هل مخترع التكييف يدخِل الجنة؟!
ردًا على «حمدي رزق»
الدرة (( إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ، إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ )) الامام الشافعي
هل مخترع التكييف يدخِل الجنة؟!
ردًا على «حمدي رزق»
بسم الله الرحمن الرحيم
هل تتنحى حماس وتُسَلِّم سلاحها؟
عند هذا الحدّ ينفد الصبر الإنسانيّ؛ لم يعد في حيّز الإمكان تصور ما يجري، كيف يصل الأمر إلى هذه الدرجة من القسوة واللاإنسانية؟ الناس يتزاحمون ويتدافعون والجوع يدفعهم صوب الطعام، وليس منهم أحد يؤمل العودة إلى خيمته الرثّة إلا بقدر ما يؤمل المحكوم عليه بالإعدام العودة إلى السرير الوثير، اليومَ صار كثير من الصهاينة المشاركين في الاحتلال وفي اغتصاب الأرض وتهجير أهلها يفزعون من هول ما يجري، ويجوبون شوارع تلّ أبيب معبرين عن فزعهم بمظاهرات ضدّ حكومة وأدت الإنسانية كلها بقتلها لأطفال غزة، الرُّحَماء من عباد الله راحوا من يأسهم يطرحون ما لديهم من مساعدات في عرض البحر؛ رجاء أن يكون الموج الموّارُ أرحمَ من أناس رابضين على تلال القسوة لا يتحلحلون؛ فهل ستستجيب حماس لهذا الضغط الذي يمارس عليها بأخسّ الأساليب وتتنحى عن حكم غزة وتسلم سلاحها؟ هل ستستسلم لإرادة المجتمع الدوليّ فيما سمي بإعلان نيويورك؟
مَن الإرهابيُّ المقاومةُ أم الكيان؟
واعجبًا من هذه الصفاقة الدولية! وواعجبًا من الصفاقة عندما تكون دولية! في الوقت الذي تدعم فيه أمريكا وحلفاؤها في الغرب دولةَ الاحتلال بالمال والسلاح -وبالفيتو في المواقف الفاصلة- يُطلَب من المقاومة أن تسلّم سلاحَها، وفي الوقت الذي يَغتصب فيه الصهاينةُ أرضَ الفلسطينيين يريد المغتصب ومَن وراءه من عصابة الاغتصاب (الدولي!) أن يفرضوا إرادتهم على هذه الأرض؛ فينَحُّوا من شاؤوا ويُحِلُّوا مكانهم من شاؤوا، أين هو العدل إذَنْ وأين هي الإنسانية؟ أهذا هو ما يسمى بالنظام الدوليّ؟ إذا كان هذا نظامًا فما أجدرَ الفوضى وما أجداها على الدنيا! لقد اتضح واستبان أنّ المراد هو الإذلال والتركيع، فأمّا المقاومة فلن تركع ولن تستكين، فمن أراد أن يركع ويخشع ويلين ويستكين فطريقُهُ مفتوحٌ وسبيلُهُ ممهود، لكنْ عليه أن يعلم أنّه في طريق التمهيد والتوطيد للمشروع الصهيونيّ الكبير.
الطوفان هو الحلّ
وقد أَعْلَنَ الإعلانُ وبَيَّنَ البيانُ أنّ المعتدي هو الطوفان؛ وإِذَنْ فالحلّ هو الطوفان، لا سبيل للأمة إذا نَشَدَت الخلاصَ من هذا الاحتلال الغاشم إلا أن تمدّ الطوفانَ على استقامته، وآية ذلك أنّنا تعودنا من سلوك الاحتلال وداعميه أنّ المقاومة الحقيقية هي التي تقُضّ مضاجعهم، وأنّهم لا يرهبهم ويزلزل عروشهم إلا المقاومة الصادقة، وهنا يجدر أن نقول للذين لا يزالون يرتابون في قرارات المقاومة: إنّ المقاومة هي المقاومة ولا صوت يعلو فوق صوتها، هي التي تعرف متى تُقْدِم ومتى تُحْجِم، وهي التي تُقَدِّرُ بمعاييرها وتقيس بمقاييسها وتدرك بخبراتها المتراكمة وتجاربها الحية حجم المصالح والمفاسد، وقدر المغانم والمغارم.
