السبت، 4 يناير 2025

في التأويل الرغائبي للمواجهة الإيرانية الإسرائيلية

في التأويل الرغائبي للمواجهة الإيرانية الإسرائيلية


بقلم: الدكتور صالح النعامي



أثارت أول مواجهة عسكرية علنية بين إيران وإسرائيل الكثير من الجدل في العالم العربي، سيما في الفضاء الافتراضي؛ وكان لافتا أن البعض ذهب إلى الجزم بأن تبادل اللكمات المحدود بين الجانبين كان مجرد مسرحية، اتفقت طهران وتل أبيب وواشنطن على إخراج مشاهدها مسبقا.

فبعض الذين يتبنون هذا التأويل قد تأثروا بالدعاوى القديمة المتهافتة، التي عششت في أذهان البعض، والقائلة إن الصراع بين إيران وإسرائيل صراع “وهمي”، يخفي وراءه تفاهمات – بل وتعاوناً- بين الجانبين.

وتلعب التأثيرات التي أفرزتها ثنائية السنة والشيعة دورا مهما في إملاء تصورات البعض لطابع الاعتبارات، التي تحكم توجهات إيران الإقليمية والدولية؛ حيث يحفز الاستلاب لهذه الثنائية إخضاع التعاطي مع سياسات إيران الخارجية إلى اعتبارات مذهبية. كما أن الموقف من سياسات إيران وسلوكها تجاه العديد من الدول العربية – وتحديدا في سورية- يؤثر على تقييم الكثيرين لسياسات طهران، وتحديدا تجاه إسرائيل.

إن الذي يفند حجج الذين يتلبسون بهذا التأويل الرغائبي للمواجهة الإيرانية الإسرائيلية يكمن تحديدا في سلوك إسرائيل؛ فإسرائيل لم يحدث أن تعاطت مع الكيانات السياسية والتنظيمية في العالمين العربي والإسلامي على أسس مذهبية أو دينية أو أيديولوجية أو مناطقية؛ بل باعتبار مقدار انخراط هذه الكيانات وتلك التنظيمات في سياقات صراع ومواجهة مع هذا الكيان؛ وقدر ما تعكف عليه من مشاريع نهضة لمراكمة القوة، بشكل يفضي إلى خسارة الصهاينة تفوقهم النوعي على الصعيدين العسكري والتقني في المجالين، التقليدي وغير التقليدي.

وعلى هذا الأساس حاربت إسرائيل نظام جمال عبد الناصر القومي، وشنت حربا على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ذات التوجهات العلمانية، وواجهت حركة حماس “السنية”، ودمرت عام 1981 المفاعل النووي الذي بناه صدام حسين البعثي؛ في حين قصفت في 2007 منشأة بحثية نووية تابعة لبشار الأسد.

ليس هذا فحسب، بل إن اتفاق التطبيع، لم يحُل دون تحرك إسرائيل في حملة ضد صفقة تزويد الإمارات بطائرات “إف 35” الأمريكية، خشية أن يخسر سلاح جوها تفوقه النوعي، وهو ما أدى في النهاية إلى إلغاء الصفقة؛ وكذلك حالت التحركات الأمريكية دون موافقة إدارتي ترامب وبايدن على تزويد السعودية بمفاعل نووي للأغراض السلمية.

من هذا المنطلق، فإن إسرائيل ترى حاليا في إيران تهديدا وجوديا واستراتيجيا لثلاثة أسباب رئيسة:

أولا: البرنامج النووي الإيراني، حيث لا تخشى إسرائيل بالضرورة أن تستخدم طهران السلاح النووي – في حال نجحت في تطويره- ضدها؛ بل إن تل أبيب تفترض أن إضفاء شرعية دولية وإقليمية على امتلاك الإيرانيين سلاحاً نووياً سيسرّع من وتيرة سباق نووي في المنطقة، بحيث يتجه المزيد من الدول – وتحديدا السعودية وتركيا ومصر- إلى تطوير هذا السلاح، ما سيُفقد تل أبيب تفوقها على الصعيد غير التقليدي، ويمثل بالتالي ضربةً نجلاء لقوة ردعها.

ثانيا: تبدي إسرائيل قلقا عميقا من توسيع إيران حضورها الإقليمي، سواء عبر دعم جماعات وتنظيمات في العراق وسورية ولبنان واليمن، أو من خلال حضورها العسكري والاقتصادي والسياسي المباشر.

ثالثا: دعم إيران قوة المقاومة الفلسطينية؛ حيث إنه – حسب المنطق الإسرائيلي- لا ينحصر التهديد الذي ينطوي عليه هذا الدعم فقط في تمكين المقاومة من إيذاء الكيان الصهيوني وتهديد عمقه الداخلي؛ بل إن هذا الدعم يسمح أيضا بتواصل الفعل المقاوم، بشكل يفضي إلى الحفاظ على القضية الفلسطينية، وتقليص قدرة تل أبيب على تصفيتها.

طبعا، المستلبون لنظرية المؤامرة، الذين يصورون المواجهة الأخيرة على أساس أنها “مسرحية”، يتجاهلون حساب الدماء الذي تكرس بين إيران وإسرائيل على مدى أكثر من عقد ونصف من الزمان. فلم يعد سرّا أن إسرائيل شنت منذ 2009 مئات العمليات السرية في عمق الأراضي الإيرانية، عمدت في إطارها إلى اغتيال قيادات عسكرية وعلماء ذرة، فضلا عن مهاجمة المنشآت النووية ومرافق صناعية عسكرية.. كذلك تخوض إسرائيل حربا شبه علنية ضد إيران في سورية.

من هنا، فإن رد إيران على استهداف قادتها العسكريين في دمشق، جاء في إطار حرصها على محاولة إرساء قواعد اشتباك، وفرض معادلة ردع جديدة في مواجهة الكيان الصهيوني، الذي تمادى حتى استهدف القنصلية الإيرانية في سورية؛ لكن الذين انشغلوا بالحديث عن “المسرحية” التي انطوت عليها المواجهة الإيرانية الأخيرة، نكاد لا نسمع لهم همسا إزاء استنفار دول عربية، وتجنُّدها لتأمين العمق الإسرائيلي، وتقليص تأثير الصواريخ والمسيرات التي أطلقتها إيران. لقد شاهد الجميع كيف أن دولة عربية لم تكتفِ بأن سمحت للطيران الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني والفرنسي باعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية في مجالها الجوي، بل إنها كلفت أيضا سلاح جوها بأخذ دور في إنجاح هذه المهمة.

يحدث هذا في وقت تمارس فيه إسرائيل، التي هبت نظم حكم عربية لتأمينها، حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، دون أن يشكل هذا الواقع مسوغا لانشغال البعض بتسليط الأضواء على الدور الخطير الذي تنفذه هذه النظم.

وفي كل الأحوال، فإن الانقسام بين منتقد لإيران ومشجع لها في أعقاب مواجهتها الأخيرة مع إسرائيل، يشي بالفراغ الذي يحياه العرب بفعل غياب مشروع نهضوي عربي، تحركه مسوغات أخلاقية، يضمن لهم القدرة على مراكمة قدر من القوة بشكل يسمح لهم بالتأثير على مصيرهم؛ بدل أن تكتفي دولهم بأخذ أدوار وظيفية في خدمة مصالح القوى الأجنبية، دون أدنى مراعاة لتوجهات شعوبها.

قصارى القول، المثابرة الأخلاقية تفرض على المرء الإنصاف، بحيث يطرح رؤى وتصورات مركبة وأن يتجنب السرديات التبسيطية. فرفض سلوك إيران ودورها السلبي في سورية – على سبيل المثال- ليس مسوغا لاجترار تأويل رغائبي لتفسير مواجهتها مع إسرائيل.



الأندلس.. بين الخلافة وأُمّة التّيه

 الأندلس.. بين الخلافة وأُمّة التّيه

يسري الخطيب 

اليوم 2 يناير 2025م، مَـرّت 533 سنة على خروج المسلمين من الأندلس..

إنه السقوط الكبير، وبداية (خيط التريكوه).. فقد تتابعت الكوارث، وتوالت الهزائم، وتهاوت عواصمنا، وترجّل الفرسان.. وأصبحنا أمّة «التيه».



– سيطر المسلمون على الأندلس: (أسبانيا – البرتغال) وليس أسبانيا فقط كما هو شائع للأسف، وكانت تُسمّى شبه جزيرة أيبيريا، لمدة 8 قرون.. من سنة 711م حتَّى سنة 1492م.



– لقد شبع التاريخ الإنساني وارتوَى.. شبع حتى التخمة، وارتوى حتى الثمالة، من المآسي والغرائب والعجائب.. والتاريخ هو ظل الإنسان على الأرض، والأرض هي المسرح الذي لا يألو جهدًا في تبديل الأدوار والمجاميع والأبطال..

ولكنهما: الأرض والتاريخ.. لا يستطيعان أبدًا تغيير الأحداث، وتلوين الظل.



– ويظل عام 1492م، هو العام الفاصل في تاريخ البشرية.. تغيّر فيه وجه العالم كما لم يحدث من قبل..

غربت فيه حضارة الأندلس التي قامت على التسامح والسلام..

وبدأ فيه عصر جديد لحضارة قاسية لا تعرف الرحمة..

أمريكا والأندلس..



بداية ونهاية

شروق وغروب..

ولكن هيهات هيهات.



– في أكتوبر 1492م، أبحر «كريستوفر كولمبس» على ظهر السفينة «سانتا ماريا» وبصحبته سفينتان أصغر حجما هما: «اليذنا» و«البيذتا» وبرفقته 120 رجلا إلى المحيط المجهول..

وكانت تلك هي البداية المعروفة لاكتشاف أمريكا وتدمير حضارة الهنود الحُمر.. اكتشاف الدمار وتدمير المُكتشف!!

(المكتشف الحقيقي والأول لأمريكا هو القبطان والبحّار، وراسم الخرائط التركي: أحمد محيي الدين بيري، وشهرته: الريّس بيري.. وقد عاش معظم عمره في مصر، وتُوُفيَ في القاهرة، اكتشف الريّس بيري أمريكا قبل كولومبس، بحوالي 27 سنة.. أي في عام 1465م، وقام أيضا برسم خريطة لهذه القارة بدقة عالية، والخريطة موجودة في متحف إسطنبول.. وقّعَ عليها “بيري ريّس” شخصيًا..



لم يقتل الريّس بيري سكان أمريكا الأصليين كما فعل كولومبس وأحفاده، بل نشر الإسلام، وغادرها، فجاء كولومبس ورجاله فحرثوها وقتلوا سكانها، ومحوا تاريخها.. وهذا موضوع آخر سنتحدث فيه لاحقا إن شاء الله)



لقد حكم العرب بلاد الأندلس من 711م حتى 1492م.

(781 سنة).. وليس 5 قرون كما هو شائع..

الأندلس القوة العظمى على وجه الأرض


– كانت الأندلس (أسبانيا + البرتغال) هي القوة العظمى على وجه الأرض، والقطب الأوحد الذي يسيطر على الدنيا، والشمس التي تشع عدلاً وعلمًا ورحمة..

حتى كان الأفول المشؤوم، والاستثناء الوحيد من القاعدة التاريخية التي تقول:

(إن الإسلام إذا بلغ أرضا استقر فيها إلى الأبد).. ولكن الأندلس كانت الاستثناء الوحيد في تاريخ الإسلام..

– وعندما تسلّمت الملكة الكاثوليكية المتعصبة «إيزابيلا دي كاستيلا» آخر مفاتيح الأندلس، وَقّعَت على معاهدة احترام الأديان،

ولكنها سرعان ما نقضتها وقتلت كل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، على أرض الأندلس..

ليخرج الإسلام من هذه الأرض حتى حين.. ولكنه يعود كعادته دائما يزلزل من ظنوه انتهى..

– فقد تزايدت أعداد المسلمين في إسبانيا في السنوات الأخيرة بصورة أزعجت المراقبين الحاقدين، ودكت حصون الكارهين للإسلام في عُقر دارهم..

وتلك هي عبقرية الإسلام..

– أما الملكة «إيزابيلا» فقد فضحها التاريخ بعد أن خرجت الدراسات من أسبانيا وبريطانيا وإيطاليا.. وأعلنت الحقيقة المؤلمة وكشفت السر العظيم..



لقد سقطت الأندلس وقامت أمريكا في نفس العام لأن الملكة «إيزابيلا» استولت على كل أموال المسلمين وممتلكاتهم في الأندلس بعد وقوعها.. وموّلَت بها رحلة «كولمبس» لاكتشاف أمريكا..

– أموالنا هي التي اكتشفت أمريكا..




حتى لا ننسى.. نحن الذين دفعنا أجور “كولمبس” ومن معه..

قامت أمريكا على دمائنا وما زالت.. لأنه دورها المرسوم..

ولذا كان لا بد أن تختفي حضارة الإسلام في الأندلس؛ لتظهر حضارة «الكاوبوي» والهمج في أمريكا..

وتستمر اللعبة..

الصهيونية ومخطط هدم الكتل الصلبة

 

الصهيونية ومخطط هدم الكتل الصلبة
صورة عبد المنعم إسماعيل

عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية

الصهيونية منهج شيطاني تعمل منذ مؤتمر 1897 على تفكيك الكتل الصلبة في الأمة العربية والإسلامية وبدأت مخططها بهدم الخلافة العثمانية 1924 بعد إقرار خرائط الدم وحدود سايكس بيكو ثم تمدد المشروع الصهيوني عقب دعم شيطان القرن الخميني من أجل استثماره في ضرب الكتلة السنية الأشد صلابة في العراق العظيم خلال حرب ال ثمانية سنوات حتى أعلن الشيطان الخميني الاستسلام وقبول وقف إطلاق النار في 8-8-1988 وهنا لجئت الصهيونية إلى فخ حرب 1990عقب احتلال الكويت فكانت الفرصة سانحة للجيوش الصهيونية للقيام بما عجزت عنه إيران فتم تدمير العراق عن طريق الحصار وحين صمد العراق كان مخطط أكاذيب الأسلحة الكيميائية العراقية ليتم القضاء على الكتلة العراقية الصلبة وهي الدولة العراقية والجيش العراقي ليتم بناء عصابات شيعية مجرمة قتلت مليون عراقي وهجرت الملايين خدمة للصهيونية العالمية وتستمر الصهيونية في دعم طاغية الشام الذي يقتل المسلمين منذ 2013 حتى 8-12-2024 حين استغل المجاهدون في الشام ضرب إسرائيل لحزب الشيطان اللبناني باعتباره كتلة صلبة وظيفية تجاوزت الخط الأحمر الصهيوني فكان وجب التأديب له حسب رؤية قادة الخراب في تل ابيب وفي يوم التاسع مع ديسمبر عقب انتصار المقاومة السورية وإسقاط بشار الصنم كانت الأمة السورية على موعد مع الغزو الصهيوني وكأنهم يريدون تحويل الطاغية إلى بطل وهو مجرم خان الشام وقتل أهلها بل سلم اليهود مخططات القواعد السورية لضربها ليعيش أهل السنة بين كارثتين كارثة استمرار بشار وهذا لم يحدث وكارثة تفكيك أهل السنة في جماعات متناحرة وهذا نسال الله ان لا يكون .

ثم يمضي الصهاينة في ضرب الكتلة الصلبة في اليمن لا لكونهم شيعة رافضة بل لمجرد محاولة التهديد للكيان اللقيط.

ويستمر الحلم الصهيوني في تفكيك دول المنطقة دولة بعد أخرى معتمدين كل السبل سواء تسويق مظلومية الشيعة أو كربلائيات الواقع السني الناتج عن الحكم الشمولي الظالم المهم الوصول إلى نقطة صفرية وهي خراب الوطن نتيجة صفرية الرؤية التي نجحت مع النظام الشيطاني السوري الذي لم ولن تشهد البشرية شبيه له في التاريخ الا محاكم التفتيش في بلاد الأندلس المحتلة ومن ثم يسعى البعض إلى تعميم الرؤية على الجميع رغم عدم التشابه لا في العقيدة أو الواقع وذلك لتحقيق العلو الإسرائيلي المؤقت حال نجاح مخطط الصراع الصفري في بلدان أهل السنة المحيطة بالدولة الفلسطينية المحتلة في المستقبل القريب أو البعيد وهنا سؤال هل هذا الحلم ممكن؟!


يقين لا شك فيه

إن بقاء إسرائيل أو الصهيونية مجرد ظرف وقتي أو مجرد مرحلة زمانية قصرت أو طالت لكن العاقبة حتما للمتقين وقضية زوال الصهيونية مسألة وقت لأنها نتيجة لحالة الهلاك البيني بين الأمة العربية والإسلامية الشاملة التي تمثل العمق التاريخي للإسلام العظيم والسنة المحمدية الصحيحة وفهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.


الخلاصة
إن ثبات الدول السنية عامة ومصر خاصة أمام مشروع التقسيم الصهيوني يعتبر عمل بطولي في أزمنة التيه المعاصرة التي تقسم المقسم حتى تجعل لكل كتلة صلبة في الأمة كتلة أو كتل سائلة منها لتحقيق المخطط الجهنمي في الأمة وكل هذا يدفع العقلاء إلى منهجية الإصلاح الذي يحافظ على فاعلية الكتل الصلبة للأمة المصرية بعيدا عن أوهام الصدام الذي يدمر الجميع فالعاقل يتمنى الصلاح والإصلاح بعيدا عن همجية الصدام بين الأمة العربية والإسلامية ومن هنا تتكون الرؤية الشاملة لمسائل الخلاف الموجب للنصيحة لا النزاع المؤسس لتيه الهلاك والفشل وذهاب الريح.

حقيقة الإمامية الإثنا عشرية

حقيقة الإمامية الإثنا عشرية

عبد الرزاق المهدي 

(1)


كثر الاختلاف والاضطراب هذه الأيام في حكمهم عن الإمامية الإثنا عشرية سواء بين مشايخ الحجاز وبين مشايخ الأزهر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أو بين الجماعات الإسلامية..

وللبيان: غلاة الرافضة اكتسحوا باقي تلك الفرق فلم يبق اليوم شيعة بالمعنى الاصطلاحي.

فكلامنا هوعن الإمامية الإثني عشرية كبرى فرق الشيعة قديما وأما اليوم فهي الفرقة الوحيدة اليوم التي تمثل ما يعرف بالشيعة.

فقد اضمحلت وتلاشت فرق الشيعة منذ ظهور الدولة الصفوية وبقي الزيدية في اليمن وعدد قليل منهم في العراق.

ولما كان عهد الخميني وجاء بنظرية ولاية الفقيه تم الإجهاز على بقايا الزيدية في العراق إلا شرذمة كما تحول معظم زيدية اليمن إلى روافض بواسطة الحوثي.

باختصار: الإمامية قد جمعوا في معتقدهم بين الكفر والشرك.. فهم متلبسون بكفريات متعددة وشركيات كثيرة مع موبقات إضافة إلى خزعبلات وأساطير نسجوها كضرب عمر رضي الله عنه لفاطمة رضي الله عنها وكسر ضلعها وغير ذلك..

فهم طائفة مارقة لا حظ لهم في الإسلام.

والله تعالى أعلم.

حقيقة الإمامية الإثنا عشرية 

(2)

في هذا المقال سنذكر لكم أقوال علماء أهل السنة في الإمامية سواء من حكم بكفرهم صريحا أوتلميحا.

هذه طائفة من كلام أئمة وعلماء أهل السنة في حكم الإمامية..

روى الخلال عن أبي بكر المروزي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ليس له اسم، أوقال: نصيب في الإسلام.


وقال ابن كثير عن قوله تعالي:
(مّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكفَّارِ رحَمَاء بَيْنَهُمْ.. إلى.. يعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)

قال: «ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة قال:

لأنهم يغيظونهم، ومن غاظه الصحابة فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفةٌ من العلماء رضي الله عنهم على ذلك»

(تفسير ابن كثير).

 وقال القرطبي: «لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله..»

وروى الخلال عن المروزي قال: سألت أحمد عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما أراه على الإسلام.

وروى الخلال عن أحمد: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: «من شتم أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون مرق من الدين» (السُنة) للخلال.

ليست الرافضة من الإسلام في شيء
وفي كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة: «هم الذين يتبرأون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرونهم إلا أربعة: عليّ والمقداد وعمار وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء» السنة للإمام أحمد

– قال ابن عبد القوي: «وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ من الصحابة ومن سب عائشة أم المؤمنين ورماها بما برأها الله منه».

كتاب (ما يذهب إليه الإمام أحمد- ص21).

– قال البخاري: «ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم» (خلق أفعال العباد –ص125).

– وروى الخلال من طريق موسى بن هارون قال: «سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر، قال: كافر، قال: فيصلى عليه؟ قال: لا، وسألته كيف يصنع به وهو يقول لا إله إلا الله؟ قال: لا تلمسوه بأيديكم، ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته» (السنة) للخلال 2/566.

– وقال أحمد بن يونس: «لو أن يهوديًّا ذبح شاة وذبح رافضي، لأكلت ذبيحة اليهودي ولم آكل ذبيحة الرافضي؛ لأنه مرتد عن الإسلام». الصارم المسلول ص570.

الرد على الجهمية والمشبهة
– قال ابن قتيبة: «إن غلو الرافضة في حب علي، وادعائهم له شركة النبي صلى الله عليه وسلم في نبوته،

وعلم الغيب للأئمة من ولده وتلك الأقاويل والأمور السرية قد جمعت إلى الكذب والكفر إفراط الجهل والغباوة»

(الرد على الجهمية والمشبهة. ص47).

الفرق بين الفرق
– قال عبد القاهر البغدادي: «وأما أهل الأهواء من الجارودية والجهمية والإمامية الذين كفروا خيار الصحابة فإنا نكفرهم ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا ولا الصلاة خلفهم» (الفرق بين الفرق – ص357).

 وقال: «تكفير هؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء وقولهم بأنه يريد شيئًا ثم يبدو له شيئًا ثم يبدو له وقد زعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه؛ لأنه بدا له فيه…، وما رأينا ولا سمعنا بنوع من الكفر إلا وجدنا شعبه منه في مذهب الروافض» (الملل والنحل –ص52، 53).

– وقال القاضي أبو يعلى: «وأما الرافضة فالحكم فيهم من كفر الصحابة أوفسقهم بمعنى يستوجب به النار فه وكافر» (المعتمد – ص267).

الفصل في الملل والأهواء والنحل
– وقال ابن حزم: «وأما قول النصارى- في دعوى الروافض تبديل القرآن، فإن الروافض ليسوا من المسلمين،

إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة،

وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر» (الفصل في الملل والأهواء والنحل 2/213).

وقال الإسفراييني: بعد ذكر جملة من عقائد الإمامية: «وليسوا في الحال على شيء من الدين ولا مزيد على هذا النوع من الكفر إذ لا بقاء فيه على شيء من الدين» (التبصر في الدين ص 24، 25).

المستصفي للغزالي
قال الغزالي: «ولأجل قصور فهم الروافض عنه ارتكبوا البداء ونقلوا عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يخبر عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيه فيغيره،

وحكوا عن جعفر أنه قال: ما بدا لله شيء كما بدا له إسماعيل أي في أمره بذبحه،

وهذا هو الكفر الصريح ونسبة الإله تعالى إلى الجهل والتغير» (المستصفي للغزالي 1 /110).

وَقال القاضي عياض: «نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم: إن الأئمة أفضل من الأنبياء».

قالَ: «كذلك نكفر من أنكر القرآن أو حرفًا منه أو غير شيء منه أو زاد فيه..»

وقَال السمعاني: «واجتمعت الأمة على تكفير الإمامية؛ لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة وينكرون إجماعهم وينسبونهم إلى ما لا يليق بهم» (الأنساب 6/482).

الصارم المسلول
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت أو زعم أنه له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة فلا خلاف في كفرهم».

وقال: «ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشر نفسًا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لاريب أيضًا في كفره؛

لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم،

بل من يشك في كفر مثل هذا؟ فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق،

وأن هذه الآية التي هي (كنتم خير أمة أخرجت للناس) آل عمران: 110،

وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارًا أو فساقًا فكفر من قال ذلك مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام» (الصارم المسلول ص586، 587).


وقال أيضًا في (مجموع الفتاوى 28/482) عن الرافضة: «أنهم شر من عامة أهل الأهواء وأحق بالقتال من الخوارج».

البداية والنهاية
وقال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية 5/252) بعد أن ساق الأحاديث الثابتة في السنة والمتضمنة نفي دعوى النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي:

«وكان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته من أن يفتأتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا،

ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطؤ على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم ومضادته في حكمه ونصه،

ومن وصل بالناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام، وكان إراقة دمه أحل من إراقة المداد».

الرد على الرافضة
وقال أبو حامد المقدسي في (الرد على الرافضة ص200) بعد حديثه عنهم:

“لا يخفي على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمنا في الباب قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد مع جهل قبيح، لا يتوقف الوقوف عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام”.

المناظرة بين السنة والرافضة
وقال أبو المحاسن في (المناظرة بين السنة والرافضة): “إنهم يكفرون بتكفيرهم للصحابة الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن بقوله تعالى (لتكونوا شهداء على الناس) البقرة:143،

وبشهادة الله تعالى لهم أنهم لا يكفرون بقوله تعالى: (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين) سورة الأنعام:89.

شم العوارض في ذم الروافض
* وقال ملا عليّ القاري في (شم العوارض في ذم الروافض): «وأما من سب أحدًا من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة فإنه كافر بالإجماع» انتهى.

وانظر ما يأتي..
فهذا الذي ذكرناه في حكم الروافض الإمامية هو شيء يسير من اقوال أهل العلم..

وهناك ما يزيد على ٥٠٠ عالم من أهل السنة قالوا بكفر الإمامية تصريحا أو تلميحا…

وسننقلها فيما بعد إن شاء الله.

لكن قبل ذلك سنفصل القول في بيان أصول وعقائد هذه الطائفة المارقة من الدين.

فما ينبغي أبدا التساهل ولا التهاون في قوم يقولون بتحريف القرآن ويكفرون الصحابة ويسبونهم ويبغضونهم..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سبَّ أصحابي، فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ» أخرجه الطبراني عن ابن عباس وله شواهد كثيرة فهو حديث صحيح.

والله اعلم.

الجمعة، 3 يناير 2025

هل سيضحون بالدعم السريع؟

هل سيضحون بالدعم السريع؟

في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2024 وبحلول الذكرى التاسعة والستين لاستقلال السودان، وجّه رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان خطابًا للمواطنين اشتمل على قضايا محلية وإقليمية ودولية.

وكان اللافت فيه أنه أكد على استعداد السودان للانخراط في أي مبادرة حقيقية تنهي الحرب وتضمن عودة آمنة للمواطنين إلى بيوتهم، لكنه أشار مستدركًا إلى أن أي مبادرة تعيد الأوضاع إلى ما قبل 15 أبريل/ نيسان 2023، هي مرفوضة، مضيفًا (لا يمكن القبول بوجود هؤلاء القتلة والمجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى)، ويعني بذلك قوات الدعم السريع وجناحها السياسي تنسيقية القوى المدنية المعروفة بـ (تقدم)، وهو ما يعني في المحصلة النهائية استبعاد ورفض أي حل سلمي يتضمن عودة هؤلاء إلى الحياة العامة في السودان.

وقد جاء خطاب البرهان في هذه الجزئية الخاصة بالعملية السياسية موافقًا لما كان أعلنه السفير الحارث إدريس مندوب السودان الدائم بالأمم المتحدة في بيان ألقاه في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أمام جلسة الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن الدولي حول السودان الذي تناول بالتفصيل القضايا الإنسانية المرتبطة بالحرب الدائرة، وموقف الحكومة السودانية الداعم لجهود توصيل المساعدات الإنسانية للنازحين، وحرصها على حماية المدنيين، وتنفيذ القرار 1591 في دارفور، والقرار 2736 المتعلق بالملكية الوطنية لصنع السلام، ووقف الحصار على الفاشر والمدن الأخرى التي تحاصرها قوات الدعم السريع.

وكشف ذلك البيان عن مزيد من الأدلة التي تثبت تزويد قوات الدعم السريع بالدعم العسكري واللوجيستي عبر عدد من دول جوار السودان واستخدام مهابط طيران سرية في مدينة (نيالا) بجنوب دارفور.

كما تطرق إلى قضية المرتزقة الكولومبيين الذين شاركوا في الحرب إلى جانب قوات الدعم السريع، وضرورة إدانة المنظمة الأممية لقوات الدعم السريع بخصوص حماية المدنيين لردعها عن الاستمرار في ارتكاب المزيد من الخروقات، وتأكيده على أنه ستكون هناك عملية سياسية شاملة في البلاد يتم ابتدارها بعد وقف الحرب وفق رؤية وطنية خالصة.. وتأكيده (القاطع) على أنه لن يكون لقوات الدعم السريع أي دور في هذه العملية السياسية، ولا في مستقبل السودان.

وهذا التأكيد يعتبر تطورًا جديدًا له أهميته، فهو يضع حدًا لكل التكهنات التي ترد بشأن مستقبل الحياة السياسية في السودان عقب انتهاء الحرب، وماهية القوى السياسية التي ستكون فاعلة فيها، وتلك التي سيتم استبعادها.

هذا الشق من بيان مندوب السودان بالأمم المتحدة الخاص بالموقف السياسي ما بعد الحرب، له دلالات عديدة أكسبته أهمية خاصة، في هذا التوقيت الذي تتسارع فيه الأحداث على الصعيد العسكري، حيث يشهد الميدان تقدمًا واضحًا للجيش والقوات المتحالفة معه، وتقهقرًا كبيرًا لقوات الدعم السريع وفقدانها لكثير من المناطق التي ظلت تسيطر عليها منذ بداية الحرب وتحديدًا في العاصمة الخرطوم، في وضع ينذر بالوصول بها إلى حالة انهيار مفاجئ، خاصة أن الخلافات بين المكونات القبلية داخل هذه القوات آخذة في الاتساع مع اشتداد المعارك، وقد شهد الأسبوع الماضي مواجهات عنيفة بين مكونات تلك القوات سقط جراءها عدد غير قليل من القتلى.

ويمكن استخلاص عدد من الدلالات من وحي حديث مندوب السودان في الأمم المتحدة في شقه الخاص بالعملية السياسية ما بعد الحرب، مقرونًا بما جاء في خطاب البرهان في ذكرى الاستقلال في هذا الشأن على النحو الآتي:

  • أن الحكومة السودانية ترى أن الحسم العسكري لصالحها بات قاب قوسين أو أدنى، وتريد أن تشرع في رسم إطار لما سيكون عليه المشهد السياسي بالبلاد بعد الحرب، وتريد إطلاع المجتمع الدولي على هذا الإطار، وإشهاده عليه، لقطع أي شكوك قد تنتاب القوى الدولية الفاعلة حول المستقبل السياسي في السودان، وبصورة أكثر تحديدًا حول دور الجيش في السلطة ومصير الحكم المدني.
  • إغلاق الباب عمليًا أمام أي مبادرات أو اتفاقات سابقة أو لاحقة للتفاوض مع قوات الدعم السريع حول تسوية تعيدها إلى وضعها السابق ما قبل 15 أبريل/ نيسان 2023.
  • أن القوى والتنظيمات السياسية والاجتماعية وحركات الكفاح المسلح ومنظمات المجتمع المدني والقيادات الأهلية المحلية والطوائف الدينية التي وقفت مؤيدة ومساندة للجيش ومقاتلة في صفه ضد قوات الدعم السريع ستكون جزءًا أصيلًا ولاعبًا أساسيًا في المسرح السياسي بعد الحرب. وبالمقابل، فإن القوى والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الأهلية والرموز الطائفية التي ساندت الدعم السريع في الحرب، وعلى رأسها تنسيقية (تقدم) برئاسة حمدوك والمتحالفين معها، لن يكون لهم أي دور في مستقبل السودان ولن يكونوا جزءًا من أي وفاق سياسي. ومن المفارقات المرتبطة بهذه الدلالة أن قوى الحرية والتغيير التي كانت تعرف اختصارًا بـ (قحت) قبل أن تتحول إلى (تقدم) لاحقًا بعد نشوب الحرب، أنها لطالما أكدت على النص الوارد في الوثيقة الدستورية الذي يقول بشمول العملية السياسية لكل القوى السياسية، ما عدا حزب المؤتمر الوطني (الذي يمثل الإسلاميين)، وها هي اليوم تنطبق عليها نفس العبارة، على لسان مندوب السودان في الأمم المتحدة.
  • ويرتبط بالدلالة السابقة ضمنًا أن الإسلاميين سيكونون جزءًا من المشهد السياسي القادم بحكم وقوفهم المعلن مع الجيش ضمن "المقاومة الشعبية" التي تقاتل الدعم السريع تحت إمرته، فضلًا عن دعمهم وتأييدهم لسياسات الحكومة وتعاطيها مع الشأن العام السوداني وحركتها الخارجية، وموقفها من بعض القوى الإقليمية، وتحالفاتها مع بعض القوى الفاعلة على الصعيد الدولي، وهو تطور مهم يعكس حجم التغيرات الهائلة التي أحدثتها الحرب في مصفوفة التحالفات السياسية على المسرح السياسي في الداخل.
  • كذلك فإن حركات الكفاح المسلح المساندة للجيش والمعروفة بـ (القوات المشتركة) هي الأخرى سيكون لها دور سياسي بعد الحرب، عبر أذرعها السياسية، وحواضنها الاجتماعية. ويقتضي تحقيق ذلك، توفيق أوضاع هذه الحركات فيما يتعلق بالشق العسكري لها، وهذا ربما يتم وفق ترتيبات فنية خاصة يتفق عليها لإدماجها في الجيش والقوات النظامية الأخرى، وهو الحل الأوحد الذي يضمن تفادي تكرار تجربة قوات الدعم السريع، وتحقيقًا لمبدأ وحدة وقومية المؤسسة العسكرية. وفكرة الدمج تجد ترحيبًا واسعًا من قبل هذه الحركات حاليًا، وهو ما لم يكن مقبولًا لديها في السنوات التي سبقت الحرب.

ومن المتوقع أن تثير هذه التطورات بشأن مبادرات الحل السلمي وإطلاق العملية السياسية بعد الحرب جدلًا واسعًا خاصة في أروقة القوى السياسية المساندة للدعم السريع، ومن ورائها القوى الإقليمية الداعمة لها التي بدأت تستشعر ضعف الموقف العسكري الميداني، وتصاعد الخلافات داخل جناحها السياسي (تقدم) بخصوص مقترح تشكيل حكومة منفى، وهو خلاف مرشح للتفاقم بما يمكن أن يفضي إلى انقسام وتشظٍّ، وينتج عن ذلك خروج هذا الجسم عن دائرة التأثير والفعل السياسي في الحياة السياسية في السودان، ودخولها في نفق مظلم.

فهل تستسلم هذه القوى ومن خلفها لهذا المصير، أم تسعى إلى إيجاد روافع أخرى تعيدها إلى دائرة الفعل رغم انسداد مسالك العودة بعد شراكتها طيلة أشهر الحرب لقوات الدعم السريع بما ارتكبته من جرائم في حق المدنيين وثقتها مؤسسات حقوقية وصحفية كبرى عديدة حول العالم؟

هل ستسعى (تقدم) إلى التمسك بأمل العودة ولو على تراث المصالحة الأهلية، أو ما يعرف بـ (الجودية) في الثقافة السودانية، والتعلق بحبل (عفا الله عما سلف)؟ وهل الشعب السوداني سيقبل بذلك هذه المرة كما قبل بها في سالف الحروب والخلافات السياسية، أم أن الأمر مختلف هذه المرة؟

لكن السؤال الأكثر أهمية هو: هل ستتخلى القوى الإقليمية الداعمة للدعم السريع وجناحها السياسي عنهما مقابل صيغة تسوية تضمن لها مصالحها؟ وهل الحكومة السودانية على استعداد لتقديم تنازلات لهذه القوى مقابل رفعها يدها نهائيًا عن الدعم السريع وجناحها السياسي؟!

لا أحد يستطيع إعطاء إجابة جازمة في الوقت الراهن على الأقل.





في ذكرى سقوط الاندلس، وداعا فرناندو

 في ذكرى سقوط الاندلس، وداعا فرناندو

  العمريد.أحمد خيري العمري

فرناندو..
أم هل أناديك فرديناند؟ لا فرق، فرناندو، أو فرديناند.. فمنذ أن رأيتك في تلك اللوحة، وأنت تمد يدك ليقبلها أبو عبد الله الصغير، وأنا لا أستطيع الكف عن التفكير بك، بكما، بتلك اللوحة..
فرناندو ..
لعلك أدركت، أو لم تدرك، وأنت تأمر برسم تلك اللوحة، أنك قد دخلت التاريخ، وأن الزمن سيتوقف عند تلك اللوحة لفترة طويلة.. كما تتوقف الصورة في فيلم تشاهده.. نضغط على زر الجمود، فتتوقف الصورة.. أحياناً لأنك مشغول ولا تريد أن يفوتك شيء، وأحياناً لأن الصورة أعجبتك وتريد أن يمليَّ عينك بها..
ولكن أحياناً، لأنها آلمتك، لأنها صفعتك..و لأنك تريد اخذ الصفعة الى مداها..
* * *
فرناندو .. أوقفت الصورة عند تلك اللوحة.. ولو كان الأمر بيدي، لحاولت أن أمحوها –أن ألغيها– أن أتصرف كما لو أنها لم تكن.. البعض يفعل ذلك فعلاً.. لكن ذلك لن ينفع، لم يكون سوى إنكاراً، لن يكون سوى هروباً من الحقيقة عبر دفن الذاكرة في رمالٍ متحركة..
فرناندو، أوقفت الصورة عند يدك الممتدة بكبرياء، كبرياء المنتصر، وشفتي أبي عبد الله الصغير تلثمها بذلّ، ذلّ المهزوم..
فكرت أن تلك الصورة يجب أن تكون في دفاترنا وكتبنا وتحت وساداتنا.. يجب أن تكون في ساحاتنا وشوارعنا..
ليس جلداً للذات، فرناندو، ولا مازوشية وحباً في إيذاء النفس..
ولكن ربما لأن "ترميم الذات" – إن شئت – سيتطلب ذلك.. سيتطلب أن أمعن النظر في تلك اللوحة-على ما فيها من أذى.. عليّ أن أفعل ذلك..
بعض العلاجات مؤلمة، كما تعلم، فرناندو..
لكن لا بد منها، كما تعلم أيضاً فرناندو..
* * *
الصورة تقف..
لكن يخيل لي أن تاريخنا أيضاً قد وقف عندها، سواء وعينا ذلك أم لو نعيه..
بطريقة ما، بل بطرق مختلفة، ما تزال يدك ممدودة.. ورأسك مرفوع بكبرياء المنتصر..
وما يزال هناك منا، من يقبل يدك، ورأسه محني بخضوع..
الأسماء تغيرت حتماً يا فرناندو.. لكن غرناطة ما تزال تسلم، بطريقةٍ ما، كل ليلة .. و ليلة سقوطها هي ليال عمرنا كلها....
* * *
كأن التاريخ وقف هناك.. كأننا دخلنا في تلك الدوامة وعجزنا عن الخروج منها، بل كأننا اعتبرنا أن الدخول في تلك اللوحة، والتماهي معها هو الوضع الطبيعي، كأنه قدر لا مفر منه..
البعض استمرأ أن يكون رأسه منحياً لتقبيل يدك أو يد فرناندو آخر.... البعض أعجبه ذلك، على أمل أن يصير مثلك ، البعض تنافس مع البعض الآخر في التقبيل بحرارة أكبر.. آملاً بحظوة المهزوم عند المنتصر – وبعضنا نظر ومجّد لذلك.. وبعضنا قبلها – ودعا عليها بالكسر – و كان ذلك أضعف الايمان..
اختلفت الوسائل يا فرناندو .. لكن تاريخنا – على الاقل جزء كبير منه – يبدو كأنه توقف عند تلك اللوحة..
* * *
ولا ملامَ يا فرناندو.. لا لوم عليك بالذات، إنما أنت العدو..
وهل يلام العدو على أنه عدو؟..
إنما فعلت ما يجب أن تفعله.. نكثك لعهودك التي وقعتها يوم سلمك عبد الله الصغير غرناطة إنما يتوافق مع كل قيمك – التي يبرأ منها أي دين حتى لو ادعيت زوراً الانتساب إليه..
كل ما اقترفته، سابقاً، ولاحقاً – لا يمكن أن يلام عليه عدو.. العدو – بالتعريف يفعل ذلك.. خاصة إذا تجرد من القيم..
إنما اللوم يقع على الطرف الآخر من اللوحة.. الذي كان يقبل بذل يدك الممدودة بتكبر..
أتحدث إليك فرناندو، وأنا أضمر الحديث عنه، وإليه.. لكني لأسباب مختلفة لا أرغب في الحديث إليه مباشرةً.. لا أريد أن أنزلق إلى لومه – كفرد – أو تقريعه كفرد .. رغم أن ذلك سهل جدا و رغم أن ذلك قد حدث مرارا..
أدرك تماماً، أن الأمر أكبر منه، و حتى منك فرناندو..
* * *
هناك كتاب، يا فرناندو، ربما أهنته وأهانه جنودك بينما كانوا يسفكون دماء أهل غرناطة ويستبيحون أعراضهم وأغراضهم.. ربما داسه جنودك بأقدامهم – وربما أحرقوه ومزقوه.. وربما فعلوا ما هو أكثر من ذلك..
أقول لك، يا فرناندو، إن من قبّل يدك، وربما قومه معه، أهانوا ذلك الكتاب أيضاً، رغم كل مظاهر التبجيل والاحترام التي قدموها له، أهانوه بطريقة ما، رغم حرصهم على تزيينه وزخرفته، أهانوه، بأن وضعوه على "رفٍ" ما، في غير موضعه – أهانون بأن لم يقرؤوه كما يجب – وهل تنزل إلا ليقرأ؟..
أهانوه بأن هجروه..
فكان ما كان..
* * *
في ذلك الكتاب، هناك سطر، نسميه نحن آية، تلخص كل ما حدث.. ويبدو أن من قبل يدك لم يقرأها، أو أنه قرأها ولم يفهمها.. أو ربما فهمها ولكن بعد فوات الأوان.. ربما فهمها عندما ألقى النظرة الأخيرة على غرناطة، يوم التفت متنهداً في ذلك الموضع المطل على المدينة، الذي سمى، لاحقاً، "تنهيدة العربي الأخيرة"..
ربما كان يفهمها أصلاً – لكن مثل فهمنا نحن: فهم بلا تطبيق.. وبالتالي فهم مع وقف التنفيذ: لا يسمن، ولا يغني من جوع..
لعلك تسأل فرناندو – عن هذا السطر، عن هذه الآية..
إنها تقول:
{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ}
[الرعد: 13/11]..
وقد كان تغييراً كبيراً هذا الذي حدث، والذي جعل من أمير غرناطة، يقبل يدّك يا فرناندو.
ما كان جدك ليتصور في اقوى احلامه بأن حاجب أمير غرناطة سيقبل يده.. وليسَ أميرَها.. وما كان أجداد أمير غرناطة ليفكروا مجرد التفكير بأن واحداً من سلالتهم سيفعلها..
لكن التغيير حدث.. وصار أكبر من أي حلم لأجدادك، وأسوأ من أسوأ كوابيس أجداده..
ولم يكن ذلك مصادفة، ولم يحدث فجأة..
وكانت الأنفس الإنسانية، قد مهدت لذلك، قد تغيرت، رويداً رويداً وبالتدريج..
إلى أن توج التغيير بمشهد الإذلال ذاك..
مشهدك وأنت تمد يدك يا فرناندو.. ليقبلها عبد الله الصغير.. صاغراً..
* * *
والدته أيضاً، لم تكن قد وعت تلك الآية، رغم أن التاريخ أنصفها أكثر مما فعل مع ابنها..
فعندما بكى، لحظة مغادرته قصره، قالت له أمه: "ابك كالنساء ملكاً لم تحافظ عليه كالرجال"..
ربما كانت تعبر، بلغة عصرها، عن ما نقصده اليوم، من تغيير الأنفس.. لكن، هل كانت هيَ خارج الموضوع؟.. هل يمكن أن تكون كذلك فعلاً؟.. هل يمكن أن نسمح لها بأن تلقي اللوم على ابنها – ولا تلوم نفسها أيضاً: ألم يكن دورها أصلاً أن تنشئه على غير ما أصبح؟.. إذا كان لم يحافظ على ملكه – كالرجال – فمن ربّاه ليفعل ذلك؟..
كما قلت، الأمر أكبر منه، ومنها.. وحتى من عمه، ومن بطانته التي ظلت تسبح بحمد الامر الواقع و تقول إن كل شيء بخير.. ومن حاشيته التي لا يهمها سوى خزائنها..
إنه أكبر من الأفراد كأفراد، يا فرناندو، ولذلك فإن الآية، تحدثت عن "الأنفس" – بالمجموع – وليس عن "نفس" واحدة..
فلو كانت المشكلة في فرد واحد – تغيَّرت نفسه – ولو كان ملكاً أو حاكماً.. لما حدث ما حدث.. لأن المجتمع – الذي لم يطاله التغيير – سيجبر الكسر الذي تسبب به تغيير شخص واحد..
لذلك، فإن تلك الصورة التي توقف عنها التاريخ، كانت تعكس حالة أمة كاملة، تغيرت برؤاها ونفسيتها ومفاهيمها، وهبطت من القمة إلى القاع، وتوج ذلك أنه جاءك ليقبل يدك.. فرناندو..
* * *
ولو أننا أرجعنا الشريط إلى الوراء، وبحثنا في حيثيات تلك القبلة، وجذور ذلك الانهيار، لوجدنا الترف – والغرق في الملذات والتفكك.. وصراع الأقارب – العقارب على احتكار المال والسلطة – وكل ذلك كان ينزع من القيم سلطتها ويحولها إلى مجرد هيكل فارغ سينهار عند أول ضربة..
هل يهمك ذلك كله في شيء، فرناندو، فحيثيات سقوطهم كانت حيثيات انتصارك – أو على الأقل كانت جزءاً منها.. ربما ستهز كتفيك لأن الأمر لا يعنيك – لكن تذكر، أن ما أسقطهم، بطريقةٍ ما، سيسقطك لاحقاً أيضاً..
* * *
فرناندو ..
تلك الآية التي لم يعوها.. جاءت في سورة اسمها الرعد..
بالضبط جاءت قبل الحديث عن البرق، والرعد، والصواعق..
لعلك ستقول إن ذلك محض مصادفة.. لعلهم فهموا الأمر كذلك أيضاً.. لكن لا.. في هذا الكتاب، الذي أهنته، فرناندو، والذي أهانوه، لا شيء على الإطلاق يأتي مصادفة..
ولذلك فالسحاب، والبرق، والرعد، والصواعق، كلها إرهاصات تنذر بما هو قادم، تتابعها، وتتاليها، وتراتبها، سيجعلك تعرف ما سيحدث لاحقاً..
وكذلك التغيير – الانهيار، الذي يأتي كحتمية لتغيير الأنفس، إنه لا يأتي فجأة ولا من دون مقدمات، دوماً هناك سحاب يتجمع – في بنية المجتمع – وسيكون هناك صدام اجتماعي – يعبر عن نفسه أحياناً بصوت عالٍ كالرعد.. وأحياناً بضياء واضح كالبرق.. كل تلك إنذارات كان يجب أن يتنبه إليها المجتمع.. لكي يمنع الوصول إلى المرحلة النهائية: الصواعق المدمرة..
لكن ذلك لم يحدث، ظلت الإنذارات تتجمع، كسحاب مركوم، وظل الرعد صافرة إنذار، والبرق يضيء مكامن الخلل، ولكنهم كانوا مشغولين بجدالهم، وبترفهم وبصراعهم على الكراسي والعروش..
إلى أن جاءت الصاعقة، نتيجةًً حتمية لكل ما لم يحاولوا تغييره..
* * *
ثم ماذا فرناندو ..؟
ثم إن تراتبية التغيير هذه، التي تؤدي من القمة إلى القمامة، يمكن لها أن تعكس، يمكن لها أن تستثمر، لنتسلق من القاع، إلى القمة، لنخرج من تلك اللوحة، ولنعدل من وضع الانحناء الذي جمدنا عليه..
فالسحاب المركوم – يمكن، لو أحسن استغلاله، لو استثمر مع نفسٍ تريد استثماره، أن يكون مصدراً للماء الأساسي للحياة.. يمكن أن يأتي بالخير لأرض طال عطشها..
وذلك الرعد، يمكن له أن يكون مصدراً للنتروجين – سمادا للتربة.. من أجل حصاد قادم..
والبرق يمكن له أن يضيء الدرب.. للحظات نعم ولكنها كفيلة بمعرفتك الطريق الصواب..
حتى الصواعق، يمكن لها أن تزيل ما يجب إزالته، من أبنية آيلة للسقوط.. مما لا أمل في إصلاحه..
كل ذلك يمكن أن يكون جزءاً من تغيير معاكس، لو كانت النفس مؤهلة للتصدي له..
* * *
سنكذب لو قلنا إن ذلك قد حدث، حتى الآن، فرناندو ..
حدثت أشياء هنا وهناك.. لكن ليس كما يجب – وبقينا حبيسي اللوحة.. بطريقة أو بأخرى..
لكن انصت فرناندو.. انصت جيداً، هل تسمع الرعد الآن..؟ إنه قادم من تلك النفوس التي صارت تؤمن أنه لم يعد ممكناً البقاء في اللوحة.. دقات القلوب صارت مثل ضربات رعد قادم لا محالة..
أنصت جيداً.. الرعد أولاً.. وبعدها سيأتي ما يجب أن يأتي.. و يحدث ما لا مفر من حدوثه..
اليوم..
أو ربما غداً، فرناندو..



الصورة لأبو عبد الله محمد، آخر ملوك غرناطة.. منحنيا لفرناندو.. عندما سلمه مفاتيحها.




 

إنسان العصر الحديث يتحدث إليكم.

فوق السلطة 422 - إشادات سعودية بأحمد الشرع.. وأوكرانيا خائفة عليه من الحسَد

     فوق السلطة 422 - إشادات سعودية بأحمد الشرع.. وأوكرانيا خائفة عليه من الحسَد


السلطة الفلسطينية مع إسرائيل.. توزيع أدوار أم حماية للضفة؟

يثير التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في الضفة الغربية جدلا متصاعدا حول طبيعة وأهداف هذا التعاون، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدت تصعيدا في الإجراءات الأمنية ضد النشطاء والمقاومين.

وضمن فقرات حلقة "فوق السلطة" بتاريخ 3-1-2025، استعرض البرنامج واقعة أثارت موجة من الانتقادات، إذ وثقت مقاطع مصورة قيام قوات الأمن الفلسطينية باعتقال شاب أعزل وتعذيبه قبل إلقائه في حاوية نفايات وهو مقيد اليدين.

وأعاد هذا الحادث إلى الواجهة التساؤلات حول حدود وطبيعة الدور الأمني الذي تمارسه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

كما عرضت الجزيرة -أمس الخميس- لحظة تسليم عناصر من شرطة السلطة الزميلة نجوان سمري قرارا مكتوبا يقضي بإغلاق مكتب الجزيرة وإيقاف بثها في رام الله، بزعم "مخالفة القناة القوانين والأنظمة المعمول بها في فلسطين".

ووفق وكالة الأنباء الفلسطينية، فإن "قرار وقف بث الجزيرة سيكون مؤقتا إلى حين تصويب أوضاعها"، وذلك بعد حملة تحريضية صدرت مؤخرا باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الضفة الغربية ضد الجزيرة وصحفييها.

تناولت حلقة (2025/01/03) من برنامج "فوق السلطة" المواضيع التالية

المقدمة: انتظَروا من ينقذهم من الحصار، فكان المنقذ من بين المحاصِرين

حسام أبو صفية يمشي درب الجُلجُلة فتعتقله إسرائيل بدبابة

السلطة الفلسطينة مع إسرائيل، توزيع أدوار أم حماية للضفة؟ 

فلول النظام المخلوع تقـ.تل جنود السلطة الجديدة وتصعّد طائفياً 

إشادات سعودية في وسائل التواصل بحكمة أحمد الشرع في التعاطي مع الداخل السوري والمحيط العربي 

 أوكرانيا خائفة على أحمد الشرع من عين الحسود وتهديه قميصاً تراثياً 

 صحفي مقرب من نظام البعث: بشار الأسد هو من قتــ.ل صهره آصف شوكت وقيادات سورية

 نجوى كرم تعنف ليلى عبد اللطيف بعد لعبها بحياتها الشخصية 

توقعات بهيج.. عائلة الأسد تلبس الأسود أكثر من مرة في ألفين وخمسة وعشرين 

قائد في الحشد الشعبي: قواتنا ستهاجم إسرائيل بالبول والبصاق وستغرقها 

 الخاتمة: الحمير تتقاسم الشعير أما البشر فالقوي يسلب الضعيف

تقديم: نزيه الأحدب


الخميس، 2 يناير 2025

غزّة شأناً داخلياً إسرائيلياً

غزّة شأناً داخلياً إسرائيلياً 

وائل قنديل



وسط أجواء التفاؤل بنجاح الهدنة وإنجاز الصفقة، يقتل العدوان الصهيوني مائة فلسطيني في غزّة خلال ساعات نهار أمس، ويغرق الأحياء المتكدّسون في خيام مهترئة في مياه الأمطار، ويُقتاد الأطباء والمرضى إلى مسالخ التعذيب التي يقيمها الاحتلال في أطراف غزّة، فلا يصدر من عواصم العرب سوى الصمت، حتى الهمهمة الخجلى تعبيراً عن الغضب اختفت، فيما يجتمع وزراء صهاينة  لبحث "مستقبل قطاع غزّة وإيجاد بديل لحكم حركة حماس"، بحسب وكالات الأنباء.

لا يهتم العرب بمستقبل غزّة، كما ينشغل الاحتلال به، وكأنّ ثمّة إقرار صامت بأن غزّة شأن داخلي إسرائيلي، لا يقحم الرسميون العرب فيه، فلدى بعضهم قضايا مصيرية أكثر أهمية، تستحق الانشغال والتكاتف، مثل قضية اصطياد المعارض المصري الشاعر عبد الرحمن يوسف في بيروت، وانهمار مذكّرات تسليمه على العاصمة اللبنانية، كلّ يريد رأسه، أو قضية المعارض البريطاني (الكويتي سابقاً) سلمان الخالدي، الذي أوقفته بغداد وقدّمته إلى الكويت.
لا تظهر روح التضامن، وهذا الاستبسال الرسمي العربي، إلّا ضدّ المواطن العربي المعارض، ولا تظهر مشاعرهم الإنسانية إلّا في حالات رثاء زعيم أميركي أو أوروبي يرحل، كما هو الحال مع رحيل جيمي كارتر رئيس أميركا، صانع "كامب ديفيد"، الاتفاقية والمسار الذي أخضع العرب جميعاً لهيمنة الكيان الصهيوني على الشرق الأوسط، وحوَّل مجرى العداء من الاحتلال الإسرائيلي إلى كلّ من يقاوم هذا الاحتلال، ويعارض هذا المسار (التطبيع) بالبندقية أو بالقصيدة، أو بالهتاف في ميادين ثورات شعبية قامت ضدّ الاستبداد المستقوي بالاحتلال.

كتب حكام عرب مرثيات تنشع حزناً على فقد جيمي كارتر، لكن أحداً من العرب الحاكمين لم ينطق بكلمة عزاء واحدة في استشهاد يحيى السنوار وحسن نصر الله وصالح العاروري، وقبلهم إسماعيل هنيّة.

في وضع بهذا السوء، من الطبيعي ألّا ينشغل أحد باختطاف مدير مستشفى كمال عدوان في غزّة (بعد إحراقه) الدكتور حسام أبو صفية، واقتياده إلى سلخانة تعذيب صهيونية، حيث عُرّي ونكّل به وأهين، لكنّهم مهتمون للغاية بممارسة الضغوط على لبنان لكي يظفروا بالشاعر عبد الرحمن يوسف، للانتقام منه، تماماً كما ينتقم الاحتلال من أطبّاء غزّة وصحافييها، شهود جريمة الإبادة الجماعية التي تدور منذ 15 شهراً قبالة أعين حكومات عربية، تصادق العدو وتعادي المواطن، وتتفانى في تنفيذ أوامر رئيس أميركا الجديد قبل أن يتسلّم المنصب رسمياً.

أسوأ من هؤلاء الحكام العرب حاكم رام الله المعيّن بمشيئة إسرائيلية أميركية، محمود عبّاس، الذي يشنّ حرباً بلا هوادة على فصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، ويحارب قناة الجزيرة، على نحو يتجاوز الهمّة الصهيونية في إسكاتها ومنعها من تناول مأساة الشعب الفلسطيني بعيداً من الرواية الإسرائيلية. هو الآخر يبدو مُقرّاً بأن فلسطين كلّها شأن داخلي إسرائيلي.

الأسوأ من ذلك كلّه بلادة الاعتياد عند الجمهور العربي، الذي بات متصالحاً مستريحاً مع فكرة أن لا قدرة لديه على الضغط على حكوماته، المتصالحة المستريحة هي الأخرى مع فكرة أنها أصغر وأقلّ وأضعف من أن تقف في وجه الاحتلال، أو تفكّر في مقاطعته سياسياً واقتصادياً.

 مرّة أخرى، غزّة لا تقاوم ترسانة العدو الهمجي فقط، بل هي قبل ذلك في مرمى نيران الاعتياد المخجل، وادّعاء العجز أمام جبابرة مستبدّين نكتشف كلّ يوم أنهم أسوأ من سوء ظننا فيهم، يستأسدون على مواطنيهم، لكنّهم أمام العدو حملان وديعة.