الاثنين، 8 ديسمبر 2025

سورية الحرة في ميزان الشريعة والسياسة والأخلاق

 سورية الحرة في ميزان الشريعة والسياسة والأخلاق

السنوية الأولى لانتصار ثورة الشام المباركة  




مضر أبو الهيجاء 

إن منعرج التحرير الذي حدث في أرض الشام المباركة في مثل هذا اليوم من العام المنصرم هو منعرج رهيب وله تأثير كبير يتجاوز سورية والسوريين، وقد جاء في سياق متصل بواقع إقليمي وتدافع دولي، ولكن قضت أقدار الله أن يكون هذا التدافع في مصلحة السوريين والعرب والمسلمين، ومكافأة لتضحيات المجاهدين، وهو خير متراكم إن هم أحسنوا التعامل معه، وإن هم أدركوا وانتبهوا وكانوا يقظين أمام المشاريع المعادية المتعددة التي تستهدف العرب والمسلمين.

وبعد مرور عام كامل على ليلة سقوط منظومة الطاغوت ونظام الطاغية في دمشق، ووصول الثوار والمجاهدين إليها محررين، لا يمكن إلا أن يشتعل قلب كل مسلم وكل منتم وكل إنسان فرحا بتلك اللحظات التي صدحت فيه منابر الشام بصوت الله أكبر مهللة بسقوط الطاغية، فانطلقت زغاريد الأمهات المعذبين تحمد الله باكية على فتح سجون الموت والإخفاء والتغيب التي دخلها نصف الشعب السوري، واختفى فيها تذويبا وطحنا وهرسا مئات الألوف من أهل الشام وأحفاد الصحابة والتابعين الكرام.

سورية اللوامة على طريق الاستقامة

أتناول اليوم المسار السوري في ثلاثة جوانب شرعية سياسية وأخلاقية، وأضعها في ميزان النفس اللوامة التي أقسم الله بها مادحا لسلوكها في اللوم المفتقر للتوبة والساعي للحق وما يرضي الله سبحانه، وإن ما يجري على الفرد المسلم يسري على الجماعة الإسلامية والدولة والحكومة المسلمة.

أولا: فسبح بحمد ربك واستغفره.

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه أن مكن الثوار الأحرار والمجاهدين الأبطال وعموم القابضين على الجمر، من تحرير عموم مدن الشام، فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله ملئ السماوات والأرض، ورحم الله الشهداء العظام وكافأهم بما هو أهل له سبحانه، ورفع قدر المصلحين والمجاهدين المجهولين.

إن المسلم الذي يعي دينه ويبحث عن رضوان الله ويشفق على الخلق، لابد أن يخر ساجدا لله شاكرا لفضله العظيم أن قدر زوال الظلم وهلاك الظالمين، وأن مكن المسلمين من العودة إلى ديارهم وأموالهم ونظام حكمهم المسلوب منذ قرن.

إن حمد الله وشكره والثناء عليه، واستغفاره طلبا للتوبة وتكفيرا عن أخطاء ومظالم الطريق هو سلوك المؤمن الرشيد، وهو سبب في حفظ النعمة ودوامها ورفع النقمة واستبعادها.

ثانيا: سورية بين الهدم والبناء وبين النصر والتمكين

إن نظرية التغيير الإسلامي تسير بين معادلتين متوازيتين هما الهدم والبناء، وإذا كان الهدم النسبي شرط يسبق البناء، فإن تحقق البناء الصحيح يرتبط طردا بالهدم اللازم.

لقد نجح ثوار الشام في عملية الهدم الابتدائي لمنظومة الباطل والظلم الأسدية، كما نجحت أمريكا وإسرائيل في تعويق الهدم الكامل واللازم وحالت دونه وذلك من خلال حماية أشكال مختلفة تقوم على الباطل وترتبط به في جغرافيا الشام!

وبقدر ما تحقق في معادلة الهدم للباطل وأركانه ومنظومته وأشكاله، بقدر ما تحقق وتجسد النصر الحقيقي الموازي لحجم الهدم لمنظومة الظلم والفساد.

وأما التمكين فهو مرتبط بمعادلة البناء وانعكاس لها، وبهذا المعنى والفهم فإن التمكين وآثاره مرتبطة بحجم البناء وميادينه.

وفي نظرة فاحصة للمسار السوري خلال عام بعد التحرير نعاين بوضوح عرقلة القوى الدولية والإقليمية لعملية الهدم لمنظومة ورؤوس الفساد في سورية الحرة، كما نعاين عرقلة القوى الداخلية ومكوناتها المناوئة للثورة السورية لعملية البناء.

**إن جوهر الصراع القائم على أرض الشام هو صراع بين الحق والباطل، وإذا كانت عملية الهدم معادلة منوطة بالحكومة بعد أن كانت مرتبطة بالثوار، فإن عملية البناء منوطة بكل شرائح المجتمع السوري بعد أن كانت محصورة بالعلماء والموجهين والدعاة، ولكنها تبقى مرتبطة ومحتاجة لتوجيه العلماء، وذلك لضمان دوام سويتها.

وبكلمة يمكن القول:

إن المكافئ لعملية هدم الباطل هو تحقق معادلة النصر، وإن المكافئ لعملية بناء الحق والعدل هو معادلة التمكين، وهما ميدانان متوازيان للعمل المشترك بين العلماء والحكام وشرائح المجتمع.

ثالثا: كرامة وحرية الإنسان!

إن أغلى ما يطلبه الإنسان هو استرداد كرامته التي وهبها الخالق إياها، وجعل أهم دلالاتها الحرية التي يحياها الإنسان وتحقق معنى كرامته.

وبقدر ما يفرح السوريون اليوم بتنسم أجواء الحرية والشعور العظيم باسترداد الكرامة الإنسانية ويحمدون الله عليها، بقدر ما هناك مكلومون من أبناء وبنات وأمهات وزوجات السوريين الصالحين والمصلحين والمجاهدين!

أليس من واجب أحمد الشرع الذي استخدمه الله في خدمة الخلق أن يطلق سراح الأسرى العرب والسوريين في سجون إدلب حمدا لله على زوال الظالمين وقهر الطغاة؟

أليس من البر وواجب الأحرار في سورية الجديدة أن يطالبوا بالإفراج عمن نصرهم (جاسم الشامسي) وصاهرهم وتزوج أختهم؟

فهلا وعيت يا عبد الله معنى فسبح بحمد ربك واستغفره وهلا خفت من زوال النعمه لقعودك عن اقامه العدل

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين الشام 8/12/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق