السبت، 31 أكتوبر 2015

السيسي حين يعصر ليموناً إسرائيلياً



السيسي حين يعصر ليموناً إسرائيلياً
وائل قنديل

انشغل المصريون، وربما قطاع من العرب، بالحرب ضد مذيعة بائسة، اسمها ريهام سعيد، وانطلقت دعوات الجهاد الإلكتروني، للقضاء عليها، ووضع الساخرون والمغردون والقوميون والإنسانيون في حال استنفار قصوى، لحسم المعركة.
وقبل أن تضع "حرب ريهام" أوزارها، كانت دبلوماسية عبد الفتاح السيسي تخوض حرباً أخرى، في الأمم المتحدة، من أجل إسرائيل، غير أن هدير معركة المذيعة طغى على فحيح الدبلوماسية المصرية، وهي تتحدى الجميع، وتصوّت لصالح العدو الصهيوني، تاركة ناميبيا وحدها، تخوض نضال العرب ضد الاحتلال.
من أشعل فتيل "حرب ريهام" في هذا الوقت لم يكن يلهو أو يمضغ الوقت، ولا شك أنك سألت نفسك عن دلالة التوقيت، والمستهدف من هذا النوع من المعارك، مضمونة المتابعة والمشاهدة، والربح أيضا..
أظن أنك تمتلك إجابة الآن، بعد الإعلان رسمياً أن القاهرة صوتت لصالح الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، فيما امتنع باقي العرب عن التصويت، وقالت نامبيبا: لا.
هم بارعون في لعبة تحويل مسارات الاهتمام والغضب، ولعلك تذكر أنه، فيما كان الناصريون العرب يحيون بذكرى رحيل جمال عبد الناصر 28 سبتمبر، كان السيسي، زعيمهم الملهم الجديد، يعلن من نيويورك أنه جاء الوقت لدمج إسرائيل في المحيط العربي، وتذويب العرب في محبة إسرائيل، حين قال إن معاهدة السلام يجب أن تتسع لتشمل جميع الدول العربية.
كان لافتاً وقتها أن إطلاق السيسي دعوة "الاصطفاف العربي مع إسرائيل" يأتي مع ارتفاع أصوات داخل مصر تطالب بمزيد من إجراءات اجتثاث "الإخوان المسلمين" من المعادلة السياسية المصرية. 
وبالطبع، ابتلعت أصوات إقصاء "الإخوان" أي صوت، ولو خفيضاً، يهمس بمعارضة ضم إسرائيل. كتبت وقتها أن "معادلة السيسي بوضوح هي: كلما أردت الاقتراب من إسرائيل، عليك الابتعاد عن الإخوان.
وبالتالي، فإن إقصاء الإخوان يساوي إدماج إسرائيل، هذا هو مضمون الرسالة التي يوجهها الجنرال، من نيويورك، ومفهوم "الإخوان" هنا يتعدى الدائرة المصرية الضيقة، ويمتد ليشمل كل أشكال العداء للاحتلال الإسرائيلي". 
نعود إلى قصة تصويت قاهرة السيسي، لا قاهرة المصريين والعرب، لمصلحة شقيقتها الكبرى، تل أبيب، لتجد العجب العجاب، إذ تعلن المصادر الدبلوماسية المصرية كذباً أنها منحت صوتها لإسرائيل في الاقتراع على منحها عضوية لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، من أجل عيون قطر!
وفي التفاصيل، كما ورد على لسان الدبلوماسي "المجهول" أن التصويت كان إجباريا على خمسة مرشحين مجتمعين، هم إسرائيل والإمارات وعُمان وقطر، ودولة أخرى، وبالتالي، كان الامتناع يعني حرمان قطر والدول العربية من الصوت المصري، فاضطرت القاهرة الحنون الطيبة أن تعصر على نفسها ليمونة وتختار إسرائيل، حباً في قطر وخوفا عليها.
رواية عبيطة وتافهة وساذجة، ينسفها أن قطر امتنعت عن التصويت، أصلاً كي لا يذهب صوتها للكيان الصهيوني، فضلاً عن أن القاهرة لا تخفي كراهيتها الدوحة في كل محفل عالمي. وبالتالي، لا ينطلي على عقل طفل الكلام عن حنان مفاجئ دبّ في أوصال مصر، من دون مقدمات، فجعلها تتجرع السم الإسرائيلي، كي تمنح قطر وعُمان وأبو ظبي الحياة.
تحاول "قاهرة السيسي" أن تصوّر المسألة على طريقة دراما "من أجل أبنائي"، تبريراً لوقوعها في "الحرام الإسرائيلي"، وهي محاولة مضحكة للغاية، ذلك أن الثابت قطعاً، بالدليل العملي والبرهان اللفطي، أن مصر السيسية وإسرائيل شريكان وحليفان استراتيجيان، تربطهما علاقة التابع بالمتبوع، فمنذ البداية كان واضحاً أن الانقلاب الذي نفذه عبد الفتاح السيسي، إن لم يكن صناعة إسرائيلية خالصة، فإنه كان مصلحة لها، نالت رعايتها ودعمها منذ اليوم الأول.
هنا، ليست مصادفة أن الإعلان عن طائرة استطلاع صهيونية تمسح وسط سيناء، بعد كارثة طائرة الركاب الروسية، يأتي من تل أبيب.. ليس بين الأحبة حساب ولا عتاب.
ومن هنا ، العادي والمنطقي والطبيعي أن يكون صوت حكومة السيسي لإسرائيل، وكان سيصبح غريباً وصادماً ومفاجئاً، لو أن القاهرة صوّتت ضد تل أبيب، أو امتنعت عن التصويت لها، فالقصة ليست فواتير على السيسي، لإسرائيل فقط، وإنما تتجاوز ذلك إلى حالة من الالتقاء الوجداني والعاطفي بين الطرفين، إذ يتبادلان أنخاب الكراهية لمشروع المقاومة، الفلسطيني الإخواني، ويتقاسمان فطيرةً معجونةً بدماء المنخرطين فيه، ويطلقان صيحة الحرب المقدسة، حتى جلاء آخر إخواني عن مصر، وآخر مقاوم عن أرض فلسطين، كما قلتها سابقاً، وأعود إليها لاحقاً، مدخلاً للحديث عن انفجار "أنبوب الاصطفاف" مجدداً.

حصلت على 643 يوما من العذاب أما جلادي فهو يحظى بالسجادة الحمراء



I got 643 days of torture. My tormentor gets Cameron’s red carpet
حصلت على 643 يوما من العذاب أما جلادي فهو يحظى بالسجادة الحمراء


محمد سلطان
  1. مقالي الأول في الجارديان اليوم عن زيارة الجنرال الي بريطانيا.



بعد ثلاثة عشر يوما فقط من إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن العسكر في مصر يقوم "باستعادة الديمقراطية" أخطأتني رصاصة مرت على مسافة بضع بوصات من رأسي في نفس الوقت الذي كان الجيش يفتح نيران مدافعه باتجاه المتظاهرين السلميين في قلب القاهرة.

إلا أن الرصاصة التالية لم تخطئني في ذلك اليوم من شهر أغسطس من عام 2013، حيث أصابتني في ذراعي وحطمت عظامي، ولم يغن عني جواز سفري يومها شيئا، (أنا أحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية)، ولم يوفر لي أي قدر من الحماية.

كان ذلك بعد دقائق قليلة فقط من تعرض مصورين صحفيين، بمن فيهم البريطاني ميك دين، للإصابة بطلقات نارية قاتلة في الرأس، فيما وصفته منظمة "هيومان رايتس واتش" بـ "اليوم الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث".

لقد كنت، بالإضافة إلى الكثيرين من الصحفيين والمصورين، نستهدف بالقتل لمجرد أننا كنا نغطي ما كان يقوم به العسكر في مصر من جهود "لاستعادة الديمقراطية" من خلال الفض العنيف لاعتصام سلمي نظم للاحتجاج على الانقلاب العسكري الذي وقع في الثالث من يوليو وأطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر.

بعد مرور خمسة وعشرين يوما على تصريح كيري، قبض علي في داخل بيت عائلتي واعتقلت مع ثلاثة صحفيين آخرين.

وعلى مدى 21 شهرا أعقبت ذلك تعرضت أنا وزملائي المساجين السياسيين إلى تعذيب بدني ونفسي ممنهج كان من الشدة والتنكيل بحيث لم أفق بعد من صدمته رغم مضي خمسة شهور على إطلاق سراحي من المعتقل.

وكانت قد نظمت لنا بمجرد وصولنا "حفلات استقبال" في زنازين مكتظة بالمعتقلين، حيث اصطف الحرس والضباط في خطين متوازيين، وأجبرنا على الهرولة بينهم على امتداد المسافة وسط الصفين، على نمط رقصة سول ترين سوى أننا كنا نتلقى الترحيب من قبل ضربات تنهال علينا بالهراوات والسياط والأحزمة، ونالني من الضرب ما نالني، ونال ذراعي الذي كان ما يزال يعالج من آثار الكسر نصيبه من الضرب، على مدى ساعتين كاملتين.

بعد بضعة شهور أجريت لي عملية جراحية مرتجلة لإزالة صفيحتين معدنيتين من ذراعي. وقام بدور الجراح أحد النزلاء معي في الزنزانة، مستخدماً شفرة حلاقة وكماشات كأدوات لإجراء العملية الجراحية.

وبعد أن بدأت إضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على اعتقالي غير القانوني، وضعت تحت "الرقابة الطبية" في زنزانة للعزل الانفرادي داخل السجن الخاضع للحراسة المشددة، كدت تقريبا أموت في عشر مناسبات، وذلك بسبب الإصابة بغيبوبة ناجمة عن انخفاض حاد في مستوى السكر في الدم وبسبب الإصابة بانصمام رئوي.

ثم نقلت إلى غرفة بلا شبابيك مساحتها 2.5 متر في 3 متر، في الطرف الأقصى من السجن.
وهنا تعرضت لتعذيب نفسي شديد بسبب الحرمان من أي تواصل مع البشر، فيما عدا ضباط السجن الذين كانوا يحرضونني على الانتحار من خلال إدخال شفرات الحلاقة إلى زنزانتي وتعمد تعرية أسلاك الكهرباء داخلها، وكانوا طوال الوقت يرفعون أصواتهم بإرشادات صريحة موجهة إلي حول كيفية تحقيق ذلك المصير. كما استخدموا والدي، وكان سجينا سياسيا – وما يزال، سلاحا ضدي.

وبعد مرور 643 يوما على إعلان كيري، أطلق سراحي ورحلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية.


ونظرا لما اكتسبته قضيتي من صيت سيء وبفضل الجهود الدولية فإن كل ما عانيته ومررت به جرى بعلم سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة.


