الخميس، 30 نوفمبر 2017

شفيق المخلص يبعث من جديد

شفيق المخلص يبعث من جديد

      أحمد شفيق.. سفير فوق العادة للثورة المضادة     

 وائل قنديل
قبل التعليق على"مولد أحمد شفيق" المنصوب منذ يومين، من المهم التأكيد على نقطتين أساسيتين: أنه، بوصفه مواطناً مصرياً، يستحق الدفاع عن حريته في السفر والتنقل حيث يشاء، ومن واجب الجميع أن يدافع عن حريته، إن كان محتجزاً في الإمارات.
الثانية: أنه وباعتباره مواطناً مصرياً من حقه أن يمارس العمل السياسي، ويترشح لأي انتخابات، كما يشاء.

على هذه الأرضية، من حق الجميع الاشتباك مع هذه"الهوجة" التي تبدو مفاجئة، مع إذاعة تسجيلين تلفزيونيين له، في الأول يعلن رغبة في التقدم للانتخابات، وفي الثاني يعلن أن سلطات الإمارات منعته من السفر.

معلوم أن أحمد شفيق، وفور إعلان فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة مصر في انتخابات يونيو/ حزيران 2012، قرّر مغادرة القاهرة سراً، حيث أعلن المحامي والسياسي عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط في ذلك الوقت أن" فجر يوم 26 يونيو، وعلى متن الرحلة رقم 650 المتجهة إلى أبو ظبي، والتابعة لخطوط الاتحاد الجوية، سافر أحمد محمد شفيق زكي، وبصحبته أمتعة ومنقولات بمجموع أوزان قدرها 7110 كيلو غرامات، وقد فتحت له صالة كبار الزوار ولم يتم تفتيش أي شيء من هذه الحمولة"
قبل هذه القفزة المباغتة إلى الإمارات، كانت أزمة دبلوماسية عنيفة قد اندلعت بين القاهرة وأبو ظبي، على خلفية تصريحات لقائد شرطة دبي، ضاحي خلفان، تطاول فيها على الرئيس المنتخب بعبارات فجّة من عينة "تقدّم مرسي تراجع لمصر"، و"فوز الإخوان يوم شؤم وكارثة على المصريين والأمة العربية والإسلامية" و"يحرم عليه.. أن نفرش له سجاداً أحمر"، و"سيأتي الخليج حبوا".

منذ ذلك الوقت المبكر، بدأ أحمد شفيق عملية التحضير للثورة المضادة في مصر، بنشاط محموم، على مدار عدة شهور، وبإنفاق هائل على كل المستويات، حتى جاءت لحظة الثلاثين من يونيو/ حزيران، وأطاحت الدولة العميقة بذراعيها، الجيش والشرطة، أول تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر، وانتهى الأمر بانقلاب عسكري مكتمل الأركان، شعر بعده أحمد شفيق بأنه نال جزاء سنمار.
القصد، أنه على مدار خمس سنوات لم تكن هناك مشكلات تذكر بين الإمارات وأحمد شفيق، إذ بقي يتلقى معاملة سفير فوق العادة للثورة المضادة والانقلاب في مصر، ويواصل دوره في تأييد منظومة الانقلاب، بكل نشاط وهمة.

كان أحمد شفيق، طوال هذه السنوات، مصمماً على روايته الخاصة بما جرى في انتخابات الرئاسة 2012، وأنه كان الفائز، وجرى تغيير النتيجة. ومن هنا أول ما يلفت النظر في فيديو شفيق المذاع أول من أمس، أنه وللمرة الأولى يعترف بفوز الرئيس محمد مرسي، حين يخاطب "بني شعبه" قائلا إنه حصل على المركز الثاني في تلك الانتخابات، من دون التشكيك في استحقاق الرئيس مرسي المركز الأول.

قد يبدو شفيق، ومثله جنرالات متقاعدون آخرون، في هذه اللحظة، على تناقض، أو خلاف مع عبد الفتاح السيسي، لكن ذلك كله لا يبرر ذلك الحماس، الذي يصل حد اللوثة، في استقبال (العسكري) شفيق وكأنه"المخلص" الذي بعث يوم مولد النبي ليمنح مصر صك الانعتاق من ربقة الطغيان العسكري، وينقلها إلى حدائق الديمقراطية الغناء.

هذا الحماس، غير العقلاني، يبدو باعثاً على الدهشة من قوى تنتسب لمعسكر مناهضة انقلاب السيسي، تنتمي لتيار الإسلام السياسي، وخلافه، تخلع على شفيق رمز الثورة المضادة، وقائدها، صفات ثورية ونضالية، لم نعرف بها قبلاً، وتستدعي مقارناتٍ، غير منطقية، مثل حالة سعد الحريري، وتورغوت أوزال، حتى يخال لك أنهم بعد قليل سيلبسونه ثوب نيلسون مانديلا وجيفارا.
يرتفع بعضهم بالحماس أكثر، فيهبطون بمستوى الجدل إلى مرحلة استخدام نظرية ساقطة، مضمونها أنهم على استعداد للالتفاف حول "أي كلب بلدي ضد السيسي"، وحجتهم إنهاء معاناة المعتقلين، وهي حجة يدحضها الواقع الذين يقول إن من بين ساكني الزنازين من دخلوها لأسباب عدة، من بينها أحمد شفيق، مثل حالة علاء عبد الفتاح ورفاقه، الذين رفضت محكمة النقض طعنهم ضد الحكم بسجنهم في قضية ملفقة، هي حرق مقر الحملة الانتخابية لشفيق، ومنهم عصام سلطان الذي كان ولا يزال هدفاً لمدفعية شفيق والثورة المضادة، لأنه تقدّم ببلاغ للنيابة ضد فساد في وزارة الطيران، في عهد شفيق.

باختصار، لا توجد علامة واحدة على أن شفيق نصير للحريات، أو صديق للمعتقلين، أو معني بموضوع الديمقراطية والثورة، من قريب أو بعيد، حتى يشطح الخيال ببعضهم إلى توهم أنه بالإمكان أن يكون شفيق 2017 هو محمد البرادعي 2009.

بعض الأسئلة عن (الاحتفال بالمولد النبوي)

بعض الأسئلة عن (الاحتفال بالمولد النبوي)
 تفضل بالإجابة عليها الشيخ عبدالعزيز الطريفي-حفظه الله.
1-من يُقر مولد النبي صل الله عليه وسلم ويدافع عنه ويُصر عليه ، هل يُهجر في الله أم لا ؟ وكيف التعامل معه؟
*أكثر من يحتفل بالمولد النبوي أصحاب قصد حسن خاصة الذين لا يخلطون الاحتفال بمحرم كالرقص والمجون والغناء، وبيان الحق لهم بعلم وحكمة ولين ورفق مطلب وهجر مثلهم ليس بحسن، وإنما يبين لهم ويدلل لهم بالأدلة النقلية والتاريخية لحدوث هذه البدعة من العبيديين ولم تكن معروفة في الإسلام واستحسانها عقلا ومحبة الرسول لا تكون بإحداث شيء لم يفعله لا هو ولا أصحابه ولا القرون المفضلة ولا الأئمة الأربعة، والمحبة والتعظيم يكون بالاتباع لهديه، ومن احتفل بالمولد ولم يخلط احتفاله بفسق كالرقص والتعري والغناء فالأصل أن قصده حسن فيهجر فعله وبدعته ولا تهجر ذاته، ومن احتفل بالمولد وخلطه بمحرم كالغناء والرقص فينصح ويوعظ وإن عاند يهجر فالغالب من مثله سوء القصد .
٢- يقوم شخص بقرأة كتاب ( أشرف الأنام) ـ المتضمن لمولد النبي عليه السلام وسيرته قبل وبعد النبوة وأبيات مُدح فيها عليه السلام ـ ويتقاضى عليه أجراً ، هل يجوز له ذلك؟
* سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر شمائله وفضائله وصفاته لا تاريخ لها معين، وليس للإنسان أن يؤاجر نفسه لقراءة السيرة في يوم معلوم في السنة يتعبد به، ومع عظمة معرفة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه إلا أن جعل من في مقامه لا يجتمع الناس على معرفة ذلك الا في يوم في السنة ليس من تعظيمه مع كونه بدعة لم يفعلها اهل القرون المفضلة.
٣- هل يجوز الأكل من الذبائح التي ذبحت للمولد؟
* الذبائح التي تذبح لله في يوم المولد ويذكر عليه اسم الله حلال، مع كون المناسبة ليست مشروعة بذاتها فذاك لا يحرم ذات الطعام.
٤-يتحجج البعض بأن هذه الإحتفالات هي إحياء لذكرى مولد الرسول صل الله عليه وسلم ، وفرح واستبشار وتعظيم لمقام النبي عليه السلام ، وأن وكل ما يُقام فيها - من قرأة القرآن والصلاة على النبي عليه السلام وإطعام الفقراء .. ـ هي أمور خير وتواصل ! ما قولكم في ذلك ؟
* قد بينا مرارا أن العبادات توقيفية ليس لاحد أن يفعلها إلا باتباع وسنة وليست للاستحسان العقلي، ولو كانت العبادات ترجع لاستحسان النفس لم يكن لنزول الوحي وارسال الانبياء فائدة، ومحبة النبي تكون باتباع هدية حسب فعله بذكر الله وتسبيحه وتهليله وصلاة الفرائض وقيام الليل والرواتب والصوم والتخلق بخلقه وتعامله بهذا يعيش المحب له كل يومه وليلته وليس بزيادة تعبد في يوم من العام والغفلة سائرة كما يفعل العوام. 
من امتثل هدي النبي كل يوم لم يحتج الى تخصيص يوم في السنة .

الأربعاء، 29 نوفمبر 2017

التناحر والموروث الاستبدادي

التناحر والموروث الاستبدادي

وسيظل المصري حبيس ذلك الظلام المخيم على البلاد والذي سيزداد مع الوقت سوءا ما لم يقرر أن ينهض وينتفض ويتحدي ويدفع الثمن اللازم للخلاص.
عزة مختار
أتفق منذ القدم ومنذ توجه الإنسان لبناء مجتمعات متجانسة أن تقوم تلك المجتمعات على مبدأ التفاهم والتكامل والتعاون بين الأفراد لا مبدأ الصراع والتدافع والتناحر
المجتمعات القوية أواصر وأسباب
تطورت الفكرة بتطور الإنسان الحضاري ونزول الرسالات السماوية بما تحمله من توجهات أخلاقية تهذب الفوضى الإنسانية المتبقية من عصور ما قبل التاريخ، ومثل وجود المفكرين والفلاسفة والمعلمين والأدباء علاوة على وجود الحاكم القوي الذي يؤمن بجدارة محكوميه واستحقاق بني جلدته لحياة عزيزة علي مر العصور، عوامل حفظ لمنظومة القيم الأخلاقية والتي تؤكد على تماسك المجتمع في مواجهة أي قوي خارجية يمكن أن تهدد استقراره ووجوده.

وحين أتى الإسلام بالرسالة الخاتمة شرع مبدأ الأخوة فقال تعالي في سورة الحجرات " إنما المؤمنون أخوة " فصارت آصرة الدين أقوي من كل أواصر النسب أو القطرية الضيقة أو العرقية المذهبية المحدودة أو التاريخ أو التجاور ، ومع أن الإسلام لم ينكر تلك الأواصر، بل جعلها جزءا من الفطرة السليمة للإنسان الطبيعي، إلا  أنه جعل العقيدة الدينية هي الأساس المتين في توطيد العلاقة بين أبناء المجتمع الواحد، وكان الإجراء الأول للنبي محمد صلي الله عليه وسلم في المدينة هو المؤاخاة بين المهاجرين الذين يمثلون مجتمعا مختلفا في طبيعته وأخلاقه وبيئته، والذين تركوا ديارهم وأموالهم وأهليهم هربا بحريتهم وحفاظا علي دينهم من بطش الكافرين، وبين الأنصار الذين يمثلون أصحاب الأرض بعاداتهم وسلوكياتهم وموروثاتهم، ليندمج المجتمعان ويذوبا في بوتقة واحدة ليصير التوارث بين الإخوة الجدد واجبا، وليتنازل الأخ لأخيه مختارا عن نصف حياته في حالة من التكافل المجتمعي غير المسبوق ، وحين يختلط الاندماج المجتمعي بالآصرة الروحية إلي جانب الآصرة الاجتماعية تتحول الدولة إلي واحدة من كبريات الدول واعتاها وأكثرها صلابة، خاصة إذا استند كل ذلك لنظام يحقق العدالة في مطلقها فيقضي علي الضغائن والأحقاد والحسد والكراهية والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد .
دور المستعمر في اختراق اللحمة المجتمعية المصرية
وفي مصر التي مرت عبر عصورها بحالة من الاختلاط العجيب بين العقائد المتعددة نظرا لتوالي وطول مرات احتلالها، إلا أنها استطاعت نسبيا أن تحتفظ بهوية خاصة تجاوزت من خلالها نقطة الخلاف العقيدي الذي يمكن أن يخلق حالة من الصراع الأيديولوجي في أي مجتمع كان، وعاش المصري المسلم الذي يأمره دينه بالإحسان إلى أهل الكتاب دون أن يشغل تفكيره بتلك الاختلافات جانبا إلى جنب مع المسيحي واليهودي في حالة من التعايش الطبيعي الفريد وكأنها تدخل في خصيصة من خصائص الإنسان المصري ووحده يتفرد بها
ولم يذكر التاريخ أن المجتمع المصري تعرض لهزات اجتماعية أو لحالة من العنف أو الصراع نتيجة لخلاف أيديولوجي داخلي ، وإنما ارتبطت كافة أشكال الصراعات الطائفية بفترات الاحتلال الخارجي كفترة الاحتلال الروماني لمصر التي أذاق فيها الرومان ـ رغم مسيحيتهم ـ  نصاري مصر ويلات الملاحقة والتعذيب ، وفي الوقت الذي اشتدت فيه الحرب بين الفاتحين المسلمين والدولة الرومانية وقتل المسلمون قائدهم أرطبون لاقى نصاري مصر الجيوش الإسلامية بارتياح كبير ، وتحرر النصارى من اضطهاد الرومان على أيدى الفتح الإسلامي وأعاد عمرو بن العاص بطريرك النصارى «بنيامين» وفي هذا الشأن يذكر المؤرخ المسيحي يوحنا النقيوسى عن عمرو بن العاص : احترم أملاك الكنيسة ولم يقترف عملا يعاب عليه ، فعاش أهل البلاد في سلام ديني وتمتعوا بحرية العبادة ، وأعاد إنشاء الكنيسة الوطنية وأديرة وادي النطرون ودير الأنبا مقار ، وجاء الرهبان أفواجا يؤكدون إخلاصهم له كحاكم للبلاد.
ومن هنا نجد أن المصريين بطبيعتهم علاوة علي كونهم مسلمين في أغلبيتهم لم يسعوا يوما لفتنة ما مع صاحب أي ديانة أخري ، بل علي العكس فقد تدفعه بعض الصراعات لمزيد من التماسك بين أفراد الأمة الواحدة علي اختلاف عقائدهم ، بل وزد علي ذلك فربما رفض الإنسان المصري بعض من يخالفونه مذهبيا من داخل عقيدته ذاتها في الوقت الذي يتقبل العيش فيه بجوار غيره من أصحاب الديانات الأخرى وخير شاهد علي ذلك فترة الحكم الفاطمي الذي أنشأ الجامع الأزهر خصيصا لنشر المذهب الشيعي ، وخرجوا من مصر دون أن يتأثر أهلها عقيديا  ، ويتحول الأزهر ذاته إلي أكبر جامع وجامعة تعلم مسلمي العالم المذهب السني وتقف موقف الحصن المتين دون الإسلام الوسطي الشامل
والغرب الصليبي الذي أرسل أول وفوده غازيا متمثلا في جيش فرنسا قد فطن لخطورة اللعب علي وتر الدين للتأثير علي حالة الانسجام المجتمعي تلك فحاول إفساد تلك المنظومة ليدخل للمجتمع المصري من خلالها في حالة ضعف داخلي، تسمح له بالتوغل والسيطرة عليه ، ففي العام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية  إلى مصر أعلن نابليون عن عزمه تجنيد عدد عشرين ألف جندي من الأقليات غير المسلمة ليستخدمهم كنقاط ارتكاز لمشروعه الاستعماري في الشرق ، وفي العام 1799 وجه نداء للأقليات اليهودية في العالم لمساعدته في احتلال عكا وذلك في مقابل مساعدتهم للاستيلاء علي فلسطين ، ووقع في فخه " يعقوب حنا" ليجمع ألفين من النصارى فيما اعتبر عمله هذا خيانة للأمة كلها مسجلا حتى في الكنيسة كجريمة لا تغتفر ، ومن هنا نرى أن محاولات الإفساد المجتمعي داخل مصر كانت مرتبطة بالاستعمار أو التآمر الخارجي وليست نابعة من طبيعة الشخصية المصرية البسيطة
وحين رحل المستعمر عن البلاد لم يتركها لشعوبها تقرر مصيرها بنفسها فتختار حاكمها وتدير مقدراتها، وإنما أراد المستعمر ضمان استمرار السيطرة على تلك المستعمرات وذلك باستخلاف حكومات عميلة تضمن الولاء الكامل له مقابل الاحتفاظ بكرسي الحكم وبعض الفتات الذي يلقيه المستعمر له في الوقت الذي تمتد فيه سياسات المستبد لتتجاوز بمراحل أفعال المستعمرين لتطول فترات حكمهم وبقائهم جاثمين على صدور العباد والبلاد
الاستبداد أشد خطرا
وقد تعرضت مصر لهزات استبدادية عنيفة عبر عصورها قديما فضلا عن العصر الحديث الذي توالي عليها فيه الاستعمار الأوربي ليخلف بدلا منه أنظمة عسكرية كانت أشد بأسا على شعبها وكانت بديلا له في تحويل مقدرات البلاد لغير أهلها في حالة من العسف التاريخي غير المقبول حضاريا ولا إنسانيا
والمهمة الأولي للمستبد هى تفريق المجتمع وتقسيمه والقضاء التام في أسرع وقت على اللحمة المتأصلة عقيديا وتاريخيا وجغرافيا فيفتت قوتهم ويدمر إرادتهم ويجعلهم شتي فتضيع الرؤى ويتفرق الشمل، وهذا ما فعله فرعون بأهل مصر اتباعا لقاعدة فرق تسد كما قال تعالي في سورة القصص " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)  
يقسم المجتمع إلي طبقتين الفرق بينهما شاسع ، بل طبقتين متحاربتين ، احداهما شديدة الفقر والثانية شديدة الثراء، احداهما مقهورة ذليلة والثانية مستبدة بالتبعية للمستبد، يقول الكواكبي " الحكومة المستبدة مستبدة في كل فروعها، من المستبد الأعظم إلى الشرطي إلى الفراش إلى كناس الشوارع " ، " وجرثومة البلاء " كما أسماهم الكواكبي هم من يطلقون علي أنفسهم طبقة " الأصلاء " ، بهم يدفع المستبد البلاد لنار الحقد والغل والكراهية والتناحر بين العباد ، وعلي تلك النار يعيش ويستمد جذوة ملكه ، وتلك الفرقة هي الضامن الوحيد لبقاء المستبد ، فلا يبقي دين ، ولا يبقي خلق ، ولا يبقي علم ، ولا تبقي صحة ، ولا يبقي مجد أو تاريخ أو قيمة معنوية يمكن أن يلتف حولها الخلق ، بل هو الحرص علي الدنايا وسفاسف الأمور ، والهبوط بالإنسانية إلي دركها الأسفل وانتشار الأمراض القلبية والأخلاقية ، والفرد في هذه الحالة هو كاره لوطنه ، ينتظر الفرص للهجرة والبحث عن لقمة عيش في وطن آخر ، يقول فولتير" في ظل ملك صالح يكون للإنسان وطن. ولكنه في ظل ملك شرير لا وطن له " والمستبد ملك ظالم لا يعرف العدل ولا الرحمة، فلا يشعر الفرد برغبة في البقاء في وطنه، ولا يبحث له عن رفعة بعدما انشغل بمجرد البقاء، والدولة المستبدة عند الكواكبي " يكون نتاجها الاستبداد في كل حالة، فالزوج مستبد بزوجته كي يفرغ فيها كل نير غضبه نتاج الظلم الواقع عليه ممن هو أكبر منه، والوالد مستبد بأبنائه، والمعلم مستبد بتلاميذه وهكذا، فتضعف الروابط المكونة للمجتمع وتستبدل بالكراهية والضغائن
سبيل الخروج من مأزق التمزق المجتمعي المصري الحالي
مما سبق يمكن أن نجمع خيوط أزمة الانقسام الظاهر في المجتمع المصري والتي تكونت نتاج أسباب متراكمة بدأت بالاستعمار وانتهت بالحكم العسكري الاستبدادي الانقلابي منذ الثالث والعشرين من يوليو 1952 وليس منذ الانقلاب الأخير فقط ، ووضع الحل الأمثل لأي مشكلة يجب أن يقوم بمعالجة ومواجهة السبب الأساسي لها ، ومن هنا تصبح مواجهة المنظومة الاستبدادية في البلاد وإسقاطها من جذورها هو الواجب الأول علي كل مصري يريد أن يعيد لبلاده مكانتها المنوطة بها في ريادة المنطقة العربية والإسلامية كما كانت دائما عبر تاريخها، إن الطريق لنهضة مصر يبدأ أولا من إعادة روح العدالة الغائبة ، والحفاظ علي أمن وأمان المواطن البسيط ، ووضع جيش البلاد لحماية أهلها ، وإعطاء التعليم المكانة اللائقة به لنهضتها ، وتولية الصحة القدر الكافي من الاهتمام ، والاهتمام بتكوين الفرد الصالح لمهام البناء وكل ذلك لن يتأتي في ظل حاكم مستبد يتخذ من القتل وسفك الدماء والتفريق بين طبقات المجتمع سبيلا لبقائه وغاية لوجوده ، إنه علي الشعب المصري أن يعي جيدا أن الأمر لم يعد رفاهية وأن الانهيار التام للبلاد قد أوشك على الوقوع لولا أن يتداركه الله برحمته ويلهمه سبيل المقاومة الكفيل باجتثاث أصل الداء والخلاص منه وذلك باتخاذ كافة وسائل المقاومة المشروعة للخلاص من ذلك الكابوس الجاثم علي صدور العباد منذ ما يقرب من سبعين سنة عجاف أصبحت مصر التي تتمتع بثروات لا تقدر من أفقر وأقل دول العالم شأنا ، وليس للمجتمع الدولي لمن يتوقع تدخله شأن في تلك المسألة التي لا تخص سوي الشعب وحده ، فالحريات لا توهب ولا تمنح ، والأمجاد تصنع بأيادٍ شعبية خالصة لا بأياد أجنبية .
 وسيظل المصري حبيس ذلك الظلام المخيم على البلاد والذي سيزداد مع الوقت سوءا ما لم يقرر أن ينهض وينتفض ويتحدي ويدفع الثمن اللازم للخلاص.

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

دولة فلسطينية في شبرا مصر

دولة فلسطينية في شبرا مصر


 وائل قنديل
تقول لهم إن وزيرة صهيونية أعلنت أنه لا مكان لدولة فلسطينية إلا في سيناء، يأتيك الرد: هذا كلام لا يستحق الرد، وأن المتحدّثة لا تمثل إلا نفسها.

ثم يأخذونك إلى منطقة أخرى من العبث، مستشهدين بواحد من الاسكتشات المسلية لرئيس سلطة رام الله، محمود عباس، يزعم فيه، بين يدي لميس الحديدي، احتفاءً ومجاملة لسلطة الانقلاب في مصر، إن هذا الكلام أثير في لقاء له مع الرئيس الأسير محمد مرسي، قبل الانقلاب عليه.

في اللقاء المشار إليه أعلاه، لم يقل محمود عباس إن الرئيس مرسي طرح عليه مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء، بل ذكر عباس إنه أبلغ الدكتور مرسي بأن هناك تفكيراً إسرائيلياً في إقامة دولة فلسطينية في سيناء"قلت له إن إسرائيل تريد أن تلقي بغزة في سيناء، وهذا يخرّب المشروع الوطني الفلسطيني"، فاستنطقته المذيعة "سمعت إنه قال لك يعني همه كام يعني مليون ونص"، فنطق عباس"قال لي نحطهم في شبرا".

في الحوار بدأ عباس متحفظاً على أن يقول كلاماً على الرئيس مرسي وهو في السجن، وفضّل أن يترك له الحديث عن الأمر، حينما تسمح الظروف، لكنه تحت إلحاح المذيعة، قرّر أن يطلق نكتة التوطين في شبرا.

هنا عدة ملاحظات أساسية: أولاها إن مرسي لم يطرح موضوع سيناء بديلاً للدولة الفلسطينية، بل أن عباس هو الذي أثاره.
 الثانية أن الرئيس مرسي، وفقاً لرواية عباس التي تلقفها إعلام الانقلاب لم يذكر سيناء على الإطلاق، وإنما سخر من النكتة الصهيونية السمجة بالقول "نحطّهم في شبرا".
الملاحظة الأهم، أو السؤال الأخطر: لو كان الرئيس مرسي يريد تحقيق الرغبة الصهيونية بالتخلص من غزة في سيناء، فكيف تفرّط إسرائيل في حاكم عربي بهذه المواصفات، وتحرك وتدعم انقلاباً عليه؟ لماذا لم يعضّ عليه الصهاينة بالنواجذ، بدلاً من أن ينفقوا المليارات للتخلص منه، كما اعترف بذلك عسكريون وسياسيون صهاينة، وأيضاً سياسيون وبرلمانيون في نظام عبد الفتاح السيسي، منهم النائب عماد جاد الذي أشاد بالدعم الإسرائيلي المبكر لمشروع إطاحة الرئيس مرسي؟

عباس، مثل السيسي، كلاهما جاء إلى السلطة عبر انقلاب مدعوم إسرائيلياً، الأول وصل إلى الحكم على جثة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، والسيسي وصل، بمباركة إسرائيل ودعمها اللامحدود، فوق آلاف الجثث، وكلاهما يدرك أن بقاءه في السلطة مرهون بإرادة الكيان الصهيوني.

في العام 2003 فرضت إسرائيل وأميركا محمود عباس رئيساً لحكومة فلسطينية، لسحب السلطة من الرئيس المنتخب ديمقراطياً ياسر عرفات، وبعد تعيين عباس، شنّ شارون هجوماً كاسحاً على عرفات، من زاوية أن رئيس الوزراء الفلسطيني لا يستطيع العمل بهدوء، وجهوده تتعرّض للتخريب، والسبب عرفات "الذي لا يزال العقبة الرئيسية" قبل الإسلاميين، "أمام كل محاولة للسلام".
ثم في سبتمبر/ أيلول 2004، أعلنت إسرائيل أن حكومتها الأمنية المصغرة وافقت مبدئيا على قرار " إزالة عرفات"، وهو القرار الذي أثار شجبا دوليا واسعا، لكن واشنطن استخدمت  حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن على قرار يدين القرار الإسرائيلي.
ولأن عباس هو النسخة المدنية من السيسي، المصنوعة إسرائيلياً، فمن العبث أن تتوقع منه شهادة محترمة بحق رجل يوشك على فقدان بصره وحياته كلها في سجن الانقلاب، لكن السؤال هنا: لماذا لم تستعن سلطة السيسي بأكاذيب عباس، لتلفيق قضية إضافية للرئيس مرسي، بتهمة بيع أراضي سيناء؟ ولماذا لم يبادر عباس نفسه بتحريك دعوى قضائية ضد الرئيس مرسي بشأن الموضوع ذاته؟

تقول ذاكرة الأيام إن عباس التقى الرئيس مرسي أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يؤكد "أنه لمس خلال لقائه مع الرئيس المصري محمد مرسي دعم مصر المطلق والمستمر للقضية الفلسطينية"، قائلًا "إن موقف مصر لا لبس فيه ولا إبهام وهو موقف داعم ومستمر لقضيتنا".
لماذا، بعد ذلك كله، يغير عباس رأيه، ويطلق هذه التفاهات ضد الرئيس مرسي؟
هذا الهراء العباسي الذي استخدمه إعلام السيسي على أوسع نطاق، ردّت عليه حركتا حماس وفتح، وأحيلك هنا إلى رد سفير فلسطيني سابق، وقيادي في حركة فتح، هو عدلي صادق، الذي قال إن "عباس أخطأ في ادّعائه أن مرسي عرض عليه ألف كيلو متر مربع من سيناء، والخطأ، هنا مثلث؛ أي سياسي، وأدبي، وتنظيمي فتحاوي". 

