الأحد، 14 سبتمبر 2025

عيون في الفضاء.. كيف تحول الكيان إلى قوة مراقبة عظمى في الشرق الأوسط

عيون في الفضاء.. كيف تحول الكيان إلى قوة مراقبة عظمى في الشرق الأوسط 
أحمد علي


في صمت مطبق وعبر ارتفاعات ساحقة، تتحرك عيون إسرائيل الحديدية في مدارات الأرض تراقب كل شيء من نوايا الجيران، إلى تحركات المقاتلين في أبعد القواعد من طهران إلى بغداد ومن دمشق إلى صنعاء.

أصبح الفضاء الإسرائيلي شريكا صامتا في كل المعادلات الأمنية والسياسية والعسكرية في المنطقة.، كيف تمتلك دولة صغيرة مثل إسرائيل هذه القوة المراقبة؟؟ وما حجم المعلومات التي تجمعها يوميا ولماذا لا تستطيع أي دولة عربية أو إسلامية مواجهة هذا التفوق التكنولوجي الساحق.

الأسطول المداري الإسرائيلي

تمتلك إسرائيل واحدة من أكثر أساطيل الأقمار الصناعية تطورا في العالم مع سلسلة من الأقمار التجسسية المتطورة من نوع أفق وعاموس التي تطورها صناعات الفضاء والطيران الإسرائيلية بشكل مستقل، تعمل هذه الأقمار في مدارات منخفضة ومتوسطة تسمح لها بتغطية شاملة لكل بقاع الشرق الأوسط بقدرات تصوير عالية الدقة تصل إلى عدة سنتيمترات كما تمتلك تقنيات متطورة للتنصت على الاتصالات واعتراض البيانات.

التغطية الشاملة من المحيط إلى الخليج

لا توجد عاصمة عربية أو منشأة عسكرية أو موقع استراتيجي في المنطقة يخرج عن نطاق المراقبة الإسرائيلية، تغطي الأقمار الإسرائيلية بشكل مستمر إيران وتركيا وسوريا ولبنان والأردن ومصر والعراق ودول الخليج، بالإضافة إلى شمال أفريقيا وقرن أفريقيا تزود هذه الأقمار صناع القرار في تل أبيب بمعلومات آنية عن تحركات الصواريخ ونقل المعدات العسكرية وبناء المنشآت تحت الأرض وحتى تجمعات القادة والمسؤولين.

 “أوفيك 19” عكس دوران الأرض

وفي سباق فضائي  محموم تتصاعد حدته فوق رؤوس سكان الشرق الأوسط أطلقت إسرائيل قمرها الجديد أوفيك 19 في مسار غربي عكسي يتحدى اتجاه دوران الأرض الطبيعي، وه يمثل  قرار تقني معقد يحمل رسائل استراتيجية عميقة.، لماذا تدفع إسرائيل تكلفة وقود هائلة وتتحدى قوانين الفيزياء الأساسية وما هي القدرات الاستثنائية التي يمنحها هذا المسار الغريب للقمر الصناعي الجديد وكيف سيغير موازين المراقبة والاستخبارات في المنطقة؟؟

التحدي التقني مسار عكسي بتكلفة باهظة

يمثل إطلاق الأقمار الصناعية عكس اتجاه دوران الأرض تحدياً تقنياً هائلاً يتطلب استهلاك وقود أكبر بنسبة تصل إلى 30 مقارنة بالإطلاق التقليدي نحو الشرق، كما يتطلب محركات دفع أقوى وقدرة حسابية متطورة لضمان دخول المدار بدقة، وتبرر إسرائيل هذه التكلفة الباهظة بالمزايا الاستراتيجية التي يوفرها المسار العكسي والتي تجعل من الصعب تتبع القمر أو اعتراضه.

مزايا استراتيجية 

يسمح المسار العكسي للقمر أوفيك 19 بمراقبة المناطق المستهدفة من زوايا غير اعتيادية مما يوفر رؤية ثلاثية الأبعاد متطورة للمنشآت تحت الأرض والأهداف المخبأة، كما يمكنه البقاء لفترات أطول فوق مواقع محددة بسبب مداره المائل الذي يتزامن مع حركة الأرض بشكل مغاير مما يمنح إسرائيل قدرة مراقبة شبه مستمرة على نقاط استراتيجية محددة.

السياق الجيوسياسي الفضاء كساحة حرب جديدة

يمثل إطلاق أوفيك 19 تأكيداً على تحول الفضاء الخارجي إلى ساحة صراع إقليمي ودولي رئيسية حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز تفوقها في مجال المراقبة الفضائية أمام تزايد القدرات الإيرانية والتركية والصينية في هذا المجال كما تعكس هذه الخطوة سباق التسلح التكنولوجي الخفي بين القوى الإقليمية.

التقنيات المتطورة رؤية عبر الجدران

تمتلك الأقمار الإسرائيلية تقنيات استشعار متطورة تشمل التصوير البصري بالأشعة تحت الحمراء والرادار ذو الفتحة الاصطناعية الذي يمكنه الرؤية عبر السحب والغبار وحتى الجدران، كما طورت تقنيات لرصد الأنشطة تحت الأرضية من خلال تحليل التغيرات الطفيفة في التربة والطبقات الجيولوجية مما يمكنها من اكتشاف الأنفاق والمنشآت المخبأة تحت الأرض.

المراقبة في خدمة الاغتيالات والضربات الدقيقة

أصبحت بيانات الأقمار الصناعية العمود الفقري لعمليات الاغتيالات والضربات الدقيقة التي تنفذها إسرائيل ضد قادة المقاومة والعلماء والعسكريين في مختلف دول المنطقة، وتوفر هذه الأقمار المعلومات الدقيقة عن تحركات الأفراد ومواقع إقامتهم وأنماط حياتهم مما يمكن إسرائيل من تخطيط وتنفيذ عملياتها بعيدة المدى بدقة متناهية.

الشبكة المتكاملة دمج البيانات والذكاء الاصطناعي

لا تعمل الأقمار الصناعية بشكل منفصل بل هي جزء من شبكة مراقبة متكاملة تشمل الطائرات بدون طيار والتنصت الأرضي والبحري والعملاء البشر، يتم دمج كل هذه البيانات عبر أنظمة ذكاء اصطناعي متطورة لتحليل الأنماط وتوقع التحركات وتحديد التهديدات المحتملة قبل وقوعها.

التحديات والمواجهات

تحاول بعض الدول مثل إيران تطوير تقنيات للتشويش على الأقمار الصناعية وإسقاط الطائرات بدون طيار، كما شهدت المنطقة عدة حوادث لإسقاط طائرات تجسس إسرائيلية لكن التفوق التكنولوجي الإسرائيلي لا يزال ساحقا أمام محاولات المواجهة المحدودة.

السيطرة المعلوماتية 

تمنح قدرات المراقبة الفضائية إسرائيل نفوذا غير مسبوق في صنع القرار الإقليمي والدولي من خلال التحكم في تدفق المعلومات والقدرة على تقديم أدلة مرئية أو حجبها وفقا لمصالحها الاستراتيجية أصبحت إسرائيل لاعباً رئيسياً في كل الأزمات الإقليمية من خلال هذه القوة المعلوماتية.

في عصر أصبحت فيه المعلومات سلاحاً لا يقل أهمية عن الصواريخ والطائرات هل تدرك الدول العربية حجم الفجوة التكنولوجية التي تفصلها عن إسرائيل؟؟ وهل لديها خطط حقيقية لمواجهة هذا الحصار الفضائي الذي قد يتحول إلى سيطرة كاملة على مقدرات المنطقة بأكملها؟؟

المصدر: وكالات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق