‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات رأي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات رأي. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 17 ديسمبر 2023

أقــــلام حرة

أقــــلام حرة





ما زال كثير من المصلحين ومن يقدّمون مشروعات تجديدية بل ومن المجاهدين يفعلون ذلك من داخل (دار الندوة)..
لهذا سرعان ما يُستنزَفون ويُخترَقون وتنكشف مساراتهم وتستحوذ عليهم الجاهلية (=الحداثة) ومؤسساتها وتهيمن عليهم مفاهيمها وتصوراتها ونماذجها ومقارباتها.

إن المنهج القرآنيّ والنبويّ واضح ويسير وعمليّ..خلاصتُه أن يقوم المجددون والمصلحون والمجاهدون بتأسيس (دار الأرقم)..
وأن تنطلق جميع مشروعاتهم من تحت سقفها ومن بين جدرانها..
وأن يعتزلوا مع من يتبعهم (دار الندوة) ويفاصلوها..

لا يجوز أن يُتْلى القرآن في محراب الشيطان..ولا أن تُقام الصلاةْ في معابد هُبل والعزى واللّاتْ..

عندما يتمّ تفعيل منهج (دار الأرقم) سيُصبح لكل خطوة وفكرة ومبادرة ومسار معنى وجدوى..
وستكون الخسائر جانبية لا تصيب مشروع الإحياء والتحرّر والنهضة في (مقاتله)..
وإن كانت قد تؤذيه وتصيبه في بعض (مفاصله)..
ومن لم يستبِنْ سبيلَ المجرمين..عُمِّيتْ عليه سبيل المؤمنين..
فإذا شرح الله صدرك..فاعزم..وتوكّل على الله..وانفض يدك مِن كلّ مَن يطوف بدار الندوة والشيطانُ من أكبر مستشاريها..ونُخب الجاهلية كلها مجتمعة في أروقتها.
والله غالب على أمره.

الأحد، 2 ديسمبر 2018

مارك هيل يصفع مُهرْولي الخليج!

مارك هيل يصفع مُهرْولي الخليج!

حسين لقرع
بعد أيام قليلة من شروع البرلمان الإيرلندي في إجراءات التصديق على مقترح قانونيٍّ يقاطع منتَجات المستوطنات، ألقى المحللُ السياسي الأمريكي مارك لامونت هيل كلمة في الأمم المتحدة دعا فيها إلى “تحرير فلسطين من النهر إلى البحر”، وإلى مقاطعة الاحتلال وسحب الاستثمارات الدولية منه وفرض العقوبات عليه!
وكلّف هذا الموقفُ القويّ، مارك هيل خسارة منصبه في “سي أن أن”، وهو أمرٌ منتظر في بلدٍ عوّدنا على الانحياز المطلق إلى الاحتلال الصهيوني وتبني جميع أطروحاته العنصرية في فلسطين، كما شنّ اللوبيُّ اليهودي بأمريكا حملة ضارية عليه، اتهمه خلالها بـ”معاداة السامية” و”الدعوة إلى تدمير إسرائيل وقتل اليهود”، وغيرها من التهم الجاهزة التي عوّدنا اليهودُ على إطلاقها على كل من ينتقد جرائم الاحتلال في فلسطين وينصر أهلها المضطهَدين المحاصَرين.
كان يمكن لمارك هيل أن يصمت عن قول الحقّ للحفاظ على منصبه ومكاسبه، لاسيما أنه غير عربي وغير مسلم، وليس ملزَما بمعارضة جرائم الاحتلال ولا تأييد الحق الفلسطيني، ولكنه لم يستطع مواصلة الصمت على استمرار الاحتلال في خطواته الرامية إلى ابتلاع فلسطين كلها، والاستئثار بالقدس، وإرغام أصحاب الأرض على القبول بالحكم الذاتي في الضفة ودويلةٍ هزيلة في غزة وجزءٍ من سيناء في إطار “صفقة القرن” المشؤومة، أو “السلام الإقليمي” المزعوم الذي يروّج له المطبِّعون بلا حياء، فقالها مارك مدوّية وهو يعرف أن الثمن سيكون منصبه وربما مستقبله: أرض فلسطين تمتدّ من النهر إلى البحر وليس للاحتلال فيها أيّ حق ويجب أن تتحرر كلها!
في مستهلّ أفريل الماضي، صدم وليُّ العهد السعودي محمد بن سلمان 1.7 مليار مسلم حينما قال لمجلةٍ أمريكية: “إن لليهود الحقّ في أن يعيشوا بسلامٍ على أرض أجدادهم؟!”، ليُضفي بذلك شرعية مزيّفة على الاحتلال ويطعن الفلسطينيين في الظهر، مع أن الاعتراف بهذا “الحق” المزعوم سيشجّع الصهاينة على المطالبة أيضاً بـ”حقهم” في خيبر ويثرب بالحجاز، وفي مناطق عربية عديدة استوطنوها في فتراتٍ معيَّنة من التاريخ، وكان ذلك بمثابة ضوءٍ أخضر للذباب الإلكتروني السعودي والخليجي الذي شنّ حملة قذرةً حقيرة لم يتوانَ فيها عن شيْطَنة المقاومة الفلسطينية التي “تنازعُ اليهودَ حقَّهم التاريخي بفلسطين”، حتى خُيّل إلينا أنّ من يتحدّث هم الصهاينة المحتلون وليس صهاينة العرب!
دعوة مارك هيل إلى “تحرير فلسطين من النهر إلى البحر” هي جرعة معنوية للفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال بالمظاهرات والبالونات الحدرقة والدهس بالسيارات والتشبّث بالأرض… وهي أيضاً صفعة قويّة إلى مهرْوِلي الخليج الذين لم يعودوا يخجلون من إخراج لقاءاتهم بالصهاينة من السرّ إلى العلن واستقبال قادتهم الذين تلطخت أيديهم بدماء أطفال غزة، وكذا وزرائِهم ووفودِهم الرياضية في عواصمهم، والسماح لفاجرات الاحتلال بتدنيس مساجدهم…
في أمريكا، يضحّي الشرفاء بمناصبهم من أجل كلمة الحق ويعرّضون أنفسهم لحملاتٍ حاقدة قد تقضي على مستقبلهم، وفي الخليج يدخل المهرولون في “منافسة” مخزية شعارها: أيُّهم يكون أسبقَ إلى بيع فلسطين والتطبيع مع الاحتلال والإلقاءِ بالمودّة إلى اليهود حتى يُرضي أمريكا ويحافظ على عرشه وريوعه، ويساندهم في ذلك الذبابُ الإلكتروني بحملات عفنة متصَهْينة ضد الفلسطينيين، ويسكت علماءُ البلاط عن قول كلمة حق واحدة إيثارًا للسلامة!

الأربعاء، 28 فبراير 2018

الإخوان المسلمون المفسدون!


الإخوان المسلمون المفسدون!

عبدالرحمن نوار

تطالعنا كل يوم أخبار جديدة عن الفاسد والمفسدين والمرتشين، فمنذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013م ونسبة المفسدين الذين تولوا المناصب وانكشف أمرهم كان كثيراً، ولا يبدو أن الأمر منذ الانقلاب العسكري الحالي فقط، لكن المفسدين برزوا وتوغلوا وسيطروا منذ الانقلاب العسكري في عام 1952م وزيادة العسكر الذين سيطروا على مقاليد الدولة وأعوانهم.

فقد رأينا علي صبري والأموال التي ثبت سرقتها وتهريبها إلى لندن، وشمس بدران، وصلاح نصر، والدسوقي الشيشتاوي، وغيرهم الكثير الذين تكشفت أمورهم للجميع.

وعلى مرور الوقت، كانت منظومة الفساد يتكشف عنها الكثير وتظهر للجميع، لكن كان التعامل معها سلبياً سواء من قبل القضاء أو الشعب، وسرعان ما يتناسى الشعب فساد المفسدين، ويرفعونهم مرة أخرى فوق الأعناق.


وفي السنوات الأخيرة، كان المفسدون هم من يتولى زمام الدولة، ويعلن عبر الإعلام كل يوم أنهم سيضربون بيد من حديد على الفساد، وسرعان ما يفتضح أمرهم بالقبض عليهم من قبل الرقابة الإدارية، فقد رأينا وزراء مثل وزير الزراعة والتموين وغيرهما ومحافظين وضباط وقضاة، وكأن النظام الحالي يشجعهم على ذلك طالما يثبتون له الولاء والتضحية، ثم تُرمى بهذه التهم جماعة الإخوان.

لقد كوَّن الإخوان في الملكية شركات تجارية ومصانع وشبكات مواصلات، ومع ذلك لم تكتب صحيفة واحدة عن قضية طالت الإخوان بالفساد أو السرقة أو الرشوة، ومنذ جاء العسكر للحكم وعملوا على تشويه تاريخ الإخوان والقبض على قيادتهم بين الحين والآخر ومحاولتهم الزج بهم في قضايا الفساد، إلا أنهم لم يستطيعوا إثبات ذلك، ورغم القضايا الكثيرة التي اتهم فيها الإخوان وحبس منهم الكثير عشرات السنين، وقُتل منهم من قتل، فإن كل القضايا منذ الملكية حتى الآن هي قضايا من نوع العهر السياسي الذي تمارسه الأنظمة ضد أي مصلح لهذا الوطن وضد رغبة هذه الأنظمة التي ثبت بالفعل رعايتها للفساد والمفسدين.

لم يثبت على الإخوان أي قضية فساد أو خيانة للوطن، بل على العكس، هم مفسدون يُفسدون على كل فاسد خططه ويقفون في وجه كل ظالم أراد بالوطن شراً.

هم مفسدون لأنهم أفسدوا على المستعمر خطط وجوده في البلاد الإسلامية؛ حيث أيقظوا الرأي العام الإسلامي ضد المحتلين.

هم مفسدون لأنهم لا ينافقون فاسداً أو يحابونه أو يوافقون على فساده الذي يستشري به وسط الناس.

حتى الآن لم يثبت على أحد من الإخوان تورطه في قضايا فساد في أي وطن من الأوطان، وذلك لإيمانهم برب العالمين وحسن مراقبتهم لله والتزامهم بما جاء في كتاب الله وسُنة نبيه.

لقد صودرت أموالهم في كل عصر، ومع ذلك لم يقابلوا السوء بالسوء، لكن تعاملوا بأخلاق الإسلام وشحذ الهمم للتصدي لكل فاسد.

ربما يكون لهم أخطاء –وهذا أمر واقعي وطبيعي- لكن لم يقبض على أحد حتى الآن لفساد أو تخريب متعمد، حتى المحاولات المضنية التي تقوم بها الأنظمة العربية لوصمها بالإرهاب، إلا أنه لا يصدق هذا الهراء المنطلِق في فضاء البلاد العربية.

السبت، 27 مايو 2017

رعاع ثائرون ورعاع أسفل البيادة

رعاع ثائرون ورعاع أسفل البيادة

شكر خاص للعميد محمد سمير المتحدث العسكري السابق والنجم الإعلامي فى سماء النظام المصري، فقد أثرت جدلا إيجابيا كشف عن طبيعة انحياز الطغمة الحاكمة بكل ما يحيط بها من رجال دولة وإعلام.
محمد منير
وقفت أيها العميد السابق فى مشهد تمثيلي مبالغ فيه، وهو ما يطلق عليه أبناء الفن "الأڤورة" لتعلن أن أحد أسباب الأمراض الاجتماعية التى يعيشها المجتمع المصري هو الارتفاع المخيف في عدد الرعاع من الناس.
ورغم أن أصولك الاجتماعية والطبقية يعرفها القاصي والداني، إلا أنك حرصت على أن تبرز المشهد، وكأنه حالة تأفف وأرق وقلق لابن من أبناء الطبقات العليا من مخاطر الراعية الرعاع التى تحيط بأولاد الأصول!!، ولكن للأسف لأن ثقافتك العسكرية سطحية ومحدودة -رغم زرعك في مجتمع الإعلام- فلم تدرك أن المشهد والدور الذي تتقمصه ليس تعبيرًا عن واقع حقيقي بقدر ما هو فلكلور اجتماعي وهمي يرتديه ويتقمصه بعض الأفراد في لحظات معينة لتعويض أزمات نفسية لديهم، أو في مرحلة تطلع ونمو طبقي غير متكافئ يفرض على صاحبه التخفي وراء قناع ورداء من الأبهة الوهمية.
رعاع المتحدث العسكري السابق
لنعد إلى وصف الرعاع الذي وصف به المتحدث العسكري السابق عددًا كبيرًا من المصريين، ومن وجهة نظره كانوا سببًا رئيسيًا فى اتساع رقعة الأمراض الاجتماعية.
الظاهر من وصف المتحدث العسكري، واستخدامه الكلمة وتفسيرها في شبه المقال الذى كتبه في إحدى الصحف الموالية للنظام أنه يقصد معناها الحرفي، وهم الغوغاء وسفلة الناس.
والغوغاء هم أصحاب الصوت العالي الصاخب السوقي الشعبي الفاحش العامي ( vulgar ) .
وهؤلاء كما عرفهم التاريخ ليسوا فئات مجتمعية مريضة أو جانحة أو منحرفة، ولكنهم فئات مظلومة منتهكة مقموعة لا تجد أى مبرر للتجمل بحسن الصفات، وتحديدا لم تُمنح أي فرص للتجمل بحسن الصفات، ولهذا فالرعاع كانوا هم أبطال أقوى ثورة اجتماعية في العصر الحديث أقيمت عليها أقوى دولة ديمقراطية في الغرب، وأقصد الثورة الفرنسية.
الرعاع في الثورة الفرنسية تجاوزوا وعى النخبة والمفكرين الفلاسفة السياسيين بفطرتهم ونقلوا دعاوى الحرية والديمقراطية وحقوق التعبير من الأبراج العاجية للفلاسفة إلى الواقع، وانقضوا على النظام الملكي المستبد، وقضوا عليه مبشرين بمجتمع جديد يقوم على العدالة الاجتماعية والحرية.
الرعاع في فرنسا بوعيهم الفطري خرجوا من سيطرة رجال الدين الذين كانوا يحمون استبداد النظام بدرع الدين ومباركة السماء، فثاروا على التحالف الملكي الكهنوتى، وأسقطوه بعنف وقسوة ليس لأنهم فهموا أفكار "روسو" وانتقادات "فولتير"، وإنما لأنهم كانوا يرون ويعايشون فضائح الكرادلة والقساوسة، ويدركون ثراءهم الفاحش، ولهذا خرج الرعاع أو الثوار يهتفون ويصرخون بصوت عالٍ غجري (يراه أصحاب الأظافر الناعمة غوغائي) وراء "ميرابو" خطيب الثورة الفرنسية "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس".
الرعاع الثوريون
هؤلاء هم الرعاع الثوريون أيها الضابط الجهول المتثقف، وربما هناك نوع آخر من الغوغائيين الذين يطمحون أن يكونوا عبيدا لإحسانات أصحاب البيادات العسكرية، وهؤلاء بكل تأكيد يستحقون نظراتكم المتعالية لهم وسلوككم القمعي تجاههم فهم الذين نصبوكم أسيادًا، ونصبوا أنفسهم عبيدًا، موطنهم الأساسي تحت نعال البيادات العسكرية من أجل الفتات والأمان الوهمي.
ومن الفقرات المثيرة فى المشهد الإعلامي المصري، هو اقتحام البعض من العسكريين أصحاب العقول الفارغة مجال الإعلام ليجلسوا على مقاعد القيادة فى الفضائيات والصحف، ويتحولون بقدرة قادر إلى كبار كتاب للمقالات، وربما للروايات، رغم إنتاجهم الفقير الهزيل، يتقاضون أجورًا كبيرة من رجال الأعمال المسيطرين على منابع الإعلام، وبالطبع مقابل مصالح مشتركة وتسهيلات، طبقا لمثل "لبس البوصة تبقى عروسة"، يعيش هؤلاء وهم أنهم مفكرون وكتاب وفنانون!
قد يتصور البعض أن ظهور بعض الأدباء والشعراء والفنانين الناجحين من أصحاب الأصول العسكرية مبررًا كافيًا لاقتحام الجهال منهم مجتمعات الأدب والفن والثقافة، فلم يدرك هؤلاء الجهال ولمن يبيع لهم الوهم من إعلاميي السلطة ورجال الأعمال، أن من برز فى مجتمعات الثقافة والفن والأدب والشعر من العسكريين في الماضي كان يستند على موهبة وعلم وثقافة أكثر من استناده على خلفيته العسكرية، ومعظمهم ضحوا بالامتيازات التى كانت تعود عليهم من العمل العسكري، وتفرغوا لمواهبهم على عكس الذين اتخذوا من خلفيتهم العسكرية وسيلة لفرض أنفسهم على مجتمعات الثقافة والفن والأدب والشعر، على غرار العميد المرعوب من الرعاع، كما أن العسكريين المعروفين فى التاريخ كأدباء عاشوا حياة عسكرية كانت أكثر وطنية وتضحية من أجل الوطن.
فمحمود سامى البارودي -رب السيف والقلم- كان أول رئيس حكومة لوزارة لم يعينها الخديوي، واختارها البرلمان، وعرفت باسم وزارة الثورة عام 1882، وكان حليفا وسندا لأحمد عرابي في كثير من مراحل نضاله ضد الانجليز وسيطرة الچراكسة على الجيش المصري، ولهذا فهناك فرق بين الترهات التي يكتبها المتثقف محمد سمير في الصحف المخابراتية، وبين ما كتبه الأديب محمود سامى البارودي "رب السيف والقلم"، انظروا الى رشاقة الكلمات والمعاني، التي جمعت بين العمق الأدبي واللغوي ومشاعر الوطنية وحب مصر لدى البارودي: " أبـابـِلُ رَأْيَ العَـيْـنِ أم هَـذِهِ مِصْـرُ ..... فـَإنـِّي أرى فيها عـُيـوناً هي السِّـحْـرُ".
ويحاول العميد المتثقف أن يستند فى مقاله، الذى وصف فيه قطاعًا من الشعب المصري بالرعاع، على بيت من أبيات الإمام الشافعي، ويستخدمه فى غير موضعه، ويبدو أن قصائد الشافعي هي الصرفية التي صرفها له مستشاروه من العبيد الإعلاميين فهو لا يكتب مقالا إلا واستند على بيت للإمام الشافعي، بمبرر أو بغير مبرر، كتب المتثقف بيتا للإمام الشافعي: "ما ضر بحر الفرات يوماً.. أن خاض بعض الكلاب فيه".
الكلاب أيها العميد المتثقف هم الذين خاضوا فى عرض الشعب، وأهانوه واتهموا شبابه بالعمالة والخيانة.
الكلاب الذى اتهموا الشباب الآمل في الثورة في أخلاقهم وعرضهم، كي يجهضوا مسيرة التطور، ويبقى شيوخ العسكر وغلمانهم من السفهاء يمصون دم الشعب.
الكلاب من حرضوا كلاب المجتمع الإعلامي كي يذيعوا تسجيلاتكم وتنصتاتكم على حياة الناس الخاصة، واجتزأها من سياقها لتشويه شرفاء هذا البلد الذين يقفون عقبة أمام فساد الحكام وصبيانهم والمرتزقة الذين أفرغوا كلمات حب الوطن من مضمونها، وجعلوها أدوات نجسة ينقضون بها على عرض الوطن وشرفه.
الحُر في الأوطان حاكم ولو محكوم
نحن رعاع شرف لنا أن نكون رعاعا أو كما نقلت معنى الكلمة من القاموس غوغاء سفلة، أو كما أضافها إليك كلب إعلامي من كلاب البيادة، وهو الذي أوهمك بأنك أديب، وغرر بك، وجعلك تكتب ما جعل منك أضحوكة لكل من قرأ فقرة من فقرات ترهاتك السخيفة.
كلمات أخيرة أقولها لك أيها المخلوق المتدني.. لا تتخيل أنكم سلبتونا حريتنا "الحُر فى الأوطان حاكم ولو محكوم" هذه كلمات من أغنية يتغنى بها من وصفتهم بالرعاع، أيها المخلوق المتدني نحن الأحرار وأنت العبد، وربما يوهمك الكلاب بأنك سيد، فإن بحثت لن تجد نفسك إلا سيدًا على عبيد وضعوا أنفسهم تحت بيادة عبيد.
“الرعاع” .. مقال محمد سمير الذي أثار حفيظة المصريين  هنـــــــــا

الأحد، 13 مارس 2016

الموقف من الوفيات الأخيرة يكشف عن أزمة فكرية خطيرة

الموقف من الوفيات الأخيرة يكشف عن أزمة فكرية خطيرة


د. عدنان أمامة
 
بات من الشائع إثر موت رمز من الرموز المثيرة للجدل أن تشتعل الساحات الفكرية الإسلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بسجالات وحوارات متباينة، بين متأسف على الرحيل ومبتهج به، وداع له بالرحمة، وداع عليه بالعذاب، لكن ما حدث إثر موت الترابي كشف عما هو أبعد من مجرد اختلاف وجهات نظر بتقييم شخص من الأشخاص.

لقد كشفت المواقف من موت الترابي أن حصوننا الفكرية مهددة من الداخل، وأنها توشك على الانهيار، وأن رياح التغريب التي اجتاحتها قد صدعت جدرانها، واقتلعت كثيرا من أبوابها، وأنها باتت بحاجة ماسة إلى إعادة بناء، وليس فقط إعادة ترميم.

فالترابي ما فتئ منذ عقود يدعو إلى عصرنة الإسلام وجعله ملائما لتطور الزمان، واجتاح في طريقه آيات القرآن ومتواتر السنة ومعاقد إجماع الأمة، تحت شعار تجديد الدين، ومخرجات هذا التجديد يكشف أنه تطوير للدين، وتبديل لأحكامه، وقد تجرأ على ادعاء عدم اكتمال الشريعة، حيث قال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص38: (ليست الأشكال التي أخذها الدين في عهد من العهود هي أشكاله النهائية، وإنما يزدهر الدين بإذن الله في شكل جديد عهداً بعد عهد". وادعى عدم صلاحية بعض الأحكام الشرعية لزماننا المعاصر فقال في كتابه تجديد أصول الفقه ص9: (لم تعد بعض صور الأحكام التي كانت تمثل الحق في معيار الدين منذ ألف سنة تحقق مقتضى الدين اليوم، ولا توافي المقاصد التي يتوخاها، لأن الإمكانيات قد تبدلت، وأسباب الحياة قد تطورت، والنتائج التي تترتب عن إمضاء حكم بصورته السالفة، قد انقلبت انقلاباً تاماً).

وزعم أن العقيدة والأحكام الشرعية ليست دائمة ومستمرة وخالدة إلى يوم القيامة بل هي ظرفية ومرتبطة بالزمان الذي نزلت فيه فقال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص86-87: (ولَمَّا كان الفكر الإسلامي في كلِّ قرن فكراً مرتبطاً بالظروف القائمة فلا نصيب من خلود بعدها إلاَّ تراثاً وعبرة، سواء في ذلك فقه العقيدة أو فقه الشريعة).

فمن الطبيعي جدا، ومن غير المستغرب أبدا أن ينتج هذا المنهج أحكاما وآراء مناقضة لقطعيات الشريعة وثوابتها، بل ومتنكرة لما هو معلوم من الدين بالضرورة، ولذلك وجدنا الترابي يفتي بجواز زواج المسلمة من النصراني واليهودي ناسفا بذلك الكتاب والسنة والإجماع، بل عد تحريم ذلك من قبيل التخرصات والأباطيل والجهالة والضلال، فقال في جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ: (التخرُّصات والأباطيل التي تمنع زواج المرأة المسلمة من الكتابي لا أساسَ لها من الدين، ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف.. وما تلك إلاَّ مجرَّد أوهام، وتضليل، وتجهيل، وإغلاق، وتحنيط، وخدع للعقول، الإسلامُ منها براء) وكأنه لم يطرق سمعه قوله وتعالى: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)، ولا علم أن أحدا من علماء الأمة على امتداد تاريخها الطويل لم يقل بذلك.

ووصف القول بأن شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين: بالأوهام والأباطيل والتدليس: قال في جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ: (ليسَ ذلك من الدين أو الإسلام، بل هو مجرَّد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء). وهو بذلك يرد كلام الله حيث قال سبحانه: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}.

إضافة إلى عشرات الطامات الأخرى التي تفوق الحصر والتي تثبت أن الرجل رأس من رؤوس الضلالة، مثل مساواته بين اليهودية والنصرانية والإسلام، ورفضه تكفير اليهود والنصارى، وتشكيكه بحجاب المرأة المسلمة، وإنكاره أشراط الساعة وخاصة نزول المسيح عليه السلام آخر الزمان، وتنقصه من الأنبياء وادعائه عدم عصمتهم، وتطاوله على الصحابة وأئمة الإسلام، ورده عشرات الأحاديث الصحيحة التي لا توافق عقله، وإباحته الردة عن الدين.

إن الأمر الشرعي الطبيعي والمنطقي أن يفرح المؤمن بموت هذا الرجل وأمثاله ويحمد الله أن أراح منه البلاد والعباد، كما كان يفعل سلفنا الصالح، وما كنت أتخيل مسلما -فضلا عن دعاة وعلماء وأساتذة مشاهير طبقت سمعتهم الآفاق- يمكن أن يذرف دمعة واحدة على هلاك هذا الضال المضل الذي نقض أصول الشريعة وقطعياتها، وعبث بفروعها وأحكامها.

لكن للأسف رأينا قادة وعلماء ودعاة وعاصفة من البيانات ترثي الفقيد، وتعدد مآثره، وإنجازاته الفكرية والدعوية والإصلاحية، وتصفه بالثائر والداعية المؤثر، والمفكر الكبير، وصاحب العقل المستنير، ومجدد الزمان، وصاحب العصر والأوان، وتترحم عليه وتسأل الله أن يعوض الأمة أمثاله، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر ولا يدرون عن حالة الرجل ومسيرة انحرافه الطويلة.

حقا إنها داهية عظيمة أن تضيع البوصلة إلى هذا الحد ممن يفترض فيهم أنهم يقودون الأمة إلى عزها ونصرها.
كيف
سينصرنا الله ونحن نعظم من يكذب كتابه ويحارب دينه؟
كيف
سيعزنا الله ونحن بمواقفنا هذه نفتن شباب الأمة وأجيالها ونلبس عليهم دينهم؟

إلى أي دين ندعو ونحن نحتفي بمن ينسف أصول الدين؟ وما الحق الذي نحمله ولم يعد لدينا تفريق بين الحق والباطل؟ وأين عقيدة الولاء والبراء التي قام عليها ديننا؟ وأين الحب في الله والبغض في الله؟ وأين نحن من قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}؟

وهل تغيرت لدينا قاعدة يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال؟ ولم نحكم على مفتي سوريا ومصر وأمثالهما بأنهم علماء سوء وأن فتاويهم المنحرفة عن الحق فتاوى شيطانية، فإذا صدرت عن شخص محسوب على الإسلاميين أصبحت اجتهادا مقدرا وتجديدا محترما، ولا تطعن في دين صاحبها وإيمانه؟

لقد كنا وما زلنا نقرر أنه لا اجتهاد في مورد النص، وأن قطعيات الشريعة ومعاقد الإجماع وثوابت الدين لا تتبدا ولا تتغير وليست محلا للخلاف، فهل يعد هذا الآن غلوا وتعصبا وضيق عطن، وعلينا أن نكون أكثر تسامحا وانفتاحا؟ وهل علينا أن نتصالح مع العلمانية التي كنا نعدها عدوا للدين؟

إن هذه المواقف تهدم عقيدة الولاء والبراء التي قام عليها الدين من جذورها، وتزيل الحواجز بين الحق والباطل، والكفر والإيمان، وتغلق باب النهي عن المنكر، إذ أي منكر يمكننا أن ننكره ونحن نقر أكبر المنكرات؟

إنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وما لم يكن يومها دينا لن يكون اليوم دينا.
إننا حين نراجع نصوص الشريعة وسيرة سلفنا الصالح ومواقفهم من البدع وأهلها نرى بيننا وبينهم بونا شاسعا، فأين هذه المواقف في توقير الترابي من قوله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي؛ إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره؛ ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون؛ فمن جاهدهم بيده؛ فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه؛ فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه؛ فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

وأين نحن من إطباق السلف الصالح على عداوة أهل البدع والأهواء ومحاربتهم والإغلاظ عليهم، مثل قول الإمام الشافعي، رحمه الله: "حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل؛ ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام.

وقول أبو محمد الحسين بن مسعود ابن الفراء البغوي: "قد مضى الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة؛ على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم".

وما نقله الإمام إسماعيل الصابوني في كتابه القيم (عقيدة السلف أصحاب الحديث):
من إجماع أهل السنة على وجوب قهر أهل البدع وإذلالهم؛ حيث قال رحمه الله تعالى:
"وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء؛ كانت معتقد جميعهم لم يخالف فيها بعضهم بعضاً؛ بل أجمعوا عليها كلها، واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد عنهم، ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بـ مجانبتهم، ومهاجرتهم".
 هذا في عموم البدع والأهواء فكيف إذا كانت البدع بدعا كفرية؟


إن مراجعة شاملة لمناهجنا وسياساتنا باتت أكثر ضرورة وإلحاحا من أي وقت مضى، حتى لا نكون كالتي نقضت غزلها بعد قوة أنكاثا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الاثنين، 21 ديسمبر 2015

تحرير العبيد واستعباد العالم

تحرير العبيد واستعباد العالم

 باسل طلوزي
كاتب ساخر وشاعر أردني.له إصدارات شعرية ونثرية،
عضو رابطة الكتاب الأردنيين واتحاد الكتاب العرب
أعترف بأن عبارات البيان الخرافي الذي جادت به قريحة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في الذكرى المائة والخمسين لتحرير العبيد، خضّتني من الأعماق، إلى حدٍّ شعرت معه برغبة عارمة لمراجعة أقرب دورة مياه، خصوصاً عبارته الساحقة "دعونا نكرّم ذكرى الملايين من الأميركيين من الأجيال السابقة الذين حاربوا وناضلوا من أجل الحرية والمساواة". 
حاولت أن أتعاطف مع أوباما لسببين. 
الأول، لأني شعرت أن خطابه يصدر عن معاناة ذاتية تخصّه، على اعتبار أنه لولا تحرير الزنوج لما أصبح هو رئيساً.
والثاني يخصني أنا الذي لم أزل أكافح للتحرر من عبودية أميركا. 
كنت أود لو ختم أوباما خطابه بعبارة "أميركا حرّرت العبيد واستعبدت العالم"، لكنه لم يفعل، لأنه يعلم أن أميركا لن تعترف بهذا الاستعباد الذي تستمد منه قوتها وغطرستها. 
والحال، يا سيدي الرئيس، أن أميركا كلها قامت على فكرة استعباد الآخر، أو إلغائه في حال أبى الخضوع لسيادتها. 
ولأن الحرية تجبّ ما قبلها، فلن أعذب ضميركم بذكريات انتزاع فروات أكثر من مليون رأس هندي أحمر، كي تستقيم لرجالكم البيض عصا السيادة، ولن أتحدّث عن سفن الموت الأميركية التي كانت تغزو شعوب إفريقيا، وتسبي رجالها ونساءها، ثم تسوق "الغنائم"، في رحلات الهلاك والعري والجوع المضنية، إلى أراضيكم، وتحولها إلى رقيق في حظائر الاستبداد والتمييز العنصري، غير أنني أجد نفسي مرغماً على الحديث عن "عقدة الاستعباد" التي لم يتحرّر منها سادة أميركا بعد، على الرغم من كل حساسيتهم المفرطة التي يسوّقونها علينا حيال الإنسان وحقوقه. 
فأن تحرّر أميركا عبيدها، ثم تبيد زهاء 750 ألف ياباني، عام 1945، بلمعة قنبلة نووية، ومثلهم من الجرحى والمشوهين، وأصحاب الجينات المدمرة بالسرطان حتى الآن، جرّاء الإشعاعات النووية، فذلك يعني أكثر من الاستعباد. 
وأن تتجه الحرية الأميركية إلى إبادة نحو أربعة ملايين فيتنامي بين قتيل ومشوه، دفنتهم الغابات، في واحدةٍ من أبشع حمَلات الغزو التي سجلها التاريخ البشري، على شعبٍ مسالم، لم يكن يبحث سوى عن حريته وسيطرته على أرضه وموارده، فذلك يعني أن لا قيمة للإنسان خارج حدود أميركا. 
وأن تستعمر أميركا الفلبين، نزولاً عند "رؤيةٍ" حلم بها رئيس أميركي مثلكم في منامه، ذات كابوس، ثم أمعن في شعبها قتلاً وتنكيلاً، وأن يمتد خيلاؤكم إلى غزو دولٍ كاملة، مثل بنما وغرينادا، لأن أنظمة الحكم فيها لم تعد تناسبكم، فذلك يعني أن العالم كله بالنسبة لكم حظيرة عبيد. 
وأن تظل "جمهوريات الموز" اللاتينية تتضوّر جوعاً حتى اليوم، بفعل النهب الأميركي لمقدراتها وثرواتها، فذلك يؤشر إلى أن أميركا أصبحت تفضل استرقاق الشعوب في دولها، بدلاً من حملها إلى الأرض الأميركية، وتحمّل نفقات استعبادها هناك. 
أما عن حصتنا، نحن العرب، من الاستعباد الأميركي، فلذلك رواية أخرى، لأننا لم نزل نعيش استرقاقاً مزدوجاً، بفضل ساسة عبيد سلطتهم أميركا على رقابنا، فأصبحنا عبيداً لعبيد، وهذا، لعمري، من أسوأ صنوف العبودية، ثم كافأتنا بمسخٍ صهيوني، أعملَ في أوصالنا تمزيقاً وترويعاً، فيما راحت تنهب ببطنٍ لا يشبع، ما تستطيع من مواردنا وثرواتنا. 
وأما عن فظائع أبشع احتلال في القرن الجديد، فأترك حديثه للعراقيين، ولسجن أبو غريب، حيث ظهرت سادية "السيد" الأميركي في أجلى صورها قباحة. 
أتساءل عن أي "تحريرٍ" تتحدثون بالضبط؟ وبماذا تفخرون، وقد جعلتم عالمنا الثالث برمته سلة مهملاتٍ لأساطيلكم وبوارجكم ونزواتكم؟ 
سيدي الرئيس، كنت أود أن أكون حراً كي أشارككم الاحتفال بذكرى تحرير العبيد، لكنكم أبيتم غير إبقائي لاهثاً خلف حلمٍ مسروقٍ، كلما أوشكت على إدراكه سطوتم عليه، وإلى أن أبلغ هذا الحلم، سأظل عبداً للحرية فقط.