أما بالنسبة لما يزيد عن 40 ألف سجين سياسي، ممن لا يدري بهم أحد أو لا توجد لهم ارتباطات دولية، فلا رقيب ولا حسيب على أي مستوى من المستويات: فقد تم طرد جميع المنظمات غير الحكومية وجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان إلى خارج مصر، ويتعرض الصحفيون لغرامات عالية وللسجن إذا ما نقلوا إلى الإعلام أي معلومات تشذ عما تقدمه الدولة من روايات رسمية.

بعد ثلاثين يوما على إطلاق سراحي، أعلن دافيد كاميرون إستراتيجيته لمكافحة التطرف في بريطانيا، إلا أنه أخفق في رؤية كيف سيؤدي مد السجادة الحمراء أمام الجنرال السيسي لاستقباله في واحدة من أعرق الديمقراطيات البرلمانية في العالم إلى تسعير ألسنة لهب النار ذاتها التي يقول إنه بحاجة لأن يطفئها.

أعلم علم اليقين، وبناء على تجربة شخصية مررت بها، الشعور باليأس والإحباط الذي يسود أجواء المعتقلات والسجون المصرية، وكم سمعت تقارير ساخرة صادرة عن المسؤولين المصريين تفيد بأن العالم المتقدم قد تخلى عن مثالياته وقيمه وأغمض عينيه حتى لا يرى الانتهاكات التي ترتكبها الدولة التي يهيمن عليها العسكر.

بعد واحد وستين يوما على إطلاق سراحي، التقيت بوزير الخارجية كيري وشرحت له الظروف داخل السجون المصرية، وألححت عليه بضرورة التفكير في إحداث تغيير في السياسة من شأنه أن يبطئ من التآكل الحاصل في الثقة بنموذج الديمقراطية والحرية لدى السجناء السياسيين من نشطاء الربيع العربي.

لقد قام النظام في مصر بخلق حالة من الاستقطاب داخل البلد وعمد إلى خنق الحريات وسد جميع منافذ التعبير السلمي والمعارضة السياسية وكل أشكال العمل الحر داخل المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وتسبب في مقتل وجرح وسجن وتشريد الآلاف المؤلفة من الناس.

ولم تبق قوانين منع الاحتجاجات ومكافحة الإرهاب مجالا لأي حوار بناء داخل مصر، ناهيك عن أن تسمح بأي نوع من المعارضة أو الاختلاف.

ولا يقتصر ذلك فقط على المعسكر الإسلامي الذي يتعرض للشيطنة بشكل دائم، بل لقد وصل القمع إلى كل صوت معارض على امتداد الطيف الأيديولوجي والسياسي.

ولقد أضحت البيئة الحالية أرضاً خصبة لتنامي التطرف، وخاصة بعد أن وجد الكثيرون من شباب مصر، الذين وقع إقصاؤهم عن العملية السياسية، أنفسهم يثيرون التساؤل حول قيم الحرية والديمقراطية التي كانوا في يوم من الأيام يعتزون به ويعلقون عليها الآمال، بعد أن شاهدوا العالم الحر يلتزم الصمت تجاه ما يمارسه السيسي من قمع وبطش.

في هذه الأثناء تستمر الحكومة في تسخير كل الموارد المتاحة من أجل خنق أي معارضة سياسية بدلاً من أن تستخدمها في تنفيذ خطة ناجعة لمواجهة التطرف. لقد منحني الإضراب الذي خضته عن الطعام مجالاً إيجابياً لمقاومة الظلم والتطرف في نفس الوقت، إلا أن هذا لا ينطبق بحال على الآلاف من السجناء، رغم أنهم مايزالون يتعلقون بالأمل.

لن تؤدي زيارة السيسي إلى المملكة المتحدة إلى النيل من قيم ومبادئ العالم الحديث فقط، بل سوف تهدد أيضا أمن واقتصاد ومصالح المملكة المتحدة واللاعبين الكبار الآخرين الذين يستثمرون في مستقبل مصر.

إذا كان كاميرون لا يرغب في سحب دعوته للضيف نزولا عند المبدأ، فإن عليه أن يفعل ذلك انسجاماً مع إستراتيجية مكافحة التطرف التي جاء بها بنفسه.

في دقيقة ... خادم نتن يا هو

في دقيقة  ...  


  خادم نتن يا هو



الجمعة، 30 أكتوبر 2015

"ليندزي جراهام" في استجواب عاصف في الكونغرس: لقد سلمتم سوريا لروسيا وإيران

"ليندزي جراهام" في استجواب عاصف في الكونغرس: لقد سلمتم سوريا لروسيا وإيران

مقطع من جلسة الاستماع في لجنة الخدمات العسكرية لــ الكونغرس 



الترجمة: خدمة العصر
السناتور "ليندزي جراهام" يجبر وزير الدفاع الأمريكي وقائد أركان الجيش في استجواب الكونغرس على الاعتراف بحقيقة موقف إدارة الرئيس أوباما تجاه إسقاط الأسد ومحاربة تنظيم الدولة "داعش".
وهذا ما دار بينهم حرفيا:
-السناتور "ليندزي جراهام": دعوني أرى إن كنت قد فهمت هذا بشكل صحيح.
سوف نقوم بتدريب أناس داخل سوريا لمحاربة "الدولة الإسلامية" بدلا من تدريبهم خارج سوريا ونجهزهم بالأسلحة في الداخل، صحيح؟ إستراتيجية جديدة؟
-وزير الدفاع "آشتون كارتر": نعم حيث هم.
-السناتور "ليندزي جراهام": تحملني لمساعدتي على الفهم.. هل ما زلنا نريد استبدال الأسد.
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": بالتأكيد نعم.
- السناتور "ليندزي جراهام": هل هذا هدفنا؟
 -وزير الدفاع "آشتون كارتر": نعم الانتقال من حكم الأسد إلى حكومة سورية استثنائية معتدلة..
-السناتور "ليندزي جراهام": جنرال "دانفولد"، هل من الذكاء ترك روسيا تحارب تنظيم "الدولة الإسلامية"، ونبقى نحن خارج المعركة؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": روسيا لا تحارب "الدولة الإسلامية".
- السناتور "ليندزي جراهام": لكن هذه لن تكون فكرة جيدة، أن نعتمد على روسيا لمحاربة "الدولة الإسلامية" من أجلنا.
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": سناتور، أعتقد أننا نحتاج للتدخل مبكرا من أجل مصالحنا القومية. من مصلحتنا القومية التعامل بحزم مع "الدولة الإسلامية"، لذلك يتوجب القيام بذلك بفعالية أكبر. وأنا لست واثقا بأن روسيا فعالة في ذلك.
- السناتور "ليندزي جراهام": أنا متفق معك تماما. فهل سوف نقدم دعما جويا للناس الذين ندربهم لمحاربة "الدولة الإسلامية".
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": نحن نقوم بذلك، سناتور.
- السناتور "ليندزي جراهام": هل هؤلاء الأشخاص، الذين ندعمهم، يريدون أن يسقطوا الأسد؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": الذين ندعمهم الآن يركزون على "الدولة الإسلامية".
- السناتور "ليندزي جراهام": هل لديهم هدف لإسقاط الأسد؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": سناتور، لا أعلم.
- السناتور "ليندزي جراهام": ماذا تعني بأنك لا تعلم؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": الذين ندعمهم...لا أعلم لأنه..
- السناتور "ليندزي جراهام": ألا تعتقد أن معظم الناس في سوريا يريدون شيئين؟ يريدون القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" والتخلص من الأسد الذي قتل منهم 250 ألفا من عوائلهم.
هل هذا غموض حقا؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": لا، ليس كذلك.
- السناتور "ليندزي جراهام": ليس غموضا! حسنا، هل روسيا تحارب من أجل الأسد؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": نعم، روسيا تحارب لأجل الأسد.
- السناتور "ليندزي جراهام": وهل إيران ستحارب لأجل الأسد؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": هل يفعلون ذلك، سيدي.
- السناتور "ليندزي جراهام": هل حزب الله سيحارب من أجل الأسد؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": نعم، هم يفعلون ذلك.
- السناتور "ليندزي جراهام": عندما ينقلب الناس الذين ندربهم لمحاربة "الدولة الإسلامية" على الأسد، وبالتأكيد سيفعلون، فهل سنحارب معهم لاستبدال الأسد؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال، سيناتور.
- السناتور "ليندزي جراهام": هل تستطيع الإجابة، سكرتير كارتر؟
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": نعم، حتى نكون واضحين...دعنا نأخذ..
- السناتور "ليندزي جراهام": ذلك اليوم، سيأتي.
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": الأكراد...أنا...أنا..
- السناتور "ليندزي جراهام" مقاطعا: هل ترى احتمال أن الناس في سوريا لا يريدون إسقاط الأسد؟
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": الناس الذين نسلحهم يأتون من مناطق سيطرة "الدولة الإسلامية" ليتغلبوا عليها.
- السناتور "ليندزي جراهام": هل يريدون إسقاط الأسد؟
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": في الأغلب، هم يركزون على هزيمة "الدولة الإسلامية".
- السناتور "ليندزي جراهام": ولكن، هل يريدون إسقاط الأسد؟ هل سألتهم؟
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": نعرف ما ينوون عمله وهو محاربة "الدولة الإسلامية"، وهذا ما يفعلونه الآن.
- السناتور "ليندزي جراهام": كيف هذا؟ أنت تعلم جيدا كما أعلم وأنتما تعلمان أيضا، أن السوري العادي لا يريد القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية"، وفقط، بل ينوي يقينا تدمير الأسد الذي قتل 250 ألفا منهم.
وهنا السؤال الموجه لهذه اللجنة )لجنة القوات المسلحة التي يرأسها السناتور جون ماكين(: كيف سنؤثر في مغادرة الأسد في الوقت الذي تحارب فيه روسيا من أجله وإيران ستحارب من أجله وحزب الله يحارب من أجله، ولم نقم بفعل أي شيء لمساعدة الشعب السوري في إسقاط الأسد، وأنتما تدركان ذلك.
لذا، حينها يذهب كيري إلى جنيف، فهو يعطي سوريا للروس والإيرانيين.
فهل هناك أي تهديد عسكري جدَي الآن بوجود روسيا وإيران وحزب الله بجانبه؟
فهل ترى أي تهديد جدي عسكري للإطاحة بالأسد، جنرال "دامفورد"؟
- رئيس هيئة الأركان "جوزيف دانفولد": أعتقد أن موازين القوى الآن لصالح الأسد.
- السناتور "ليندزي جراهام": ليست لصالحه، بل يشعر بالأمان كلما طال أجله.
لذا، هذه الإستراتيجية تتساقط تماما. روسيا، إيران وحزب الله سيحاربون من أجل رجلهم )الأسد(، في حين لم نقوم بعمل أي شيء لمساعد الشعب الذي يريد تغيير سوريا نحو الأحسن بالتخلص من الدكتاتور في دمشق.
فهل ترى، سكرتير كاتر، أي احتمال لدعم جهد لإسقاط الأسد بالقتال، جنبا إلى جنب، مع الناس الذي يريدون الإطاحة بالأسد في سوريا؟
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": النهج الذي نتبعه لإزالة الأسد..
- السناتور "ليندزي جراهام" مقاطعا: هل يتضمن عاملا عسكريا؟
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": هو، أساسا، جهد سياسي في سوريا..
- السناتور "ليندزي جراهام" مقاطعا: إذا، فالجواب هو: كلاَ..
هل سنقاتل مع أناس يريدون إسقاط الأسد عسكريا؟ هل سنوفر لهم المساعدات العسكرية؟
- وزير الدفاع "آشتون كارتر": برنامجنا للتدريب والتجهيز..
- السناتور "ليندزي جراهام" مقاطعا: الجواب هو: كلاَ.. الجواب هو: كلاَ..
لذا، دعني أنهي هذا.. إذا كنت أنا الأسد، فهذا يوم جيد بالنسبة لي، لأن الحكومة الأمريكية قالت، دون أن تصرح، إنها لن تقاتل لاستبدالي. وإنه حقا يوم جيد أيضا بالنسبة للروس، الإيرانيين وحزب الله..لأن رجلهم )الأسد( لا يواجه تهديدا عسكريا جديا.
فهل يمكنكم إخباري الآن: ما نوع الصفقة التي سنحصل عليها، يا قوم.
أنا متأكد من أننا سنحصل على صفقة جيدة مع هذا النظام.
لذا، ما فعلتم، يا سادة، توافقا مع الرئيس، أنكم سلمتم سوريا لروسيا وإيران.
أخبرتم الشعب في سوريا الذي مات منه مئات الآلاف بأننا قلقون بشأن استقرارنا السياسي أكثر من الذي قد يأتي.
وكل ما يمكنني قوله: إن هذا يوم تعيس بالنسبة لأمريكاـ والمنطقة ستدفع ثمن هذا الجحيم، لأن العرب لن يقبلوا هذا، والشعب في سوريا لن يقبل بهذا.
هذه إستراتيجية حمقاء على أحسن تقدير.

صورة اليوم


أحمد سالم ترتيبه الأول علي مصر والوطن العربي وأفريقيا في البرمجه وعلوم الكمبيوتر بشهادة أكبر المؤسسات العالميه عمل في جوجل وفيسبوك وميكروسوفت و مسئول عن تدريب فريق من المبرمجين يشارك عالميا في مسابقات العالم،وكل وزراء الاتصالات و التعليم و رؤساء الجامعات يكرموه سنويا، و من شهر كان في قناة النيل الثقافية يتحدث عن تطوير المناهج ،،وهو لازال طالب في الأكاديمية .. إعتقله أمن الإنقلاب في مصر بتهمه إفساد العمليه التعليمية!

"أللهُ أحد" و"خطاب ال 138 عاقلا"

"أللهُ أحد"
و"خطاب ال 138 عاقلا"
أ. د. زينب عبد العزيز 
أستاذة الحضارة الفرنسية

بمناسبة مرور خمسين عاما على وثيقة "فى زماننا هذا" ، الصادرة فى 28 أكتوبر 1965 ، من المفيد تحديد بضعة نقاط لندرك موقف الفاتيكان من المسلمين. 
وهى أقصر وثيقة من الوثائق التى أصدرها مجمع الفاتيكان الثانى وأكثرها ثورية : فهى تحدد علاقات الكنيسة الكاثوليكية مع الديانات الأخرى ، وتكشف إلى أى مدى إبتعدت عن ماضيها لتبرأة اليهود من قتل المسيح، بتحد لافت للنظر، والشروع فى إقتلاع الإسلام. ومن المفيد أيضا أن نتابع التلاعب والأحاييل الناجمة عن هذه الوثيقة، لنرى كيف إن كل شئ معد بدهاء.
وللتذكرة، بخلاف كل ما أصدره هذا المجمع من وثائق، فقد قرر إنشاء "المجلس البابوى للحوار بين الأديان"، و"المجلس البابوى لتنصير الشعوب".
وهو ما يكشف عن مدى أهمية هذان الموضوعان، الحوار بين الأديان، وتنصير الشعوب، وأنهما تخطيط مطلوب لمرحلة ما بعد المجمع الفاتيكان الثانى (1962ـ1965).
     
وقد قمت بالتعليق على هذه الوثيقة فى حينها : (http://saaid.net/daeyat/zainab/14.htm ) ، وللتذكرة، من الضرورى توضيح كيف إن وثيقة "فى زماننا هذا" تبدأ بذكر: "الله أحد" ، ولا تشير أبدا إلى الإسلام كديانة، وإنما تتحدث عن المسلمين. كما لا يرد ذكر القرآن، ولا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، لكى لا يقولوا شيئا عن نبوّته. وهو ما يؤدى إلى أن الحوار، بدلا من أن يكون تبادل الآراء حول النسق الدينى، يتحول إلى مجرد أناس مؤمنون يبحثون عما تتضمنه عقيدتهم. لكنه فى الواقع وسيلة للفاتيكان لإملاء قوانينه ومطالبه.

ومن عام 1965 إلى 1982 ، بدا الأمر وكأنه يتم سراً : فالتنصير يقدمونه على أنه توصيل الإنجيل إلى كافة البشر، والحوار بين الأديان على أنه من قبيل التعارف. 
وفى عام 1982 ، قام البابا يوحنا بولس الثانى بزيارة لإسبانيا، وأعلن من مدينة شانت يقب عن : "ضرورة تنصير العالم". مما جعل أحد صحفيىّ جريدة لومند الفرنسية يقول : "إن البابا يوحنا بولس الثانى يسير على الإسلام بوابور ظلط" !!
ومن باب الإسراع وتدعيم تهمة الإرهاب الملصقة بالإسلام منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 ، نظرا لتعاون الفاتيكان والولايات المتحدة فى هذا المجال، قام البابا بنديكت 16 بإلقاء محاضرة فى راتسبون يوم 12 سبتمبر، أى بعد خمس سنوات من جريمة الأبراج الثلاثة التى نسجتها تلك الولايات المتحدة، وتعمد البابا خلالها سب الإسلام والمسلمين وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. 
ثم قام بالربط بين الإسلام والإرهاب مستعينا بنصٍ مشكوك فى أصله وفى صحته : "أرنى ما أتى به محمد من جديد ولن تجد سوى كل ما هو شر وغير إنسانى، مثل ما قام به من توصية نشر الإسلام بحد السيف". ثم أضاف الفكرة الرئيسية : "إن العنف المرتبط بالإيمان هو النتاج الحتمى لوَهَن العلاقة القائمة بين الإيمان والعقل فى العقيدة الإسلامية". تلتها موجة ردود أفعال من العالم الإسلامى. وكرد فعل لها ، أثار الموضوع هجوما عنيفا معدّا له فى كل أوروبا ضد الإسلام والقرآن. ومن أجل تهدأة هذه الإعتراضات من جانب المسلمين، قام الفاتيكان وأعوانه وإعلامه برفع وثيقة "فى زماننا هذا" لتأكيد أنهم لا يقللون من شأن الإسلام والمسلمين، وإنما ينادون بالحوار !
ثم قام 28 من الشخصيات المسلمة المتخصصة بالرد على البابا، إعتراضا على تعريفه بالإسلام وعلى القهر الذى يزعم أنه يفرضه، شارحين الإسلام والعقلانية فى العقيدة ومفهوم التصعيد المطلق لله ، الرحيم، ومفهوم الجهاد. كما أوضحوا تحيّز المصادر التى إستعان بها البابا. وكنت قد قمت بالتعليق على خطاب راتسبون فى حينه : (http://saaid.net/mohamed/214.htm ).

وبعدها مباشرة قام البابا بنديكت 16 بزيارة تركيا، وزار المسجد الأزرق، وأدى تمثيلية التأمل صمتا لبضعة لحظات. 
وفى 22 ديسمبر 2006 وجّهَ خطابه لتهنئة هيئة العاملين بالفاتيكان بعيد الميلاد.
 وفى هذا الخطاب الذى عادة لا يقرأه أى مسلم بكل أسف ليعرف ما يدور بالكواليس ، قال تحديدا : "فى حوار علينا تكثيفه مع الإسلام، يجب أن نتذكر واقع أن العالم الإسلامى يجد نفسه اليوم بإلحاح شديد حيال المهمة المماثلة للتى تم فرضها على المسيحيين إبتداء من عصر التنوير، والتى إستجاب لها الفاتيكان بتقديم حلول جذرية بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية بعد عملية بحث طويلة صعبة" ! ثم أضاف بعدها : "إنه الموقف الذى يتعيّن على جماعة الأتباع [يقصد المسلمين]، حيال المعتقدات والمطالب التى تأكدت فى فلسفة عصر التنوير (...). إن العالم الإسلامى، بتراثه الخاص، يجد نفسه أمام الواجب الكبير ليجد الحلول التى تتفق وهذا الصدد".
وإن كان المسلمون لا يطّلعون على الوثائق البابوية بكل أسف ، فذلك لا يمنع من أن "فعل الأمر قد صدر لكل العاملين فى الحوار بين الأديان. ولا أفهم بأى حق يسمح هذا البابا لنفسه بمطالبة المسلمين بتحريف نص القرآن المنزل من عند الله ويقوموا بتطبيق ما فرضه عصر التنوير على الكنيسة فى تلك الأزمة الشهيرة بين الأصولية والحداثة، بين التحريف الكنسى وبين الأمانة العلمية ؟!
فما من إنسان يجهل إلى أى مدى تم التلاعب بالنصوص الكنسية طوال القرون الأربعة الأولى. وتكفى مطالعة مقدمة القديس جيروم لإعادة صياغته للأناجيل، لندرك منذ متى بدأ التلاعب بالنصوص المسيحية التى تثبت بكل تأكيد : أن المسيحية الحالية قامت الكنيسة بصياغتها بكل جبروت. 
وكنت قد علقت على هذه المقدمة الاهادمة لأى مصداقية كنسية http://saaid.net/daeyat/zainab/6.htm 

"خطاب ال 138 عاقلا" :
فى يوم 13 أكتوبر 2007 تنازلت 138 شخصية مسلمة من كبار علماء الدين، من 43 جنسية مختلفة، وقدموا للبابا بنديكت 16 خطابا بعنوان "كلمة سواء بيننا وبينكن"، أعلنوا فيه ووقعوا على أن المسيحيين والمسلمين يعبدون نفس الإله !! ويا لها من قمة فى الفضيحة والتحريف، وإستندوا كتبرير لهذا الجُرم ببداية سورة "الإخلاص" : "قل هو الله أحد، الله الصمد"، وتغافلوا عن بقية السورة التى تؤكد : "لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد". وهو ما ينفى تماما العقائد المؤسسة للمسيحية الحالية.

ففى هذه المسيحية، الله ثالوث فى جوهره كما يقولون. أما فى الإسلام فالله فى تصعيد مطلق. كما أن القرآن الكريم يناقض كل العقائد الأساسية التى نسجتها الكنيسة، ولذلك أنزله الله عز وجل ليكشف تحريف عقيدة التوحيد عند اليهود والنصارى. والآيات التى تدين عقيدة الثالوث شديدة الوضوح. لذلك، فإن القرآن والمسلمين ينكرون كلية العقائد الأساسية للمسيح : الثالوث، والتجسد، والفداء. فهناك فارق شاسع بين الله الواحد الأحد بالنسبة للمسلمين، والإله الثلاثى التكوين للمسيحيين، أو "إبن الله" الذى تجسد بشرا. ولا يمكن الخلط أو التحايل بين العقيدتين إلا بالتحريف كما حدث فى ذلك الخطاب.

وأهم شخصيتان وقعتا على "خطاب ال 138 عاقلا" هذا ، هما :
عارف على النايض، وهو ليبى الأصل يعمل فى "برنامج بين العقائد" التابع لجامعة كمبريدج ، ويقوم بالتدريس فى المعهد البابوى للدراسات العربية والإسلامية، أى أنه فى رحاب جماعة الفاتيكان.
 والثانى هو يحى سرﭽيو ﭙلاڤتشينو ، مسلم سابق تم تنصيره ، ويعمل أيضا فى رحاب الفاتيكان.
وقد قاما بدور التعريف والتقارب ونقل المعلومات والمطالب بين السلطات الفاتيكانية والعاملين بلجنة آل البيت. وقد إنضم إليهما فى نفس المهمة خالد عكاشة، "وهو أردنى، شديد المعرفة بالإسلام وعضو فى المجلس البابوى للحوار بين الأديان". ويتوقف تعريف الفاتيكان به عند هذا الحد ولا يقولون أنه كان مسلما وتم تنصيره !
وفى يوم 18 أكتوبر 2007، أعلن الكاردينال جان لوى توران فى حديث مع جريدة لاكروا قائلا : "مع بعض الديانات يمكن التوصل إلى حوارات دينية. أما مع الإسلام فلا، ليس فى الوقت الحالى. إن المسلمين لا يقبلون النقاش فى القرآن، لأنه مكتوب، كما يزعمون، بإملاء من عند الله. ومع مثل هذا التعريف المطلق، من الصعب التوصل إلى نقاش فى العقيدة". وعبارة "ليس فى الوقت الحالى" تثبت أن هناك مزيد من المحاولات الأخرى ستتم للحصول على تنازلات جديدة..

البابا بنديكت 16 و"خطاب ال 138 عاقلا" :
مما له مغزاه ضرورة توضيح أن خطاب ال 138 عاقلا هذا له عنوان محدد هو : "كلمة سواء بيننا وبينكم". ورغمها لا يستخدمه الفاتيكان ولا الإعلام التابع له ولا يشير إليه إلا تحت عنوان : "خطاب ال 138 عاقلا". ويا لسخرية القدر أن توصف العلاقة بين الخيانة والطاعة الإجبارية بالعقل والحكمة !!

وبعد شهر ونصف، فى 29 نوفمبر 2007، قدم بنديكت 16 رده موقعا عليه من أمين سر الفاتيكان. وكان رد البابا موجها إلى الأمير غازى بن طلال، من العائلة المالكة الأردنية، الذى تولى الإشراف على عملية إعداد ذلك الخطاب الذى وقع عليه 138 مسلما من 43 دولة ! ومن الملاحظ أن رد البابا موقعا عليه يوم 9 نوفمبر ولم يتم الإعلان عنه سوى يوم 29 ، فى نفس الوقت مع الإعلان عن الخطاب الرسولى البابوى الثانى لبنديكت 16، والمعنون "فى الإيمان نحن منقذون"، يوم 30 نوفمبر وهو يوم عيد "المسيح ملكا للعالم أجمع". وتناولت وسائل الإعلام الخطاب الرسولى للبابا بالطنطنة اللازمة والتغطية على رده على أولئك المسلمين..

ويقول البابا بنديكت 16 : "لقد أجبت عليهم بسعادة والتعبير عن إنضمامى المقتنع بالأهداف النبيلة، مؤكدا فى نفس الوقت على ضرورة سرعة الإلتزام لحماية قيم الإحترام المتبادل، والحوار والتعاون. إن الإعتراف المتبادل بوجود الله الأحد، خالق الكون والحاكم العالمى لأعمال كل منّا ، يمثل بداية حركة مشتركة لصالح الدفاع عن الإحترام الفعلى لكرامة كل إنسان لإقامة مجتمع أكثر عدلا وأكثر تضامنا". ثم أضاف بعدها : "إن الحوار بين الأديان لا يستبعد التنصير ولا تأكيد أن أتباع المسيح عليهم أن يكونوا مبشرين برسالة الإنجيل". ثم أعرب عن فرحته من رؤية 138 موقعا على الخطاب يختارون بالإجماع موضوع رسالته البابوية الأولى لتكون محور التعاون بين مجموعتي العمل الذى سيدور حول "الثقافة والمجتمع" وليس فى العقيدة". لذلك إستخدم كلمة collaboration بالفرنسية التى يدخل "التواطؤ" من ضمن معانيها..

إن البابا يطالب الإسلام بأن يتبع نفس الطريق الذى إتخذته الكنيسة الكاثوليكية تحت ضغوط عصر التنوير. لأن حب الله وحب القريب يجب أن يتم مع القبول التام للحرية الدينية، التى تعنى فى نصوص الفاتيكان : تغيير الديانة.
وثانى يوم الإعلان عن رد البابا ، قال الكردينال جان لوى توران لصحيفة آفنيرى الإيطالية : "لا يمكن الحوار مع الإسلام الذى يعلن عن الإرهاب ويمارسه، وهو ما ينجم عن إسلام يسيئون تفسيره". لذلك فإن المطلوب من المسلمين عملية الهدم التى تؤدى إلى تغيير تفسير القرآن.

وفى خطابه إلى العاملين معه فى الفاتيكان، يوم 21 ديسمبر 2007 ، قام بنديكت 16 بتحديد: "أن الحوار الدينى لا يمنع التنصير، إشارة إلى "خطاب ال 138 عاقلا" ورده عليه، وأنه يمثل حدث العام". وأثناء رحلته إلى الولايات المتحدة من 15 الى 21 إبريل 2008 إلتقى بنديكت 16 بحوالى 200 من رجال الاديان المختلفة منها الإسلام. وخلال خطابه أوضح : "ان الهدف الأساسى من الحوار هو إكتشاف الحقيقة (...) وأن المسيحيين يقدمون يسوع الناصرة. فهو يمثل إيماننا وهو الكلمة الخالدة التى تجسدت لمصالحة كافة البشر مع الله والكشف عن العقل والمنطق الذى هو اساس كل شئ. فهو الذى نحمله فى لقاءات الحوار بين الأديان". أى ما معناه أنه من ناحية يمنع النقاش فى العقيدة ومن ناحية أخرى يفرض عقائد الكنيسة.

تنازلات جديدة تم إقتلاعها :
لا يسع المجال هنا للتعرض لكافة اللقاءات والمناقشات التى دارت بين لجنتى الحوار بين الأديان، بين الفاتيكان والعالم الإسلامى أو أعضاء اللجنة المصرية فى الأزهر، التى عادة ما تكون معرفتهم للغة الفرنسية ضحلة بالنسبة لمثل تلك الموضوعات. 
ويكفيأن ننهى هذا المقال بنداء مؤسف "أصدرته 23 شخصية مسلمة مصرية من أجل إسلام أكثر أصالة وأكثر إحتراما لحقوق الجميع، وذلك فى خط ثورة التنوير التى طالب بها بنديكت 16 " ، وهو ما أعلنه الفاتيكان للتعريف بتلك الوثيقة الرامية إلى تجديد الخطاب الدينى الإسلامى !

ولتوضيح مدى الضغوط التى يمارسها الفاتيكان وسياسته المدمرة للإسلام، فيما يلى بضعة نقاط من الأثنين وعشرين نقطة التى تقدم بها 23 مسلما يوم 24 يناير 2011 :
8 ـ فصل الدين عن الدولة (وهو ما يصيب الإسلام فى الصميم حيث أنه دين دنيا وآخرة).
11 ـ الإشادة بالقيم المشتركة بين الديانات التوحيدية الثلاثة (بغية التأكيد على بعض النقاط وإلغاء الأخرى التى ليست على هوى الفاتيكان)
14 ـ كتابة سيرة حياة سيدنا محمد بطريقة يتقبلها الغرب (أى تحريف التاريخ والإسلام مراضاة للفاتيكان)
15 ـ عدم إبعاد المواطنين عن الأنسقة الإقتصادية وتحريم تعاملهم مع البنوك (وما شأن الفاتيكان بالمجال المصرفى لأى بلد إلا إن كان فعلا متواطئا مع النظام العالمى الجديد؟ وللعلم، أيام الأزمة المالية عام 2008 أشاد عدد من الإقتصاديين فى الغرب بأن النظام المصرفى الإسلامى هو أفضل الأنظمة إقتصاديا)
20 ـ الإعتراف بحق المسيحيين الحصول على وظائف عليا فى الدولة وعلى منصب رئاسة الجمهورية (ما من وزارة فى مصر إلا وكان بها أكثر من وزير قبطى ، فى دولة أغلبية تعدادها من المسلمين ، ولا يمثل الأقباط بها إلا نسبة %4 من التعداد ، وبأى حق يتدخل الفاتيكان ليفرض النسق الذى فرضته فرنسا ، إبنته الكبرى على لبنان ، حيث الأغلبية هناك مسلمة ؟ ثم ، فى أى بلد فى العالم يمكننا العثور على أحد الأقليات متوليا رئاسة الجمهورية ؟).
هذا هو نسق تعامل الفاتيكان ، أكبر مؤسسة دينية فى العالم ، وهكذا تقوم بالتآمر والتخريب لهدم الإسلام والمسلمين، لهدم الدين الوحيد بين الرسالات التوحيدية الثلاثة الذى لم يتم تحريفه أو تزويره منذ أنزله الله عز وجل. وهو ما يكشف كيف يقوم الفاتيكان بالتلاعب إعتمادا على المساندة السياسية التى يحصل عليها ممن يحركون خيوط اللعبة ، بزعم التعايش السلمى ، بدلا من أن يعترف بجرائمه فى حق الإسلام والمسلمين عبر التاريخ ويعتذر عن تلك الجرائم.

زينب عبد العزيز
29 أكتوبر 2015