الأربعاء، 31 يوليو 2024

اغتيال هنية.. هل يعيد ضبط البوصلة؟

 اغتيال هنية.. هل يعيد ضبط البوصلة؟

عبد المنعم إسماعيل
كاتب وباحث في الشئون الإسلامية


إلى: ضحايا مخدرات التيه والدجل العاطفي الذي يسبب خراب العقل وهلاك الأرض.

اخي الكريم  الحبيب حاول تفهم أن  إيران الإسرائيلية قتلت:

مليون عراقي سني بعد 2003

هجرت ملايين العراقيين خدمة لإسرائيل.

هدمت العراق واعادت الدهماء لحكمه

قتلت مليون سوري سني

هجرت ملايين السوريين خدمة لإسرائيل

هدمت سوريا ومكنت لحكم النصيرية .

قتلت مئات الآلاف من اليمن ولبنان ثم يأتي مغيب في التيه شارب مخدرات من نوع مضروب يقول لك محور المقاومة أو ايران تقف مع المقاومة.

آخر القتلى البطل الشهيد إسماعيل هنية رحمه الله الذي تم الغدر به وتسليمه ليهود اسرائيل ليقتوله بالتعاون مع يهود ايران.

هل الدم العراقي والسوري واللبناني واليمني والأفغاني دماء ام ماء حتى تصف من قتلهم بالمقاوم أو البطل؟!

القاتل الذي قتل هنية وحراسه من أهل السنة لم يقتل شيعي ولو بطريق الخطأ هل هذا صدفة ام عملية تسليم كاملة المكر اليهودي الإيراني؟!

الخلاصة:

إلى دعاة التقريب وضحايا التلاقي الوهمي مع الرافضة تحت فخ مقاومة الصهيونية

عودوا إلى رشدكم وصحيح الفهم العقدي لقضايا الأمة الإسلامية على ممر التاريخ.

لم يكون الباطنية الصفوية الاسماعيلية السبئية إلا خنجر مسموم في قلب الأمة العربية والإسلامية.

اتركوا اوهام التلاقي المزعوم الناتج عن صنم المصالح الظنية السياسية .

يا ضحايا الجماعات الإسلامية التي مدحت الخميني ووضعت يدها في أيدي المشروع الامريكي في العراق والشام لتنفيذ مخطط الهدم اليقيني ثم البناء المزعوم قوموا بكسر صنم الجماعة التي جعلت منكم ادوات في أيدي الطابور الخامس الايراني الخميني.

هل يتم إعادة ضبط البوصلة بعيد عن هوس الأحزاب السياسية المتعاونة مع إيران أو الصهيونية؟!

عودوا إلى صف علماء السنة والسلفية على ممر التاريخ الذين يدركون أصل الانتماء البعيد عن فرع الولاء الذي دمر الأمة خلال القرن الماضي والواقع.

ليس من منهجيتنا النظرة الأحادية التي تكون كارثية على طول الطريق مثل الذي اذا قاوم الصهيونية مهد الطريق للخمينية أو العكس.

نحن أبناء الإسلام والسنة والسلفية الرشيدة والأمة الإسلامية بمجموع البناء الفكري والعقلي والاجتماعي والفقهي والتاريخي.

نأمل تفكيك البنية الفكرية لكل الجماعات الوظيفية التي تمدح إيران الإسرائيلية أو إسرائيل الإيرانية لتعود إلى بنيان الأمة الإسلامية الرشيد الذي يدرك قواعد الانتماء المنضبط للأمة.


السعيد!

 السعيد!

د. أسامة الأشقر

د. أسامة الأشقر

مؤرخ وروائي فلسطيني

 الآن قُمْ، وامسح دمعتك بكُمّك، والبَس أحسن زِيّك، وارفع رأسَك، واضرب بقدمك، وأدّ التحيّة شامخاً ثابتاً، فنحن قومٌ إذا حزِنّا قُمنا، وإذا قُمنا لا نَقعُد!

وإننا من قوم لا نكاد نموت إلا تحت ظلال السيوف، وإن يَسعَد منّا أحدٌ باصطفاء الله له فإنّك ستجد مِن بعده خلَفاً أشدّ، فالتربة حيّة خَصيبة، وغيث الله لا ينقطع عنها.

نحسبك الآن سيّدي من السعداء، فقد حَسُنَتْ في المسارعة إلى السعادة نِيتُك، وعظُمت في سبيل الله تعالى حِسْبتُك، ونِلتَ ما كنت تتمنّى مِن أشرف الميتات وأجلّ الخواتيم.

وإننا نعلم أنّك كنتَ في مقام السعادة وأنتَ حيّ، وحِيزَت لك الكرامةُ قبل أن تقوم بك، وكنّا نعلم أن هذا المقام يليق بك، فكنتَ على مثال السعداء في غضبك وثورتك، وفي لينك ورحمتك، في إقبالك وإدبارك، وفي سرّك وعلانيتك، وفي عبادتك وساعتك، وفي قرارك ومراجعتك.

لقد كنتَ متوفّر الهمّة في اجتهادك، ظاهر الجدّ في جهادك، وكنتَ تأخذ بعنان فرسك في أي ميدان تسابق به، وتتعرّض للغارة في أي عزيمة تعزمها، وتدنو من الموت في كل ساعة تدخل عليك، وتحفر قبرك في أي موضع تكون فيه، وحسبُك أنّك لم تقض أجلَك إلا في محلّ تستدعي فيه الدعم والإسناد لعسكرك وجندك، وأدرككَ الأجلُ مهاجراً إلى الله في أقطاره، متاجراً معه في تصاريفه وأقداره.

وما زلنا نذكُر كيف حرّض الأوغاد على طردك من محلك الذي تقيم فيه، فقال لهم عارفٌ: لقد فقد هذا الرجلُ أكثر أبنائه وأهله فلم يهتزّ، فهل تظنونه سيتراجع أو يتأخّر إذا أخرجناه!

ندعو لكم أيها الكبار الماضون إلى رحاب الله بدعاء الفاروق عمر عندما بلغه نبأ ارتقاء ثلة من المؤمنين الفاتحين: لقد (أكرم الله بالشهادة فريقاً من المؤمنين، فهنيئاً لهم برضا ربّهم، وكرامته إيّاهم، ونسأله ألّا يحرمنا أجرهم، وألّا يفتننا بعدهم، فقد نصحوا لله، وقضوا ما عليهم، ولربهم كانوا يعملون، ولأنفسهم كانوا يهتدون).

فك الالتباس في موقفي من حركة حماس (2-5)

  فك الالتباس في موقفي من حركة حماس (2-5)  

 مضر ابو الهيجاء

بداية الخلل الشرعي والتيه السياسي عند حركة حماس

استدعى خيار قيادات حركة حماس الذين تصدروا المشهد في الداخل والخارج -وذلك بعد استشهاد الشيخ المؤسس أحمد ياسين رحمه الله، واستشهاد خليفته وضمير الجهاد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي- وذلك بعد أن أصبحوا رجال سلطة، أن يبحثوا عن حلفاء داعمين ماليين ليقوموا بعماد السلطة وليس لدعم الجهاد الذي كان قائما قبل الحسم في غزة قرابة عقدين أوجعوا فيهما المحتلين وأرعبوا المستوطنين وزلزلوا المحتلين بأعمال جهادية فدائية ردعت المحتل وكانت سببا في تراجع الكيان الإسرائيلي عن قضمه للأرض وتردده في القدس، حتى كانت قيادات الصهاينة تحسب ألف حساب بل لا يجرؤ أحدهم على اقتحام الأقصى.

وفي تلك اللحظة وحلول الرغبة الجامحة بالمحافظة على سلطة مخصية في بقعة جغرافية مقتولة عسكريا، اصطادت إيران اللحظة وتقدم الملالي واحتضنوا قيادات حركة حماس كما احتضنوا قيادات حركة الجهاد من قبل، بل زادوهم احتضانا ودعما وفتحوا أمامهم الأبواب كونهم أصبحوا سلطة خلافا لحركة الجهاد التي بقيت رافضة للمسار السياسي لأوسلو، والذي قبلته حركة حماس في واقع الحال وبقيت ترفضه في المقال.

دخول إيران على خط الجهاد في فلسطين

استوعب الملالي الإيرانيين حاجات حركة حماس فوفروا لها دعما ماليا سياسيا وعسكريا محدودا وفتحوا لها الساحة اللبنانية وعززوا علاقتها مع النظام السوري حتى أصبحت إيران تتربع في أحشاء الحركة شيئا فشيئا، ثم توسعت العلاقة بين إيران وحركة حماس لاسيما في ظل المعارك الجزئية التي تقع بين كتائب القسام والقوات الإسرائيلية حتى أصبحت إيران تتربع على عرش المقاومة الفلسطينية مستخدمة إياها في سبيل الترويج لتوسعها المذهبي بين العرب والمسلمين، ومتخلصة من صورتها البشعة نتيجة اجرامها في العراق والشام!

الصراع بين المشروع الإسلامي وإيران حول حركة حماس

لقد انطلقت بجهودي الشخصية محاولا فك العلاقة بين الحركة والمشروع الإيراني انطلاقا من ايماني بأن حصيلة ما بنته حركة حماس في جانبها الدعوي من خلال الدعاة، والعسكري من خلال كتائب عزالدين القسام هو ملك للأمة العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني وليست ملكا لإيران المعادية وان ادعت المقاومة.

وقد اعتبرت أننا نخوض صراعا حقيقيا مع الملالي الإيرانيين فيمن سيحوز منا على حركة حماس ومكوناتها، فهل ستكون الأمة من يفوز بها ويحفظها أم ستكون إيران هي من يستولي عليها ليستخدمها لصالح مشروعه الطائفي التوسعي المعادي للأمة والمخالف لدينها؟

والواقع يشهد بأن التقاء ثلاثة عناصر أدى في النهاية لتكون إيران هي الأقرب لحيازة الحركة بالمعنى السياسي، وذلك لتستخدمها وتستفيد من جهودها ومن تضحيات الشعب الفلسطيني تحت لوائها في الميدان القتالي وتعلو أسهمها في المنطقة!

فلقد اجتمع تواطؤ الأنظمة العربية على الحركة الإسلامية المقاومة مع مشروع الخميني الذي أشار بوجوب أن يكون لإيران يد في القضية الفلسطينية، مع خلل التفكير وخراب المنهج السياسي عند القيادات النافذة في الحركة لتصبح حركة حماس أقرب لإيران في فضائها السياسي منها إلى  قضايا أمتها العربية وثوراتها، الأمر الذي عبرت عنه بعض قيادات حركة حماس بالتواصل مع الأذرع الإيرانية -التي نكلت بشعوب أمتنا- وبناء مشروعها التحرري بناء على تصور جديد تحت مسمى وحدة الساحات مع المحور الشيعي الإيراني في لبنان والعراق واليمن وسورية، وجميعها دول نحرت إيران شعوبها المسلمة!

الصراع بين حماس والمشروع الإسلامي حول سوية خيارها في مسار التغيير والتحرير

لم تتوقف الأخطار عند سعي المحور الإيراني لحيازة حركة من حركات الأمة العربية والإسلامية الفاعلة في المسألة الفلسطينية، بل تجاوزتها إلى مخاطر على أيدي بعض قيادات الحركة النافذة والتي أسرفت في العلاقة مع المحور الإيراني إلى حد التماهي والمدح والثناء واعتبار الوحدة مع ايران هي تعبير عن الوحدة المنشودة في الأمة وأمل التحرير، دون التوقف أمام الحرمة الشرعية واللوثة السياسية التي تجسدت بالحلف بين طرف اسلامي وعدو يقتل المسلمين في كل محيط فلسطين!

وكما شرعن ياسر عرفات للتطبيع العربي الإسرائيلي بعد أن أنجز اتفاق أوسلو مع الأعداء، فقد شرعنت حركة حماس بسلوكها السياسي التحالف بين الحركات الإسلامية الثورية والسياسية وبين أعداء الأمة طالما كان العدوان خارج أسوارهم القطرية والوطنية، وهو منهج مختل ومسار مفارق للهدى والصواب ويشير إلى مخاطر عظيمة تمزق مفهوم الأمة الواحدة وتمنع تحقق وتماسك وحدتها -مصدر قوتها ودلالة إسلامها- لاسيما أن في معظم الساحات العربية الثائرة تتوفر فيها نقاط تخادم وتعاون بين حركات التغيير الإسلامي وبين أعداء الأمة حتى وإن كانوا غير مخالفين في المذهب والدين كحال كثير من الأنظمة العربية والأسر الحاكمة الظالمة!

يتبع



فك الالتباس في موقفي من حركة حماس (1-5)




بثٌّ مباشر لاستشهاد القادة في عصر النبوّة

بثٌّ مباشر لاستشهاد القادة في عصر النبوّة

محمد خير موسى


في غزوة مؤتة كان عدد الجيش الإسلاميّ ثلاثة آلاف مقاتل، وقد عيّن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراء، فقال: "أمير النّاس زيد بن حارثة، فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قُتل فعبد الله بن رواحة، فإن قُتل فليرتضِ المسلمون منهم رجلا فليجعلوه عليهم".


وهنا نلحظ أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قدّم في قيادة المعركة -التي يتوقّع أن تكون حامية الوطيس- ثلاثة من أحبّ النّاس إلى قلبه، أحدهم كان قد تبنّاه من قبل لشدّة حبّه له والآخر ابن عمّه، وفي هذا رسالةٌ إلى الذين يتقدّمون مواقع القيادة أنّ القائد الحقّ هو الذي يقدّم أحبابه وأقرباءه إلى ساحات المغارم والفداء؛ لا إلى مواقع المغانم والنفع المريح.

وإنّ قول النبيّ صلى الله عليه وسلّم: "فإن قُتل فليرتضِ المسلمون منهم رجلا فليجعلوه عليهم" فيه رسالةٌ واضحةٌ على أنّ المسلمين هم من يختارون من يقودهم حتّى في أقسى الظّروف، ولو كان ظرف التحام بالعدوّ في ساحة المعركة، ولا بدّ أن يرتضوا هذا القائد، فلا مكان في الإسلام لقائدٍ يتغلّب على النّاس بقوّة السلاح ويجثو على صدورهم وهم له كارهون.

رسالةٌ واضحةٌ على أنّ المسلمين هم من يختارون من يقودهم حتّى في أقسى الظّروف، ولو كان ظرف التحام بالعدوّ في ساحة المعركة، ولا بدّ أن يرتضوا هذا القائد، فلا مكان في الإسلام لقائدٍ يتغلّب على النّاس بقوّة السلاح ويجثو على صدورهم وهم له كارهون

 وهذا تعليمٌ من النبيّ صلى الله عليه وسلّم لأصحابه على منهجيّة الاختيار للقائد وهو لا يزال على قيد الحياة، حتّى إذا غاب عنهم لم يقبل المسلمون بقائد ينقلب عليهم بقوّة السلاح أو يصل إلى سدّة الحكم بغير رضى منهم.

لمّا انطلق الجيش الإسلاميّ من المدينة، بلغت الأخبار هرقلَ فجمع لهم مئتي ألف مقاتل؛ مئة ألف جمعهم هو ومئة ألف جمعهم شرحبيل بن عمرو؛ فلكَ أن تتخيّل أن تكون المواجهة بين ثلاثة آلاف مقاتل مقابل مئتي ألف مقاتل وعلى الأرض التي يخبرونها جيدا ويعرفونها تماما بينما لم يختبرها المسلمون من قبل.

وعندما بدأت المعركة في مؤتة، في مسافة تتجاوز ألف كيلومتر عن المدينة المنوّرة، جمع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم مَن بقي مِن أهل المدينة في المسجد، ووقف على المنبر، وبدأ ينقل وقائع المعركة في بثٍّ حيّ ومباشر، وأخذ يحدّث النّاس عمّا يبذله الصّحب الكرام في هذه الملحمة، ونعى على المنبر قادة الجيش الثلاثة الذين كانوا في مقدّمة شهداء المعركة، وهو يبكي صلى الله عليه وسلم على المنبر.

أخرج البخاريّ في صحيحه، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أخذ الرّاية زيدٌ فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب -وعيناه تذرفان- ثم أخذها سيفٌ من سيوف الله حتّى فتح الله عليهم".

شذراتٌ في ذكرى المعركة، وتطوافٌ على أمنياتٍ عظيمة للرّجال الكبار، ولفت للأنظار إلى بثٍّ مباشر من نوعٍ مختلف في زحمة البثّ المباشر هذه الأيّام؛ وفي ظلال رحيل القادة الكبار الذين تعاقبوا على قيادة المقاومة مؤكدين أنه لن تسقط القلاع ولن تخترق الحصون


وقال ابن حجر: "وقع في المغازي لموسى بن عقبة -وهي أصحّ المغازي- قوله: ثمّ أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقُتل، ثمّ اصطلح المسلمون على خالد بن الوليد؛ فهزم الله العدوّ وأظهر المسلمين".

لقد نقل رسول الله صلى الله عليه وسلّم هذه المعركة على خلاف غيرها من السرايا لأهميّتها وعظيم أثرها وعظيم ما فيها من الفداء والتّضحية، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه الشّهداء، وبكاؤه لا يتنافى مع الرّضى بل هو شفقة القلب ورحمة الإنسان الكامل، كما أنّ في هذا البثّ تسجيلَ فضيلة لخالد بن الوليد رضي الله عنه؛ فهو في هذا اليوم تمت تسميته سيف الله المسلول، وهو لقب سيصاحبه إلى قيام الساعة تشريفا وتكريما.

لم تكن هذه كلّ تفاصيل تلك الغزوة التي استمرّ القتال فيها ثلاثة أيّام، وانتهت باستشهاد اثني عشر رجلا من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بينهم قادة الجيش الثلاثة، وسجّل فيها خالد بن الوليد انتصارا حقيقيّا على الرّوم بحنكته وعبقريّته العسكريّة؛ إنّما هي شذراتٌ في ذكرى المعركة، وتطوافٌ على أمنياتٍ عظيمة للرّجال الكبار، ولفت للأنظار إلى بثٍّ مباشر من نوعٍ مختلف في زحمة البثّ المباشر هذه الأيّام؛ وفي ظلال رحيل القادة الكبار الذين تعاقبوا على قيادة المقاومة مؤكدين أنه لن تسقط القلاع ولن تخترق الحصون، فلعلّها ذكرى تنفع من كان له قلبٌ أو ألقى السّمع وهو شهيد.


في رثاء هنية: فلسطين تودع قائدها

 في رثاء هنية: فلسطين تودع قائدها

في اللقاء الأخير بيننا، ذهبت إليه معزياً باستشهاد أبنائه وأحفاده. وجدته مبتسماً مشرق الوجه كما عرفته دائماً. فسألته: "حتى وأنت في هذا الوضع تبتسم يا أبا العبد؟" قال لي: "أبتسم لأن الصفقة مع الله رابحة، ولأن العقد بيننا وبينه سبحانه وتعالى هو الجنة، وقد رزقها لأولادي وأسأله أن يكرمني بها." كان يرى في استشهاد أبنائه وأحفاده أوسمة شرف تزيده قوة وإصراراً على مواصلة الطريق.

فجر اليوم، استيقظ العالم الحر على صدمة خبر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، القائد إسماعيل هنية. أول رئيس وزراء منتخب في فلسطين، ابن عسقلان اللاجئ إلى غزة، الطالب الحر ورئيس مجلس الطلبة في الجامعة الإسلامية، الأديب المفوّه، الأسير المحرر، المبعد العائد، الأمين على القضية، والمناضل الشجاع.

 شاهده العالم وهو يجلس على رصيف معبر رفح البري بعد انتخابه رئيساً للوزراء عام 2006 حين رفض كل العروض الدولية التي قُدمت له للقبول بشروط الرباعية الدولية

إن فقدان قائد بحجم إسماعيل هنية يعيد إلى الأذهان محطات مفصلية في عمر الحركة الإسلامية في فلسطين، نستحضر ذكرى شهيد الفجر الشيخ أحمد ياسين والشهيد عبد العزيز الرنتيسي وغيرهم من الأبطال الذين قدموا حياتهم فداءً للدين والوطن. إلا أن حدث شهادتهم لم يكن إلا دافعًا للمضي قدماً والاستمرار للدفاع عن المقدسات والنيل من الاحتلال.

هذه الجريمة تُشكل محطةً مؤلمةً في تاريخ النضال الفلسطيني، ونقطة تحول مهمة في سياق معركة طوفان الأقصى التي كان يقود هنية إدارة ملفها السياسي والتفاوضي، فقدنا بلا شك رمزاً وطنياً كان يمثل نقطة إجماع لدى المجموع الفلسطيني.

إسماعيل هنية، ابن قرية الجورة الفلسطينية المحتلة عام 1948 والمولود في معسكر الشاطئ للاجئين الفلسطينيين عام 1962، الرجل الذي نذر حياته لخدمة قضيته ووطنه، كان قائداً فذاً وبطلاً شامخاً. نشأ في أحضان المقاومة وتربى على مبادئ الجهاد والتضحية.

لن نعترف بإسرائيل ولن نقبل بشروط الرباعية الدولية، ولن نسلم سلاح المقاومة حتى لو أكلنا الزعتر والزيتون

  • إسماعيل هنية

منذ شبابه، حيث اعتقل مرات عديدة لدى الاحتلال وشكلت محطة إبعاده إلى مرج الزهور عام 1992 نقطةً مهمةً في حياته جعلته كما كان يقول دائماً أكثر إصراراً على التمسك بفلسطين وطناً وقضية. كان يعلم أن طريق الحرية مليء بالأشواك والعقبات، ولكنه لم يتوانَ لحظة عن مواجهة هذه التحديات بشجاعة وإيمان عميق.

وقد شاهده العالم وهو يجلس على رصيف معبر رفح البري بعد انتخابه رئيساً للوزراء عام 2006 حين رفض كل العروض الدولية التي قُدمت له للقبول بشروط الرباعية الدولية، جلس على الرصيف ثم عاد إلى غزة ليعلن وسط شعبه مقولته المشهورة: "لن نعترف بإسرائيل ولن نقبل بشروط الرباعية الدولية، ولن نسلم سلاح المقاومة حتى لو أكلنا الزعتر والزيتون".

إن حياة إسماعيل هنية كانت مليئة بالصعاب والتحديات، فهو ابن عائلة لاجئة عاشت النزوح والفقر والحرمان في معسكر الشاطئ للاجئين الذي دمره الاحتلال بالكامل في هذه الحرب، ولكنه كان دائماً مثالاً للصمود والتحدي. ارتقى في صفوف حركة حماس حتى أصبح قائدها، ليس لأنه كان يبحث عن الزعامة، بل لأنه كان الأجدر بقيادتها في أحلك الظروف وأصعبها.

نودع هذا الرجل الاستثنائي في تاريخ القضية الفلسطينية، الشهيد إسماعيل هنية، يجب أن نستحضر أن استشهاده ليس نهاية الطريق، بل هي محطة متجددة لمسيرة المقاومة

كان يؤمن بأن دماء الشهداء هي الزرع الذي ينبت الحرية والكرامة، وأن المقاومة هي السبيل الوحيد للتحرر، وعلى يديه نضج الجهاز العسكري للحركة، كتائب القسام، وفي عهد قيادته للحركة في غزة، أنجزت حماس أول وأكبر صفقة تبادل للأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي "وفاء الأحرار" عام 2011. وفي عهده كانت معركة سيف القدس التي شكلت بلا ريب غيم هذا الطوفان.

اليوم، ونحن نودع هذا الرجل الاستثنائي في تاريخ القضية الفلسطينية، الشهيد إسماعيل هنية، يجب أن نستحضر أن استشهاده ليس نهاية الطريق، بل هي محطة متجددة لمسيرة المقاومة، تماماً كما كان الحال بعد استشهاد العشرات من قادة المقاومة الفلسطينية أمثال الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وأبو علي مصطفى والمقادمة والشقاقي. كل هؤلاء القادة شكل رحيلهم حافزاً دافعاً لمشروع الجهاد والمقاومة في فلسطين.

واليوم نقول كما قال عبد الله بن الزبير رضي الله عنه عندما استشهد أخوه مصعب: "إن يُقتل فقد قُتل أبوه وأخوه وعمه، إنا والله لا نموت حتف أنوفنا ولكن نموت قعصاً بأطراف الرماح وموتاً تحت ظلال السيوف". نعم، رحل إسماعيل هنية، لكننا نؤمن بأن في فلسطين ألف إسماعيل، يحملون راية المقاومة، ولن يتراجعوا حتى تحقيق النصر والحرية.

لن ننسى كلماته، التي كانت تزرع في أمتنا الأمل والعزيمة: "لن ينالوا من عزيمتنا، وسنبقى ثابتين على طريق الجهاد حتى تحرير كل شبر من أرض فلسطين، لن نعترف بإسرائيل". هذه الكلمات ستظل نبراسًا للسائرين على ذات النهج، يسترشدون بها في كل خطوة يخطونها على طريق تحرير القدس والأقصى وكل فلسطين.

نعم، رحل إسماعيل هنية، لكن روحه ستظل حاضرة في كل ركن من أركان فلسطين، تضيء لنا الطريق، وتزرع فينا الأمل بالنصر والحرية. نستودعك الله يا أبا العبد، والسلام لروحك في الخالدين.

عن القادة الشهداء وأمنياتهم

عن القادة الشهداء وأمنياتهم


في غزوة مؤتة عندما تهيأ الجيش الإسلامي للخروج حضر الناس، ودّعوا أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلموا عليهم، وحينئذ بكى أحد هؤلاء الأمراء، عبد الله بن رواحة، فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار: “وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا” فلست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود؟!


هكذا هم القادة قرآنيّون؛ يعيشون مع آيات الله تعالى بجوارحهم وقلوبهم وأرواحهم في أحوالهم كلّها في الحلّ والترحال؛ في الأمن والخوف والطمأنينة والخوف.


فقال المسلمون: صحبكم الله بالسلامة، ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين غانمين، فقال هذا القائد عبد الله بن رواحة:


لكِنَّني أَسأَلُ الرَحمَنَ مَغفِرَةً


وَضَربَةً ذاتَ فَرغٍ تَقذِفُ الزَبَدا


أَو طَعنَةً بِيَدَي حَرّانَ مُجهِزَةً


بِحَربَةٍ تُنفِذُ الأَحشاءَ وَالكَبِدا


حَتّى يُقالَ إِذا مَرّوا عَلى جَدَثي


أَرشَدَهُ اللَهُ مِن غازٍ وَقَد رَشَدا


إنّها أمنيات القادة الحقيقيّين؛ شهادة في سبيل الله تعالى وخاتمة في ساحات الوغى وأشلاء تتناثر في سبيل الله تعالى.


أمنية القائد لم تكن نياشين يزيّن بها صدره، ولا استعراض بطولاتٍ وهميّة وصناعة انتصاراتٍ خُلّبية، كانت أمنيته نجاةً من النّار يوم القيامة، وشهادةً في الدّنيا على وجه يحقّق فيه نكايةَ أعدائه، وهذا هو الرّشد الحقيقيّ في نظر ابن رواحة، وما أعظمه من رشد!


ولما فصلوا من المدينة سمع العدو بمسيرهم، فجمعوا لهم: جمع هرقل لهم أكثر من مئة ألف مقاتل من الروم، وجمع شرحبيل بن عمرو مئة ألف مقاتل آخر من قبائل لخم وجذام والقين وبهراء.


وسمع المسلمون بذلك فأقاموا في معان ليلتين يفكرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا. فشجعهم عبد الله بن رواحة وقال لهم: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون: الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة، ولا كثرة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور أو شهادة.


وهكذا هم القادة في الأزمات الكبرى؛ رباطة جأش، ووضوح طريق، وخطاب رزين، وعقيدة راسخة، ورفع للمعنويات، وتثبيت للناس، وقيادتهم إلى المعالي.


وعندما احتدم اللقاء واستشهد القائد الأول زيد بن حارثة رضي الله عنه ثم استشهد القائد الثاني جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه؛ أخذ اللواء القائد الثالث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وانطلق يرتجز قائلا:


أقسمت يا نفس لتنزلنّه


لتنزلن أو لتكرهنّه


إن أجلب الناس وشدوا الرنة


ما لي أراك تكرهين الجنّة


قد طال ما قد كنت مطمئنة


هل أنت إلا نطفة في شنّة


ولم يزل يقاتل مخترقًا الصفوف لا يهاب موتًا ولا يحجم ولا يتردد حتى استشهد رضي الله عنه، وهكذا هم القادة الشهداء؛ خاتمة الشهادة هي مكافأة نهاية الخدمة التي يستحقونها بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء.


واليوم تنحسرُ اللّغةُ أمام الدّم، وتجثو البلاغة أمام القادة الشّهداء، وتتلفّع الكلمات بالصّمت الحييّ أمام هيبةِ البطولة الفذّة الخاتمة المهيبة للقائد الشهيد إسماعيل هنيّة “أبو العبد” الذي سار على نهج عبدالله بن رواحة رضي الله عنه في الحياة مع القرآن وتثبيت الناس في المعركة والختم له بالشهادة في سبيل الله تعالى.


ماذا عساها تنفعُ الكلماتُ أمام حرارة الدّم المنساب على الأرض شاهدَ عدلٍ لا يُكذَّب، وماحلًا مُصَدَّقًا؟


لكنّها ـ أي الكلمات ـ زادُ الطّالبين، ومنارة المسترشدين، ودليل الحيارى الذي يفصح عن رسائل الدّم، وتوضّح السّبيل فالكلمة صنو الدّم يناديان معًا: من هنا الطّريق.


وفي هذا اليوم الذي يفوح مسك الّشهادة في أنحاء فلسطين من القائد “أبو العبد” ومعه كل شهداء غزة الذين يغادرون  هذه الدّنيا تاركَين وراءهم الكثير من الدّروس والرّسائل؛ فطوبى لمن التقطها، وطوبى لمن اتّخذهما معلّمًا، وطوبى لمن ثنى ركبتيه أمامهم متعلمًا من الدم المهيب؛ وأكرم بالدم من معلّم!


لن نرثيكَ، فهنيئاً لكَ الشَّهادة!

 

لن نرثيكَ، فهنيئاً لكَ الشَّهادة!


أدهم شرقاوي




لن نرثيكَ، الرِّثاءُ موتٌ آخر يا حبيبنا، ولن نجمعَ عليكَ مَيْتَتَين! نحن حين نرثي أحبابنا فإننا نُهيل عليهم التُّرابَ مرَّةً أخرى، يكفينا مصابُنا فيكَ مرَّةً واحدةً، فهو بالكادِ يُحتمل! غير أنَّ هذه الكلمات هي حقُّكَ علينا، نحتاجها نحن، وأنتَ في غنىً عنها، فأعظمَ اللهُ أجركَ فينا إن لم نُحسِنْ ثأركَ!

لن نرثيكَ، لا من شُحِّ المفرداتِ، ولا من ضيقِ العِباراتِ، وإنَّما الرِّثاءُ إقرارٌ بالرَّحيلِ، وأنتَ ستبقى فينا إلى الأبد! 
إنَّ الرِّجال لا يموتون بموتهم، وإنما يموتون بنسيانهم، وخيانة عهدهم، وأنتَ باقٍ بيننا بقاءَ الزَّيتون في فلسطين، وآثار أقدامكَ على الطريق ستبقى محفورةً في قلوبنا حتى يبلغَ آخرنا آخرها، وإنَّ عمركَ سيكون أطول بكثيرٍ من أعمارِ قاتليكَ، فاستَرِحْ الآن، يكفيكَ من النَّصبِ ما لاقيتَ، ويكفيكَ من الفُرقةِ ما كابدتَ، ويكفيكَ من الغمزِ واللمزِ ما احتملتَ، فاهنأْ بما آتاكَ اللهُ، فإننا نغبطُكَ!

لن نرثيكَ، الرَّثاء بكاء، ولا وقتَ للدُّموع الآن، الجرحُ الذي يُبكى يُنسى، ونحن لا نريدُ أن ننسى! سنؤجِّلُ دموعنا حتى يوم التحرير الذي كنتَ تُعدُّ له، وفي باحات المسجدِ الأقصى محرراً بإذن الله، سنبكيكَ كما تستحقُّ أن تُبكى، هناكَ حين نبحثُ عنكَ ولا نجدكَ، هناك على منبر صلاح الدِّين حين لن تكون واقفاً لتخطب خطبة الفتح سنبكيكَ، ولكنكَ يومها ستكون حاضراً أكثر من كلِّ الحاضرين، ولكن لا بأس أن نبكي حضوركَ!

لن نرثيكَ، ولن نبكيكَ، فيا كلَّ أحبابه :
‏لا ترثُوه، ولا تَبْكُوه، فالرَّجُلُ لا يُرثى لا يُبكى حين يلقَى أُمنيتَه، وإنّما يُرثى ويُبكى حين تفوتُه، وما كان لمثلِهِ أن لا يقعَ على ضالَّتِهِ وتقعَ عليه!
‏ثمَّ إنْ لم تكُنْ هذه أُمنيةُ كُلُّ واحدٍ مِنَّا فعلى أيِّ شيءٍ نسيرُ في هذه الطريقِ، وعلى أيِّ شيءٍ نرفعُ الأَكُفَّ ندعو: اللهُمَّ خُذْ من دمنا حتى ترضَى! وعلى أيِّ شيءٍ نتعاهدُ صباحَ مساءَ أنّنا لن نتركَ السّاحَ ولن نُلقيَ السّلاح!
‏لم يُصبْنَا العدوُّ في مقتلٍ، فمقاتِلُنَا لم تكُنْ يوماً مخبوءةً، منذُ زمنٍ ونحن نُقدِّمُ قبلَ الجُندِ قادتَنا!
‏هذه الحركةُ ولّادة، وهذا الثّغرُ مُستخلفٌ، ولولا مُضيِّ صاحب بأسٍ قد سبقَ، ما عرفنا بأسَ الذين لَحِقُوا!
‏لا أحد منّا دمه لا يرخص لأجلِ مسرى نبيِّنا، فلا تبكُوا أخاكم، زُفُّوه إلى حيث تاقتْ همّته دوماً، انثُروا على ما تبقّى منه الورد والأرُزَّ، أما الرُّوح ففي عليين بإذن الله، فإنّه كان من الصّالحين!
‏في الخالدين يا أبا العبد، في الخالدين!.

كتابات شادي جاهين

 كتابات شادي جاهين

وفرحت الخنازير




الحسين وإسماعيل هنية وغدر الرافضة

 الحسين وإسماعيل هنية وغدر الرافضة

عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية

إيران الإسرائيلية تكمل مخطط الهدم في الأمة العربية والإسلامية فبعد أن أكملت مخطط هدم غزة المجاهدة عن طريق وهم وفخ دعم المقاومة تقوم بخداع استراتيجي للقائد إسماعيل هنية وتفعل به مثل ما فعل الشيعة بالحسين رضي الله عنه

قتل الرافضة الحسين وانتقلوا للطعن في يزيد

قتل الرافضة هنية لينتقلوا لإكمال مسلسل التقية والكذب الصهيوني والصفوي.

الحسين وهنية القاتل واحد ومخطط الخداع واحد والمظلومية واحدة ولا عزاء للمغفلين الذين يحسنون الظن بإيران الإسرائيلية ألتي تعتبر اقوى شريك لإسرائيل الإيرانية ولكن يبقى داء الجهل والغباء هو أخطر أسلحة الصهيونية في استدراج العقول بعد تغيير المفاهيم .

لقد فعل يهود إيران ما عجز عنه يهود إسرائيل.

إيران الإسرائيلية وإسرائيل الإيرانية وجهان لمخطط واحد متعدد المراحل والمكر.

احتلال فلسطين هو مقدمة احتلال بغداد عام 2003

الصهيونية يدمرون الأرض والخمينية يدمرون العقلية الجماعية للأمة التي تعيش فوق الأرض لذا يدعم اليهود الخمينية لتقوم بحريق البنية النفسية للشعب فيأتي اليهود إلى شعب منقسم ليكمل مخطط الهدم ومن ثم قتل القادة بأيدي يهود إيران بعد أن عجز يهود إسرائيل.

الحمد لله رب العالمين الذي جعل اغتيال البطل الشهيد إسماعيل هنية لم يقع في بلد عربي لأنه كان بمثابة مزيد من الطعن الصهيوني والصفوي المشترك.

هل يدرك أهل السفاهة الفكرية الذين يطبلون لإيران الصفوية القاتلة للحسين وهنية حقيقة المخطط أم ما زالت إيران الإسرائيلية دولة مقاومة لإسرائيل الصهيونية؟!

إن تمكين إيران الإسرائيلية لإسرائيل الإيرانية بإتمام مخطط القتل ما هو قربان تمرير التوافق الصهيوني بين أصفهان مجمع جند الدجال وتل أبيب معقل يهود إسرائيل.

المؤلم جدا أننا سوف نجد من يبرر ليهود إيران مخطط الخيانة والتعاون مع يهود إسرائيل .

شياطين صناعة الانقسام في الأمة يستغلون كل حدث لبقاء الأمة في تيه الجهل والانقسام حول الأفكار البدعية المدمرة للأمة العربية والإسلامية.

الأمة في نعمة بعيدا عن كارثة التقارب مع الرافضة

الامة في نعيم بعيدا عن شياطين إيران الإسرائيلية

الأمة في امان حال إدراك حقيقة الصهيونية

العاقل يدرك خطر الصهيونية مرة وخطر إيران الإسرائيلية الف مرة فالأول معلوم والثاني معلوم للعقلاء قبل البلاء ومعلوم للدهماء بعد حريق البلدان واغتيال العلماء والعودة لنقطة الصفر وهي:

من استدرج الحسين وقتله هو من استدرج هنية وقتله (من غدر بالحسين يغدر بألف هنية).

حفظ الله بلاد العرب من مكر الصهيونية وغباء عملاء ايران الإسرائيلية

الثلاثاء، 30 يوليو 2024

بين المتطرفين للغاية والمتطرفين بلا نهاية

 

بين المتطرفين للغاية والمتطرفين بلا نهاية

يوسف الدموكي




قد يُخيّل إليك من البداية أنّ ثمّة إسرائيليين يتظاهرون في كيانهم المحتل، ضدّ إسرائيليين آخرين، يرتكبون أفظع الجرائم، ما يشوّه سمعة الاحتلال أكثر، ويضيّق الخناق على المستوطنين حين يسافرون ولا يطيقهم الخلق في أيّ دولةٍ حول العالم، بينما يعتنق بعضهم أفكارًا يسارية مثلًا، وذلك من باب التناقض الغربيّ، وعلى غرار الكثير من حماقات الرجل الأبيض الذي يدّعي الإنسانية ويتحدّث عن حقوق الإنسان وهو يعيش فوق أرضٍ مسروقةٍ من أهلها الذين قتلهم الآباء قبل عشرات السنين.

لكن حقيقة الأمر عكس ذلك، وأبشع بكثير، فلا تكاد تُذهل من الأفعال كلّها، حتى تندهش من ذلك الفعل ذاته، حتى تكاد تجنّ من ردِّة الفعل على ردِّة الفعل على الفعل، كلّها جرائم جنونية مركّبة، وضروب متراكمة من الدناءة والوحشية، فخبر اغتصاب معتقلين فلسطينيين في معتقل سديه تيمان الذي لا يقارن به غوانتانامو ولا أبو غريب، على مرأى ومسمع الجنود وبقية المعتقلين، وبتوثيقِ الكاميرات، لا يثير أيّ جلبةٍ، ولا ردّة فعلٍ باللوم أو الحزن أو التعاطف، حتى من هؤلاء المحتلين، بالعودة إلى أصلهم التكويني كبشرٍ لا أكثر، مجرّد بشر، ولو كانوا أعداءً، وإنّما الذي يثير الجلبة والفوضى والجدل هو قبض جيش الاحتلال على تسعة من جنوده المجرمين، خشية أيّ ردات فعلٍ دولية حقوقية، في مسرحيةٍ مبتذلة، فلا يقبل المستوطنون حتى أن تمثَّل مسرحية تخفّف قبحهم، وإنّما يعترضون، لماذا؟ لأنّ ثمّة جنودًا أحيلوا للتحقيق في تهمةٍ لا تستحق ذلك، وهي "اغتصاب فلسطيني"!

لا أتخيّل مجتمعًا بهذه الدرجة من البشاعة، كيف يقوم؟ وكيف يستمر؟ وكيف يعيش؟ وكيف يتعايش؟ كيف جمعوه من البداية؟ وكيف حافظوا على تلك الدرجة من الوحشيّة لكلّ هذه المدّة؟ كيف تغذّوا الحقدَ لدرجة استمراء فعل "الاغتصاب"؟ أيُّ دين، وأيُّ عقيدة، وأيُّ احتلال، وأيُّ استعمار، وأيُّ عقل، وأيُّ إنسان أو حيوان حتى، يستطيعُ أن يبتلع ذلك الفعل؟ بل يستسيغه، بل ويتلذّذ به؟ كيف يرون أجسامنا منتهكةً إلى هذا الحد، بعدما انتهكوا أرضنا وبيوتنا وأرواحنا؟ تلك ليست مفاجأة، وإنّما صدمة الواقع، ربّما يكون من الخيال أن تقول إنّهم يغتصبون أسرانا، وقد يحدث ذلك فتتمنى الموت قبل سماع الخبر، لكن أن تنقلب "إسرائيل" رأسًا على عقب لأنّها لا تقبل التحقيق مع مغتصبين، ولو في مسلسل هندي؟ فتلك مرارة أكبر من أن تتحمّلها حلوق سبعة مليارات إنسان!

جرائم جنونية وأفعال وحشية ودنيئة يرتكبها الجيش الإسرائيلي

ثم أين شوارعنا نحن من هذا في المقابل؟ أين الهبّات التي تثور لأجل أخبار الاغتصاب تلك؟ أين حتى استنكارات الحكومات المبتذلة؟ أين بيانات الشجب والإدانة والغضب والمتابعة بقلق بالغ؟ أين التظاهرات الرمزية عند السفارات السافرات والقنصليات؟ أين ملايين العرب الذين لم يكونوا ليناموا بعد خبر تعذيبٍ في السابق، حتى تحوّل التعذيب إلى هتكِ عرضٍ واغتصابٍ، وقتل ستة وثلاثين أسيرًا من غزّة في سديه تيمان منذ السابع من أكتوبر؟ لا صوت يعلو فوق صوت المستوطنين، الذين يعيشون مارقين في كيانٍ مارقٍ، فوق أراضينا المحتلة، ثم بعد أن يغتصبونا حرفيًّا، يتمتّعون برحلات النقاهة في عواصم عربيّة تستقبلهم بالأحضان الدافئة والورود الحمراء في مدن التطبيع والسلام!

ما أعرفه أنّ غدًا قريب، وأنّ الأمّة ليست أمّة مغتصبة بالكامل، وإنّما سيخرجُ منها من يردون شرفها ويصحّحون عرضها ويذودون عنها، وحينها لن يحاكموا المغتصبين وحدهم، وإنّما سيعبرون من فوق أجساد الذين صافحوهم أولًا.


لماذا هدد أردوغان "إسرائيل"؟

 لماذا هدد أردوغان "إسرائيل"؟


سعيد الحاج

أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جدلاً كبيراً بتصريحه الأخير بخصوص موقف بلاده من العدوان على قطاع غزة. فقد قال أردوغان إن على بلاده أن تكون "قوية جداً، حتى لا تستطيع إسرائيل أن تفعل ما تفعله بالفلسطينيين"، مضيفاً أنها تدخلت في كل من إقليم ناغورنو قره باخ (الإقليم المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان) وليبيا و"قد تفعل الشيء نفسه مع إسرائيل"، إذ ليس ثمة ما يمنع ذلك "يكفي فقط أن نكون أقوياء" على حد تعبيره.

التصريح اللافت للرئيس التركي تسبب بردات فعل حادة ومتشنجة لدى دولة الاحتلال، حيث قال وزير خارجيتها يسرائيل كاتس إن أردوغان بتهديده "يسير على خطى صدام حسين" الذي كان هدد "إٍسرائيل" ثم رماها بالصواريخ مضيفاً أن على أردوغان "أن يذكر ما حصل وكيف انتهى الأمر هناك". كما قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن "إسرائيل لن تقبل التهديد من دكتاتور" داعياً أعضاء حلف الناتو لإدانة تصريحه "وإجباره على إنهاء دعمه لحماس".

كما كان من اللافت أن تأتي انتقادات لتصريح الرئيس التركي من خارج دولة الاحتلال، حيث دعا السياسي الهولندي المتطرف خيرت فيلدر إلى طرد تركيا من حلف الناتو، وهو مطلب تلاقى فيه مع وزير خارجية الاحتلال كاتس.

ليست المرة الأولى التي يطرح فيها أردوغان فكرة التدخل عسكرياً في فلسطين، حيث كان سبق وأن اقترح أكثر من مرة أن تشارك تركيا ضمن الدول الضامنة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وأن تشارك في إطار ذلك بقوات على الأرض في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية.

وردّت الخارجية التركية على تهديدات وتلميحات كاتس، ببيان للخارجية شبه نتنياهو بـ "مرتكب الإبادة الجماعية هتلر" مؤكداً على أن الأول سيلقى المصير ذاته الذي لقيه الثاني، وعلى أن "الإنسانية ستقف إلى جانب الفلسطينيين" الذين "لن تستطيعوا إبادتهم" وفق البيان. كما كتب وزير الخارجية خاقان فيدان على حسابه على منصة إكس إن الرئيس أردوغان "بات صوت الضمير الإنساني، والذين يحاولون إسكات صوت الحق وعلى رأسهم الدوائر الصهيونية وإسرائيل يعيشون حالة من الهلع الكبير"، مؤكداً على أن التاريخ يظهر أن "النتائج ستكون واحدة لكل مرتكبي الإبادة الجماعية وداعميها".

وفي حين يتابع الجميع التراشق في التصريحات والمواقف بين أنقرة وتل أبيب، يبقى السؤال الأكثر حضوراً بخصوص التصريح أسبابه وما عنى به الرئيس التركي.

من المهم الإشارة أولاً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها أردوغان فكرة التدخل عسكرياً في فلسطين، حيث كان سبق وأن اقترح أكثر من مرة أن تشارك تركيا ضمن الدول الضامنة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وأن تشارك في إطار ذلك بقوات على الأرض في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية. ومن البديهي أن سياق هذه التصريحات السابقة يختلف جذرياً عن التصريح الأخير الذي أشار إلى النزاع في كل من ليبيا وجنوب القوقاز حيث تدخلت أنقرة عسكرياً بشكل مباشر وداعم لأحد طرفي النزاع بالسلاح والخبرة.

قد يُظن بأن الأمر لا يعدو عن كونه زلة لسان للرئيس التركي من باب أنه كان في لقاء حزبي في مسقط رأسه ـ مدينة ريزة ـ في البحر الأسود وبين كوادر الحزب وأنصاره، بيد أن الالتزام الحديدي بالنص المعروف عنه ونقل الكلام على الهواء مباشرة يضعف كثيراً من هذه الفرضية.

إن السياق الرئيس لتصريح أردوغان هو سياق دفاعي أو اعتذاري، إذ أتى في معرض الرد على انتقادات ومناشدات وجّهت للحكومة في الآونة الأخيرة من الشارع و/أو النخب و/أو بعض أحزاب المعارضة بخصوص الموقف من الحرب على غزة، ومن بين ذلك المطالبة بدعوة شخصية فلسطينية لإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي كردٍّ على خطاب نتنياهو أمام الكونغرس. ولذلك فقد حرص الرجل على تأكيد أنه "ليس هناك ما يمنع" أن تفعل بلاده ذلك في فلسطين رابطاً ذلك بشرط "القوة والقدرة"، أي أنه أراد إثبات النية والموقف رابطاً الأمر بعدم القدرة حالياً.

وعليه، فالدافع الأساسي لكلام الرئيس التركي هو الرد على المعارضة التي طالما اتهمها بالمزايدة على مواقفه والتحدث بدون إلمام ومعرفة. بيد أن ذلك لا يبدو كافياً لوحده لفهم سياق الحديث، إذ أن الحكومة تتعرض لانتقادات شبيهة منذ بداية العدوان.

ثمة سياقان متعلقان بشكل مباشر بـ "إسرائيل" مهمان جداً في فهم الأبعاد الكاملة لتصريح أردوغان. الأول أن التصريح أتى على هامش تهديدات "إسرائيلية" متزايدة بضربة كبيرة للبنان/حزب الله يمكن أن تشعل مواجهة إقليمية وفق تحذير عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، وستكون تركيا بالتأكيد من ضمن الدول المتأثرة بها إن حصلت. هنا، يوجّه أردوغان تحذيراً للولايات المتحدة ـ على طريقته ـ بأن ترك المجال لنتنياهو لتنفيذ خططه ضد لبنان ستكون له تداعيات وخيمة على كامل المنطقة. وقد كان له تصريح قبل أسابيع بهذا المعنى لدى تصاعد نبرة التهديد ضد لبنان آنئذ.

ثمة ما ينبغي على أنقرة ويمكنها فعله دون أثمان كبيرة متخيّلة. يمكن ـ وينبغي ـ مثلاً تفعيل خيار الانضمام لقضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية، وقطع التجارة بشكل كامل ونهائي مع دولة الاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ووقف تصدير النفط الأذربيجاني إليها عبر الموانئ التركية، وغلق المجال الجوي التركي أمام دولة الاحتلال والدعم الذي قد يصلها، وإقرار حزمة من القوانين في البرلمان (بخصوص مزدوجي الجنسية في جيش الاحتلال وغير ذلك).

والسياق الثاني هو تطاول المدى الزمني للعدوان على غزة دون قدرة الاحتلال على الحسم من جهة وباقترافه المزيد من المجازر بحق المدنيين من جهة ثانية. بمعنى أن الاحتلال الذي عجز عن القضاء على المقاومة كما ادعى في بدايات الحرب بات اليوم أكثر عجزاً عن ذلك، وكشفت معركة طوفان الأقصى الكثير من الثغرات والأخطاء في بنيته الأمنية والعسكرية ما جرّأ الكثيرين على انتقاده في هذه الزاوية تحديداً.

وقد كان من بين من وجه الانتقادات للمنظومة الأمنية ـ العسكرية لـ "إسرائيل" واتضاح أنها أضعف مما تروج عن نفسها وزير الخارجية التركي (رئيس جهاز الاستخبارات السابق) فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل الذي قال إن "طوفان الأقصى حطمت صورة إسرائيل القوية أمام العالم". بمعنى، أن الطوفان قد كشف عورة الاحتلال الأمنية والعسكرية وهشّم أساطيرها وعرّضها للنقد، بل والسخرية من أطراف إقليمية وليس فقط من قبل المقاومة. وهنا، من المهم الإشارة إلى أن تصريح أردوغان لم يشر فقط لفكرة التدخل (الفعل) بل تجاوزها نحو القدرة على لجم "إٍسرائيل" (التأثير).

أخيراً، لا تفوتنا الإشارة إلى أن التصريح ورغم حدته وسقفه المرتفع جداً، ورغم انزعاج الاحتلال منه، ورغم أنه يشكل سابقة مهمة يجدر الالتفات لها ومتابعة ارتداداتها، يبقى ـ رغم كل ما سبق ـ تصريحاً وموقوفاً بدعوى "عدم القدرة"، أي أنه كلام دون انعكاس عملي حالياً، ما يؤكد وجود هوّة واسعة بين سقف الخطاب الرسمي لأنقرة وحدود مواقفها العملية.

والحقيقة أنه دون الخيار العسكري، أياً كان شكله، ثمة ما ينبغي على أنقرة ويمكنها فعله دون أثمان كبيرة متخيّلة. يمكن ـ وينبغي ـ مثلاً تفعيل خيار الانضمام لقضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية، وقطع التجارة بشكل كامل ونهائي مع دولة الاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ووقف تصدير النفط الأذربيجاني إليها عبر الموانئ التركية، وغلق المجال الجوي التركي أمام دولة الاحتلال والدعم الذي قد يصلها، وإقرار حزمة من القوانين في البرلمان (بخصوص مزدوجي الجنسية في جيش الاحتلال وغير ذلك).

هذه الخيارات والمسارات ـ وغيرها ـ ممكنة ومفيدة عملياً، وفي إطار القدرات التركية، ولا يتوقع أن يكون لها كلف أو أثمان سياسية واقتصادية باهظة، وهي إلى ذلك تتسق مع توصيف أنقرة للحرب على غزة بالإبادة الجماعية ولـ "إسرائيل" بدولة الإرهاب، حيث ينبغي قطع أي علاقة و/أو تعاون يمكن أن يقوّي شوكتها للاستمرار بالإبادة، وهذا أضعف الإيمان.

زيارة نتنياهو فشلت وأمريكا خسرت سمعتها

زيارة نتنياهو فشلت وأمريكا خسرت سمعتها

عامر عبد المنعم
صحفي وكاتب ، شغل موقع مساعد رئيس تحرير جريدة الشعب، ورئيس تحرير الشعب الالكترونية.


 لم ينجح نتنياهو في تبييض وجهه، ولم يستطع غسل يديه الملطختين بدماء الأطفال والنساء، ولم يحصل على إجماع الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتأييده في مواصلة حرب الإبادة في غزة حتى تحقيق الانتصار المستحيل على حركة حماس، ورغم العرض المسرحي والتصفيق الاستفزازي من مؤيدي إسرائيل في الكونغرس خاصة أنصار ترمب فإن صوت الأمريكيين الرافضين للحرب ظهر بقوة، مما أجبر الإعلام الرسمي على تغطية وجهتي النظر بعد انحياز مطلق للاحتلال.


نعم أظهر استقبال نتنياهو السقوط الأخلاقي للنخبة السياسية الأمريكية، فاقدة الضمير وعديمة الإنسانية والمنحازة إلى العدوان، ولكن في الوقت نفسه ظهر إصرار الحركة المؤيدة لغزة والرافضة للعدوان على مواصلة نضالها سواء في شوارع واشنطن التي امتلأت بالمحتجين، أو في داخل الكونغرس حيث تغيَّب نصف الديمقراطيين، ومن حضر منهم عبَّر عن رفضه لاستقبال قائد الاحتلال بعدم التصفيق وعدم الوقوف، أو بإعلان الرفض للإبادة مثل رشيدة طليب التي رفعت ورقة كتبت عليها “مجرم حرب”.


جاءت الضربة المهمة لغطرسة رئيس الوزراء الإسرائيلي وأفسدت عليه حالة الزهو والفخر ببيان كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية التي تقترب من كرسي الرئاسة بقوة، عندما طالبت بعد لقاء نتنياهو بوقف الحرب، وأعربت بوضوح عن قلقها الشديد بشأن الوضع الإنساني العاجل في غزة، وقالت “لا يمكننا أن ندير وجوهنا بعيدا في خضم هذه المآسي، لا يمكننا أن نكون لا مبالين أمام هذه المعاناة، لن أبقى صامتة”.

موقف كامالا هاريس يختلف عن موقف بايدن “الصهيوني الفخور”، ويعبّر موقفها الأكثر وضوحا عن حالة الرفض داخل الحزب الديمقراطي لاستمرار الحرب، وجاء تعاطفها مع المدنيين في غزة استجابة لزملائها الديمقراطيين، المسلمين والسود والملونين وأصحاب الضمائر الحية من المسيحيين البيض، واليهود المعادين للصهيونية الذين يرفضون ارتكاب الإبادة باسمهم.

تعي كامالا هاريس جيدا أن تبنّي مطلب وقف الحرب على غزة هو طريقها للفوز على ترمب، فاستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة بعد اعتصام طلبة الجامعات تشير إلى أن الرافضين للحرب أكثر من المؤيدين لها، كما أن الأقليات الدينية والعرقية التي تؤيد الحزب الديمقراطي ترفض الإبادة وتطلب الحرية لفلسطين، وقد عبَّر 100 ألف عضو في الحزب الديمقراطي في ميشيغان عن رفضهم تأييد بايدن لموقفه المخزي من غزة، ولو أن بايدن استمر في الترشح لكان سقوطه مؤكدا.

فضح كذب بايدن وإدارته

فضحت تصريحات نتنياهو كذب بايدن وأركان إدارته، وكشفت أنهم كانوا يكذبون طوال الأسابيع الماضية بتحميل حماس المسؤولية عن فشل الصفقة، واتهامها بأنها ترفض مبادرة الرئيس الأمريكي وأنها لا تريد وقف الحرب؛ إذ أعلن نتنياهو بوضوح لا لبس فيه أن الحرب لن تتوقف، وأنه لن ينسحب من غزة وسيبقى في ممر نتساريم ومعبر رفح، وعرض تصوره الإجرامي عن اليوم التالي الذي يعني عدم وقف الحرب، والبقاء في غزة، ومواصلة العمليات العسكرية، وتنصيب حكومة عميلة لإدارة القطاع!

كان بايدن وكيربي وبلينكن يرددون أن الصفقة مقترح إسرائيلي، وأن الإسرائيليين وافقوا عليها، وأن الكرة في ملعب حماس، وعندما وافقت حماس رفض نتنياهو ومعه تحالف المتطرفين من أحزاب الصهيونية الدينية، ولكن للتغطية على الرفض الإسرائيلي ظل الأمريكيون يتهمون حماس كذبا بأنها هي التي تعرقل الصفقة، وقبلوا على أنفسهم أن يكونوا لجنة دعاية زائفة لصالح نتنياهو الذي لا يريد وقف الحرب لأسباب شخصية.

فضحت صراحة نتنياهو الدور الذي مارسه الأمريكيون منذ بداية الحرب، فقد اعترف بالدعم السخي الذي قدَّمه الرئيس الأمريكي، الذي قرر التنحي والانسحاب من السباق الرئاسي أمام ترمب الذي يتحمس الإسرائيليون لإعادة انتخابه للحصول على أكثر مما أخذوا من بايدن، لكن الغرور جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يبالي بمصداقية بايدن وصورته داخليا وخارجيا عندما كرر في خطابه في أكثر من موضع أنه سيستمر في الحرب إلى ما لا نهاية، ولا موافقة على صفقة تنتهي بوقف القتال والانسحاب من غزة.

أقوال نتنياهو في الكونغرس تغلق أمامه كل فرص النجاة وتسد أبواب الهروب من محرقة غزة، فالنصر الذي يتحدث عنه مجرد سراب وأضغاث أحلام، فحماس بعد 9 أشهر من القتال في كامل قوتها، بينما الكيان في حالة انهيار، والأهم أنه بسبب الخسائر في المعدات والجنود، فإن قادة الجيش الإسرائيلي هم الذي يضغطون لوقف الحرب قبل أن يحدث التمرد ويهرب الجنود من ساحة المعركة.

الحرب مع الفلسطينيين الذين يدافعون عن أرضهم

ردد نتنياهو الكثير من الأكاذيب التي لا يصدقها أحد، فزعم أنه يدافع عن الحضارة ضد الوحشية والبربرية، وأنه يريد إحلال السلام في الشرق الأوسط، واتهم حماس بقتل الفلسطينيين حتى تعيش وتبقى، وادعى أنه يسمح بدخول المساعدات وأن حماس هي التي تستولي عليها، وأن الحرب في غزة هي الأقل ضحايا في الحروب في العالم، وأن عملية رفح لم يُقتل فيها إلا فلسطيني واحد فقط!

لكن وسط التصفيق الأعمى حاول نتنياهو تمرير بعض الأفكار الماكرة، أهمها أن الحرب ليست ضد الفلسطينيين وإنما ضد الإرهاب الإيراني وأدواته، وبما أن إيران تعادي أمريكا فهو يقوم بمهمة الدفاع عن الأمريكيين، ولهذا يريد إمداده بالسلاح لتحقيق الانتصار وحسم المعركة سريعا، والاستعداد لمواجهة إيران ومشروعها النووي، ودعا الأمريكيين إلى دعم تحالف أبراهام الذي يضم دولا عربية لمواجهة الإيرانيين، وهذا فيه مغالطة كبيرة، فالدور الإيراني مجرد إسناد لغزة، لكن الصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين الذين يدافعون عن أرضهم ويرفضون تهجيرهم.

أكذوبة أرض إسرائيل

زعم نتنياهو أن فلسطين ملك لليهود منذ 4 آلاف عام، واستند إلى التوراة والوعد المزعوم الذي أعطاه الرب لإبراهيم وبني إسرائيل، وموضوع أرض إسرائيل أكذوبة لم تثبت تاريخيا، فاليهود عاشوا في فلسطين وسط القبائل الكنعانية معظم فترات وجودهم، وحتى في زمن داود وسليمان، حيث ظل الصراع مع الفلسطينيين مستمرا حتى انقسام دولتهم واختفائهم!

والوعد لإبراهيم لو كان صحيحا فإن إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده، ومع ذلك فإن إسماعيل “أبو العرب” من أبناء إبراهيم أي يشمله الوعد، وإذا قالوا إن الوعد انتقل إلى يعقوب وبني إسرائيل فإن نتنياهو ومؤسسي الكيان الصهيوني من هرتزل وحتى الآن لم يثبت أنهم من بني إسرائيل، وهم من اليهود الروس الذين ينتسبون إلى يهود الخزر وليس لهم صلة بيعقوب ولا ببني إسرائيل.

قد يستمر نتنياهو في حرب الإبادة، وقد يستمر الأمريكيون في دعمه، لكن كل يوم يمر يخسر الإسرائيليون ومعهم الأمريكيون، يخسر الإسرائيليون عسكريا وأخلاقيا وسيضطرون في النهاية تحت ضربات المقاومة إلى الاستسلام والقبول بشروط حماس صاغرين، وسيخسر الأمريكيون سمعتهم وهيبتهم التي بنوها منذ الحرب العالمية الثانية، وستخسر الدول الغربية سياسيا وعسكريا حيث يعجزون -بكل قوتهم مجتمعة- عن تحقيق النصر للكيان الاستعماري الاستيطاني الذي زرعوه كخنجر مسموم في عالمنا العربي.