الأربعاء، 31 يوليو 2013

حفلة الترهيب والتشهير


حفلة الترهيب والتشهير

فهمي هويدي
حملة الترهيب والتشهير التي تتعرض لها «الشروق» لا تقلقنا على الجريدة بقدر ما تقلقنا على الوطن ومستقبله. فالجريدة التي تصوب إليها سهام الحملة الشرسة من جانب بعض الأقلام والفضائيات تضبط يوميا متلبسة باقترافها جريمة السماح بنشر الرأي الآخر من جانب بعض الكتاب. وهو أمر يبدو أنه لم يعد مسموحا به في ظل أوضاعنا التي استجدت. إذ في ظل اللوثة التي أصابت كثيرين وانتشار ظاهرة التكفير السياسي في مختلف الأوساط، بمن فيهم عناصر النخبة، فإن الصدور ما عادت تحتمل رأيا آخر.
 فأنت متهم بالردة إذا ما دافعت عن قيم الديمقراطية والتعددية السياسية، ومتهم بالردة إذا ما دافعت عن الدستور والقانون. ومتهم بالخيانة إذا دافعت عن التصالح والتسامح والحفاظ على وحدة الجماعة الوطنية، ومتهم بموالاة «الأعداء» إذا دافعت عن حق التظاهر وطالبت بوقف نزيف الدماء وانتقدت قتل المتظاهرين.
الخلاصة أن الكاتب يظل متهما ومدرجا في القوائم السوداء إذا ما لم يردد ما يقوله الآخرون، وإذا لم يشرب من بحر الجنون الذي يسبح فيه الجميع.
المسموح به والمرحب به هذه الأيام هو قمع الناقمين والمعارضين، إلى جانب شيطنة الإخوان والتفنن في التشهير بهم وتحميلهم مسؤولية ارتكاب كل الخطايا والرزايا التي شهدتها مصر(أحد مقدمي البرامج التليفزيونية قال إنهم مسؤولون عن سقوط الأندلس) وعند كثيرين فأنت إخواني إذا لم تسب الإخوان أو لم تشترك في هجائهم، وإذا كانت تلك التهمة قد لاحقت محطة تليفزيونية عالمية شهيرة مثل الـ«CNN» فلا غرابة في أن تلصق بكل من أراد ان يتكلم عنهم بأدب أو ينتقدهم بهدوء.
لسنا بصدد نقاش أو حوار بين آراء مختلفة، ولكننا في مواجهة حالة «ردح» تستخدم الألفاظ النابية والأسلوب الهابط الذي يستبيح الكرامات ولا يتردد في اختلاق الأكاذيب والترويج للافتراءات. وتلك لغة لا يجيدها كل أحد، لأنها تتطلب توافر خلفيات ومواصفات معينة تربوية وأخلاقية ومعرفية أيضا. ولا مجال للحديث عن الاعتبارات والقيم المهنية لأن ما نحن بصدده داس عليها وأهدرها وأخرجها من المعادلة تماما.
لا أتحدث عن عوام الناس الذين تلوثت مداركهم وشوهت ضمائرهم جراء حملات التعبئة والتحريض ودعوات البغض والكراهية، فهؤلاء ضحايا وليسوا جناة، لكني أتحدث عن قطاعات غير قليلة من الإعلاميين والمثقفين، الذين صاروا يقودون حملة التحريض والتسميم الراهنة، ويشاركون ويرددون دعوات القمع ويعطوننا كل يوم دروسا في الردح والدعايات السوداء.
بالنسبة لجريدة «الشروق» فإن الأمر لم يقتصر على التشهير والتجريح ونشر الشائعات المكذوبة، وإنما تعداه إلى التهديد والابتزاز، خصوصا من جانب الجهات التي تتولى التوزيع أو تلك التي تستجلب الإعلانات، والرسالة في هذه الحالة واضحة، وخلاصتها أن الجريدة إذا سمحت بتعدد الآراء والمواقف رغم محدوديتها، فإنها ستتعرض للتضييق في التوزيع، وستحجب عنها الإعلانات، أو بعضها على الأقل. الأمر الذي يعني أن الأمر يجاوز التلويح إلى محاولة لي الذراع والتعجيز. الذي يستهدف وقف إصدار الجريدة في نهاية المطاف.
لكن ذلك كله في كفة والرسائل: التي تصل إلى «الشروق» من جانب أطراف محسوبة على السلطة في كفة أخرى، ومعلوماتي إن الجريدة تلقت أكثر من رسالة تهديد إذا استمرت في سياستها الراهنة. واقترن التهديد بوعيد يعرف المشتغلون بالمهنة وخبراء الإدارة ان أساليب السلطة في تنفيذه متعددة، وتتراوح بين الضغوط المالية والإدارية والضريبية وبين تلفيق التهم.
لا يخلو المشهد من مفارقات عدة. 
دعك من تسابق بعض الإعلاميين على محاولة تشويه الجريدة والتحريض عليها.
إحدى تلك المفارقات أن ذلك كله يتم على نحو يعيد إلى الأذهان أجواء مرحلة مبارك وما يبدو أنه ترجمة للتصالح الجاري مع نظامه. 
منها أيضا أن الذين استباحوا اغتيال الدكتور محمد مرسي سياسيا ومعنويا طول العام الماضي، واعتبروا ذلك من قبيل ممارسة حرية الرأي، هم أنفسهم الذين يقودون حملة التشهير والقمع الآن.
منها كذلك أن الذين يتصدرون واجهات السلطة والحكومة أناس «ليبراليون»، كانوا في الماضي مع التعددية الديمقراطية وحرية التعبير، ولكنهم بعدما صاروا في السلطة التزموا الصمت أمام ضغوط الترهيب ومساعي القمع الراهنة.
إن بعض زملائنا ابتذلوا المشهد واعتبروا الدفاع عن الدستور والقانون دفاعا عن الدكتور مرسي، في حين أنهم لو أزالوا الغشاوات التي تغطي أعينهم ولو تخلصوا من تأثير حملات البغض والكراهية لأدركوا أن الرأي الآخر الذي ينددون به ولا يكفون عن الغمز فيه ينحاز إلى الحلم الديمقراطي الذي من أجله قامت ثورة 25 يناير والذي بات يتآكل يوما بعد يوم.

هل كان مناما أم حلما أم رؤيا؟

هل كان مناما أم حلما أم رؤيا؟
‎المفكر الإسلامي الدكتور محمد عباس‎
الدكتور محمد عباس‎


روعت فزعت فصحوت من نومي ووجيب قلبي كدقات طبل ..

فقد رأيت في المنام زحاما شديدا والناس يتصارعون على الدخول من أبواب ضيقة فعبرت لأرى الجانب الآخر من الأبواب الضيقة فوجدت من يتزاحمون ويتصارعون ويتسابقون على المرور من هذه الأبواب معلقة أجسادهم على المشانق!!
لم أعرف من الذي شنقهم..
لم أعرف كيف لم يفطنوا.. لكن قيل لي أن هناك من حذرهم كثيرا لكنهم أبوا..
كنت أعرف بعضهم
كانت أجسادهم المعلقة على المشانق تهتز
وكانت رائحتها لا تطاق..
كان الدود ينهش لحمهم....
العجيب أن اهتزازات أجسادهم بدت كما لو كانت الأجساد ترقص..
وذكرني هذا الرقص برقص العسكر مع الغواني في ميدان التحرير والاتحادية.. بدلا من صلاة القيام في رمضان..
وليت فرارا وملئت رعبا ..
لم أستجب للنداء الذي حاول غوايتي:
انتظر قليلا حتى تحضر الآن الداعية فيفي عبده والفقيهة إلهام شاهين..
انتظر
.. فلعلك تستمتع وتشاركنا في الرقص
اعتذرت بأنني ذاهب لصلاة القيام فأمعنوا في غوايتي بأن الرقص أشهى.. وأنهم سيحاولون تعديل حركات الرقص كي تضاهي صلاتي
لكنني أمعنت في الهروب قبل أن تلحقني الديدان لتنهش لحمي..

صحوت.. تعوذت.. فنمت..

هل كان مناما أم حلما أم رؤيا؟

رأيت أناسا من أسافل القوم.. كنت أعرف سفالة بعضهم لكني لم أكن قد اكتشفت بعد سفالة الآخرين..
كانت الأوسمة ترصع صدور بعضهم وأكتافهم .. وكان بعضهم جامدا كالأصنام.. ووجوههم كتماثيل الشمع وكان معظمهم مشوها.. رأيت أجهزة غريبة ترفعهم إلى عنان السماء..
كانوا ينظرون إلينا في فرح وفخر ونشوة وازدراء تزداد كلما رفعتهم الأجهزة الغريبة أكثر..
وكان أتباعهم من السفلة على الأرض يصطخبون فرحا حتى الجنون على أمل أن يأتي الدور عليهم فيرتفعون كما ارتفع أصحابهم.... ووقفت في ركن من الميدان مستترا بالظلام أكفكف دمعي مندهشا كيف يرتفع اللئام ويختطف الكرام.. لكنني تنبهت فجأة.. كانت الأجهزة الغريبة الضخمة التي ترفعهم إلى عنان السماء تضع كل واحد منهم على خازوق..
لم ير السفلة على الأرض ما رأيت.. لذلك ما يزالون يحتفلون في صخب ثمل في انتظار هبوط الآلات الغريبة لترفعهم هم أيضا إلى عنان السماء..

صحوت.. تعوذت.. فنمت..

رأيت زوجا غيورا غيورا غيورا.. لم يجد من يستأمنه على زوجته إلا عشيقها..
في الواقع لم يكن عشيقا كما أدركت وحدي..
كان يغتصبها..
وكانت مغلوبة على أمرها بعد أن أخرسها الفزع فعجزت عن أي تمرد..
تركهما..
وحدهما..
وكانت رائحة الفضيحة تنتشر كرائحة الجيف.
شمها الناس جميعا إلا هو.
ورأيت فتقززت وصحوت

صحوت.. تعوذت.. فنمت..

هل كان مناما أم حلما أم رؤيا؟

طاردني العشيق عندما علم أنني كشفت حقيقة الأمر..
حاول إقناعي بأنه يملك عقد زواج رسمي..
وكنت أعرف أنه مزور وأن جميع الشهود عليه شهود زور..
راح يلح أنه صادق وأن من وقعوا على عقد الزواج ملايين..
هربت منه..
أمعنت في الهروب..
لبست قناعا حتى لا يعرفني وحتى أتمكن من متابعة أخباره وكشف أسراره..
رأيته في حمام سباحة ضخم جدا يمارس رياضته المحببة في شغف شديد.. السباحة..
رأيته..
أحببته ذات يوم مثلما أحببت ابني..
كنت أعرف عمه..
لكنني اكتشفت أنه ليس عمه..
ملأني الذعر من أن يكون بلا أم ولا أب..كإبليس..
فكيف إذن ولماذا وثقت فيه....
رحت أرقبه يسبح ..
لكن ما افزعني ان حمام السباحة الذي يعوم فيه كان مملوءا بالدم..
صرخت فيه:
هذا دم لا ماء فاحذر..
فنظر إلى ساخرا ومد يده في الهواء فالتقط من حيث لا أدري كاسا ملأها بالدم وراح يشرب حتى ثمل..
صرخت فيه:
- أذن الفجر فلا تفطر..
فأجابني في استهتار:
لدي فتوى أن الدم لا يفطر..
صرخت فيه : لا تصدقهم
فأجاب:
حصلت على فتوى وقع عليها الشيخ المعتكف مع الحاخام وكذلك أنصار الشيخ وأحباب الشيخ.. ثم أن الحاخام أيد فتوى الشيخ..
ثم خفض صوته ليقول هامسا حتى لا يسمعه أحد:
إن الشيخ نفسه شارك في إعداد كئوس الدم.. أما الحاخام فقد صمم كل شيئ ورسمه وخطط.. فالحمد له.. وله المنة..
ثم أردف في حزن:
لكن الغريب أنني مهما شربت لا أرتوي..

صحوت.. تعوذت.. فنمت..

هل كان مناما أم حلما أم رؤيا؟

لدهشتي استمر نفس الحلم.. وبدا لي في البداية أن حمام السباحة الممتلئ بالدم يمتلئ أيضا بأنواع مختلفة من السمك.. وكان الرجل يمد يده إلى الأسماك فيلتهمها ويلوكها فصرخت فيه:
- ألا تطهوها..
وتنبهت في نفس اللحظة أنها ليست أسماكا وإنما أشلاء وأكباد وقلوب .. فاستعذت وبسملت وحوقلت..
كنت أسأل نفسي في اشمئزاز ورعب:
كيف استأمنته؟ كيف أحببته

صحوت.. تعوذت.. فنمت..

هل كان مناما أم حلما أم رؤيا؟

كان الرجل ما يزال يسبح في الدم ويشرب الكئوس ويلوك الأكباد..
فاجأني عندما ضبطني أنظر إليه في احتقار وكراهية ..
اصطك الشك بالغضب في عينيه فانطلق الشرر فسألني:
هل أنت أنت أم أنت هو؟
ولم أجرؤ على الجواب .. فواصل السؤال:
هل تبحث عني لتتبعني أم لتكشف يا خسيس مكان المخطوف..
فتمتمت خلاياي دون أن يتحرك لساني:
بل أنت الخسيس..
وراح رجع الصدى المفترض يكرر: خسيس.. سيس.. سيس ..سيس
تراجعت..
فدعاني..
أبيت مذعورا..
واعتذرت بالذهاب للصلاة....
دعاني للصلاة معه..
صفق بيديه فانطلق من التصفيق صوت كالرصاص..
وجاء من يفرش سجادة صلاة على سطح الدم..
روعني أنها من جلد بشري سلخ لتوه..
كان الدم ما يزال يقطر..
وخيل لي أنني أرى بعض الجلد يرتجف..
لم يراع..ولم يرع..
وراح يصلي..

صحوت.. تعوذت.. فنمت..

هل كان مناما أم حلما أم رؤيا؟

من حيث لا أحتسب جاءت عاصفة من النار أحرقت كل شيء
شملت الرجل ..
والدم..
والأشلاء..
وتصاعدت السنة اللهب إلى عنان السماء..
رفعت بصري للسماء..
أدركت ألسنة اللهب المعلقين على الخوازيق
كانوا يصرخون ويتلاومون..
وانسحبت من المشهد مستعيذا مبسملا محوقلا..
وكنت أتمتم في حزن:
- ما حملكم على هذا؟
صحوت..
فغادرت الفراش مهرولا..
كي لا تعود الأحلام مرة أخرى..

لكن..

هل كانت أحلاما..أم منامات..أم رؤى؟

بئست الحياة إن تطاول الأقزام على ديننا

الأكباد المحترقة ولوعة الفراق أحمد منصور

الأكباد المحترقة ولوعة الفراق

 أحمد منصور
ما من لوعة تؤلم النفس مثل لوعة الفراق، لاسيما إذا كانت لولد بار أو والد حنون أو أم رءوم، أو زوج عطوف، أو أخ معطاء خدوم، وما يزيد اللوعة أن يكون الفراق قتلا، وما يحول اللوعة إلى صدع في الكبد ونيران في القلب أن تكون ممن وكل إليه حماية الناس وتوفير الأمن لهم.
منذ أربعة أسابيع ومواكب الشهداء والشهيدات تملأ جنبات مصر، حضرها وباديتها، مدنها وقراها، نجوعها وكفورها، هؤلاء الشهداء الذين يقتلون كل يوم في المسيرات والتظاهرات وحتى الجنازات التي تملأ جنبات مصر منذ وقوع الانقلاب العسكري في الثلاثين من يونيو الماضي، شباب في عمر الزهور وفتيات وأمهات، ومهندسون وأطباء من كل أطياف المجتمع ومستوياته، خرجوا ليس من أجل محمد مرسي ولا من أجل الإخوان المسلمين الذين يختلف كثيرون منهم معهم، ولكن من أجل ثورة 25 يناير وأهم إنجازاتها وهي الدستور ومباشرة الحقوق السياسية وحماية الحريات، ومن أهمها اختيار من يحكمهم ومن يمثلهم في المجالس التشريعية وغيرها.
أصبح الناس في يوم وليلة فوجدوا أنفسهم قد خسروا كل شيء فخرجوا بصدور عارية وسلمية يشاهدها العالم أجمع ففوجئوا بالرصاص يوجه إلى رءوسهم وصدورهم، فوقفوا أمامه شامخين غير خائفين لأن الحياة دون حرية أو كرامة لا قيمة لها، لكنهم تركوا خلفهم من أصيب بلوعة فراقهم لاسيما الأمهات والزوجات.
زرت أحد الجرحى في المستشفى فوجدت أمه بجواره وقد فقدت أخاه في نفس المذبحة التي أصيب هو فيها، وأخوه كان الأصغر وكان الأحب إلى والديه مثل كل صغير، تحدثت الأم المكلومة معي بثبات وصبر عجيب وقالت: والله لم أتوقع على الإطلاق السكينة التي أصابتني، عندما أبلغت بخبر استشهاد ابني كنت أعتقد أني سأفقد عقلي لو فقدته، لكني احتسبته شهيدا عند الله، لا أنكر أن قلبي يلتاع لفراقه وكبدي يحترق لبعده عني، غير أني أدعو الله أن يصبرني وأن يحرق كبد من حرق كبدي على ولدي، ثم أخذت المرأة تدعو قبيل الإفطار على من قتلوا ولدها، لقيت بعدها زوجة ترملت بعد استشهاد زوجها ولديها أربعة أطفال،كانت المرأة متماسكة رغم أن زوجها وُوري الثرى قبل يوم واحد، ورغم لوعة الفراق لم تكفّ عن الدعاء على من رمّلها ويتّم أطفالها.
إن حرق أكباد الأمهات، وقلوب الزوجات، والانتقام من الأهالي لم يقف عند حد قتل الولد أو الزوج أو الأخ أو الأخت، إن مسيرات جنازات الشهداء التي وصلت إلى معظم قرى مصر خلال الأيام الماضية قد زادت من اللوعة وحرقة الأكباد لدى كثير من عموم الشعب، كما أشعلت الدعوات من الأمهات والزوجات على من قتلوا أبناءهم وأزواجهم ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.


مصر بين أنياب العلمانية المتوحشة


مصر بين أنياب العلمانية المتوحشة

 شريف عبد العزيز
في اجتماع عقد في صبيحة اليوم التالي للمجزرة الدامية عند منصة النصب التذكاري يوم السبت الموافق 18 رمضان، تداول عدة رموز من غلاة العلمانية في مصر مثل تهاني الجبالي وحلمي النمنم وفريد زهران وغيرهم مستقبل مصر الثقافي والسياسي والدستوري في مرحلة ما بعد الإطاحة عسكريًّا بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وسواء أكان المجتمعون يعلمون بأن اللقاء مذاع على الهواء مباشرة عبر قناة الأون تي في المعروفة بأجندتها شديدة العداء للإسلام، أم غير مذاع، فإن أخطر ما جاء في الحوار بين المجتمعين وهم يحتسون المشروبات الباردة في نهار يوم شديد الحرارة من أيام رمضان؛ ما قاله الكاتب الناصري "حلمي النمنم" حيث قال: "من قال: إن مصر متدينة! مصر علمانية وستظل علمانية، وعلينا أن نستغل الفرصة التي قد لا يأتي مثلها، من أجل القضاء تمامًا على الإسلام السياسي، وهذا الأمر سيكلفنا دماء كثيرة، ولكن لا يهم في سبيل الدولة المدنية العلمانية" ثم أخذ يشن هجومًا شائنًا وقبيحًا على حزب النور السلفي رغم مواقف الحزب المؤيدة لما جرى يوم 30 يونيه.
فهل مصر فعلًا علمانية وليست متدينة أو إسلامية كما يقول هذا النمنم؟ أم أن مصر تمر الآن بفصل جديد من فصل الصراع الخالد بين الإسلام والعلمانية؟ ولكن بعد أن أصبحت للعلمانية شوكة وظهر سياسي وظهير عسكري، بحيث أصبحت علمانية وحشية على الطراز الكلاسيكي الأتاتوركي؟.
الواقع الذي لا يستطيع أحد أن ينكره أن مصر اليوم تشهد فصلًا جديدًا من فصول الصراع على الهوية والخصوصية، بين من يريد الحفاظ على النسخة الأصلية للهوية المصرية بمكوناتها الأصلية من الإسلام والعروبة والتاريخ والحضارة، وبين من يريد تسويق هوية جديدة وبديلة ومستوردة وهي الهوية العلمانية اعتمادًا على أن الدولة المصرية كانت عبر سنوات طويلة ذات توجهات علمانية واضحة، ولكنها لم تكن يومًا علمانية بمثل هذا القبح والضراوة كما حدث خلال الأيام القليلة التي مضت منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب.
قضية الهوية قضية محورية، شغلت بال كل الناس على اختلاف ألسنتهم وعقائدهم؛ إذ إن كل جماعة أو أمة تعوزها الهوية المتميزة ليمكنها المعيشة والمحافظة على وجودها؛ فالهوية هي التي تحفظ سياج الشخصية، وبدونها تتحول المجتمعات إلى كيانات تافهة فارغة غافلة تابعة مقلدة مطموسة الشخصية؛ لأن للهوية علاقة أساسية بمعتقدات الأمم ومسلماتها الفكرية، وبالتالي تحديد سمات شخصيتها، فالأمم لا تحيا بدون هُوية؛ إذ الهُويَّة بالنسبة للأمة بمثابة البصمة التي تُميزها عن غيرها، وهي أيضًا: الثوابت التي تتجدَّد، ولكنَّها لا تتغيَّر، ولا يمكن لأمة تريد لنفسها البقاء والتميُّز أن تتخلَّى عن هُويتها، فإذا حدث ذلك فمعناه: أن الأمة فقدت استقلالها وتميُّزها، وأصبحتْ بدون محتوى فكري، أو رصيدٍ حضاري، ومن ثَمَّ تَتَفَكَّك أواصرُ الولاء بين أفرادها، وتتلاشى شبكة العلاقات الاجتماعية فيها. والنتيجة المحتَّمَة هي السقوط الحضاري المدوِّي؛ بل وتداعي الأمم عليها كما تداعى الأكَلة إلى قصعتها، فتأكل خيرها، وتغزو فكرها، وتطمس معالم وجودها، وتمحو أثرها من ذاكرة التاريخ.
والهوية المجتمعية معناها: تعريف المجتمع نفسه فكرًا وثقافة وأسلوب حياة، أو هي مجموعة الأوصاف والسلوكيات التي تميز المجتمع عن غيره، وهوية المجتمع هي مجموعة العقائد والمبادئ والخصائص التي تجعل المجتمع أو الأمة تشعر بالمغايرة عن الأمم والمجتمعات الأخرى، فهناك مجتمع إسلامي، ومجتمع علماني، وهناك نصراني، وأيضًا الشيوعي والرأسمالي، ولكل منها مميزاتها وقيمها ومبادئها، فإذا توافقت هوية الفرد مع هوية مجتمعه كان الأمن والراحة والإحساس بالانتماء، وإذا تصادمت الهويات كانت الأزمة والاغتراب.ومن هنا نفهم معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا؛ فَطُوبىَ لِلْغُرَبَاءِ".
ومن هنا نقول: إنه مهما تسلطت النخب الثقافية والسياسية والإعلامية على عقول المصريين فإنها لن تستطيع أن تفرض عليهم نهجًا ونمطًا للحياة مغايرًا لما يعتقده المصريون ودرجوا عليه عبر مئات السنين، وأن المكاسب الوقتية التي حققتها العلمانية في العالم الإسلامي هي في حقيقتها جاءت عبر القهر والاستبداد وامتلاك أدوات القوة في فرض السيطرة وإملاء الأفكار وقسر الناس عليها قسرًا، فعلى الرغم من أن حكومات المنطقة العربية والإسلامية ظلت لعشرات السنين حكومات علمانية موالية للمنهج الغربي إلا إن المجتمعات والشعوب ظلت طوال هذه الفترات محتفظة بهويتها الإسلامية والعربية وصامدة بقوة أمام تيارات التغريب، لذلك كانت كلمات النمنم التي تقطر حقدًا من ضرورة سفك المزيد من الدماء من أجل فرض هذه الهوية العلمانية تحت مسمى الديمقراطية والدولة المدنية، كأن الديمقراطية وخيارات الشعوب ومكتسباتها السياسية لم تدهس تحت دبابات العسكر!
العلمانية في مصر الآن تريد أن تسرع من وتيرة فرض أجندتها على المصريين بالإقصاء الشامل والدموي للفكرة الإسلامية وأنصارها والمنادين بتطبيقها، استغلالًا للظرف الاجتماعي والسياسي القائم، وباستخدام كل أدوات القوة المتاحة من غطاء عسكري، وسعادة غربية، وحكومة تم تشكيلها من غلاة العلمانيين الذين يتصادمون مع الدين نفسه وليس مع أفكار الداعين لتطبيقه، وباستخدام آلة إعلامية جهنمية استطاعت أن تؤثر فعلًا على عقول كثير من المصريين عبر أدوات الإقناع والإبهار وترويج الأكاذيب والشائعات والشبهات حول الفكرة الإسلامية والهوية والمرجعية الإسلامية. ومن يتابع البرامج الإعلامية المذاعة في مصر هذه الأيام يكتشف حجم الدجل والتزييف المقدم باسم الإسلام والذي وصل لدرجة لا تكاد تصدق من التحريف لدين الإسلام. والأخطر من ذلك ما تقوم به هذه الوسائل الإعلامية من حملات تحريض عنيفة ضد أنصار التيار الإسلامي وصل لدرجة استهداف المتدينين على الهوية مثلما يحدث في أعتم فترات الاضطهاد الديني في أوروبا، فجرى استهداف الملتحين والمنتقبات بالإيذاء اللفظي والبدني، والذي وصل للقتل بدم بارد وبمنتهى الوحشية في معظم أنحاء البلاد، وانتهكت الجوامع وأحرقت المساجد.. في مشاهد لم تعرفها البشرية المعاصرة إلا في الدول الشيوعية مثل الاتحاد السوفيتي والصين والصرب. وذلك كله من نتاج وآثار مخططات ومؤامرات العلمانية المتوحشة التي يراد لها أن تحل بديلًا عن الهوية الإسلامية الأصلية للمصريين.
والذي قد لا يدركه القائمون على مشروع تسويق العلمانية المتوحشة في مصر الآن أن كل مؤامراتهم وخططهم الشيطانية ستذهب أدراج الرياح، وذلك لأن ثمة تيار إسلامي جديد يجري تشكيله وبلورته عبر ميادين مصر عمومًا وميداني رابعة والنهضة خصوصًا، تيار إسلامي يتجاوز الأطر الضيقة للأحزاب السياسية والجماعات الدعوية التنظيمية، يأخذ أفضل ما عندها ويترك ما فيها من محظورات وموازنات ومواءمات ومداهنات سياسية وحركية، تيار إسلامي وطني خالص لا يخضع للضغوط مهما كانت قوتها وبشاعتها، تيار إسلامي وطني يريد فعلًا إنقاذ البلاد دون أن يكون له أجندات سياسية أو مكاسب فئوية معينة، فقط خدمة الدين والوطن وإقامة سوق العدل والحق، وهذا التيار الذي يجري الآن تشكيله ومخاضه أصبح ماثلًا للعيان سيمثل بمشيئة الله عز وجل جيل التمكين الذي سيستبدل الله عز وجل به كل ما نراه من قيادات ورموز وجماعات وأحزاب أضرت بالمشروع الإسلامي أضعاف أضعاف ما نفعته.
يا سادة الفرز والتمحيص يجري اليوم في مصر على قدم وساق، فرز للمناهج والقيادات والرموز والأفكار والرؤى والجماعات والحركات، وسينتج في النهاية أفضل جيل عرفه العالم الإسلامي في العصر الحديث.

