السبت، 30 مايو 2009

حوار مع د زينب عبد العزيزفي الشروق الجزائرية


حوار مع د زينب عبد العزيزفي الشروق الجزائرية




صاحبة أول ترجمة لمعاني القران الكريم للغة الفرنسية الدكتورة زينب عبد العزيز "للشروق أون لاين" : 

تلقيت ثلاثة تهديدات بالقتل بسبب فضح حملات التنصير ومخططات الفاتيكان

2009.05.30 
حاورها: خير الدين بن زعرور

ترجمة "جاك بيرك" محرفة عمدا لتشويه صورة الإسلام وعلى الجالية المسلمة في الغرب الحذر منها

كرست حياتها وجهودها على مدى عمرها للدفاع عن قضية الإسلام وما يحوك له خصومه في الخارج ، تصدح بأعلى صوتها قائلة " مشروعي واحد لا يتغير : مواصلة الطريق دفاعا عن الإسلام ونقل موقف الغرب من الإسلام ، علّ ما أقوم به يعاون في توعية المسلمين مما يحاك لهم" . نشرت الكثير من الدراسات تفضح فيها مؤسسة الفاتيكان ودورها في التبشير ما عرّضها لهجمات وصلت حد التهديد بالقتل، أصدرت ما يربو على عشرين كتابا في مجال الدين باللغة العربية والفرنسية. 



في حياتي لم أنل أية جائزة لا تقديرية ولا تشجيعية..


وتعتبر أول امرأة عربية مسلة قامت بترجمة كاملة لمعاني القران الكريم للغة الفرنسية في التاريخ الإسلامي، تتشرف "الشروق أون لاين " بمحاورة الدكتورة زينب مصطفى عبد العزيز أستاذة الحضارة الفرنسية بالجامعة المصرية و العضو البارز في هيئة الإعجاز العلمي للقران والسنة عن ترجمتها للقرآن و الاتهامات التي وجهت إليها من قبل الفاتيكان وقضايا أخرى تابعوها في هذا الحوار الذي نشير الى أننا سبق ونشرناه في العدد السابق لأسبوعية "الشروق العربي" .
في البداية هل للجمهور الجزائري أن يتعرف على الدكتورة زينب عبد العزيز ؟

وأنا في الرابعة والسبعين من عمرى ، هناك خطان أساسيان فى حياتى : الخط العلمى أو الأكاديمى والخط الفنى فقد اقمت خمسين معرضا فرديا فى مصر وفى الخارج بخلاف الإشتراك فى المعارض الجماعية المحلية والخارجية. أستاذة الحضارة الفرنسية بالجامعات المصرية ، حرم المرحوم الفنان والأثري لطفي الطنبولي (1919-1982) المدير العلمي لمركز تسجيل الآثار المصرية ، والذى أدين له بكل ما وصلت إليه بفضل تشجيعه ورعايته ..عرفته منذ سن الرابعة وكان زميلا لأخي الأكبر.

تعتبرين أول امرأة عربية قامت بترجمة كاملة لمعاني القران الكريم للغة الفرنسية، صدرت عن جمعية الدعوة الإسلامية في ليبيا وهي تعد أول ترجمة في التاريخ الإسلامي ، هل لك أن تحدثينا عن هذا الانجاز المميز؟

نعم ، وقد استغرقت مني ثماني سنوات ونصف بواقع 15 ساعة يوميا.. فقد سمحت لي الظروف أن أتمكن من تكريس كل وقتي لهذا الإنجاز دون أن أشعر بالتقصير فى حق أي فرد من أفراد الأسرة ..
كيف جاءت فكرة انجاز هذا المشروع الضخم ، ومنذ متى بدأت تهتمين بترجمة القران الكريم؟
للحق أدين بهذه الفكرة إلى ابني .. فبعد الإنتهاء من معركة التصدي لترجمة جاك بيرك ، وكانت ترجمة "شوراكي" قد ظهرت فى الأسواق ، سألني: " هل ستظلين تنتقدين الترجمات التى لن تتوقف وستظل دوما هي التي بين أيدي القراء" ؟ وتوكلت على الله.. بدأت أرتب للقيام بها بتجميع الترجمات السابقة والموسوعات الفرنسية والتفاسير وقواميس اللغة العربية وما يتعلق بعلوم القرآن التى تدخل فى نطاق عملية الترجمة..
أما عن إهتمامي بترجمة القرآن الكريم فقد بدأت بقراءة ترجمة المستشرق "رجيس بلاشير" لأنني كنت سأعد رسالة الدكتوراه معه ، وأدهشني أنه غيّر ترتيب القرآن كما نطالعه جميعا، ليتبع ترتيب النزول لأنه الأصوب في نظره.
وأكثر ما أدهشني هي تلك الحرية التى يعبث بها المستشرقون في نصوصنا الدينية وليس فى القرآن وحده، ثم ألقيت نظرة على ترجمة المستشرق "كازيميرسكي" وله أيضاً قاموس ضخم عربي / فرنسي ، والغريب أنه حين يترجم نص القرآن لا يلتزم بالمعنى تماما أو يحيد بعيدا عنه ، وحينما يترجم للقاموس يتبع الدقة المتناهية !.

من ساعدك في ذلك وهل تلقيت عراقيل ما ؟

ساعدني في شرح معاني النص القرآني الدكتور علي جمعة ، أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر آنذاك ، وقد بدأت بتجميع 22 ترجمة كاملة بالفرنسية للقرآن الكريم ، قام بها مستشرقون أو علماء مسلمون ، من القرن السادس عشر حتى ترجمة "شوراكي" في القرن العشرين. أما عن العراقيل والصعوبات فأهمها، اختلاف الوعاءين بين اللغة العربية واللغة الفرنسية.

وجهت انتقادات لاذعة لترجمة الباحث المفكر الفرنسي المعاصر "جاك بيرك" لمعاني القرآن الكريم، وقلت أنه ارتكب أخطاء لا تغتفر في حق الإسلام والمسلمين ، وهل لك أن توضحي الأمر للقارئ الجزائري وغيره من الذين يطالعون "ترجمة بيرك" ؟


هل قول الحق يسمى إنتقادات لاذعة ؟! نعم ، لقد ارتكب "جاك بيرك" فعلا أخطاء لا تغتفر في حق الإسلام والمسلمين ، وتكفي قراءة الدراسة / المقدمة التى ذيّل بها لترجمته ، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
التشكيك في نزول وترتيب القرآن وأنه غير صالح لكل زمان ومكان ؛ وأن هناك تنافرا بين ترتيب النزول ؛ تأثر القرآن بالشعر الجاهلي وبالفكر اليوناني ؛ مطالبته بفصل الدين عن الدولة ؛ واتهام المفسرين بإلغاء بعض الآيات إن كانت تخرج عن قبضتهم ؛ وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يختار مما يوحى إليه.


إذن جميع صفحات ترجمة بيرك مغلوطة؟ 


لا تخلو صفحة من صفحات ترجمته من خطأ من مختلف الأخطاء التى يمكن للمترجم أن يقع فيها ، لكن هناك فرق بين السهو والخطأ المتعمد لتغيير المعنى ، ومنها على سبيل المثال : إصراره على ترجمة كلمة "النصر" بكلمة "النجدة" (le secours ) في حين المقابل موجود ومعروف ، وسورة الروم ترجمها باسم العاصمة روما لأسباب ترخيم الصوت كما يقول في الهامش، وكان لزاما عليه وضع كلمة البيزنطيون ، وسورة الملك ترجمها بكلمة "المَلَكية" ..وفي سورة يوسف "فلما رأى قميصه قُدّ من دبر" ترجمها بأن قميصه كان مثقوبا من الخلف
: (sa chemise était trouée par derrière) ؛ وإصراره على ترجمة "الألباب" بكلمة "النخاع" (la moelle)؛ وأن الله لا يخلف الميعاد وهي بمعنى الوعد قال : (Dieu ne manque pas au rendez-vous ) .


فهل من المعقول أن "جاك بيرك" عضو الأكاديمية أو حتى مجرد المثقف الفرنسي وعضو مجمع اللغة العربية ، أي المتمكن رسميا من اللغتين ، يمكن أن يقع في مثل هذه الأخطاء إن لم يكن من باب التجريح المتعمّد ؟!.
و هل توجهت إلى هيئات إسلامية شرعية لتشرحين لهم الأمر ؟


كتبت تقريرا لشيخ الأزهر آنذاك ، الشيخ جاد الحق رحمه الله .
هل اتخذت خطوات عملية ؟

قام فضيلة الإمام الأكبر بتشكيل لجنة لمراجعة ما قدمته من نماذج إضافة إلى ترجمتى لتلك الدراسة التى ذيّل بها ترجمته ، كما طلب من عشرة أشخاص آخرين كتابة تقارير منفصلة عن رأيهم فى ترجمته ، وأصدرت اللجنة تقريرا خلص إلى أن ترجمة " كاك بيرك" محرفة و تمس بقدسية القران الكريم، وبناء على ذلك قرر فضيلة الإمام الشيخ جاد الحق رحمه الله منع دخول ترجمة "جاك بيرك".

برأيك ما هي الأسباب التي دفعت المفكر الفرنسي جاك بيرك للقيام بذلك؟

ما دفع المفكر الفرنسى للقيام بذلك التحريف المتعمد هو في رأيي قرارات مجمع الفاتيكان الثانى (1965) والتي كان من ضمنها قرار إقتلاع الإسلام في عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم كله قد تم تنصيره ، كما اتخذ قرار تنصير العالم، وهو أمر معلن على الملأ، و فرض على جميع الأتباع الإشتراك في عملية التنصير هذه .. ومعروف أن القرارات المجمعية تسري على الجميع حتى على الملوك والرؤساء ، ويلتزمون بها حتى لو لم يعلنو ذلك .

ترجمة "جاك بيرك" لمعاني القران الكريم طبع منها آلاف النسخ بفرنسا ودول أوروبية لفائدة المسلمين وغير المسلمين، ماذا تقولين لهم وبخاصة الجالية العربية المسلمة المتواجدة بكثرة في فرنسا والمقدر عددها بنحو 6 ملايين منهم حوالي مليوني جزائري؟
أقول لهم ألا ينساقوا خلف الذين يدافعون تملقا وعن غير وجه حق عن "جاك بيرك" ، وليقرأوا ما كتبه بدقة ليدركوا فداحة ما قام به فى حق الإسلام والمسلمين.

هناك قلة للترجمات المتعلقة بالقران الكريم والسيرة النبوية وكل ما تعلق بديننا الحنيف للغير المسلمين، خلافا للدول الغربية التي قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال، وقدمت ترجمات كثيرة لديننا معظمها محرفة ماذا تقولين في هذا الأمر؟

التقصير مخجل بكل أسف ، فلم يقر الأزهر القيام بعمل ترجمة لمعانى القرآن الكريم فى عام 1935 ، بينما بدأ الغرب ترجماته المغرضة المحرفة منذ القرن الثانى عشر ،أيام حرب الإسترداد ، حين طلب بطرس المبجل من المترجم "ان تمحو ترجمته للقرآن أى أثر للإسلام من ذهن المسلمين الذين تم تنصيرهم" (وارد في كتاب "بلاشير" عن "القرآن" صفحة 9) .. وهو ما اتبعه كل من قام بالترجمة من مستشرقين أو رجال كنسيين.
هناك العديد من المستشرقين بقدر ما كانوا همزة وصل في تعريف الدين الإسلامي لغير المسلمين في أوروبا وغيرها، بقدر ما أضروا بالإسلام وفي تقديم صورا سيئة عنه ؟

لقد تركنا لهم الفرصة ونحن المسؤلون أمام الله عز وجل عن هذا التقصير الفادح ، بل لقد وصل الأمر حاليا إلى تحقيق مقولة "زويمر" ، كبير المبشرين ، حين قال في مطلع القرن العشرين" انه لن يقتلع الإسلام إلا أيدي مسلمة من الداخل" !. وهو الدور الذى يقوم به الفاتيكان حاليا مع بعض الذين قبلوا أن يوضع ولاءهم للإسلام محل نظر .. لكى لا أستخدم عبارات أخرى .. 

بعد تجربتك الفريدة والفذة للعالم الإسلامي هل نلت جوائز تشجيعية وكرمت في محافل عربية ودولية ؟
لم أنل أية جوائز فى حياتى ، لا تقديرية ولا تشجيعية والحمد لله .. لقد رشحتنى جامعة "المنوفية مرتان" وجامعة الزقازيق مرة للحصول على جائزة الملك فيصل في مجال علوم خدمة الاسلام، لعام 2000 و 2003 ، ولم يلق ترشيحهم أى صدى .. وقد يرجع ذلك الى وجود ترجمة فرنسية تصدر عن مجمع الملك فهد، ولا يريدون الإعتراف بغيرها .. وهذا من حقهم .
قمت بالعديد من الدراسات والإسهامات حول الأناجيل الموجودة وتعرفت على المتناقضات التي تحملها، هل يمكن أن تحدثينا على هذه الدراسات ؟
المسلّم به حاليا بين علماء الغرب الجادين أن المتناقضات في الأناجيل أكثر من عدد كلماتها، ومن أهم هذه المتناقضات وجود أكثر من مائة آية شديدة الوضوح تتهم اليهود بقتل الرب يسوع، ويقوم الفاتيكان بتبرأتهم لأغراض سياسية، وتكفى الإشارة إلى أبحاث معهد "ويستار" بأمريكا ، وأكثر العلماء به من كبار أساتذة اللاهوت، وقرروا في أبحاثهم المنشورة أن 82 % من الأقوال المنسوبة ليسوع لم يتفوه بها ، و 84 % من الأعمال المنسوبة إليه لم يتفوه بها ..

لهذا تلقيت انتقادات وهجمات شرسة من طرف المؤسسة الفاتيكانية.
نعم ..
هل يمكن أن تحدثينا حول هذا الموضوع وكيف بدأت قصتك مع الفاتيكان ؟

تم منعي من كافة المحافل الرسمية والمؤتمرات ، وقد تلقيت ثلاثة تهديدات بالقتل، ولن يغيّر كل ذلك شيئا من موقفي دفاعا عن الإسلام أو صداً لعمليات التنصير والمحاولات المستميتة لإقتلاع الإسلام .. فلن تفلح أي محاولة في تغيير ما كتبه الله سبحانه وتعالى لمصيري الذي أتقبله بكل إطمئنان ورضا ، فالدفاع عن الدين فرض في عنق كل مسلم ومسلمة ، وانا لا اقوم إلا بأقل ما يجب عمله بالنسبة لما هو مطلوب حاليا دفاعا عن الدين .

هل تلقيت دعما من هيئات دينية عربية إسلامية كالأزهر وغيره في مواجهة الفاتيكان واتهاماته؟


لا ، بكل أسف ، بل كثير من رجاله يعتبروننى صريحة أكثر مما ينبغى ، أو كاشفة لما يقدمه بعضهم من تنازلات .. وأنا راضية فرحة بهذا الإستبعاد لأنه يساعدنى على العمل فى هدوء ..

جهزت الكنسية حملات كبيرة للتنصير بالمنطقة العربية وتحديدا شمال إفريقيا وعلى رأسها الجزائر من خلال استغلال الأوضاع الاجتماعية للشباب ما قولك ؟
إن الهجمة الكاسحة الشراسة على الإسلام، بدأت عندما فشلوا في تحقيق قرار المجمع بتنصير العالم حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم كله متنصّر . ففى جانفي 2001 قام مجلس الكنائس العالمى بإسناد مهمة إقتلاع الإسلام الى الولايات المتحدة بحكم أنها السلطة العسكرية المتفردة فى العالم ، وحددوا هذا العقد الحالي للانتهاء من اقتلاع العنف والشر الذي هو الإسلام في نظرهم .. وفي الحادي عشر من سبتمبر 2001 قامت الولايات المتحدة بتنفيذ ما أطلقت عليه من وقتها : "مسرحية 11 سبتمبر" .. وللأسف كثير مما يقومون به يتم بموافقة بعض المسؤلين فى مختلف المستويات والمجالات في العالم الإسلامي والعربي وليس في الجزائر وحدها ..
هل للدكتورة زينب عبد العزيز مشاريع أخرى ؟
مشروعى واحد لا يتغير : مواصلة الطريق دفاعا عن الإسلام ونقل موقف الغرب من الإسلام ، علّ ما أقوم به يعاون في توعية المسلمين مما يحاك لهم ويحثهم في الدفاع عن الدين .
- كلمة أخيرة للجمهور الجزائري؟ 
شموخ الشعب الجزائري معروف ، وجهاده ضد الإستعمار الفرنسى وغيره يعد مثالا مشرّفا للمسلمين جميعا ، وقليلة هي الكلمات التي يمكنها أن تفيه حقه .. أدعو وأتمنى له كل النجاح والتوفيق في مسيرة رائدة دفاعا عن الدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق