نقطة نظام
اِبدأْ بنفسِكَ!
قالَ حمَّاد بن زيد: كنتُ مع أبي فأخذتُ من حائطٍ تِبنة، فقالَ لي: لِمَ أخذتَ؟
فقلتُ: إنَّما هي تِبنة.
فقال: لو أنَّ الناس أخذوا تِبنة تِبنة، فهل يبقى في الحائطِ من تِبن؟!
إذا أردتَ أن يتغيَّرَ العالم من حولك، فابدأْ بنفسكَ أولاً!
لو كل واحد منا جعلَ من نفسِهِ ميدانه، قاتلَ فيه بشراسةٍ لصلاحِ قلبه، وسلوكه، وأخلاقه، لتغيَّرَ الحالُ الذي نشكو منه جميعاً!
لأن هذا الواقع لم يصنعْ نفسه، لقد صنعناه نحن، أنا وأنتَ، وهو وهي!
أعجبني صديقٌ لي مرةً كنتُ وإياه نمارسُ رياضةَ المشي، ففرغتْ قارورة الماءِ التي كانتْ معه، فبقيَ يحملُها حتى مررنا على حاوياتِ القمامةِ في الشارع، وهناك كانَ المشهدُ مزرياً، القمامةُ ملُقاةٌ على الأرضِ بشكلٍ مقززٍ رغمَ وجودِ الحاويات، إلا أنَّ صديقي تخطَّى القمامةَ الملقاةَ على الأرضِ حتى وصلَ إلى حاويةٍ ورمى قارورته الفارغة فيها، ثم قالَ لي مُعَقِّباً: أعرفُ أن قارورتي لم تكُنْ لتزيد المكان سوءاً لو ألقيتُها على الأرضِ، ولكني شخص أبدأُ بنفسي!
كُلُّكُم تعرفون قصة زوجة الملكِ التي أُصِيبتْ بمرضٍ جلدي، فعاينها الأطباء ثم قالوا: لا علاجَ لها إلا أن تملأَ لها المسبح الذي في باحةِ القصرِ حليباً، وتسبحُ به كل يوم صباحاً!
استشارَ الملكُ وزيرَهَ كيف عساه يُؤمِّنُ هذه الكمية الكبيرة من الحليب.
فقالَ له الوزير: الأمرُ بسيطٌ يا سيدي الملك، اَصْدِرْ أمراً للرُّعيانِ أن يأتيَ كل واحدٍ منهم ليلاً بسطلِ حليب، ويُلقيه في المسبح، وهكذا يمتلئُ كل يوم، حتى تشفى جلالةُ الملكة!
أُعجِبَ الملكُ بالفكرة، وأصدرَ أمره الملكي بهذا، ولكن كل واحدٍ من الرُّعيانِ قالَ في نفسه: ماذا لو وضعتُ سطلَ ماءٍ بدلَ الحليب، لن يكتشفَ أحدٌ الأمر، لا شك أنه سيضيعُ بين هذه الكميةِ الهائلةِ من الحليب!
وعندما استفاقَ الملكُ صباحاً وجدَ المسبح مملوءاً ماء عن آخره!
للأسف، الكلُّ يريدُ تغيير العالم، ولكن قلّة هم الذين على استعداد أن يُغيِّروا أنفسهم!
إن فكرة: إن صلحَ النَّاسُ صلحتُ معهم، وإن فسدوا فمع الخيل يا شقرا!
فكرة غثيثة جداً، لا تبني إنساناً، فضلاً عن أن تبني أوطاناً، أو أُمَّة!
نحن في زمنٍ تسارعتْ أحداثه، والعاقلُ يعرفُ أننا على مفترق طُرقٍ لأحداثٍ جِسام، إنَّ الحقَّ لما بلغَ ذروته، ونزل فيه: اليومَ أكملتُ!
بكى أبو بكرٍ لأنه علمَ أنَّه ليس بعد التمام إلا النقصان!
هذا وهو الحقُّ، فما بالك بالباطل وقد استفحل واستشرى وبلغَ من الفجور مبلغه، وأحدنا ما زال ينتظرُ يريدُ أن يتغيَّرَ العالمُ ليتغيّر!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق