السبت، 30 أبريل 2016

ماتت فكرتها وأصبحت بلا قيمة: ما الفائدة من الجامعة العربية؟


ماتت فكرتها وأصبحت بلا قيمة: ما الفائدة من الجامعة العربية؟

خدمة العصر


مع
اشتعال الأوضاع في سوريا وليبيا وتحدي إيران للخليج للتمكن من المنطقة وتراجع أمريكا عن دورها بوصفها الضامن النهائي للاستقرار، كان يجب أن يكون كل هذا فرصة لجامعة الدول العربية لإثبات ذاتها.
وبدلا من ذلك، يبدو أن هذا الكيان ينجرف بشكل أعمق، وأكثر من أي وقت مضى، إلى حالة من الضياع وفقدان الأهمية والمعنى، كما كتبت مجلة "إيكونوميست" البريطانية في عددها الأخير.
ومفهومها للتجديد أن يُستبدل أمينها العام الثمانيني بعجوز سبعيني، في تغيير فارغ بلا قيمة.

كان الهدف من تأسيسها، كما كتبت المجلة، ربط مختلف الدول العربية ببعضها ببعض وإبناء قوة عظمى، كما ما فعل "بسمارك" لألمانيا أو "ريسورجينتو" لإيطاليا. 
وقد تأسست في عام 1945 في القاهرة عندما كانت مصر منارة لمناهضي الإمبريالية، وأسهمت في بروز شخصيات القرن العشرين، من أمثال جمال عبد الناصر وهواري بومدين، حينها حشد العديد من قادة الجامعة العربية الجماهير ضد الحكم الاستعماري البريطاني والفرنسي وأرسلوا جيوشهم في موجات متتالية ضد إسرائيل.

أما اليوم، فصارت بالكاد قادرة على جمع دولها للتصويت، فعندما أصرت مصر على تعيين وزير خارجية آخر متقاعد، أحمد أبو الغيط، أمينا عاما للجامعة العربية، فإن دولا عربية أخرى، قادتها قطر، طالبت ببديل آخر.

ذلك أن أفضل مرشح هو من كان أقرب إلى متوسط العمر العربي، بدلا من تعيين سبعيني غير جذاب من بقايا عهد مبارك المترهل، والذي خُلع من الحكم بعد أسابيع من الربيع العربي. ومع ذلك، اختير أبو الغيط بالتزكية.

وكتبت أن المشاحنات العربية ليس شيئا جديدا، وقد انتُقدت الفجوة بين الخطاب والواقع منذ البداية، حتى إن معركة الجامعة العربية الأولى، حرب فلسطين عام 1948، كانت سيئة التنسيق. كما إن المحاولات المتتالية لتوحيد أعضاء والقوى ضد إسرائيل تبدَدت بسرعة.

ولكن الآن، وفقا للمقال، يبدو أن أمرا ما متعفن، ليس في المؤسسة، وفقط، ولكن أيضا في فكرتها الأولى، ذلك أن "القومية عفا عليه الزمن"، وفقا لما نقلته المجلة عن المحلل اللبناني، خير الله خير الله، مضيفا: "ظهرت استجابة لتحديات الأربعينيات من القرن الماضي، ونحن الآن في القرن 21، وعلى هذا، من الواضح أن فكرة القومية العربية قد ماتت".

اقتصاديا، لم تتحقق وعود منطقة التجارة الحرة العربية مُطلقا، إذ لم تتجاوز حجم التجارة ما بين الدول العربية نسبة 10٪.
سياسيا، ما عادت مواجهة إسرائيل، شعارها الأول، تُغري كثيرا. وأصبحت مقاطعة الكيان الصهيوني في أوروبا أقوى منها بكثير في مناطق الشرق الأوسط، حتى إن بعض الدول العربية سهلت دخول الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين.

كما عاد المستعمر الأجنبي عسكريا أيضا، فطائرات أمريكا تسيطر على سماء العراق، وجيرانه من غير العرب يبسطون سيطرتهم على بعض مناطقه والأكراد استقلوا بحكم أنفسهم، إضافة إلى عودة البريطانيين شرق قناة السويس بقاعدة عسكرية في البحرين سيجري تشغيلها في وقت لاحق من هذا العام.
 وفي القمة الأخيرة لجامعة الدول العربية، انتقد أحد الساسة أن لغتهم هي الأمر الوحيد الذي لا يزال يجمع العرب.

وحتى هذا يبدو الآن تحت التهديد. فبعد ستة عقود من برامج التعريب، تخلت المستعمرات الفرنسية السابقة في شمال أفريقيا عن هذا الجهد، مما أثار استياء رئيس وزراء الإسلامي للمغرب إزاء الاعتماد مجددا على الفرنسية كلغة تدريس العلوم والرياضيات. كما أعلنت الجزائر اللهجة الأمازيغية، لسان البربر الأصليين، لغة رسمية، وربما تُكتب بالأحرف اللاتينية.

ويظهر أن المستعمرات البريطانية السابقة في الشرق الأوسط تفعل الشيء نفسه مع اللغة الإنجليزية. وقد أظهر استطلاع أخير في العام الماضي أن الشباب العربي في الخليج يستخدم اللغة الإنجليزية بشكل متكرر أكثر من العربية.

ورأت المجلة أن الجامعة العربية ليست وحدها في صراع مع نهاية عصر الأبطال وتآكل الأيديولوجية الجامعة بعد تنامي المدَ الوطني. ولكن على عكس الاتحاد الأوروبي، فقد فشلت في إيجاد آلية لإدارة الخلافات، وهي مشلولة أيضا سبب الخلافات الطائفية والإقليمية.

ومن الدلائل التي تحدثت عنها المجلة لإبراز موت الجامعة وفكرتها القومية، هو دعوة مناهضي الاستعمار، سابقا، القوى الأوروبية لترتيب الفوضى في البلاد العربية، وفي ليبيا، علت الأصوات التي تطالب القوى الغربية بإرسال طائرات حربية، كما رفض المغرب استضافة قمة ميتة آخر مارس الماضي.
ولعل الاستخدام الحقيقي الوحيد الذي تصلح له جامعة الدول العربية في هذه الأيام أن تتحول إلى دار للسياسيين المتقاعدين في مصر.

المصدر

الصحوة الإسلامية.. والكهنة البيزنطيون

الصحوة الإسلامية.. والكهنة البيزنطيون  

قايهان أيغور

ترجمة وتحرير ــ تركيا بوست

البعض ما زال يناقش في مسائل تتعلق بالغرب، كالفائدة وسوق العمل والقيم الغربية. 
هؤلاء يقولون كلاما فارغا، وبينما هم يظنون أن لديهم القدرة على حل مشاكل الدولة عبر إضافة الحقوق المجردة إلى الدستور الجديد، نرى العالم الإسلامي يصحو وينهض من جديد. 
ما أُطلق عليه “الطلاق التاريخي” في الإعلام الغربي إثر التراجع في العلاقات بين أمريكا والسعودية والتحالف مع قوى أخرى في المنطقة، تسبّب في رفع راية التمرد على الغرب في العالم الإسلامي.
ملك المغرب محمد السادس أعلن بكل وضوح أن بلاده تسلك طريقا جديدا وانتقد ما وصفه بالاستراتيجية العدوانية للغرب ضد المسلمين.

الذين يطعنون ظهر الدول الإسلامية من الخلف
الملك محمد السادس تحدث في الاجتماع الذي عقده مجلس التعاون الخليجي في 20 نيسان في الرياض بأن الغرب وضع مسامير جحا من أجل تمزيق الدول الإسلامية وتدميرها. 
هذا الخطاب يوحي بأن بلدان السعودية ودول الخليج والأردن والمغرب قد تُركت لتواجه مشاكلها بنفسها. 
وأشار محمد السادس إلى أن الغرب استطاع أن يحوّل الربيع العربي إلى خريف بائس عبر أياديه الاستخباراتية في المنطقة واستخدام التغيرات التي طرأت على المنطقة لصالحهم. وأوضح بأنه في الفترة ما بعد 2011 حدثت تصدعات سياسية في المنطقة نتج عنها الكثير من التغيرات.

في تلك الفترة تلقّى المغرب دعوة من قبل دول الخليج لحضور جلسات مجلس التعاون الخليجي إلا أن المغرب ردّ تلك الدعوة معتمدا على علاقاته بالغرب.
حاليا هناك نوع من اليقظة طرأت على دول المنطقة.
الخبراء الذين حلّلوا خطاب محمد السادس في الرياض وجدوا أنه استخدم كلمة “الأمن” 9 مرات وكلمة “استقرار” 4 مرات  وكلمة “وحدة الأرض” 3 مرات وكلمة “الخطر” 4 مرات وأكّد على تحذير المسلمين الذين يطعنون ظهر الدول الإسلامية من الخلف.
محمد السادس كان قد تحدث عن فوبيا الإسلام المتزايدة في الغرب أثناء حضوره لقمة التعاون الإسلامي في إسطنبول. قبل عامين أيضا قال رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران في اجتماع للأمم المتحدة “ليس من الضروري المضي على خطى الغرب من أجل النهوض بالدول الإسلامية”.

حديث نموذجي                                 
محمد السادس في اجتماع الرياض قال هذه العبارات النموذجية التي تعطي الأمل للأمة الإسلامية: “ليس المغرب حديقة خلفية لأي قوة على الأرض، وليس أراض مكتسبة، والتفكير عكس ذلك ضرب من الخيال. دولتنا تتخذ قراراتها بنفسها وتختار ما تراه مناسبا لها دون تدخّل من أحد”. كان الملك المغربي قد زار روسيا من قبل وسيزور الصين عما قريب. لم يشهد المغرب علاقات خارجية مكثفة كما هو حاصل الآن. استطلاعات الرأي التي قامت بها وكالات إعلامية غربية في الدول العربية تُظهر أن سمعة أمريكا سيئة جدا في تلك البلدان تتعدى كراهية بوش وبغض أوباما. نهاية الغرب تبدأ من العالم الإسلامي.

ما هو نادي سفاري؟
هل سمعتم من قبل عن “نادي سفاري”؟ إنه من أخطر المنظمات الإرهابية في التاريخ تم تأسيسه بشكل مشترك بين الاستخبارات الأمريكية وإيران ومصر والسعودية والمغرب وفرنسا عام 1976 لمكافحة التمرد العالمي.
في البداية استُخدمت باسم سفاري (رحلات الصيد) للقيام بتنفيذ أولى عملياتها في أفريقيا. لكن بعد ذلك تم استخدام خبراء المنظمة وجواسيسها بشكل مكثف في دول الشرق الأوسط. المنظمة في عامها الأربعين أصبحت حصرية للمخابرات الأمريكية والفرنسية ورجال السيسي. ستقوم بتغيير المشهد المصري عما قريب وإذا ما وقف الفرنسيون في وجه أمريكا فسيحل السلام والاستقرار في المنطقة بشكل كبير جدا.

التاريخ يُكتب
يتم تأسيس منظمة الأمن الإسلامي والجيش الإسلامي. تترأس تركيا منظمة التعاون الإسلامي لثلاث سنوات، سيتم خلالها تنفيذ مشاريع عظيمة وعملاقة. والأهم من ذلك هو توجّه السعودية ودول الخليج نحو بناء خطط ومشاريع اقتصادية للخلاص من الاعتماد على النفط في المستقبل القريب.
سيطرة الغرب على العالم تستند على ثلاث ركائز أساسية:
التحكم بمصادر الطاقة واستخدام الدولار في تجارة النفط وبيع الأسلحة.
وهذه الركائز موجودة في الشرق الأوسط وقد بدأت تهزّ الطاولة التي تقف عليها أمريكا.
في النهاية، العرب سيكسرون القيود والأغلال ويفهمون أن بإمكانهم حماية أنفسهم ونفوذهم وأمنهم بأنفسهم.
هذا الوضع لا يشبه الصحوة المزيفة للمختلسين الذين دعوا إلى ثورة برتقالية. إنما انهيار للجدران وذوبان لأوصدة الحديد.

الجمعة، 29 أبريل 2016

هذه الوجوه الـ 4 تقود الفتيات العرب على يوتيوب.. تعرف عليهن!

هذه الوجوه الـ 4 تقود الفتيات العرب على يوتيوب.. تعرف عليهن!

عندما بدأت الجوهرة ساجر ببث مقاطعها المصورة عبر يوتيوب، لقيت أصداءاً إيجابيةً من فتيات العالم العربي، فانهالت تعليقاتهن على صفحتها على يوتيوب بالإعجاب والثناء، ولسان حال معظمها "وأخيراً ظهرت فتاة عربية تصنع مقاطع فيديو على الانترنت!".
خلال الأعوام الخمسة الماضية، تزايدت أعداد الفتيات العربيات اللواتي أحدثن ضجةً في أرجاء يوتيوب، فبين عامي 2014 و2015 شهدت أكبر 4 قنوات يوتيوب تبثها نساء سعوديات زيادةً في الاشتراكات بنسبة فاقت الـ 200% وفق إحصائيات يوتيوب.
كما شهد المحتوى النسائي زيادةً سنويةً بمقدار 50% في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تلت السعودية دول المغرب والإمارات العربية المتحدة والعراق في تصدّر القنوات النسائية.
موقع BuzzFeed الأميركي تحدث إلى ساجر و3 فتيات عربيات أخريات لمناقشة أفكارهن التي "زلزت" يوتيوب وكسرت القوالب النمطية في المنطقة.

الاسم: الجوهرة ساجر
العمر: 25 عاماً
البلد: جدة - المملكة العربية السعودية
عدد المتابعين: 340 ألفاً



تقول ساجر التي أسست لنفسها قناة باسم Jay online، إنها بدأت مشاهدة يوتيوب قبل 4 أعوام، وسرعان ما أصيبت بالإحباط لأنها لم تجد أي قناة بها فتيات تتحدثن العربية، "بل كان كل ما وجدته نسوة أجنبيات تتحدثن عن مواضيع شيقة وتناقشن أموراً ممتعة، غير أنها لا تمت بصلة لا لواقعنا الجغرافي الثقافي ولا حياتنا اليومية".
لذا قررت ساجر أن تفتح قناتها الخاصة بمواضيع الجمال و التجميل.
أجرى موقع BuzzFeed مقابلة مع ساجر عبر سكايب قالت فيها، "أخبرتني الكثير من الفتيات أن المقاطع التي أقوم بتصويرها تثير اهتمامهن، فتقلص لديهن الشعور بالوحدة لأنني حدثتهن عن نمط حياة يفهمنه بلغتهن".
وقالت الشابة السعودية إن العديد من الرجال زجروها آمرين إياها بالتوقف حالاً لأن يوتيوب "ليس مكاناً يليق بفتاة، قالوا لي أن علي التركيز على بيتي وأن أصبح ربة منزل، وأنا لا أريد تلك الحياة".
في بادئ الأمر عندما كانت قناتها في بداياتها، شعرت ساجر بالتوتر إزاء إظهار وجهها علناً، خاصةً أنها في ذلك الحين كانت من بين القلائل اللواتي تملكن قناة يوتيوب من العربيات، لذلك خشيت من ردود الفعل، "لكن مع تنامي حجم يوتيوب وانفتاح الناس عليه قررت أن أطل بوجهي وأضفي لمسات من الخصوصية على قناتي كي أروي قصصاً من حياتي عليها".
وتملك ساجر حالياً على قناة الجمال والتجميل 340 ألف متابعاً ومتابعة، أما قناتها الأخرى الخاصة بالسفر والسياحة فتحظى بـ 122 ألف متابعاً، علماً بأن أكثر مقاطعها المصورة شهرةً - وهو مقطع تعليمي عن تسريحات الشعر في 5 دقائق - حظي بـ 3.2 مليون مشاهدة.
ساجر ختمت حديثها بالقول، "أرى أن الفتيات تتجهن الآن إلى يوتيوب لأننا نعي أن لنا حقوقاً وأن في وسعنا تغيير الواقع. إنه أشبه بمنصة لنا كي نتحدث عن ذلك الواقع."

الاسم: هايلة غزال
العمر: 20 عاماً
البلد: (سورية) دبي - الإمارات العربية المتحدة
عدد المتابعين: 760 ألفاً



مع أنها بدأت رحلتها على يوتيوب بقناة للتحدث عن مواضيع الجمال والموضة، فإن هايلة غزال سرعان ما اكتشفت أن مشاهديها يستمتعون بحس فكاهتها وخفة دمها، فبدأت منذ ذلك الوقت بتجسيد عدة شخصيات وصنع مواقف كاريكاتورية ساخرة من القوالب النمطية الثقافية في المنطقة.
وقالت في حديثها مع BuzzFeed "عندما كنت في الـ 15 من عمري اكتشفت أني أحب التمثيل والإبداع والإنتاج، ولهذا اخترت يوتيوب لأنه يمنحني الحرية في اختيار ما أصنعه".
وتابعت، "البعض انتقدني على مظهري وطلبوا مني التستر لأنهم من مجتمعات محافظة، لكني أعتقد من المهم الإظهار للناس أن لا حرج في أن تكوني امرأة تسعى إلى التغيير."
وبعد نجاح قناتها، قالت غزال أن الكثيرات كتبن لها أنها ألهمتهن لكي تصبحن مثلها يوماً ما مستقبلاً.
ومؤخراً اختيرت غزال سفيرةً للتغيير في الأمم المتحدة.

الاسم: حصة العواد
العمر: 27 عاماً
البلد: الدمام - المملكة العربية السعودية
عدد المتابعين: 375 ألفاً



بهوسها بثقافة البوب اليابانية المعاصرة، بدأت حصة قناتها المسماة Miva Flowers لمناقشة مواضيع الجمال والموضة والصور المتحركة اليابانية (الأنيمي) وفرق الموسيقى اليابانية المفضلة لديها، فحصدت قناتها منذ انطلقت في العام 2011 حوالي 45 مليون مشاهدة، كما استقطب أحد مقاطعها 2.9 مليون مشاهدة، حيث تتحدث فيه عن موجودات حقيبة يدها.
تقول عواد إن رسالتها الرئيسية لنساء بلدها أن الفتاة تستطيع تدليل نفسها والشعور بالقوة والحرية، فقالت، "باتت المرأة السعودية قادرةً على التصويت في الانتخابات، والتغيير صار واقعاً، وبالنسبة للشابات يعطينا يوتيوب منصة للتعبير عن أنفسنا وألا نخاف من التحدث على العلن".
ورغم أنها انتقِدت على تصويرها لمقاطعها عن الجمال والموضة فيما ترتدي نقاباً، قالت عواد أن لا حرج في الأمرين ولا سبب مقنعاً يحول دون المرأة السعودية والجمع بين الاثنين معاً.
وقالت عواد، "أحظى بكثير من التقدير والاحترام من متابعيّ المعجبين، فهم يعبرون لي عن فخرهم لكوني منقبة أفعل ما أفعل".

الاسم: هيفاء بسيسو
العمر: 25 عاماً
البلد: (فلسطينية) دبي - الإمارات العربية المتحدة
عدد المتابعين: 62 ألفاً



استقالت بسيسو في العام الماضي من وظيفتها المريحة في الإنتاج التلفزيوني في دبي لتركز أكثر على يوتيوب.
BuzzFeed نقل عن بسيسو قولها، "أردت أن أصبح مذيعة لكني دوماً قوبلت بالرفض، لذا قررت أن أخوض تجربة يوتيوب. لطالما تعطشت للتحدث والتقديم أمام الكاميرا، لذلك لاءمني الأمر تماماً".
لكنها على عكس النساء والفتيات الأخريات في هذا المقال تختلف في إنتاجها لمقاطعها المصورة بالإنكليزية لا بالعربية، وتعلل ذلك بأنها تود أن تصبح جسراً بين الشرق والغرب وأن تتحدى النظرة السلبية تجاه الفتيات العربيات.
وتختم قائلةً، "إن تنقلي في أسفاري بصفتي امرأة عربية عادةً ما يكون بداية لأحاديثي. أسعى لتحقيق أحلامي وأقوم بتجاربي بنفسي، آمل أن ألهم النساء الأخريات كي تحققن أحلامهن أيضاً".
- هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع BuzzFeed الأميركي. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

كلهم دواعش.. وكلنا حلب

كلهم دواعش.. وكلنا حلب

وائل قنديل

يزوّدون شاحنة الاستبداد بالوقود في القاهرة، فتنطلق مثيلتها بالسرعة الإجرامية القصوى في دمشق.

كل دعم يحصل عليه نظام عبد الفتاح السيسي في مصر ينعش نظام بشار الأسد في سورية.. تلك هي المعادلة التي أثبتت صحتها وقائع الأيام.

لم يرد بشار أن يفوِّت فرصة ازدحام مطار القاهرة بطائرات داعمي الانقلابات، فالتقط الرسالة سريعاً، وقرر ذبح حلب مرة أخرى، وإقامة حفل شواء، "باربيكيو"، للحوم الأطفال والعجائز في المستشفيات وفي المدارس والملاجئ، تزامناً مع حفل الطرب الملكي في قصر عابدين في القاهرة.

يعلم بشار أن الرعاة يعلمون، في قرارة أنفسهم، أنه والسيسي في سلة واحدة، وما يُلقى للثاني من مساعدات يفيد منها جزار الشام، وكما انتفخت أوداج السيسي بعد الزيارات السخية، فأطلق العنان لفرق الاستبداد والوحشية، فقد انتعش بشار وانتشى، بالقدر نفسه، وقرّر أن يمارس عمليات الإبادة ضد الشعب الثائر، بالطاقة القصوى، فافترس حلب، ثم استدار إلى الرقة مدعوماً بغطاء جوي من الطيران الروسي، وعملية إعادة انتشار برية لمقاتلي داعش الذين رصدتهم العدسات يتنقلون، منسحبين، من مناطقهم على الرحب والسعة، بينما يواصل طيران النظام غاراته المجنونة على المدنيين وقوات المعارضة الثورية.

وكما رصد متابعون سوريون من الميدان، فقد خرجت قوافل قوات داعش من ضواحي دمشق، ومن الضمير، بحماية برية من قوات النظام، فيما كانت تسير أمام قوافلهم سيارات ترفع علم الأمم المتحدة، وقطعت الطريق من دمشق إلى الرقة في 8 ساعات مكشوفة في صحراء منبسطة تحت أنظار الطائرات الأميركية والروسية وطائرات النظام، ثم يستخفون بعقولنا ويدّعون أنهم يحاربون داعش.

ينسف هذا المشهد كل الأكاذيب، ويسقط كل الادعاءات والأساطير التي يسوقونها لتبرير عربدتهم في الأراضي السورية بالحرب على "داعش"، ويؤكد أنهم جميعاً كاذبون في قولهم إنهم مع الشعب السوري ضد بشار الأسد وداعش، فالصحيح أنهم، مع داعش وبشار، ضد الثورة السورية، وربيعنا العربي.

غضب مني بعض الأشقاء العرب، حين قلت يوماً إن قليلين جداً من اللاعبين في المأساة السورية يحبون الربيع العربي، فيما جلّهم كاره له، وإن استخدمه ورقةً في اللعبة الإقليمية أحياناً..وهكذا، تتحول الثورات إلى مجرد ورقة في لعبة البوكر السياسي في المنطقة، بعناصرها الطائفية، والمذهبية، لتتحقق بوضوح نظرية الأواني المستطرقة.

خذ في الشام، واترك في اليمن، والعكس أيضاً صحيح، فيما ينشط اللاعبون في تقديم كمياتٍ إضافيةٍ من مظاهر التعاطف مع الضحايا، مساحات لجوء، وحسابات تبرع، ليهنأ السفاحون بالاستمرار. 

وها هي الأيام تنطق بأنهم "أكلة لحوم الثورات العربية"، كما وصفتهم سابقا، فكل صيحات الحرب، العربية والغربية، ضد بشار، انتهت إلى تثبيت أركان حكمه، ومنحته مساحاتٍ وقدراتٍ للحركة فوق جثة الثورة السورية، منذ أعلن باراك أوباما، عقب مجزرة الكيماوي في الغوطتين 2013، أن الضربة الأميركية خلال ساعات، وحتى الحديث عن قواتٍ عربية، بقيادةٍ سعودية، تستعد لدخول سورية، للحرب ضد تنظيم الدولة. 

وأكرّر أن الثورة السورية تدفع من لحمها الحي ثمن ما يجري في اليمن، وفي مصر، وفي ليبيا. يسقط الحوثي وصالح، ليعيش بشار والسيسي، ينخفض سعر برميل النفط، لترتفع فرص بشار الأسد في البقاء. يعصرون عنب اليمن، كي يثمر بلح الشام، ويتساقط رطباً جنياً في حجر بوتين، ليتغذّى بشار، ويسمن إجرامه.

كلهم يتناوبون افتراس الثورة السورية، في فراشٍ داعشي وثير، ليصبح جل أصدقاء سورية أصدقاء روسيا البوتينية، في اللحظة نفسها، والوضع نفسه، ولا يبقى سوى أن تتحوّل المأساة السورية إلى صندوق تبرعات أمام مساجد، تدعو منابرها على بشار، وبوتين، وفي الوقت نفسه، تدعو بطول البقاء لأصدقاء الدب الروسي الألداء. 

كلهم دواعش، وكلهم بوتين، وكلنا حلب وسيناء، يقطعون من لحمنا الحي، ويصنعون أطباقهم المفضّلة في مطابخ الحرب على الإرهاب.

ثوب آدم!

ثوب آدم!

الجمعة 22 رجب 1437 الموافق 29 إبريل 2016


د. سلمان بن فهد العودة
تداولت مواقع صورة لثوب طويل؛ تخيّل راسمه أنه يشبه ثوب آدم عليه السلام!

يا بني الكريم!

كان لباس والديك أول الأمر البراءة والغفلة عن معنى العورة، كما يحدث لوليدٍ يشم روح الحياة لأول وهلة، ولذا قال وهب بن منبه وغيره: "كان لباسهما النور"، وقال مجاهد: "نزع عنهما لباس التقوى".

وكأن لحظة الأكل من الشجرة فتقت معنى كامناً من الغريزة في نظر بعضهم إلى بعض، وهو جزء من القدر الرباني في التوالد وامتداد الذرية.

ومال الإمام الطبري إلى التفسير باللّباس المطلق بغير إضافة إلى شيء متعارف عليه بين الناس، وعليه: فيجوز أن يكون ظفراً أو شعراً أو نوراً أو غير ذلك..

وأول لباس مستقل ظاهر لبسوه كان من ورق الجنة، وتمت صناعته بطريقة (الخَصْف)، مثل الخرز، ويشبه الخياطة، ويعني ضم أطراف الشيء بعضها إلى بعض ثم شبكها بعود أو نحوه..

لم يأخذوا من ورق الشجرة ذاتها، بل من ورق الجنة، قيل: لأنهما أمعنا في الهرب حياءً من الله بعدما لحظوا انكشاف سوءاتهم، والله أحق أن يستحيا منه، ولكن إلى أين المفر؟!

وبهذا أصبح اللّباس ستراً يواري عورة الإنسان ويعبر عن احتشامه، حتى من نفسه وزوجه إذا لم تكن الحاجة تدعو إلى ذلك، وكان آدم وحواء يستتران من بعضهما بهذا الورق المخصوف!

كشف العورة بين الزوجين من غير داعٍ مستهجن، واللّباس يحقق الحشمة والسّتر، ويحقق الإغراء والجاذبية في الوقت ذاته!

وبهذا أصبح اللباس من أول مظاهر الإنسانية المترقية المتحضرة، ولذا كانوا يسمون يوم العيد (يَوْمُ الزِّينَةِ).

وصار إنسان الغابة يُعرف بالعري وعدم المبالاة بانكشاف سوءته، حتى جاءت الحضارة الحديثة فأدخلت عنصر (التزيين)، وجعلت فتنة التعري الجسدي عبر الاستعراض والرياضة والرقص والموضة وفنون الجسد.. فلسفةً تحتال فيها على اللباس العلوي الكريم؛ الذي ألهم الله آدم وحواء..

التعري جزءٌ من الحضارة الحديثة وعرفٌ اجتماعي طاغٍ، والتنافس صار في أي الطالبات أو المذيعات أو العارضات أو الحاضرات أكثر تعرياً، وكلما قلت فتنة الجسد كشفت الأنثى عن المزيد إصراراً على الإغراء والإغواء والحضور!

والشيطان يريد من الذرية ما أراد من الأبوين أن تنكشف عوراتهم وتنفرط شهواتهم، ويتشبهوا بالبهائم العجماء؛ التي تجري وراء غريزتها دون إدراك .

وبهذا أصبح اللباس رمزاً للفطرة الإنسانية منذ نشأتها الأولى، فهو كان مع آدم وحواء أول ما تفتقت فيهما روح الاجتماع والوصال واشتياق بعضهم لبعض، وتم التوازن بين الطين الأرضي والروح الملائكي..

وبهذا أصبح اللّباس جمالاً وزينة، ويكفي أنه من شجر الجنة.

وتوارث الأنبياء حب اللباس الجميل، حتى لبس خاتمهم -صلى الله عليه وسلم- الجُبَّة والحُلَّة والإزار والرداء والقميص، وكان أصحابه يحبون أن تكون ثيابهم حسنة ونعالهم حسنة، وخافوا أن يكون هذا من الكبر فقال لهم: « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ »!

وكان يلبس أحسن ما يجد من الثياب، حتى إن عمر رأى حُلَّةً من الحرير فائقة الجمال تُباع في السوق، فاشتراها لرسول الله لما يعلم من حبه للجمال، ورغبةً أن يلبسها للعيد والجمعة والوفود، فبيَّن له النبي حرمة الحرير!

هل تثق بذوقك في شراء اللّباس الملائم لشخصيتك؟ وهل يثق أهلك بذوقك؟

وبهذا أصبح للباس وظيفة معنوية تشعر الإنسان بهويته البشرية، وميزته الإنسانية، وتذكره بالعهد والميثاق الإلهي: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} (26:الأعراف).

فثمَّ لباس ظاهر من الثياب الخاصة الشخصية أو العامة؛ التي هي الريش..

ولباس باطن من الطيبة والخير والصلاح والتقوى والحياء؛ كما قيل:

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التُّقى ... تقلَّب عرياناً وإن كان كاسيا

وخير لباس المرء طاعة ربه ... ولا خير فيمن كان لله عاصيا

السوءة الجسدية تستر باللباس الجميل المعبر عن تميز الإنسان عن شركائه في الحياة، والسوءة المعنوية بنقائص العقل أو أمراض القلب تستر بالتجمُّل والتكمُّل والترفُّع والتصبر والمجاهدة.

 و(إنزال) اللِّباس قد يعني إنزال المادة التي يُصنع منها، أو المطر الذي ينبته، أو إنزال الامتنان به وإباحته وتشريعه للبشر.

ولذا كان الأصل في اللِّباس الحِلّ والجواز، وكان النبي -عليه السلام- يلبس لباس أهل زمانه، ولبس جبَّةً روميَّةً، وجلس على قطيفةٍ فَدَكِيَّةٍ، و"فَدَك" كان فيها اليهود، ولم يكن للمسلمين لباس يميزهم عن غيرهم، ولا كانوا يلبسون اللباس الخاص بطائفة ما، والمعبّر عن هويتها وثقافتها وخصوص مذهبها.

ولا كان للنبي لباس يميزه عن غيره، حتى كان الغريب يأتي المجلس فلا يعرف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من غيره حتى يسأل: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟!

ووقف مرةً على امْرَأَةٍ تَبْكِى عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: « اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِي ». قَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّى، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي! ولم تعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والتميز عن عامة الناس ليس مطلباً شرعياً، وكان العلماء يكرهون ثياب الشهرة المبالغة في الغلاء والثّمانة ، أو المبالغة في الرخص والزّهادة، وجاء في الباب أحاديث صحاح.

            

والعرف معتبر في هذا بحسب البيئة والمجتمع وما تواضع عليه الناس، والعرف اليوم سريع التغيُّر؛ بسبب التواصل الإنساني، والشبكات الاجتماعية، والقنوات، ومرحلة القرية الواحدة!

والأجيال تتجدد وتتغير أمزجتها؛ خاصة في مجتمعات الوفرة والغنى ومراكز الاستقطاب العالمي؛ كدول الخليج، وما كان من اللباس مرفوضاً بالأمس قد يغدو مقبولاً اجتماعياً؛ لتوارد الشباب على استخدامه واستحسانه وهم أغلبية المجتمع.. ما لم يكن من المحرَّمات الأصلية.

بعضهم يلبس أفخر الثياب للتجمُّعات، ويذهب للصلاة بثياب النوم، وهذه غفلة عن وظيفة اللباس {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (31:الأعراف)، ومَنْ نزلت عليه هذه الآية صلى مراتٍ حاسر الرأس؛ كما دلَّت عليه أحاديث صحاح، وذلك مقبول شرعاً وعرفاً في كثير من المجتمعات.

ليس من الفاضل أن أتميز كطالب علم أو داعية بعباءة في أطرافها (الزري) العريض المذهّب، وأطل عليهم عبر شاشة لأحدثهم عن الزهد في الدنيا!

وقد كتب عني أحدهم يوماً مقالاً ناقداً بهذا الخصوص فأغضبني، وقلت: هل انتهت قضايانا ولم يبق سوى بشت الداعية!، ثم تقبّلت الفكرة بعد، واستذكرت أن العاقل يأخذ الحكمة ولا يضره من أين خرجت، ولا يتساءل عن الدوافع والنيات والمقاصد..
النصيحة مقبولة ما دامت وافقت صواباً بكل حال، وإذا كنت أزعم أني داعية فلأدرب الآخرين بفعلي على الأريحية والسعة وقبول الآخر وتجاوز التصنيف والمرادّات السطحية!

اللِّباس الجميل فضل ونعمة، والاعتدال فضيلة، ولذا جاء في حديثٍ حسن: « الْبَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ » (أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وصحَّحه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/368)).

و(البَذَاذَةُ): هي التّواضع في اللّباس ورثاثة الهيئة، وترك الزّينة، والرّضا بالدّون من الثّياب .

 والشرع قد يأتي بخيارات متعددة تناسب اختلاف طبائع الناس وميولهم، فأبو ذر يختلف عن تميم الداري!

وقد اشترى تميم ثوباً بألف فكان يصلي فيه (رواه الطبراني بسندٍ صحيح).

ليس اللباس الخشن بمستحب، ولا هو لباس التقوى كما ظن قوم، ولا لبس الصوف بمشروع بخصوصه كما يظن بعض الصوفية..

والله يحب أن يُرى أثرُ نعمته على عبده، وهو لا يحب المسرفين، ولا يحب المبالغين في البحث عن النفيس، ولا لابسي الحرير والذهب من الرجال، ولا يحب المتشددين المحرِّمين بغير علم.. {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (32:الأعراف).

 الحياء والحشمة للمرأة أوجب وألصق وأليق، واليوم نشكو من إسبال الرجال وتشمير النساء، وكشف المؤمنة البالغة لشعرها لغير ضرورة محرَّم ومعصية، وهو مثل مخالفات يرتكبها الرجال علانية ويخالفون فيها شريعة الله، وليس ذلك بكفر، ولا مدعاة للوصم بالفجور، ولا هو مبيح للاعتداء عليهم، والوقوع في أعراضهم، وإهدار حقوقهم ..

المسألة الإيرانية ستستمر لزمن أطول مما يحسب الجوار العربي

المسألة الإيرانية ستستمر لزمن أطول مما يحسب الجوار العربي

د.بشير موسى نافع
كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

لم يعد الخلاف بين إيران وأغلب جيرانها العرب مجرد تدافع سياسي حول المصالح وتعزيز النفوذ.
إن أخذ هذا الخلاف من جوانبه المختلفة، فالواضح أن المحيط العربي يواجه مسألة إيرانية، بالغة التعقيد.
وهذه المسألة ليست مرشحة للحل، سواء وافق الأمريكيون على تبني وجهة النظر العربية تجاه إيران، كما تحاول دول الخليج إقناع الحليف الأمريكي منذ شهور، أو لم يوافقوا. 
ليس هناك شك في أن الصراع في الشرق الأوسط يثير اهتمام وقلق القوى الدولية الرئيسية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. 
ولكن هذا الاهتمام والقلق لم يعد كما كان من قبل، بالرغم من أهمية المنطقة كمصدر هائل لمصادر الطاقة، وباعتبارها مصدر موجة جديدة من الإرهاب العالمي وملايين من اللاجئين؛ ووجود الدولة العبرية.
والواضح، أن أغلب الدول الغربية لم يعد يرى أن المخاطر النابعة من الشرق الأوسط تشكل تهديداً كبيراً لأمنها القومي، أو أن هذه المخاطر عصية على الاحتواء. 
وتشير النصيحة التي وجهها أوباما لدول الخليج في قمة الرياض، في الأسبوع الماضي، إلى أن سياسة تجنب التورط الأمريكية في الشرق الأوسط لم تزل على ما هي عليه.

من جهة أخرى، فسواء رحبت القوى الغربية بتفاقم الصراع العربي ـ الإيراني، أو خشيت عواقبه؛ وسواء قررت الدول العربية المعنية الوقوف في وجه إيران منفردة أو انتظار التحاق الشركاء الغربيين، فعلى الجميع إدراك حقائق هذا الصراع ومداه؛ سواء فاوض العرب الإيرانيين أو حاربوهم.
هذه بعض الأسباب التي تجعل إيران مسألة بعيدة المدى في جوارها العربي.
أولاً، تقود إيران منذ سنوات، ومنذ غزو أفغانستان في 2001، على وجه الخصوص، مشروعاً توسعياً في الجوار الإقليمي.
يعود هذا المشروع إلى الطبيعة التوسعية التاريخية للدولة الإيرانية، منذ ولادتها من جديد في بداية القرن السادس عشر؛ إلى شعور إيراني متزايد بالتهديد، تمتد جذوره إلى سنوات الحرب العراقية ـ الإيرانية؛ وإلى فرص توسعية أتاحتها سياسة الحرب الشاملة التي اتبعتها إدارة بوش الابن في الشرق الأوسط. وبالرغم من أن إيران تحاول منذ سنوات تأسيس نفوذ لها في جواريها الشرقي والشمالي، إلا أن اعتبارات جيوسياسية للعلاقة مع روسيا، ومواريث تاريخية يصعب تجاوزها، وضعت حدوداً لما يمكن لهذه المحاولات تحقيقه.

التوسع في الجوار العربي، وتعزيز الرصيد الجيوسياسي، كانا أسهل منالاً. إلى جانب الصراع العربي ـ الإسرائيلي، تعرضت المنطقة العربية خلال العقد ونصف العقد الماضيين لزلزالين كبيرين، صنعا بعضاً من فراغ القوة، أخرجا عدداً من الدول العربية الرئيسية من ميزان القوى الإقليمي، وأتاحا لإيران عدداً من الفرص السانحة للتوسع وتعزيز النفوذ.
 نجحت إيران في بناء قوة عسكرية ـ سياسة في لبنان، لم تصبح طرفاً رئيسياً في صناعة القرار اللبناني وحسب، بل وأصبحت مؤهلة للتدخل في دول عربية أخرى؛ سيطرت إيران على قرار الدولة العراقية الجديدة، وربطت قطاعاً واسعاً من القوى السياسية العراقية بها؛ وفرت الحماية لنظام بشار الأسد، وتحولت بالتالي إلى ما يشبه القوة المحتلة لسوريا؛ وعملت على بناء الحوثيين بهدف السيطرة على اليمن ككل.

ليس ثمة امتداد إيراني، إثني ـ قومي ملموس في المجال العربي؛ ولكن القيادة الإيرانية تستخدم الخطاب القومي لتسويغ مشروع التوسع، وتوفير دعم شعبي داخلي كاف لاستمراره. وقد نجحت في تحقيق هذا الهدف إلى حد كبير.
إيران دولة ذات مقدرات اقتصادية وبشرية بلا شك، ولكن الثمن الذي تدفعه من أجل تعزيز نفوذها الإقليمي أصبح باهظاً أيضاً، سواء مالياً أو بشرياً؛ بينما لم يزل المردود الاقتصادي لهذا المشروع محدوداً للغاية. ولذا، ولمنع الأصوات المعارضة في الداخل من تحويل الخسائر المالية/ الاقتصادية والبشرية إلى رأسمال سياسي، تعول القيادة الإيرانية على سردية استقلال القرار، المصالح القومية، والأوهام الإمبراطورية لدولة ممتدة من قزوين إلى البحر الأحمر، ومن الخليج إلى المتوسط، لكسب التأييد الشعبي لسياساتها الإقليمية.

بيد أن البعد الطائفي تحول سريعاً في السنوات القليلة الماضية إلى أكثر أبعاد المسألة الإيرانية وقعاً وأثراً. إن لم يكن لإيران امتداد إثني ـ قومي ملموس في الإقليم (إيران نفسها ليست سوى مجموعة من الإثنيات)، فهناك امتداد طائفي ليس صغيراً.
 وبالرغم من أن إيران لم تكن دائماً المركز الديني الرئيسي للشيعة المسلمين في العالم، فقد أصبحت كذلك إلى حد كبير في العقود التالية على ولادة الجمهورية الإسلامية.
لم يقع هذا التطور بالضرورة لأن العلماء الإيرانيين هم الاكثر علماً وتأثيراً في عداد العلماء المسلمين الشيعة في العالم، ولكن لأن الجمهورية عرفت نفسها، من البداية، تعريفاً شيعياً، ولأن قيادة الجمهورية وظفت مقدرات الدولة لخدمة هدف تحول إيران إلى المركز القائد لعموم الشيعة. شيئاً فشيئاً، وبالرغم من وجود دوائر علمائية معارضة للرؤية الإيرانية للتشيع، أخذ نفوذ هذه الدوائر في الانحسار والتراجع.

من جهة أخرى، لم تتردد القيادة الإيرانية في استخدام الولاء الطائفي لخدمة مشروعها التوسعي، بدون اكتراث كبير بالعواقب الوخيمة لهذه السياسة على علاقات الشيعة العرب بمواطنيهم من الأغلبية السنية.
تحول الشيعة اللبنانيون تدريجياً من مواطنين لبنانيين مسلمين، إلى جماعة طائفية سياسية؛ انهارت الوطنية العراقية كلية تقريباً، لصالح توجهات طائفية للهيمنة على الدولة والبلاد؛ تتصاعد الشكوك بين الشيعة العرب في الخليج، من جهة، ومواطنيهم العرب السنة ودولهم، من جهة أخرى؛ يتعرض اليمن للمرة الأولى في تاريخه لعاصفة انقسام طائفي؛ ويتم اختراع تموضع جديد لعلوييي سوريا ولبنان باعتبارهم شيعة يرتبطون بإيران، هم أيضاً.

يوفر التشيع، بإعادة صياغته السياسية ـ الطائفية، إطاراً أيديولوجياً لمشروع التوسعي الإيراني، ويصنع قواعد نفوذ لإيران في عدد من دول الجوار الإقليمي. بمعنى، أن المشروع الإقليمي الإيراني لم يعد مشروعاً جيوسياسياً وحسب، بل وأيديولوجياً كذلك.
هذا ليس الشاه محمد رضا بهلوي يسعى إلى التحول إلى شرطي شريك للولايات المتحدة في الخليج، ولا روسيا بوتين تحاول تأمين جوارها الاستراتيجي وتوازن القوة في القارة الأوروبية. هذا مشروع أقرب إلى النموذج السوفييتي، وإن بصورة مصغرة، عندما استخدمت الأيديولوجيا الشيوعية لبناء إمبراطورية عابرة للحدود والقارات والقوميات.

ساهمت السياسة الإيرانية خلال العقد ونصف العقد الماضيين في إشعال حروب أهلية، دموية في العراق وسوريا واليمن، في إعادة تعريف للهويات في الجوار، وفي انهيار دول وطنية.
كان لهذه السياسة عواقب وخيمة على النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي لعدد من الدول العربية. وربما يمكن القول أن سياسات طهران الإقليمية أوقعت عطباً بالغاً في بنية المجتمعات العربية المستهدفة إيرانياً.
 ليست إيران دولة عظمى بالتأكيد؛ وحتى في الموازين الإقليمية، تعتبر إيران دولة متوسطة الإمكانيات.

وبالمقارنة بجوارها العربي، فإن إيران لا تقل تعددية، إثنياً وطائفياً، عن العراق وسوريا. ولكن المشكلة، أن إيران تكاد تكون الدولة الوحيدة التي ترتكز سياستها الإقليمية إلى استراتيجية شاملة، متعددة الأبعاد والمستويات: المال والاقتصاد، القوة العسكرية، والرابطة الطائفية، والتي توظف هذه الأبعاد جميعاً بغض النظر عن عواقبها الوخيمة على الذات والشعوب المجاورة.
الأبعاد المختلفة للسياسة الإيرانية، والعواقب الباهظة لهذه السياسة في الجوار العربي، تجعل من العلاقة مع إيران مسألة عصية، ليس من المتوقع إيجاد حل سريع أو سهل لها.

حملة فاشية كبرى لتدمير حلب؟

حملة فاشية كبرى لتدمير حلب؟


داود البصري
جريمة العصر تقترف هذه الأيام، وأمام عيون العالم المنافق، عبر عمليات القصف التدميري والحاقد الكامل للمدنيين الأبرياء في مدينة حلب، من قبل الطيران الروسي الإرهابي والسوري المجرم، وفي ظل غياب تام عن أي شرعة دولية، أو قوة عادلة بإمكانها نصرة المظلومين ولجم الظالمين، لقد سقط الضمير العالمي في أبشع امتحان لإرادته، وتهاوت كل القوانين الدولية المنافقة أمام هول ما يحدث من جرائم لم يشهد لها التاريخ مثيلا في أشد عصور الظلام والهمجية والتخلف، عار ما يحدث، ومصيبة كبرى تجري أمام العالمين، والشعب السوري يذبح من الوريد للوريد والوسيط الدولي ما زال يبتسم، وبان كي مون ما زال في حالة قلق، إنها مهزلة العصر المأساوية.

في حلب الشهباء وحولها وعلى تخومها وأطرافها وفي أرضها وسمائها تجمعت كل ذئاب الشرق، وهي تحاول النهش في جسد الثورة السورية المثخن بالجراح، ففي حلب تدور اليوم معركة تاريخية من نمط وأسلوب خاص، إنها معركة المصير لأعداء الثورة السورية وخصومها ومن يناصبونها العداء ويعملون لإجهاضها وإرجاع عقارب الساعة للوراء ومعاكسة الحتمية التاريخية،
المعركة في الشمال السوري يريد النظام وحلفاؤه الروس وإيران وميليشياتها الطائفية المتنوعة فرض إرادته، وكسر إرادة الثوار وإجهاض الثورة، والالتفاف على كل إنجازاتها، ومحاولة الخلاص من أوزار الجرائم الكبرى ضد الإنسانية التي اقترفها النظام السوري ولا يزال ضد شعبه المنكوب، فبعد التدخل العسكري الروسي الستراتيجي الواسع النطاق تلقى النظام جرعة من المقويات، ولكنها لم تكن كافية لفك عثرات النظام وتهاوي وتحلل جيشه المهزوم الذي تخلى تماما عن أسطورة وأهزوجة وكذبة الصمود والتصدي والتوازن الستراتيجي وأضحى مجرد ميليشيات مهزومة تبدع في قتل شعبها، وفي حماية أوكار الطغيان والقتل والإرهاب.

لقد أبدع طيران النظام السوري في إدارة مجازر بشرية بشعة من خلال التركيز على ضرب الأسواق والمتبضعين من المدنيين بعد أن اخترق علنا الهدنة الشكلية ومارس أسلوبا تفاوضيا فجا في جنيف من خلال التخلي عن كل الالتزامات والاتفاقات والعهود السابقة، وتصرف وكأنه الطرف المنتصر ميدانيا محاولا فرض شروطه بينما الحقائق الميدانية تشي بعكس ذلك تماما ومطلقا، معركة حلب والتي بدأها النظام السوري بقصف جوي شامل لمواقع المدنيين بهدف إلحاق أكبر أذى ممكن بحاضنة الثورة الشعبية تحولت لمعركة استنزاف كبرى للنظام وحلفائه، فالروس يقصفون جوا ويغطون مواقع النظام ويمهدون الطريق للميليشيات الطائفية التي تتوافد بكثرة على المنطقة، ومعارك ريف حلب الجنوبي تحديدا استنزفت الكثير من إمكانيات الحرس الثوري الإيراني ثم أضيفت للخسائر الإيرانية عناصر النخبة من اللواء 65 من الجيش الإيراني والثوار أيضا يقدمون خسائر واضحة على مستوى الأفراد والقيادات وبما يشكل حالة قلق حقيقية للجهد العسكري والسياسي الإيراني الذي بات اليوم محصورا في الزاوية مع كل تورط جديد في معارك يعلم أهل المنطقة طبيعتها وظروفها رغم قوة نيران النظام وحلفائه، الإيرانيون اليوم بصدد المشاركة الفعلية والعملية في تنفيذ برنامج تبديل وإحلال ديموغرافي طائفي واسع النطاق يشمل السيطرة على مناطق واسعة في قلب الشام وفي العاصمة دمشق تحديدا كما حدث في حريق (سوق العصرونية ) في قلب دمشق القديمة والذي هو هدف مشترك بين النظام والإيرانيين لأعمال استثمارية وبأهداف طائفية محضة لا تخطئ العين الخبيرة قراءة دلالاتها ومعانيها، في الشمال السوري وحول حلب بالذات تتناطح مشاريع وخطط محلية ودولية ومنها الدعوة الألمانية للإقامة منطقة آمنة تكون ملاذا للاجئين السوريين الهاربين من جحيم المعارك وهو طلب تركي قديم لم يتم الاستماع له للأسف، والنظام يعلم تماما أن خروج الشمال عن سيطرته يعني ضمنيا خروج سورية بكاملها عن سطوته وهو ما سوف يتحقق في نهاية المطاف، لذلك فالمعركة شرسة وساخنة هناك وعلى نتائجها يتوقف مصير سيناريوهات وخطط عدة، النظام السوري يتصرف للأسف من دون خشية من رقابة أو عقاب دولي، فالرئيس الأمريكي أوباما قد أغلق الباب نهائيا في وجه أي عملية عسكرية دولية لتأديب ولجم النظام السوري معتبرا ذلك خطأ كبير!، وهو ما يدفع النظام للتمادي في وحشيته وعدوانيته وفظاظته، وحلفاؤه الإيرانيون يعتبرون أي انسحاب من المعركة بمثابة هزيمة كاملة قد ترتد عليه في العمق الإيراني، بينما مقاومة الثوار بلغت درجة أسطورية من الفداء والتضحية في مواجهة هجمة عسكرية متوحشة وظالمة وشبه دولية، وفي ظل صمت الدول الكواسر عن الفظائع التي يقترفها النظام السوري فإن في فصول معركة حلب المستمرة والمتصاعدة مفاجآت آتية حاسمة قد تغير شكل وطبيعة المواجهة!.. 
وتبقى المحرقة السورية مستمرة.

في الرد على الإسلاموفوبيا

في الرد على الإسلاموفوبيا

محمد عمارة


قبل أكثر من أربعة عشر قرنا، وعندما لم يكن هناك من يعترف بالآخر، فضلا عن أن يحترم هذا الآخر ويحمي خصوصياته ومقدساته، وعندما كان الرومان يعتبرون من عداهم برابرة وعبيدا ليست لهم أيه حقوق، أعلن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم عام 1 هـ ، 621 م ميثاق التعايش مع الآخر اليهودي في رعية دولة المدينة المتعددة الديانات.

 أعلن ذلك في دستور هذه الدولة، فجاء فيه: "لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، ومن تبعنا من يهود فإن لهم النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم، وأن بطانة يهود ومواليهم كأنفسهم وأن اليهود ينفقون مع المسلمين ما داموا محاربين، على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة (الدستور) وأن بينهم النصح والنصيحة والبر المحض من أهل هذه الصحيفة دون الإثم.

 وبالنسبة للآخر النصراني، أعلن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم عام 10 هـ ، 631م: "لقد أعطيتهم عهد الله أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين وعلى المسلمين ما عليهم حتى يكونوا للمسملين شركاء فيما لهم وفيما عليهم، وأن أحمى جانبهم وأذب عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ومواضع الرهبان ومواطن السياح حيث كانوا، وأن أحرس دينهم وملتهم أين كانوا بما أحرس به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتي".

 ولأن هذا الموقف الإسلامي من الآخر هو دين، وليس مجرد سياسة تتغير بتغير الملابسات فلقد أعلنه المسلمون وطبقوه، وصاغوه في مواثيق دستورية وعهود قطعوها لأهل البلاد التي حررتها الفتوحات الإسلامية من القهر الروماني الذي دام عشرة قرون، ففي "العهد العمري" الذي كتبه الراشد الثاني الفاروق عمر بن الخطاب (40 ق هـ - 23 هـ ، 584م – 644م) لأهل القدس عند تحريرها عام 15 هـ  636 م، جاء: "هذا ما أعطى عبد الله أمير المؤمنين أهل "إيليا" (القدس) من الأمان: أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم.

 وعليهم أن يخرجوا منها (القدس) الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، ومن أحب من أهل إيليا أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنوا على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم".

 هكذا أعلن الإسلام – الدين والدولة – قبل أكثر من أربعة عشر قرنا، مواثيق التعايش والحقوق والتعددية، عندما بنى الدولة على التعددية الدينية في الأمة، وجعل لغير المسلمين كل ما للمسلمين، وتعهد – دينيا – بحماية الآخرين بما يحمي به المسلمين ودين الإسلام، وبعبارة رسول الإسلام: "وأن أحرس دينهم بما أحرس به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتي".

 فهل يعرف ذلك الذين يفترون على الإسلام ورسول الإسلام؟!

تحت البيادة.. عند الخصية

تحت البيادة.. عند الخصية
             أى بؤس                 


وائل قنديل
يقولون إن الضابط قال للسائق قبل أن يطلق الرصاص على خصيتيه "إما أن تعيش كامرأة، مثل أمك، أو تموت"، وقبل أن تنتهي الجملة، كانت دماء غزيرة تسيل من السائق الذي عصى رغبة الضابط.

كان هذا في المساء، وفي الصباح كانت مواقع التواصل الاجتماعي تتناقل خبر براءة الضابط قاتل شيماء الصباغ، شهيدة اليسار المصري، التي أطلقوا النار عليها، لدى محاولتها ارتكاب جريمة وضع وردة وإيقاد شمعة، إحياء لذكرى شهداء الثورة المصرية، بالقرب من ميدان التحرير، قبل عام مضى.

كان الأمس، يحمل أيضا نبأ إعادة تشغيل ماكينة الإعدامات التي يقودها كاره الثورة والثوار، ناجي شحاتة، بسرعتها وطاقتها القصوى، لتفرم اثني عشر مواطنا في جلسة واحدة، صبيحة انتهاء الحفل الفني الساهر الكبير، الذي أقامه عبد الفتاح السيسي، على شرف ملك البحرين.

طوال الليلة الفائتة كان الثوار يتناقلون أخبارا عن التحقيقات مع مئات المعتقلين والمعتقلات، في يوم تظاهرات الأرض 25 أبريل/ نيسان، لتمتزج في الفضاء الإلكتروني صيحات الفرح بقرارات الإفراج وإخلاء السبيل، مع الدعوات بنجاة باقي المحبوسين والمحبوسات.

هم بارعون في لعبة خفض السقوف، عن طريق الإمعان في الاستخدام المفرط للوحشية والإجرام، بحيث يتم اختطاف الحشود من منطقة المطالبة بإسقاط النظام، إلى مساحة أخرى، يصعد فيها الإفراج عن الدفعة الجديدة من المقبوض عليهم إلى مرتبة المطلب الأول ومعركة الوقت الأهم، لتستهلك الرموز الثورية في الركض خلف المحبوسين والمحبوسات، بين النيابات وأقسام الشرطة، مع تعمد السلطة ممارسة كل فنون صناعة الفتنة والانقسام، داخل الكتلة الثورية، من خلال التمييز اللحظي، المقصود، بين المعتقلين، على أسس طبقية وأيديولوجية وعنصرية كذلك.

 لكنهم هذه المرة، يطورون أداءهم من خفض السقوف، إلى تعمد الإهانة والإذلال للثورة، مدفوعين بنشوة زيارات الرعاية الملكية، ومدججين بغطرسة حصيلة التنازل عن الجزر، وتدفقات الأرز من منابع رعاية الانقلاب، فيوجهون بمنتهى الخسة صفعة إلى نقابة الصحافيين، عن طريق إنزال مجموعات من غزاة الثورة المضادة، فوق عتبات سُلّم النقابة، الذي اكتسب رمزية نضالية وثورية مستحقة، منذ زمن حسني مبارك، في مشاهد لا تختلف كثيرا عن عربدة المستوطنين في ساحات المجلس الأقصى..
ويعتقلون عشرات الصحافيين، ويمنعون آخرين من دخول بيتهم، ضاربين أطواقهم الأمنية حولها.. 
والمقصود معاقبة النقابة على احتضانها زهور الغضب في تلك الجمعة الحاشدة التي قضت مضاجع النظام في الخامس عشر من الشهر الجاري.

يطال شبق الإذلال والإهانة أيضا اليسار المصري، وتحديدا القسم الأكبر منه الذي مازال يتذكر ثورته ويستعصي على العسكرة، فيصدر قرار محكمة النقض، أمس، بتبرئة قاتل شيماء الصباغ، بعد مرافعة من محامي حسني مبارك وأولاده.. وتمتد الإهانة إلى التيار الناصري أيضا، من خلال نجاحهم في توظيف ابنة عبد الناصر في مشروع "سعودة الجزيرتين".

الرسالة واضحة، لا يختلف مضمونها  من واقعة الضابط مطلق الرصاص على السائق، إلى وقائع القاضي مطلق أحكام الإعدام على المتظاهرين، أو زميله الذي برأ قاتل شيماء الصباغ: تعيش تحت قوانين بياداتهم العسكرية، أو تقتل.. تتنازل عن كرامتك أو ثوريتك، أو تموت تعذيبا، أو كمدا، أو إهانة.
غير أن رد الثورة يظل الأقوى، كما صاغته عبارات سناء سيف في وجه النيابة، معلنا رفضها لعبث المشهد كله، وكما نطقت به سجلات المعتقلين والمعتقلات، فلم تفرق بين "تقوى" و"ميريت" أو بين "مينا" و"إسلام"، وكما عبرت عنه مسيرة الأقلام والعدسات من نقابة الصحافيين إلى دار القضاء.
تظل الثورة أقوى، ما دامت قادرة على مقاومة التصنيفات الأيديولوجية والفرز الطائفي، وهذا ما أصاب النظام بالرعب والسعار، بعد تظاهرات الاثنين الماضي، حيث تحقق الاصطفاف، من دون تنظير أو شعارات.
لا تخذلوا ثورتكم.. لا تهدروا إنسانيتكم في اللهاث خلف سراب التقسيمات العنصرية.