الأحد، 30 نوفمبر 2014

هل دخلت مصر عصر "الجها د

هل دخلت مصر عصر "الجها د


حسن أبو هنيّة

لا جدال بأن ألاحلام الثورية الرومانسية في مصر قد بددتها الأحكام القضائية الصادرة مؤخرا في 29 تشرين ثاني/ نوفمبر ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي، وستة من مساعديه من قضايا القتل والفساد والاستبداد.
فقد بدا واضحا منذ الانقلاب العسكري أن المؤسسة العسكرية لن تدع أبناءها رهنا لرغبات وآمال ثلة من ذوي الفطر السليمة والعقول الراجحة المؤمنين يالديمقراطية التشاورية والعدالة الاجنماعية والحرية والكرامة الإنسانية، فمصر مجتمع لا يزال يحكمه العسكر، وهي طبقة لا تعرف شيئا سوى إنتاج وإدارة العنف، فالثورة والإصلاح والسلمية تقع خارج إدراكاتها المتواضعة، وهي تسير من العجز إلى الفشل، لا سيما أن كافة حروبها على مدى أكثر من أربعة عقود كانت داخلية لقمع الشعب وإخضاعه، لكن خبراتها المتراكمة لن تسعفها هذه المرة، فمصر دخلت مع صدور أحكام براءة مبارك ومعاونيه عصر الجهاد الذي تتنافس عليه جماعة "أجناد مصر" القاعدية و"أنصار بيت المقدس" الدولتية.

لم يتبدل حكم العسكر في مصر مع انقلاب الفريق السيسي
بل يتجه إلى مزيد من ترسيخ الدولة البوليسية العسكرية المباركية، فبحسب جوزيف مسعد في ظل المهرجانات الشعبية للعشق الفاشي للجيش، فإن من يحكم مصر الآن هو ذات الجيش الذي عين قادته مبارك والذي خدم نظام مبارك، ويرأسها قاض عينه مبارك، وتتسلط عليها قوات الشرطة نفسها التي استخدمها مبارك.
الناس أحرار في تسمية ذلك انقلابا أو لا، ولكن ما عليه مصر الآن هو مباركية دون مبارك، وقد أصبحت عقب أحكام البراءة مباركية بمباركة مبارك.

برهنت ثورة 25 يناير على أن الثورة الإصلاحية في أطوارها الانتقالية لا تمتلك القدرة والفعالية للتأثير على قوى "الثورة المضادة" المتحصنة في أبنية الدولة التسلطية العميقة، التي تعمل من خلال رموزها في النظام التسلطي على إعادة التموضع لإفشال وتخريب الثورة، فعملية اختراق السلطة الإنتقالية من قبل محترفي السياسة أو رجال أعمال أو محرري وسائل الإعلام أو أعضاء الأجهزة الأمنية أو العسكرية أو رجال القانون وغيرهم، لا تتطلب جهدا كبيرا للتلاعب بالرأي العام تحت ذريعة حفظ النظام وتأمين الاستقرار.

لقد ظهر جليا أن الانقلاب العسكري كان يسعى إلى إعادة إنتاج السلطوية،
فالانقلاب على الثورة التي جاءت بالإسلاميين إلى الحكم وفق آليات ديمقراطية تمثل "إرادة الشعب" بانتخابات حرة نزيهة من البرلمان إلى الرئاسة مرورا بالدستور،كان يعي طبيعة "الثورة" الحقيقية التي تستهدف في وجدان الشعب المصري التخلص من أبنية الدولة الاستبدادية العميقة وآلتها القمعية العسكرية البوليسية الأمنية، واكسسواراتها الإيديولوجية السياسية والقانونية والإعلامية، ولذلك فقد تفتق عقل "الثورة المضادة" بقيادة السيسي الذي جمع الفرقاء الخاسرين محليا وإقليميا ودوليا عن صناعة "ثورة" ملونة تستند إلى دكتاتورية "شرعية الحشود" في 3 يونيو/ حزيران 2013، المسندة من قبل أجهزة الدولة القمعية والإيديولوجية العميقة تؤسس لعودة الدولة العسكرية الأمنية في 3 تموز/ يوليو 2013 بحجة إنقاذ الثورة والديمقراطية التي استولت عليها "الفاشية" الإسلامية، من خلال تبنى استراتيجية "الحرب على الإرهاب".

واجهت فعاليات قوى الثورة في مصر معضلة حقيقية عبر محاولة الجمع بين فضائل النهج الثوري والنهج الإصلاحي، وتجنب رذائل النهجين، ولذلك التبست مسالك فهم وتفسير "الحدث"، وتكشّف الواقع عن ثورة تنشد إصلاح مؤسسات الأنظمة "السلطوية" السابقة دون الوقوع في سلبيات التطرف الثوري، والحفاظ على الأمل بإنجاز تغيرات جذرية حقيقية، إلا أن هذا النهج المزدوج كان يمكن أن ينجح في ظل غياب قوى "الثورة المضادة" التي تتحصن في قلب المؤسسات الحيوية للدولة وتتمتع باسناد قوى دولية وإقليمية تخشى أن تتضرر مصالحها أو تخاف أن تطالها حمى الثورات.

تكشفت رهانات المؤسسة العسكرية في مصر للسيطرة والهيمنة وفق استراتيجيات احتكار العنف والتسمية، فقد تلاعبت بكافة الأطراف المعارضة لحكم "الإخوان" وفي مقدمتها القوى الليبرالية ممثلة بجبهة الإنقاذ، والحركات اليسارية ممثلة بحركة 6 إبريل، والإسلامية ممثلة بمؤسسة الأزهر وحزب النور السلفي ومصر القوية المنشق عن الإخوان، وحركة تمرد الشعبية المختلطة، ونادي قضاة مصر، والكنيسة القبطية. 
فخطة الانقلاب العسكري بقيادة السيسي كانت واضحة منذ البداية وبتنسيق مع فلول الحزب الوطني المباركي وباسناد الإعلام الخاص والمال الخليجي بالتخلص من التيار الإسلامي وممثله الأبرز جماعة الإخوان المسلمين التي باتت "إرهابية" وذراعه السياسي حزب الحرية والعدالة، وحزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية،والأحزاب السلفية كحزب الفضيلة والأصالة والدعوة السلفية، والأحزاب الإسلامية المدنية كحزب الوسط والحضارة.

عندما قرر مجلس وزراء الانقلاب المصري في 25 كانون أول/ ديسمبر 2013 اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيمًا إرهابيًا، كان يؤسس لمرحلة جديدة تقطع مع مسارات الديمقراطية وتدشن نوعا حديثا من الفاشية المركبة، ويكشف القرار عن بؤس إدارة العملية الانتقالية التي اتخذت منذ 3 تموز/ يوليو 2013 من شعار "مصر تحارب الإرهاب"، نهجا وبرنامجا لتصفية الخصوم والمناوئين والناشطين السياسيين.


لقد تعاقبت على جماعة الإخوان المسلمين أطوار عديدة من القمع والبطش، إلا أنها حافظت على نهجها الإصلاحي السلمي،رغم تعرضها للمحاصرة والملاحقة وطورت من نهجها السياسي والاجتماعي، وحسمت خياراتها تجاه الديمقراطية والتعددية والمواطنة، فالجماعة تصر على نهجها السلمي وتثبت خيبة الرهانات بدفعها لسلوك نهج عنيف، إلا أن مصير الجماعة مع إصرار الانقلاب على استكمال سيطرته ونهجه السلطوي العسكري والمضي في سياسات الاستئصال وغياب نهج مشمولية الاندماج يبشر بأفول نهجها السياسي وجاذبيتها التاريخية، وسيدفع بالأجيال الشابة إلى خيارات عنفية صريحة باتت أكثر جاذبية بعد فشل الخيارات السلمية، فالحركات الاحنجاجية الجديدة ضد قرار براءة مبارك ومعاونيه وعودة الحكم العسكري ستواجه بمزيد من العنف والاعتقال والقتل.

هكذا فإن مصر تكون قد دخلت عصر "الجهاد" فالحواضن الشعبية باتت جاهزة لتوفير شبكات حماية وإسناد للخيارات الراديكالية، وهي تسير على خطى سوريا والعراق واليمن وليبيا، والجماعات السلفية الجهادية بدأت تتنافس على استقطاب الثوريين الغاضبين، الذين تتدرج خياراتهم وتتدحرج باتجاه الجهادية العالمية، في هذا السياق ستظهر جماعات عديدة لكن التنافس سبكون بين تنظيم القاعدة المركزي بزعامة المصري أيمن الظواهري وبين تنظيم الدولة الإسلامية بزعامة أبو بكر البغدادي، وإذا كانت جماعة "أجناد مصر"، لم تحسم خياراتها بمبايعة الظواهري، فإن "أنصار بيت المقدس" سارعت بمبايعة البغدادي.

لقد ساهمت عملية عزل ومحاصرة وإضعاف جماعة الإخوان المسلمين في مصر في بروز سردية إسلامية جهادية مصرية أشد صلابة وأكثر تمسكا بحدود العلاقة الصراعية الوجودية مع النظام الإنقلابي المصري، فالتعامل مع جماعة الإخوان باعتبارها حركة إرهابية ساهم في تصاعد نفوذ الجهادية العالمية في مصر، فرفض التعاون مع حركات إسلامية أكثر براغماتية يقود إلى بروز أجيال أكثر راديكالية، كما حدث مناطق عديدة، فقد عملت تكيّفات الإخوان مع البيئة المصرية والإقليمية والدولية المعقدة على خلق معادلة صعبة انعكست بتفتيت إيديولوجيتها الإصلاحية، وأضعفت هيكليتها التنظيمية، فقرار الجماعة بالمحافظة على السلمية أدى إلى خسارتها بعض أعضائها المعارضين للنهج الديمقراطي الجديد كأداة للتغيير، حيث بدأ بعض الأفراد الأكثر راديكالية في صفوف الجناح ا"لقطبي" بتسربون إلى صفوف التيارات السلفية الجهادية العالمية.

ظهرت جماعة "أنصار بيت المقدس" إلى العلن في 5 شباط/فبراير 2011، وهي جماعة جهادية عالمية نفذت عدة عمليات ضد مصر وإسرائيل، وقد تحولت إيديولوجية الجماعة تدريجيا عقب الانقلاب العسكري من أولوية مواجهة العدو البعيد متمثلا بإسرائيل، إلى أولوية قتال العدو القريب ممثلا بالجيش المصري وأجهزة الأمن، وقد بايعت الجماعة تنظيم الدولة الإسلامية وأميرها أبو بكر البغدادي مؤخرا، وأصدرت بيانا صوتيا جاء فيه: "نعلن مبايعة الخليفة إبراهيم بن عواد القرشي على السمع والطاعة في العسر واليسر"، كما أصدرت تعميما بتغيير إسمها إلى "ولاية سيناء"، وبثت شريطا مصورا في اليوم التالي لكلمة البغدادي في 14 تشرين ثاني/ نوفمبر بعنوان "صولة الأنصار"، يظهر تطورا فائقا في قدراتها القتالية وكفائتها الإعلامية، يحاكي إصدارات تنظيم الدولة "صليل الصوارم" و"لهيب الحرب"، ويتضمن الشريط لقطات متقنة لعملية "كرم القواديس" التي نفذها التنظيم في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مستهدفا نقطة التفتيش العسكرية في منطقة كرم القواديس قرب مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، والذي أودى بحياة 31 عسكريا مصريا.

أما جماعة "أجناد مصر" فقد ظهرت في 24 كانون ثاني/ يناير2014, وأصدرت بيانين، تبنت من خلالهما استهداف قسم الطالبية ومجموعة الأمن المركزي بجوار محطة مترو البحوث، ثم أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن استهداف قوات الأمن المصرية في 7 شباط/ فبراير 2014 بعبوتين ناسفتين أثناء تواجدها فوق كوبري الجيزة وإصابة عدد منهم، وأطلقت الجماعة حملة بعنوان "القصاص حياة" ضد الأجهزة الأمنية التي وصفتها بـالقمعية، وجاء في بيان لها أن هذه الحملة تهدف إلى "القيام بواجبنا بالعمل على تطهير بلادنا من تلك الأجهزة القمعية وبتر تلك الطغمة الفاسدة من مجتمعنا وتحرير شعبنا من كل عبودية لغير الله تعالى والمساهمة في تمكينه من إقامة الدولة على ما يرتضيه الله عزوجل في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم."

التنافس داخل الفضاء الجهادي العالمي على مصر بدا واضحا عبر سلسة من الإصدارات، فعقب إصدار جماعة "أنصار بيت المقدس" شريطها المتقن "صولة الأنصار"، أصدرت جماعة "أجناد مصر" شريطا بعنوان "القصاص حياة 2"، بتاريخ 27 تشرين ثاني/ نوفمبر، من خلال مؤسسة "الكنانة"، وعلى الرغم من تجنب التنظيم الإشارة إلى أي ارتباط بتنظيم "القاعدة"، إلا أن المضمون الخطابي الإيديولوجي يشير إلى الصلات الوثيقة بتنظيم القاعدة، ويوثق الشريط سبعة عمليات استهدفت جميعها قوات الشرطة على مدار سبعة شهور خلال الفترة بين 2 نيسان /أبريل حتى 20 تشرين ثاني/نوفمبر.

خلاصة القول أن مصر دخلت عصر "الجهاد"، عقب قرار براءة مبارك ونجليه ومعاونيه، واكتمال عقد الثورة المضادة وإحكام قبضة العسكر على كافة أجهزة الدولة السياسية والتشريعية والقضائية، وهي على وشك التحول من دولة عاجزة إلى فاشلة، فالحركات الاحتجاجية السلمية المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة على اختلاف إيديولوجياتها اليسارية والقومية والليبرالية سوف تصبح هامشية مع اشتداد الملاحقة والاعتقال والمحاصرة، وجماعات الإسلام السياسي التي تؤمن بالديمقراطية والتعددية سوف تفقد جاذبيتها وفعاليتها مع إصرار حكم العسكر على استئصالها واعتبارها منظمات إرهابية، وبهذا فإن كافة الطرق تؤدي إلى ولوج فضاء الجهادية العالمية وخياراتها الراديكالية المسلحة.

في المليان مع سامي كمال الدين


في المليان


سامي كمال الدين


- الحلقة الكاملة -






حسام الغمري يكتب : ” إلهي تتقطع ايديك الاتنين يا ابو تريكة ”

حسام الغمري يكتب : ” إلهي تتقطع ايديك الاتنين يا ابو تريكة ”


شاءت الاقدار ان يتحول المواطن المصري بين ليلة وضحاها من مشجع كرة قدم الى مشجع سياسة ، فلعلنا جميع نذكر كيف كانت تدور النقاشات في ربوع مصر قبل 25 يناير 2011 حول قيام النادي الاهلي باعادة المدرب المخضرم ” مانويل خوسية ” كي يحرم ابنه الغير بار ” حسام حسن ” من تحقيق لقب الدوري للزمالك وقد تقدم بعدة نقاط في الدور الأول .

وكانت الاسئلة المُثارة حينها ” قمة الساسبينس ” :-

هل سيفعلها مجددا الثعلب البرتغالي ؟

هل يصح ما فعله خوسيه في المؤتمر الصحفي المعُلن عن عودته بتحريض مدافعي الاندية الأخرى ضد لاعب الزمالك الخطير شيكابالا ؟

هل سينجح حسام حسن في الحفاظ على تقدمة في المسابقة ويقهر اسطورة التدريب خوسيه ؟


هكذا كنا ثم تحولنا فجأة الى شعب يتنفس سياسة ولكن للأسف بنفس عقلية مشجع الكرة التي لا تشعر بالرضا الا بهزيمة الفريق المنافس هزيمة تامة وسحقه لتبدأ حفلات ” الشماته ” في انصاره الذين يقومون في المقابل بحملة ” تبريرات ” مضادة ، ويعلقون اخطاء فريقهم على الحكام تاره أو على الحظ تارة أخرى على الرغم من ان الواقع يؤكد ان ميكانيزمات الفشل تسكن فيهم لو يعقلون .

ولقد شاهدت نماذج فجة لهذا السلوك اذكر منها مرة ان أحد الأمهات رأيتها تتضرع الى الله أن تُبتر ذراعي اللاعب أبو تريكة لانه يشهرهما كجناحي طائر كلما أحرز هدفا !!

وحين سألتها : ليه كده يا طنط ؟ موش حرام عليكي ؟

فأجابت وعينيها مملوءتين بالدموع : ولادي الاتنين في الاستاد بيتفرجوا على الماتش ، وهو بيرفع ايديه كده بعد الجون و يقهِرهم ، الهي ايديك الاتنين يتقطعوا يا ابو تريكة !!

كانت هذه هي الطريقة التي يفكر بها المصري بشأن منافسه ، مع العلم ان هذه السيدة من عائلة محترمة وتشغل منصبا اداريا على قدر من الأهمية في الدولة المصرية ، محجبة وتحافظ على الصلوات الخمس في نهايات العقد الخامس من العمر ( م الآخر عمتي ) !!

ولعلنا جميعا نذكر المقولة الشهيرة التي كانت تتردد على لسان كل زملكاوي : لو الأهلي لعب في تل أبيب ح أشجع تل ابيب !!!

والحق أقول لكم أن الأخوان اسرفوا كثيرا في هزيمة خصومهم السياسيين من بعد 25 يناير تماما كما يفعل الأهلي مع الزمالك .

فالأخوان فازوا في استفتاء الاعلان الدستوري المفخخ من المجلس العسكري ، ثم في الانتخابات البرلمانية بشقيها ( شعب وشورى ) ثم في الانتخابات الرئاسية ، ثم في استفتاء دستور 2012 بمرحلتيه ، رغم ان ساويرس على سبيل المثال جيش آلته الاعلامية الضخمة للتصويت بلا ضد الاعلان الدستوري الأول ، ثم دعم سياسيين مثل “محمد أبو حامد” وغيره للانتخابات التالية ، كما حاول البرادعي الحشد للتصويت أيضا ضد دستور 2012 .. ولكنهم فشلوا في كل المرات .
ولأن العقلية المصرية لم تكن تستوعب التغير الهائل الذي حدث يوم 25 يناير فلقد اسقطت على الأخوان نفس طريقة التفكير الدموية هذه :إلهي يتحرقوا كلهم وما نشوفهمش في مصر تاني!!

بالطبع قرأتم تعليقات كثيرة كهذه كلما وردت صور تعكس بشاعة مذابح العسكر المستمرة ضد الأخوان ، ولم يسأل الكثير من المصريين انفسهم عن السر الدفين وراء هذه السعادة المنافية للمشاعر الانسانية الطبيعية كلما اصاب الأخوان ضرر رغم ان المصري طيب بطبعه كما يقولون

والاجابة ربما يكون المحللين النفسيين أجدر مني على اكتشافها ، ولكن اجتهادي المتواضع ان هذا الشعب الذي عمل اجداده قرونا طويلة بالسخرة عند حكام يسومونه سوء العذاب لم يكن كنوع من التنفيس – أو كحيلة من حيل الدفاع عن النفس – يملك الا تمنى البلاء ان يحل بمن هزموه وقهروه حتى يشعر بنشوة الانتقام الذي لم يكن لضعفه يستطيع ان يُحققه بنفسه .

والقاريء في التاريخ يعرف كيف شمت اتباع الصليب في مصر من الرومان الذين كانوا يسومونهم سوء العذاب ويعاملونهم كالعبيد ويغتصبون زوجاتهم امامهم حين جاء الفرس عبده النار الى مصر بعد ان هزموهم ، رغم ان الرومان كانوا يرفعون نفس الصليب رغم اختلاف المذهب ، نفس الشيء تكرر ايضا بقدوم الفاتح عمرو بن العاص .

وهذا يفسر لنا سر مشاعر الرضا التي يكنها حتى الآن قطاع من المصريين عن ذو الفلاتر الذي يفاجئنا بين السقطة والسقطة بسقطة جديدة ، الدميم ذو اليد الملطخة بالدماء حامي الصهاينة باعترافه ، مُهجر أهل سيناء الأبرياء ، موضع إزدراء العالم وسخريته .

” وموبايل رئيس الوزراء الايطالي خير شاهد على ذلك “

هذا الرضا يفسره فقط انه هو من هزم الأخوان نيابة عنهم وقد حققوا عليهم انتصارات سياسية متوالية بالضربة القاضية .

ورغم ان القوي السياسية التي شاركت في مسرحية 30 يونية ادركت تماما ابعاد الثورة المضادة ، وان حاجة ثورة يناير للاخوان باتت كضرورة الماء والهواء لحياة الانسان ، الا انهم مازالوا يتمنعون كالبكر في خدرها .

” طبعا ايام زمان البكر دلوقتي عندنا بقت حاجة صعبة جدا “

وحين يحاول احدهم ان يبدوا تكتيكيا تجده يقول : الاخوان ينزلوا بس من غير شعارتهم !!

والحقيقة التي لا تقبل الشك ان هزائمهم المتكرره من الاخوان سببت آلاما نفسية لهؤلاء لم تستطع عقولهم الجديدة في عالم السياسة دون علم أو خبرة أو ممارسة ان تحتويها ، فباتوا يخافون من شعارات الاخوان حتى لا تُذكرهم بنكساتهم المتكررة وما صاحبها من آلام نفسية .

وبكل أسف أقول : سيستمر خنجر العسكر المتصهين مغمودا في خصرنا حتى يبدأ الجميع في التخلص من آفة التعاطي مع السياسة بعقلية مشجع الكرة الذي يقبل ان يشجع اليهود ضد منافسه حتى وان كان من بني وطنه يتجرع معه نفس الكأس المُذلة .

” ويالغباء المصريين على رأي آن باتريسون السفيرة الأمريكية “

فنزول الاخوان دون باقي القوى السياسية يُمكّن العسكر من الاسراف في قتلهم بعدما نجح اعلامه في عزلهم عن قطاعات كبيرة من الشعب والصاق كل تهمة ونقيصة بهم لا سيما الارهاب .

والقوى السياسية حين تحشد دون وجود الاخوان يبدوا حشدها كــ ” الفرخة ” الهزيلة التي قدمتها الممثلة ” شيرين ” في مسرحية ” المتزوجون ” لزوجها ” سمير غانم ” فظنّ انها أصيبت المسكينة بمرض ” السل ” قبل ذبحها .


فهل سنستمر طويلا أسرى لهذه العقدة النفسية ، عقدة عدم التسامح مع من هزمك المرة تلو المرة حتى ولو جعلتك عبدا لمن جعل بلادك محتلة احتلالا ناعما من الصهاينة – لعنهم الله بافسادهم – يستولون على ثرواتك بمجرد اكتشافها ، كما حدث للغاز المصري المكتشف في البحر الأبيض المتوسط .

حتى العقول النابهه التي قد تظهر وسط هذا التخريب المنظم ” كالمخترع الصغير ” يستولون عليها ، أم ان طفرة في الفهم سوف تهبط على القوى السياسية فيتوحدوا ضد هذا الاحتلال الصهيوني الناعم ؟

اسأل الله لي وللجميع الرشاد والخير للأمة الاسلامية

وكل التحية لللاعب الخلوق أبو تريكة من أهلاوي صميم

حسام الغمري

انسف نخبتك القديمة

انسف نخبتك القديمة

وائل قنديل

هناك وجهة نظر، بدأت خافتة على استحياء، والآن، صارت تُسمع بوضوح، تقول إنه لا سبيل لاستعادة قيم ومبادئ وأحلام ثورة يناير، إلا بتجاوز لحظة يناير والخروج من أسرها، والتفكير في صيغ جديدة، لخلق حالة من الإجماع الوطني مرة أخرى، على نحو مغاير.
يرى أصحاب هذا الرأي أن أربع سنوات مرت، شهدت تحوّلات وتبدّلات درامية مثيرة، تجعل من الوقوف عند حالة يناير نوعاً من المشي في المكان، دونما أي تقدم إلى الأمام.
 وربما تكون لهذا الرأي وجاهته، على اعتبار أن النيران التي اشتعلت في سقيفة بني يناير أتت على كل احتمالات التوحّد والاصطفاف من جديد، وأجْهزت على تلك الروح التي سادت، وأثمرت وأينعت في سياق تاريخي مختلف.
ودونما إفراط في التشاؤم، وتفريط فيما بقي من عناصر تفاؤل، يمكن القول من دون انفصال عن الواقع، إن نخبة يناير قد احترقت، أو استهلكت، أو انتحرت، حين قبلت أن تُساق إلى المشاركة في الثورة المضادة في الثلاثين من يونيو 2013، وتسوق معها قطاعاً من جمهور ربيع مصر في 2011.
وعلى ذلك، فإن الوقت قد جاء لتشرق نخبة جديدة من جيل يناير الشابّ، صعوداً إلى كابينة القيادة، في ظل هذه الانسحابات والترهّلات والتشوّهات التي لحقت بجيل آباء يناير، فأفقدتهم المصداقية والقدرة على الحشد.
لكن، هذا لا يعني أبداً النظر إلى حدث يناير، على اعتبار أنه موجة عبرت، ذلك أن هذه الثورة انحفرت كالوشم في الذاكرة الوطنية، وانتصبت علامة فارقة في التقويم المعتمد لنضال الشعب المصري، ومن ثم يصبح القفز فوقها نوعاً من المخاطرة بالتاريخ، والمستقبل أيضا، كونها تمثل المحتوى الأخلاقي والإطار السياسي لحركة الجماهير، الثائرة الآن، طلبا للديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
ومن هنا، تأتي لحظة افتضاح هيمنة دولة مبارك العميقة على البلاد، مرة أخرى، بعد حكم قضاء مبارك بتبرئة مبارك وإدانة الثوار، كفرصة نادرة للفرز والتنقيح، وتكوين نخبة جديدة شابة، تقود بوعي مغاير لقيم الأسلاف الذين لم يحافظوا على قدس أقداس هذه الثورة.
وما يدور على الأرض، منذ صعود الثورة المضادة، يؤشر، بوضوح، إلى أن جيلاً جديداً بات جديراً بحمل الشعلة وقيادة النضال من أجل استعادة الأحلام المسلوبة.
وما قدمه طلاب الجامعات، عقب الإعلان قضائيا عن هزيمة الثورة، بمثابة درس في الاصطفاف والتجاور والتشارك في المقاومة، على نحو متجاوز لمنطلقات النخب القديمة، بكهولها وشبابها الذي اشتعل شيبا مبكرا جدا بفعل أضواء حارقة.
وجميل أن يطل وجه مبارك من جديد، ساخراً وشامتاً، وهو في منتهى عنفوانه وأناقته، فربما أحيت هذه المشاهد الضمائر التي دخلت في إغفاءة طويلة، نسيت معها وجوه وأسماء الشهداء، فلقد كنا في حاجةٍ، لكى نتذكر الحكاية من أولها، ونعيد الفرز بين أهل الثورة الأصليين وخصومها الذين اختبأوا في هيئة الثوار، ومنهم من انتقل، بمنتهى الخفة، من ظهور بعير موقعة الجمل، إلى منصات المؤتمرات الثورية الحديثة.
وكما قلت سابقاً، هي مناسبة جاءت في وقتها، لتذكّر الثورة الحقيقية، وسط حرائق الثورة المضادة، وأعمدة دخان الثورة الصناعية المزيفة التي افتعلها سواقط القيد في الثورة الأولى، لكى يدفنوا نفاياتهم، ويغسلوا ماضيهم القريب مما علق به من رذاذ الخدمة في بلاط النظام الساقط.
هي فرصة لكي يراجع المصريون وقائع ثورتهم، ويعلموا من هو الشريك والصديق، ومن هو الخصم والعدو، ويميزوا بين سكان الثورة الأصليين والهابطين عليها بمظلات صُنعت في ورش الثورة المضادة من الباعة السرّيحة في مولد التوريث والتمديد. ملحوظة: لا مانع عندي من أن تضعني على لائحة النسف، لو كنت تعتبرني من تلك النخبة.

المفهوم السياسي للربيع العربي

المفهوم السياسي للربيع العربي 
محمد الجوادي
 أديب وكاتب ومؤرخ وأستاذ طب، 
وله إنتاج فكري خصب في مجالات التربية والآداب والفكر السياسي.


لا أنكر أنني قلت أكثر من مرة إنني تشاءمت وتفاءلت حين بدأ الإعلام العربي يردد ما ابتدعته المواقع الكبرى في الإعلام الأميركي والأوروبي متمثلا في مصطلح الربيع العربي كتسمية ما حدث من موجة الثورات العربية المزدهرة التي بدأت في ذروة الشتاء.
لكن هذه النتائج التي سبقت الربيعين -الجغرافي والفلكي بتعريف العلماء- أضافت لربيع 2011 بعدين إنسانيين وسياسيين متضافرين معا، وربما أن تدافع الأحداث أنسانا مثلا أن سياسيين بارزين استطاعوا أن يعودوا إلى بلادهم بعدما كانوا قد فقدوا الأمل في مثل هذه العودة وليس هذا بالقليل.

كان مصدر تشاؤمي هو ما أعرفه من قصور إدراك ساستنا ونخبتنا في مصر عن إدراك المعنى السياسي للربيع بل وللثورة من باب أولى إلى الحد الذي سيدفعهم دفعا إلى البحث عن الصيف بعد الربيع استعجالا للخريف ولعودة الشتاء التي لا يظنونها ولا يفهمونها على أنها "دورية" وإنما يفضلونها ويصورونها "حتمية".
"كان مصدر تشاؤمي عند بدء الربيع هو ما أعرفه من قصور إدراك ساستنا ونخبتنا في مصر عن إدراك المعنى السياسي للربيع بل وللثورة من باب أولى إلى الحد الذي سيدفعهم دفعا إلى البحث عن الصيف بعد الربيع استعجالا للخريف ولعودة الشتاء "
في المقابل، فقد كان مصدر تفاؤلي هو ما توحيه كلمة الربيع من ظلال تاريخية معاصرة ترسخت منذ ربيع براغ 1968 وغيره، وهو ربيع تكرر حدوثه وازدهاره حتى أنهى ما لم يكن أحد يتصور نهايته من قهر حزبي متعسكر -أو عسكري متحزب- بل وأسقط حائط برلين وأعاد ألمانيا وتركيا معها إلى صدارة أوروبا حتى لو غالطت المراكز والمعاهد نفسها وتوانت عن الاعتراف بهاتين الحقيقتين.

وعلى سبيل المثال فقد كنت ولا أزال أدرك بكل ما يتطلبه الإدراك من وسائل أن تطوير أقدم مؤسسة علمية في العالم -وهي الأزهر الشريف- كان قد أصبح ضرورة ملحة منذ سنوات ولا أقول منذ عقود حتى لا تتسع القضية على التحديد، وكنت أرى أن الآليات المتاحة لن تستطع أن تحقق من أي تجديد مطلوب أو معقول أكثر من 1% من مستهدفاته بل شكلياته.

وقادني الإدراك إلى يقين بأنه لن يتحقق أي قدر من أي أمل مشابه ما لم تحدث ثورة تكشف الغطاء وتسقط الزيف وتزلزل "المآتات" الهيكلية المستندة إلى مثيلاتها من مآتات والساندة لمثيلاتها من مآتات.
وحين عجزت ثورة يناير عن تحقيق مثل هذا الهدف المنطقي الجميل جاهرت في الفضائيات بأن الثورة أصبحت أكثر قبولا للتآمر ومن ثم الفشل، بل تماديت فأشرت إلى أن الأغلبية الساحقة من الذين كتبوا وثيقة الأزهر وحضروا تدشينها كانوا على غير وضوء في لحظة التدشين بما يعني في المدلول الفقهي المباشر افتقاد الطهارة أو الركن الجوهري في ما يليه من فعل إيماني.

ووصل بي الأمر إلى أن أقص قصة عالم جليل تعكر دمه وعصبه على حين فجأة وهو يلقي درسه وسرعان ما اكتشف طلابه بعد التحري أن زميلا لهم دخل حلقة الدرس وهو غير طاهر فلما انصرف عاد للأستاذ تجليه وانشراحه وصفاؤه، وهذا من غير مبالغة هو جوهر ما يعانيه الربيع العربي الذي لا يتوافق بطبعه مع ما قد يفرض عليه من جليد أو حريق.

والواقع أن الربيع العربي فد حقق بالفعل من النجاحات الساحقة أضعاف ما يتصوره أكثر المنحازين له وللثورات العربية، وإنني أوافق كل من يعذرني ويقول: إن مثل هذا التقرير الصارم والبات لا يمكن أن يصدر إلا عن مشتغل بالعلم التجريبي إلى درجة الاكتواء بنار هذا العلم، لكنني أحب أن أضيف إلى هذا وجها آخر للحقيقة وهو أن أي منكر لنجاحات الربيع العربي لا يمكن أن يكون من ممارسي العلم والبحث العلمي إلا اذا كان مغرضا ميالا إلى تزييف الوعي بتزييف الحقيقة وعكس النتيجة ونفي المثبت.. إلخ.

ومن حسن الحظ أن بعض الأمثلة التاريخية تذكرنا بأن تقدم علاجات أمراض العظام والكسور لم يتحقق إلا في مناخ الحرب مع أنها لم تندلع من أجل تطوير جراحات العظام والمفاصل، كما أن أكثر الوسائل التشخيصية فائدة لأطباء القلب الآن وهي "الدوبلر" لم تنشأ إلا لرصد الغواصات الألمانية في أعماق البحار في الحرب العالمية الثانية التي لم يكن من أهدافها ولا من مخططاتها تطوير تشخيص أمراض القلب، لكن التفاعلات الإنسانية والمنطقية والتجريبية كانت كفيلة بأن تهدي للمتفاعلين هدايا لم يكونوا يحلمون بها، وبعض هذه الهدايا تأتي في صورة مفاتيح عبقرية ضاعت وبذلت الجهود من أجل العثور عليها حتى جاءت الثورات وانتكاساتها لتقدم الفرز المجاني العلني الكاشف والدقيق.

وعلى سبيل المثال فقد كشفت الحرب على غزة عام 2014 عن أسرار لا نهاية لها غابت على الفلسطينيين مائة عام، وكانت قابلة للغياب مددا أخرى لولا ما فجرته هذه الرعونة الإسرائيلية في إظهار السعادة بالعملاء.
"من حسن الحظ أن العدوان الأخير على غزة قد كشف عن أسرار لا نهاية لها غابت عن الفلسطينيين مائة عام وكانت قابلة للغياب مددا أخرى لولا ما فجرته هذه الرعونة الإسرائيلية في إظهار السعادة بالعملاء"
ومع أن هناك كثيرين يفضلون البندق المقشور على البندق غير المقشر فإن هناك على الطرف الآخر كثيرين لا يستلذون باستعمال كسارة البندق فحسب بل يجدونها مصدر إلهام وعنوانا على أعمال فنية خالدة.

وأذكر أنه لما تعجب كثيرون من إسقاطاتي اللانهائية لتفصيلات ثورة 1919 على مجريات الأمور بعد ثورة 2011 أنني فاجأتهم بما كنت أقول به منذ بداية القرن الـ21 من افتقاد فلسطين في ذلك الوقت المبكر 1918 و1919 وما بعده لزعيم له من الدكتاتورية ما يناظر ما كان لسعد زغلول الذي لم يجد في ذلك الوقت حرجا من أن يخصص -من خلال الجهاز السري للثورة- آلية دائمة ودائبة تجهض جهود حزب وطني منافس كان من قلة الخبرة والحنكة بحيث أصبحت نشاطاته المحدودة بمثابة خنجر متجدد في خاصرة الحركة الوطنية على نحو قد يوصف إنصافا بأنه أخف بكثير مما نراه الآن ونعانيه من قوى -يفترض أنها إسلامية أو حتى وطنية- في مصر وفلسطين وغيرها من بلاد الربيع.

على أننا إذا أردنا تقييما حقيقيا لنجاحات الربيع العربي الفكرية فإن علينا أن ننظر بعمق في ما استطاع تغييره من أفكار الغرب عن الإسلام وشعوبه. وفي هذا الصدد، فقد نجح الربيع العربي في أن يجعل الغرب يعود إلى الاعتراف بحقائق كان ولا يزال يحاول طمسها بطرق خبيثة، وقد تفاوت التعامل الغربي مع الحقائق التي أدركها بحيث أفرز ثلاثة توجهات حاسمة يمكن اختصارها بالتحديد في: توظيف لها والتفاف عليها والتفاف معها.

فأما التوظيف فهو ما بدا للمراقبين من نجاح ساحق في تنمية تخويف أمني ملح أو تحذير استخباراتي متجدد لأنظمة مستندة إلى مشروع إسلامي من الإمكانات الكامنة التي تملكها مشروعات إسلامية بديلة.

ومن حسن الحظ أن كل هذه الجهود ستنتهي لصالح الثلاثة: شعوب المنطقة والأنظمة المستقرة المستندة إلى مشروع إسلامي، والأنظمة الجديدة الصاعدة المستندة إلى مشروع إسلامي جديد لم يصل إلى السلطة إلا بعد الربيع العربي.

وربما يدهش هؤلاء وهؤلاء لكني أقرب لهم المسألة بالموقف العربي من صدمة السيارات اليابانية وما لقيته من دعايات أميركية سوداء، لكنها سرعان ما أصبحت سيارات العرب المفضلة ثم انتقلت العدوى من العرب إلى الأميركيين أنفسهم، ولو قرأنا اليوم هجوم المتأمركين على الطرز اليابانية من السيارات لوجدناه صورة طبق الأصل من الهجوم على الإسلام السياسي وفلسفته في الجر، والموتور العرضي والكبالن، وأنه نظام يؤذي عامود الكردان (هيبة الدولة) وأن تكاليفه أعلى مع قصر عمره! وافتقاده الاتزان والصلابة والتأمين! واستخدامه معادن خفيفة الوزن وقدرته الفائقة على التشكل.. إلخ).

أما الالتفاف على الحقائق فيكفيني للتدليل عليه -وإحقاقا للحق أيضا ومجاملة للأميركيين الذين أكثر من انتقادهم أيضا- أن أقول إن الحكومة الأميركية تلتف على فضلها في دعم الربيع من خلال برنامجها الشهير للتحول الديمقراطي فتزعم أنها استثمرت في الجيش المصري لمثل هذا اليوم أي يوم الانقلاب!
"إذا أردنا تقييما حقيقيا لنجاحات الربيع العربي الفكرية فإن علينا أن ننظر بعمق في ما استطاع تغييره من أفكار الغرب عن الإسلام وشعوبه، وفي هذا الصدد فقد نجح الربيع العربي في أن يجعل الغرب يعود إلى الاعتراف بحقائق كان ولا يزال يحاول طمسها بطرق خبيثة"
وإحقاق الحق في هذه الجزئية يدعوني للقول إن الولايات المتحدة كانت تستعمل بدالين في قيادة عربة مصالحها: بدال للوقود وبدال للفرامل (الكابحات)، ونظرا لكبر حجم عربة المصالح فقد بدا البدالان متباعدين وكأنهما في سيارتين منفصلتين بينما هما في سيارة واحدة ، لكن الحقيقة أن الذي ضغط على بدال الفرامل في نصف 2013 كان من قلة المهارة والخبرة بحيث تعشقت الفرامل وتعقدت تركيباتها الحديدية وأصبحت في حاجة إلى ما يشبه الفتحة الجراحية لإزالة "تعشيقها" الخطر الذي أوقف أي فائدة ترجى -أو يتوقعها أوباما أو أي أميركي ذكي- من الضغط على بدال الوقود، ومع هذا يلتف الأميركيين حول هذه الحقيقة بالضغط على بدال السير الذي لا يستجيب ولن يستجيب مع وجود الفرامل (الكابحات) كلها في حالة تعشيق مطلقة، وستظل مشكلات أميركا تتفاقم في أماكن أخرى كثيرة طالما هي تلتف حول هذه الحقيقة المبدئية.

أما الحقائق التي تلتف السياسة الأميركية معها (فتؤذي نفسها) فهي حقائق مذهبية وفلسفية وتاريخية وعقدية واجتماعية يصعب على علماء العصر الحاضر وباحثيه أن يلتقطوها بسرعة رغم توافر كل المصادر العلمية والمرجعية في أيديهم ومكتباتهم.

ولست أنكر أني أصبحت أجد اللذة في نهاية أي مناقشة مع أي أميركي من المعتدين بالمؤسسة العلمية الأميركية بأن أرمي في حجره سؤالا من الأسئلة الإشكالية، أستخرجه من حديث المعتد بما في جعبته من حقائق وأترك له الفرصة كي يحل الإشكالية التي أقحمه فيها عن عمد، فإذا هو بعد أسابيع من البحث ييأس ويبحث عن خارطة جديدة غير التي اعتمد عليها فأضلته.

وعلى سبيل المثال، أذكر بعض أخريات هذه الإشكاليات عن علاقات الإباضية بالزيدية والإثني عشرية، وعن علاقات الزيدية والحوثية بالشافعية وعن مرجعية جعفر الصادق عند الجعفريين.

لكم المهم في هذه القصة أن الساسة الأميركيين في أدائهم الحالي يذكرونني بمندوب مبيعات شركة طبية عالمية دفعه طموحه لترك شركته إلى موقع أفضل ماديا وأدبيا في شركة منافسة، لكنه افتقد الذكاء الفطري الذي كان كفيلا بأن يدله على حقيقة أنه لا يجوز له أن يتخصص في المنتج المنافس للمنتج الذي كان يسوقه منذ شهر واحد، ذلك أن في الشركة التي انتقل إليها منتجات عديدة يستطيع أن يتخصص في أي منها فلا يجد نفسه في الوضع "القميء" الذي وجدناه فيه وهو يناقض نفسه بنفسه في كل جزئية كان يقول بها منذ شهر واحد.

وهكذا السياسة، إذا فضل السياسي أن يلتف مع أطروحاتها دون أن يكون له مبدأ حتى لو كان كاذبا.
المصدر : الجزيرة

كيف قاومت الدولة العراقية الانهيار منذ 1920؟

كيف قاومت الدولة العراقية الانهيار منذ 1920؟

أوريون XXI – التقرير
الوضع العراقي هو تعبير عن أزمة أوسع لدول المنطقة. عواقب الغزو الأمريكي سنة 2003 والانتفاضات العربيّة منذ 2011 التقت حول الحشد ضدّ السلطة المركزية الّتي يُنظر إليها كمستبدّة. وفي العراق، المظاهرات متطرّفة في العنف وتلت ثلاثة عقود من الحرب. النظام الحكومي قد جُرّم دون أن يستبدل بأي نظام حكم آخر، والسياقات المحلية المعقّدة جدًّا تمّ تعزيزها.

وضعف الهياكل الحكومية عزّز إنشاء جماعات قتالية، خاصة جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية. ووُضع الإطار الحكومي ضمن منافسات رمزية قويّة حيث الطوائف المحلية تقف كخصوم وتقوم على السجل الطائفي. والمعارضون الحاليون للسلطة يشاركون في هذه المناسبة. ولكن، على الرغم من اجتماع العوامل المستنزفة لموارد الدولة، يبدو من الصعب قتلها.

ولايات في إطار وحدة وطنية

كمثل أغلبية الشرق الأوسط، ولد العراق غداة الحرب العالمية الأولى من الهزيمة العثمانية أمام قوى الحلفاء والمفاوضات الدبلوماسية لإعادة رسم المنطقة. ومنذ 1920، الولايات الثلاث الموصل وبغداد والبصرة والتي ستشكّل العراق تمّ تخصيصها لحكم الانتداب البريطاني.

وما كادت تسيطر على الأراضي حتّى واجهت القوّة الاستعمارية الجديدة انتفاضة واسعة من السكان المحليين بقيادة ممثلين من رجال الدين الشيعة ـ الناشطين بقوّة في الحركة الدستورية في منذ أواخر القرن التاسع عشر ـ وزعماء العشائر. وأُعيد الهدوء إلى البلاد نتيجة عملية قمع واسعة.

هذه الوضعية فرضت على لندن حلًّا سياسيا: تفويض الإدارة إلى السلطات المحلية مع ربط مستقبل البلاد بمعاهدة. والسلطات المحلية لقبول التعاون مع البريطانيين طالب بإعادة وعد الاستقلال القادم وبعض الخطوط الإقليمية. وفي سنة 1920، دفع البريطانيون بفيصل، ابن الشريف حسين الّذي أصبح ملكًا على الحجاز ليكون ملكًا على العراق. وأبصرت المملكة العراقية النور في 1921 وأقرّت دستورًا واتّخذت من بغداد عاصمة لها.

الفترة الزمنية بين 1932 و1958

ورغم حصولها على الاستقلال في سنة 1932، لم تتمكّن المملكة الهاشمية العراقية من التخلّص من الشروط الّتي سبقت ولادتها. السمة الأولى اللافتة، كانت حول مركز العاصمة، بغداد، الّذي يتشكّل في إطار معارضة طرفين جغرافيًا ومذهبيًا: في الشمال كردستان وفي الجنوب المناطق الشيعية.

وخلال سنة 1930، شهدت هذان المحيطان حركات احتجاجية مهمّة مرتبطة بالصراع من أجل السلطة. في كردستان مثلًا، جزء من الشعب يطالب بالحكم الذاتي أو حتّى الاستقلال، في حين أن الآخر يسعى إلى اتّفاق مع المركز الوطني. هذا النزاع الحيّ تطوّرإلى تحوّل في معاملة الأقليّات ضمن الإطار الدستوري للمملكة.

ومن 1946 إلى 1958 ـ وضع فريد نسبيًّا ـ “عقد طويل من الصمت” اجتاح العراق، حيث الحشد على أسس طائفية أو عرقية ترك المجال إلى حركات اجتماعية اتّخذت مكانة في العاصمة واقترح إصلاحًا ـ أكثر من إسقاط ـ للنظام الدستوري.

السمة اللافتة الأخرى، تمثّلت في تبني ممارسات سياسية موجودة قبل إنشاء الدولة. المؤسسات الجديدة -المتركّزة على البرلمان حيث يتمّ تعيين إحدى الغرفتين وانتخاب الأخرى- تشجّع على ديناميكية الإدماج من خلال استقطاب الوجهاء الّذين يتفاوضون على الموارد مع النظام المركز من أجل الحفاظ على السلم الأهلي بين الطوائف الّتي ينتمون إليها. تمّ الحديث إذن عن الزعامة ـ أسلوب إدارة حيث يلعب الوجهاء دورًا حاسمًا في حلّ الصراعات المحتملة. ثمّ تمّ اللجوء بانتظام إلى قوانين الطوارئ لمواجهة الانتفاضات الّتي جرت في العاصمة.

خلال هذه الفترة، لم يمنع القمع من التعبير العلني والتعبئة الحزبية وإنشاء مجتمع مدني معارض؛ إذ إنّ حركات سياسية سرية جديدة قد أنشئت من بينها الحزب الشيوعي العراقي. مطالب إصلاحات الإطار الدستوري الحاكم في العراق تكرّرت حتى سنة 1958، وجميعها تدعو إلى دولة ليبرالية ودستورية حقيقية.

انقلاب باسم الدولة

يوم 14 يوليو 1958، تمّ إسقاط المملكة الهاشمية واستولى عبد الكريم قاسم على الحكم من أجل بناء الجمهورية. وخلال السنوات الخمس الأولى الّتي فصلت نهاية الحكم الهاشمي والانقلاب البعثي الأول (يوم 9 فبراير 1963)، تمّ إرساء ديناميكية مركزية الدولة في تحدّ للأطراف.

السجل ثوري ومناهض للإمبريالية. ومن أجل الدفاع عن الأفكار المحايدة والقومية، على الدولة أن تقوم بتغيير جذري للهياكل الاجتماعية ولا يمكنها التسامح مع الانقسام. النظام الدستوري صار انتقاليًا وتكريس الحريّات السياسية لم يتوقّف عن التأجيل. بعض الجماعات السياسية تمّ التسامح معها دون تقنينها، من بينها الحزب الشيوعي الّذي يضم آنذاك آلاف المناضلين.

حقبة قاسم كانت زاخرة رغم محدودية الحريات السياسية، ورفض أي قوّة جديدة والإلغاء الفظّ، لكن آليات التفاوض التقليدية حرمت فجأة الطوائف المحلية من دعم الوساطة مع النظام المركزي وفتحت الطريق أمام العنف السياسي.

وفي مارس 1959، عندما انتفضت مدينتا الموصل وكركوك ضدّ العاصمة كان يكفي لبغداد أن ترسل بعض الطائرات لتغيّر منحى الاحتجاجات نهائيًا وتفادي امتدادها إلى أقاليم أخرى. وكانت أيضًا الحقبة الّتي تعزّزت فيها فكرة العراق “تماسك الدولة الوطنية كاف لتفادي تفكّك الإقليم وانهيار أدوات الدولة”.

خلال سنة 1960 و1970، تضاعفت الانقلابات مخلّفة التقلّب السريع لفرق الحكم وتطهير الأجهزة المؤيدة وانهيار أي دعم قانوني. عدم الاستقرار هذا على رأس الدولة أظهر جماعة الحزب البعث المنصهرين حول صدام حسين الّذي أحاط نفسه بأقارب من العشائر السنية في مدينة تكريت مسقط رأسه، وانتهى بإجبار حسن البكر على تقديم استقالته في 1979 والاستيلاء على مجمل السلطات.

تغيير عميق حدث منذ ذلك الحين في أجهزة الدولة؛ إذ إن الدولة العراقية تُدار من خلال العديد من مراكز القوى (بكفاءة ملزمة) تتنافس فيما بينها وتخضع إلى سيطرة الرئيس. ساعد هذا الجهاز على المعاملة الوحشية للمعارضة الحقيقية أو المفترضة، السياسية أو العرقية أو المذهبية. أصبح شمال البلاد تدريجيًا مسرحًا لتجريم أدوات الحرب من قبل النظام الّذي ذهب حتّى استعمال الغاز. الأمر نفسه بالنسبة لطائرات الهيلكوبتر الحربية الّتي سحقت بلا رحمة المظاهرات السلمية الخارجة من المدن الشيعية المقدّسة في 1977. وكلّما تحوّل النظام نحو الكليانية كلّما تطرّفت المعارضات.

حروب صدام حسين

منذ 1980، يمكن تقسيم التاريخ العراقي إلى ثلاثة تسلسلات، تلك المتعلّقة بالحروب الّتي فرضها صدام حسين على البلاد.

أول تسلسل، الحرب على إيران. قرار صدام حسين غزو إيران يوم 22 سبتمبر 1980، أضعف موارد النظام واستهلك ثروة النفط، خرجت الدولة مفكّكة وبلا شرعية بعد ثماني سنوات دامية من الصراع. والحاجة إلى استعادة شعار الدولة تفسّر في جزء ما غزو الكويت في أغسطس 1990 من قبل ديكتاتور متقهقر.

هذا القرار خلّف تشكّل تحالف دولي ضدّ العراق وفشلًا عسكريًا ثقيلًا علّق الدولة “العراق”، وتلته انتفاضة واسعة للسكان أغلبهم من الشيعة جنوب العراق الّذين تمكّنوا من تجريم نظام صدام حسين، ولكن هذه الانتفاضة لم تكن ضمن أجندة التحالف الدولي آنذاك ليسمح للديكتاتور بقمعهم بطريقة وحشية جدًّا. الأرقام اليوم تتحدّث عن 200 ألف قتيل.

التسلسل الثاني، يمتدّ بين 1991 و2003. تحوّلت الدولة العراقية لثلاثة منحنيات: الاستيلاء عليها من قبل شرائح أقلية سنية، والعنف المذهبي في مواجهة الطوائف الشيعية والكردية، الإرهاق المالي بسبب الحصار الّذي أعاد تركيز الإدارة حول المركز الحاكم، وأخيرًا إعادة العشائرية للعراق وإضعاف طرق التسويات الحكومية، بسبب تخلي صدام عن أي أيديولوجيا لتعزيز سيطرة البلاد على القبائل.

خلال الحصار ولأول مرة منذ 1921 لا يعتمد الإقليم السياسي في العراق على سيادة بغداد. لأسباب سياسية في الأساس، حكم الشمال نفسه أسرع من الجنوب المجروح بسبب قمع 1991 ونتائجه. والحصار في باقي البلاد قلّم كل أشكال التضامن مخالفًا للبدائي.

ومع ذلك لم يكن أحد قادرًا على معارضة نظام الدولة؛ لأنّ المركز الديكتاتوري يمكنه اللعب على الانقسامات الجهوية للتدخّل والسيطرة على هذه الأراضي، مثلما حدث خلال التدخّل في كردستان عام 1996.

الساعة الأمريكية

ولكن، هذه الهندسة الهشّة للسلطات قطعت في مارس 2003 من خلال غزو العراق من قبل التحالف البريطاني الأمريكي. حقبة جديدة بدأت خلالها شهدنا انهيار هياكل الدولة الّتي تمّ إضعافها بعقد من الحرب وعقد من الحصار واحتلال خارجي.

المنتصرون السياسيون من بين العراقيين استولوا على عجلة السلطة وعملوا على حرمان المكوّنات الأخرى. استفادوا في هذا الاستيلاء من الدعم الخفي للبرنامج الأمريكي لإعادة بناء العراق الّذي قام أساسًا على المذهبية لصالح وضع ديمقراطية تفترض تقاسم السلطة بين المكوّنات الطائفية الممثلة للشعب. ووكلاء سياسيون استفادوا من التمثيل الطائفي واستحوذوا على مجمل الأصوات لصالحهم بدعم وأيضًا تشجيع من قوّة الوصاية الأمريكية.

وعلى الفائزين في هذه الاضطرابات أن يواجهوا بسرعة القوى المتلوّنة الّتي تعارض هذا الترتيب للسلطة، وهي تأتي من داخل الطائفة الحاكمة، مثل حالة الحركة الصدرية للشيعة المعارضة للوزير الأول نوري المالكي، أو من الشرائح المقصاة من التمثيل الوطني، مثل مختلف الجماعات الموالية للقاعدة.

ولكن، إضعاف هياكل الدولة وجاذبيتها الرمزية لم يدفع الأقاليم السياسية للانفصال. وشمال العراق حول منطقة الحكم الذاتي في كردستان أسمى مثال على ذلك، بعيدًا عن الانفصال عن الإطار العراق يفاوض الزعماء على تعزيز الحكم الذاتي الّذي يمثّل ميزة لإرساء اقتصاد مستقل قد يكون مكلفًا مع الاستفادة من مواردها الجديدة.

رفض السلطة المركزية

هذا الإطار رغم هشاشته، هل يعزّز من دخول مجموعة حشد جديدة على الساحة، تنظيم الدولة الإسلامية؟ هذا اللاعب الجديد -جزء منه ينحدر من حركات القاعدة في العراق وآخر من وحدات عسكرية جذبها التمرّد السوري- يبدو أنّه قد أتى في نقطة محددة من اللعبة السياسية العراقية.

في الواقع، حكومة المالكي كان عليها التفاوض على مدّ سلطتها بمناسبة ميثاق أربيل في 2010، ولكن ولايته شهدت معارضة قويّة بسبب ممارسات حكومته تجاه حركات المعارضة الأخرى، خاصّة السنيّة الّتي سعى إلى إبعادها. الخطر الجهادي الجديد له تأثير معاكس، فقد مثّل تهديدًا كبيرًا لدرجة انصهار الطائفة الشيعية تحت زعامة المالكي وحشد تحالف دولي واسع حوله، يجمع الولايات المتّحدة وإيران.

علاوة على ذلك، تنظيم الدولة الإسلامية تعبير عميق عن رفض سلطات بغداد من قبل الجماعات السنية المتزايدة. كغمزة في التاريخ، في الربيع العربي، الاستيلاء على الموصل خلّف صدمة وطنية، أصيبت بغداد بشلل فوري وترك المالكي منصبه كرئيس وزراء. وفي الأسابيع القادمة قد تقرّر السلطات الكردية تنظيم استفتاء حول الاستقلال. فهل تعلن هاتان الحركتان نهاية الدولة العراقية؟

المصدر

كاريكاتير



كاريكاتير


كارلوس لاتوف






في العمق الحرية في الفكر الإسلامي

حدود الحرية .. الدكتور محمد الأحمري



الحرية في الفكر الإسلامي


علي الظفيري: أيها السادة ليس من لون يليق بها سوى الأحمر ولأبوابها تماس بالأيادي المضرجة وكأن ثمة اشتراطا هنا، اشتراط لم يكن من شأنه توضيح التباسات المفهوم في تجربة إسلامية امتدت 14 قرنا من الزمن، الحرية الأمل المنشود لإنسان جبل على أن يكون حرا فيما السلطة تسعى على مر الأزمان لإغراقه في وحل العبودية والطاعة العمياء. وليس غريبا أيها الإخوة والأخوات أن نلحظ وبقوة غياب مفهوم الحرية لدى تراكمات الفقهاء التي لا تنتهي، التراكمات التي لم تترك شاردة ولا واردة من الهامشيات إلا وأفردت لها من المطولات والتفسيرات ما تعجز الجبال عن حمله، وليس غريبا بعد قرون من السطوة والهيمنة المطلقة للسلطة السياسية وبحار من فقهاء السلطان ليس غريبا أن يغيب سؤال حرية الفرد والمجتمع وحدود السلطة وضوابطها ومن يملك أمر البشر ويقرر مصائرهم، وليس غريبا أيضا أن نخصص هذه الحلقة لبحث معمق في مفهوم الحرية في المجتمع العربي وفي الفكر الإسلامي، فأهلا ومرحبا بكم. ومعنا للغوص في عمق هذه القضية المفكر الإسلامي الدكتور محمد الأحمري، مرحبا بك دكتور سعداء بوجودك معنا في هذه الحلقة ومن الغريب أن لديك اهتماما خاصا بقضية الحرية بشكل عام، ألفت كتابا "مفهوم الحرية عند علي عزت بيغوفيتش"، "الحرية والفن عند علي عزت بيغوفيتش" وكذلك كما أعرف لديك كتاب قيد الطبع حول مفهوم الحرية، لماذا كل هذا الاهتمام يعني قبل أن نبدأ نقاشنا لماذا كل هذا الاهتمام بهذا الموضوع تحديدا؟
محمد الأحمري: الحقيقة أنا كنت مهموما بقضية الفرق بيننا وبين المجتمعات الأخرى، المجتمع العربي وغيره، نحن لدينا عدد سكان هائل لدينا ثروات ولدينا كذا لكن لماذا الإنسان ضعيف؟ لماذا أيضا يعاني حكامنا من الضعف؟ لماذا لما تشاهد الحاكم العربي أو المثقف العربي يتحدث يكون أقل قدرة من غيره؟ وكان من الأسباب حقيقة التي لاحظتها غياب الحرية في المجتمع تضعف القدرات العقلية، القدرات اللغوية على التعبير الخوف من كل شيء، والإنسان الخائف حقيقة إنسان ناقص الإنسانية ولذلك تكتمل إنسانية الإنسان بمقدار ما تكتمل حريته، فهذا النقص الذي لاحظته بين الناس مقارنة بالمجتمعات الأخرى جعلني أهتم بهذا الأمر وحقيقة أن غياب الحرية في مجتمعاتنا غياب لإنسانية الإنسان ووضعت..
علي الظفيري: إذاً مسألة الحرية مركزية.
محمد الأحمري: أساسية جدا. وأذكر مرة قصة مثلا طريفة، أستاذ جامعي بمرة من المرات كان يرى فاكس مرسل من معارضة عربية في مكان ما وكان يحب أن يقرأ الفاكس مثلا لكنه خائف أن تبقى بصماته على الورق فكان يأخذ منديلا ويرفع الورقة فاصلا بينه وبين الورقة الأخرى، هذا الإنسان الذي لا يستطيع إلى هذه الدرجة من الخوف أي أمانة علمية يمكن أن يوصلها أي موقف فكري أي موقف ثقافي أي مجتمع يعيش في هذه الحالة! هذه المجتمعات المنهكة فعلا من قياداتها إلى قواعدها بهذا الخوف مجتمعات مجالها الإنساني ضعيف جدا ومنهكة قبل أن تتحرك بأي شيء.
علي الظفيري: ما هو تعريف الحرية دكتور؟
محمد الأحمري: هذه الكلمة رائعة وجميلة وعشقها الناس في كل زمان وكل بدأ يعرف حتى أحد المفكرين الكبار يقول تزيد التعريفات عن مائتي تعريف، لأنه كلما جاءت كلمة الحرية كلمة جميلة ويشتاق لها الناس ويحبونها ويعرفها كل إنسان بحسب حاله، مثلا الحرية للسجين هي الخروج من السجن، الحرية بالنسبة للإنسان العربي هي أن يستطيع أن يتحدث أو ينتقد أو يلاحظ ملاحظاته أو يصلح أي شيء، الحرية مثلا في السويد أو النرويج أكيد تختلف عن المجتمع العربي لكن الأصل في الحرية هي إطلاق قدرات الإنسان ومكوناته الإنسانية وفكره وعقله ليعيش هذه الحياة بشكل طبيعي، طبعا لا بد أن يكون هناك قوانين تحددها مصالح الآخرين تحددها ولكن مجمل ذلك هو إطلاق قدرات الإنسان على التعبير عن ذاته والحصول على مصالحه.
علي الظفيري: يعني أشرت في المقدمة إلى قضية الإسلام والمسلمين والدولة الإسلامية بشكل عام، هناك تراكمات يعني أنتجت حضارة إسلامية نقول ولكن يلحظ المتابع دكتور غياب أو تراجع أي نقاش حول هذا المفهوم، هل وجدت وجد نقاش حقيقي جدي تعريفات محددة لمفهوم الحرية في التاريخ الإسلامي؟
محمد الأحمري: طبعا المقياس الأول في الحياة الإسلامية هو مجتمع مكة، المجتمع الذي وجدت فيه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في المجتمع الأول، حقيقة المجتمع الأول هو مجتمع متوفرة فيه الحرية بشكل كبير جدا ولم يكن في مكة سلطان ولا حاكم يقمع الناس ويتمتع الناس بحرية كبيرة ولذلك هذه الحرية التي يتمتع بها الناس استطاعوا لما جاءتهم فكرة وقضية أن ينشروها ويتحركوا في العالم لأن الإنسان في حرية شبه مكتملة، الجزيرة كانت تعاني لا من قلة الحرية بل من زيادتها فكانت تحتاج إلى قضية التنظيم وليس إلى قضية الحرية، مكة لم يكن فيها حاكم مستبد كان فيها حكومة الملأ مجموعة يقضون أي قضية لا يخضعون لشخص واحد ولذلك لما أرادوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستطع واحد أن يقرر الأمر هذا لا بد من إجماع في هذا المجتمع، لا بد من دار الندوة، فمجتمع تعود على الحرية، لم يأت الخطاب بتحدث الحرية لأن الناس توفرت لهم بشكل كبير ومع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطالب بالمزيد منها ويقول "خلوا بيني وبين الناس" اتركوني أتحدث إلى الناس وبالتالي المجتمع النقي المجتمع الصالح هو المجتمع الحر، ولذلك مجتمع الإسلام كان قويا لأنه كان حرا في بدايته وحتى لما جاء الإسلام ولما جاء أبو بكر الصديق خليفة خاف العرب من أن يصبح في ملكية وفي نظام وبعدين أبو بكر بعد أبو بكر يتركها إلى بكر بعده حتى في إشعار في القضية هذه من الخوف أن يصبح هناك نظام وراثي يكبت كرامة الإنسان وحرية المجتمع العربي، فجزء من أسباب الردة الخوف من تقييد الحريات في الجزيرة العربية لكن الفهم الأول لها هي قضية حرية قضية تنظيم قضية القدرة على أن توصل ما عندك. أيضا العبادة في الإسلام أصلا هي تعني الحرية التعبيد لله وحده يعني التحرير من كل قوى أخرى، صرف الطاعة والرغبة والرهبة إليه وحده فهي تعني التحرير ولذلك العبودية في الإسلام تعني قطعا تحرر الإنسان من كل الأصنام الأخرى والأوثان سواء كانت قضية سياسية أو غيرها، ولذلك الخطاب لما انتقلوا إلى فارس والروم الدولتين اللتين أنهكهما الحكم المستبد ودمر إنسانها كان الخطاب أننا نخرجكم من عبودية العباد إلى عبادة الله رب العباد، فقضية التحرير كان خطاب الصحابة كان خطاب الإسلام الأول للمجتمعات المنهكة بسلطان..
علي الظفيري (مقاطعا): دكتور الحديث كان عن نوعين من العبودية يعني عن عبودية المخلوق للمخلوق استعباد البشر للبشر والحديث عن منطقة أخرى وهي التحول إلى طبعا عبادة رب العالمين لكن مع ذلك لم يحدث نقاش جدي حول مفهوم الحرية وضوابطها، لم ترد مفردة حرية في القرآن الكريم مثلا ولم يأت نقاش لم يتبعها نقاش واضح ومحدد حول هذا المفهوم.
محمد الأحمري: نعم هي الحرية بنفس اللفظ لم ترد في القرآن ولكن وجد في نقاشات الفقهاء قضية الحر والعبد وحتى في قضية الحرية مثلا لما ورد في قضية الكفارات من الكفارة أن الشخص إذا قتل شخصا أن يحرر إنسانا.. ما الذي حصل؟ فسرها العلماء أن الإنسان العبد عندما يتحرر كأنه إحياء، كان الإنسان في العبودية ميتا فإذا أطلقته من عبوديته حررته، وفي تفسير في القرآن لما فسروا وجعلناكم لبني إسرائيل يعني حررناكم، وتجد في العصور الحديثة أن الدول الشعوب الحرة هي شعوب ملوك يتحرك الناس فيها سواء، الشعوب المستبد بها شعوبها عبيد وحكامها عبيد للطغاة الآخرين في الدول الأخرى، فهي عبودية متسلسلة تجد الحاكم خاضعا وضعيفا جدا أمام الحاكم الغربي فينقل العبودية والخوف اللي على رأسه إلى الشعب ويقهر الشعب بالمقابل درج في مثال طريف وغريب حصل من فترة ليست بعيدة، كوندليزا رايس كلمت أحد وزراء الخارجية العرب وقالت له تحضر إلى اجتماع معي، قال لها إيش الموضوع؟ قالت له لا، تحضر أولا..
علي الظفيري: الحضور قبل معرفة الموضوع.
محمد الأحمري: يعني إلى درجة أنه هو حتى كما هذه الشعوب تحرم من الحرية والتعبير حتى هم يحرمون من الكلام ومن القدرة ومن القرار فأصبح عبودية تنزل على عبودية وبالتالي إذا رأيت شعبا مستعبدا ففي الغالب أن حاكمه يعاني من ضغوط خارجية تذله كذلك.
علي الظفيري: طيب أستدل من حديثك يعني الجزء الأول من حديثك دكتور أن هناك أرضية ممتازة جدا في النص، النص القرآني، في القضايا التي ركز عليها الإسلام بشكل رئيسي في موضوع العبودية والتحرر من العبودية حتى الحث على قضية التحرر من العبودية ولكن في الغرب مثلا تطور النقاش العلمي حتى حول هذا المفهوم، لدينا لم يتطور هذا المفهوم بقي مفهوما أوليا وخاضعا لاستنتاجات.
محمد الأحمري: وبقي في الأصل المجتمع الإسلامي على أصل حريته ولكن في عهد بني أمية لما استبدوا بالحكم اضطروا أن يدخلوا موضوع الجبر ويدخلوا قضية جبر الناس وأن يقولوا لأنفسهم الحكم هو قدر الله سبحانه وتعالى وأدخلوا مفهوم الجبر ولذلك العبودية والحاكم المستبد يفسد الدين أولا كما ويفسد الناس ويفسد أخلاقهم، المهم أن هذا الاستبداد الذي حصل عند بني أمية اضطروا أن يأتوا بمفاهيم في الدين تثبت قضية تعبيد الناس.
علي الظفيري: عطل على الأقل بشكل أو غيره.
محمد الأحمري: عطلوا حرياتهم. أيضا في قضية أخرى لم تكن الحكومات بالقسوة في الماضي وبالدخول في خصوصيات الناس كما هو في العصر الحديث وبالتالي كان بقي الشعب حرا إلى حد كبير بقيت المجتمعات حرة في منطقة العاصمة وفي كذا ولكن بقية المجتمعات كان عندها حرية، بمقرات الحكم كان هذا الاستبداد موجودا لكن العلماء قاوموا المجتمع قاوم الثورات قامت الفرق قامت الطرق قامت كلها لمواجهة هذا الاستعباد.
علي الظفيري: نحن.. دكتور، مشاهدينا الكرام طرحنا تساؤلا حول علاقة الفقه بالحرية، ما هي العوامل التي أثرت على فهم الحريات وتطبيقاتها في الدول الحديثة وجهناه للمفكر الإسلامي محمد عمارة وهو يضيء لنا على هذا الجانب.
[شريط مسجل]
محمد عمارة/ مفكر إسلامي: كي نفهم تأثير أو علاقة الفقه بالحرية لا بد من أن نعرف أن الفقه هو علم الفروع وعلم الفروع يستمد قيمه ومبادئه من الأصول يعني من القرآن ومن تطبيقات القرآن التي هي السنة النبوية، القرآن الكريم يحدد ويعلن أن الإسلام جاء ليضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، يعني القرآن والإسلام جاء ليحطم القيود التي كانت تقيد الإنسان، الفقه عندنا يستمد من هذا المعين فيحدد العلماء والفقهاء "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، هنا تشريع للتعددية وللاختلاف قبل 14 قرنا، ضيق الصدر بالحرية جاء في الواقع وليس في المثال، نحن دائما هناك عندنا مثال هو الإسلام هو المذاهب الفقهية عندنا واقع، هذا الواقع شابته شوائب وأصبح فيه ضيق صدر بالحرية، نموذج الدولة القومية الغربي وأيضا الضغط الاستعماري الذي يجعل الدول لها الأولوية على الحريات هنا كان ضيق الصدر في واقعنا الحديث بنمط الحرية.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: إشارات الدكتور محمد عمارة وما أشرت إليه قبل قليل دكتور محمد يدفعنا للتساؤل لماذا لا يوجد وضوح أكبر تحديد أكبر معايير وضوابط لمسألة الحرية في الفقه الإسلامي في موروثنا تحديدا الإسلامي بينما لو اتجهت للغرب تجد أن هناك ضوابط وتجد أن نظاما سياسيا قام على فكرة وركيزة الحرية بشكل رئيسي؟
محمد الأحمري: من الأسباب الأول أن حقيقة جوانب الحريات وقضايا الحكم صودرت بعد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأنهى قضية الحوار السياسي وقضية الحريات السياسية، فهذا الجانب الفقهي ضعف جدا عند المسلمين ولم يتحرك إلا قضايا فرعية أخرى، أيضا مستوى الاستبداد الذي حصل في المجتمعات الأخرى كان قاسيا جدا وهذه القسوة في الاستبداد في الحكم أنتجت حركة التنوير وحركات التحرير الكبيرة وتحرر الإنسان تدريجيا لكن نحن لما صب علينا الاحتلال الغربي والاستبداد المحلي حقيقة خرج محاولات فقهية معاصرة وحركة من العلماء كبيرة تهتم بحريات الناس لدرجة أن علماء في العصر الحديث عدوا أحد مقاصد الشريعة الحرية، حرية الناس أحد مقاصد الشريعة ودعوا إليها وأصبحت من الأولويات في المجتمع الإسلامي، حتى القرضاوي أخيرا كان يقول مثلا إننا نقدم الحرية على تطبيق الشريعة، فالمجتمع المدلل المستعبد لا يستطيع أن يطبق الشريعة أو ستطبق له الشريعة منقوصة وبالتالي الحركة في العصر الحديث تدعو الناس إلى تحرير أنفسهم ووضع الحرية قضية أساسية من مفاهيم..
علي الظفيري (مقاطعا): هذا الموقف الأعم دكتور؟ يعني عند التيار السلفي مثلا مصطلح أو مفردة الحرية تثير نوعا من الحساسية أو نوعا من التخوف لدى كثير من التيارات الإسلامية التيار السلفي وأيضا آخرين.
محمد الأحمري: نعم، حقيقة من أسباب ذلك حقيقة عند التيار السلفي وعند العلماء في بداية الأمر حقيقة من أسباب ذلك أن الغرب لما جاء احتلنا وسمى احتلاله حرية، فهذا من الأسباب أن الحرية أعطونا الكلمة ولكنها تعني الاستعباد لهم فخاف الكثير من العلماء، السبب الآخر الثاني أنهم تحدثوا عن قضية، قضية الخلاعة ونشر المجون وكذا وسموا هذا حرية وسموا حقيقة التفلت سموه تحررا سموه حرية فخاف العلماء أن هذا الأمر يعني حرية والحقيقة ليست هذه، الحرية هي قدرة العالم والمثقف وجميع طبقات المجتمع في تطوير ذاتها وفي تطوير مجتمعاتها والخلاص من القيود السياسية وغيرها من القيود الفكرية.
علي الظفيري: جميل. دكتور عبد الستار القاسم الأكاديمي الفلسطيني المعروف يعني مشكورا بعث لي ببحث قيد النشر هو أساس لكتابه وأشار لهذا الخوض في جزئية من جزئيات البحث يقول اختلط في القرون الأخيرة مفهوم الحرية freedom مع مفهوم التحريرية الـliberalism ويبدو أن هذا الخلط انتقل أيضا إلى الأدبيات العربية التي لا تكاد تميز بين المفهومين، يتحدث عن الحرية وعن التحرر، التحرر هو الانعتاق كما يقول الدكتور عبد الستار، الانعتاق من الشيء تماما بخلاف الحرية وهو يفصل كثيرا في هذا البحث الذي طبعا نتمنى أن نشاهده قريبا. لمعرفة حدود وضوابط نتوجه أيضا هذا الحديث للشيخ راشد الغنوشي، الشيخ راشد يوضح لنا مشاهدينا الكرام العلاقة بين الدين وصياغة مفهوم الحرية وكذلك يتحدث عن ما هي الحدود المفترضة للحرية في الدين الإسلامي.
[شريط مسجل]
راشد الغنوشي: هنالك تشويش ثقافي هنالك أيضا ميل للشهوات {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ..}[الجاثية:23] ولذلك يفلسف هذا الذي يريد أن يشرب الخمر يحاول أن يفلسفها والذي يريد أن يظلم الناس يفلسف هذا الظلم والأنظمة المستبدة يعني تبرر استبدادها بأنه طاعة لولي الأمر، كلمة التوحيد تبدأ بلا، لا إله إلا الله، على أن تكون قادر أن تقول لا لشهواتك وأن تقول لا للطواغيت والجبارين، فهذا بداية التحرر أن تكون قادرا أن تقول لا للظلم ولا للباطل ولا للفسق والفجور.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: إذاً ثمة خلط كبير جدا كما أشرت وكما أشار الشيخ راشد الغنوشي. التساؤل المخيف أيضا دكتور أنها ما هي حدود الحرية؟ ما هي الضوابط؟ إلى أي درجة يمكن أن تتوقف حرية الفرد في الإسلام حتى يمكن على الأقل قبول الجميع لهذا المفهوم؟
محمد الأحمري: هناك حقيقة حدود الحرية يحددها أي مجتمع بحدود ثقافته دينه الظروف التي يمر بها فمثلا إذا كان مسلما في مجتمع من المجتمعات بقداسة أشياء مثلا لا نتحدث فقط عن المجتمع الإسلامي مجتمعات حتى المجتمعات المسيحية عيسى عليه السلام وكذا، قضية في كثير من المجتمعات لا تمس مثلا، قضايا تاريخها رموزها أحيانا مآسي تاريخية مثلا انظر في قضية قتل اليهود مثلا إنكارها أصبح قضية محظورة، فالمجتمع المجتمع الإسلامي ولا غير الإسلامي يستطيع أن يجعل قضايا محظور النقاش فيها وأيضا يفتح في قضايا أخرى، وبعض الناس يقول لا، لا نقبل الحرية لأنها تعني كل شيء سائب، ليس كذلك، لكن تضمن الحرية ضروريات المجتمع أن يتحدد في قضياتهم أولوياتهم السياسية الاجتماعية الفكرية النقد السياسي متابعة المال كل هذه القضايا يجب أن تكون موجودة وموفرة في المجتمع لكن أن تقول لي بحجة أن الحرية يمكن أن تتحدث في كذا فتصادر حقوق الناس هذه إشكالية كبيرة، الناس بدؤوا يتكلمون عن حدود الحرية وهي لم توجد بعد وهذه طريقة في التفكير خاطئة.
علي الظفيري: يعني ترصد مبدئي ومسبق.
محمد الأحمري: يعني هو يريد أن يصادرها فيبدأ يبحث عن ما هي حدود..
علي الظفيري (مقاطعا): ولكن في أسئلة دكتور تبحث عن إجابات، حرية الردة مثلا أن يرتد المسلم عن دينه في الدول الإسلامية وحرية أيضا غير المسلمين، ما هي ضوابط حرية الردة برأيك؟
محمد الأحمري: أولا في قضية حرية الدين في المجتمع الإسلامي مضمونة والرسول صلى الله عليه وسلم لما انتقل إلى المدينة كان جزء من المجتمع يهوديا وكان مجتمع فيهم نصارى إلى آخره وضمن لهم هذه الحقوق ثم بعد ذلك ورد أنه حتى إحدى جواري الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن مسلمة وأسلمت متأخرة، والإمام الشافعي رحمه الله له موقف عجيب يقول لا يجوز للمسلم أن يعرض الإسلام على زوجته الكتابية لأنها انتهاك..
علي الظفيري (مقاطعا): يعني حتى لا يعرض في الإسلام.
محمد الأحمري: لا يعرض لا يعرض. لاحظ قضية مدى حرية الأفكار في هذه القضية، حرية الدين، المجتمع الإسلامي حكم المناطق التي نعرفها الآن 14 قرنا بقيت الأقليات موجودة فيها نصارى ويهود وزرادشت إلى آخره ولم يقضوا على هذه الأديان فيها فبقيت حرية الدين..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب أيضا هذا غير.. دكتور محمد، في قضية الارتداد، الردة هناك حد واضح.
محمد الأحمري: نعم. في قضية الردة، الردة فيها بحث، أولا في فرق بين من يرتد وعنده قوة عسكرية ويواجه بها الحكومة، هذه قضية واجهها أبو بكر الصديق هذه قوة مضادة وبالتالي لا نقاش في قضية مواجهتها عسكريا، أما قضية الحكم على الفرد إذا ارتد هذه مجال نقاش عند الفقهاء منهم من يرى الحد ومنهم من لا يرى لأنه لا يمثل خطرا على المجتمع الإسلامي..
علي الظفيري: ماذا ترى أنت دكتور محمد؟
محمد الأحمري: هذا النقاش موجود قديما وهذا النقاش موجود..
علي الظفيري: إلى أي الآراء تميل؟
محمد الأحمري: أنا لست مفتيا وبالتالي..
علي الظفيري (مقاطعا): لا، أقصد في الجانب الفكري على الأقل حتى على الأقل نسير في هذا الموضوع ونتقدم فيه.
محمد الأحمري: أنا أعطيك مثلا من قضية مبدأ حرية المجتمع في قضية الردة ولا في قضية حتى مخالفة الحاكم، يعني أحد أصحاب الرسول صلى الله عليهم وسلم لم ير البيعة لأبي بكر الصديق.
علي الظفيري: لم ير البيعة.
محمد الأحمري: نعم لم يبايع بالخلافة وبقي إنسانا مكفولة له الحرية والكرامة والاعتراض والذهاب والمجيء، ما دام لم يأت بجيش يضرب به المجتمع الإسلامي ويدمره من الداخل وبالتالي نحفظ الحق أنه يرى أنه أولى بالخلافة من أبي بكر الصديق، بالتالي الحرية مكفولة للناس. قضية ديننا مثلا هذا الأمر كما ذكرت فيه أقوال فقهية أما من موقف الشخص أنا لست مفتيا وبالتالي كما أنا لا أفتي الناس وبالتالي لا أفتي لنفسي  في القضية.
علي الظفيري: غير المسلم مواطن درجة ثانية حرية غير المسلم في الدولة الإسلامية كيف تراها؟
محمد الأحمري: غير المسلم في الدولة الإسلامية هو شخص تؤخذ منه الجزية مقابل الحماية ولا يطلب منه أن يجاهد ولا يقاتل ولا كذا، مقابل حمايته يؤخذ منه..
علي الظفيري: هذا تاريخيا دكتور لكن في دولة المواطنة اليوم المساواة؟
محمد الأحمري: هذا الوضع تغير وبالتالي حتى جزء كبير من القضايا تخضع لاجتهادات الفقهاء المعاصرين، يعني ليس بالضرورة أن كل حكم فقهي حصل في مرحلة يطبق على مرحلة أخرى يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي، تغيرت الحالة وتغير الحكم.
علي الظفيري: بالتالي يعني فكرة المواطنة الذمية أو مواطنة الدرجة الثانية لغير المسلمين تحتاج إلى نقاش.
محمد الأحمري: تحتاج إلى نقاش ولكن هناك قضية في مسألة المواطنة بالتحديد هذه، حقيقة نحن نستخدم كلمة المواطنة ولا نعرف معناها، نحن في حالة المجتمع العربي ليس عندنا مواطنة بأي نوع لأن المواطنة تعني المشاركة في مسؤولية الوطن في حقوقه وفي واجباته، نحن في الوطن العربي في المناطق المستبدة نحن في حالة اسمها مساكنة يسمح الحاكم بأن نسكن في جواره يسمح لنا بأن نعمل ولكنه يمكن أن يصادر كل حق في أي لحظة، وبالتالي ليست مواطنة ولا يجوز أن نلقي على المساكنة هذه جوازا تسكن في هذا البلد وتسكن في بلد لأنه ممكن يسجنك في أي لحظة ويأخذ مالك في أي لحظة ويعاقبك في أي لحظة ويعاقبك في أي لحظة وهذه مساكنة، مواطنة يعني لك حقوق وعليك واجبات وللحاكم نفس الأمر هذا وهذا أمر بالتبادل والمشاركة وهذا حق غائب في المجتمع العربي وهذا يشمل الجميع.
علي الظفيري: قضية طاعة ولي الأمر دكتور محمد هي قضية إشكالية وكبيرة جدا وتقف حجر عثرة أمام كثيرين ممن يؤمنون بمسألة الحرية وبالتالي طاعة ولي الأمر وفق اشتراطات معينة إذا كذا وإذا فعل كذا أو لم ينه عن كذا، برأيك تلعب دورا مركزيا في قضية تعطيل نقاش تعطيل تطور مفهوم الحرية، ما هي الفكرة التي يجب أن تتبلور اليوم حول قضية طاعة ولي الأمر؟
محمد الأحمري: طاعة ولي الأمر في المجتمعات خاصة في الخطاب السلفي تأثر يعاملين العامل الأول هو قضية المواجهة مع فكرة الإمامية فحقيقة نقلوا إلى المجتمع السني والسلفي أفكار الإمامة في تقديس الحاكم، فهذه قضية غزو للمجتمع السلفي بأفكار الإمامية سموها طاعة ولي الأمر وبالغوا فيها بطريقة لم يسبق في الثقافة الإسلامية ولا في الثقافة السنية أن وجدت. القضية الثانية أنه في فكرة ولعلها فعلا قادمة من المجتمع من الغرب، الملك في بريطانيا لما واجه البرلمان أصبح البرلمان قوة فكان يحب أن يستبد بالسلطة ولكن البرلمان أصبح قويا فمجموعة من المنافقين في الكنيسة جاؤوا قالوا لا طاعة ولي الأمر نهائية وهي من طاعة الله وله علاقة بالله مباشرة في الطاعة وبالتالي لا يجوز الاعتراض عليه لأن هذا اعتراض على الله وقدسوا الأمر، هل الطائفة التي بالغت في طاعة الحاكم أخذت أفكارها من الإسلام أم أخذتها من الطائفة المسيحية التي واجهت البرلمان في بريطانيا؟ أظن لا أستبعد أن القضايا مترجمة وكذا، فهل المجموعة التي بالغت في تعبيد الناس للحكام أخذت المسيحية هذا المفهوم أو أخذت من المسيحيين في بريطانيا الذين واجهوا البرلمان أم أنها فعلا بالغت وأخذت من الإمامية المزيد؟ ولكن الفكر السني ما في، الاعتراض موجود أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يتساءلون ويناقشون الرسول صلى الله عليه وسلم ويردون عن قوله، لكن الآن لا تستطيع أن تقول للشيخ لا، مو فقط الحاكم، لا، ما تستطيع حتى الشيخ.
علي الظفيري: حتى المفتي يعني.
محمد الأحمري: نعم فبالغوا في القضية هذه حتى جردوا الأمة من حقوقها حتى في النقاش والاعتراض وحقيقة هذا إدخال الوثنية في الإسلام باسم الشعارات الإسلامية ولكن ليست إسلامية في الأصل.
علي الظفيري: تعتقد أن هذا الأمر له علاقة بشيء غير الإسلامي تماما؟
محمد الأحمري: أنا أتوقع إما أن يكون وافدا من المسيحية أو وافدا من طوائف منحرفة.
علي الظفيري: سنكمل في قضية الطاعة طاعة ولي الأمر حدود هذه الطاعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم ولكن بعد وقفة قصيرة مشاهدينا الكرام فتفضلوا بالبقاء معنا.
[فاصل إعلاني]
علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في العمق يبحث الليلة بشكل مفصل ومعمق -نتمنى- موضوع ومفهوم الحرية في المجتمع العربي وفي الفكر الإسلامي بشكل رئيسي. كيف هو شكل العلاقة الواجبة بين الحاكم والمحكوم دكتور محمد؟
محمد الأحمري: الحاكم في العالم كله حقيقة في الفكر العقلاني والفكر الإسلامي وغيره معين من قبل الناس وهو خادم لهم في هذا المسار ويملكون إقراره وإبعاده في حالة المخالفة، هذا هو الأصل في جميع الفئات سواء سميتها ديمقراطية أو غير ديمقراطية حتى أن علي بن أبي طالب عرض على عثمان الخلع من الخلافة وبالتالي قضية الخلع وتحديد المدة وإلى آخره أصبحت من الضروريات التي يجب أن تدخل في الثقافة الإسلامية قضية مثل الديمقراطية قضية أساسية تبين كل عقلاء البشر الآن أنها من أحسن النظم التي حكمت في العالم.
علي الظفيري: الديمقراطية.
محمد الأحمري: الديمقراطية. فبالتالي المجتمع المسلم يجب أن يتجه إلى هذه المصلحة كما اتجه إلى أشياء حديثة أخذها من المجتمعات الأخرى هو أولى أن يقبل هذه وأن يطورها مثلما استخدم السيارة والكلية والجامعة والبرلمان أن يستقبل قضية الديمقراطية لأنها أحسن الضمانات التي حصلت للإنسان في هذه العصور، أيضا هذه موجودة ووجدت في عالم الإسلام وجدت في المجتمعات العربية، الأسماء قد تختلف ولكن الناس يختارون حاكمهم هذا هو الأصل في المجتمع البشري، الفطرة البشرية تقول ذلك لا تقول غير هذا، إن الناس يختارون أنجبهم وإذا أخطأ يبعدوه هذا هو الأصل لكن يبعدوه بعد أربع سنوات خمس سنوات إلى آخره من المفروض أن تتطور هذه القضية داخل المجتمع..
علي الظفيري: هذا تفصيل وآلية.
محمد الأحمري: هذه تصبح القضية الطريقة كيف يمكن أن نطور هذا، هذه أيضا فرعا عن الحريات في المجتمع لا يستطيع أن يتحرر وهذا الشخص يملك الدنيا والآخرة، المشايخ يعطونه الآخرة يمتلكها والتجار يأخذ عن طريقهم الدنيا وعن طريق الجواسيس يدمر المجتمع وبالتالي حقيقة المستبد هو إله وبالتالي حتى الجاحظ يقول لا تجد مستبدا إلا كان مجهلا منبوذا، فبالتالي إذا جاءت ثقافة الاستبداد تدمر المجتمع الذي تسود فيه.
علي الظفيري: يعني حتى الحوار الذي دار بين رب العالمين وإبليس في القرآن وهذا الجدل وهذا العرض للرأي وهذا القبول بالرأي.
محمد الأحمري: هذا أحيانا لا يوجد حتى عند فروع بسيطة في الحكومات.
علي الظفيري: دكتور في مسألة مهمة يعني يقال انطلاقا من الموروث الفقهي إنه طالما أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وبالتالي يتوجب طاعته أيا كان الشكل الذي وصل فيه هذا الحاكم إلى السلطة.
محمد الأحمري: أصبحت كلمات الأمر بالمعروف تعطى كلمات وشعارات وأحيانا قضايا بسيطة يسمح بإنكار المنكر فيها وهذه رشوة تعطى للمشايخ ورشوة تعطى لرجال الدين ولكن المنكر الأكبر لا أحد يتحدث عنه، يعني ومثلا إذا سرق عشرة مليار أو عشرين مليار لا يقول ولكن لو امرأة خرجت بوجهها سافرة ولا كذا يساووا منها قصة هذه رشوة لها مقابل الآن يسكت عن المنكر الأكبر وهذه حقيقة عبث بالدين كبير جدا، عبث بقضية حتى المصطلحات، مالك بن نبي لما رأى اللوحة في إحدى البلاد العربية فأعجبته اللوحة رائعة جدا وجميلة، قال لكن لما وجدت المحتوى فإذا مصادم جدا لكل شيء فبالتالي يمكن تعطي الناس كلمات بسيطة وشعارات يقنعون بها لكن المحتوى يكون أحيانا جزئيا وأحيانا ما تقدم شيئا.
علي الظفيري: طيب لأن هناك عناصر كثيرة جدا أريد أيضا أن أتوجه إلى هذه الفكرة حول العوامل التي أسهمت في جعل الحرية مفهوما ملتبسا في مجتمعاتنا الإسلامية، الإضاءة مجددا مع الشيخ راشد الغنوشي.
[شريط مسجل]
راشد الغنوشي: الدين له دور كبير في أمرين في مسألة الحرية على الأقل، له دور كبير في ترقية مشاعر الإنسان تهذيب أخلاق الإنسان في تربية  غرائز الإنسان فلا يصبح الإنسان عبدا للشهوات وعبدا لغرائزه، النبي صلى الله عليه وسلم يقول "تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس وانتكس" فعبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الدنيا وعبد الشهرة وعبد الكرسي هؤلاء ليسوا أحرارا، هؤلاء عبيد. الإسلام نظام تحرري من خلال المفهوم العبادة ألا يخضع الإنسان إلا لله، الإسلام يضع ضوابط وحدود ترتقي بحرية الإنسان في الحقيقة رغم أنها تبدو تحديدا، فمحرمات الإسلام وواجبات الإسلام كلها ضوابط تبدو كأنها تحدد الحرية ولكن في الحقيقة ترتقي بها ولذلك المربون المسلمون يعتبرون أن تمام العبودية هو في تمام الحرية، يعني بقدر ما يكون الإنسان عبدا لله ولذلك لا عجب أن يقول في القرآن واسجد واقترب {..وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}[العلق:19] رغم السجود هو وضع الرأس على الأرض ولكن اقترب يعني فهناك سهم نازل هذا سهم الجسم وسهم آخر صاعد هو السهم الروح والقلب والعقل وملكات الإنسان.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: دكتور أتعجب من تركيزك والضيوف الأفاضل حول فكرة الحرية ومسألة الحرية وأهمية الحرية، يعني ماذا يحدث للمجتمع إذا غابت الحرية، نحن عايشين بدون حرية ومستمتعين جدا، فما هي المشكلة إذا غابت الحرية؟
محمد الأحمري: الذين نشوفهم في السجون هم يعيشون مثلا والمجموعات التي تعاني مثلا في حصار شديد أيضا يعيشون ولكن الحياة غير مكتملة.
علي الظفيري: كيف يتأثر المجتمع بغياب الحرية؟
محمد الأحمري: نعم. من أهم جوانب التأثر في المجتمع هو فساد أخلاق الإنسان، المجتمع الذي تسيطر فيه العبودية الإنسان يفسد تفسد أخلاقه تسيطر عليه لغة النفاق وحتى اللغة نفسها التي هي وسيلة للتعبير عن نفسه في المجتمع المستبد والفاسد تصبح اللغة وسيلة للاختفاء لا يعبر لك عن حقيقة، أيضا إذا غابت الحرية يزيد الفساد المالي إذا غابت الحرية يحصل تدمير لأعراض الناس وأخلاقهم، سيطرة الحكومات تصبح بديلا عن الله، أيضا يفقد المجتمع المبادرات ما يصبح الإنسان عنده أي همة يعمل شيئا لأنه كل شيء مقهور به يهبط المجتمع، حتى قضية نضوج الفن نضوج الأدب نضوج الشعر كل هذه الأشياء تصبح من ضحايا الاستبداد في المجتمع المستبد مثلا في روسيا كان هناك تساؤل لماذا مع الثورة الروسية هبطت الفنون مع أنها الحكومة أعطت وكذا؟ الحقيقة أن الإنسان حوصر ومنع حجب أفق وبالتالي ما أصبح يستطيع أن يعبر، أيضا إذا غابت الحرية يخرج الإنسان ويسرب طاقته في أشياء مختلفة، مثلا الجماعات السرية تصبح بديلا للحرية لأنه يجد فيها داخل المجتمع الضيق المختفي وسيلة للحرية، إذا غابت الحرية يصعد الإرهاب، العجيب أني وجدت من التحليلات المهمة جدا لنشأة القاعدة في كتب غربية كثيرة منها مثلا "الأبراج المشيدة" أن القاعدة نشأت لما منع المشائخ من الحديث بعد قصة الكويت لما منعوا من الحديث وجاء السجن ومن اعترف يسجن فكان الرد هو وجود تنظيم سري يحاول أن يدافع عن هذه المجموعة، أيضا عند السادات لما السادات وقع الصلح لما حرم المصريين من التعبير عن النفس ثم سجن المثقفين هذه المجموعات هي التي ثارت ونشرت فكرها وقتلته وبالتالي جماعة الجهاد والنصرة أيضا من إنتاج الاستبداد، الاستبداد هو السبب الأساسي في إنتاج ظاهرة الإرهاب لذلك الأمن الفكري يعني تريد مجتمعا آمنا أعطه حرية. لكن هذه الحرية تستبد أحيانا، هم يفهمون أن الحرية مهمة لكن تأتي بقضية شيء يسمونه المرح بلا حرية يعني خلهم يرقصون ويغنون ويسكرون وكذا مثلما كان الأميركان يستعبدون السود ولكن يسمحون لهم بالرقص والخمر لدرجة أن السيد اللي عنده مجموعة من العبيد إذا ما رقصوا وسكروا في الأعياد وكذا يتضايق جدا لأنه لا بد أن يعبروا عن هذه اللحظة، فهم فهموا أن قضية التنفيس مهمة لكن التنفيس ماذا؟ بالعهر، طائفة من المجتمع لن تقبل بهذه القضية إذاً سيقى السؤال موجودا إذاً سيبقى مورد الإرهاب موجودا وهو لا بد أن يعبر عن حقوقه. أيضا اللجوء إلى القبيلة، المجتمع المشتهي هو لا يجد نفسه في المجتمع ليس هناك مجتمع مدني..
علي الظفيري: يرجع للانتماءات الأولية الطائفة القبيلة المذهب المنطقة.
محمد الأحمري: ليس هناك مؤسسات ولذلك الظاهرة عندنا الرجوع في المجتمع العربي إلى القبائل إلى الطرق الصوفية أو الجماعات السرية السبب ليس هناك حكومة يأمن فيها ويثق فيها. أيضا في مسرب آخر في قضية إذا غابت الحرية، يهرب الناس إما.. ضد الحرية حتى ممكن ضد الدولة حتى ممكن يهرب للبادية أو لطرق معينة ممكن يهرب أيضا للدولة يتجسس لها ويتقرب منها وينافقها ويسرق منها ويشارك الغنيمة بالتالي تصبح الدولة هي مصدر الفساد والتدمير داخل المجتمع فالمجتمع المستبد يعني يدمر نفسه بطرق مختلفة سواء عن طريق الدولة التدمير أو عن طريق الهروب ضد الدولة، لكن المجتمع المفتوح حقيقة يقلل المخاطر.
علي الظفيري: في التطبيقات السياسية أشرت دكتور إلى أن الديمقراطية هي الخطوة المنتظرة يعني بعيدا عن محاولة الاجتهاد أو الفهم أو استنتاج شيء جديد غير موجود لدينا نموذج موجود، هل لهذا الأمر تتوقع تداعيات أو تأثيرات سلبية ربما في مجتمعات عربية إسلامية؟
محمد الأحمري: هو أي نقلة ممكن أن تؤثر سلبيا لكن هذا التأثير السلبي تأثير موقوت وتأثير بسيط لكن تحقيق كرامة المجتمع كرامة الحاكم والمحكوم تتحقق من خلال حرية المجتمعات في التعبير عن نفسها..
علي الظفيري: عبر الديمقراطية.
محمد الأحمري: عبر الديمقراطية وعبر الحريات..
علي الظفيري: النموذج الغربي من الديمقراطية؟
محمد الأحمري: نعم..
علي الظفيري: هو نموذج واحد.
محمد الأحمري: النموذج هو.. هي وسيلة إدارية ليست عقيدة ليست دين هي طريقة إدارية لإدارة المجتمعات مثلما عندك أصبح مدير إدارة وعندك قسم محاسبة وعندك كذا وأخذناها تماما الغرب أيضا هذا رأس الإدارة لا بد أن تصلحه أو يبقى كل شيء تحت خربان، أن تطور الإدارة إلى أعلى مستوى تصل إلى مستوى صحيح.
علي الظفيري: لكن هو نموذج الحكم مرتبط بنموذج ليبرالي رأسمالي وبالتالي معبأ بحمولات فكرية ثقافية حينما تنقله مجتمعاتنا يجب أن تنقله بالأكمل..
محمد الأحمري: ليس كل شيء ممكن..
علي الظفيري: أو تتجه لقضية الآن ما يقال يعني من بعض العلماء والفقهاء أن قضية الشورى موجودة وبالتالي ما حاجتنا إلى الديمقراطية إذا استطعنا أن نوجد نموذجا شوريا؟
محمد الأحمري: ما هو النموذج الشوري؟ حقيقة نهرب أو نترك كلمة الشورى لأن هذه الكلمة جميلة وأفسدت، سموها مثلا أنك والله هو مجرد يشاور بالتالي يعني التشاور شريكك في الشركة مثلا وانتهى الموضوع وبالتالي ما تحقق شيء أو يشاور أمثاله أو يشاور المتآمرين معه، ما حصل شيء، فبالتالي مشكلة الشورى هنا أنها فسرت على أنها مجرد أن تستمر أنت بطرق مختلفة وبكلمات جميلة لكن محتوى مستبد، هذه لم..
علي الظفيري (مقاطعا): يعني أعطيك مثالا دكتور حتى نكون فقط منصفين، ديمقراطية مثلا عملية الانتخابات المباشرة أفرزت نماذج سيئة في كثير من الحالات..
محمد الأحمري: مثل؟
علي الظفيري: حالات عربية مثلا كانت.. خلينا نقل في السعودية مثلا كان هناك رجوع للقبيلة للمنطقة بشكل رئيسي، حينما يكون مثلا النموذج الشوري يقال إنه قد يكون نموذجا انتقائيا قائما على الكفاءة، طبعا ترد لدينا مشكلة الصلاحيات السقف سقف الحرية لهذا المجلس الشوري أو الصلاحيات الممنوحة له كذلك لكن هناك سلبية أخرى أيضا..
محمد الأحمري: مثلا النماذج التي مثلا جاء الاختيار للقبيلة أو جاء الاختيار كذا لأنه حقيقة الناس فهموا أنه نحكم بالقبيلة وبالتالي يجب أن نقيم قبائل في المدن لأن العقلية ما في لها قبيلة ما في دولة قضية الدولة غير موجودة وغير متصورة وبالتالي نحن قبيلة وبالتالي ممكن أن نوجد قبائل صغار في المدن وفي غيرها لذلك الانتقال إلى ثقافة الدولة نحن حقيقة في مجتمعات الخليج وغيرها انتقلنا من الحكومات التي كانت إلى مجتمع القبيلة لأنه ليس هناك من أفق متصور، لا بد من الانتقال إلى وضع ديمقراطي فعلا حتى توجد الحكومة، الآن هي قبيلة وتحب أن تنشئ بجانبها قبائل وبالتالي ما حصل شيء. ولكن أعطيك..
علي الظفيري (مقاطعا): أنا أردت أن أشير لمثال الكويت لأنني لا أتفق مع من يقول إن الديمقراطية أفسدت شيئا سيئا، لا، هناك إفساد للعملية الديمقراطية في الكويت وشاهدنا مؤخرا ضرب الأكاديميين والمثقفين والنشطاء كان أكبر مثال.
محمد الأحمري: هذا جانب لكن أيضا الديمقراطية في الكويت هي حقيقة ديمقراطية مسحوب منها أهم القضايا في الديمقراطية..
علي الظفيري: ما هي؟
محمد الأحمري: يعني مثلا قضية تقرير مصير البلد هو ما زال قضية مجتمع قبلي، ما زالت قبيلة تحكم هذا المجتمع وبالتالي القضية الخارجية والمال والعلاقات والقرارات الأساسية ورئاسة الوزراء بيد قبيلة لكن يسمحون بقضية الفوضى والضجة والخلاف لكن لا يصل إلى شيء هذا المستوى يعني قضية..
علي الظفيري (مقاطعا): يعني دكتور إحنا ننتقد في دول الخليج مثلا لكن الآن الجمهوريات يعني بدأت تقلدنا يعني في مصر توريث في ليبيا توريث في اليمن توريث في سوريا طبعا هذا النموذج الذي حدث فيه التوريث بشكل رسمي، في الجمهوريات بدؤوا يعني يرجعون للنموذج الخليجي التوريث يعني والعوائل الحاكمة والأسر الحاكمة.
محمد الأحمري: لكن النظر إلى أن هذه المجتمعات غير قادرة وأن في هذا يأس غير صحيح وهذه نظرة غير مستقبلية ولا غير جادة مستقبل، انظر إلى مجتمعات إسلامية انتقلت فعلا مثلا انظر قضية تركيا قضية ماليزيا تحقق فيها نظام ديمقراطي فعلا وفيها حريات وفيها نموذج للحفاظ على كرامة الإنسان هذا نموذج حي موجود بل الإسلام ينتصر فيه عن طريق الديمقراطية لا عن طريق الأوضاع السابقة.
علي الظفيري: أيضا نطرح تساؤلا مشاهدينا الكرام هل من تضاد بين الدين وفكرة الحريات في سياق علاقة الحرية بالدين وهل يتعارض تطبيق الشريعة في الدولة مع الحرية الشخصية والعامة؟ الدكتور غالب بن الشيخ يجيب على هذا التساؤل.
[شريط مسجل]
غالب بن الشيخ/ رئيس المنتدى العالمي للأديان من أجل السلام: المفروض ليس هناك تضاد ولا تصادم بين مفهوم الحرية التامة وفكرة التدين والدين بممارسته وبممارسة شعائره ومناسكه، هذا من المفروض ولكن للأسف الشديد في كثير من الأحيان وحتى عند بعض العقول ربما هناك تقييد أو نقيد فكرة الحرية بالتدين لأن هناك من يقول من دخل دينا فعليه أن يتبع كل ما تفرضه عليه المجتمعات التي تدين بمثل هذا الدين وأنا أرى شخصيا أن هناك نوعا من التضاد بين هاتين الفكرتين. المعضلة تكمن في تسييس الدين وفي تأسلم السياسة في كثير من الحالات وتوظيف الدين لأغراض غير روحية وغير سامية بل تخدم مصالح سياسوية لتأكيد بعض الشرعيات لبعض الأنظمة أو بعض الاتجاهات السياسية التي تفتقد هذه الشرعية.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: طبعا نستكمل الحديث مع ضيفنا الدكتور محمد الأحمري المفكر الإسلامي والمشرف على مجموعة من المواقع منها مجلة العصر على الإنترنت. دكتور هذه النقطة التي ذكرها الدكتور غالب هي قضية رئيسية يعني دولة أو مجتمع يقوم على دين رئيسي لا بد وأن يحدث تصادم هذا الأمر مع فكرة الحرية بشكل رئيسي وتبدأ عملية التقييد إلى أن تصل إلى أدنى درجة ربما أقل مما هو أدنى من ذلك.
محمد الأحمري: هو نسي مثلا أن العلمانية المتطرفة في فرنسا أنها دين في موقفها من الأديان يعني فيها فعلا تطرف ديني يعني مثلا قضية الحجاب وخرقة على الرأس لا تعني شيئا ومع ذلك هذا التطرف الديني الموجود باسم العلمانية لما أصبحت دينا أصبحت تحرم الناس من حقوقهم، أيضا كان عندهم خوف كبير من المسيحية كانوا يسجلون في بداية القرن أسماء الذين يذهبون إلى الكنيسة سجلوا أسماءهم، في أميركا بالعكس مثلا يعني الدين كان أساسيا في إنشاء الديمقراطية الأميركية حتى مثلا مجموعة من الموحدين مثلا برتراند راسل مثلا أو مجموعة أخرى من الفلاسفة كانوا يرون أن الدين في أميركا المسيحية يعني البروتستانتية تحديدا كانت أساس إنضاج الديمقراطية. الدين يمكن أن يكون عامل تحرير كما يمكن أن يكون عامل تعبيد الدين يمكن أن يكون عاملا لتقوية الديمقراطية كما يمكن أن يكون عاملا لهدمها، كيف قدمت هذا الدين، هل قدمته بمفهوم ضيق صغير جدا أم جئت برسالة الدين كما هو؟ بالتالي الدين نفسه طريقة تفسير الدين هي المهمة وليست قضية نموذج هناك نموذج نهائي نأخذه أو نرفضه.
علي الظفيري: نحن أحيانا كثيرة نركز على السلطة السياسية ومنعها وقمعها للحريات لكن حرية الفكر وقمع حتى علماء الدين.. ما تعرض له نصر حامد أبو زيد، محمد أركون، محمد الجابري يعني رحمهم الله جميعا ومفكرون مجتهدون كثر يشير إلى قضية يعني حدود حرية التفكير اليوم كيف يمكن أن تضبط هذه المسألة؟
محمد الأحمري: في عهد مثلا في عهود إسلامية مشهورة حكام وعهود فقهاء تجد مثلا الحسن البصري عنده مشايخ المعتزلة كانوا من تلاميذه مثلا بينما هو من رموز السنة، وجعفر الصادق مثلا من أئمة الشيعة ومن تلاميذه مثلا أبي حنيفة وغيره، وبالتالي القضية المجتمع المفتوح الحر ما عنده مشكلة في قضية هناك مذهب آخر أو رأي آخر لكن الحكومة التي أحيانا تحتاج عصبية معينة من مذهب معين تقمع الحرية بالتالي ليس الدين نفسه هو الذي يقمع لكن طريقة التعامل مع الدين..
علي الظفيري (مقاطعا): ولا علماء الدين؟
محمد الأحمري: نعم؟
علي الظفيري: ترى دور السلطة أكثر في توظيف علماء الدين؟
محمد الأحمري: لا، هو قضية علماء الدين قابل أن يوظفوا في أي اتجاه للأسف يعني، في منهم النزيه ومنهم المنافق منهم المرتزق منهم الجاد منهم المخلص هم ناس من الناس يعني في هذه القضية وبالتالي أحيانا حتى يعززوا سلطاتهم يزيلون السلطات الأخرى لكن الرقابة الاجتماعية الواسعة مثقفون تجار سياسيون الطبقة الحاكمة كلهم يشاركون في هوية المجتمع ستحدد هذه من سلطة رجل الدين كما تحدد من قضية التاجر إذا..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب هل يبدو دكتور موضوع الحرية كثير من علقوا ربما على موضوع الحلقة قبل ذلك بعض الأشخاص الذين التقيتهم، قد يبدو موضوعا ترفيا موضوعا فكريا موضوعا نخبويا أم أن له ضرورات أو أنه يمس الضرورات المعيشية والاجتماعية للفرد العربي بشكل عام في كل تفاصيل حياته برأيك؟
محمد الأحمري: الحقيقة غياب الحرية كان من أسباب الأساسية لإسقاط الدولة العثمانية يرى الإسلاميون أنها مركز أو كانت قوة الخلافة، العلماء في نهاية الدولة العثمانية كانوا ضد هذه السلطة وكانوا يعني عندهم أسماء سرية ويهربون ضدها ويخالفونها، العلماء كانوا من أسباب ضرب الخلافة المستبدة خلافة السلطان عبد الحميد. الاستبداد هو الذي يدمر، أيضا انظر لقضية العراق مثلا ما الذي هدم ما الذي دمر العراق؟ ليست قضية أميركا فقط، الاستبداد لما دمر المجتمع تماما أصبح المجتمع يبحث عن أي حل حتى عن طريق الخيانة أي طريق يدمر هذا المجتمع، الاستبداد مدمر لكل نموذج الحياة يدمر الأمن يدمر الاقتصاد يدمر الدولة يدمر كل شيء فالأصل أن نحرص على هذه الحرية لأنها ستطور العقل تطور المال تطور كرامة الإنسان تجعل حياتنا سوية ولا توجد هنا طبقية وأوثان يعني عندك إله وبعده الطبقة الإلهية التي بعده والثالثة والرابعة كما حصل في مجتمعات أخرى، كيف تطورت الوثنية في الهند بهذه الطريقة أو عند الفراعنة مثلا؟ تطورت بسبب السكوت على المفسد.
علي الظفيري: كان لدينا نموذج في الخليج جيد نموذج يعني فيه شيء من الديمقراطية أو من ممارسة الرقابة على الأقل البرلمانية في الكويت وصلنا إلى ضرب النواب في الشارع وضرب أستاذ قانون دستوري أيضا وسحله في الشارع، في لبنان تداول الطوائف يعني عملية طائفية بحتة، في العراق شاهدت يا دكتور ما حدث، في مصر مركز العالم العربي الدولة التي يعتد بها ويفترض بها وينتظر منها أن تقود نشاهد جميعا ما يحدث عملية توريث ربما على الأبواب وفي بقية البلدان، برأيك نحن نسير إلى مزيد من فقدان الحرية في مجتمعاتنا العربية؟
محمد الأحمري: الحقيقة نحن نعل على طبقة واعية وعلى ناس حريصين على بلادهم وعلى أمنهم وعلى كرامتهم أن يسعوا في قضية تحرير أكثر مما هو حاصل الآن..
علي الظفيري: كيف؟
محمد الأحمري: أما قضية الكويت كما ذكرت لا تصلح نموذجا لأنها مقموعة الحرية عند مستوى معين، لك أن تتكلم لكن لا تحصل.. مثلا في مصر هناك انتخاب لكن ليس هناك ديمقراطية، تستطيع أن تذهب للصندوق..
علي الظفيري (مقاطعا): هي عملية انتخاب برأيك؟
محمد الأحمري: وبالتالي إشغال للناس كما حصل الإنجليز مثلا..
علي الظفيري: هذه أفضل النماذج على فكرة يا دكتور.
محمد الأحمري: نعم لما ضج المصريون في فترة من الفترات أيام الاستعمار الإنجليزي وقالوا ماذا تريدون قالوا نريد انتخابات قال أعطوهم لهاية، بالتالي ممكن تلهي الناس بأي طريقة لكن عمليا لا يحكم الشعب نفسه عمليا لا يتطور..
علي الظفيري: الآلية لتغيير هذا الأمر دكتور برأيك؟
محمد الأحمري: لا بد من تصعيد فكرة الحريات ولا بد من النظر إلى الديمقراطية أنها حل أساسي لهذه المجتمعات.
علي الظفيري: من هي الجهات التي تقف أمام هذا الأمر برأيك؟
محمد الأحمري: أولا من يقف وراء هذا الأمر بدرجة أساسية طبقة المحتل الغربية التي تحارب الحريات وتظهر أنها تدعو لها لكن حقيقة هي تقمع لأنها تريد أ تتعامل مع مستبد يضمن لها المال وتبيعه السلاح وتأخذ منه وتؤمن مصالحه ويؤمن مصالحها فهي حريصة الاستبداد الخارجي، القضية الأخرى..
علي الظفيري: المحتل بالدرجة الأولى.
محمد الأحمري: المحتل بالدرجة الأولى، الطبقات المنتفعة التي هي الأقل أمانة في مجتمعاتنا وهي من شتى الطبقات، القضية الثالثة مجموعة الكسالى والصامتين والصمت حقيقة جريمة في حق الجميع في حق الحاكم والمحكوم، يجب أن ننتقل جميعا إلى التحرير التحرير يشارك فيه الحاكم لأن حقيقة حرية الحاكم مفروض أن نسعى لها جميعا نحرره من الاستبداد الذي يحصل له، هو يتظاهر أحيانا أنه صاحب القرار، لا، هو عنده إمكانية أن يسجننا لكن ليس له قرار آخر غير قضية سجن الشعب مضايقته منع الحريات إلى آخره، لا، نريد أن ينقذ نفسه وأن ننقذ أنفسنا معه من هذا الوضع الذي نعيشه.
علي الظفيري: المفكر الإسلامي الدكتور محمد الأحمري شكرا جزيلا لك على مشاركتك معنا في هذه الحلقة والمشرف على عدد من المواقع منها كما ذكرنا مجلة العصر على الإنترنت شكرا جزيلا. الشكر موصول لكم أنتم مشاهدينا الكرام على طيب متابعتكم، أذكركم ببريد البرنامج alomq@aljazeera.net
أتمنى ممن يريد أن يرسل لنا رسالة أن يضع في العنوان في العمق، تصل آلاف الرسائل ليست موجهة للبرنامج وبالتالي العنوان ربما يساهم كثيرا أو يساعدنا في الوصول إلى الرسائل بشكل مباشر. تحيات الزملاء داوود سليمان، عبد الهادي العبيدلي فريق البرنامج، في الأسبوع المقبل إن شاء الله لنا موعد جديد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.