عليلٌ من تُعْيِيه معرفة الطبيعة التي يصطبغ بها هذا الصراع، وكَلِيلٌ من لا يراه صدامًا حتميًّا بين حقٍّ واضحٍ كفلق الصبح وباطل مظلم كغسق الليل، عليلٌ وكليلٌ من ينظر إلى ما يجري فيحار فيه ويحاول أن يجد له في معايير الواقع البليد مقياسًا ينطبق عليه، إنّ ما يجري ليس نزاعًا بين قوتين على أمر تختلف فيه الحسابات والتقديرات، وإنّما هو صراع بين حقٍّ صريح وباطل صريح، بين مقاومة تدفع العدو عن الأوطان التي اغتصبها والمقدسات التي استباحها، ومحتلٍّ غاصبٍ غاشمٍ لا حق له في شيء من ذلك كله؛ لذلك لا تقاس النتائج والمقدمات بالمقايس ذاتِها التي تُقاس بها سائر الصراعات، وغالبًا ما تتسع زاوية النظر لمن يروم باعتدال تقييم النتائج والحكم بموجبها على المقدمات؛ فلا تقف عند الحسابات الحسّية الضيقة، بل تتجاوزها إلى آفاق من المعاني التي تحييها المقاومة في الأجيال.
المآلات بين المغارم والمغانم
لا نستبعد أن يقع شيء مما نخشاه، ولو استبعدناه فلن نغير شيئًا من قدر الله، ولو أنّ غَزَّةَ فَنِيَتْ عن آخرها -لا قدر الله- وأُجهضتْ بالتبعيةِ المقاومةُ -لا سمح الله- فلن يقلل ذلك من نصر الله؛ ذلك لأنّ حقيقة الانتصار لا تنحصر في صورة واحدة “الحسم العسكريّ”، فإنّ الثبات إلى الممات نصر يلهم الأجيال، وإنّ دماء الشهداء التي بذلت من أجل تحطيم الأوهام وتكسير الأصنام وإسقاط الأساطير وهدم جدار الخوف والوهن مقدمة أكيدة للنصر الكبير، ومن أراد أن يعرف قدر وحجم ووزن ما حققته المقاومة من إنجاز حقيقيٍّ فليصرف نظره وتقديره إلى قدر وحجم ووزن التغَيُّرات التي أحدثها فِعْلُ المقاومة في نفوس المسلمين والكافرين على السواء. لقد رفعت الأحداث هِمَمَ المسلمين وألهمتهم من المعاني ما فقدوه تحت مطارق الانقلابات والحروب الأهلية، وأرعبت الكفار المعتدين وكشفت تهافتهم وزيف ادعاءاتهم، وأسعدت الكثيرين من المغيبين في العالم بمعرفة الحقّ الذي تتوق إليه نفوسهم، إنّها انتصارات وليست نصرًا واحدًا، ومع ذلك فإنّنا نرجو ما ليس على الله بعزيز.
إنْ قلت إنّ المقاومة في غزة بطوفانها هذا اقتلعتْ الأساطير الإسرائيلية من جذورها، أو قلت إنّها بضرباتها الرشيقة المتتابعة دَقَّتْ مسمارًا في نعش النظام الدوليّ المتهالك، أو قلت إنّ جملة الأحداث -من لدن طوفان الأقصى إلى هذه الأيام الأكثر بشاعة- تمثل صيحة كصوت الحادي أو كنداء المؤذن، سيكون لها سريان في جيل أقعده اليأس كسريان مادة الحياة في الشجرة الجرداء؛ إن قلت شيئًا من ذلك أو تجشمت قول ذلك كله؛ فلن تكون راكبًا عودًا من حطب، ولا ممتشقًا بالزعم سيفًا من قصب، لقد ارتقت المقاومة في جهادها للعدو الصهيونيّ من مستوى تهديد الاستقرار إلى مستوى تهديد الوجود، ومن رتبة العمليات الجزئية إلى رتبة المواجهة الشاملة، ومن استراتيجية الدفع إلى استراتيجية التحرير، ولقد وثبت وثبة عالية بهذا الطوفان، شبت بها عن الطوق، وتجاوزت بها عقدة الحسابات المعقدة.
