الثلاثاء، 29 سبتمبر 2020

 هل مصر حرة في علاقاتها مع تركيا؟

ياسين أقطاي

مستشار الرئيس التركي

جمعت بين دول شرق المتوسط اتفاقيات وتحالفات مثيرة للاهتمام لأعوام طويلة تقاسمت من خلالها أهدافا مريبة، ويبدو أن تركيا هي الدولة المستهدفة في سواحل البحر الأبيض المتوسط من خلال هذه الاتفاقيات، فبعض الدول التي سعت لأن تكون جزءا من هذه التحالفات، مثل فرنسا، أصبحت بالفعل طرفا في هذه الاتفاقيات، وأضحت لها اليد العليا في كل ما يخص شؤون شرق المتوسط، في حين أن لا أحد يأخذ بعين الاعتبار موقف تركيا مما يحدث ناهيك عن أنه لا أحد يكترث لما تريده. كما تهدف جميع هذه الاتفاقيات بشكل أساسي إلى تضييق الخناق على تركيا إلى أن تصبح عاجزة حتى عن اصطياد الأسماك في مجالها البحري.

 

من المعروف أن تركيا من بين الدول التي تملك أطول ساحل على البحر الأبيض المتوسط؛ لكن مع ذلك يتم تجاهلها عندما يتعلق الأمر بما يحدث في سواحل المتوسط، وقد استمر ذلك حتى توصلت تركيا إلى اتفاق مع ليبيا، وكشفت عن مبادرة ترسيم الحدود مع اليونان، الأمر الذي أثار الاعتراضات والاحتجاجات.

فرنسا، على سبيل المثال، التي لا تملك أي حق في شرق المتوسط تمكنت من خلال اتفاقيات قديمة من الخروج بمكاسب أكثر من مصر، ومن خلال توقيعها على اتفاقية مع اليونان، حكمت مصر -بالنيابة عن شعبها- على نفسها بالموت.

واجهت تركيا هذه الاعتراضات بشكل موضوعي من خلال البراهين والأدلة الدامغة، وبذلك تكون قد قوضت فكرة الأحقية بالتقادم لتُحبط مساعي هذه الدول. خلال هذه المرحلة، خاطبت تركيا كل دولة على حدة، ووضّحت الأسس القانونية لكل مسألة. فالقضايا الخلافية بين تركيا واليونان تختلف عن تلك التي تجمع تركيا وإسرائيل، وينطبق الأمر ذاته على المسائل العالقة بين تركيا والغرب، أو بين تركيا ومصر. وقد تمكنت تركيا من توضيح ذلك لكل طرف بلغة يفهمها ورسم حدود كل قضية وطبيعتها.

 

يندرج الخلاف مع مصر ضمن المسائل العالقة التي تتعامل معها تركيا، أما موقف نظام السيسي المتحدث باسم مصر بخصوص ما يحدث في البحر الأبيض المتوسط لا يخلو من الغرابة. ومن خلال هذه الاتفاقيات، تسعى كل دولة لخدمة أكبر قدر من مصالحها باستثناء مصر، التي تشارك من خلال التنازل عن جزء كبير من حقوقها لصالح أطراف أخرى.

 


فرنسا، على سبيل المثال، التي لا تملك أي حق في شرق المتوسط تمكنت من خلال اتفاقيات قديمة من الخروج بمكاسب أكثر من مصر، ومن خلال توقيعها على اتفاقية مع اليونان، حكمت مصر -بالنيابة عن شعبها- على نفسها بالموت.

 

بالنظر إلى السبب الذي يقف وراء إيقاع مصر لنفسها في هذا المأزق، من الواضح أن الوقوف ضد تركيا كان مغريا، وفيما يتعلق بهذه النقطة بالتحديد، بعث الزعيم التركي رجب طيب أردوغان رسالة إلى مصر أوضح فيها أن الخلافات المعروفة مع السيسي لا تحتم على مصر تبني مثل هذا الموقف، الذي من شأنه أن يضر بحقوق المصريين في البحر المتوسط، مشيرا إلى أنهم غير مجبورين على ذلك، وقد وصلت هذه الرسالة من خلال قنوات تواصل استخباراتية لم تنقطع يوما.

 

لا يعني وجود بعض الخلافات مع مصر انقطاع التواصل أو غياب التفاهم أو انعدام المكاسب المشتركة بين الدولتين في بعض المجالات، وهو ما ينطبق على نزاعات تركيا مع كل من روسيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية، الذي لا يعني أنه لا تجمعها مصالح مشتركة واتفاقات تعاون ومبادلات تجارية.

 

كان لهذه الرسالة صدى، وكثر الجدال حولها في وسائل الإعلام الموالية للسيسي، وقد أوّلها بعض السياسيين على أنها علامة على أن تركيا عادت أخيرا لتقف في صف مصر، وأنها تحاول التودد إلى مصر، لدرجة البدء بتحضير قائمة بالمطالب لقبول العرض التركي.

 

في سؤاله عن هذا الموضوع، أجاب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، "الكلمات اللطيفة لا تكفي، إننا ننظر إلى الأفعال"، وهو يقصد بذلك انسحاب تركيا من سوريا والعراق وليبيا، وعلى الرغم من أن هذه القضايا لا شأن لمصر بها؛ إلا أن هذه المطالب تعكس في الواقع مطالب الدول الممولة لها، وكانت هذه فرصة لطرحها.

ينطبق على هؤلاء المثل التركي القائل "الدجاجة الجائعة ترى عنابر القمح في أحلامها"، فبأي أحلام غاص هؤلاء حتى يروا أردوغان يسلم هؤلاء الأبرياء الذين لجؤوا إليه إلى هذا النظام الظالم بعد ما عانوه من قهر وقمع في بلادهم؟ وما هي الحالة النفسية، التي تسيطر عليهم لدرجة جعلتهم يحلمون بأن أردوغان يعتذر من السيسي؟

من فرط الحماس تجاه هذه الفكرة، بدأ ممثلو الوسط الإعلامي بتقديم شروطهم قبل السياسيين، التي تنطلق من موقف تركيا من مصر، على غرار المطالبة بتسليم المعارضين السياسيين، الذين فروا إلى تركيا، إلى النظام المصري، وإغلاق جميع القنوات التي أسسوها في إسطنبول؛ بل تمادى البعض منهم لدرجة المطالبة باعتذار الرئيس أردوغان من السيسي.

 

ينطبق على هؤلاء المثل التركي القائل "الدجاجة الجائعة ترى عنابر القمح في أحلامها"، فبأي أحلام غاص هؤلاء حتى يروا أردوغان يسلم هؤلاء الأبرياء الذين لجؤوا إليه إلى هذا النظام الظالم بعد ما عانوه من قهر وقمع في بلادهم؟ وما هي الحالة النفسية، التي تسيطر عليهم لدرجة جعلتهم يحلمون بأن أردوغان يعتذر من السيسي؟ وكيف لشخص مثل السيسي، الذي لم يتردد في قتل الآلاف من أبناء شعبه بلا رحمة، وتدمير حياة الملايين من المصريين أن ينتظر الاعتذار من أحدهم في الوقت الذي هو مطالب فيه بالاعتذار من شعبه في المقام الأول؟

 

على النقيض مما وقع تأويله، كان المقصود من رسالة أردوغان أن مصر تظن أنها بالوقوف ضد تركيا تستطيع إلحاق الضرر بمصالحها؛ لكنها في الحقيقة لا تضر سوى نفسها، ونحن نكن الاحترام للشعب المصري وتاريخه وهويته والقيم التي يمثلها.

 

إن الاتفاق المصري اليوناني يضر بمصلحة مصر بشكل واضح، ولا يضر بأي شكل من الأشكال بتركيا؛ لأنه لا يعنيها في شيء، ولا داعي لمثل هذه التصرفات اللاعقلانية من قبل الإدارة المصرية الحالية؛ لأنها بذلك يتضر شعبها وتاريخها وجيشها بشكل كبير، ومن الواضح أنها لا تسير وفق خطة سياسية موضوعة من قبلها، وإنما يحرّكها توجيهات خارجية، ناهيك عن أنه لا فائدة ترجى لتركيا من إقامتها علاقات مع نظام السيسي في الوقت الحالي لعدة أسباب من بينها غياب بيئة اقتصادية تشجع على الاستثمار.

 

إن الوضع الذي وصلت إليه مصر تحت إدارة السيسي واضح للعيان -استفحال الفساد والقمع وسوء الإدارة وتدخل الدولة في كل مجال- والقوانين التعسفية لم تترك بيئة آمنة للاقتصاد، والهدف الأساسي من هذا النوع من الانقلابات كان ضمان وصول هذا الدكتاتور إلى السلطة، وليس تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، وكل هذا يعني أن لا أحد سيتضرر من غياب العلاقات مع مصر.

 

لا تتمتع مصر اليوم باستقلال حقيقي يسمح لها بممارسة سياستها الخاصة، ما يحرمها من الإرادة الحرة، التي تمنحها حق اختيار إنشاء علاقات مع تركيا تخدم مصالحها؛ لهذا السبب، يقحم السياسيون المصريون أنفسهم في مسائل أساؤوا فهمها خدمة لمصالح الداعمين لهم، وذلك من خلال المطالبة بتحقيق أجندات بعيدة كل البعد عن الشأن المصري، وهم بهذا الشكل يحاولون ترفيع مكانتهم لدى الأطراف المانحة، ويُعلنون بأمر من المحور الممول لهم عن طي صفحات مرحلة لم تبدأ بعد.

متلازمة حبة العدس!

 متلازمة حبة العدس!

عندما اقتحمتْ جيوش السلطان محمد الفاتح مدينة القسطنطينية، وجدوا فيها مجموعة من الفلاسفة قد احتدم النقاشُ بينهم حول حبة عدس، أيٌّ هو وجهها وأيٌّ هو قفاها!
في الحقيقة لم تسقط القسطنطينية تحت نيران مدافع السلطان العظيم محمد الفاتح فقط، لقد كان هؤلاء الفلاسفة المنشغلون بالتوافه جنوداً في جيشه من حيث لا يدرون!
وما أشبه النُخب الثقافية في بلادنا اليوم بفلاسفة حبة العدس في القسطنطينية قديماً!

الحُكَّام سائرون في التطبيع مع دولة الصهاينة، وما نكاد نلملم خيبتنا من تطبيع، حتى تباغتنا دولة أخرى بتطبيع جديد، والحَبْلُ على الجرَّار!
ثم ننظرُ حولنا، فإذا الأزهر يُفتي في حكم وصل الشعر، وصبغ الرموش، ولعبة بوبجي!
هيئة كبار العلماء نائمة نومة أهل الكهف من دون كلب يحرسهم، فما داموا نياماً فلن يقربهم
أحد، ورحم الله أحمد بن حنبل!
برامج الطبخ وتفسير الأحلام مستعرة في قنوات التلفزة، لأن ثمة من يريدنا شعوباً طيِّبةً تأكلُ
وتنام!
خطب الجمعة عن أحكام الحيض والنفاس، وطرق الوقاية من فايروس كورونا! صار الخطباء إما أطباء نسائيين، أو أطباء صحة عامة، ومرض هذه الأمة بالذل والخنوع لا تجد له طبيباً ! ثم إذا ما كثر الحديث على المنابر عن طاعة ولي الأمر، فاعلمْ أننا على أبواب تطبيع!
ثم ماذا؟ هناك فتح علمي عظيم وأحافير، ونظرية تطور، وعظام لوسي، وفخاذ الديناصورة ميمي، والشيء بالشيء يُذكر، والوجع الذي لا يُبكيك يُضحكك، أمسكَ ديناصور بيد حبيبته الديناصورة، فقالت له : تأدب
فقال لها: واللهِ ما انقرضنا إلا من زود أدبك!
ثم إنَّ الجُبن له وجوه عدة منها زود الأدب!
يقول العز بن عبد السلام: من دخل قرية فشا فيها الربا، فخطب فيها عن الزنا فقد خان الله ورسوله!
رحمكَ الله يا سلطان العلماء، لقد تركنا الحديث حول هذه الأشياء الثانوية، نحن نناقش قضايا مفصلية، نريد أن نعرف من أتى أولاً البيضة أم الدجاجة، الشجرة أم البذرة، وحبة العدس من الضروري أن نعرف وجهها من قفاها، فطلب العلم فريضة!

جمهورية فيروز

جمهورية فيروز


مهنا الحبيل

لأجيال ممتدّة ولا تزال، وقفت صفوف الشباب العربي، وكهوله وشيبهم، في مسرح فيروز، ليس الخشبة المنصوبة في بيروت، ولا في دمشق بعد الحرب الأهلية، وإنما منصّة السماع الممتدة على كل أرض الوطن العربي، العابرة إلى كل ركن من المهجر، المستقرّة في وجدان المهاجرين من مواطني الأرض الجديدة، في قارّات العالم، وأين وضع العربي معطف الرحيل، تحمله آماله القلقة، وهو يطوي الأرض لنجاحٍ مختلف، أو استذكر آلام الشرق ونزف جراح القلوب، وهو يغني في ضميره لقطره العربي، من الإحساء إلى المغرب، موطني.. موطني.
ظلّت فيروز عبق العطر الأصيل، والذوق الرفيع، ونديم السماع الفاخر، والشخصية البالغة الاحترام، المترفعة عن سفاهة الفن الهابط، أو طباع بعض الفنانين المنحطّة، أو تفاهتهم، وما أكثرهم، فكانت تُكسِب العائلة العربية مع غنائها رداءً من الأدب، وصوتا عذباً ومقامات طرب مذهلة، يبدع فيها الرحابنة، فلا يُهتك مقام الفن الراقي، ولكنّ الناي يبقى خالداً حتى يطوي الله الزمن لحياة أخرى، أو خلودٍ آمن به أهل الكتاب، أو استقر في روح الفرد.
كانت فيروز، ولا تزال، دلالة الرومانسية العربية العذبة، الأرّق أمام موسيقى العالم، ومن يُنكر فليسمع لفيروز في أندلسياتها، أو في رقائقها اللبنانية، وإنْ بقيت الفصحى مشرقةً باذخةً في كنف جمهورية فيروز، هذه الجمهورية لم تشترط على العرب هجران غنائهم المحلي، ولا أذواقهم المتعدّدة، لكن فيروز بقيت توحّدهم، لساناً وروحاً عربية، تهدهد رأسها في أرضهم، ولو قُطّعت الأوطان وسار المعذّبون في نواحيها، غير أنهم مع صوت فيروز يعودون إلى ذلك الحنين

يقولون إن الرحابنة أخذوا من سيمفونيات العالم، فرددتُ عليهم لقد زينّاها بصوت فيروز وروح غنائها


ظل الفيلسوف المسلم الكبير، علي عزت بيغوفيتش، يتنقل، مع قرّائه، في إبداع النحت الفني في الكنائس، دلالة لعقل الروح يربطها بالإيمان، ويستعرض، مع القرّاء، سيمفونيات بتهوفن وموزارت، وكيف أن هذه الروح، في سماعها، وفي نسجها وتعدّدها، وإبداعها الموسيقي، تملك دلالة لهذا الخالق، التي لا يمكن أن تأتي من صدفة ذوق صخري مادي. وكنتُ أقول في نفسي، يا شيخ البوسنة، ومؤسس عهدها التصالحي الإنساني الديمقراطي، ماذا إذن لو سَمعتَ صوت فيروز في هزيع موسيقاها؟
ويقولون إن الرحابنة، أخذوا من سيمفونيات العالم، فرددتُ عليهم لقد زينّاها بصوت فيروز وروح غنائها. غنّت فيروز للسيد المسيح ولشقيقه النبي العربي الأمين، هتفت لكنيسة القيامة، وصرخت للمسجد الأقصى ضد المحتلين، واحتفظت بمسافتها مع كل العرب، وأعطت درساً حين يَسكتُ الفنان الكبير، لأن حجم مكانته أكبر من هذر السفهاء، وصمته أعمق منهم، واحترامه جمهوره أكثر نبلاً وأخلاقاً، فَوَحدّتنا وإن بقي لها حقّ في انتمائها الديني، في أرض الأرز وأحياء الأشقاء المسيحيين.

إلى شيخ البوسنة، ومؤسس عهدها التصالحي الإنساني الديمقراطي، بيغوفيتش: ماذا إذن لو سَمعتَ صوت فيروز في هزيع موسيقاها؟


وأما تديّنها فانا أراه، كمسلم، من فصول الأدب اللاهوتي الذي يحمل النفس على التأدّب مع الله في عياله، وكل الخلق عيالٌ على مائدة الرب، حين نُحسن التعبد التوحيدي له، وفارقنا العقدي لا يمنع صلتنا القيمية، من دون أن نجتمع في الغناء الديني، لكننا نتّحد في غناء الروح وطرب النفس لدستور فيروز.
الغناء الفيروزي اليوم حاجة عالمية، ودفق وجدان إنساني يحتاجه العالم، لا العرب وحسب، فالأرض تعيش فجوراً صاخباً، والرومانسية والعاطفة المقدّسة التي أنزلها الله على الأرض لتكون سكينة ماطرة، يطاردها توحّش الرأسمالية، وعذابات الحداثة المختلة، فيُخطف الصبايا من قلوب الشباب، وتُنقض عرى العلاقة المقدسة بين الذكر والأنثى، باسم المثلية القهرية والجندر المادي المدمر. وكما كانت فيروز تُهدي المحبين لحظاتٍ لعلاج غضبهم، وتحويل الخلاف على روضة أعياد العشق المجدّد، فإن صوتها اليوم لهبُ الضمير لمن كان له عقل وهو بصير، لو فكّر في عنف ذكوري، أو مارسه مرّة، فعاد ليتوب إلى تعاليم التدين الحق، ولكن فيروز تحمله على بساط الريح الجميل الرائق الذائق، حتى تتهادى الأجساد، بعد أن تتغازل القلوب بين العشّاق، في بيت الزوجية والمحبة الفطرية.

كانت فيروز، ولا تزال، دلالة الرومانسية العربية العذبة، الأرّق أمام موسيقى العالم، ومن يُنكر فليسمع لفيروز في أندلسياتها، أو في رقائقها اللبنانية


هل أستثني فيروز أمام هذا كله بسبب زيارة الرئيس الفرنسي؟ كلا.. فقبل فيروز سطّر المشرقي الكبير، جبران خليل جبران، دستوراً فارقاً، وترك نبوءته الأدبية مغروسةً بين الأجيال، لكن توقيعاتها عربية، على الرغم من أن حبر قلبه كان يخفق من باريس، بروح الاعتزاز العربي وقيم الشرق التي اتحد عليها دعاة الدين الأخلاقي، كما كان جبران يراه، فتمسّك جبران بكل فخر مُدلّل وحرّر مرجعيته، على الرغم من أنه هضم أدب الغرب وغناءه ومسارحه وفلسفة تصوّفه، ثم قال: إلا أنني لا أراه إلا تلميذاً صغيراً في قدّاس الشرق... ووعظنا في تركيا العثمانية، وقال لهم: إنني لا أكره الإخوة الأتراك، ولكني أكره الاستبداد العثماني... ثم خاطبنا، عربا ومسلمين، بأن النبي العربي محمد، صلى الله عليه وسلم، في شق قلبه، والسيد المسيح، عليه السلام، في شقه الثاني، فكما وحّدنا جبران، برسائله العربية، من باريس، فنحن نتّحد في عروبتنا ضد الإرث الفرنسي، من الجزائر إلى الشام، من دون أن نغلق باب التنوير الرشيد بين بيروت وباريس، لكن باسم العدالة الإنسانية، لا الاستعلاء أو الوصاية.
ولن أقول لفيروز ولكن.. بل أقول إنني أتفهم استقبالها الرئيس الفرنسي، في مقام من يريد أن يتشرّف بفيروز، وهذا ضمن برتوكولات الزمن في أروقة الزعماء الكبراء، وإن كنتُ لا أرى ماكرون نموذجاً نبيلاً في شخصه، لكنه رئيس جمهورية محتشدة العتاد، جاء لزيارة جمهورية الذوق والفن والغناء العالمي الراقي، فاستقبلت جمهوريتنا الفيروزية الجمهورية الفرنسية. وقد كانت فيروز مكرّمة في قلوبنا، كشعب عربي، لكن الاستبداد الرسمي في أرضنا العربية خذلها كما خذلنا، ولا يزال تكريمها المستحقّ وساما يُضفي على من كرّمها مجداً، قبل أن تُقلَده فيروز، ويا له من أملٍ كبير، ذلك اليوم الذي يولد فيه حلم النهضة العربي، برئيسٍ منتخب من دون وصايةٍ شرقية ولا غربية، يحتفي بفيروز وقد توحدت جمهوريتها مع أرض الحرية العربية.

فيديو اليوم

فيديو اليوم
الكونجرس دفع 200مليون $ لحذف هذا الفيديو  
لكن الهكر الجزائري استطاع الاحتفاظ به...

الاثنين، 28 سبتمبر 2020

صورة وتعليق


وزير العدل فى جامبيا ، السيد أبو بكر تامبادو  (Abubacarr M. Tambadou)
من أفريقيا انتصر لشعب ميانمار في أقصى شرق آسيا فتم استدعاء رئيسة وزراء بورما (الحاصلة على نوبل للسلام) إلى محكمة العدل الدولية.

كيف بدأت القصة؟
في مايو/أيار 2018، كان يُفترض أن يحضر وزير خارجية غامبيا الاجتماع السنوي لمنظمة التعاون الإسلامي في بنغلاديش، لكنه اعتذر باللحظات الأخيرة وأرسل بدلاً منه وزير العدل أبوبكر تامبادو، الذي يشغل أيضاً منصب النائب العام في غامبيا منذ 7 فبراير/شباط 2017.

وفي أثناء حضوره اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي على رأس وفد بلاده، استمع تامبادو إلى قصص حول مأساة الأقلية المسلمة "الروهينغا" في ميانمار المجاورة لبنغلاديش، وذلك ضمن مناقشة مشكلة اللاجئين، وزار مع وفد من المنظمة معسكر كوكس بازار للاجئين من الروهينغا، حيث هرب نحو مليون شخص من الجرائم التي يرتكبها جيش ميانمار بحقهم.

وأمام محكمة العدل الدولية، الثلاثاء 10 ديسمبر/كانون الأول، افتتح تامبادو كلمته بعبارة: "كل ما يتطلبه انتصار الشر هو أن يقف الخير مكتوف الأيدي لا يفعل شيئاً"، مضيفاً أنه يتعين على قضاة محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة التحرك لوقف الإبادة الجماعية الجارية لأقلية مسلمي الروهينغا في ميانمار.

"إن كل ما تطلبه غامبيا هو أن تقولوا لميانمار أن تكفَّ عن أعمال القتل الغاشمة تلك، أن توقف هذه الأفعال الهمجية والوحشية التي أفزعت -وما زالت تفزع- ضميرنا الجماعي، أن توقف هذه الإبادة الجماعية لمواطنيها".

تحية لرجال غاروا لدينهم ولم يعطوا الدنية

المسافة صفر - رسائل سيتا الجزء الأول

برنامج: المسافة صفر

رسائل سيتا الجزء الأول

عبر وثائق سرية.. "المسافة صفر" يكشف تورط الإمارات والسعودية في دعم مراكز بحثية وحسابات وهمية لمهاجمة قطر والتخطيط لغزوها

كشف برنامج "المسافة صفر" (2020/9/27) عن وثائق وبيانات ومعلومات جديدة تكشف شبكات منظمة تعمل في إطار من السرية على فبركة القصص والأخبار الكاذبة، وشن حملات إعلامية مضللة تستهدف دولة قطر وحلفاءها.
التحقيق الاستقصائي، الذي يحمل عنوان "رسائل سيتا"، عمل خلال أكثر من عام ونصف العام على تتبع مصادر الأخبار الكاذبة والفيديوهات المزيفة. وتمكّن فريق البرنامج من اختراق إحدى هذه الشبكات والوصول إلى القائمين على إدارة منصات إلكترونية مضللة.
وفي هذا الصدد، قال مدير مبادرة الشفافية في مركز السياسة الدولية بن فريمان إنه كانت هناك مراكز أبحاث (ممولة من الإمارات والسعودية) في الولايات المتحدة الأميركية تنظم مؤتمرات ضد قطر قبل إعلان الحصار عليها، في حين تتم الإشادة بدور السعودية والإمارات في مواجهة الإرهاب. وبذلك يتم التأثير على أعضاء في الكونغرس بغية اتخاذ قرارات تضر بمصالح قطر.
وأشار إلى أن السعودية والإمارات دفعتا مبالغ مالية طائلة لمراكز أبحاث في واشنطن، موضحا أنه في المقابل تحصل هذه الدول على خدمات عدة كعقد مؤتمرات تخدمها أو نشر أوراق بحثية تخدم مصالحها الخاصة.
ويكشف الفيلم في جزأين عن آلية عمل هذه الشبكات على وسائل التواصل الاجتماعي، وكواليس تحركات مراكز بحثية في واشنطن ممولة من الإمارات للتحريض على قطر، وكيف عملت مع دول الحصار للتنسيق فيما بينها بالتزامن مع اختراق وكالة الأنباء القطرية وإطلاق حملات إلكترونية منظمة لمهاجمة قطر.
من جانبه، اعتبر زيد جيلاني صحفي التحقيقات في صحيفة إنترسيبت (The Intercept) الأميركية أنه إذا كانت الإمارات قادرة على إقامة علاقات مع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، التي لها علاقة بالكونغرس، فإنها بهذه الطريقة تؤثر تأثيرا فعالا على أعضاء الكونغرس بشكل غير مباشر.
كما كشف الفيلم أن تركيز مؤتمر مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على قاعدة العديد العسكرية بقطر لم يكن وليد الصدفة، فقد كشفت إحدى الرسائل الإلكترونية بين وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت غيتس وسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة قبل يوم واحد من المؤتمر عن تحريض واضح من ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد على قطر ليفتح عليهم "أبواب الجحيم" كما جاء في الرسالة.
من جهته، قال وزير الدفاع القطري خالد العطية إن علاقات قطر وأميركا لا تحكمها تحركات مراكز بحثية من دول أجنبية، بل هي علاقة تحالف إستراتيجي مبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مشددا على المجهودات الكبيرة التي تبدلها دولة قطر لمحاربة الإرهاب.
وأضاف العطية أن هناك أدلة استخباراتية وثقها رؤساء دول تثبت أنه كانت هناك نية للقيام بغزو عسكري لدولة قطر.
اعلان
وبخصوص سيناريو اختلاق الأزمة عام 2017، أوضح الباحث المتخصص في العلوم الإنسانية الرقمية مارك جونز أن الذريعة التي اختلقت للأزمة الخليجية بدأت بقرصنة شبكة تلفزيون قطر ونشر أخبار كاذبة وإطلاق آلاف الحسابات المزيفة على تويتر وفيسبوك لخلق رأي عام وهمي داعم للحرب.
ولكن المثير هو اعتماد سياسة التضليل المعلوماتي لخلق الذريعة، فلم يقتصر الأمر على اختراق الموقع الإخباري فحسب، بل وصل لخلق أشخاص وهميين لرسم الدعم الشعبي الكاذب للحرب.
وأوضح أن أغلب الحسابات التي كانت تغرد على وسم "قطر تدعم الإرهاب" تم إنشاؤها في شهر فقط قبل اندلاع الأزمة. مع العلم أن هذه الحسابات لم تكن لديها أي أنشطة أخرى، بل إن أغلبها متخصص فقط في مهاجمة دولة قطر، ولذلك فهي جزء من حملة ممنهجة كانت معدة سابقا، وقد أعطى شخص ما الضوء الأخضر لانطلاقها.

مع الدكتور .عبدالعزيز الخزرج الأنصاري

 تعليق على قتل صيادين من غزة على يد البحرية المصرية