الثلاثاء، 30 يناير 2018

السيسي يجيب.. لماذا تصعب التسوية مع الطغاة العملاء؟!

السيسي يجيب.. لماذا تصعب التسوية مع الطغاة العملاء؟!


ساري عرابي
تعاني الأمّة، ببلادها المتعددة، من معضلتين مزمنتين مستحكمتين، وهما الطغيان والعمالة للأجنبي، فإذا وُضعت هاتان المعضلتان في سياق ركام الانهيار الطويل، الذي ترسّخ منذ قرن من الزمان، وكانت بداياته قبل ذلك بكثير، ثم إذا نظرنا إلى نتائج ذلك في واقعنا العربي، في كل مجالاته التي ينشط فيها الناس ويتحركون ويتدافعون، وإذا تبين لنا أن مصائرنا متلاحمة، وبالضرورة مصائر الطغاة العملاء مهما كانت تناقضاتهم، فإنّ المؤكد أن المسألة مع هؤلاء الطغاة العملاء عسيرة للغاية، ولا يمكن إنجازها في وقت قصير.
  
يمكننا أن نتخيل أن ذلك كلّه متضافر، ومتعلّق ببعضه، وأن عوامل أخرى كثيرة يمكن إضافتها ضمن ظروف الانحطاط المتراكمة، مما يزيد وقائع الاستحكام والانغلاق تعقيدا. إنّ هذا يعني باختصار أنّ افتتاح بداية حقيقية للنهوض من ركام الانحطاط لا بدّ وأن يُسبق بما يكافئ من حيث الثمن والوزن؛ ظروف الانحطاط وتعقيداتها الهائلة، أيّ لا بدّ وأن تأخذ المحاولات حظّها الكافي من الزمن والدماء والتضحيات، على قسوة ذلك وفداحته.

وإذا كانت مشكلة الطغاة العملاء متعلقة بتلك العوامل كلّها، فإنّ اقتلاعهم، أو إزاحتهم، وما يتلو ذلك، لا بدّ وأن تكون مريرة، ومحفوفة بكل الفظاعات التي نعيشها الآن، إنّهم واجهة القبح الذي يخنقنا منذ عقود، لكنهم متلاحمون بكل ذلك القبح، ولا سبيل لنا، إلا أن ننغمس في المحاولة، بالرغم من كل ما عانيناه، وسوف نعانيه، طالما أن التسوية مع الطغاة العملاء مستحيلة.

القول إنّ التسوية مع الطغاة العملاء مستحيلة هو محض انعكاس مجرّد ودقيق لتاريخنا، وواقع حالنا، مهما كانت انحيازاتنا ورغباتنا، بكلمة أخرى، هذه هي الكلمة الوحيدة الدقيقة والصادقة التي يمكن قولها للتعبير عن أزمتنا مع هؤلاء، وإلا كيف لنا أن نقرأ العقود التي مرّت كلّها، دون أن تنفتح نافذة واحدة مبشّرة بحق بإمكانية التسوية معهم. المؤكّد أن الإنسان السوي لا يرغب بدفع هذه الفاتورة الباهظة من التضحيات والآلام، إلا أن الطغاة العملاء لا يبقون حتى للأحلام منفذا.

تحليل سلوك الحاكم العربي، والذي هو عنصر من جملة عناصر أزماتنا المتراكمة والمتلاحقة والمتلاحمة، يحتاج إلى عدد من الأدوات الكفيلة بالإحاطة بدوافعه وطبائعه ومتعلقات سلوكه، لكن يكفي الوقوف عند صفتي الطغيان والعمالة اللتين يتصف بهما، وتحدّدان سلوكه جوهريا أكثر من أي اعتبار آخر. إلا أنّه وللدقّة والأمانة، فإنّ ثمة فرقا في الدرجات بين الحكام، بما في ذلك أولئك، الذين احتاجت الأمة عقودا طويلة للتخلّص منهم، وبطرق استثنائية ليست من طرق التسوية في شيء، أي كما حصل مع بن علي ومبارك والقذافي وصالح، فهؤلاء كلهم يشتركون في صفات الطغيان والفساد، على تفاوت نسبي، وعلاقة بعضهم بالغرب والقوى المتحكمة، قد تدخل في ما يمكن اعتباره وجهات نظر، ولعب على التوازنات، فإذا كان هذا حالهم، فكيف بمن فاقهم في الطغيان والعمالة للأجنبي؟!
 
مخلوق متضخم في أفحش صفتين يمكن أن ينحطّ إليهما الإنسان، وقد رتّب خلال السنوات الماضية منذ الانقلاب وحتى الآن، أدوات القوّة كي لا يقترب منه أحد، كيف له أن يفتح نافذة ولو ضيقة للديمقراطية؟
رويترز
 
لو أخذنا السيسي نموذجا لتوضيح المقصود، فسوف نلاحظ فيه تضخم صفتي الطغيان والعمالة للأجنبي، والأجنبي المقصود في هذه الحالة بشكل محدّد، هو الكيان الصهيوني، أي أكثر الأعداء الذين تتخذ منهم الأمة موقفا جذريّا، وعلى نحو يمكّننا من القول إنّه العدوّ المطلق، فكلّ عدوّ آخر نسبيّ، وإن حاول حلفاء السيسي الآن، في بلاد عربيّة أخرى، إقناعنا بأن "إسرائيل" لم تعد عدوا! والحقّ أن السيسي في حالته المتضخمة ليس فردا، وإنما هو عنوان كبير على المرحلة الماضية كلّها بخفاياها، إذ كان لا بدّ وأن تنكشف طبائع الدولة العربية بأنظمتها الطغيانية العميلة في صورة كاريكاتورية، تبدو مغرقة في المبالغة، ولكنها حقيقية جدّا، والحاصل أن مسار الاهتراء كان لا بدّ وأن يصل للسيسي، إلى صورة فاحشة التشوّه والقبح ولكنّها حقيقية.
 
ومن جهة أخرى فإنّ هذا الأخير عنوان على طبقة كاملة راهنة في بعض البلاد العربية، تشاركه الطغيان والعمالة للعدوّ نفسه، الآن من الواضح أن ترمب رئيس البيت الأبيض وصهره كوشنير يصوغان هذه الطبقة ويحركان زعماءها لصالح اليمين الإسرائيلي، ومن جهة ثالثة فالسيسي عنوان على واقع الدولة المصرية، إذ كيف يمكن لدولة روّجت عن نفسها لعقود خطابا شديد الاعتداد والادعاء، تقبل أن يتسيّدها رجل بهذا القدر من التشوّه والافتضاح.
  
أمّا طغيان السيسي، فلم يعد محلّ نقاش، وكانت تكفي مجزرة رابعة كي يفيق الحمقى، ولكن "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"، وأمّا العمالة لـ "إسرائيل" فقد كانت واضحة منذ ساعة انقلابه الأولى، وهي عمالة متضخمة وغير مسبوقة في تاريخ الصراع مع "إسرائيل"، لكنّ عمى القلوب طال الكثيرين في هذه أيضًا.
  
مخلوق متضخم في أفحش صفتين يمكن أن ينحطّ إليهما الإنسان، وقد رتّب خلال السنوات الماضية منذ الانقلاب وحتى الآن، أدوات القوّة كي لا يقترب منه أحد، كيف له أن يفتح نافذة ولو ضيقة للديمقراطية؟ هل يمكن أن يضع قدمه على أوّل خطوة إلى حبل المشنقة؟ لكن وهو بهذا القدر من الوضوح والتضخم، ينبغي ألا يحتاج عميان القلوب إلى مَثَل أكثر تضخما للإجابة على سؤال استحالة التسوية مع الطغاة العملاء!

الاثنين، 29 يناير 2018

هؤلاء يلوثون هواء الأمة العابق برائحة القدس

هؤلاء يلوثون هواء الأمة العابق برائحة القدس
ياسر الزعاترة 



صنفان من الناس يسعان جاهدين إلى تلويث هواء الأمة المعطر برائحة القدس هذه الأيام، وهما كانا يفعلان ذلك قبل قرار ترامب بطبيعة الحال.

تحديدا من يوم أن خرجت إلى العلن قصة “صفقة القرن” لصاحبها ترامب، وبرعاية صهره الصهيوني “كوشنر”، مع العلم أن كثيرا منهما موجودون يرفعون رؤوسهم بين حين وآخر، بحسب ما تتطلبه حاجة المشغّلين والمشجّعين.

نفتح قوسا كي نشير هنا إلى أن هؤلاء يمكن أن يتحوّلوا إلى مسار آخر، إذا استدعت حاجة المشغّلين والمشجّعين، فلا تستغرب مثلا أن يصبحوا ثوريين في يوم ما في مواجهة الكيان الصهيوني؛ إذا حدث أن تغير المسار.

غير أن ذلك لا ينفي أن هناك من يتأثر بتلك الأصوات من الناس العاديين، ويغدو بتأثير الإعلام ومواقع التواصل ممن يردد مقولاتها دون وعي، وغالبا عبر استنفار المشاعر العنصرية التي يركّز عليها أولئك أيما تركيز لحشد الناس من حولهم، بكذبة حقيرة عنوانها أن “الفلسطينيين يكرهوننا” (يمكن أن يُقال ذلك في حق أي شعب بحسب الحاجة، وقد قيل، لأن العنصرية ليس لها حد ولها نهاية)، لكن ما ينبغي قوله دون تردد أن حجم التأثر بدعايتهم لا يزال محدودا، وسيبقى كذلك؛ لأن في هذه الأمة من مخزون الوعي ما يجعلها عصية على حملات من هذا النوع.
من ينتمون إلى هذه الدعاية هم حشد من الموظفين، إلى جانب حفنة ليست كبيرة من النخب، وغالبا من تلك التي تدعي الانتماء للتيار الليبرالي الذي لا صلة له بمفردات الليبرالية الأساسية في الحرية والتعددية، وإن انتمى إليها فقط في الجانب الاجتماعي. أما المؤسف حقا، فهو أن تجد من ينضم إليهم من قلة محدودة جدا ممن يُحسبون على الدين، وهؤلاء يفعلون ذلك في الغالب رغبا ورهبا، بينما يضيف أولئك إلى ذلك مشاعر النكاية بالإسلاميين، بل بكل المتدينين.
حين تتابع الدعاية السخيفة لكل أولئك، فلن تجد ما يستحق الرد، لكن لا بأس من المرور على عناصرها من باب العلم بالشيء، ونعني هنا تلك الدعاية الخاصة بالقضية الفلسطينية على وجه التحديد، ولا حاجة للتوقف عند مبتذلين بلغت بهم الوقاحة حد القول إن القدس لليهود؛ لأن ذلك سيدخلنا في دروس تاريخية لا مجال لها هنا.
من أهم مقولات أولئك، وقد يستغرب ذلك من لا يتابعهم “أن الفلسطينيين باعوا أرضهم لليهود”.
ولعمري إن من لا يرى الدم الفلسطيني الذي يسيل منذ قرن ولغاية الآن، لا يعدو أن يكون أعمى البصيرة، ومن لا يرى أن فلسطين وقعت تحت الاحتلال، ولم يتم شراؤها بالأمتار والدونمات هو سفيه. أما أن يكون حفنة من الناس باعوا هنا أو هناك، فهم ساقطون يتوفر مثلهم في كل شعوب الأرض.
من معزوفات الجهل إياها ما يتعلق بادعاء الحكمة بالقول إن على الفلسطينيين أن يجدوا حلا مع العدو؛ لأن العناد واستمرار الرفض لم يأت بنتيجة، وفي هذا السياق تتردد قصة قرار التقسيم، وكامب ديفيد وسوى ذلك.
هنا يتبدى الجهل المطبق.
فالعدو لم يوافق على قرار التقسيم، وهو لم يوافق على أي قرار، ولم يعرض أي شيء في أي وقت، وما موقفه من المبادرة العربية إلا تأكيدا لذلك. هو كان ولا يزال يطلب من الفلسطينيين والعرب التنازلات دون أن يعرض شيئا، اللهم سوى حكم ذاتي هزيل على أجزاء من فلسطين لا تتعدى 10 في المئة من مساحتها التاريخية.
من نظريات الجهلة إياهم القول إن علينا الاهتمام بأوطاننا، لكأن الاهتمام بفلسطين يمنع الاهتمام بالأوطان. أما الأهم، فهو لماذا لا يتركون فلسطين وشأنها أصلا، ولماذا يتدخلون في قضيتها لصالح العدو؟!
والخلاصة أننا إزاء أصوات تضيف إلى السقوط الكثير من الجهل، وهي تسيء لمن يوجّهونها ويشغّلونها، في ذات الوقت الذي لن تؤثر في الوعي الجمعي للغالبية الساحقة من أبناء الأمة. بل إن سخفها ما لبث أن استدعى أصوات رفض التطبيع لتعاود نشاطها من جديد، قبل أن تمنحها قضية القدس بعد قرار ترامب دفعة أقوى.

نهرالنيل العظيم يتلاشي ويواجه العديد من التهديدات

نهرالنيل العظيم يتلاشي ويواجه العديد من التهديدات

السفير ابراهيم يسري

Ibrahim Youssri

دراسة مجموعة بجامعة هارفارد
نشرت في مدرسة ييل للغابات والدراسات البيئية
بي ريتشارد كونيف • أبريل 6، 2017
تحدت اثيوبيا جميع الاتفاقيات الدولية التي عقدت بينها وبين مصر واتفاقيات دولية سارية بحجة انها اتفاقيات استعمارية لكي تبني اضخم سد في العالم باسم سد النهضة الإثيوبية الكبرى وبدا بناء السد في عام 2010 لانتاج 6000 ميجاوات كهرباء ، وهو الآن على وشك الانتهاء،.
ويتعرض نهر النيل للخطر من ناحيتين الاولي نابعة من بناء سد ضخم في أعالي النهر في إثيوبيا و الثانية ارتفاع منسوب مياه البحر مما يؤدي إلى تسرب المياه المالحة إلى أسفل النهر. وتهدد هذه التهديدات المزدوجة مستقبل النهر الذي هو شريان الحياة للملايين.

وعلى الرغم من أن السياسيين والصحفيين يميلون إلى التقليل من شأن هذه الفكرة، فإن التدهور البيئي غالبا ما يكون سببا أساسيا للأزمات الدولية وهوالناشئ من إزالة الغابات والتآكل وانخفاض الإنتاج الزراعي الذي مهد السبيل للإبادة الجماعية في رواندا في التسعينات إلى الجفاف الطويل الذي دفع عشرات الالوف من السكان في المدن في بداية الحرب الأهلية السورية الحالية. 
ويمكن أن تصبح مصر أحدث مثال على ذلك، حيث أن 95 مليون شخص هم من المحتمل أن يكونوا ضحايا كارثة حركة بطيئة ناجمة عن سوء إدارة بيئي واسع النطاق.
وهو ما يحدث الآن في دلتا نهر النيل، وهي منطقة منخفضة تنطلق من القاهرة على بعد مئة ميل تقريبا من البحر. 
يعيش حوالي 45 أو 50 مليون نسمة في الدلتا، التي تمثل 2.5٪ فقط من مساحة الأراضي المصرية. 
ويعيش الباقون في وادي نهر النيل نفسه، وهو الشريط الأخضر المتعرج عبر مئات الأميال من الرمال الصحراوية، ويمثل 1 في المائة أخرى من إجمالي مساحة الأراضي في البلاد. على الرغم من أن الدلتا والنهر معا كانتا مصدر ثروة مصر وعظمتها، إلا أنها تواجه الآن هجوما لا هوادة فيه من كل من البر والبحر.

والتهديد الاخير هو بناء سد النهضة الضخم الذي يكتمل هذا العام على منابع النيل الازرق التي توفر 59 في المئة من المياه في مصر. وقد قامت الحكومة الوطنية الإثيوبية بتمويل ذاتي كبير لسد النهضة الإثيوبي الكبير الذي تبلغ قيمته 5 مليارات دولار، مع وعد بأنها ستولد 6000 ميغاواط من الطاقة. وهذا أمر كبير بالنسبة للإثيوبيين، الذين يفتقر ثلاثة أرباعهم الآن إلى الكهرباء. كما أن بيع الكهرباء الزائدة إلى بلدان أخرى في المنطقة يمكن أن يجلب أيضا بليون دولار سنويا في إيرادات النقد الأجنبي التي تشتد الحاجة إليها.

ويحقق سد النهضة هذه الفوائد الموعودة، ولكن نتيجتها ستكون منع تدفق حصص دول المصب مصر و السودان من مياه النهر ، ومن الواضح أن هذه سيلحق كارثة كبيرة لكلا البلدين - لدرجة أنه، وفقا ل ويكيليكس، تحدث مسؤولون حكوميون في القاهرة في مرحلة ما عن القصف الجوي أو غارة كوماندوز لتدمير السد.
ويجري بناء سد النهضة الاثيوبي الكبير على الحدود الاثيوبية السودانية على النيل الازرق الذي يوفر 59 في المئة من المياه في مصر.
وسينشئ السد خزان أكثر من ضعف حجم بحيرة ميد هوفر، أكبر خزان في الولايات المتحدة. وسوف تخزن في نهاية المطاف 74 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق. أو كمية المياه تحتاج إلى تغطية مائة الف ميل مربع من الأرض. 
و يستغرق امتلاء السد من خمس إلى 15 عاما.
وخلال هذه الفترة من التعبئة، اشارت دراسة جديدة في مجلة الجيولوجيا الأمريكية "قد ينخفض تدفق المياه العذبة النيل إلى مصر بنسبة 25 في المئة، مع فقدان ثلث الكهرباء الناتجة من السد اسوان العالي ". 
وهذا هو بالطبع سد مصر الكبير على نهر النيل، الذي أنجز في عام 1965، حوالي 1500 ميل في اتجاه النهر. وتقول الدراسة التي يقودها عالم الجيولوجيا في مؤسسة سميثسونيان جان دانيال ستانلي إن مصر تعاني من نقص خطير في المياه العذبة وتعتبر مصر هي بالفعل واحدة من أفقر الدول في العالم الآن من حيث توافر المياه للفرد الواحد.كما تعاني من نقص الطاقة في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2025. ويمكن أن تعاني الزراعة في الدلتا التي تنتج ما يصل إلى 60 في المائة من الأغذية المصرية من نقص في مياه الري.
وعلاوة على ذلك، توضح الدراسة أن السد الجديد هو واحد من سلسلة من التهديدات البيئية التي تواجه مصر حاليا. وارتفاع مستويات سطح البحر، الناجم عن تغير المناخ، هو أكثرها وضوحا. وجزء كبير من دلتا النيل ليس سوى متر أو أكثر من مستوى سطح البحر، وتوقع تحليل عام 2014 بقيادة عالم الجيولوجيا في جامعة أسيوط أحمد سيف النصر أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر سيؤدي إلى تقليص الدلتا بنسبة 19 في المئة، أي مساحة تعادل جميع ولاية لوس انجليس. 
هذا هو السيناريو المحافظ. وإذا ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد في هذا القرن، كما يعتقد كثير من علماء المناخ على الأرجح، فإن ثلث الدلتا يمكن أن يختفي تحت البحر الأبيض المتوسط.
 ولم يأخذ هذا التحليل في الاعتبار الآثار المحتملة للارتفاع الكبير الذي توقعته دراسة أجريت عام 2016 في معهد ’’ناتشر‘‘ الطبيعة.فضلا عن الأثر المتراكم عن انخفاض الأراضي في الدلتا، ولا سيما على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط. كما أن الدلتا تنحسر (وتصبح أقل خصوبة) لأنها لم تعد تتجدد سنويا بمقدار 100 مليون طن من رواسب الفيضانات من النيل. وبدلا من ذلك، تسقط هذه الرواسب الآن حيث يدخل النيل الخزان الذي أنشأه سد أسوان العالي. وهناك دلتا جديدة تشكل الآن هناك، ولكن تحت الماء.
وفي بحثه ، ارجع ستانلي سميثسونيان الهبوط في المنطقة يعود إلى استمرار الضغط من الطبقات الجيولوجية الكامنة والنشاط الزلزالي.
 وقال "ان المنطقة تعتبر مستقرة تكتونيا". ولكن الزلزال الذي يبلغ حجمه 5 أو أكثر يحدث كل 23 عاما هناك، و "أحداث الزلزال ذات الأصل الضحل والصغر" هي حالات متكررة. وعزت دراسات أخرى زيادة النشاط الزلزالي في المنطقة إلى وزن السد والمياه المخزنة وراءه.
وبالإضافة إلى فقدان شبه مؤكد من مساحة الأراضي في الدلتا، فإن الجمع بين ارتفاع مستوى سطح البحر وهبوط الأراضي سيزيد أيضا من تسرب المياه المالحة. مصر هي بالفعل من أفقر الدول في العالم من حيث توافر المياه للفرد الواحد؛ فإن لديها 660 مترا مكعبا من المياه العذبة سنويا لكل مقيم، مقارنة، على سبيل المثال، ب 9،800 متر مكعب في الولايات المتحدة. ولكن وفقا لدراسة سيف النصر، فإن تسرب المياه المالحة من ارتفاع متر واحد في مستوى سطح البحر يمكن أن يعرض للخطر أكثر من ثلث حجم المياه العذبة في الدلتا. يقول ستانلي: "إذا تحدثت إلى المزارعين في الدلتا الشمالية، فسوف يخبرون بأنهم فقدوا الإنتاج باستمرار، وأن المياه المالحة يتحرك نحو منتصف الدلتا. وهذا خطير جدا "، خصوصا مع تضاعف عدد سكان مصر خلال الخمسين عاما القادمة
مصر تعيش ازمة كبري:
فكيف ينبغي لمصر، مع اقتصادها المتعثر والتاريخ الحديث للاضطرابات السياسية، أن تعالج ما هي التحديات التي تهدد الحياة بشكل واضح؟ وعلى الرغم من الحديث المفرط عن تدمير السد الإثيوبي، فإن الحرب تبدو مستحيلة للغاية. وفي عام 2015، وقعت مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقا مشتركا بشأن عدم الإضرار، وفقط في يناير الماضي، اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أديس أبابا، على ما يبدو، مع رئيس الوزراء الإثيوبي هاليماريام ديسالين. لكنهما لم يتوصلا الي اتفاق رسمي حول كيفية تقاسم موارد النيل لا يزال مفتقرا.
ولكن يمكن لأثيوبيا أن تقلل من الأضرار المباشرة في المصب عن طريق إطالة الوقت اللازم لملء الخزان. ولكن هذا يعني تأخير فوائد السد، التي قد تكون إثيوبيا لديها بالفعل ذروة البيع. وقال اسفاو باين، وهو استاذ فى الهندسة الميكانيكية بجامعة ولاية سان دييجو، ان تدفق النهر سينتج الانتاج المقدر ب 6000 ميجاوات فقط خلال فترات الذروة
.
 ويلاحظ أن الشركة الإيطالية لبناء السد أجرت أيضا دراسات الجدوى الأولية، وهو تضارب واضح في المصالح بسبب احتمال تضخيم التكاليف والأرباح عن طريق تركيب طاقة فائضة. وتحسب بين أن تصنيفا يصل إلى 2000 ميغاوات قد يكون "مفرطا بعض الشيء".
ومن شأن جاجة اثيوبيا الملحة للحصول على عائد على استثماراتها أن يجعل إثيوبيا أقل احتمالا لقبول اي تاخير في المشروع. وقال هارى فيرهوفن، أستاذ السياسة الافريقية بجامعة جورجتاون، ان مصر فى اى حال لا تملك سوى القليل من الاساس للتفاوض حول صفقة مواتية. وقد أكدت دائما حقها في حصة الأسد من مياه نهر النيل، وإضفاء الطابع الرسمي على هذا الادعاء في اتفاقات مياه النيل لعام 1929، مع تجاهل اثيوبيا لاحتياجات بلدان المنبع. وقد زاد حسني مبارك من هذا الطيف خلال فترة حكمه الطويلة كرئيس مصر، مع أخذ دول حوض النيل الأخرى بالاعتراف والانسحاب الفعال من بقية أفريقيا. 
وقال فيرهويفين "من هذا المنطلق، من الصعب أن نشعر بالأسف لمصر.
وهكذا أعادت إثيوبيا بناء اقتصادها وأكدت سيطرتها على مياه النيل التي هي شريان الحياة في المنطقة.
وهكذا قامت حكومة "ذات كفاءة عالية" في إثيوبيا بإعادة بناء اقتصادها، وعملت ببراعة مع المصالح الأمريكية والصينية، وأطلقت ما وصفه فرهوفن بأنه "هجوم هيدرولوجي لإعادة ترتيب المنطقة"، وليس فقط من الناحية السياسية أو النظرية، ولكن على الأرض، من خلال التأكيد على السيطرة على مياه النيل التي هي شريان الحياة في المنطقة. 
وقد تكون الولايات المتحدة بمثابة وسيط نزيه للتفاوض على حل توفيقي بين مصر وإثيوبيا. وقد لعبت حتى وقت قريب دورا هاما وراء الكواليس مع كل من القاهرة وأديس أبابا
في هذه المرحلة، قال ستانلي سميثسونيان، مصر بحاجة إلى الاستثمار في تحلية المياه العذبة، مثل المملكة العربية السعودية، والري بالتنقيط الموفرة للمياه، مثل إسرائيل. وفي الوقت الذي تواجه فيه مصر الآن "أزمة منع الحمل"، فإن الاستثمار الحكومي الأفضل في تنظيم الأسرة سيساعد أيضا على المدى الطويل
فالنيل لم يعد حقه في ميلاده، ودلتا النيل تختفي تدريجيا في البحر، والملايين من الشعب المصري سوف تحتاج حتما للبحث في مكان آخر لمستقبل صالح للعيش.

’’ريتشارد كونيف هو الكاتب الوطني الحائز على جائزة مجلة مقالاته ظهرت في صحيفة نيويورك تايمز‘‘

.

درر من اقوال الشافعي

درر من اقوال الشافعي  

قال الشافعي في النصحية :
تعمدني بنصحك في إنفرادي ..... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ..... من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي ..... فلا تجزع إذا لم تعط طاعه

قال الشافعي في حفظ اللسان :

إحفظ لسانـــك أيها الإنسان ..... لا يلدغنك .. إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه ..... كانت تهاب لقاءه الأقران


ستة ينال بها الإنسان العلم :
أخي لن تنال العلم إلا بستة ..... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ..... وصحبة أستاذ وطول زمان

وقال الشافعي في فضل السكــوت :
وجدت سكوتي متجرا فلزمته ..... إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر ..... وتاجره يعلو على كل تاجر

القناعــة .. رأس الغنى  : 
رأيت القناعة رأس الغنى ..... فصرت بأذيالها متمسك
فلا ذا يراني على بابه ..... ولا ذا يراني به منهمك
فصرت غنيا بلا درهم ..... أمر على الناس شبه الملك
لا شيء يعلو على مشيئة الله .. قال الشافعي :
يريد المرء أن يعطى مناه ..... ويأبى الله إلا ما أراد
يقول المرء فائدتي ومالي ..... وتقوى الله أفضل ما استفاد

وقال الشافعي متفاخراً : 
ولولا الشعر بالعلماء يزري ..... لكنت اليوم أشعر من لبيد
وأشجع في الوغى من كل ليث ..... وآل مهلب وبني يزيد
ولولا خشية الرحمن ربي ..... حسبت الناس كلهم عبيدي

كم هي الدنيا رخيصــة ..
قال الإمام الشافعي :
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ..... يمسي ويصبح في دنياه سافرا
هلا تركت لذي الدنيا معانقة ..... حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها ..... فينبغي لك أن لا تأمن النارا


وفي مخاطبــة السفيــه قال :
يخاطبني السفيه بكل قبح ..... فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما ..... كعود زاده الإحراق طيبا

انظروا ماذا يفعل الدرهم ... صدق الشافعي حين قال :
وأنطقت الدراهم بعد صمت ..... أناسا بعدما كانوا سكوتا
فما عطفوا على أحد بفضل ..... ولا عرفوا لمكرمة ثبوتا

من أجمل ما كتب الشافعي في الحكمة :
دع الأيام تفعل ما تشاء ..... وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي ..... فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا ..... وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا ..... وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب ..... يغطيه كما قيل السخاء
ولا تر للأعادي قط ذلا ..... فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل ..... فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني ..... وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور ..... ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع ..... فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا ..... فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن ..... إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين ..... فما يغني عن الموت الدواء

فــرجـــت ... إن الله لطيف بعبــاده .. وقال :
ولرب نازلة يضيق لها الفتى ..... ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ..... فرجت وكنت أظنها لا تفرج

من مكارم الأخلاق .... قال :
لما عفوت ولم أحقد على أحد ..... أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته ..... لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه ..... كما إن قد حشى قلبي مودات

فضل التوكل على الله :
سهرت أعين ونامت عيون ..... في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهم ما استطعت عن النفس ..... فحملانك الهموم جنون
إن ربا كفاك بالأمس ما كان ..... سيكفيك في غد ما يكون
العلوم الدينية وعلوم القرآن :
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
وقال مناجياً رب العالمين هذه الأبيات الجميلة :
قلبي برحمتك اللهم ذو أنس ..... في السر والجهر والإصباح والغلس
ما تقلبت من نومي وفي سنتي ..... إلا وذكرك بين النفس والنفس
لقد مننت على قلبي بمعرفة ..... بأنك الله ذو الآلاء والقدس
وقد أتيت ذنوبا أنت تعلمها ..... ولم تكن فاضحي فيها بفعل مسي
فامنن علي بذكر الصالحين ولا ..... تجعل علي إذا في الدين من لبس
وكن معي طول دنياي وآخرتي ..... ويوم حشري بما أنزلت في عبس

إنهم عبـــاد الله .. قال الشافعي فيهم :
إن لله عبادا فطنا ..... تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا ..... أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا ..... صالح الأعمال فيها سفنا
القنـــاعة والتوكل على الله في طلب الرزق   :
إذا أصبحت عندي قوت يومي ..... فخل الهم عني يا سعيد
ولا تخطر هموم غد ببالي ..... فإن غدا له رزق جديد
أسلم إن أراد الله أمرا ..... فأترك ما أريد لما يريد

الصمت والكلام :
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم ..... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ..... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ..... وال*** يخشى لعمري وهو نباح
كيف تعاشر الناس وتعاملهم :
كن ساكنا في ذا الزمان بسيره ..... وعن الورى كن راهبا في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله ..... واحذر مودتهم تنل من خيره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحبا ..... أصحبه في الدهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شره ..... وتركت أعلاهم لقلة خيره

من هو الفقيه ؟
إن الفقيه هو الفقيه بفعله ..... ليس الفقيه بنطقه ومقاله
وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقه ..... ليس الرئيس بقومه ورجاله
وكذا الغني هو الغني بحاله ..... ليس الغني بملكه وبماله

لا تنطق بالسوء :
إذا رمت أن تحيا سليما من الردى ..... ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منك اللسان بسوأة ..... فكلك سوءات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معائبا ..... فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ..... ودافع ولكن بالتي هي أحسن

من عرف الدهر :أرى حمرا ترعى وتعلف ما تهوى ..... وأسدا جياعا تظمأ الدهر لا تروى
وأشراف قوم لا ينالون قوتهم ..... وقوما لئاما تأكل المن والسلوى
قضاء لديان الخلائق سابق ..... وليس على مر القضا أحد يقوى
فمن عرف الدهر الخؤون وصرفه ..... تصبر للبلوى ولم يظهر الشكوى

صدق الشافعي حين قال أن الدهر يومان :
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر ..... والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف ..... وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها ..... وليس يكسف إلا الشمس والقمر

كل هذا أفضل من مذلة السؤال :
لقلع ضرس وضرب حبس ..... ونزع نفس ورد أمس
وقر برد وقود فرد ..... ودبغ جلد بغير شمس
وأكل ضب وصيد دب ..... وصرف حب بأرض خرس
ونفخ نار وحمل عار ..... وبيع دار بربع فلس
وبيع خف وعدم إلف ..... وضرب إلف بحبل قلس
أهون من وقفة الحر ..... يرجو نوالا بباب نحس