هل ترحل حماس وتخبو المقاومة؟
إن رحلت حماس -لا قدر الله- فلن تموت المقاومة، لأنّ حماس حركة والمقاومة فكرة، والفكرة ليس من طبيعتها أن تموت، فقد تذهب الحركة تاركة وراءها فكرة محفورة في قلوب الأجيال كالجذوة المتقدة، لا تلبث أن تستعر وتتوهج إذا وجدت من يغذيها ويمدها، ولقد ذهب أصحاب الأخدود فما ماتت فكرتُهم، ولا أثموا إذْ فنوا من أجل أن تحيا الفكرة؛ فاعتبروا يا أولي الأبصار.
القائد الناجح هو الذي يعرف كيف يصنع الوقائع
فرص ذهبية نادرةضربت إسرائيل دمشق في عقر دارها وأهانتها وهي تعلم عدم قدرتها على الرد، فقد قام بالدور المطلوب بتدمير الشام ابن الحرام بشار الأسد وأكملت المسار أمه طهران لصالح مزيد من النفوذ برعاية الأمريكان!
من نافلة القول إن دولة سورية الجديدة باتت بلا أظافر، فقد قلمها الجيش الإسرائيلي بطلب أمريكي فور التحرير.
لكن سورية الحرة الجديدة امتلكت العنوان الأخطر والأكثر فاعلية وهو الشعب الذي يملك إرادة حرة، وتتشكل وحدته من ثقافته ومشاعره وعذاباته المشتركة وآماله الواحدة.
إعلان الجبهة الشامية العربية والإسلامية لمناهضة التطبيع مع المحتلين.
لا يجوز الخروج من المشهد السوري الحالي دون نتائج حقيقية عبر صناعة وقائع جديدة تمكن الشعب من التعبير العملي عما لا تستطيع الدولة أن تعبر عنه نتيجة إكراهات السياسة، كما يمكن للشعب أن يحقق ما تعجز عن تحقيقه الحكومة.
على قامات السوريين ونخبهم المنتمين وثوارهم الأحرار أن يبدعوا بإطلاق جبهة عريضة تتسع لكل الصادقين وتحشدهم تحت راية سليمة محقة ومعبرة عن واقع الحال، وليس هناك أفضل من جبهة تفتح الطريق والقنوات أمام الشعوب العربية والإسلامية (تركيا) المتحرقة على أرض الشام وتحريرها من الأنجاس.
إن تشكيل الجبهة الشامية العربية والإسلامية لمناهضة التطبيع مع المحتلين، سيشكل رافدا حقيقيا للحكومة السورية، وهو إطار ناجع يرجح الكفة السورية في مواجهة التحديات الخارجية والمحيطة بسورية.
نداء للقادة الأشاوس في أرض الشام لتشكيل جبهة شعبية واسعة لمواجهة التحديات الخارجية وتمتين الوحدة الداخلية تحت شعارات محقة وعادلة وسوية.
فمن سيطلق المبادرة؟
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 16/7/2025
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/ نيسان 2023، تحولت مدينة الفاشر -عاصمة ولاية شمال دارفور- إلى مرحلة جديدة من المعاناة، وصارت من أكثر المناطق اشتعالا في السودان، بعد أن فرضت عليها قوات الدعم السريع حصارا خانقا يهدد بإبادة مدينة بأكملها.
ولم تعد المدينة رمزا للاستقرار النسبي في دارفور، بل أصبحت مرآة لانهيار النظام السياسي والاجتماعي في السودان، ورمزا للألم الإنساني الذي يتفاقم وسط صمت العالم. ومع تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد وتيرة القتال، أصبحت المدينة رمزا للمأساة الوطنية، ومنعطفا خطيرا في الحرب السودانية، وأيقونة صمود تعكس حجم التحديات المركبة التي تواجه البلاد بأكملها.
وتقع الفاشر في قلب إقليم دارفور، وتُعد عاصمة ولاية شمال دارفور، ومركزا حيويا للتجارة والحراك السكاني بين الشمال والغرب. تاريخيا، مثلت المدينة مقرا للسلطنة القديمة، ومركزا لتلاقي المكونات الإثنية والقبلية، ما جعلها رمزا للتعدد السوداني، وقلعة مدنية لا يمكن تجاوزها في معادلة الحكم والاستقرار. والسيطرة على الفاشر لا تعني فقط نصرا ميدانيا، بل امتلاك ورقة ضغط سياسية قادرة على إعادة تشكيل المشهد.
بدأ الحصار تدريجيا بقطع الدعم السريع لطرق الإمداد والتموين، وامتد إلى استهداف مراكز حيوية مثل الأسواق، والمستشفيات، ومقار الإغاثة، ثم تطور إلى قصف جوي ومدفعي على الأحياء السكنية. ومع دخول المواجهات إلى نطاق الأحياء، أصبحت المدينة تعيش حالة حرب شاملة، وتزايدت المعاناة مع انهيار البنية التحتية، وفشل كل محاولات فتح ممرات إنسانية، وسط تجاهل دولي مريب.
خلاصة مواقف منظمات ومؤسسات حقوق الإنسان تشير إلى أن حصار الفاشر غير القانوني، تسبب في فظائع إنسانية، وقد يشكل جرائم حرب، والمجتمع الدولي مطالب بتصعيد الضغط ورفع الحصار فورا
الفاشر الآن تقف على حافة المجاعة.. انعدمت الأدوية، ونفدت المحروقات، وأُغلقت المدارس والمستشفيات! يمشي السكان عشرات الكيلومترات للحصول على الماء، في حين يُباع الخبز بأسعار تفوق قدرة أغلب الأسر.
تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 70% من سكان المدينة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في وقت تغيب فيه معظم المنظمات الإنسانية عن المشهد بفعل غياب الضمانات الأمنية.
رُصدت ممارسات صادمة ارتكبتها قوات الدعم السريع، تشمل الإعدامات العشوائية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، ونهب الأسواق، وإحراق ممتلكات خاصة وعامة، واغتصابات وتهجيرا قسريا، ولم تسلم المساجد والمراكز الطبية، بل طالتها يد العبث والدمار.. كل هذا يحدث دون توثيق إعلامي كافٍ، وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي، الذي يكتفي بإصدار بيانات القلق.
وثقت منظمات محلية ودولية ما يجري على أنه ليس مجرد معركة، إنه نمط من أنماط الجرائم ضد الإنسانية… هذه الانتهاكات لم تبق حبيسة الجغرافيا، بل إنها تهدد بعودة العنف العرقي والتطهير الطائفي الذي عرفته دارفور في العقدين الماضيين. والعالم يتفرج كما فعل مع رواندا والبوسنة، والغياب الدولي المريب يجعل من الكارثة جريمة بصمت دولي.
لقد صرحت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، 20 أبريل/ نيسان 2024، أن الحصار المستمر منذ مايو/ أيار 2024 ضرب حياة مئات الآلاف، ووجهت الدعوة لقوات الدعم السريع للإسراع برفع الحصار.
وكذلك فإن مجلس حقوق الإنسان الأممي صدر عنه تقرير مشابه، ما اعتُبر تصعيدا بالغ الخطورة، واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" القرار بمثابة إنذار، محذرة من تصاعد خطر المجاعة.
وأشار كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إلى أن هناك أدلة واسعة على ارتكاب جرائم حرب منظمة ضد الإنسانية في دارفور، وخصوصا الفاشر، ودعا إلى جمع البيانات حول هذه الانتهاكات.
إذن، خلاصة مواقف منظمات ومؤسسات حقوق الإنسان تشير إلى أن حصار الفاشر غير القانوني، تسبب في فظائع إنسانية، وقد يشكل جرائم حرب، والمجتمع الدولي مطالب بتصعيد الضغط ورفع الحصار فورا.
إقليميا، تخشى دول الجوار -مثل تشاد- من تدفق اللاجئين، فيما تتوجس ليبيا من تسلل الفوضى. وعلى المستوى الدولي، لا تزال الاستجابة دون المستوى، رغم أن الفاشر تصنَف الآن كواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميا
ويذكرنا حصار الفاشر بأطول حصار غير تقليدي متواصل، إذ يعد الأقرب لنموذج حصار مدينة سراييفو، الذي استمر 1425 يوما، ونفذته القوات الصربية عام 1992. ويعد حصار الفاشر من الأخطر والأطول في العالم المعاصر، ويجري في ظل تعتيم إعلامي كبير، وصمت دولي شبه كامل لما يقارب 600 يوم.
ورغم الضغوط، أظهرت مدينة الفاشر تماسكا اجتماعيا نسبيا؛ حيث لعبت بعض القيادات المحلية، وزعماء القبائل، والأئمة، دورا في تنظيم الإغاثة الذاتية والتعبئة المجتمعية، إلا أن هشاشة الوضع الميداني، ونقص الإمكانات، والانقسامات السياسية، جعلت المدينة تقاوم بعزيمتها لا بإمكاناتها. ومع ذلك، يظل الأمل قائما في تعزيز التنسيق الداخلي، وبناء غرفة عمليات موحدة تدير الأزمة ميدانيا وإنسانيا.
إقليميا، تخشى دول الجوار -مثل تشاد- من تدفق اللاجئين، فيما تتوجس ليبيا من تسلل الفوضى. وعلى المستوى الدولي، لا تزال الاستجابة دون المستوى، رغم أن الفاشر تصنف الآن كواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميا.
كذلك، ضعف التنسيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وتضارب المصالح بين اللاعبين الدوليين، جعلا من الفاشر ساحة اختبار أكدت فشل النظام الدولي في التعامل مع الكوارث المعقدة.
السيناريوهات المطروحة تتراوح بين الانهيار المدمر، والنجاة المشروطة، والانبعاث المقاوم. ورغم أن الانهيار يظل احتمالا قائما، فإن إمكانية بناء مقاومة محلية تبقى واقعية، إذا ما توفرت أدوات التنظيم والدعم
يمثل هذا السيناريو أفضل خيار ممكن، إذ تستفيد الفاشر من تماسك قوات الجيش والحركات المسلحة المؤيدة، بدعم من المجتمعات المدنية وزعماء القبائل، والتنسيق بين هذه المكونات يصنع جبهة موحدة تقاوم الحصار بشراسة. وإذا نجح هذا التحالف في الحفاظ على المدينة، فإنه يعيد رسم خريطة النفوذ، كما يمنح المدنيين بارقة أمل .
الفاشر ليست مجرد مدينة محاصرة؛ إنها مرآة مكبرة للحرب في السودان. إن سقطت فسيسقط معها أمل التعايش والعدالة والمواطنة، وإن صمدت فستعيد كتابة سردية المقاومة
يتبين أن السيناريوهات المطروحة تتراوح بين الانهيار المدمر، والنجاة المشروطة، والانبعاث المقاوم. ورغم أن الانهيار يظل احتمالا قائما، فإن إمكانية بناء مقاومة محلية تبقى واقعية، إذا ما توفرت أدوات التنظيم والدعم، داخليا وخارجيا. ويُعد السيناريو الثالث أكثر توازنا، لكونه لا يكتفي بإنقاذ المدينة، بل يعيد للشارع السوداني ثقته في قدرته على المقاومة.
في خضم التحولات المتسارعة والتحديات المتشابكة، تبرز الحاجة إلى تحرك عاجل وشامل يقوم على حماية المدنيين من القصف العشوائي، إلى جانب تفعيل غرف طوارئ مدنية وعسكرية داخل المدينة، لضمان تنسيق فعال بين الجهات المختلفة، مع تأمين ممرات إغاثة تحت إشراف أممي يضمن وصول المساعدات الإنسانية بأمان وفاعلية.
كما يستوجب الأمر فتح تحقيق مستقل في الجرائم والانتهاكات التي طالت السكان المدنيين، إلى جانب تكثيف الضغط على المنصات الإعلامية الدولية، لتسليط الضوء على المأساة ومنع تكرارها، مما يسهم في تعزيز المساءلة وحماية حقوق الإنسان.
الفاشر ليست مجرد مدينة محاصرة؛ إنها مرآة مكبرة للحرب في السودان. إن سقطت فسيسقط معها أمل التعايش والعدالة والمواطنة، وإن صمدت فستعيد كتابة سردية المقاومة. لذا، فإن إنقاذها ليس واجبا أخلاقيا فقط، بل ضرورة إستراتيجية لوحدة السودان ومستقبله.
حصار الفاشر ليس معزولا، بل يأتي في إطار محاولة فرض واقع، وقد أصبحت المدينة مركز تجاذب، ومقياسا لمستقبل الخريطة السياسية السودانية.