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

أمريكا وأكبر مزاد علني لشراء الذمم والضمائر

أمريكا وأكبر مزاد علني لشراء الذمم والضمائر



سارة العطيفى 
أولا أنا أمريكية الجنسية أعشق الولايات المتحدة الأمريكية هذا الوطن الذي منحني الحرية والكرامة الفكرية ولكنني أختلف مع الإدارة والسياسة الأمريكية في العالم الاسلامي والعربي مقالتي تعبر عن مدي حرية الرأي وحرية الكتابة هنا.
إن الهدف من إعلان الحرب على الإرهاب هو التحكم بمصادر النفط والغاز في العالميين العربي والإسلامي
( بحلول عام 2020على70%من مجمل الاحتياط النفطي والغاز العالمي افتتاح اكبر مزاد علني لشراء الذمم والضمائر).

يتنافس قتلة مأجورين من الطراز الوحشي الدموي, ممن باعوا أنفسهم بسعر بخس في مزاد علني لشراء الذمم والضمائر, لقتلة محترفين وقراصنة دم عبروا البحار والمحيطات والقارات وخرقوا ابسط مقومات القانون والإنسانية, لغرض السيطرة على دم الشيطان الأسود والأبيض ( النفط والغاز ) في بلاد الشرق الاوسط وبالاخص المطلة علي المتوسط وقلب العروبة القاهرة و بغداد ودمشق ويقول الوزير البريطاني السابق”مايكل ميتشر”(إن الهدف من إعلان الحرب على الإرهاب هو التحكم بمصادر النفط والغاز في العالميين العربي والإسلامي).
 

كشفت مؤخرا شبكة”فوكس نيوز” الأمريكية (تأسست عام1996 وتابعة إلى مجموعة الأمريكي اليهودي الأسترالي الأصل روبرت مر دوخ) المعروفة بتعصبها القومي الأعمى ,ومعاداتها المكشوفة للمسلمين والعرب بالذات , عن بالون اختبار وجس بخبر مفاده ( تجري صفقات شراء الذمم والضمائر للموافقة على ما يسمى الشرق الاوسط الجديد وهذا البالون لمعرفة أسعار الولاء وبيع النفوس والأوطان في سوق النخاسة!؟ وتستخدم الدوائر الإعلامية الأمريكية (الحرب الإعلامية) بشكل واسع ومؤثر لغزو العقول والقلوب, وبوسائل وأدوات مختلفة واستخدمت دوائر المنظومة الأمريكية والبريطانية والصهيونية الأكاذيب والمعلومات المزيفة المفبركة , وبات الخطاب المزدوج وطرح المصطلحات والأسماء الرمزية المضللة التي أنتجها خبراء التلاعب الغربيين والأمريكيين والصهيونية في قلبها سمة العصر.

فعلى سبيل المثال إنقاذ العالم ,محور الشر يسلح نفسه لتهديد السلم العالمي, الأصولية الإسلامية,أسلحة الدمار الشامل ,الإرهاب الدولي, الحرب على الإرهاب, الحلفاء,الدول الشريرة,الدول المارقة, التحالف,تحرير , ديموقراطية ,العدالة المطلقة,الخير المطلق,الحرية الدائمة ,ضمان حقوق الإنسان,الدكتاتورية الاستبداد, نزع السلاح وأمريكا ترد, مشروع القرن الأمريكي الجديد, نشر قيم الولايات المتحدة الأمريكية ومُثلها ومبادئها في العالم , -مصطلحات قبل وخلال وأثناء ثورة 25 يناير وحكم المجلس العسكري وأبان ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ وحتي الان .

واستخدمت دوائر النظام الأمريكي أسماء رمزية, ومصطلحات الخطاب المزدوج المظلل, المماثلة لإتمام مراحل الإذلال والتطبيع بالقوة ومنها( العمليات العسكرية تعني الحرب المحدودة في سيناء لتفريغها لصالح المحتل الصهيوني )

الديمقراطية الصهيونية تعني القتل الدائم والأشلاء المتناثرة , الحرية تعني ملء السجون بالمعتقلين والأسرى العراقيين والسوريين والمصريين والخ , حقوق المرأة تعني اعتقالهن والاعتداء عليهم واغتصاب القاصرات منهن, العملية السياسية تعني مراحل تقسيم الوطن العربي , الدستور قانون الإرادة الأجنبية الواجب اتباعه في مصر , قانون مكافحة الإرهاب الصلاحية المطلقة لقتل واعتقال وتهجيرالشعب المصري ومن يعارض مشروع الإذلال والانقلاب ,حكومة ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ تعني ما ترغب به الولايات المتحدة والصهيونية في مصر .

الموقف الأمني إلغاء الحقوق المدنية والقانونية والخدمات الضرورية للمواطن المصري والقبول بالعيش ذليل عبداً تحت رحمة الجندي المصري الأمريكي المهزوز والمريض نفسيا, ومن ذوي السوابق الإجرامية ,التحسن الأمني التصفية الجسدية والاستعاضة بالقتل التخصصي والإيعاز إلى فرق الموت , حقوق الإنسان تعني الإذلال والإهانة, إطفاء الديون العربية تحويل أموال الحكومات إلى الخزائن الأمريكية لدعم آلة القتل في العالم العربي والإسلامي ,أعادة أعمار الدول التي دمرتها تعني أعادة إملاء الأرصدة الترليونية للشركات الأمريكية والسياسيون والعسكريون دعاة القرن الأمريكي الجديد. وغزو العراق وتدمير سوريا واليمن وانقلاب السيسي .

مشروع في ظل استعمار دائم, دول الاعتدال العربي والدول الصديقة وغيرها الكثير من العناوين الفضفاضة البراقة التي تسر السامع والناظر أليها وتظلل من يجهل حقيقة الأمر في عالمنا الاسلامي , والمعروف حقيقته على نطاق دولي وعربي واسع , ويزيد تورط من تحالف مع الأجنبي ضد أمته ودولته ليكسب ود سيده , ويزيد من معاناة ومآسي أبناء الأمة داخل وخارج منطقتنا العربية , وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية -CIA لعل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية -CIA هي من أكثر المؤسسات الأمريكية اهتماما بالدعاية بخلاف ما قد يتبادر إلى الذهن إذ يخطا من يظن إن الوكالة تكتفي في نشاطاتها في التجسس فقط, بل قد يكون التجسس اضعف هذه النشاطات , ولكن الوكالة معنية في بالدرجة الأولى بالدعاية والحرب الإعلامية والنفسية, ولها دور كبير وفعال.

نشر الفوضى (استراتيجيةالمحافظين 
والديمقراطيين الجدد) , ونفذت الكثير من العمليات القذرة عبر وسائل القدرة المتيسرة والتابعة لها, وراح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء لغرض تشويه صورة المقاومة المسلحة في كل الدول العربية وعلي سبيل المثال سوريا والعراق وليبيا ومصر القادمة في هذا التشويه , وفك الالتحام مابين المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية الظهير ( الحاضنة أو ما يسمى المناطق المؤاتية في حروب التحرير) .

ويعمل لحساب الوكالة مئات الآلاف من الموظفين والعملاء السريين والمجندين والواجهات المختلفة وكذلك مئات الصحفيين المنتشرين في مختلف أنحاء العام, وتشرف الوكالة على أكثر من 200 جريدة ومجلة ودار نشر وتملك 12 دار نشر ونشرت أكثر من ألف كتاب , منها 150 كتاب باللغة الإنكليزية, وأرقام ميزانية الدعاية في الوكالة سرية, ذكرت مجلة –covert action إن ميزانية الوكالة تبلغ عشرة مليارات دولار, وثلث المبلغ يخصص لدعاية, وفي زمن الحرب الباردة خاضت الوكالة حرب نفسية عصرية شرسة ساهمت في انهيار الإتحاد السوفيتي السابق,تستخدم الوكالة الجواسيس والعملاء, وتستعمل ما يعرف ب عملاء التأثير, وهؤلاء ليسوا من اختراع الوكالة وليس هو اختراع جديد, ولكن الجديد يكمل بتقنية الاستخدام لعملاء التأثير ونشاطاتهم, واستعمالها للعلوم والرياضيات معتمدة على نظريات العالم الأمريكي (فستنغر-festinger) حول “دينامية المجموعات”,إذ يمكن لهذه الدينامية إذا ما استعملت بشكل علمي ولإغراض محددة إن تتحول إلى سلاح قوي في الحرب النفسية,.

الحرب النفسية لم تعد فن حربيا فحسب, بل أصبحت تقنية حربية , ومهمة عملاء التأثير لا تنحصر بالشباب فحسب ولكن هؤلاء يشكلون أهدافا أساسية, وقد جندت الوكالة جمعيات شبابية كثيرة وفئات واسعة من الشبان الأمريكيين, الذين يطلب منهم السفر إلى الخارج في رحلات منظمة ومدفوعة, بهدف الاحتكاك بالشباب العربي والإسلامي , والتعرف عليهم ومعاشرتهم والتحدث معهم في أمور حياتهم ومعيشتهم, وإبراز الحياة الأمريكية بمظهر متميز ومشرق لتحسين صورة الولايات المتحدة .

المهم هو الوصول إلى عقل وقلب هذا الجيل الصاعد , وتطبيق” سياسة تغيير الفكر” , ومحاولة غزو وتغيير الأفكار,والترويج للحياة على الطريقة الأمريكية وتطبيع الذل وهيمنة المستعمر وتطبيع رؤية القتل والأجساد المتناثرة والدم المسفوح ( رابعة مصر سوريا العراق ليبيا ) , وتستخدم مصطلحات إعلامية براقة ( الخطاب المزدوج ), عبر الاحتكاك المباشر, والفلم السينمائي, والمسلسل التلفزيوني, والأغنية والموسيقى, والرواية, والصورة, والمجلة, والكتاب وأية وسيلة أخرى يمكن استخدامها لإغراض الدعاية, وهنا يأتي دور عدد من وسائل الإعلام التي سخرت لهذا الغر ض, إذاعة سوا , تلفزيون الحرة, مجلة هاي- HI , وعدد من وسائل الإعلام الفضائية العربية.