حوار الأديان: التنازلات والوقاحة !

حوار الأديان: التنازلات والوقاحة !
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
  

يتواصل مسلسل تنازل المسلمين بصورة فادحة لا يقبلها ضمير أي مسلم أينما كان، كما ان مسألة خلط الدين وإقحامه في القضايا السياسية المغرضة المفروضة علينا لاقتلاعه بات بحاجة الى وقفة صارمة لتصحيح المسار، خاصة حينما تكون القضايا شديدة الوضوح. والموضع هنا هو قضية "حوار الأديان" الذي ابتدعه مجمع الفاتيكان الثاني (1965)، وتعد قراراته "لا نقاش ولا رجعة فيها"، كما يقولون بوضوح وبصراحة. والحوار بين الأديان يعني في كافة نصوص ذلك الفاتيكان: كسب الوقت الى ان تتم عملية التنصير.. فالتنصير تم فرضه قرارا على العالم أجمع. وكل هذه نصوص منشورة وليست سرية.

والقضية التي تعنينا هنا هي: {قرار "ترميم" كنيسة يرجع عمرها الى 900 عاما مضت، وبناء مركزا للحوار بين الأديان في أرض المملكة السعودية}! والغريب في الموضوع التعتيم، أو شبه التعتيم، الذي واكب الخبر تقريبا في الإعلام العربي، علما بأن الجرائد الفرنسية وخاصة مواقع الفاتيكان قد تناولته بوضوح واسهاب..


وبحسبة بسيطة، فنحن في القرن الواحد والعشرين، وإن رجعنا تسعة قرون الى الوراء لوصلنا للقرن الثاني عشر الميلادي. أي إن الإسلام كان في القرن الخامس من عمره وقد انتشر في انحاء العالم لمحاربة الشرك بالله وتأليه عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام، الذي تم في مطلع القرن الرابع، سنة 325، واختلاق بدعة الثالوث وفرضها سنة 381.. ولولا هذا الكفر البواح برسالة التوحيد لما أنزل الله سبحانه وتعالى الإسلام لتصويب هذا الشرك الذي حاد بإصرار عن رسالة التوحيد.

وكان سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، قد حدد ألا يجتمع دينان في أرض الجزيرة العربية، كما نص القرآن الكريم بوضوح على ألا يدخل المشركون أرض المسجد الحرام: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (28 التوبة).

فكيف يقبل ولي العهد في المملكة السعودية أن يتعهد بترميم كنيسة يرجع عمرها الى 900 عام (إن وُجدت حقا)، وأن يبني "مركزا للحوار بين الأديان" في أرض المملكة التي خصها الله سبحانه وتعالى بآية واضحة، وحدد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بوضوح شديد ألا يجتمع دينان على هذه الأرض المقدسة؟ والأدهى من ذلك ان يأتي هذا التنازل، الذي لا يوصف ولا يقبله عقل مسلم، كهدية من ولي العهد للبطريرك بشارة بطرس الراعي بمناسبة زيارته للمملكة يومي 13 و14 نوفمبر 2017 ؟ فهل من المعقول أن يحيد المرء عن تعاليم دينه الشديدة الوضوح ليكرم ضيفا أيا كان دينه ؟

وفي يوم الخميس 23 نوفمبر 2017، أي بعد حوالي عشرة أيام من تلك الزيارة الوقحة، استقبل البابا فرنسيس البطريرك بشارة بطرس الراعي ليقدم له تقريرا عن زيارته للملكة السعودية. وأول ما بدأ به موقع "زنيت" التابع للفاتيكان نشر هذا الخير، حدد قائلا: "لقد تم استقبال الكاردينال اللبناني في السعودية مرتديا، بوضوح شديد، الصليب على صدره في كل جولاته حتى في لقائه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم 13 نوفمبر 2017"..


 
اللهم لا تعليق على مثل هذا الموقف الاستفزازي المهين، وما معنى وجود صورة

 للحرم بينهما؟!
 
ويواصل موقع "زنيت": "ان هذه الزيارة هامة في إطار العلاقات الدولية والبحث عن السلام في سوريا، ووجود أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان.
والمعروف ان السعودية ليست لديها حتى الآن علاقات دبلوماسية مع الكرسي الرسولي، لكنها تلعب دورا هاما في المنطقة".. كما تناول الحوار بين البابا فرنسيس والكردينال بشارة بطرس الراعي دور لبنان في الحوار الإسلامي ـ المسيحي وكعنصر استقراري في المنطقة ومكان للحوار بين الحضارات والأديان. ثم أضاف تحديدا: "من أجل ذلك يتعيّن على لبنان أن يظل مستبعدا عن الصراعات". وما يسعى اليه البابا هو تعميم نظام لبنان في ان تحكم الأقليات المسيحية البلدان ذات الأغلبية المسلمة.

وما يقلق سيادة البابا وكرديناله الماروني ان وجود أكثر من مليون سوري مسلم في لبنان يزيد من تقليص نسبة الأقلية المسيحية بها. فعلى الرغم من إن المسلمين (وفقا لإحصائية الفاتيكان) يمثلون 67,82 % من التعداد، وال 22,18 % تضم مختلف الديانات الأخرى من مسيحيين بفرقهم ودروز.. وعلى الرغم من ان المسلمين يمثلون أغلبية ساحقة في لبنان، إلا ان الاستعمار الفرنسي قد وضع الدستور قبل رحيله بحيث يكون رئيس الدولة مسيحيا ورئيس الوزراء مسلما. أي أنه تصرف بحيث يظل له مدخلا يتحكم من خلاله في الدولة.

وليست هذه القضية وحدها هي التي تفضح تنازلات المسلمين للفاتيكان، ففي يوم 20 سبتمبر 2017 استقبل البابا فرنسيس الدكتور محمد العيسي، أمين عام رابطة العالم الإسلامي والوفد المرافق له المكون من ستة أشخاص. وفي اليوم التالي استقبل الكردينال جان لوي توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان، "ودار النقاش بينهما حول قضية الأديان وأن لها مصادر أخلاقية يمكنها المساهمة في تدعيم الروابط الأخوية والسلام، وان ظاهرة الأصولية وخاصة حينما تكون عنيفة، تثير القلق وتتطلب جهودا مشتركة لمحاصرتها. من ناحية أخرى أشار الكردينال أنه لا تزال توجد مواقف لا تُحترم فيها حرية العقيدة وحرية تغيير الديانة. الأمر الذي يتطلب تدخلا سريعا لتصويب الأمور بتجديد الخطاب الديني وإعادة النظر في المناهج المدرسية. وقد اتفق الجانبان على إقامة لجنة مشتركة دائمة في القريب العاجل".

وفي يوم الأربعاء 22 نوفمبر 2017، استقبل البابا فرنسيس ممثلا للمملكة السعودية، هو السيد عبد الله بن فهد العيدان، وزير الشئون الإسلامية في المملكة، والوفد المرافق له والمكون من 14 شخصا، وذلك بناء على طلب من الجانب السعودي. ويقول موقع الفاتيكان: "وتضمن اللقاء تناول قضية السلام في سوريا، والأزمة في لبنان. وذلك على الرغم من انه لا توجد علاقات دبلوماسية بين الكرسي الرسولي والمملكة السعودية حتى الآن". ومن الواضح التركيز من الجانب الفاتيكاني على إقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة السعودية، وهي الطامة الكبرى إن تمت لا سمح الله، إذ سيصبح تنصير المملكة رسميا وعلنا.

ولم تصدر أية تفاصيل عن حوار البابا مع السيد العيدان، إلا ان عدد الوفد المرافق له يشير إلى احتمال تلقّيهم تفاصيل المطلوب تنفيذه في تعديل الخطاب الديني وتغيير المناهج التعليمية، وهي من اختصاص وزير الشئون الإسلامية.. ويضيف الخبر الصادر عن موقع "زنيت" الفاتيكاني: "يبدو ان هناك نشاطا دبلوماسيا مكثفا في المملكة السعودية، خاصة مع زيارة الكردينال الماروني بشارة الراعي، وقد تم استقباله وهو يرتدي الصليب على صدره بوضوح، ونفس الشيء تكرر حين التقى بولي العهد محمد بن سلمان يوم 13 نوفمبر".. وتكرار تناول تجول السيد بشارة الراعي بصليبه الملفت للنظر على صدره، يعد من مطالب الفاتيكان للتحدي والإعلان السفيه عن مدى تحكمه في القيادات الاسلامية واستفزاز المسلمين.

