: المحتل بالدرجة الأولى.
محمد الأحمري: المحتل بالدرجة الأولى، الطبقات المنتفعة التي هي الأقل أمانة في مجتمعاتنا وهي من شتى الطبقات، القضية الثالثة مجموعة الكسالى والصامتين والصمت حقيقة جريمة في حق الجميع في حق الحاكم والمحكوم، يجب أن ننتقل جميعا إلى التحرير التحرير يشارك فيه الحاكم لأن حقيقة حرية الحاكم مفروض أن نسعى لها جميعا نحرره من الاستبداد الذي يحصل له، هو يتظاهر أحيانا أنه صاحب القرار، لا، هو عنده إمكانية أن يسجننا لكن ليس له قرار آخر غير قضية سجن الشعب مضايقته منع الحريات إلى آخره، لا، نريد أن ينقذ نفسه وأن ننقذ أنفسنا معه من هذا الوضع الذي نعيشه.
علي الظفيري: المفكر الإسلامي الدكتور محمد الأحمري شكرا جزيلا لك على مشاركتك معنا في هذه الحلقة والمشرف على عدد من المواقع منها كما ذكرنا مجلة العصر على الإنترنت شكرا جزيلا. الشكر موصول لكم أنتم مشاهدينا الكرام على طيب متابعتكم، أذكركم ببريد البرنامجalomq@aljazeera.net
أتمنى ممن يريد أن يرسل لنا رسالة أن يضع في العنوان في العمق، تصل آلاف الرسائل ليست موجهة للبرنامج وبالتالي العنوان ربما يساهم كثيرا أو يساعدنا في الوصول إلى الرسائل بشكل مباشر. تحيات الزملاء داوود سليمان، عبد الهادي العبيدلي فريق البرنامج، في الأسبوع المقبل إن شاء الله لنا موعد جديد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
المصدر: الجزيرة