الثلاثاء، 21 أبريل 2015

إنهم يبحثون عن لغة؟

إنهم يبحثون عن لغة؟



سعيد يقطين*


وقف حمار الشيخ في العقبة، وانتهى السجال بين مكونات المجلس الوطني للتربية والتكوين إلى الباب المسدود.
سؤالان عقيمان يوقفان الشيخ والعالم وصاحب الرأسمال عن الحسم في مصير التعليم ببلد له تاريخ عريق: 
لغة التدريس في التعليم الأولي هل ستكون بالدارجة؟ وأيهما اللغة الثانية: الفرنسية أم الإنكليزية؟ 
ويبدو أبو الهول، وهو عاجز عن إنقاذ سفينة التعليم من الغرق، يتلهى بخرقها بسؤالين ساذجين حول الدارجة من جهة، وحول الفرنسية والإنكليزية، من جهة ثانية.
لكن الأوديب المغربي عاجز عن فك اللغزين مما قضى بتوقف المسرحية، وعلى المجلس أن يصوت بشفافية وديمقراطية قبل أن يصل، في النهاية، إلى فقء عيني التعليم المغربي بقرار أغلبية موظفيه.
هل مشكلة التعليم المغربي لغوية؟ وهل تتصل مشكلة البطالة بالتعليم؟ حسب السجال الدائر بين الأروقة نعم. ولذلك فمتى حللنا مشكلة اللغة حلت مشكلة البطالة.
ظل التعليم المغربي أسير رؤيات اختزالية وتجريبية واستعجالية تقوم على السببية، وها هو ينتهي إلى الطريق المسدود.
 كان «سبب» تأخر التعليم هو «الفرنسة»، فكان اللجوء إلى «التعريب». وصار»التعريب» سببا في تأخره، وها نحن ندعو إلى «التدريج».
وأمام ضمان الجودة والانخراط في العصر المعرفي، باتت الفرنسية لغة الأدب، وعلينا البحث عن لغة العلم والتكنولوجيا، في الإنكليزية.
إن غياب رؤية نسقية للتعليم المغربي يجعل الرؤية السببية هي السائدة. وما لم تطرح القضية من زاوية شمولية سيظل أبو الهول متربصا أمام بوابة تعليمنا، وفي كل مرة يطرح علينا اللغز الذي لا نريد أن نفهمه ونحله لأننا نتغاضى عن رؤية الواقع.
ترى من يقول إن لغة التدريس ببلادنا ليست «الدارجة» حتى نجعلها مطلبا وقضية للنقاش والتصويت؟ من الروض إلى العالي لغة التدريس هي الدارجة. هذا هو الواقع.
إن العربية والفرنسية والإنكليزية والمواد العلمية تدرس بالدارجة. وهذا من بين العوامل التي جعلت المتعلم المغربي لا يعرف أي لغة.
ولكي تستعيد اللغة مكانتها لدى المتعلم والمعلم لا بد من مراعاة لغة تدريس المواد.
وهي في كل الحالات ليست هي الدارجة لأنها ليست مادة للتدريس. قد يقول قائل إن الطفل، في مراحله الأولى لكي يتعرف على لغة جديدة (العربية ـ الفرنسية) لا بد من التواصل معه بلغة «الأم». وهذا القول لا يخلو من تهافت بيّن.
في بداية الاستقلال كان معلمو اللغة الفرنسية في المغرب فرنسيين، وكانوا لا يعرفون الدارجة المغربية. وكانوا يحرمون على التلاميذ النطق بأي كلمة بالعربية أو بالدارجة أو الأمازيغية في الفصل. فكيف تعلم المغاربة الفرنسية، وصار من بينهم كتاب على مستوى أدبي رفيع، وقد تلقوا تلك اللغــــة بلغة غير لغات أمهاتهم؟ ويمـــكن قول الشيء نفسه عن الإنكلـــيزية؟
لكن منذ بدأ التســــاهل في تدريس مختلف المواد بالدارجة ضعف المستوى. فلا عربية، ولا فرنسية ولا إنكليزية وهم يحزنون.
يمكن أن نأخذ العبرة من تعليم العربية للأجانب.
معظم المستشرقين غير الفرنسيين الذين تعرفت عليهم يستطيعون الكتابة بالعربية، والحديث بها. وفي أحد ملتقيات الرواية بالقاهرة، قبل ست سنوات، قدم شاب ياباني مداخلته حول الرواية العربية، فكان الوحيد التي قدم عرضا سليما شكلا ومحتوى باللغة العربية. لكن الذين يدرسون العربية من الفرنسيين، قلما وجدت منهم من يستطيع التحدث بالعربية. ومن يفعل يكون قد عاش مدة طويلة في أحد الأقطار العربية. ولا يتعلق الأمر فقط بالعربية، بل حتى بالنسبة للإنكليزية. فما هو السبب في ذلك؟
إنها «عقدة» الفرنسية. هل أقول لغة الأم؟ تعجبت كيف أن الطالب الفرنسي يدرس اللغة الأجنبية بالفرنسية، ويعد بحثه الجامعي حولها باللغة الفرنسية؟
وعندما أتيحت لي فرصة التعرف على الواقع هناك، رأيتهم في اختبار الإنكليزية، والعبرية، يكتبون بالفرنسية فعرفت سبب عجز الفرنسيين عن إتقان اللغات الأجنبية.
كان الطالب المغربي إلى بدايات الثمانينيات قادرا على التعامل مع اللغات باقتدار وكفاءة عاليين. فكم من الطلبة المغاربة، تفوقوا في الإنكليزية، على سبيل المثال، التي لم يدرسوها إلا في الثانوي العمومي ( ثلاث سنوات فقط) وولجوا جامعات بريطانية، وكانوا هناك من المتفوقين. فإلى ماذا يمكن أن يعزى ذلك؟
إن المشكل الحقيقي ليس في اعتماد الدارجة أو إعطاء الأسبقية للإنكليزية. إنه في المنظومة الاجتماعية والسياسية المتبعة في مقاربة التعليم والتربية ببلادنا. 
وهذا هو الموضوع الذي لا نريد مواجهته بالصراحة والصرامة اللازمين للخروج من النفق والطريق المسدود. لقد بدأ تراجع التعليم المغربي مع التفويض الذي أعطي للأكاديميات، من جهة، ومع الإيهام بأن التعليم الخاص هو البديل.
وبدون مراجعة دقيقة لأسباب فشل المنظومة التربوية ببلادنا، باعتماد الروح الوطنية الحضارية سيتجاوز المنقطعون عن إنهاء الابتدائي الثلاثة ملايين، وإكمال التأهيلي المليون وثلاث مئة ألف، وسيظل ضعف التحصيل الدراسي في المواد العلمية واللغات مستمرا وقائما، ولن ينفعنا اعتماد الدارجة أو الإنجليزية لغة أولى.
في مراكش وجدت أطفالا منقطعين عن الدراسة، يتحدثون اليابانية مع يابانيين. إنهم تعلموها خارج مدرسة يبحث مجلسها عن لغة. فيا للمفارقة!

سعيد يقطين ناقد مغربي* 




الخميس، 26 مارس 2015

حول الأوضاع في المنطقة...فقدنا البوصلة فهل نرجع إليها؟!

حول الأوضاع في المنطقة...فقدنا البوصلة فهل نرجع إليها؟!
علي القره داغي

تتكرر كلمة (التاريخ يعيد نفسه)، وهي كلمة لها مصداقيتها في الواقع حيث يراد بها أن الأحداث تتكرر في مآلاتها وأهدافها، وحركاتها، وليس المقصود تكرار حادثة ما بعينها، فالتأريخ مدرسة عظيمة تحمل بين طياتها سنن الله تعالى في الأمم والحضارات والجماعات، وسنن العباد والبلاد من التجارب الناجحة، أو الفاشلة على مرّ الحقب الماضية.

ومن أهم الفوائد المستقاة مما سبق أن أهل الحق حينما يضعفون ويتفرقون ويتنازعون تكون النتيجة الفشل الذريع، وأن الحق الذي معهم لن يشفع لهم فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46]، وعملياً وقعت خسائر كبيرة جداً يوم أُحد، ويوم غزوة حُنين لم تُغن عنهم كثرتهم، بسبب خلل في المعركتين.

وفي عصرنا الحديث أذكر واقعة تخص منطقة الخليج، وبخاصة المملكة العربية السعودية، التي كانت يهددها ما يتمثل في الخطر الشيوعي الذي عمّ المنطقة العربية في الخمسينيات وحدثت انقلابات عسكرية في مصر، وسورية، والعراق، والسودان وغيرها، وجاء الفكر القومي بقيادة جمال عبدالناصر بقوته ليضرب ما سماه بالأنظمة الرجعية، وتحولت هذه الأيدلوجيات إلى صراعات عسكرية أعدّ لها الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، إعداداً جيداً حينما تسلّم الحكم في عام 1964-1975 فأدار المعركة وفق خطة استثمر لنجاحها كل الوسائل المتاحة، وبخاصة الجانب الديني، والعواطف الإسلامية، واكتسب بذلك الإسلاميين، وبخاصة الإخوان المسلمين الذين اضطهدوا في مصر، فخرجوا أو أُخرجوا فآواهم الملك، وهم أيضاً ساندوه علمياً وفكرياً وتعليمياً، فنهضوا بهذه الجوانب، بالإضافة إلى الجانب التخطيطي والسياسي، ثم شاء الله تعالى أن تصيب جيش مصر أكبر هزيمة -خلال فترة قصيرة- في تاريخ الجيوش وهي هزيمة يونيو 1967م التي نتج عنها احتلال القدس، والضفة، وغزة، وسيناء، والجولان وغيرها، فضعف المشروع الناصري القومي وبدأت الصحوة الإسلامية، ثم توفي الرئيس جمال عبدالناصر، وحلّ محله الرئيس أنور سادات الذي غيّر سياسته تماماً، فوقف الملك فيصل معه، ودعم حرب العاشر من رمضان (أكتوبر1973م) بكل إمكاناته.

وقصدي من ذلك أن الملك فيصل رحمه الله وقف مع المظلومين، وتبنى الأيدلوجية الدينية في صراعه فنجح، وخسر الطرف الآخر.

وكذلك الحال في أفغانستان حيث استطاعت العقيدة الإسلامية أن تهزم الأيدلوجية الشيوعية، ولكن من خلال المؤمرات أجهضت مقاصد الجهاد في أفغانستان.

ولكن الذي حدث في هذه السنوات الأخيرة هو أن الأيدلوجية قد تغيرت، حيث استطاع المعادون للثورات الشعبية ذات الطابع الإسلامي التي حدثت في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن أن يغرسوا الكراهية والخوف والريبة في نفوس بعض الحكام والأمراء ويزينوا لهم أن القضاء على نتائج هذه الثورات لمصالحهم، وأنها الخطر، ومن هنا تغيرت المعادلة وحتى الأيدلوجية من أيدلوجية مساندة للتيار الإسلامي المسيطر على هذه الثورات إلى أيدلوجية تدعم التيار العلماني حيث نجح هؤلاء في ترسيخ: أن ضرب التيار الإسلامي المعتدل في مصر وفي كل مكان هو حماية لأمن تلك الدول!، مع أن الواقع يشهد على أن ظروف دول الخليج تختلف، وباعتقاد الكثير من المحللين المنصفين: فقدت البوصلة اتجاهها، وتغير مسار السفينة، وكدنا أن نتوه لولا عناية الله تعالى بعباده.

وبالنسبة لليمن قامت الثورة الشعبية العارمة ضد النظام الجاثم على صدر اليمنيين ثلاثين سنة، وثبت للأمم المتحدة أن الرئيس علي صالح يملك أكثر من ستين مليار دولار، جمعها من ثروات بلد يعاني معظم شعبه من فقر مدقع وبطالة كبيرة.

وأثناء ذلك تدّخل مجلس التعاون الخليجي -ما عدا قطر- بمبادرة أدت إلى خلع الرئيس علي صالح ولكن مع منحه الحصانة، والقوة بيده، فتعاون مع الحوثيين، وقد غض الطرف عن كل ذلك بسبب الكراهية لجمعية الإصلاح والقبائل المؤيدة لها، فوقعت الكارثة، وتلقى الحوثيون الدعم المادي والمعنوي الكبير اللامحدود من إيران وغيرها، فتمدد الحوثيون وسيطروا على باب المندب والمناطق الإستراتيجية، واليوم يريدون الهيمنة على عدن وكل اليمن، وفعلوا ما فعلوا مما لا يجهله أحد في المنطقة.

أمام هذا الوضع الخطير المهدد لأمن دول الخليج بصورة واضحة، ما الذي يمكن أن تفعله دول الخليج؟ 
في نظرنا المدعم بالتجارب التاريخية، عليها ما يأتي: 

1- عقد قمة خليجية مغلقة لدراسة الموضوع وحماية المنطقة، وإدخال اليمن في مجلس التعاون الخليجي وكذلك الأردن.

2- حشد كل الطاقات المادية والمعنوية والسياسية والعسكرية للحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله بأقرب فرصة دون تضييع للوقت.

3- فضح مخططات أعداء اليمن والطامعين فيه.

4- وضع استراتيجية جديدة تقوم على تجاربنا السابقة، وعلى إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، يعتمد فيها على الشرعية المتمثلة بحكومة الرئيس هادي، والتيارات الإسلامية القوية المعتدلة المدعومة بالقبائل اليمنية الأصيلة، سواء كانت من المذهب الشافعي، أو الزيدي.

5- ومع الاستعداد التام يُدعى الحوثيون لإعادة الأمور إلى حالتها السابقة، وإلى التحاور البناء المحدد بزمن دون مماطلة يستفيدون منها.

6- جعل الاستراتيجية معتمدة على العقيدة والشريعة الإسلامية من حيث إن خروج الحوثيين على الشرعية خروج عن الشرع ويصنفون بذلك في صفوف البغاة الخارجين عن الشرعية حيث بيّن الله تعالى حكمهم فقال تعالى: (..فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات: 9] كما فعله سيدنا عليّ رضي الله عنه مع الخوارج والبغاة في عصره، ولا أشك في أن النصر يكون حليف اليمنيين ومن يساندهم -بإذن الله تعالى- إذا أخلصوا النيّات لله تعالى، واستعدوا للتضحيات، لأن قضيتهم عادلة وحق، ولأنهم ظُلموا فالله ينصرهم (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) [الفجر: 14].

7- القيام بعمل دبلوماسي نشيط لكسب الأصدقاء من المؤسسات الدولية، والدول الإسلامية، ودول العالم الذين لهم الرغبة في دعم الشرعية في اليمن.

وأخيراً فإن اختيار الدوحة عاصمة للحوار لليمنيين له دلالاته الكبرى، كما أن ذلك يبشر بالخير لنجاح دولة قطر -بفضل الله تعالى، ثم بفضل قادتها وإخلاصها ومصداقيتها لدى الجميع- في الإصلاح في كثير من الملفات الشائكة.

والله تعالى أسأل بتضرع أن تحل هذه المشكلة الكبيرة في اليمن وأن لا تحدث فتنة بين أهلها. آمين

الثلاثاء، 17 مارس 2015

المجازر الطائفية ضد أهل السنة

المجازر الطائفية ضد أهل السنة


فايز الفايز
في الوقت الذي عقد فيه وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف اجتماعا بخصوص النووي الإيراني مع وزير خارجية أمريكا العظمى جون كيري في سويسرا، يستمر قائد فيلق القدس قاسم سليماني بقيادة عمليات الجيش العراقي الجديد ومليشيات الحشد الشيعي الذي يقدر عديده بعشرين ألف عنصر من الرجال والشباب ذوي العقلية الطائفية العمياء، والجميع، سليماني وقادته الميدانيون من الجيش الإيراني وقادة العسكر العراقيون ووحوش المليشيا، يتبادلون الصور والابتسامات لتكشف قساوة وجوههم، بعد عمليات تطهير طائفي ضد آلاف العائلات السنية لتفتك العصابات بالرجال والنساء والأطفال بلا ذنب، ولكن لأنهم من السنة وكانت قراهم وبلداتهم ومدنهم تحت سيطرة تنظيم داعش، وكل ذلك يجري ولا تزال دولنا العربية السنية تخشى قول كلمة الحق لأولئك المجرمين في طهران وبغداد ودمشق وصنعاء!

إذا فلينظر المستشرف لمستقبل بلادنا العربية التي تظن نفسها بعيدة عن أي خطر، لأن طبيعتها مسالمة ومحافظة على وحدة شعوبها، من الأردن غربا وحتى قطر والكويت والإمارات والسعودية الأخت الكبرى شرقا، هل ستبقى بعيدا عن خطر تلك الوحشية الطائفية البربرية القادمة من الشرق الفارسي أو الشمال الطائفي؟.

وللإجابة عن هكذا تساؤل على المجيب أن يتخلى عن اللياقة والدبلوماسية في الحديث عن تلك العصابات الإجرامية التي فهمت طريقة السيطرة على البلاد والعباد، إنه الإرهاب الدموي والتطهير العرقي والديني، فباتت بلادنا ترزح تحت سيوف الجزارين، أولئك الساديون الذين يرتكبون فظائع بشعة بحق الأبرياء الضعفاء لتخويف وتهجير وإخضاع بقية السكان في المناطق المسيطر عليها من قبلهم.
لن تكون بلادنا الآمنة اليوم آمنة بعد قليل من السنوات على أبعد حد، إذا تعاملنا بكل هذا الحذر والأدب السياسي والخطاب المتسامح مع أولئك المجرمين، إنهم يبتلعون المدن والمحافظات في العراق ويعتمدون سياسة الأرض المحروقة، فكم من الأحياء السكنية تم إحراقها على أيديهم، وكم من الضحايا الأبرياء تم قتلهم والتمثيل بجثثهم دون توثيق من أحد، لأنهم يسيطرون على وسائل الإعلام، ويمنعون أحدا من تصوير المشاهد البشعة، ما عدا قليل من التسجيلات الهاتفية التي تم تسريبها، ولعل آخرها قبل يومين يظهر جيش المليشيات يتوسطهم رجل شيعي يعتمر عمامة بيضاء وهم ينهالون جميعا على رجل نصف عارٍ بالعصي الغليظة والمطارق الحديدية بمن فيهم إمامهم الشيعي الذي أجهز عليه بطرق عنقه، والجميع يهتف للزهراء والحسين وكأنهم في حفل شيطاني بلا عقول ولا أحاسيس بشرية.

في مجتمعنا السني لا يزال هناك من يستغرب أو يستبعد مثل هكذا عقليات وتصرفات تتجاوز خيال الإنسان السوي، ولكن مهلا، فلنضرب مثلا حيا على ثقافات وسلوكيات الشعوب الأخرى، ففي كثير من دول شرق آسيا، يستمتع الناس هناك بأكل لحوم الكلاب، فيما تقدم مطاعم تعتبر راقية جدا وجبة "دماغ القرد"، حيث يطبخ رأس القرد حيا، ويقدم الرأس مفتوحا ويتناوله الزبون مباشرة، فيما رأيت شخصيا أحد أطباق مائدة الغداء في فندق "شيراتون بانكوك" وهو عبارة عن وجبة صراصير، أعتذر عن هذه الأمثلة التي تدعو للتقيؤ، ولكن ضربت مثلا، كيف أن هذا الأكل المحبب لدى بعض الناس يعتبر حسب طبيعتنا العربية السليمة مقرفا ومقززا وحيوانيا، لذلك فإن تربية أولئك المتطرفين الطائفيين استمرأت واعتادت قتل من لا يسجد لضريح الحسين وزينب ويلطم ويطبر.

الأردن مثلا والذي طالما كان يعتبر نفسه بعيدا عن الطائفية وخطرها، بات خطر المليشيات والجيش الطائفي يوشك على التحرش به، فهم على تخوم حدوده الشمالية الغربية في ريف درعا الغربي، بعدما سمح نظام الأسد بفتح مطاراته لطائرات العمائم السوداء لتستورد المقاتلين من بغداد وطهران لمقاتلة الثوار السنة، واعتمد على المليشيات الطائفية الشيعية الحاقدة على التاريخ بارتكاب المجازر في القتال دفاعا عن كرسي عرش الشيطان، فيما البحرين لا تزال تعتمد على قوات الأشقاء لكبح جماح أحلاف إيران فيها، واليمن استسلم أهله جميعا لطائفة الحوثي وجيشه الذي سيطر رغم أنف العرب جميعا، والبصرة غير بعيدة عن الكويت والشاطئ الشرقي للسعودية يشكل خزانا شيعيا قد ينفجر في أي لحظة ليهدد أمن واستقرار الخليج برمته.

هذا الشرق العربي الذي بات ساحة للمجازر تحت بصر وصمت العالم لن يحلم بمستقبل جميل وآمن إذا بقيت حكوماتنا صامتة على السبب الرئيسي في ظهور ما يسمى بالتنظيمات الجهادية والتكفيرية، فإذا كان تنظيم داعش إرهابيا، فإن مليشيات الحشد الشعبي المدعوم سياسيا من واشنطن وعسكريا من طهران أكثر إرهابا من داعش، وإن كانت جبهة النصرة إرهابا، فإن حزب الله إرهابي أكبر من النصرة وإذا بقي تنظيم الحوثي الزيدي الشيعي حاكما بأمر طهران في اليمن، فإنه أكبر خطرا من القاعدة، وسيغرق الشرق العربي بحرب الطوائف والقوميات، وسيبقى العالم يتفرج على هذه الحلبة الدموية، فلا أحد معنيا بشعوبنا ولا بدمائنا، إن الدم العربي ليس أغلى من برميل نفط أو من قارورة نبيذ على طاولة المصالح الغربية والعالمية.

لهذا يجب وقف دعم تحرك الجيش العراقي ومليشياته، وعلى الدول العربية أن تقوم بواجبها الأخلاقي والإنساني لحماية سنة العراق من التطهير الذي يواجهونه برعاية أمريكية مرة أخرى بعد عشر سنوات سوداء من حكم الاحتلال الأجنبي للعراق والذي فتح باب جهنم على بلادنا العربية، لأن العرب جميعهم صمتوا ودعموا الحرب على العراق واحتلاله وتنصيب العمامات المتطرفة حكاما فعليين عليه وتأجيره لإيران مقابل حل المسألة النووية معها.



(نقلا عن صحيفة بوابة الشرق)

الأحد، 15 مارس 2015

أي مدينة نريدها عاصمة لبلادنا؟

أي مدينة نريدها عاصمة لبلادنا؟


د. خالد فهمي
مؤرخ مصري، أستاذ ورئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية
 في القاهرة، مؤلف كتاب "كل رجال الباشا".


تخيل أنك روسيّ استيقظت في يوم من الأيام لتكتشف أنه بسبب مشكلات المرور التي لا تُحتمل في العاصمة موسكو، قرر الكرملين أن يُنشئ، لا نظام نقل جماعي جديد، لكن عاصمة جديدة بالكامل.
 أو، إذا كنت صينيًا، وبسبب مشكلة التلوث المستوطنة في بكين، قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وبدلًا من استصدار قوانين جديدة للحد من انبعاثات الكربون والتقليل من عدد السيارات الخاصة، نقل العاصمة إلى موقع آخر غير معلوم حتى الآن.
وإذا كنت إيطاليًا، تخيل أن حكومتك قررت التخلي عن روما كعاصمة ونقل الأخيرة إلى الساحل لتكون قريبة من الطرق البحرية.

تخيل في كل هذه الحالات أن حكومتك فعلت ذلك بدون أن تجري نقاشًا عامًا حول موضوع بهذه الأهمية، ناهيك عن استشارتك كأحد ساكني أي من هذه المدن القديمة أو كمواطن في أي من هذه البلدان.

هذا بالضبط هو ما فعلته الحكومة المصرية أمس؛ ففي خطوة مثيرة، وفي عرض لخططها المستقبلية، كشفت الحكومة فجأة عن خطة لبناء عاصمة إدارية واقتصادية جديدة لمصر، تبعد نحو 50 كيلومترًا في الشرق من المدينة ذات الألف سنة: القاهرة.

نحن، القاهريون والمصريون، لم نجر حوارًا مجتمعيًا حول هذه الخطوة المحورية، وبالطبع لم تتم استشارتنا حولها.

المدينة الجديدة المقترحة، كما أُعلن عنها في الموقع الإلكتروني للمشروع، تحوي صورًا متلألئة لمباني ما بعد حداثية، ناطحات سحاب مثل دبي، وصورًا لامعة لـ "مدينة عالمية ببنية تحتية ذكية لمستقبل مصر، والتي ستوفر العديد من الفرص الاقتصادية وكذلك نمطًا مميزًا من الحياة"، يشير الموقع الإلكتروني أيضًا إلى "كابيتال سيتي بارتنرز"، وهي شركة استثمار عقاري خاصة يرأسها الإماراتي محمد العبار، العبار هو أحد المستشارين الرئيسيين لحاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، وهو أيضًا الرئيس التنفيذي لشركة إعمار، الشركة الرائدة التي قامت ببناء برج خليفة في دبي، والتي لديها مشاركة واسعة النطاق في قطاع الأعمال في مصر.

لن أطيل الحديث عن الانبهار بدبي كنموذج للتنمية الحضارية وكيف أنه غير مناسب للتطبيق في مصر، حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 8% من مثيله في الإمارات العربية المتحدة، ولن أطيل الحديث أيضًا عن اللامساواة السياسية والاجتماعية الكامنة تحت القشرة المتلألئة في دبي، ولا عن الآثار السياسية الخطيرة التي يبشر بها هذا النموذج إذا طُبق في العاصمة الجديدة المقترحة لمصر.

أنا أود فقط أن أطرح بعض الأسئلة للنقاش العام حول هذه القضية المحورية.

أول هذه الأسئلة يبدو كأنه سؤال شكلي أو إجرائي ولكني اعتبره لب الموضوع، وهو يتعلق بطريقة إخبارنا بهذه الخطوة الخطيرة، فقرار بناء عاصمة جديدة لم يتخذه مجلس النواب (لأننا لا نملك هذه المؤسسة بعد بسبب النزاع القانوني الذي تأجلت الانتخابات على إثره لأجل غير مسمى)، ولم تتداوله وسائل الإعلام حتى تلك التي أصبحت فعليًا أبواق للحكومة، ولكنه أُعلن أمام مجموعة من قادة العالم والمستثمرين الأجانب الذين يدّعون أنهم يركزون جهودهم على تعزيز الازدهار في مصر والمنطقة، على حد تعبير وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

ثاني الأسئلة يتعلق بجدوى بناء مدينة جديدة ستكون مساحتها، حسب ما أُعلن، أكبر من مساحة برازيليا وإسلام أباد وتشانديجار مجتمعين، وهن أكبر ثلاث مدن بنيت من عدم في العصر الحديث.

في حديث لشبكة أخبار بلومبرج يوم 26 فبراير، وتمهيدًا لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، أعلن أشرف سالمان، وزير الاستثمار، أن مشروع العاصمة الجديدة سيتكلف 500 مليار جنيه سيتحملها المستثمرون الأجانب.

سؤالي يدور حول جدوى إنفاق هذا المبلغ الضخم على بناء مدينة جديدة، وبشكل أكثر تحديدًا حول إذا كان من الأفضل إنفاق هذا المبلغ على القاهرة الموجودة بالفعل، عاصمتنا لأكثر من ألف عام.

الرد التلقائي الذي يتداوله الكثيرون هو أن القاهرة أصبحت مدينة ميئوس منها، فمشاكل المرور والتلوث والضوضاء جعلت منها مدينة غير صالحة للسكنى أو على الأقل مدينة لا تصلح كعاصمة "تليق بنا"، والغرض من إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة هو تخفيف الضغط عن وسط البلد عن طريق نقل الوزارات والمكاتب الحكومية، بغرض جذب حوالي 5 ملايين نسمة عند إتمام المشروع.
ولكن إذا كان لدينا 500 مليار جنيه، أليس من الأفضل أن ننفق هذا المبلغ على حل مشكلة المواصلات في القاهرة؟ إن الكلفة الإجمالية للخط الأخير من مشروع مترو الأنفاق بلغت قرابة 15 مليار جنيه، وبعبارة أخرى، تكلفة بناء العاصمة الجديدة يمكنها أن تغطي كلفة إنشاء أكثر من 30 خط مترو في القاهرة.

طبعا نحن لسنا في حاجة لبناء 30 خط مترو في القاهرة، ولكن اعتقد أنه لو توافر لدينا هذا المبلغ لتمكنا من إيجاد حلول عملية لمشكلات النقل والإسكان والصرف الصحي والقمامة، بل اعتقد أيضًا أن بهذا المبلغ الطائل سنتمكن من حل مشكلات ما تسميه الدولة بمؤسساتها المختلفة "العشوائيات" أي تلك الأحياء التي يقطنها 63% من القاهرة؛ إذ يمكن لنا أن نوفر لهم الاحتياجات الأساسية التي حُرموا منها على مدار السنوات الخمسين الماضية: مياه الشرب النظيفة والرعاية الصحية والهواء النقي والمرافق الترفيهية وأكثر من ذلك بكثير.

بـ 500 مليار جنيه يمكننا أن نحسن مستوى معيشة الملايين من القاهريين والمصريين الذين يتم التعامل معهم، في أحسن الأحوال، كمواطنين من الدرجة الثانية في بلدهم، فهل فكرنا في عقد مقارنة بين فوائد بناء عاصمة جديدة وفوائد تحسين مستوى معيشة سكان العاصمة الحالية؟

بل يمكن طرح السؤال بشكل أوسع: هل أجرت الحكومة دراسة تقارن بين جدوى بناء عاصمة جديدة وجدوى صرف هذه الأموال الطائلة للتصدى لمشكلة الصرف التي تهدد الدلتا برمتها والتي رفعت من مستوى المياه الجوفية فيها وزادت من ملوحة الأرض الزراعية وأضعفت إنتاجية الفدان؟

ولكن قد يرد البعض ويقول إن هذا المبلغ ليس متوفرًا بالفعل، ولكنه مبلغ وعد به المستثمرون وأصحاب الشركات العقارية بغرض محدد وهو بناء هذه المدينة الجديدة، وهؤلاء المستثمرون ليسوا على استعداد لضخ أموالهم في مشروعات لحل مشاكل العاصمة الحالية.

وردي على هذه النقطة هو أننا يجب أن تكون لنا أولويات واضحة وثابتة وألا نُخضع تلك الأولويات لتوافر فرص التمويل الأجنبي، فهل تكمن أولوياتنا في إنشاء عاصمة جديدة سيتحمل المستثمر الأجنبي كلفة بنائها ولكن ستمدها الدولة بما تحتاجه من كافة المرافق، أم في العمل على تحسين خدمات المدينة القائمة بالفعل ومدها بما تحتاجه من مرافق، وخاصة "العشوائيات"، وتقديم مقترحات لمشاريع ربحية للمستثمر الأجنبي ليستثمر فيها؟

وإذا قيل إن المستثمر الأجنبي لن يرض بضخ أمواله في المدينة القديمة،
فأرد بأننا نريد أن نعلم تحديدًا الشروط التي يشترطها المستثمرون الأجانب لبناء المدينة الجديدة، هل نحن الذين نضع شروط العمل؟ أم أننا بصدد مشروع عقاري ربحي يضع قواعده المستثمرون الأجانب بغرض الربح السريع؟

ولنا أن نتذكر أن مشروع قناة السويس (القديمة وليست الجديدة) كان قائمًا على نفس تلك العقلية "الريعية": هناك مستثمر أجنبي لديه فائض نقدي، وهناك بقعة من الأرض تمتاز بتفرد موقعها وصلاحيتها لإقامة مشروع استثماري على مستوى عالمي، وهناك رغبة من الحكومة المحلية لتيسير العمل لهذا المستثمر الأجنبي، دي ليسبس، حتى يعم النفع على المستثمر والحكومة والمجتمع، وكلنا يعرف كيف أدى غياب أي رقابة مجتمعية إلى أن يتحول المشروع إلى مشروع ربحي أفاد المستثمر الأجنبي ولم يستفد منه المجتمع بالمرة.

ثالث الأسئلة يتعلق بموقع المدينة الجديدة، فعلى مدار اليومين الماضيين تعالت الأصوات قائلة إننا لسنا وحيدين في سعينا لإقامة عاصمة جديدة، وقد سبقتنا دول عديدة في هذا الصدد، ولكن بالمقارنة مع برازيليا أو أنقرة (والأولي استحدثت، أما الثانية فكانت مدينة عريقة في القدم جُددت)، فإن العاصمة الجديدة كانت تبعد آلاف الكيلومترات عن العاصمة الجديدة، وكان الغرض هو نقل مرتكز الحكم والإدارة إلى إقليم ناء حتى يصبح بدوره مركز جذب للسكان وللنشاط الاقتصادي والتجاري والإداري، أما في حالتنا وإذا أخذنا في الحسبان الزيادة السكانية والتوسع العمراني المرتقب، فإن العاصمة الجديدة ستصبح، عمليًا، حيًا من أحياء القاهرة، وإذا كان الغرض هو إقامة مدينة جديدة من عدم والابتعاد قدر الإمكان عن القاهرة بمشاكلها، فلم وقع الاختيار على مكان بهذا القرب من القاهرة المكتظة بسكانها؟ وهنا يقال إن العاصمة الجديدة ستكون بالقرب من طرق الملاحة العالمية التي تمثلها قناة السويس، ولكن ألم يكن من الأنسب، إذا كنا سننشئ مدينة من عدم، أن نفعل ذلك في الصعيد، ذلك الإقليم الذى نضن عليه بالموارد والذي يعاني من الإهمال الحكومي على مدى عقود إن لم يكن أجيال، هذا مع كونه يمثل مركز ثقل سكاني غني؟

رابع الأسئلة يتعلق مرة أخرى بالقاهرة الموجودة بالفعل وبمكانها في خطط الحكومة، أنا أطرح هذا السؤال لهاجس في نفسي، أتمنى أن أكون مخطئًا فيه، وهو أن الحكومة ومعها قطاع كبير من النخبة السياسية والاقتصادية والمالية، يبدو أنها قد ضاقت ذرعًا بالقاهرة وبمشاكلها وبسكانها، فبالإضافة إلى الزحام والضوضاء، هناك المظاهرات والهجمات الإرهابية، تخوفي هو أن يكون الغرض من إقامة المدينة الجديدة هو الهروب من المدينة القديمة وتركها لترزخ تحت وطأة مشكلاتها.

وعلى مدار اليومين الماضيين تلقيت الكثير من التعليقات التي تقول إن ذلك ليس بجديد؛ فتاريخنا، من إخناتون للخديوي إسماعيل، مليء بنماذج لحكام بنوا مدنًا جديدة وتركوا أخرى قديمة، وردي على هذه الأصوات هو الرجوع لتجربة الخديوي إسماعيل، فأنا دارس، على مدار أكثر من عشر سنوات، هذه التجربة تحديدًا، وأستطيع القول بثقة إن علي مبارك والخديوي إسماعيل ومستشاريهم العديدين عندما بنوا "الإسماعيلية" على الأطراف الغربية للقاهرة المعزية، لم يهملوا أبدًا المدينة القديمة،ً صحيح أنهم بنوا دار الأوبرا، وشقوا الشوارع المستقيمة، ونصبوا التماثيل في الميادين الجديدة، واستحدثوا طرازًا جديدًا للعمارة، ولكن ما من درب وما من حارة من "أثمان" القاهرة المعزية العشرة (الجمالية وباب الشعرية وقيسون والأزبكية والسيدة زينب والدرب الأحمر وعابدين والخليفة وبولاق ومصر القديمة ) إلا ونال حظه من الرعاية الحكومية التي كان من أهم سماتها تقديم الخدمات الصحية للأهالي.

سؤالي إذًا هو هل ستحذو الحكومة حذو الخديوي إسماعيل في عنايته بالقاهرة المعزية إضافة لاهتمامه بـ"إسماعيليته"؟ أم ستحذو حذو سلفه، سعيد، في استرضائه دي ليسبس وولعه بتلبية كافة طلباته؟
***

أنا أدرك أن هذه أسئلة صعبة وشائكة، لكني أظنها هامة ومن الضروري طرحها للنقاش المجتمعي وإدارة حوار حولها، وليس الغرض من هذا الحوار هو الوصول إلى اتفاق تام حولها أو العثور على إجابة نموذجية لها، فهذه أسئلة سياسية بطبيعتها، والسياسة يجب أن تكون محل خلاف لا اصطفاف وتوافق.

في أي مجتمع يوجد من يعتقد أن الناس بطبعها غير مؤهلة لحكم نفسها، وآخرون يرون أن الناس بطبيعتها تدرك مصلحتها وتسعى لسعادتها.

وبخصوص مدينتنا، سيكون هناك دائمًا من يعتقد أننا نستحق أن تكون عاصمتنا شيك، حضارية، ذات مصطحات خضراء، على مستوى عالمي، قريبة من طرق الملاحة الدولية، وسيكون هناك آخرون يرون أن ما نستحقه هو مدينة تحفظ لنا آدميتنا، وتقدم لنا الخدمات الضرورية، من صحة لمواصلات لفرص عمل لإسكان لأماكن للترفيه والمتعة.

وسيكون هناك دائمًا من يفضلون الأمن، النظام، البوابات، اللجان الأمنية، المولات التجارية المكيفة، والطرق الواسعة لسير العربات الخاصة، وآخرون يفضلون الميادين المفتوحة، قهاوي الرصيف، المواصلات العامة النظيفة والرخيصة، الشوارع المفعمة بالحياة، والدكك تحت الشجر.

فأي مدينة نبغيها عاصمة لبلادنا؟ 
هذا سؤال يبدو أن حكومتنا قررت ألا تشركنا فيه، ولكنه سؤال يهمنا جميعًا، سواء منا من سكن القاهرة أم لم يسكنها، إنه سؤال ضروري وأساسي يجب أن نطرحه على أنفسنا، ويجب أن نجتهد للتفكير فيه، ويجب أن نتعب للإجابة عليه.

لن نتوصل، بالطبع، لتوافق مجتمعي على إجابة هذا السؤال، فالاصطفاف والاتفاق على سؤال بهذا العمق لن يكون ممكنًا أو مرغوبًا، ولكن بما أني أؤمن أن مصر ليست مكتظة بسكانها بل منورة بأهلها فأنا على يقين أننا قديرون على التصدي لهذا السؤال وعلى قبول اختلافنا حوله.

الاثنين، 16 فبراير 2015

إيران: من الموت لأميركا وإسرائيل إلى الموت للعرب!

إيران: من الموت لأميركا وإسرائيل إلى الموت للعرب! 

علي حسين باكير

لم يكن من الصعب توقع الخطوة التالية التي ستقوم بها إيران، ذلك أن معرفة الخلفية الثقافية والتاريخية والمذهبية للنظام الحاكم في إيران والعقلية التي يدير بها سياساته الخارجية كفيل بأن يوصلك إلى الاستنتاج الصحيح.
في نهاية عام 2013، نشرت تقريرا في مركز الجزيرة للدراسات (الإنجليزي) تحدثت فيه عن مخاطر وانعكاسات اتفاق جنيف السيئ الذي توصل إليه الجانب الأميركي والجانب الإيراني في نوفمبر 2013.
ومن بين الانعكاسات «المتوقعة» التي ذكرتها آنذاك لهذا الاتفاق أنه سيؤدي إلى إعادة صعود إيران ونفوذها الجيوبوليتيكي في المنطقة، وسيقوي من دور الحرس الثوري وأذرع إيران الإقليمية وميليشياتها الممتدة من صنعاء إلى بيروت، وسيطلق صراعا طائفيا في المنطقة.
خلال عام ونيف من هذا الاتفاق، تحقق كل ذلك حرفيا، ونرى اليوم الصراع الطائفي في أسوأ صوره، والمفارقة أنه حيثما وضعت نظرك رأيت العرب السنة يموتون، في سوريا، في العراق، في اليمن، في لبنان... إلخ، والغريب أن المجرم الأَقَلَّوِي يتمتع بحصانة تامة من الملاحقة والعقاب على جرائمه المرتكبة، بل يتم التنسيق معه إقليميا ودوليا، تحت شعار محاربة الإرهاب.
في ذلك التقرير الذي كتبته، ذكرت أن إيران ستتحول قريبا من الموت لأميركا إلى الموت للعرب، والمعادلة كانت بسيطة جدا، فقد ربى نظام الملالي أجياله على الحقد والكراهية ولطالما حركهم بأجندة سياسية فكانوا كالحمار يحمل أسفارا.
لقد كانت شعارات الموت لأميركا (الشيطان الأكبر)، والموت لإسرائيل (الشيطان الأصغر) كالقناع الذي يلبسه المجرم على وجهه ليخفي ملامحه، وما أن وقعت إيران اتفاق جنيف، حتى خلعت القناع.
لقد قام نظام الملالي آنذاك بحملة تنظيف للشوارع والمنشآت مزيلا هذه الشعارات، وما هي إلا أيام حتى جاء الأمر بالتوقف عن ترداد هذه الشعارات في الحسينيات والتجمعات، ولأن هذا الأمر خلق نوعا من الفراغ المستهجن والمستغرب لدى الأتباع، كان لا بد من استبدال هذه الشعارات بشعارات أخرى.
الشعار الذي اختاره الإيرانيون بعد ذلك بديلا لشعار «الموت لأميركا» و «الموت لإسرائيل» هو «الموت للتكفيريين»! 
وهو مصطلح كان الإيرانيون يقصدون به في البداية الوهابيين، ثم توسعوا فضموا إلى هذا المصطلح المعارضة السورية المسلحة، ثم بات يشمل العرب السنة! حتى إنهم ألغوا آنذاك مؤتمر مقاومة الصهيونية الذي أطلقه أحمدي نجاد، ووضعوا بدله سلسلة من المؤتمرات حول محاربة ما سموه «التكفيريين»، وخطر «التكفيريين على السلام العالمي»... إلخ
 وجميعنا يذكر كيف أن سمفونية موحدة انطلقت من حناجر الوكلاء الإقليميين في لبنان (حسن نصرالله) وسوريا (الأسد) والعراق (المالكي) واليمن (الحوثي) تتحدث عن «الإرهاب» و «الإرهابيين» و «التكفيريين»، في وقت كان فيه كل هؤلاء يرتكبون المجازر بحق المدنيين.
هذه النقلة النوعية في الشعارات كانت مفيدة جدا للإيرانيين خاصة أن الشعار الجديد لم يكن دخيلا عليهم، إذ لطالما ردد أتباع الخميني شعار «الموت للعرب» في إيران ولبنان في الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي.
ترداد شعار «الموت لأميركا» كان من شأنه أن يعرض الاتفاق الجديد والتفاهمات الأميركية - الإيرانية التي قامت بناءً عليه للاهتزاز، وكذلك كان الأمر فيما يتعلق بـ «الموت لإسرائيل». لكن الخطير فيما بعد هو تحول شعار «الموت للتكفيريين» عملياً إلى سياسة لقتل العرب السنة في كل الساحات تحت ذريعة محاربة الإرهاب و «داعش» و «القاعدة».
ليس هذا فقط، فالأخطر من ذلك أن الولايات المتحدة رأت في هذه السياسة الإيرانية فرصة لتحقيق تقارب أكبر معها، صحيح أن اتفاق جنيف كان قد تم، وصحيح أن التعاون بين واشنطن وطهران كان يسير بشكل جيد، لكن إدارة أوباما أرادت محفزا (catalyst) يسرع هذا التعاون ويوسعه ويمتنه، فكان العرب السنة في المنطقة هم الضحية.
بعض المقربين من أوباما كانوا ينظرون إبان صعود نجم «داعش» وقبيل الإعلان عن تشكيل التحالف الدولي، لسياسة تقول بأن محاربة «الإرهاب» هي المدخل للتقريب بين إيران وحلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، وأن ذلك -إن تحقق- سيوفر على واشنطن عناء تبرير سياساتها الانفتاحية على نظام الملالي، كما سيحل الإشكالية الناجمة عن التعاون المتزايد مع طهران والتنافر المتزايد مع حلفائها في المنطقة لاسيما تركيا والسعودية.
عندما فشلت هذه المعادلة في تحقيق المراد، توجه الرئيس الأميركي إلى المقلب الآخر، تجاهل العوامل التي أدت إلى صعود «داعش» وأمثالها، لا بل تم ترك هذه العوامل تنمو وتكبر دون أي تدخل لأن إدارته كانت تراهن على ما يبدو على أن هذا الموضوع بالذات هو من سيكون المحفز المطلوب لعملية التطبيع الجارية مع إيران، وهو بالفعل ما يحصل الآن بشكل جلي في العراق وسوريا واليمن وحتى لبنان.
وعلى هذا يتوسع التعاون الأميركي - الإيراني على جماجمنا يوما بعد يوم، تعدد المجرمون والضحية واحدة.?

? ? @ AliBakeer