نص بيان المجلس التنسيقي الإسلامي العالمي حول قتل المعتصمين بمصر


نص بيان المجلس التنسيقي الإسلامي العالمي حول قتل المعتصمين بمصر


مفكرة الإسلام : أدان المجلس التنسيقي العالمي "مساع" في بيان له قتل المعتصمين السلميين من النساء والأطفال والرجال في مصر.
وأدان المجلس قتل المصلين أمام الحرس الجمهوري، ومجزرة حرائر المنصورة، ومجزرة النصب التذكاري.
وأشار البيان إلى أن هذا الانقلاب يأتي تنفيذًا لأجندات داخلية وخارجية لا تريد للبلاد أن تستقل بإرادتها. وأشاد البيان - الذي وصل موقع المفكرة نسخة منه - بالشعب المصري الذي أفشل الانقلاب بتظاهراته السلمية.
وفيما يلي نص البيان:
إن المجلس الإسلامي التنسيقي العالمي( مساع) وهو يرى تطور الأحداث الدامية في مصر بعد انقلاب ٣ يوليو، الذي تم فيه تنحية الرئيس المنتخب، وتعطيل الدستور، وحل مجلس الشورى، في جريمة اختطاف كاملة الأركان، وشل لإرادة الشعب المصري، التي هي أعظم مكتسبات ثورة 25 يناير، وقد أصدر المجلس بيان إدانة لهذا الانقلاب في حينه، ولكننا لا يسعنا السكوت اليوم أيضًا لما كان من الأحداث التي تكشف أكثر للعالم أجمع، صورة هذا الانقلاب الدامي الذي سيجر البلاد لنفق مظلم لا ندري أين ينتهي!
وقد رأينا من وحشية هذا الانقلاب، وتسلطه، وقمعه الحريات، وفتح المعتقلات، وإغلاق القنوات، وقتل الأبرياء، ولم ترعَ حرمة الشيوخ والأطفال والنساء، في جرائم لم يشهد لها تاريخ مصر الحديث مثيلاً، كمجزرة المصلين أمام الحرس الجمهوري، ومجزرة حرائر المنصورة، وآخرها مجزرة النصب التذكاري، التي ذهب فيها المئات بين شهيد ومصاب. وقد كان قتلاً متعمدًا مع سبق الإصرار، مما يؤكد أن هذا نهج متبع لقادة الانقلاب للقضاء على حقوق احتجاجات أنصار الشرعية.
إن هذا الانقلاب الآثم، والذي حدث بحق مصر، لهو تأدية لأجندات داخلية وخارجية، تكشفت عنها الأيام، لا تريد لمصر أن تستقل بسيادتها الوطنية، ولا تريد نهضتها اقتصاديًّا، الأمور التي هي طريق قوتها واسترداد دورها العربي والإسلامي على جميع الأصعدة.
بل إن هذا الانقلاب ليؤكد للمراقب أنه يريد طمس الهوية الإسلامية، من خلال شيطنة الإسلاميين عبر ماكينة إعلامية ضخمة تعلن جهارًا رفضها لمواد الشريعة الإسلامية في دستور مصر الذي وافق عليه غالبية الشعب، وتطاول الانقلابيون على إرادة الشعب المصري بتعطيله.
إن من يتابع الشأن المصري ليأخذه العجب والانبهار بهذه الحشود السلمية المستمرة، المليونية الرافضة لهذا الانقلاب والمطالبة بعودة الشرعية والتي حقًّا أربكت حسابات الانقلابيين، حتى فقدوا توازنهم، مما أدى لطلب قائد الجيش السيسي من الشعب تفويضًا بمواجهة الإرهاب والعنف غير المعرَّف إلا في ذهنه، في سابقة لم تحدث إلا في عهد فرعون عندما قال: {ذروني أقتل موسى}!.
ومع كل هذا، فقد صمد الشعب المصري في الميادين ولم ترهبه تهديدات القتل التي تصدر في وسائل الإعلام المأجورة، وأصبحت ميادين الصمود ساحات جهاد ورباط، يكتب لأهلها إن شاء الله أجر الجهاد والرباط.
وقتلاها شهداء أزكياء أحياء عند ربهم يرزقون، بإذن الله.
إن(مساع) يشيد بالشعب المصري العظيم الذي أفشل خطط الانقلابيين باعتصاماته السلمية، ويقول له: إن بلدان الثورات العربية تنتظر انتصاراتكم في هذه المعركة الحاسمة والمصيرية؛ لإنجاح التغيير السياسي في البلاد العربية، فالله.. الله في الصبر والثبات، فالنصر صبر ساعة.
ويؤكد على التمسك بالسلمية حتى عودة الشرعية والنظام العام الذي وافق عليه الشعب المصري سابقًا.
ولا بديل عن ذلك حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً!
حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه.

فضيحة "السيسي" و "البرادعي" مع " أشتون"



فضيحة "السيسي" و "البرادعي" مع " أشتون"












كمية المغالطات في الترجمة الفورية لردود كاثرين آشتون التى أذاعها التليفزيون المصرى الانقلابى

في الدقيقة 2.20 أشتون تقول أن مستقبل هذه البلد العظيم بين يدي شعبه ...
المترجمه قالت مصر بلد عظيم و شعبها عظيم

الدقيقه 3.38 و قد تقابلت مع محمد مرسي (بدون ألقاب) الليلة الماضية
المترجمة قالت الرئيس السابق محمد مرسي

الدقيقة 4.26 وحدها عملية جامعة (شاملة) هي ما ستنجح ...
المترجمة خريطة الطريق الشاملة التي تشمل الجميع هي التي ستصلح

الدقيقة 5.08 و سآتي إلى هنا مرة أخرى لتقديم المساعدة ...
المترجمة و سآتي لخدمة هذا التقدم للأمام

الدقيقة 9:02 و لقد تحدثت مع محمد مرسي بالأمس ...
المترجمة المرة دي لقد تحدثت مع الدكتور محمد مرسي

الدقيقه 9.05 ولا أستطيع أن أمثل محمد مرسي لعدم وجوده و بالتالي عدم القدرة على تصحيحي ...
المترجمة و أنا لن أمثله لأن هذا سيكون متناقضاً مع المهمة التي أتيت بها إلى هنا

الدقيقة 10.15 تم التشويش على البث و البرادعي يقول أنه سيتم عمل لجان للتحقيق في احداث العنف

الكبيرة بقى ...

الدقيقه 11.00 مراسل الفيجارو سأل : هل يمكن أن نتخيل مرسي طرفاً في أي عملية سياسية ، و قبل أن (تتنفس) أشتون كان البرادعي قد قال – لا الرئيس مرسي فشل في العملية السياسية و بالتالي ليس له مكان
فقامت آشتون بالإنسحاب على الفور

إنسحاب آشتون ضد كل البروتوكولات المتعارف عليها في العلاقات الدولية ..  المؤتمر الصحفي يختمه المضيف بعد أن يسأل الضيف بكل لباقة هل يود أن يتلقى أي أسئلة أخرى ثم ينصرف الطرفان معا .. معا .. معا ..
و لم نسمع عن مؤتمر صحفي في أي مكان في العالم إنصرف فيه الضيف ليترك المضيف وحده للإجابة على أسئلة الصحافة




قادة الجيش المصري مجموعة من المرتشين

كيف يواجه الليبراليون واليساريون التدين في مصر؟!


كيف يواجه الليبراليون واليساريون التدين في مصر؟!
ياسر الزعاترة
ياسر الزعاترة

في تقرير مطول لمراسلها من القاهرة، نشرته مؤخراً، ناقشت صحيفة الإندبندنت البريطانية موقف التيار الليبرالي الذين يمكننا أن نضيف إليه التيار اليساري، وبقدر أقل قطاعاً من التيار القومي، موقفه من مشكلة الدين والتدين في الساحة المصرية، والتي تبدو مطروحة في ذهن رموزه هذه الأيام بعد نجاحهم في الانقلاب على الشرعية الدستورية في اللعبة التي سموها ثورة 30 يونيو. وجاء الفيديو الذي تسرب لمناقشات لجنة تعديل الدستور ليكشف توجهات القوم بوضوح.
ولأنهم يدركون تماماً أن ما جرى لم يكن ثورة بحال، فقد بدؤوا باكراً النقاش حول المرحلة المقلبة، وكيفية التعاطي مع ما يسمونه تيار الإسلام السياسي، إذ تتمثل معضلتهم في أن أية انتخابات حرة ونزيهة لا يمكن أن تأتي في صالحهم، بمعنى أن يحصلوا على ما يكفي لتصدر المشهد.
من المفيد القول ابتداء: إننا غير مقتنعين أبداً بأن من أداروا العملية الانقلابية المدبرة بإحكام يريدون أن يرتبوا عملية ديمقراطية حقيقية، أو يريدون كما زعموا استكمال أهداف ثورة 25 يناير، والسبب بطبيعة الحال أنهم يدركون أن أمراً كهذا سيعيد الوضع إلى ما كان عليه، حيث ستتصدر القوى الإسلامية المشهد من جديد، الأمر الذي لا يمكن أن يكون مقبولاً؛ لا بالنسبة إليهم، وقبلهم الدولة العميقة، ولا بالنسبة للدول العربية التي دعمت الانقلاب بكل قوة؛ هي التي تعاني حساسية مفرطة حيال الديمقراطية الحقيقية أولا، وحيال الإسلام السياسي، وفي صدارته الإخوان ثانياً.
غير أن تلك القوى التي ساندت الانقلاب ومنحته الشرعية لا تريد القول: إنها ساندت انقلاباً، فهي تزعم أنها كانت تستعيد ثورة 25 يناير التي «سرقها الإخوان»، وأنها عازمة على إعادة القرار للشعب الذي «ثار» في 30 يونيو، وهي لذلك تبحث عن صيغ بديلة تمكنها من السعي لديمقراطية حقيقية تصل بها هي إلى السلطة وليس القوى الإسلامية.
تلك معادلة تبدو مستحيلة إلى حد كبير، فخلال خمس جولات انتخابية منذ عامين، ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القوى الإسلامية بمختلف أطيافها هي صاحبة الصوت الأعلى دائما، وأن نصيب الآخرين من اللعبة ليس كبيراً، ولعل الدلالة الأبرز على مزاج الشارع هي انتخابات مجلس الشعب التي حصل فيها الإسلاميون على حوالي %70 من الأصوات.
وفيما زعم القوم أن الإخوان قد تراجعت شعبيتهم بعد فوز مرسي (وفشله المزعوم)، فقد جاءت فعاليات ما بعد الانقلاب كي ترد على ذلك بقوة.
وإذا سألنا بشكل عابر عن ردة فعل تلك القوى المتوقعة على إصرار العسكر وقوى الانقلاب الفلولية على ترتيب لعبة ديمقراطية مفرغة من المضمون كتلك التي كانت موجودة في عهد مبارك، فإن الإجابة هي أن مواقفها ستتراوح بين من يقبل بحصة من الكعكة مقابل السكوت، وبين من سيرفض ذلك، فيما أن تكون غالبيتهم من الصنف الأول نكاية بالإسلاميين كما كان الحال طوال العقود الأخيرة.
ما يعنينا هنا هو ما تريده تلك القوى من أجل تحجيم حضور الإسلاميين في الشارع، وهو ما ركز عليه تقرير الإندبندنت، إذ توجِّه بصرها نحو التدين في المجتمع المصري، والذي يمنح برأيها الإسلاميين أفضلية في المنافسة، ولا بد تبعا لذلك من إجراءات وقوانين جديدة تعالج هذا «الخلل».
هنا تتراوح مقترحات السادة الليبراليين واليساريين والقوميين بين أقصى اليسار وأقصى اليمين. بين من يريدون وضع نص في الدستور المعدل يرفض الأحزاب الدينية، ومن يطالب بحل جماعة الإخوان وحزبها (الحرية والعدالة)، وبين من يطالب بقوانين واضحة ضد استخدام الدين في الخطاب السياسي، فضلاً عن منع استخدام المساجد في الدعاية السياسية.
ربما وجد بعض أولئك القوم حرجاً في هذا الخطاب الذي يتبنونه بعد أن حصلوا على موقف مختلف من حزب النور السلفي من الانقلاب، لكن مجاملة الحزب في حال استقر الوضع للانقلابيين لن يكون ضرورة، لاسيَّما أن عزلته عن الجماهير الإسلامية باتت واضحة نظراً لعدم قدرته على إقناع الناس بموقفه الذي جاء استجابة لنكاية سياسية من جهة، ولدولة عربية معروفة من جهة أخرى، وإن توسل مبررات أخرى كثيرة.
معروف أن حلَّ جماعة الإخوان لن يؤدي إلى نتيجة، وكذلك حل الحزب، لأننا سنكون بإزاء تجربة تركيا من أربكان إلى أردوغان، والأحزاب الإسلامية لن تقول إنها أحزاب دينية، ولا يحتاج الناس إلى نصوص في برامجها أو وثائقها لكي يعرفوا توجهاتها أو توجهات من ينتخبونهم من رموزها.
هي معضلة كبيرة يعيشها القوم في مواجهة مجتمع متدين، لكنه يريد حريته أيضا، ولا مجال أمامهم تبعا لذلك غير الاحتكام لرأي الصناديق. 
نقول ذلك، فيما لم تُحسم المواجهة مع الانقلاب أيضا، لكن الليبراليين واليساريين وبعض القوميين يستبقون الأحداث للبحث عن حل لمعضلتهم مع الدين والتدين في المجتمع المصري، هم الذين يتمنى بعضهم أن تختفي المساجد كلها عن وجه الأرض، ليس بسبب مصاريف الكهرباء كما ذهب أحدهم، أو رواتب الأئمة، بل لأنها تصرف الناس عنهم وعن خطابهم.

الثلاثاء، 30 يوليو 2013

دراسة: الانقلابيون يلصقون تهم العنف للإخوان للتغطية على جرائمهم الدموية


دراسة: الانقلابيون يلصقون تهم العنف للإخوان للتغطية على جرائمهم الدموية
alt
د.رفيق حبيب
القاهرة - وكالات
أصدر الكاتب والمفكر المصري د.رفيق حبيب دراسة جديدة عنوانها "الإبادة السياسية..إعلان الحرب الأهلية" أكد فيها أن عملية المذابح المتتالية هي ذروة مشهد عملية الإقصاء الدموي، والإبادة السياسية، والتي تمثل جوهر مخطط الانقلاب العسكري، الهادف أصلا لاستئصال قوى التيار الإسلامي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين.
وكشف حبيب أنه حتى يتم ترسيخ أركان الانقلاب العسكري، يبحث قادة الانقلاب عن مبررات وغطاء، حتى يمكن الاستمرار في مخططات الانقلاب العسكري.
وقال في دراسته :الانقلابات العسكرية، تبحث عن عناوين لجذب قطاع من المجتمع، حتى تعطي لنفسها غطاء شعبيا، يساعدها على استكمال أهدافها، والوصول إلى عسكرة الدولة، منها اشعال موجات عنف ولأن العنوان الأبرز لأي انقلاب عسكري، هو حماية الأمن القومي، لذا يحاول قادة الانقلاب، تصوير الوضع وكأن الأمن القومي مهدد، وكأن الديمقراطية وما ينتج عنها، تمثل تهديدا للأمن القومي.
واضاف :لا مخرج للانقلاب العسكري، حتى يؤمن مساره، إلا بإشعال موجات عنف، مفترضة أو مدبرة، وإذكاء حالة من النزاع الأهلي، تصل لحد التهديد بحرب أهلية، حتى يصبح الحكم العسكري، هو الملاذ الأخير للمجتمع، فيقبل المجتمع الحكم العسكري، ظنا منه أنه مؤقت ولظروف طارئة، وقبل أن يفيق المجتمع أو بعضه، يجد نفسه أمام حكم عسكري مستمر وراسخ، ويصعب الوقوف أمامه.
ويتابع:إننا نجد أن سياسات الانقلاب العسكري، ومنذ اللحظات الأولى، قد أدت عمليا إلى تحويل الانقسام السياسي، إلى نزاع أهلي، فقد وقف الجيش المصري، للمرة الأولى في تاريخه، مع فريق من المجتمع ضد فريق آخر؛ ومارس بحق الفريق الذي وقف ضده، سياسات قمعية منهجية منذ اللحظة الأولى، فأصبح الفريق المؤيد للانقلاب العسكري، مشاركا ضمنيا في كل السياسات القمعية الدموية، التي مارسها الانقلاب ضد فريق من المجتمع. وأصبح القتل المنهجي لأنصار الشرعية والقوى الإسلامية، يعمق الفجوة كل يوم، بينهم وبين من يؤيد الانقلاب العسكري.
واكد حبيب في دراسته تعمد قادة الانقلاب العسكري، إلى توريط القطاعات التي أيدت الانقلاب، حيث اتخذوها ذريعة لكل ما يقومون به، بما في ذلك سياسات القتل والاعتقال والمصادرة، بما جعل فريقا من المجتمع، يمثل غطاء شعبيا، لما يقوم به الانقلاب العسكري، ضد فريق آخر.
ويوضح حبيب انه من الناحية العملية، وصلنا إلى مرحلة نزاع أهلي، سوف تستمر سنوات، لأنها تمثل أكبر جرح غائر في بنية المجتمع، خاصة مع وقوف القوات المسلحة المصرية مع فريق من أبناء مصر، ضد فريق آخر من أبناء مصر، ولكن مشهد النزاع الأهلي لم يكن كافيا، ويبدو أن الغطاء الشعبي للانقلاب بدأ في التقلص، كما يبدو أن مسار الانقلاب أصبح مهددا، ربما منذ الأيام الأولى، لذا تزايدت السياسات القمعية، ولجأ قادة الانقلاب العسكري للتصعيد المستمر.
إقصاء الإخوان بمذابح جماعية
وتحت عنوان "إقصاء الإخوان " خلص حبيب إلى أنه لم يبق أمام جماعة الإخوان إلا البقاء في الميادين، حتى تجهض الانقلاب، وهو ما يجعلها تواجه عمليات قتل ومذابح جماعية، لأنها إذا خرجت من الميادين، سوف تواجه عملية إقصاء دموية، وفي كل الحالات، فإن قادة الانقلاب يريدون التخلص من جماعة الإخوان المسلمين، حتى يستقر الحكم العسكري.
وكشف حبيب أنه يتم إلصاق العنف الحادث في سيناء، بجماعة الإخوان المسلمين، كمبرر للتصفية القمعية والدموية للجماعة.
وخلص حبيب إلى أن استمرار النضال السلمي في ميادين مصر ضد الانقلاب، يعيد التأكيد على جدوى المسار السياسي السلمي، ويوفر فرصة مهمة، لإعادة انتصار المنهج السلمي على المنهج العنيف.

هويدي يكتب: صرنا أكثر قسوة وأقل إنسانية


هويدي يكتب: صرنا أكثر قسوة وأقل إنسانية


فهمي هويدي
فوجئ صديقي الأستاذ الجامعي المخضرم بأن السفير السابق الذي يلتقيه كل صباح في النادي الرياضي ويتجاذب معه أطراف الحديث أثناء المشي، أشاح بوجهه عنه وتجاهله. وفهم أن تلك الخصومة من آثار حوار جرى بينهما في اليوم السابق. انتهى باختلافهما حول الدكتور محمد مرسي وما جرى معه وله.
لم أفاجأ، لأننى صرت أسمع كل يوم عجبا في هذا الموضوع. الشاب الذي فسخ خطوبته لذات السبب، والرجل الذي طلق زوجته، والشقيق الذي قاطع شقيقه.
وطبيب القلب الشهير الذي سمع جلبة وصياحا في عيادته، وحين خرج ليستطلع الأمر اكتشف أن الجالسين اشتبكوا فيما بينهم لأن بعضهم ناصر الدكتور مرسي والبعض الآخر عارضه.
وكان أغرب ما سمعت ان مهندسا من عائلتي كانت له حقوق مالية لدى أحد عملائه، ولكن الرجل امتنع عن أدائه حقه. متعللا بعدم رضائه عما اكتبه عن موقف قيادة الجيش إزاء الدكتور مرسي!
القصص التي من ذلك القبيل كثيرة، لدرجة انني ما أصبحت التقى أحدا إلا وروى لى بعضا منها، حتى أزعم أننا بصدد ظاهرة عامة تعيشها مصر بعد الثورة، تعمق فيها الاستقطاب والخلاف السياسي، مما خلف حالة من المرارة والكراهية لدى المعسكرين المتنازعين، حتى أصبح كل طرف مشغولا بإقصاء الطرف الآخر وإلغائه من الحياة السياسية، على نحو يذكرنا بأجواء ثلاثينيات القرن الماضي حين انقسمت مصر في موضوع مفاوضات الجلاء بين سعد زغلول وعدلي يكن (كل منهما «باشا») ــ حتى انتشرت حينذاك مقولة إن الاحتلال على يد سعد خير من الاستقلال على يد عدلي،ليست المشكلة في الاختلاف أو حتى الانقسام، فذلك مما تشهده وتحتمله الممارسات الديمقراطية في أي مكان في العالم. ولكن المشكلة تكمن في تحول الخلاف إلى شقاق وكراهية تؤدي إلى تمزيق الأواصر وتشويه العلاقات الإنسانية بما يجعل الناس أكثر قسوة وأقل إنسانية وأبعد ما يكونون عن المودة والتراحم.
أزعم أن ذلك أمر طارئ وعابر في مصر، وأتصور أن ثمة فريقا ثالثا بين الفريقين المتصارعين، لا هو متحمس للدكتور مرسي ولا هو مؤيد للانقلاب أو لقيادة الجيش، وإنما هو يضم ملايين من الذين يريدون أن يعيشوا بعيدا عن السياسة في سلام وأمان، وهم مشغولون بلقمة العيش ومواجهة أعباء الحياة وليسوا معنيين كثيرا بصراعات أهل السياسة في القاهرة.
مع ذلك فلا يستطيع أن ينكر أحد أن قطاعات أخرى واسعة من المصريين أصبحت منخرطة في السياسة بصورة أو أخرى. وهؤلاء صوتهم عال وجرأتهم لا سقف لها. وهم الذين يهيمنون على الفضاء المصري الآن، وحشودهم تتوزع على الجانبين المتعاركين. وهؤلاء ضحايا رياح الكراهية المسمومة التي هبت على مصر وفعلت ما فعلته في تمزيق أواصر الناس وتراجع منسوب الإنسانية في معاملاتهم.
السؤال الذي تستدعيه هذه الخلفية هو: ما الذي جرى للمصريين حتى تم تشويههم إلى ذلك الحد؟
ناقشت الدكتور علي ليلة أستاذ علم الاجتماع المسألة. ومما قاله ان الجماهير المصرية كانت لها طموحات كثيرة بعد الثورة، ولكن الأداء السيئ للرئاسة والحكومة أصابها بإحباط شديد أثار غضبها ونقمتها.
 أضاف أن الإخوان بدورهم لم يطوروا أفكارهم ولم ينجحوا في التواصل مع المجتمع الغاضب مما أسهم في تراكم الاحتقان. ساعد على ذلك ان المجتمع المدني المصري لم يكن مهيأ للتفاعل مع النخب الجديدة التي ظهرت في وجود الإخوان بالسلطة (السلفيون مثلا). فانضاف الخوف إلى الاحتقان. وهى المشاعر السلبية التي غذتها التعبئة الإعلامية التي لم تكفّ عن التشويه والتحريض طول الوقت، ووافقني على أن جموع المصريين الذين دخلوا إلى السياسة أفواجا بعد الثورة، بعدما اعتزلوها لأكثر من ثلاثة عقود هم أبرز ضحايا ذلك التسميم الإعلامي. إضافة إلى ان الجميع لم تكن لديهم خبرة بقيم ثقافة الاختلاف. وذلك يسري على النخب السياسية التي لم يتح لها ان تتحصل على تلك الخبرة بسبب الأجواء غير المديقراطية التي تشكلوا في ظلها.
لست أشك في ان المناقشة الأوسع للظاهرة بين أهل الاختصاص يمكن ان تضيف إجابات أخرى في تحليل تلك الظاهرة الشاذة والمحزنة. بما قد يساعدنا على ان نختلف دون أن يكره بعضنا البعض ونتقاتل، كي يصبح الاختلاف تعبيرا عن الحيوية والثراء، ولا يغدو نقمة أو لعنة تحل بالمجتمع فتنهكه وتبدد طاقاته وتورده موارد التهلكة. ذلك اننا نرجو للديمقراطية الوليدة ان تكون خطوة إلى الأمام وليس ردة إلى الوراء.

"وول ستريت": خطة أوباما للاعتراف بالانقلاب حفاظا على التأثير في العسكر


"وول ستريت":
خطة أوباما للاعتراف بالانقلاب حفاظا على التأثير في العسكر


كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها نشرته اليوم على موقعها الإلكتروني، أن تجنب الإدارة الأمريكية تسمية الإطاحة بالرئيس مرسي انقلابا كان بغرض الحفاظ على تأثيرها المحدود في جنرالات العسكر.

وأشار التقرير إلى أنه عندما أبلغ محامو إدارة أوباما واضعي السياسات العليا أن ثمة طريقة لتجنب وصف استيلاء الجيش على السلطة في مصر بالانقلاب، القرار الذي من شأنه أن يلزم الولايات المتحدة بتجميد المساعدات العسكرية، أعرب بعض كبار موظفي البيت الأبيض عن تحفظاتهم بشأن هذا الخيار والرسالة التي يحملها.

وقال مسؤولون أمريكيون إن الخطة تم احتضانها والترحيب بها من قبل أعضاء فريق أوباما للأمن القومي، والذي خلص بالإجماع إلى أنه لا توجد طريقة أخرى للحفاظ على نفوذ الولايات المتحدة المحدود وتأثيرهم في جنرالات في مصر وتجنب تأجيج المزيد من العنف، سوى الاعتراف بالانقلاب.

وكشف التقرير أن النقاش الداخلي (على مستوى الإدارة الأمريكية) بلغ ذروته في الأسبوع الماضي، قبل أيام فقط من قتل الشرطة المصرية لما لا يقل عن 74 من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي.

وأفاد الكاتب أن هذا القرار كشف، بعد ما يقرب من شهر على الإطاحة السيد مرسي، أن البيت الأبيض اعتمد نهج "الواقعية السياسية" الذي تبنته إدارة الرئيس أوباما في التعامل مع توابع وتداعيات الربيع العربي.

ويقول التقرير إنه بعد عام من التودد للرئيس مرسي، يحاول البيت الأبيض إدارة الأزمة بعد الإطاحة به بما يعزز الحفاظ على علاقات الولايات المتحدة مع الجنرالات الذين سوف يقررون ما إذا وكيف ومتى عودة مصر إلى الديمقراطية. ويهدف النهج أيضا الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة مع الإخوان المسلمين، وذلك لأن البيت الأبيض يعتقد أن استقرار مصر يتوقف على إعطاء دور سياسي في المستقبل للقوى التي تدعم الرئيس مرسي.

ونقل كاتب التقرير عن مسؤول كبير في إدارة الرئيس أوباما، قوله: "ما هو الأنسب والأفضل لمصلحة الولايات المتحدة للمضي قدما هو الذي يحرك القرار، وكذا كيف يمكن الحصول على نفوذ أكبر لتعزيز مصالحنا في وضع متقلب جدا".

في مناقشات البيت الأبيض الأولية حول كيفية الرد على الإطاحة السيد مرسي، أعرب محامو وزارة الخارجية والبنتاغون المحامين عن شكوكهم في إمكانية تجنب الولايات المتحدة وصف ما حدث بأنه "انقلاب"، وما يترتب على هذا من تجميد نحو 1.5 مليار دولار من المساعدات الأميركية.

لكن ذلك لم يعجب واضعي السياسات في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون، الذين يريدون إيجاد وسيلة لتجنب قطع المعونات العسكرية، الأمر الذي من شأنه أن يقلل نفوذ الولايات المتحدة وينفر الجنرالات منهم.

بعد الإطاحة بالرئيس مرسي، سحب البنتاغون ووزارة الخارجية الجدول الزمني وطبيعة المساعدات التي كان من المقرر أن تقدم إلى الجيش المصري، ذلك أن البيت الأبيض، كما يقول التقرير، أراد أن يقرر ما إذا كانت المساعدات ستُرسل على أساس كل حالة على حدة. الإمداد الأول في خط أنابيب البنتاجون: أربع طائرات حربية من طراز F-16، كان من المقرر أن تُشحن إلى مصر الأسبوع الماضي.

من أسبوعين فقط، أشار مسؤولون في البنتاغون علنا إلى أنهم يعتزمون المضي قدما في صفقة تسليم شحنة الطائرات، وسعى وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هيغل، إلى الحفاظ على تدفق المساعدات العسكرية في الموعد المحدد، في إشارة واضحة إلى العلاقة مع القائد العسكري الأعلى في مصر، الجنرال عبد الفتاح السيسى.

ورأى مسؤولون في البنتاغون أن عمليات التسليم ينبغي ألا تتأثر بمراجعة البيت الأبيض للمساعدات الموجهة لمصر، لأن الطائرات كانت جزءا من صفقة 20 طائرة التي سبق الاتفاق عليها وتمويلها.

غير أن الكشف عن خطة البنتاغون للمضي قدما في التسليم أزعج المسؤولين في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، وفقا لمسؤولين. وأضاف هؤلاء أن البيت الأبيض احتج لأنه لا يرغب في حشر الرئيس أوباما "داخل مربع" بالنظر إلى تطورات الأحداث غير المضمونة داخل مصر.

في اتصالاتهم الهاتفية اليومية تقريبا، حذر وزير الدفاع الأمريكي "هاجل" الجنرال سيسي من تضييق الخناق على جماعة الإخوان وحثه على السماح لمراقبين من رؤية الرئيس مرسي، الذي سجن في ليلة الإطاحة به. وقال مسؤولون أمريكيون إن الجنرال السيسي استمع إلى السيد هيجل ولكنه بدا "غير ملزم" بنصيحة الولايات المتحدة، وشعر حينها الأمريكيون بالإحباط.

مع اقتراب موعد تسليم طائرات F-16 في الأسبوع الماضي، عقد البيت الأبيض جولة أخرى من المداولات. وكان أحد أكبر المخاوف بالنسبة لصانعي السياسات هو ما يعنيه تزامن تسليم الطائرات إلى الجيش المصري مع تحضير العسكر لشن حملة قمعية كبيرة على الإخوان، وهو ما يعاكس رغبات الولايات المتحدة، كما أورد التقرير.

لم يكن هناك نقاش كبير داخل البيت الأبيض حول تجميد شحنة الطائرة، وفقا للمشاركين في الاجتماع. فقد وافق وزير الدفاع "هاجل" على القرار ونقل هذه الرسالة إلى الجنرال السيسي في مكالمة هاتفية. وأوضح "هاجل" أنه يمكن رفع التجميد عن تسليم F-16 إذا تحسنت الظروف.

وفي الأسبوع نفسه، كما أورد التقرير، بلغ الجدل حول ما إذا أمكن التحايل على تسمية ما حدث بأنه "انقلاب" ذروته في البيت الأبيض.

وفي هذا السياق، أبلغ المحامون صناع السياسات الأعلى أن القانون الأمريكي كُتب بطريقة لا تلزم الإدارة بإطلاق تسمية انقلاب أو لا انقلاب، وبالتالي فإن الولايات المتحدة يمكن أن تتجنب هذه المسألة من خلال عدم إصدار أي قرار.

ولكن هذه الصيغة لم تُعجب كثيرا بعض كبار المسؤولين في البيت الأبيض، بمن في ذلك نائب مستشار الأمن القومي بنيامين رودس، وفقا لمسؤولين أمريكيين شاركوا في المحادثات.

وقال هؤلاء المسؤولون إن السيد رودس وغيره من طاقم البيت الأبيض يميل بقوة إلى "أن هذا كان في الواقع انقلابا"، ويجب أن يكون المسمى على هذا النحو، بحجة أن ذلك مهم بالنسبة لمكانة الولايات المتحدة.

وقال مسؤولون إن وزير الدفاع "هيجل"، ووزيرة الخارجية "جون كيري" ومستشار البيت الأبيض للأمن القومي، سوزان رايس، المعينة حديثا، أيدوا قرار عدم توصيف ما حدث بأنه انقلاب، بحجة أن اتخاذ مثل هذا القرار بطريقة أو بأخرى من شأنه أن يضر بمصالح الولايات المتحدة.

ليلـة الميعـاد

ليلـة الميعـاد
حامد بن عبدالله العلي

الأزمنة أوعية الأحداث ، والأحداث العظيمة قـد أعُدَّت لها أزمنتها العظيمة ، وربما سُميت تلك الأحداث بأزمنتها كما يقال يوم بدر ، ويوم حطّين ،ولكلِّ أمّـة أزمنـة تخصُّها ، وإنما جعل الله تعالى هذه الأمـّة أمـّة رسالة السماء ، فمنهاجها هو الكتاب المنزل من السَّماء ، وثقافتها هي الوحي المنزل من السماء ، وعواصمها هي المساجد ، بيوت الإتصال بالسماء ، وأيامها هي أيام السَّماء ، وأحداثها هي أحداث السماء ، ورجالها العظام هم رجال السماء ، أجسادهم بين الناس و أرواحهـم تطوف حول العرش ، يصبحون ويمسون وهمهم إرضاء من استوى على العرش .

وليس من الأزمنـة زمان أكرم على الله تعالى مما خبـَّأه فيما يأتي في الثلث الأخير من زمان رمضان ، وهي أشبه بالثلث الأخير من زمان الليل ، كما الثلث الأخير من زمان الإنسان إذ هو خلاصة إنجازه من نتاج تجاربه .

وهي أعظم ليلة في الزمان ، أعطاه الله لهذه الأمَّـة العظيـمة ، وهي على ميعاد معها في العشر الأواخر من رمضان ، وقـد سميت ليلةُ القدر ، لعظم قدرها عند الله تعالى ، وأيُّ فضل أعظـم من أن يختارها الله لينزل فيها كلامه ، ثم يمدحها بذلك قائلا عـزَّ من قائل : ( إنا إنزلناه في ليلة القـدر ) .


والفائزون في هذه الليلة ثلاثة أقسام :

قسم يدركها فينال فضلها بأجـر العمل المضاعف ألف شهر ، أي كأنه قام ثلاثين ألف ليلة بما فيها من العمل الصالح ، وهذا القسم يُعطَى كما يعطِي الملك عطاء العاملين جميعـا مقابل خدمـتهم .

والقسم الثاني : يدركها إدراكاً خاصاً وهم الذين يزيدهم الله تعالى على أجور أعمالهم ألطافا يجدونها في نفوسهم ، وحلاوة يجدونها في قلوبهم ، وقربا من الله تعالى لايعرفون له مثيلا في بقية ليالي المناجاة ، كما يكرم الملك مقرّبيه بأكثر مما يعطي من العطاء العام.

والقسم الثالث : هم الذين يدركونها إدراكا أخصّ وهم الذين ـ إضافة إلى ما يناله القسمان السابقـان ـ يُفتح لهم من المكاشفة ما يرون بها آيات هذه الليلة ، كما يُسـر الملك إلى خاصّة خاصّته بمالايطّلع غيـرهم عليه من أسرار الملكـوت.

وهؤلاء مؤتمنون على هذه الأسرار ، وإذا حدثوا بها ، أسـرُّوا وهـم في غمـرة أنوار الإخلاص ، وغالبا تُعرف عنهم بعد موتهم ، ولهذا إذا وجدت من يُظهـر مكاشفاته للناس ، فاعلم أنـّه مدّع غير صادق .

وليلة القدر هي جائزة الله تعالى الخاصّة للصائمين ، فكما أنَّ لكل مجتهد في الخدمة مكافأة يُخصُّ بهـا ، جعل الله تعالى للصائمين الذين حرموا أنفسهم لذة الشهوات ، وأحيوا ليلهم بتلاوة القرآن ، وأطاعوا ربهم غير معترضين على أمره ، وانقادوا لشريعته مؤثرين رضاه على متع الدنيا ، أعطاهم هذه الجائزة الجزيـلة ، والكنـز العظيم ، وهي مضاعفة عملهم الصالح هذه الليلة حتى يصير أكثر من عمل أعمارهم كلِّها ، وزيادة مغفرة الذنوب ، كما في الحديث ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .

ولهذا جُعلت ليلة القدر في الثلث الأخير من الشهر ، كما تعطى الجوائز في الخواتيـم ، ولم تجعل بعده حتى تقع في زمنه الفاضل على جميع الأزمنـة ، ولتكون الجائزة في الزمن الذي نزل فيه القرآن ، فهي من بركات القرآن العظيم

وكأنها ـ من جهة أخرى أيضا والله أعلم ـ إحتفالا بنزول القرآن ، ولهذا يوزع الله تعالى في ليلة هذا الإحتـفال من أفضاله ، وعطائه ، وإكرامه ، وجوائزه ، وهباته ، وحبائه ، ما لايوزع في غيرها ، فيغفر الذنوب ، ويضاعف الثواب ، ويجزل العطاء .

ولهذا ـ والله أعلم ـ تتنـزَّل الملائكة في هذا الإحتفال العظيم ، وينزل معها الروح وهـو جبريل الذي نزل بالقرآن ، فهو الذي يقود هذا الإحتفال ، ولهذا عطفه الله عن الملائكة عطف الخاص على العام ، في قوله ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِّ أمر ) ، فهي الليلة التي تحتفل فيها السماء بنزول القرآن ، فيهبـط عليه السلام وحوله الملائكة فيهـا ، ويبقـون في الأرض حتى يطلع الفجـر .

وأحسب ـ والله أعلم ـ أنَّ كلَّ ملك نزل مع آيات الكتاب ، أو نزل بنصر الكتاب ، ينزل تلك الليلة ، ولولا أن يكون الناس أمة واحدة فيؤمنون جميعا ، وتذهب حكمة الإمتحان المبْني على الإيمان بالغيب ، لرأى الناس هذا الإحتفال العظيم ، ولرأوا أنوار السماء تملأ الأرض إبتهاجا بنزول القرآن العظيم .

وكأنَّ ملائكة الله تعالى تنزل في الأرض لتسبح الله على إنزاله كلامه العليِّ المقدَّس على أهل الأرض ، مع غناه عنهم ، ووقوع المعاصي منهم ، إنزالـه كلامه الذي هو صفة من صفاته العلية ، من فوق العرش المجيد ، ليهديهـم سبل السـلام ، قـــال تعالى ( يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام )

ولهذا يُلقى في الأرض السلام في هذا الإحتفال العظيم ، قال تعالى ( سلامٌ هي حتَّى مطلعِ الفجر ) ، وهو شعارُ الإسلام الأكبر ، ومنه اشتـقَّ إسم الإسلام ، دين الله تعالى الذي ارتضاه ، وهو دين الأنبيـاء جميعا ، وهو اسم جنةِ عدنٍ التي هي منتهى الإسلام ، وغاية منهجـه .

ولهذا شُرع لأهل الإسلام أن يحضروا هذا الإحتفال السماوي العظيم ، بإحـياء هذه الليلة بتلاوة القرآن ، والإتصال بالسمـاء ، لتتذكـَّر هذه الأمَّة أن رسالتها سماوية ، ترد الناس إلى أصلهم الذي خلق في السماء ، وسكن الجنـَّة ليعود إليها ، وهو آدم عليه السلام ، وتترفَّع عن كلِّ الوشائج السفليّة الأرضيـّة ، و أنَّ ثقافتها موحدة للبشر جميعا في إطار إخوة الإيمان بالله تعالى ، ثقافة منزَّهة عن التعصُّب العرقي ، والتمييز العنصـري .

فتُسمع في بيوت الله تعالى وفي أرجاء الأرض كلُّها آياتُ القرآن تُتلى من المؤمنين ، تحفُّهـم ملائكـة السماء التي تملأ الأرض ، إيذانا بأن الرحمة والسلام باقيان في الأرض ما بقي فيها كلام الله تعالى يتلى ، حتى إذا أذن الله تعالى بزوال الأرض والسموات ، رفع أولا كلامه ، فلاتبقى آية في مصحف ، ولا في صدر أحد إلاَّ رفعت ثم تقوم القيامه ، كما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه بسند صحيح عند الدارمي وغيره .

وقد خُبِّئت هذه الليلة العظيمـة ، بين ليالي العشر حتى يشرئبُّ لها العاملون ، ويتشوق إليها المتشوّقون ، ويجتهد في طلبها المجتهـدون ، ذلك أنَّ من طبيعة النفس الإنسانية أنها إلى ما تتوقعه ولا تدري متى هو ألهـف ، وإلى ما تتنظره في كلِّ لحظة أشـوف .

ولهذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الليلة العظيمة الجليلة ( أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مِرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )

فنسأل الله أن لايحرمنا خيرها ، وأن يرزقنا فضلها ، وأن يستجيب دعاءنا ، وأن يغفر لنا فيها جميع ذنوبنا .

آمين