وقد بدأت لعبة التنصير ومحاولة اقتلاع الإسلام في المجتمع الخليجي بإقامة أول كنيسة في قطر، في مارس 2008، وقد كشف مسؤول في الفاتيكان وقتها، "عن وجود مباحثات مع الرياض بشأن بناء أول كنيسة هناك". وصرح الأسقف بول - منجد الهاشم، وكان آنذاك أحد كبار ممثلي بابا الفاتيكان بنديكت 16 في منطقة الشرق الأوسط: "أن المباحثات انطلقت قبل أسابيع قليلة، مضيفا: أن الفاتيكان قد لا يكون بإمكانه التنبؤ بنتائج المباحثات". أي أنه في سنة 2008 بدأت المباحثات بشأن بناء أول كنيسة في المملكة السعودية، وها نحن في أواخر2017، وتمت المحاولة بكل جبروت ووقاحة.

وتأتي تلك المباحثات في أعقاب الاجتماع التاريخي للملك عبد الله بن عبد العزيز، مع بابا الفاتيكان المستقيل، بنديكت 16، خلال زيارته لروما في نوفمبر 2007. كما يأتي الكشف عن انطلاق مباحثات بين الفاتيكان والسعودية، واللتان لا تربطهما علاقات دبلوماسية "بعد"، عقب افتتاح أول كنيسية كاثوليكية في عاصمة قطر. والإصرار على إقامة علاقات رسمية يعني فتح باب تنصير المملكة على مصراعيه تنفيذا لقرار وثائق الفاتيكان التي تقول: "كفاهم سور الحرم وعلينا أن نرشق أرض المملكة بالإنجيل والكنائس"..

"وقال الأسقف الهاشم، سفير البابا في الكويت وقطر واليمن والبحرين والإمارات، الذي حضر مراسم افتتاح الكنيسة في الدوحة آنذاك، إنه يأمل في إقامة كنيسة قريبا في السعودية والتي يعيش بها بعض المسيحيين. وأضاف قائلا: "المباحثات جارية للسماح ببناء كنائس في المملكة". متناسيا سيادته ان العمالة السيارة في أي دولة في العالم لا حق لها سوى حدود التعاقد مع الجهة التي تقوم بتوظيفها. وليس من حق هذه العمالة المسيحية السيارة ان تتحكم في شئون الدولة المسلمة، خاصة ان السيد المسيح حين طالب أتباعه بالصلاة طالبهم بوضوح أن يصلوا في غرفة نومهم.. أما بدعة بناء الكنائس فهي من اختلاق العاملين بها.

ومنذ تاريخ بناء أول كنيسة في بلاد الخليج، وتحديدا في قطر سنة 2008، أصبح لكل دولة من دول هذه الإمارات كنيستها أو كنائسها.. بل والأدهى من ذلك أنه تم تغيير اسم مسجد الشيخ زايد بكل أسف الى: "مسجد السيدة مريم أم عيسى" توطئة لتحويلها الى كنيسة رسمية، وقد نشر وأذاع راديو الفاتيكان في 16 يونيو 2017 خبر هذا التغيير، وتناولت الموضع آنذاك.

والغريب في الأمر ان الشكوة العامة، وعلى الصعيد العالمي، تتلخص ضد "الإسلام الإرهابي"، متناسين بكل غرابة ان الولايات الأمريكية المتحدة هي التي اختلقت الإرهاب بنسفها الأبراج الثلاثة يوم 11/9/2001، بناء على قرار مجلس الكنائس العالمي في يناير 2001، الذي أسند اليها طلب تنفيذ "اقتلاع الشر"، الذي هو الإسلام في نظرهم، وحدد لها عشر سنوات لتنفيذ ذلك واسموه "عقد اقتلاع الشر". وأي إنسان حيّ الضمير ليخجل من عدد الدول الإسلامية التي تم تدميرها بلا سبب وبلا رحمة بل وبلا أي دليل إدانة، وملايين المسلمين الذين اغتيلوا في هذه الحروب المفتعلة، لمجرد ان الغرب الصليبي المتعصب فشل في تنفيذ قرار تنصير العالم الصادر عن مجمع الفاتيكان الثاني اللعين.

والأكثر غرابة من كل ذلك الإجرام المتعمد، ان يبتلع المسلمون الطُعم، ويتناسوا اعترافات القادة الأمريكان بتكوينهم تنظيمات داعش والدولة الإسلامية، وغيرها من التنظيمات المغيّبة عقليا، وفقا لاعترافاتهم في الغرب، متناسين صور توابير السيارات الجديدة اللامعة الخارجة لتوها من المصنع، والعتاد الحربي الشديد النظافة، بل واعترافات الدول الغربية والكيان الصهيوني المحتل لدولة فلسطين، بأنهم ساندوا هذا الإجرام بالأموال وبالعتاد.. ورغمها.. نهرول لبناء مزيد من الكنائس، وتغيير الخطاب الديني، وتعديل المناهج.. واصبح المسلمون يقتلعون دينهم بأيديهم.

اللهم استغفرك يا رب عن تقصيري في شرح وايصال هذه الأبجديات ليفهمها أصحاب القرار!

زينب عبد العزيز
26 نوفمبر 2017

أوديس و أروجانس

الاثنين، 27 نوفمبر 2017

متشابهات الدين ومتشابهات السياسة


متشابهات الدين ومتشابهات السياسة
د. محمد عياش الكبيسي



في الأسبوع الماضي استضافت جامعة قطر ندوة علمية نظمتها شبكة «زدني للتعليم» تناولت موضوعين مختلفين، أحدهما كان حول منهجية التعامل مع الآيات المتشابهات، والثاني كان حول خطاب الحرية في القرآن الكريم، ومع أن الموضوعين يبدوان كأنهما بعيدان عن بعضهما، إلا أن الندوة خرجت بنتيجة قد تكون مفاجئة لكثير من المهتمين والمتابعين.

إن «الفتنة» التي حذّر القرآن من الوقوع فيها باتباع المتشابهات (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة..) إنما تكون بخلط المعاني بعضها ببعض حتى يصعب تمييز صحيحها من سقيمها، وغالباً ما يكون هذا الخلط مصحوباً بإغفال ثوابت القرآن ومحكماته ومقاصده، وقد استشهد الباحث هنا بأمثلة كثيرة من مثل محاولة بعض النصارى المؤلّهين لعيسى بن مريم -عليه السلام- للبحث عن سند لهم من القرآن الكريم في قوله تعالى (فنفخنا فيه من روحنا) لأنه إذا كان روح الله فهو إذاً غير مخلوق، متغافلين عن محكمات القرآن الكريم القطعية النافية للشرك بكل صوره، وأن الله خلق آدم وذريته بهذه الروح أيضاً (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي)، وعليه فإن روح الله إنما هي الروح التي خلقها الله كما نقول: أرض الله، وسماء الله.

ومن أمثلة التأويل الباطل للمتشابهات محاولة أهل الجبر الذين ينكرون الإرادة الإنسانية ويبطلون مسؤولية الإنسان عن خياراته وقراراته، الاستشهاد بمثل قوله تعالى (فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء)، متغافلين أيضاً عن ثوابت القرآن ومحكماته القطعية في العدل وتحريم الظلم (وما ربك بظلام للعبيد)، وعقيدة الحساب والجزاء التي تنسب كل فعل لفاعله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) وعلى هذا يكون معنى الآية الأولى: أن الله يضل من يطلب الضلالة، ويهدي من يطلب الهداية، فالله بمشيئته المطلقة والعادلة رتّب النتائج على مقدماتها وأسبابها بالحق والعدل والحكمة وليس بالفوضى، تماماً كما أن من يشرب السمّ يهلك، ومن يشرب الدواء يشفى.
في المحور الثاني تناول الباحث ما يمكن أن يشغب على مبدأ الحرية، بدءاً من هذه التصورات «الجبرية» التي تجعل الإنسان كأنه ريشة في مهب الريح، وانتهاء بمزاحمة مبادئ أخرى واختلاطها حتى يكون لأهل الزيغ منفذ للوصول إلى زيغهم في هذه المساحة الضبابية، ومثال ذلك من يسوّغ الاستبداد باسم الاستقرار وحفظ النظام، وعكسه من يدعو إلى الفوضى والتحلل باسم الحريّة.
إننا إذاً في الجانبين، الديني والسياسي نعاني كثيراً من اختلاط المفاهيم، ومساحة الاختلاط هذه قد تتسع مع ضعف التكوين العلمي، وهبوط مستوى الوعي العام، إضافة إلى اختلال منظومة المعايير والقيم الحاكمة.
إن النقد كقيمة تصحيحية كبرى تعترضه دائماً قيم أخرى مثل الحفاظ على هيبة العالِم أو وحدة الجماعة، أو استقرار الدولة، كما أن كرامة الفرد واحترام خصوصيته تزاحمه أيضاً القيم الأمنية والأعراف والتقاليد المجتمعية.
إننا بين هذه المتشابهات نحتاج إلى الراسخين في العلم والخُلق والتقوى ليضبطوا لنا التوازن القويم وبوصلة الصراط المستقيم، أما الاستناد إلى المقولات العائمة والعواطف المجردة والمتقلبة، فإن هذا مظنة الزيغ والانحراف وطريق الفتنة ومجانبة الإنصاف.;

الجاذبية الغاشمة بين رابعة والروضة

 الجاذبية الغاشمة بين رابعة والروضة

أحمد عمر

كنت أبحث في السيرة النبوية عن مسارح موسيقية، نسبها محمد بن سلمان لعهد النبوة في حديثه مع المصلح السياسي للشرق الأوسط توماس فريدمان، متودداً متقرباً، فلم أقع سوى على قيان العصر الجاهلي.

وكنت أحمد الله أني عشت إلى اليوم الذي صارت في بلادنا العرب سجونا أرقى من سجون اليابان، وهولندا، والنروج الغاشمة، فالسجن الذي سجن فيه الأمراء وُصف بالذهبي، والناس ليسوا سواسية كأسنان المشط على ما يظهر في الديار المقدسة.
 فريتز كارلتون السعودية من فئة سبعة نجوم، والليلة الواحدة تكلف 800 دولار، وإذا بقي الأمراء مسجونين، فسيدفعون ثروتهم كلها لقاء الإقامة الإجبارية السعيدة فيه.
وأشكر ابن سلمان على العدل، فالفاسدون يعاقَبون بحسم ثلث الثروة، وليس بالتقطيع من الأطراف، أو الصلب، أو النفي، كما تنص الشريعة في بلاد وحيدة تطبق الشريعة خير تطبيق..

.. إلى أن حدثت مذبحة الروضة الصوفية، فسرقتني من أخبار الأمراء، وهي لم تقع لصرف الأنظار عن هزيمة الحريري لابن سلمان في حومة لبنان، فسأل السائل: لمَ غير داعش نهجه؟ 
بعدما أوشك على الاندحار في سوريا، ووسع أعمال شركته في مصر، وبدأ بهجومه على المساجد؟ فجاء الجواب المجتهد بالنيابة عنهم: إن الأصل في جهاد داعش هو المسلمون.. داعش مختص بحروب الردة، وأنهم يجدون الصوفية مشركين ومشتركين مع السلطات، وروّاد الحانات ضالين.
وقد ذكّرتني الخطوب بالتفجيرات التي وقعت في الغرب قبل سنتين، فكانت جثة الجاني تتمزق أشلاء، وبجانبها جواز سفر سوري، ناصعا سالما، لم يصبه ضرر!

ومثل ذلك البلاغ الإعلامي العسكري المصري، الذي زعم أنه دمّر عربتين للإرهابيين؛ وعليها علم داعش يرفرف في الصحراء المكشوفة كراحة اليد، وينادي الطائرات، ويقول: اقصفونا يا أهل الله يا اللي هنا، وفيها ما بين خمس وعشرين إلى ثلاثين إرهابيا،
فكيف لو كانت معارك البطل المظفر قاهر الإرهابيين الجذاب، في غابات مثل غابات فيتنام؟!

وذكّرنا أصحاب الخير بأن فرقاً لشرطة مصر وخير أجناد الأرض، وهي فرق غير فرق مكافحة إرهاب الجمبري وبقية مذاهب السمك، كانت تتدرب على مجسم لمسجد، في فيلم مشهور، وقد جاء وقت التنفيذ.

هل السيسي جذّاب؟
نعم لقد وقعت رئاسة الكنيسة القبطية والنخبة المصرية والغرب في دباديب حبه.. أغروه بالانقلاب، ومهدوا له الطريق إلى عرش فرعون مصر، فهم يحبون الفراعنة. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران قد استقبل مومياء فرعون موسى، رمسيس التاني، استقبال الرؤساء، وذلك لفحصها كيماويا، فلنتخيل أن رفات عبد الرحمن الغافقي، أو أحد شهداء بواتييه بلاط الشهداء، عادت إلى المغرب، فكيف كان سيعاملها رئيس فرنسا؟

المهم أن السيسي قدم عرضاً دموياً على الهواء، في معركة بلاط الشهداء المصرية، وهم عزّل سوى من بعض الصواريخ الكيماوية والنووية، فسعد به الغرب، والنخبة العسكرية والعلمانية.
كان نصف شعب مصر مجتمعاً في رابعة، إن لم يكن فعلاً، فرمزاً، فهجم عليها السيسي بالنار والنهار، وهم يصلون صلاة الفجر، بالقناصة والجرافات، وكان أن قتل عدداً لا يعلمه أحد حتى الآن.. فهم بين خمسة آلاف، حسب منظمات شعبية، وعدّة مئات، حسب منظمات حكومية، بعدها رسخ سيسي شرعية جديدة، هي شرعية الدم. ويقال إن السيسي كان من أرقِّ أعضاء المجلس العسكري وألطفهم، إذ تقول تسريبات أن أعضاء المجلس العسكري أبدوا رغبة في قتل 13 ألفاً، لولا أن السيسي الرحيم العطوف قال: حرام خمسة تكفي، ما يصحش كده.

رابعة كانت معركة التأسيس، وما يليها من مذابح في الكنائس والأسواق؛ هي لزوم العيش في العرش، والجاذبية الغاشمة.

لم تصبح مصر خالية من الإرهاب خلال أيام، كما وعدت مؤسسات الرئاسة المصرية الفرعونية، فالذئب أدمن طعم الدم، وهذه المرة الضحايا من الصوفية، أو هكذا تروج وسائل الإعلام لتلبيس إبليس، وإشعال فتنة بين مذاهب المسلمين وقبائلهم.

لم يقتل السيسي هذه المرة جنوده. ويذهب تأويل إلى أن قتل الجنود سيكون مهيناً له، المدنيون، مسلمين وأقباطا، أكثر دراً للعاطفة غير الغاشمة.

وجدير بالذكر أن إيران ليست وحدها التي تزور ترجمة كلمات الرؤساء السنّة، كما فعلت مع مرسي وأردوغان، فمصر تفعل كذلك، وتزور خطابات رئيسها، مع أن الخطاب بالعربية وباللهجة المصرية، فالقوة الغاشمة تحولت في الصحافة المصرية إلى الحاسمة كما في صحيفة الأهرام. وقام بسام راضي، الناطق باسم الرئاسة، بفلترة كلام السيسي المفلتر أصلا ثلاث مرات بالصدق والحق والأمانة، بالقول: إن المقصود بالغاشمة هي الشريفة.. فزاد الطين بلة أو بلوة. وليست هذه هي المرة الأولى التي يغشم فيها الغشوم، فعند قتل النائب العام هشام بركات، قال الغاشم الجذاب: يد العدالة مغلولة، وقد صدق فيما قال. وإذا ترجمنا قول السيسي، يصبح القول: يد الظلم فالتة.

كنا في المقارنة، وقد وقعت رابعة أمام العدسات لتأكيد الغرض منها؛ وهو التطهير المسرحي والشماتة والتنكيل، على الطريقة السورية. وأعملت الجرافات أنيابها في لحوم المتظاهرين، وفي صورة مرسي المنتخب، وقد سكت الغرب وصفق سراً للعرض المسرحي الدموي.. وكأن المصور يصور فيلماً من أفلام الأكشن، والعدالة الشاعرية. وأحرقت الجثث، واصطاد القناصون الأطفال والنساء، والمسعفين وهم يسعفون الجرحى.
 وكلا المذبحتين جرتا في مساجد، وقد جعلت الأرض مسجداً. وكان خاشقجي قد سخر من وصف السيسي لقوته بالغاشمة، وتساءل عن غياب مثقفين يكتبون له خطبه. والسيد الخاشقجي لا يعلم أنه طبيب وفيلسوف، فهل سيكتب مثقفون عاديون خطباً لفيلسوف مثل السيسي؟ ما يصحش كده..

وقد تلقى الغاشم العزاء من الأمم والملوك، بما فيها إسرائيل، أما رئيس تركيا، فعزى أهل الضحايا، وليس قائد الانقلاب. وخيل إليَّ أن السيسي، وهو يلقي الكلمة إثر المذبحة، يقرأ من جهاز أوتو كيو، وإن كان يتجنب الفصحى.
ومن التأويلات، أن ذا القرنين يرمي أيضاً إلى تفريغ سيناء، وجباية شرعيتي الضحية والجاني معا، والتمهيد لصفقة القرن، وأن سيناء، الأرض التي كلّم فيها موسى ربه تكليماً، مهددة.

أما مرسي وعينه اليسرى التي لم يعد يبصر بها، فليس في الميزان والحسبان.

محمد بن سلمان... أي فتى مطاع؟

محمد بن سلمان... أي فتى مطاع؟ 



الشيخ محمد المختار دي

وأنت تتابع قرارات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الليلية وخطبه العنترية لا يخطر في بالك إلا سؤال واحد.. لماذا هذه الطاعة العمياء لرجل قوض أمن الخليج وضيع آخر منظمة عربية متماسكة هي مجلس التعاون الخليجي ومنح إيران انتصارات قبل بدء المعركة؟

محمد بن سلمان رجل السعودية القوي بنظر محبيه ولكنه متهور لا يحسب حساب ما يفعله، ويظهر للكثيرين أنه مستعجل في اتخاذ قراراته، فلم يوفق الرجل في قرار حصار قطر ويبدو كمن يريد التراجع بما يحفظ له هيبته، ثم حجزه لرئيس الوزراء اللبناني وإجباره على الاستقالة من الرياض ليكشف افتقار الرجل للحنكة السياسية التي يتمتع بها أي قائد سياسي مهما بلغ من الطغيان والجبروت.

حاول محمد بن سلمان ابتزاز الحريري من أجل الضغط على حزب الله أولا ومن أجل المال ثانيا، ولكن الخطوة غير المحسوبة لبن سلمان فشلت لأسباب عديدة، أولها الحصانة الدولية التي يتمتع بها الحريري وخاصة جنسيته الفرنسية. 

"محمد بن سلمان الفتى الطائش الطموح المدلل صاحب القرارات الليلية والقيصر الجديد لمملكة جديدة ليست مملكة الملك فيصل ولا هي من الملك فهد بن عبد العزيز بقريبة.. إنها السعودية كما يخطط لها محمد بن سلمان.. فإلى أين سيقود محمد بن سلمان المملكة العربية السعودية؟"

بن سلمان واصل الدراما السياسية بقرار آخر من قراراته الدولية فاعتقل أمراء كثرا من الأسرة الحاكمة وصادر أموالهم تحت شعار محاربة الفساد، فضرب الاقتصاد السعودي في مقتل وعادى الجميع وزاد من خصومه وبدى كمن يفرض الإتاوة على قومه في عودة للعصر الجاهلي.

خطايا محمد بن سلمان التي لا تغتفر.. لم تبدأ من حرب اليمن التي قادها الرجل وفشلت في تحقيق أهدافها وزادت من النفوذ الإيراني في المنطقة ولا من الاعتقالات بحق علماء سعوديين معروفين لمجرد الاختلاف في وجهات النظر مع الحاكم، وذلك أمر يخرج من الملة، بحسب علماء الوهابية السعودية.

بل إن الرجل إذا قرر أخطأ وإذا تكلم جانَب الصواب؛ فبن سلمان لا يكتفي بالقرارات الليلية العجيبة والتي تنقصها الحكمة بل غالبا ما يتحفنا بتصريحات نارية عجيبة، ألم يأتِك حديثه بأنه لن يفني ثلاثين سنة من عمره في الحوار مع أفكار متطرفة بل سيدمرها تدميرا؟

فهو يعترف بأن الفكر الذي حكم السعودية طوال ثلاثين عاما هو تطرف وأن الوهابية هي مثال للتشدد والتعصب الديني بحسب محمد بن سلمان.. ثم وعد بتدميرها تدميرا، وفي هذا الوعد قتل لفكرة الحوار الفكري ودعوة صريحة لأن يكون العنف هو الغالب والمتحكم في مواجهة كل الأفكار.

ومن التصريحات التي تأخذ على محمد بن سلمان، الفتى المدلل المتهور، تصريحه الأخير ضد طهران في وقت دقت فيه طبول الحرب في المنطقة وكان يفترض أن تغلب فيه الحكمة والسياسة حتى لا تشتعل نار الحرب الطائفية التي ستحرق الجميع، فزادها الرجل اشتعالا حين وصف خامنئي بهتلر المنطقة وهدد بمحاسبة إيران، في إشارة للحرب في وقت يتطلب السلم والسلام بعد كارثة اختطاف الحريري التي خسر فيها الرجل سنة لبنان كما خسر سنة اليمن وإخوانه وعائلته التي اعتقل أمراءها.

محمد بن سلمان هو هدية ذهبية لم يكن الرئيس الأميركي ترامب يحلم بها، نزلت بردا وسلاما على طهران وعاصفة ليست حازمة بقدر ما هي قاصمة على المملكة العربية السعودية ومن ورائها الأمة الإسلامية التي تتمنى أن تقودها الرياض وبلاد الحرمين، وتلك بقعة مقدسة لها في قلوب الناس محبة ومنزلة.

محمد بن سلمان، الفتى الطائش الطموح المدلل صاحب القرارات الليلية والقيصر الجديد لمملكة جديدة ليست مملكة الملك فيصل ولا هي من الملك فهد بن عبد العزيز بقريبة.. إنها السعودية كما يخطط لها محمد بن سلمان.. فإلى أين سيقود محمد بن سلمان المملكة العربية السعودية؟

قوائم الإرهاب الإماراتية الإسرائيلية

قوائم الإرهاب الإماراتية الإسرائيلية

مضمون قوائم الإمارات يؤكد أنها مكتوبة في تل أبيب
عامر عبد المنعم

بين فترة وأخرى تخرج علينا حكومة الإمارات بقائمة للكيانات والشخصيات التي تتهمها بالإرهاب، ويتم تبنيها من السعودية ومصر والبحرين، وفي القائمة الثالثة التي صدرت مؤخرا تم ضم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمجلس الإسلامي العالمي في توجه صريح ضد كل ما هو إسلامي.
مضمون قوائم الإمارات يؤكد أنها مكتوبة في تل أبيب، فهي تستهدف الكيانات والشخصيات الفاعلة والمؤثرة في دول السنة، وتشمل الجميع بما يشير إلى أن المقصود هو حصار الإسلام ورموزه ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية، واستهداف كل ما يساهم في تشكيل الوعي ويوجه الرأي العام في العالم العربي.
بجانب الخصوم السياسيين للإمارات في ليبيا واليمن تتسع القوائم لكل ألوان الطيف الإسلامي بمن فيهم العلماء الذين يتولون مناصب رسمية في بعض الدول الاسلامية؛ فالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي يضم نخبة من علماء الأمة المشهود لهم بالعلم والاعتدال، وبعضهم يتولى الافتاء.
الغريب هو تبني المملكة العربية السعودية ومصر لهذه القوائم الإسرائيلية والتي تشمل من يحظون بالمكانة في كلا البلدين، في استسلام غير منطقي من أكبر دولتين عربيتين للسير خلف الأجندة التي تروجها الإمارات!
التحريض على الارهاب
تزعم الدول التي تتبنى قوائم الإرهاب الإماراتية أنها تتعاون لحصار الدول والشخصيات والمنظمات التي تشجع الإرهاب والتطرف، ولكن في الحقيقة فإن هذه القوائم هي التي تدعم "الإرهاب" فاتهام العلماء المعتدلين ومطاردتهم ومحاصرتهم وفرض عقوبات عليهم يعد أكبر دعاية للجماعات التي تحمل السلاح، ويعطي مصداقية للجماعات "الجهادية" التي ترى أنها وحدها هي التي تدافع عن الإسلام وأن كل أبواب التغيير السلمي مغلقة.
وعندما يرى الشباب المسلم أن العلماء الكبار المشهود لهم بالعلم والحكمة يوضعون على قوائم المطاردة، وتنتظرهم السجون رغم أنهم لم يفعلوا شيئا؛ بل معظمهم لم يدخلوا في خصومة مع حكامهم فإن هذا الشباب يكون مهيأ للاقتناع بالأفكار التي يزعم أصحاب القوائم أنهم يحاربونها.
الحقيقة أن واضعي القوائم الإرهابية يريدون الدفع بشباب الأمة دفعا إلى سلوك الطريق الجهادي والانخراط في جماعات التغيير المسلح، لحكمة ظاهرها محاربة الإرهاب وفي حقيقتها محاربة الثورات السلمية وحصار حركة الجماهير التي لا تستطيع الحكومات التصدي لها.
لماذا يشجعون على الإرهاب؟

لقد استطاع الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة أن يساعد بعض الموالين له في الوصول الى السلطة، ونجح الصهاينة في صناعة دوائر خادمة لبني إسرائيل في بعض القصور، ولكنهم فشلوا في السيطرة على الشعوب وتغيير وعيها، وقد لخص هذه الحقيقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تغريدة على حسابه على تويتر بقوله: " أكبر عقبة أمام توسيع دائرة السلام ليس زعماء الدول التي تحيط بنا بل هي الرأي العام في الشارع العربي الذي تعرض على مدار سنوات طويلة لدعاية عرضت إسرائيل بشكل خاطئ ومنحاز".
التحدي الذي يواجه الصهاينة والحكام التابعين لهم هو وعي الشعوب، والعجز عن احتواء التمرد والثورات، ورغم تعطيل الحركة الشعبية وإعاقة الثورات بالانقلابات والدعم الخارجي المسلح، فإن نار الثورة لم تخمد وتنتظر الشرارة كي تشتعل من جديد، ولهذا يعمل المكر الصهيوني على عزل العلماء والكيانات وكل عناصر التأثير عن الشعوب.
وهذا المكر المعادي المتعلق بالتأثير وتوعية الشعوب لا يقف عند اعتقال العلماء وإنما يمتد إلى إغلاق المنظمات الخيرية والاغاثية وحظر الانشطة الرسمية التي تربط المجتمعات بدينهم، ويصل إلى حملات منظمة للطعن في الإسلام وكأن أبو جهل بعث من قبره.
لماذا يلجأون إلى إثارة القلاقل؟
الذي يثير الدهشة هو الإصرار على أن تظهر الحكومات التابعة للفلك الصهيوني وكأنها تحارب الدين، بل وتصر على المجاهرة بمحاربة ما تسميه التشدد والتطرف ولم تقتصر فقط على مواجهة العمليات المسلحة، رغم أن هذا الظهور بهذا الشكل يصب لصالح العنف ويؤدي إلى عدم الاستقرار!
الطبيعي أن أي نظام حكم يبحث عن تحقيق الاستقرار واحتواء الغضب وامتصاص التوتر، ويحرص على إرضاء الشعب وتقوية التماسك الاجتماعي، وبناء الدولة كي يحظى بالقبول ويستطيع الاستمرار لأطول فترة ممكنة، لكن ما نراه عكس ذلك تماما، فاللوبي الصهيوني العربي يحرص على إشعال الحرب الأهلية والصراع بين السلطة المجتمع، وتأليب قطاعات من الشعب بعضها على بعض، وأيضا تبديد الثروات في هذه الحروب العبثية، ووصل التبديد إلى بيع شركات البترول –عصب الاقتصاد- وخصخصة ممتلكات الدول وتسليم الإدارة للمستشارين الاجانب.
وبدلا من حشد الشعوب في مشاريع حقيقية تتوافق مع الثوابت الوطنية والقومية والإسلامية وجدناهم يعلنون الحرب على الثوابت ويجاهرون بالتحالف مع "إسرائيل" ودول الغرب في مشهد انقلابي لم يمر به العرب عبر تاريخهم.
حرب بلا نهاية
بقليل من التأمل نتبين أن الحرب على الإرهاب في حقيقتها هي حرب لصناعة وتغذية "الإرهاب" لاستنزاف العرب وتدمير الدول لنفسها بدون أن تتحمل إسرائيل وأمريكا تكلفة هذه الحرب.
من المعروف أن لأي حرب شروط يجب توافرها قبل الخوض فيها؛ فيجب أن يكون لها أهداف محددة، وأن تكون عادلة، وضد عدو محدد، ولها وقت زمني مقدر، وميزانية محسوبة، وهذه الشروط غير متوفرة في الحرب الجارية.
هذه الحرب المعلنة ضد الإرهاب حرب خيالية ضد طواحين الهواء، تطارد أشباحا ليس لهم مكان محدد وغير معروف من هم، واستمرارها يوسع دائرة المنخرطين فيها، كالنار لا تقف مكانها، ولأنها لخدمة دوائر خارجية تحركها فمن يخوضها بالوكالة لا يعرف أهدافها، وليس أمامه إلا الاستمرار حتى الانتحار.


الأحد، 26 نوفمبر 2017

من يشتري قلب القاهرة؟!

من يشتري قلب القاهرة؟!
عبدالعزيز مجاهد
زوار عاصمة تركيا السابقة إسطنبول يحرصون على زيارة قصر توب كابي مقر الخلافة العثمانية وقصر دولما بهجة آخر مقر حكم لمصطفى كمال أتاتورك الذي نقل العاصمة إلى أنقرة، لم يبع الأتراك عاصمتهم التاريخية ولم يحولوا قصورها ومبانيها التاريخية الى القطاع الخاص رغم موقع تلك المباني وقيمتها، فهل تلقى مباني الحكم في وسط البلد بالقاهرة ذات المصير؟ ما فعله الأتراك في اسطنبول هو استنساخ لما تم في كثير من العواصم التاريخية التي نزع منها حكامها مقرات الحكم لكن لا يبدو أن القاهرة ستلقى ذات المصير.

بنهاية يونيو بعد القادم من المقرر وفقا لتصريحات السيسي أن تنتقل كل وزارات مصر ومقار حكمها الى الصحراء الشرقية حيث عاصمته الادارية الجديدة التي لم يسمها بعد، ورغم التفاعل والجدل الشديدين الذين صحبا هذا المشروع ومدى تأثيره على أمن العاصمة القومي إلا أن سؤالا مهما لم يطرح حتى الآن، ما مصير مبنى البرلمان المصري الذي بناه الخديوي اسماعيل عام ١٨٦٦ بعد أن ينتقل زملاء علي عبد العال إلى العاصمة الجديدة؟ وما مصير مبنى وزارة الخارجية على كورنيش النيل وقصرها المنيف في مدخل ميدان التحرير من ناحية كوبري قصر النيل؟ ماذا سيحصل لمبنى وزارة الداخلية في شارع الشيخ ريحان ووزارة العدل في ميدان لاظوغلي باشا؟ ما مصير قلب العاصمة التي بناها الفاطميون وساهم من أتى بعدهم في استكمال لبنات مدينة كانت لقرون إحدى عواصم المشرق.
تتوزع ملكية الجيش للشركة التي تملك العاصمة على جزأين حيث يمتلك جهاز بيع الأراضي بنسبة ٢٢ ٪ وهو قيمة الأرض التي خصصها السيسي للجهاز وجهاز الخدمة الوطنية بنسبة ٢٩٪
رويترز
 
للإجابة على هذه الأسئلة لابد من الرجوع قليلا لتاريخ عاصمة السيسي، بدأ المشروع بماكيت ضخم وتصريحات فلكية مشتركة من السيسي والمستثمر الإماراتي محمد العبار انتهى الاتفاق سريعا بعد انسحاب الإماراتيين بعد خلاف على التمويل. بعدها دخل الصينيون على الخط لكنهم انسحبوا لذات السبب. لم يجد السيسي بدا من تمويل المشروع باستثمارات مصرية، والحل أن تتحمل كل وزارة تكاليف انتقالها بنفسها وأن تدفع ثمن مبانيها من موازناتها.

"مش هنعمل وزارتين" أحمد زكي عابدين رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة ردا على سؤال هنعمل إيه في مقرات الوزارات القديمة بالقاهرة، تكلفة بناء المباني الحكومية بالعاصمة الجديدة قدرها وزير الإسكان ب ٣٥ مليار جنيه لن تتحمل خزينة الدولة مليما واحدا منها وفقا لنفس الوزير، من إذا سينفق على تشييد هذه الوزارات؟

شركة العاصمة الإدارية هي شركة مساهمة مصرية تم إشهارها وفقا لقانون الاستثمار ٨ لسنة ٩٧ رأس ماله المدفوع ٧ مليارات جنيه من موازنة وزارة الإسكان أما رأس المال المرخص به فهو ٢٠٤ مليار جنيه، تتوزع ملكية الجيش للشركة التي تملك العاصمة على جزأين حيث يمتلك جهاز بيع الأراضي بنسبة ٢٢ ٪ وهو قيمة الأرض التي خصصها السيسي للجهاز ثم دخل بها الجهاز شريكا وجهاز الخدمة الوطنية بنسبة ٢٩٪ ليكون إجمالي ما تملكه القوات المسلحة من العاصمة الجديدة ٥١ ٪ فيما تمتلك هيئة المجتمعات العمرانية بقية ال ٤٩ ٪ من قيمة الشركة وبالنظر الى انسحاب المستثمر الاماراتي محمد العبار ومن بعده المستثمر الصيني من تمويل المشروع وبالنظر الى التأكيدات بعدم تحمل خزينة الدولة مليما واحدا من إذا يمول المشروع؟
الإجابة على شقين:
الشق الأول: يتعلق بتمويل الأحياء السكنية التي بدأت الشركة بالفعل في بيع أراضيها للمستثمرين وتجاوز سعر المتر الواحد في تلك الأراضي الثلاثة آلاف جنيه، وهو تمويل منطقي ومفهوم، قرار رئاسي من السيسي بتخصيص الأراضي بالمجان للقوات المسلحة التي تبيع الأرض لم يريد وتبني المرافق من حصيلة البيع لتملأ خزائنا البعيدة عن الرقابة بمئات المليارات.

الواضح حتى الآن في ظل غياب أي حديث عن مصير هذا التاريخ الذي سيكون خلال أشهر تحت رحمة ملاك شركة العاصمة أن الشركة تحاول تعويض الاستثمارات الإماراتية والصينية التي هربت
الشق الثاني: يتعلق بتمويل الحي الحكومي ب ٣٥ مليار جنيه من سيدفع الفاتورة؟ إذا لم تتحمل موازنة الدولة مليما واحدا وإذا كانت الوزرات والإدارات الحكومية غير قادرة على تمويل بناء منشآتها الجديدة؟

هنا يأتي الدور على مباني القاهرة التاريخية التي تم بناء العدد الأكبر منها قبل الجمهورية في عصر محمد علي ومن خلفه من بعده، فوفقا لتصريحات رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة أحمد زكي عابدين والتي أكدها من بعده وزير الإسكان الحالي مصطفى مدبولي فإن الإدارات الحكومية التي لن تستطيع تحمل تكلفة بناء مقراتها الجديدة ستنقل ملكية مبانيها إلى الشركة المساهمة التي تملك القوات المسلحة ٥١٪ من ملكيتها "شركة العاصمة الإدارية الجديدة"!
فإذا كانت الشركة تدار وفقا لقانون الاستثمار الذي أشرنا إليه مسبقا كشركة مساهمة في حواره مع جريدة المال المصرية قال رئيس الشركة زكي عابدين في أكتوبر الماضي أنه سيجري نقل ملكية الأصول بالقاهرة إلى شركته لإدارتها مقابل تميل بناء الوزارات الجديدة، لكن عابدين لم يجب على عدة أسئلة تبدو مهمة في هذا السياق:

* هل يملك الوزراء الحاليون مباني مزاراتهم حتى ينقلوا ملكيتها لشركة مساهمة تدار وفقا لقانون الاستثمار؟
* من يراقب شركة العاصمة الإدارية الجديدة خلال تصرفها في هذا التراث الضخم الذي يجسد ذاكرة قلب مصر المعاصرة؟
* ما هو مصير تلك المباني في ظل تصريحات السيسي السابقة "ماعنديش حاجة ببلاش" هل سيتحول مبنى البرلمان المصري مثلا لمدينة ملاهي وهل سيصبح بمقدور السياح المبيت في مبنى وزارة الخارجية بعد تحويله لفندق؟

الواضح حتى الآن في ظل غياب أي حديث عن مصير هذا التاريخ الذي سيكون خلال أشهر تحت رحمة ملاك شركة العاصمة أن الشركة تحاول تعويض الاستثمارات الإماراتية والصينية التي هربت، فهل سَتُباع القاهرةُ مهراً لضُرتها الجديدة؟