“قوة الصمت”: عندما يكون الصمت سلاحاً!

تأمّلت أمرًا عجيبًا: لا يمضي الإنسان في حياته إلا ويمرّ بلحظاتٍ تبدو وكأنّها خارج الزمن؛ لحظات ينكمش فيها العالم إلى مساحة ضيقة، فلا يسمع المرء إلا صوته الداخلي.
تكون أيامًا غريبة، كثيفة في أعماقه، لا هي ضوء كامل ولا ظلام كامل، حتى يخالها حدًّا فاصلاً بين ما كان يعرفه عن نفسه وما يكتشفه فجأة في أغواره.
كنت أظنّ أنّ التحولات الكبرى تولد في اللحظات الصاخبة، فإذا بها تنشأ في أكثر اللحظات صمتًا.
كنت أظنّ أنّ التحولات الكبرى تولد في اللحظات الصاخبة، فإذا بها تنشأ في أكثر اللحظات صمتًا.
ذلك الصمت لم يكن انقطاعًا عن الحياة، بل اتصالًا حقيقيًّا بالذات والكيان والفكرة، وبكلّ ما ظننته ثابتًا ثمّ رأيته يتشكّل من جديدٍ في صورة مختلفة.
هناك أدركتُ معنى الولادة الداخلية؛ تلك الولادة التي لا يصحبها احتفال مبهج ولا رثاء حزين، بل ذلك الانتباه الخاطف الذي يجعل الإنسان يرى نفسه كما لو أنّه يراها للمرّة الأولى.
وفي قلب تلك التجربة الصامتة فهمت ما كنت أسمعه كثيرًا دون أن أعيه تمامًا:
وفي قلب تلك التجربة الصامتة فهمت ما كنت أسمعه كثيرًا دون أن أعيه تمامًا:
أنّ قوة الإنسان لا تُقاس بقدرته على الكلام والبيان والإقناع والمجادلة، بل بقدرته على الصمت واحتمال اللحظات الثقيلة، واحترام ما تفعله به الأيام والأقدار دون أن ينكسر.
وعرفت أنّ ما يبقى في الداخل بعد عبور عاصفة الحوادث أهمّ بكثيرٍ ممّا يراه الآخرون على أسطح الأفكار، وأنّ البناء الذي يشيده الصبر في النفس لا تمسّه رياح الظروف مهما اشتدت، إن قدّرت له السماء الثبات.
وحين انتهت تلك الأيام وشعرت أنّني أعبر إلى الضفة الأخرى من تجربتي، وجدتني أعود إلى الحياة بروح أكثر هدوءًا وبصيرة أشدّ وضوحًا.
وحين انتهت تلك الأيام وشعرت أنّني أعبر إلى الضفة الأخرى من تجربتي، وجدتني أعود إلى الحياة بروح أكثر هدوءًا وبصيرة أشدّ وضوحًا.
لم أعد كما كنت؛ معانٍ سقطت وأخرى نهضت، مسؤوليات تكشفت وأخرى أُعيد فهمها، وكأنّ الطريق الذي أسير عليه منذ سنواتٍ قد أُضيء فجأة فصار أوضح وأعمق.
لكن أكثر ما فاجأني هو تلك الثقة التي وجدتها في وجوه الناس من حولي.
لكن أكثر ما فاجأني هو تلك الثقة التي وجدتها في وجوه الناس من حولي.
مواقف صغيرة لكنّها ثقيلة بمعناها، كلمات عابرة لكن أثرها ممتد، قلوب شعرت بما لم أنطق به ووقفت معي بصمت دون إعلان.
تعلّمت حينها أنّ الإنسان لا ينهض بجهده وحده، بل بمن يعتقدون فيه خيرًا، حتى وهو يمرّ في منطقة رمادية من حياته.
واليوم، أمضي في طريقي بثقةٍ مختلفة لا تصدر عن منصب ولا مكانة، بل عن أثر تركته الأيام في داخلي، وعن محبة صادقة شعرت بها دون أن أبحث عنها.
واليوم، أمضي في طريقي بثقةٍ مختلفة لا تصدر عن منصب ولا مكانة، بل عن أثر تركته الأيام في داخلي، وعن محبة صادقة شعرت بها دون أن أبحث عنها.
فقد نزعت تلك التجربة شيئًا كان ينبغي أن يُنزع، وبنت في مكانه معنى أصلب وأصدق.
وما ذكرته لك ليس قصة انتصار ولا قصة ألم يا صديقي، بل صفحة جديدة في مذكّراتي؛ صفحة وُلدتُ فيها من جديد بطريقة لا يلحظها أحد… إلا أنا.
وما ذكرته لك ليس قصة انتصار ولا قصة ألم يا صديقي، بل صفحة جديدة في مذكّراتي؛ صفحة وُلدتُ فيها من جديد بطريقة لا يلحظها أحد… إلا أنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق