الاثنين، 1 أبريل 2019

العلاقة بين تجفيف النيل وحملة التوراة والإنجيل!


العلاقة بين تجفيف النيل وحملة التوراة والإنجيل!

هذا مقال عجيب مذهل نشر في المختار الإسلامي عام ٢٠١٠في يوم الأربعاء 23 يونيو 2010
المذهل محتواه
المذهل تفاصيله
المذهل تاريخه:
هذا مقال أناشد القراء قراءته ونشره على أوسع نطاق فهو في غاية الأهمية والخطورة والشمول ويستند على قدر كبير من المراجع
الدكتور محمد عباس
الدكتور محمد عباس
الأربعاء 23 يونيو 2010




العلاقة بين تجفيف النيل وحملة التوراة والإنجيل!


ينفجر الغضب وأنا أتابع أثناء كتابة هذا المقال الجريمة الإسرائيلية مع أسطول الحرية..

ينفجر الغضب شواظ محرقة لكنها –في مثل عمري- تمزقني أنا وتشعل النار في قلبي أنا لتغرقني في النهاية في بحر من الحزن إزاء أمة لم يعد يحركها شيء حتى لو تيقنت أن حكامها ونخبتها خانوها وانضموا إلى الأعداء ضدها..

ينفجر الغضب لتسطع في ضوء اللهيب الحقيقة مرة أخرى: فلسطين محورنا.. منها يبدأ انتصارنا.. ومنها تبدأ هزائمنا.. ومنها يبدأ تجفيف منابع النيل.. ومنها يبدأ الحفاظ عليه وعلى أمتنا أو القضاء عليها.

ينفجر الغضب .. لكن تهب نسمات من رحمة الله تحمل بعض الغوث متجسدة في موقف الرائعة العظيمة تركيا.. وفي موقف الدول الأوروبية المساهمة في أسطول الحرية وفي موقف الجزائر العظيمة التي أثبتت وتثبت أن غيرها –وليست هي- بلاد المليون عميل والمليون سفيه والمليون خائن.

***

إن القليلين يندهشون عندما أربط بين كارثة ما يحدث في منابع النيل وإسرائيل فهم يدركون حجم المؤامرات المهلكة التي تدبرها لنا.. لكنهم يندهشون عندما أربط ذلك بفلسطين.. رغم أن الرابطة واضحة ووثيقة ولها ألف وجه ووجه.. وأحد وجوهها هو القصاص الإلهي.. ألم نشيد سدا بيننا وبين غزة لنهلك إخوتنا في غزة مجاملة لأعدائنا وليس في سبيل أنفسنا.. فلماذا نعتب على إثيوبيا إذا ما قررت بناء سد من أجل مصلحة شعبها حتى لو أهلكتنا نحن الذين لا تجمعنا بهم رابطة عنصر أو دين. لقد أعطينا الآخرين المبرر ليشنقونا بحبل جدلناه بأنفسنا.. فلتفعل مصر ما شاءت فكما تدين تدان.. وكما تُحَاصِرُ تُحَاصِر.. وكما تتحالف مع الأعداء ضد الأشقاء سوف يتحالف الأشقاء مع الأعداء ضدها.. وكما ساهمت في تقسيم غيرها ستشرب نفس الكأس المر.. وسوف يكون هلاكها -لا قدر الله- أنها شنت الحرب على الإسلام احتماء بالصليبيين والصهاينة واستقواء بهم.. وتركت مجالها الحيوي الوحيد الذي يمكن أن يحميها.. الإسلام.

***

أقول أن القليلين يندهشون من علاقة إسرائيل بما يحدث في منابع النيل.. أكثر منهم من ينهشون عندما أتحدث عن علاقة فلسطين به.. لكن الكثيرين جدا يندهشون عندما أطرح أمامهم علاقته بالحملة ضد الإسلام وحملات التنصير والبابا شنودة وأقباط المهجر في الخارج وبعض النصارى والعلمانيين في مصر. .

أعترف أن الذهول يستبد بي عندما أرى ولاة أمورنا سادرون في غيهم وكأنهم لم يقودوا البلاد إلى الكارثة ..

نعم.. يستبد بي الذهول عندما أرى أننا وصلنا إلى هذه الدرجة من الانهيار دون أن يطرف للنخبة الحاكمة جفن ودون أن يؤنبهم ضمير.

مهما كانت الهزائم.. ومهما كانت النكسات.. ومهما كان الخراب فإنهم لا يرتدعون أبدا ولا يكفون..

والمصيبة الهائلة والكارثة النازلة أنهم هم نخبتنا وقادتنا وولاة أمورنا.. أولئك الذين نتوسل إليهم ألا يفسدوا في الأرض فيقولون إنما نحن مصلحون.. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.. فهل يجديني أن أوجه ندائي إلى أولئك الذين لا يشعرون؟ فكيف يفقهون؟..

أم أنني أسمعت لو ناديت حيا..

ففي الجانب الآخر هناك صنف آخر.. لا أظن ثمة جدوى من التوسل إليهم.. أولئك هم المفسدون الذين يعلمون أنهم يفسدون.. يفعلون ذلك عن وعي كامل.. وبإدراك كامل.. ويحصلون على الثمن.

أولئك الذين باعوا للشيطان نفوسهم وللصليبية الصهيونية أوطانهم فأصبحوا أدوات للأعداء علينا يستهدفون في النهاية ما نحذرهم منه.. ذلك أن بعض السذج منا يتصور أنهم يعرضون الوطن للأخطار لأنهم لا يفهمون التبعات ولا يشعرون بالمخاطر.. بينما الأمر على العكس.. إن الوطن لا يهمهم إلا بقدر ما يستفيدون منه.. ولقد رهنوا أنفسهم بالأعداء لذبح أمتهم.. وكل واحد منهم ابن علقمي وأبي رغال آخر إنهم يشبهون نخاسا يبيع أهله أو قوادا يتاجر في عرض أهل بيته. وأولئك الذين كلما تذكرتهم تذكرت الشيخ عبد الكريم عبد الرزاق إمام وخطيب جامع عمر المختار في العراق. كان الشيخ الجليل يصف تجليات الحضارة الغربية في أبي غريب وكنت أسمع حديثه على نحو آخر فكأن الضحايا ليسوا رجالا ونساء وإنما أمم ودول. كان الشيخ يقول:

"في سجون الداخلية العراقية هناك قطع للرؤوس وشواء للأجساد وقلع للعيون والأظافر، وهناك قطع الرؤوس ، هناك شواء للأجساد، هناك قلع للعيون، هناك قلع للأظافر."

وكنت أقول لنفسي أنهم هناك وهنا يفعلون بالمواطن نفس ما يفعلونه بالوطن!.. يجففون نيله ويمزقون قلبه ويسرقون أرضه. لكن.. لنعد إلى الشيخ يقول:

" عندما كنت عند الأميركان في الشعبة الخامسة في الكاظمية والله كنت في زنزانة استمع إلى فتاة عراقية تقول والله أنا عذراء والله أنا بكر والله أنا شريفة وتنادي بالله ثم نادت وا محمداه وا نبياه واإسلاماه"..

***

كلما أوشكت على مناشدة أحد من ولاة أمورنا تذكرت هذه الفتاة المسكينة..

تذكرت صرخاتها: " والله أنا عذراء والله أنا بكر والله أنا شريفة"..

وكأن ذلك سيردع المجرمين ويكفهم عنها..

بل كما لو لم يكن ذلك هدفهم ومبتغاهم منذ البداية..

أن يهتكوا عرضها ويثلموا شرفها ويفضوا بكارتها حتى لا يعود لها بين العالمين شرف ولا قيمة وعلى أمل أن يقتلها العار والقهر والعجز وجبن الرجال عن نجدتها..

لذلك كلما كدت أصرخ:" يا حكامنا هذا وطن هذه دولة هذه أمة وهذا دين" تذكرت المرأة وتذكرت أن ولاة أمورنا لا يختلفون عمن أسروا المرأة.. والفرق أن الأولين أسروا امرأة وقتلوا أهلها وأن الآخرين أسروا وطنا!!..

وأن الأولين اغتصبوا امرأة بينما اغتصب الأخيرون وطنا وقتلوا أمة..

وإن زاد من البشاعة أن الأخيرين اغتصبوا أمتهم وأمهم وأخواتهم.

***

كارثة اتفاق دول منابع النيل ضدنا كانت كفيلة بإحداث ثورة غضب شاملة لا تبقي ولا تذر.. وقد تصرفت النخبة الحاكمة بدرجة لا تكاد تصدق من الاستهتار وانعدام والإحساس بالمسئولية.. حتى أن بعض الكتاب قارنوا التصرف البارد الهادئ للنخبة الحاكمة في أمر يهدد وجود مصر نفسها بالنار المتأججة التي أشعلتها نفس النخبة إزاء مباريات الكرة بين مصر والجزائر حيث لم يفضح أكاذيب نخبتنا إلا قرارات الفيفا. هل تذكرون ردة الفعل أيامها وكيف اندفعت النخبة المنحطة وتتابعت اجتماعات الكبار-الصغار- والتصريحات الحكومية الهائلة المنذرة والتي لم تعقد مثلها لمناقشة الخطر على منابع النيل الذي يشكل الخطر الأكبر على مصر كدولة وكأمة.

كان الإعلام كله لأكاذيبنا عن الكرة.. وكان التعتيم كله نصيب الكارثة المحيقة في منابع النيل.. فبدا للناس أن الكارثة مفاجئة بينما هي تمتد إلى أكثر من نصف قرن تجاهلناها فيه أو تعاملنا معها بنفس الاستكبار والتعالي والغرور التي واجهنا بها إسرائيل عام 67 والتي واجهنا بها كل مشاكلنا. لا تفكير ولا تخطيط ولا استراتيجية. ثم يبدو ولاة أمورينا مفاجئين كما لو كانت أثيوبيا قد بنت السدود خلسة في ظلمة الليل لنفاجأ بها في الصباح. والأمر ليس كما تبديه أجهزة إعلامنا..ففي سنة 2000، وتحديداً 14 نوفمبر 2000، وقِّعت وإثيوبيا عقدا مع إسرائيل لبناء سد على النيل الأزرق ضمن 8 سدود سيتم بناؤها على هذا النهر اللي يمد مصر بـ86% من احتياجاتها المائية. كما أن المشروعات التي قامت بها وأعدتها مكاتب دراسات جدوى أميركية وأوروبية تتحدث عن خمسين مشروعا، يفترض أن تنتهي في عام 2050، على مدى خمسين سنة، من 2000، لـ 2050، بمساعدات وخبرة إسرائيلية وتحت رعاية وموافقة أمريكية. لا يقتصر الأمر على ذلك. لأن الدكتور حلمي شعراوي – مركز البحوث العربية والأفريقية يقول – في كتابه القيم " الفكر السياسي والاجتماعي في إفريقيا ": تعرف أجهزة الحكم المسئولة دور البنك الدولي في وضع مبادرة حوض النيل أواخر التسعينيات من خلال المؤتمرات الدولية حول المياه وتسعيرها، وضبط البنك الدولي بإشراف أمريكي لآليات تحديد أوضاع مياه النيل، كما يدرك الحكم دور إيطاليا وفرنسا أكثر من غيرهما في بناء السدود بأثيوبيا، ودون مراعاة لعلاقة مصر المخلصة للبنك والأكثر إخلاصا لمبادرة المتوسط بإشراف الصديقين ساركوزي وبيرلسكوني، وكان كل ذلك، بالإضافة لما جد من وصول الصين واليابان.

***

لم يكن الأمر مفاجئا لحكوماتنا إذن.. فلطالما قرأنا منذ ثلاثة عقود على الأقل أن حروب القرن الحادي والعشرين ستكون حروب مياه. لكننا تفرغنا لحروب الكرة أو محاصرة أشقائنا والتحالف لشن الحروب عليهم وللتنكيل بأبنائنا داخل الوطن ولفرض قانون الطوارئ الذي لم يحمنا من الكوارث بل حمى من يجلبون علينا الكوارث.

إن الجميع يلقي المسؤولية في تمرد دول حوض النيل على إسرائيل وإثيوبيا، وهذا حق.. إلا أنه حق يخفي خلفه الباطل.. ذلك أنه ليس غريبا على الشيطان أن يغوي فالذنب يقع على من استسلم للغواية . إن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الحكومة المصرية التي فشلت في إدارة النزاع منذ سنوات على مياه النيل.

***

لكن.. هل تقتصر مسئولية الحكومة على عام مضى؟ على عشرة أعوام ماضية؟ على ثلاثين عاما؟

لا.. فالأمر أبعد.. أبعد بكثير..كما أنه بالمصطلحات الشائعة خطأ استراتيجية لا خطأ تكتيك. خطأ منهج لا خطأ تصرف.

إن اللبنة الأولى المباشرة كانت منذ نيف ومائة عام (تسبقها أحداث سنتناولها بعد ذلك) .. وضع هذه اللبنة الأولى بطرس باشا نيروز غالي (1846 - 2، فبراير 1910) وزير خارجية ثم رئيس وزراء مصر والذي تلقى تعليمه في كلية البابا كيرلس الرابع و يعتبر من أكثر الشخصيات إساءة لمصر في العصر الحديث (لا يجاريه فيها إلا أحفاده الذين يتصدرون ساحة النصارى الآن) حيث له أفعال فظيعة منها اتفاقية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري للسودان عام 1899. لقد قوض هذا الاتفاق ممتلكات مصر في منطقة خط الاستواء في كل من أوغندا وعدد من الموانئ الموجودة على البحر الأحمر مثل زيلع وبربرة فقلص من سيطرتها وهيبتها وتأثيرها على دول منابع النيل.

كان ذلك مرحلة أولى جوهرية تمكنت بعدها بريطانيا من فصل الجنوب وتنصيره تمهيدا لما سيحدث بعد من فصله عن السودان.

***

أما اللبنة الثانية فقد كانت على يد رائد القومية العربية جمال عبد الناصر والذي فضل عزل محمد نجيب بصورة وحشية أدت إلى انفصال السودان عن مصر. ورغم النذر فلم يرتدع رائد القومية حين خرجت الجماهير في السودان تهتف في مظاهرات عارمة وفي السودان اندلعت مظاهرات جارفة تهتف (لا وحدة بلا نجيب). ولم يكتف عبد الناصر بهذا، إذ أنه نكاية في أهل شمال السودان المسلمين المتعاطفين مع الاتجاه الإسلامي في مصر قرر تسليح التمرد الوثني الصليبي في جنوب السودان. ولست أظن الأمر كان خطأ حسابات من جمال عبد الناصر أو أنه فوجئ بانفصال السودان. بل أظن الأمر كان مقايضة بينه وبين أمريكا وبريطانيا: سنتركك تحكم وتزيح نجيب مقابل فصل السودان عن مصر.. وقد وافق.

وللقارئ الذي قد يتشكك في التحليل أحيله إلى المعلومة الموثقة ولنطالع معه ما جاء في كتاب خطير عنوانه: " اللعبة الكبرى: المشرق العربي والأطماع الدولية - هنري لورانس- ترجمة د عبد الحكيم الأربد- إصدار الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان" .. ففي صفحة 157 يأتي بالنص:

" واستقال ( الرئيس محمد نجيب) من رئاسة الجمهورية يوم 25فبراير .كان الجيش منقسما على نفسه. (...) وخطب عبد الناصر في المتمردين ولكنه لم يفلح في إقناعهم فاستسلم بدوره يوم 27أما نجيب فقد أعيد إلى السلطة .واستقبل الناس النبأ بمظاهرات فرح جبارة لعب فيها الإخوان المسلمون دورا كبيرا. (...).. وفي تلك الأثناء كان عبد الناصر يعمل على استعادة سيطرته على الجيش (...) واستسلم نجيب (...) وفي نوفمبر 54 نحي عن السلطة دون تعيين رئيس جديد ووضع تحت الإقامة الجبرية . (...)

كان لكل هذا نتائج هامة على السودان . فقد كان نجيب فيه ذا شعبية كبرى خاصة وأن له فيه أقارب أما عبد الناصر وجماعته فلم تكن لهم فيه شعبية بالمرة لذلك أدى سقوط نجيب بالسودان إلى التخلي عن الاندماج مع مصر والى اتجاه نحو الاستقلال . وحاول عبد الناصر وأنصاره لفترة إيقاف هذا التطور بل وشجعوا ثورة في جنوب السودان الوثني المسيحي ضد الشمال المسلم . وعلى الرغم من ذلك فقد استمر عدد المسلمين (23%) أكثر من عدد المسيحيين(17%) في الجنوب حتى عام 1997. ولكن الجهود المباركة للثورة غير المباركة أدت إلى خفوت الصوت الإسلامي وارتفاع الصوت المسيحي المتحالف مع أمريكا وإسرائيل. . ولقد عمق هذا السلوك الخائن التعارض بين جزأي السودان وهو ما كانت له عواقب وخيمة على مستقبل السودان وتداعياته على دول حوض النيل .

***

مازال بعض السذج وحسني النية يبدون الدهشة والاعتراض على مساندة النظام القومي-الذي ما يزال يحكم- رغم أن استعراض التاريخ القريب يفضح أن حكوماتنا وقفت في الأغلب الأعم ضد المسلمين في كل مكان.. في السودان والصومال واريتريا وكشمير والبوسنة والهرسك وكوسوفا وقبرص و.. و.. و.. وكانت علاقاتنا دائما أقوى بمن يحمل عداء أشد للإسلام. ولطالما أشدنا بـ: «هيلاسلاسي» أو «أسد لهوذا » الذي نكل وأسلافه بالمسلمين وأبادوهم حتى هبط عدد المسلمين في الحبشة من 90% في معظم أجزائها_ ومنها عاصمتهم آنذاك إكسوم- إلى 60% في الأرقام الإسلامية و 30% في الإحصائيات المسيحية الآن. لقد واجه الإسلام الحرب في الحبشة على مسار خمسة قرون أو تزيد على أيدي حكامها وحلفائهم من البرتغاليين والفرنسيين والطليان والانجليز.

ومن المحزن أن مطالعة الوسائل التي اتخذت ضد المسلمين في الحبشة سوف يشي أن بعضها يتخذ في بلادنا الآن ضد المسلمين والإسلام.

قال الأستاذ عبد الله التل في كتابه الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام: كانت خطة «هيلاسلاسي» لإبادة المسلمين والقضاء على الإسلام فيما يلي:

1 ـ حرمان المسلمين من التعليم وتلقي الثقافة الإسلامية واللغة العربية.

2 ـ مصادرة أموال المسلمين وأملاكهم بهدف إفقارهم.

3 ـ هدم ما تبقى من مساجد المسلمين وإقامة الكنائس على أنقاضها.

4 ـ تنصير أبناء المسلمين بالقوة، ونشر الهيئات التبشيرية في جميع البلاد الإسلامية وفرض تقديم العون المالي لها على المسلمين.

5 ـ الفتك بالمسلمين وقتلهم في مجازر جماعية بحجة العصيان ضد الدولة وتدمير قراهم وتشريدهم في الجبال.

6 ـ ابتلاع معاقل الإسلام المحيطة بالحبشة لسد الطريق أمام أية عملية لاستنقاذ مسلمي الحبشة، وبالتالي استئصال شأفة الإسلام نهائياً.

7 ـ حرمان المسلمين من الاتصال الخارجي والحيلولة دون اتصال المسلمين من الخارج بمسلمي الحبشة.

8 ـ حرمان المسلمين من وظائف الدولة برغم أنهم يمثلون 60% من عدد سكان الحبشة.

9 ـ فرض الضرائب الباهظة على المسلمين والسماح للكنيسة بالتسلط على المسلمين وبمصادرة أموالهم وأملاكهم لصالحها.. وهناك ضريبة خاصة فرضت عليهم تسمى «ضريبة الكنائس» وهي فريدة من نوعها.

***

أحد أقل الناصريين ظلما هو الأستاذ محمد عبد الحكم دياب الذي تجاهل تماما دور الناصرية في كارثة منابع النيل لكنه يكتب عن دور النظام الآن في القدس العربي 28-5:

ما يجري في حوض النيل نتيجة طبيعية لما يجري في الداخل. حيث التنازل المستمر عن مقومات وإمكانيات القوة الذاتية والعامة، وإذا كان السادات قد أمرك الإدارة المصرية على أمل أن تحل بديلا لتل أبيب، جاء حسني مباركفصهين القرار المصري ووضعه في خدمة المشروع الصهيوني، وبين السادات ومبارك ضاع أمن مصر وأمانها على المستويات كافة. العودة للبدايات تفسر لنا ما آلت إليه النهايات، فحكم يفك ارتباطه بدوائره الطبيعية ويعلن انسلاخه عنها وبراءته منها، إن جاء ذلك عفوا فهو جهل، وإن كان عمدا فهو خيانة. والعربدة في منابع النيل سبقتها ومهدت لها عربدة أخرى في شمال مصر وشرقها. عربدة أعالي النيل امتداد للعربدة في فلسطين والعراق ولبنان وسيناء. وكما أعطى حكم مصر ظهره للعرب فقد أبعد مصر عن إفريقيا. (...).. ضاع كل ذلك. ومن يعمل على تمكين عدوه من محاصرته في الشمال والشرق، بالفراغ الأمني والعسكري والبشري في سيناء وبالأساطيل الأمريكية والصهيونية في البحر الأبيض. من يتواطأ على أمن وسلامة بلاده في الشمال والشرق لا يتورع عن فعل نفس الشيء في منابع النيل.

***

لن يكون عند الناصريين والقوميين أي مانع من إدانة نظام الحكم الحالي واتهامه باتهامات شتى.. ونحن نتفق معهم في ذلك كله.. لكنهم سينكرون-أو يتجاهلون- دور عبد الناصر وهو أكثر خطورة وإجراما. ولنقرأ شهادة قومي يحمل عداء فطريا للإسلاميين هو مكرم محمد أحمد الذي كتب في أهرام 28-5 يقول:

"لو أن التاريخ ينطق بالأخطاء التي تم ارتكابها‏,‏ لكان عليه أن يعترف علانية الآن بالخطأ الكبير الذي ارتكبه ساسة مصر والسودان في فترة مهمة من تاريخهما المشترك‏ عندما أهدروا وحدة وادي النيل التي كان يمكن أن تضمن وجود دولة قوية في الركن الشمالي الشرقي من القارة الإفريقية‏,‏ تمتد سواحلها علي البحرين الأبيض والأحمر‏,‏ ويبعد طولها بعمق وادي النيل جنوبا‏,‏ وصولا إلي حدود إثيوبيا وأوغندا وإريتريا ومعظم دول حوض النيل‏,‏ يصعب الاعتداء علي أطرافها الجنوبية ‏,‏ ويصعب عزلها عن منابع نهر النيل كما يحاول البعض الآن‏,‏ ولو أن وحدة وادي النيل وجدت طريقها إلي حيز التطبيق لما تمكنت قوي خارجية عديدة من النفاذ إلي هذه المناطق لتدق أسافينها في العلاقات بين قبائل الشمال ذوي الأصول العربية وقبائل الجنوب ذوي الأصول الزنجية (...) ولا يزال هذا الجيل هو الأكثر إحساسا بخيبة الأمل الآن‏,‏ وهو يري السودان يتعرض لمؤامرة كبري تستهدف تمزيق وحدته وتقطيع أوصاله‏,‏ علي حين تتعرض مصر لحصار يهدد وجودها وأمنها القومي وحقها التاريخي في مياه النيل المصدر الوحيد لحياة المصريين‏.‏

أما الشاعر فاروق جويدة فيقول في صحيفة الشروق 30-5:

أفاقت حكومة مصر وهى نائمة في العسل على اتفاقيات وتوقيعات وانقسامات غيرت معالم كل شيء.. لقد أطاح هذا الزلزال المخيف بتاريخ طويل من الثوابت القانونية والأعراف والعلاقات الإنسانية والتاريخ الحافل بين دول المنبع ودول المصب.. فجأة اكتشفت مصر أن أهم الأشياء في حياة المصريين يتعرض لأخطار رهيبة..

ويضيف: لابد أن نعترف أن هناك مقدمات سبقت ما يحدث الآن وأن الذي نراه في دول حوض النيل سبقته مؤشرات كثيرة..كان انفصال جنوب السودان أول هذه المؤشرات التي لم يقرأها أحد في الوقت المناسب..

ثم يستطرد:

نحن الآن أمام مؤامرة دولية لحصار مصر والسودان رغم كل ما يبدو لنا من مظاهر الصداقة والتعاون.. لقد خلعت أمريكا وإسرائيل السودان من الجنوب.. وخلعت مصر تماما من القرن الإفريقي.

***

وكما لو كان الأمر تنفيذا لسيناريو محكم يقوم فيه كل ممثل بدوره في الفصل المحدد له وفي التوقيت المحسوب جيدا بحيث لا يجوز أن يتقدم فصل على فصل سابق ولا باختلال الزمن لأن كل خطوة تؤدي إلى ما بعدها.. كانت الخطوة الأخيرة طوال العقود الأخيرة هي التعالي والتنائي عن أفريقيا والاتجاه للغرب. وهنا اكتملت الكارثة. لكن ما يجمع بين بطرس غالي وجمال عبد الناصر والنظام الحالي هو العداء لصمام الأمان الوحيد الكفيل بإنقاذنا: الإسلام. ولقد وقفوا جميعا من الإسلام نفس الموقف الصليبي الذي أدرك أن الشمال الأفريقي يمثل بوابة عبور الإسلام لبقية أفريقيا , وهذا من شأنه أن يؤدي إلى وحدة المصير والهدف مع عمق الروابط الأخوية والثقافية , ولذلك بذلت جهودا كبيرة من دول ومنظمات لفصل مصر عن السودان ثم فصل شمال السودان عن جنوبه ليكون الجنوب منطقة عزل عدائية بين دول المنبع ودول المصب، بالإضافة إلى أنه سيكون دولة جديدة تطالب بحصة إضافية من ماء النيل. وبدلا من أن تستغل حكوماتنا الإسلام-ولو بصورة نفعية وانتهازية- لتعميق الروابط فقد اتخذت منه موقف العداء. وغفلت هذه الحكومات عن أن ثمة أغلبية -أو أقلية كبيرة يمكن أن تكون مؤثرة- للمسلمين في معظم دول حوض النيل. كانت حكوماتنا المسلمة تحارب الإسلام وتنكل بأصحابه وترسي دعائم العلمانية. في نفس الوقت كانت جهود (العلمانيين الصليبيين والصهاينة!) على قدم وساق للتنصير في إفريقيا , فالغرب الذي يطالبنا بتغيير هويتنا واعتناق العلمانية , كان ( ولا يزال ) يدعم جهود التنصير عبر أعلى مستوياته السياسية والاقتصادية من خلال واجهات اجتماعية أو خيرية أو طبية أو إغاثية , ولذلك نرى كيف تغيرت نسب تعداد المسلمين في هذه البلاد هبوطا بسبب الجهود التنصيرية من جهة والفراغ الدعوي القادم من الشمال من جهة , والجهود السياسية والاقتصادية الدولية من جهة أخرى .

وكانت نخبتنا تحارب في صفوف أعدائنا.

***

إن افتقاد النظرة الشاملة للتاريخ تصيبنا بالعمى عن فهم الحاضر وتمنعنا من إنقاذ المستقبل.. والغرب (الصليبيون) منذ مؤتة يفكرون بنفس الطريقة ويسيرون نفس المسار ومهما فشلوا، فإنهم يعاودون الكرة المرة تلو المرة حتى ينجحوا.. المأساة أن ما كانت الحضارة الإسلامية والدولة الإسلامية تطلبه دائما هو أن نبقى في بلادنا التي حررناها من استعمارهم أحرارا نتعايش معهم في سلام.. أما هم فكان مبتغاهم طيلة الزمان أن يعيدوا احتلال بلادنا وأن يقضوا على ديننا..

وعندما أدرك الغرب عجزه عن إبادتنا فقد تآمر الصليبيون مع المغول علينا – وذلك ثابت في التاريخ رغم التعتيم عليه..

***

مشكلة منابع النيل جزء من الحرب الصليبية التي يشنها الغرب علينا.. بل إن أول تفكير في قطع منابع النيل عن مصر قد حدث منذ خمسة قرون. في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلادي، وقتها كانت مصر ملتقى طرق التجارة العالمي، حيث كانت تمر عن طريقها التجارة من أوروبا إلى الهند، و كانت تلك إحدى أكبر مصادر الدخل في ذلك الوقت للقطر المصري. كانت التجارة تأتي عن طريق البحر المتوسط ثم يتم تحميلها برا إلى البحر الأحمر (بحر القلزم في ذلك الوقت)، و من ثم تنطلق إلى الشرق حيث بلاد التوابل والعطور (الهند).

***

يحدثنا الأستاذ محمد يوسف عدس في كتاب غير منشور له بعنوان "الفيليبين" – عن أن الصليبيين بعد فشلهم في الحروب الصليبية لجئوا إلى الأساطير فنسجوا أسطورة حول إمبراطورية خرافية تصوروها بأقصى الشرق يحكمها ملك مسيحي هو القديس يوحنا وتركز أملهم في الوصول إلى مملكه القديس يوحنا والتحالف معه فذلك هو الكفيل بنجاح الغرب في القضاء المسلمين وكسر شوكتهم ثم انتزاع الأرض المقدسة من قبضتهم .

وكانت أوربا تتنسم أخبار الملك المقدس وتتلهف عليها حتى وصلت البابا أنباء جنكيزخان فصار الاعتقاد بأنه لابد أن يكون هو نفسه القديس يوحنا لفرط عداوته للمسلمين فتم الاتصال به فعلا بل وزوجوه بأميرة نصرانية حرضته على اكتساح بلاد الإسلام.

***

وعندما اتجه دالبوكيرك إلى الحبشة مبعوثا من قبل ملك البرتغال كان يعتقد أن ملك الحبشة المسيحي هو نفس القديس يوحنا صاحب الأسطورة، كانت رأس هذا القائد تلتهب بفكرة جنونية تقضى بأن يقوم على رأس حملة عسكرية يزودها النجاشي بالمؤن والرجال، ثم يعبر البحر الأحمر في مسيرة سريعة إلى المدينة لاختطاف رفات النبي r ثم يعرضها على المسلمين مقابل التخلي عن فلسطين..

فلسطين..

البداية والنهاية.. والمحور والمرتكز..

كان هذا هو الهدف منذ استعاد المسلمون العرب فلسطين العربية من الرومان بعد معركة أجنادين وقد نجحوا في تحقيقه في الحروب الصليبية ثم نجح العرب المسلمون في تحريرها مرة أخرى.. بعد حطين تحطمت جيوشهم لكن هدفهم لم يتحطم ولولا بزوغ شمس الدولة العثمانية في هذا الوقت بالذات لاستطاعوا بعد إنهاك العرب واستنزافهم في الحروب الصليبية وحروب المغول القضاء علينا، لكن الدولة العثمانية تكفلت بحماية الإسلام والمسلمين في الشرق فانطلقوا هم من الغرب..

***

ويضيف سعيد عبد الحكيم زيد في كتابه ‏واقع العالم الإسلامي- مكتبة وهبة مزيدا من التفاصيل: كان البرتغاليون يرغبون في الوصول إلى آخر ديار الإسلام ولكنهم يئسوا من ذلك فقد كان المحيط الهندي آنذاك بحرا إسلاميا خالصا لذلك فكروا في الانتقام من المسلمين و غزوهم في عقر دارهم في أرض العرب. ولقد بدا أنهم على وشك النجاح في المنطقتين. فعندما وصل فاسكو دي جاما إلى قاليقوط وجد فيها مسلمين فقصفها بالقنابل ثم أغرق سفينة في خليج عمان تنقل الحجاج من الهند إلى مكة وعلى ظهرها مائة حاج حيث أعدمهم جميعا بعد أن فعل بهم الأفاعيل، ثم عاد إلى كالكوتا فأحرق مجموعة من المراكب كانت محملة بالأرز وقطع أيدي وآذان وأنوف بحارتها. وكان في مدينة كيلوا في شرق أفريقيا ثلاثمائة مسجد دمر معظمها على أيدي البرتغاليين بمجرد دخولهم المدينة وأعلن البرتغاليون بعد انتصارهم على المماليك في معركة ديو البحرية أنهم سيهدمون الأماكن المقدسة في مكة والمدينة وأنهم سيزيلون معها آخر آثار الإسلام وهذا ما جعل العثمانيين يتجهون نحو بلاد العرب يحمونها بضمها إلى دولة الإسلام قبل أن يستولي عليها الصليبيون. ثم ليقفوا بعد ذلك في وجه البرتغاليين. ثم ‏خلف دالبوكيرك فاسكو دي جاما، والذي يعود إليه الفضل في توطيد دعائم الإمبراطورية البرتغالية، تضمنت مشروعاته قبل موته تحويل مياه نهر النيل إلى البحر الأحمر ليحرم مصر من ري أراضيها ، ‏ويخرب شبكة الري التي كانت قائمة فيها آنذاك ، ‏وتهديم المدينة المنورة في شبه جزيرة العرب ، ‏ونبش قبر ألرسول محمد r ، ‏وأخذ كنوره حيث كان يتصور أن ضريحه مليء باللآلئ والمجوهرات شأن الفاتيكان وسرقة رفات الرسول وجعلها رهينة حتى يتخلى المسلمون عن الأماكن المقدسة في فلسطين. وقد ‏ألقى البوكيرك خطابا هاما . يقطر حقدا على المسلمين _ قبل هجومه الثاني على مدينة ملقا في شبه جزيرة الملايو عام 917هـ/ 1511 م ، جاء فيه:

‏( الأمر الأول هو الخدمة الكبرى التي سنقدمها للرب عندما نطرد المسلمين من هذه البلاد، ونخمد نار هذه الطائفة المحمدية، حتى لا تعود للظهور بعد ذ لك أبدا، وأنا شديد الحماسة لمثل هذه النتيجة.. إذا استطعنا تخليص ملقا من أيديهم فستنهار القاهرة، وستنهار بعدها مكة).

‏وعندما انتصر البرتغاليون فى ملقا استدعى ذلك إقامة قداس شكر في أوروبا عام 921 ‏هـ/ 515م. وقال احد الخطباء في هذا القداس: إن هذا يسهل استعادة القدس، وفسر كيف أن الصليب وصل إلى أماكن بعيدة، واتهم سلطان ملقا بأنه مسلم متعصب يكره النصارى، ونادى بحرب صليبية جديدة لاحتلال القدس.

وفي ذلك الوقت أرسلت ملكه الحبشة إلينى إلى ملك البرتغال عمانوئيل رسالة يُشَمّ منها روائح الحقد على المسلمين تقول فيها.

‏ السلام على عمانوئيل سيد البحار، وقاهر المسلمين القساة الكفار، وتحياتي إليكم ودعواتي لكم، لقد وصل إلى مسمعنا أن سلطان مصر جهز جيشا ضخما ليضرب قواتكم ويثأر من الهزائم التي ألحقها بها قوادكم في الهند، ونحن على استعداد لمقاومة هجمات الكفرة بإرسال أكبر عدد من جنودنا إلى البحر الأحمر و إلى مكة وإلى باب المندب وجدة والطور وذلك لنقضي قضاء تاما على جرثومة الكفر. ولعله قد آن الوقت لتحقيق النبوءة القائلة بظهور ملك مسيحي يستطيع في وقت قصير أن يبيد الشعوب الإسلامية المتبربرة.

أريد أن أنبه القارئ إلى التواريخ. كان هذا في عام م 1515. في العام التالي كانت جدة محاصرة بالأسطول البرتغالي وكانت أصوات قصفها تسمع من مكة.. وبدا أن الاستيلاء على مكة والمدينة يوشك. في العام التالي 1517 كان العثمانيون قد أدركوا عجز المماليك عن القيام بدورهم فتحركوا لفتح مصر. كان هدفهم الرئيسي حماية الأراضي المقدسة. كان البرتغاليون مطمئنين إلى سيطرتهم على المحيط الهندي والبحر الأحمر. وكان الطريق مسدودا أمام الأسطول العثماني. لكن العثمانيين خططوا بعبقرية ففكوا الأسطول في بورسعيد ونقلوه على الجمال إلى السويس حيث أعادوا تركيبه. وفوجئ البرتغاليون بالعثمانيين الذين هزموهم هزيمة ساحقة وأجلوهم عن البحر الأحمر كله ومنعوا لمدة ثلاثة قرون عبور أي سفينة صليبية من دخول البحر الأحمر. وكان من تأثير ذلك إفشال مخطط قطع نهر النيل عن مصر.

هذا الجزء من التاريخ لا يذكره علماني أبدا.. ولا تعلمه وزارة التربية والتعليم لأبنائنا أبدا!.

***

لقد كان التركيز منذ خمسمائة عام على تنصير شعوب دول منابع (أثيوبيا ,أوغندا,كينيا,تنزانيا,الكنغو الديمقراطية,رواندا وبورندى) وقد عانى المسلمون في هذه البلاد من حصار وقتل وتهجير أدى إلى تراجع عدد المسلمين إلى 24% في أوغندا وفي كينيا 35% وفي تنزانيا 75% وفي الكنغو 40% وفي رواندا 15% وفي بورندى 6%. ويجب ألا ننسى العصابات الغربية المجرمة لاختطاف الأفريقيين واستعبادهم في الغرب. لقد وصل إلى الولايات المتحدة فقط عشرة ملايين إفريقي. ومقابل كل أفريقي وصل مات ثمانية أثناء الرحلة. أي أن أفريقيا خسرت تسعين مليونا من خيرة شبابها وكان معظمهم مسلمين. ولو أنهم ظلوا في بلادهم لشاركوا في نهضتها وبنائها ولتجاوز عددهم الآن مليارا من البشر. ولقد كان هذا سببا رئيسيا في تراجع الإسلام في الدول الإفريقية وفي خرابها وتخلفها.

لاحظوا أن المسلمين في تنزانيا ونيجيريا أكثر من 75% ومع ذلك فإن الرئيس هناك مسيحي متعصب، والأمر متكرر في كثير من الدول الأفريقية مثلما حدث في تشاد والسنغال، وربما يفسر هذا إصرار العلمانيين والنصارى على جواز أن يحكم مصر مسيحي!.

لقد كان إهمال المسلمين والعرب لدعم المسلمين في تلك البلاد أثرا كارثيا دون أي وعي بأن هذه البلاد ستستغل لتشكيل حلقة حصار عليها. ولم يتعلم حكامنا الدرس فواصلوا تخليهم عن الإسلام في إفريقيا وتركوا عمليات التنصير تستشري حتى لقد نظم الفاتيكان مؤتمر روما التنصيري في 19 فبراير1993 تحت شعار "تنصير إفريقيا عام 2000"، ثم أجل مشروعه لتنصير إفريقيا عام 200، إلى عام 2010، ثم إلى عام 2015، بل إن كثيرًا من المنظمات الكاثوليكية العاملة في إفريقيا دعت إلى مشروع "لأفرقة منصب بابا الفاتيكان"، وذلك بهدف إنجاح جهود التنصير في القارة، وبالفعل رشحت تلك المؤسسات القس النيجيري "فرنسيس آرينز" لخلافة بابا الفاتيكان عقب وفاته، وذلك في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.

وعندما حدثت الكارثة لم نلجأ إلى الأزهر الذي دمرناه وقضينا على تأثيره بل لجأنا إلى الأستاذ شنودة دون أن ندرك أنه إحدى حلقات الحصار!.. وأن أبناءه من أقباط المهجر شركاء لأمريكا وإسرائيل ودول منابع النيل.

لم يكن أمامهم إلا أن يلجئوا إليه بعد أن دمروا كل روابطهم بالإسلام.. بل ووافقوا على اتهام أهلهم بالإرهاب.

أقول: كل من اتهم المسلمين أو الإسلام بالإرهاب خائن على مستوى الدين والوطن والدولة .. ذلك أنهم عمموا أحداثا فردية توجد في كل دولة وكل مجتمع ليدمغوا الإسلام بها.. وليعطوا صكا مفتوحا لأعدائنا أن يبيدونا بحجة أننا منبع الإرهاب.

***

شئنا أم أبينا ووافقنا أم لم نوافق فإنها حرب صليبية. إن إغماض أعيننا عن هذه الحقيقة خيانة عظمى. كما أن ما تورط فيه حكامنا من الموافقة على دمغ المسلمين بالإرهاب أعطى تصريحا مفتوحا للغرب الصليبي اليهودي بحصار الإسلام والمسلمين في كل مكان.

لقد نشرت دورية «سيكور ميموقاد» العبرية المتخصصة في الشؤون السياسية والإستراتيجية مؤخرا دراسة أعدها الباحثان الون ليفين ويوفال بستان ترسم ملامح حرب بين الدول الإفريقية المسلمة وكتلة الدول المسيحية الإفريقية في منطقة القرن الإفريقي. وقد أكدت الدراسة أن الصراع بين التكتلات في إفريقيا على شفا الاندلاع بين تكتل الدول المسيحية الموالية للغرب وبين الدول الداعمة للإرهاب وهي الدول الإسلامية بصفة أساسية. (وفقا لما ورد في الدراسة). وبالنسبة للدول المسيحية فإنهاّ لن تسمح بخسارتها هذه المعركة. وأشارت الدراسة إلى أن استئناف الحرب بين الشمال والجنوب سيتميز هذه المرة بمستوى عال من العنف أكثر من أي وقت مضى.

***

الأمر ليس أمر منابع النيل فقط.. بل هو حرب شاملة على الإسلام يساهم فيها كل من يضعف الإسلام ويحرم الجهاد وينشر الفحشاء داخل الوطن وكل من يفقد الأمة هويتها. الأمر صراع مروع بيننا من ناحية وبين إسرائيل وأمريكا من ناحية أخرى. وكل من يستظل بالرعاية الأمريكية أو الود الأمريكي أو يتفق مع أمريكا وإسرائيل في توجهاتهما أو يتحالف معهما هو خائن على كافة المستويات: الدين والقانون والأمة.

***

ينبهنا احمد يوسف القرعي الخبير والمحلل السياسي بجريدة الأهرام : " إننا نواجه مخططا لإعادة ترسيم الحدود بين الدول الإفريقية بل والعالم وفق خريطة كونية جديدة تكون الهيمنة عليها لأمريكا وحليفتها إسرائيل ". ونبه إلي أن نموذج وسيناريو مخطط التقسيم يتم تطبيقه حاليا علي ارض السودان وفي العراق لافتا إلي إننا لا نتحرك لإنقاذ أنفسنا مما يدبر لنا إلا متأخرين ونظل في سبات عميق إلي أن تقع الواقعة .

وأضاف السيد فليفل بأن إسرائيل ستمارس ضغوطا علي دول المنبع لدفع مصر لإعطاء إسرائيل جزءا من مياه النيل .أما الدكتور يحيي عبد الله الأستاذ بجامعة المنصورة فقد حذر آن السياسة الخارجية الإسرائيلية في إفريقيا تحقق نجاحات متتالية علي حساب مصالحنا الجوهرية ومنها المياه في حين نقف نحن متفرجين ولانفعل شيئا.

***

الحرب لا توشك أن تبدأ فقط.. فلقد بدأت فعلا.. يظهر هذا المعنى في إجابات الأب ماتياس عن أسئلة عمر عبدالرازق، في الفيلم الوثائقي «متنصرون»، الذي عُرض على «بى. بى. سى» العربية عندما سُئل الأب ماتياس- مصري- مباشرة عما إذا كان الانطلاق في عمليات التنصير قد يؤدى إلى اشتعال «حرب تبشير» بين الجانبين، فأجاب: «الحرب موجودة من سنوات».

***

أقول: منذ خمسمائة عام بدأ الحصار علينا من ملقا في الملايو.. الآن ضاقت حلقة الحصار علينا فيبدأ الحصار من الحبشة.. غدا-في ظل نخبتنا- سيبدأ الحصار من أسيوط وربما من الجيزة.

***

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

الإسلام ليس في حاجة إلينا لنحميه بل نحن في حاجة إليه ليحمينا..

ولو أننا أجدنا استغلال علاقاتنا وحافظنا على إخوتنا المسلمين ومنعنا تهميشهم لكانوا اليوم ظهيرا لنا ولساهموا في حمايتنا دون أن نضطر إلى خوض أي حرب..

لكننا فعلنا العكس..

نزعنا بأيدينا كل أسرار قوتنا..

وكانت جل نخبنا ضدنا.. الحكام والجيوش والشرطة والعلمانيون والإعلام والتعليم..و..و..و..

كانوا ضد الدين فكانوا ضد الأمة..

إن الحرب الموشكة في منابع النيل قد استعرت منذ حقب في عواصمنا.. ضد الدين وضد الدولة وضد الأمة.

حرب تشارك فيها كل القوى الفاعلة في الأمة تحت رعاية وحماية أمريكية إسرائيلية وتحاصر فيها كل القوى التي يمكن أن تقاوم.. ويلعب العلمانيون دور المحلل الديوث الذي ينكر طول الوقت أنها حرب على الإسلام. بينما هم أشد على الإسلام من النصارى واليهود.

لقد قرأنا عن تدريب كلاب شرسة في أمريكا وإسرائيل تنطلق على الفور إذا سمعت جملة "الله أكبر" لتمزق قائلها..( إذا كانت توكلت على الله دليل انتحار الطيار المصري الذي أسقطت أمريكا طائرته فمن المؤكد أن الله أكبر شعار إرهاب!!)

لست أدرى إلى أي حد نجحوا مع الكلاب.. لكنني واثق أنهم نجحوا مع البشر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق