الثلاثاء، 29 أبريل 2025

من غزة إلى قناة السويس… أطماع ترامب تصطدم بجدار السيادة

 من غزة إلى قناة السويس…

أطماع ترامب تصطدم بجدار السيادة

الكاتبة قالت إنه "ليس لحديث ترامب عن علاقة أمريكا بإنشاء قناة السويس سند"

إحسان الفقيه

منذ أن تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية، اعتدنا ألا يمر يوم إلا وهو يخرج علينا بتصريح صادم يثير الجدل. «يجب السماح للسفن الأمريكية، العسكرية والتجارية على حد سواء، بالمرور مجانا عبر قناتي بنما والسويس، هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية.. طلبتُ من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يتولى هذا الأمر على الفور». ذلك هو نص المنشور الطازج الذي كتبه ترامب على أحد منصاته، والذي يمكن تفكيك مكوناته على هذا النحو:

أولا: استهل الكتابة بصيغة «يجب أن»، وهي تعبر عن حالة التعالي وسياسة الجبر، التي يرى ترامب أنه يمتلك مقومات العمل بها، فطالما أنه رئيس الدولة الأقوى في العالم، فيحق له أن يطالب أوكرانيا بثرواتها، ويحق له أن يعلن عن رغبته في ضم كندا وقناة بنما وجزيرة غرينلاند إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويحق له أن يمتلك قطاع غزة، التي سُئل بشأنها: بأي حق ستمتلك قطاع غزة؟ فأجاب: سأمتلكه بالسلطة الأمريكية، فهو يرى أن القوة كفيلة بأن يمتلك بها ما لا حق له فيه، بما لا يختلف عن شريعة الغاب.

ثانيا: المنشور لم يكن مجرد ثرثرة أو تعبيرا عن أحلام مستقبلية لم تغادر مخيلة ترامب، بل اقترن بإجراءات فورية عملية بتكليف وزير خارجيته بتولي هذا الملف، بما يدل على أن الموضوع في بؤرة اهتمام إدارته وخضع للدراسة سابقا، ولمزيد من التأكيد هذا، أعاد مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، مشاركة هذا المنشور على منصة إكس، قائلا؛ إن الولايات المتحدة ينبغي ألا تدفع لعبور قناة تدافع عنها.

ليس لحديث ترامب عن علاقة أمريكا بإنشاء قناة السويس سند.


ثالثا: زعم ترامب أنه لولا الولايات المتحدة الأمريكية، لما كانت هناك قناتا السويس وبنما، فأما قناة بنما، ذلك الممر المائي ذو الأهمية الاستراتيجية الذي تمر من خلاله 40% من حركة الحاويات الأمريكية سنويا، فقد أتمت أمريكا بناءها في أوائل القرن العشرين، ومنحت بنما السيطرة عليها عام 1999، ويريد أن يستردها الآن بالقوة. ولم يكن طلب مجانية المرور من القناة وليد اللحظة، فسابقا طالب وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، خلال زيارته لبنما بإعادة إحياء قواعد عسكرية لضمان أمن قناة بنما، لضمان عدم سيطرة الصين عليها، مطالبا بمرور سفن بلاده بالمجان.

ولكن ماذا عن قناة السويس المصرية؟ ماذا يعني قول ترامب أنه لولا بلاده لما كانت هذه القناة؟ ما الذي يستند عليه ترامب في تقرير ذلك؟

قناة السويس تعد أقصر الطرق البحرية التي تربط بين دول أوروبا في حوض المتوسط مع دول الخليجين الهندي والهادئ، وتتحدث التقارير أن فكرتها قديمة تعود لفرعون مصر سنوسرت الثالث، ولكن بدأ العمل فيها عام 1854 في ظل حكم محمد سعيد باشا، الذي وقع امتيازا يمنح السياسي الفرنسي فرديناند ديليسبس إنشاء شركة تشرف على المشروع، الذي يربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وتم افتتاحها عام 1869، وأدارتها الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، التي تأسست بنظام الأسهم، امتلكت مصر أكثر من نصف الأسهم، وبقيتها كانت لعدة دول كبريطانيا وروسيا والنمسا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فعادت ملكيتها كاملة إلى مصر بعد قيام الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بتأميم الشركة، وتعهد بتعويض المساهمين.

إذن، ليس لحديث ترامب عن علاقة أمريكا بإنشاء القناة سند، ولم تكن أمريكا سوى أحد أصحاب الأسهم مع عدة دول أخرى، ومن ثمّ فإن دعواه مهدمة من أساسها، ولكن يبدو أن ترامب لا يعبأ في تصريحاته بالتوثيق، يكفي أن يقذف ما في مخيلته ويخرج ما بحافظة أطماعه فحسب. ما يرمي إليه ترامب وما يفعله، إنما هو نسف لفكرة سيادة الدول، فهو يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، ويستند إلى القوة المجردة، ويعيد العالم إلى همجية القرون الوسطى.
ترامب الذي يعد نفسه في حلبة مصارعة، وتنكر لدور الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، جعل نفسه سقفا للبشرية، وجعل القوة وحدها معيارا للعلاقات بين الدول، وهو بذلك يفتح الطريق أمام الدول العظمى الأخرى لاتباع النهج ذاته.

وفقا لهذه المعايير الفوضوية التي يرسيها ترامب، سيحق للكيان الإسرائيلي أن يتمدد على حساب دول الجوار، بلا رادع، والأمر نفسه مع الصين وروسيا، فلكل منهما أطماعه التوسعية، وربما كانت التصعيدات الهندية الأخيرة ضد باكستان –والتهديدات بوقف تدفق مياه نهر السند إلى باكستان ـ، تأتي في هذا السياق، خاصة أن الهند حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية.

أطماع ترامب في مرور مجاني من قناة السويس المصرية، لا تنفصل عن أحلامه بتهجير الفلسطينيين من غزة وامتلاك القطاع، فبالإضافة إلى طمعه في الغاز، فإن غزة جزء أساس من المخطط الصهيوني لإنشاء قناة بن غوريون، التي ستنافس قناة السويس، كما أنها تُضاف إلى سجل العربدة التي يمارسها في سواحل اليمن لعسكرة البحر الأحمر.
تصريح ترامب الصادر بشأن قناة السويس، لم يصدر تجاهه رد رسمي حتى الساعة، لكن كل الإعلاميين والنخب الثقافية والسياسية في مصر واجهوا تلك التصريحات باستنكار شديد، ففضلا عن كون قناة السويس مصدرا رئيسيا لمصر في توفير العملة الصعبة، وأن التصريحات قد أطلقت في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تعيشها مصر، فالأمر كذلك يتعلق بالمساس بسيادة دولة لها تاريخها وأهميتها في المنطقة والأمة العربية والإسلامية.

قناة السويس ممر مائي مصري، هي ملك للشعب المصري، والاستثناء في دفع رسوم المرور الذي يسعى إليه ترامب، هو أحد أشكال القفز على مفهوم السيادة للدول، الذي يظهر من سياساته أنه ينسفها، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: القدس العربي

"الكظية".. حينما ترتدي البلادة العقلية ثقل الدم!

"الكظية".. حينما ترتدي البلادة العقلية ثقل الدم!



لم يكن التخلي العربي عن القضية الفلسطينية في أيّ يوم من عمر هذه القضية كما هو حاصل اليوم. صحيح أنّ مسار التخلي بدأ قديما، لكنّه بقي يحمل على المستوى الخطابي شيئا من الالتزام، وحتى في التعبيرات المتذمّرة من طول هذه القضية واستحالتها؛ ظلّت اللغة المُعبّرة عن ذلك تحرص على التبدّي بشيء من الرصانة النقدية، أمّا وأنّ التخلّي بات صريحا، لا في العجز عن محاولة إنقاذ شعب يباد، وإنّما إمّا بالافتخار بترك هذا الشعب يُسحق ويباد وجعل هذا السلوك العربي الغاية في الحكمة والعقلانية، وإمّا في شتم هذا الشعب، وتحميله مسؤولية ما يقع عليه، ولأنّ الأمر برمّته انحطاط من أعلى، فلا بدّ للمنحط أن يصل إلى قاع ما انحطّ إليه.

المسألة فيزيائية في هذه القضية الأخلاقية، فالتخلّي عن فلسطين التي افترسها المشروع الصهيوني في سياق الهزائم العربية سقوط أخلاقي، ولمّا استمرّ هذا السقوط، بلا كابح، كان لا بدّ أن يرتطم بأوضع نقطة يمكنه أن ينتهي إليها.

الحطّ من القضية الفلسطينية بالنحو الذي نراه الآن؛ لم يبدأ متدرجا، فمنذ أكثر من ثماني سنوات، في تمهيد لعمليات التطبيع الإبراهيمي، نشطت اللجان الإلكترونية المشغّلة من دول عربية في تحطيم القضية الفلسطينية في وعي الجماهير العربية، معتمدة لغة لا يمكن تخيّل ما هو أكثر منها رداءة، وهجوما مباشرا على الفلسطينيين جميعا؛ لا على بعضهم، واندرج في نشاطها شخصيات معروفة لا تكتب في مواقع التواصل الإلكتروني فحسب، ولكنها جزء من تشغيل ماكينات إعلامية ضخمة، ليس أقلها القنوات الفضائية إيّاها.

حصر الهجوم الآن على حماس وغيرها من القوى التي تواجه حرب الإبادة، أو تتخذ خيارا مخالفا لخيار التطبيع مع إسرائيل بلا ثمن؛ أملته ضرورة الحرب، ولكن أصل الخطاب الذي يريد من جعل التخلي عن فلسطين وأهلها الموقف الأخلاقي الصحيح، والوحيد، تناول الفلسطينيين كلّهم من حيث هم مجموعة بشرية، لا تستحق التعاطف أصلا
حصر الهجوم الآن على حماس وغيرها من القوى التي تواجه حرب الإبادة، أو تتخذ خيارا مخالفا لخيار التطبيع مع إسرائيل بلا ثمن؛ أملته ضرورة الحرب، ولكن أصل الخطاب الذي يريد من جعل التخلي عن فلسطين وأهلها الموقف الأخلاقي الصحيح، والوحيد، تناول الفلسطينيين كلّهم من حيث هم مجموعة بشرية، لا تستحق التعاطف أصلا، وأعيد ترويج الدعايات القديمة التي أريد بها أوّل الأمر تبرير الهزيمة العربية في مواجهة إسرائيل، من قبيل "باعوا أرضهم لليهود"، وبعد ذلك "خربوا البلاد العربية".

ومن نافلة القول إنّه لا حماس ولا غيرها من قوى المقاومة الفلسطينية الراهنة كانت موجودة في السبعينيات لتخرب البلاد العربية. ويزاد على ذلك المنّ على الفلسطينيين بالدعم المالي، وكيف أنّ الطفل العربي كان يدفع ريالا من مصروفه اليومي لهذا "الشعب ناكر الجميل"، ولن يفوت هذه الحملة تبني السردية الصهيونية حول أصل الصراع بتصعيد شخصيات لا يغفر لوقاحتها أنها تعاني من اختلال عقلي واضح!

إذن، القضية الفلسطينية هي المشكلة، وليست حماس ولا المقاومة الإسلامية الراهنة، ولذلك، ينبغي تحطيم هذه القضية، بالنحو الذي يخاطب فيه المثقف العربي الليبرالي جمهوره الذي يحبّ قراءة الكلام التأنق ولو بالزور والدجل، فيشرح أحدهم لماذا هناك مشكلة أصلا في وصف القضية الفلسطينية بالقضية، بينما لا ينبغي أن تزيد على مسألة فلسطينية/ إسرائيلية، ويبني على ذلك، ومعه غيره، في كون الوصف بالقضية يسمّنها فوق حقيقتها، فيجب لحلّها تخليصها من شحومها ودهونها، وحمل الفلسطينيين على التخلي عن أحلامهم المفرطة في تمني الحرية والاستقلال، بينما يكمّل الذباب الإلكتروني، الفكرة التافهة للغاية، بكتابة لفظ القضية الفلسطينية هكذا "كظية"، فيبدو للذبابة المنتفخة أوهامها عن نفسها وكأنّها فيل؛ أنّها بهذه المفردة كجهيزة التي قطعت قول كلّ خطيب!

ويمكن لأي عاقل عارف بالحدّ الأدنى من تاريخ القضية الفلسطينية وطبيعة الصراع، أن يدرك معضلة إدارة حوار مع أيّ من طرفي هذه الفساد العقلي والأخلاقي، وما بينهما مما يأخذ من كلّ طرف بعض ما لديه من اختلال، فالفكرة واحدة: يمكنك أن تحاجج بلغة المثقفين بأن هذا الصراع ليس قضية أصلا، وينبغي التخلص من هذه المفردة، ويمكنك أن تسخر من كونها قضية بالقول "كظية" قاصدا في الوقت نفسه السخرية من الفلسطينيين، باستخدام واحدة من لهجاتهم الكثيرة في نطق مفردة قضية، وهكذا تفرض الرداءة نفسها في هذا الزمن، الذي من صوره أن تصف دول نفسها عبر ذبابها وكتابها ومثقفيها بأنها عظمى، ثمّ لا تجد من هذه العظمة إلا تسويغ الصغار في حضرة الإسرائيلي!

استخدم ما سمي بـ"الربيع العربي" لتخطئة مقولة "فلسطين القضية المركزية"، وكأنّ العرب اكتشفوا فجأة سوء أوضاعهم، وأنّ لديهم قضايا أخرى سوى فلسطين، مما يجعل لكل منهم قضيته التي ينبغي أن تجرّد فلسطين من كونها كانت قضية مركزية جامعة لهم. ولكن وللمفارقة لم يكتشف العرب أنّ الحالة الاستعمارية في فلسطين من أهمّ أسباب تردّي أوضاعهم، فالشرط الوجودي لإسرائيل هو استمرار تفوقها منّ كل ناحية، بحيث يمنع على هذا المنطقة امتلاك قرارها في التنمية واستكمال التحرر الوطني والإدارة الحرة لمجتمعاتها، وأيّ مبادرة ونشاط لدول هذه المنطقة بحيث تصير أكثر فاعلية في الإقليم ففي الهامش الإسرائيلي، أو في أحسن الأحوال ما يمكن للإمبراطورية الأمريكية احتماله.
ينبغي بالضرورة التصدي لهذه الخطابات، ليس فقط لأجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ولكن لأجل وعي الجماهير العربية، وفي طليعتهم الشعب السوري الذي ينبغي حماية تضحيته ومعاناته من أن تُجْعَل حبّا في طاحونة الذباب الإلكتروني، وهو الشعب الذي نشأ عقودا على الوعي بالقضية الفلسطينية، وتداخل معه اللاجئون الفلسطينيون حتى صاروا جزءا من نسيجه الاجتماعي، فشاركوه تضحيته ومعاناته والأثمان التي دفعها

لكنّ المفارقة الأكثر إدهاشا أنّ الدول العربية التي عادت هذا الربيع العربي ودفنته في مهده، هي التي استثمرت ما نجم عن خطابات مثقفيه الليبراليين من تفكيك مركزية القضية الفلسطينية، ولا يقلّ عن ذلك إدهاشا أنّ هذا الخطاب بات تيمة في خطاب نشطاء يفترض أنهم أبناء ثورة أسقطت بعد معاناة 14 سنة؛ أحد أكثر أنظمة المشرق العربي عتوّا وطغيانا.

صار من اللافت أن نلاحظ اليوم، في كتابات عدد من النشطاء السوريين، الذين لا يخلو بعضهم من الارتباط بأجندة الذباب الخليجي إيّاه، وبعضهم لا يخلو من غرائز نفسية مستعصية بالإعاقات العقلية، السخرية من القضية الفلسطينية بالمفردة إيّاها "الكظية"، والزيادة على ذلك، بالقول إنّ القضية الفلسطينية تحوّلت إلى صنم يعبد من دول الله، وشعبها يعتقدون أنهم "شعب الله المختار"، و"محور الكون".

وهذه دعاية مضادة للقضية الفلسطينية خاصّة بهؤلاء النشطاء، ويمكن بلا عناء من التفكير معرفة أسباب حضور هذه الدعاية في خطاب هؤلاء النشطاء، وهو أمر ليس ناجما عما يمكن أن يكون تناقضا نسبيّا بين القضية الفلسطينية ومصالح الثورة السورية أثناءها، بحكم واقع التجزئة العربي ومحدودية خيارات المستضعفين، مما يمكن تسويته والتفاهم عليه بسهولة، بقدر ما هو ناجم عن تخضم الإحساس بتنافس المظلوميات، والتسامح مع الخطابات المعبّرة عن هذا الإحساس الشاذ، والتي كثيرا ما عقدت مقارنات تصادر من الفلسطينيين ألمهم، وتجعل وزن القضايا بحسب مستويات الإجرام المادي، في غفلة تامة عن عمر القضية الفلسطينية وما تراكم فيها من جرائم وآلام طوال عقود ممتدة وعن طبائع الاستعمار الصهيوني التي تبدت بنحو إباديّ مريع في قطاع غزّة.

وبالرغم من أنّ حرب الإبادة كان ينبغي أن تقطع مثل هذه الخطابات، كما هو شأن أيّ حدث مهول يستدعي التعاطف مع المظلومين والرحمة بهم، إلا أنّ الأمر تفاحش، فالكلمة نفسها، سيكون وقعها أعظم بعد الحرب عمّا كانت عليه من قبل.

هذه الخطابات يمكن تفكيكها بسهولة، وبيان ما لدى أصحابها من تناقض، وافتقاد موازينهم للقيم المنضبطة التي يمكن القياس عليها، أو النقاش على أساساها، وتبيان من هو الملتحم مع جرحه بحيث لا يرى إلا من زاويته هو، فيجيز لنفسه ما يحرّم على غيره، لكن الرداءة التي تجعل صاحبها منتفخا بالعبقرية الموهومة تحول دون نقاش كهذا، وإلا فأيّ نقاش مع من يطلق كلمة "الكظية" هكذا معتقدا أنّه أحاط بالحجة السياسية من كلّ جانب؟! إنما ينبغي بالضرورة التصدي لهذه الخطابات، ليس فقط لأجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ولكن لأجل وعي الجماهير العربية، وفي طليعتهم الشعب السوري الذي ينبغي حماية تضحيته ومعاناته من أن تُجْعَل حبّا في طاحونة الذباب الإلكتروني، وهو الشعب الذي نشأ عقودا على الوعي بالقضية الفلسطينية، وتداخل معه اللاجئون الفلسطينيون حتى صاروا جزءا من نسيجه الاجتماعي، فشاركوه تضحيته ومعاناته والأثمان التي دفعها.

x.com/sariorabi

كوارث الطائفية الفكرية.. حظر طالبان الأفغانية طباعة وقراءة كتاب التوحيد

كوارث الطائفية الفكرية.. 

حظر طالبان الأفغانية طباعة وقراءة كتاب التوحيد

حظرت حكومة حركة طالبان الأفغانية طباعة وقراءة كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب، رحمه الله، بحجة أنه يتنافى مع التقاليد الأفغانية المتسامحة والرافضة لمفاهيم التكفير الوهابية غير الموجودة في المذهب السني الحنفي السائد في أفغانستان
يقول الباحث الإسلامي عبد المنعم إسماعيل
هذه خطوة جائرة وقرار غير موفق من كل جهة تفعل يا ترى يعتبر بادرة التراجع في الحركة عن لزوم عقيدة أهل السنة والجماعة أو السلفية بشكل خاص أم ماذا حدث؟

بادئ ذي بدأ نحمد الله رب العالمين أن وفق علماء السنة والسلفية بصفة على تصنيف أسفار الدفاع عن توحيد رب العالمين وأخص منها كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله رحمة واسعة

والذي كتب الله له القبول بين علماء السنة والسلفية من مشرق العالم الإسلامي إلى غربة ومن شماله إلى جنوبه

مما جعل الأمة العربية والإسلامية في مأمن من هوس الجاهلية والشرك والبدع والضلالات

خاصة المنتشرة نتيجة تمدد ضلال الباطنية الخمينية والقبورية والعلمانية وعموم الطرق والمناهج المحدثة غير أننا وجدنا خصوم تقوم بقرار

في هذا المقال نضع بين يدي القارئ عدة سؤالات للبحث عن الأسباب التي دفعت الخصوم لأخذ القرار الظالم والذي لا يقبله مسلم منصف او ينشد الوسطية الربانية وسط ضلالات الفرق المنحرفة بعمومها.

لنتعرف على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله رحمة واسعة:

ما الذي أزعج الخصوم من باب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد؟

هل أزعج الخصوم حديث شيخ السلام محمد ابن عبد الوهاب عن فريضة الكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله رب العالمين؟

لماذا تجاهلت الخصوم دفاع الشيخ عن حقوق الوالدين بعد تحقيق التوحيد لله رب العالمين؟

ماذا أغضب الخصوم من باب التوحيد وما يكفر من الذنوب لأن يؤسس لقاعدة هجر الظلم وهو الشرك بالله رب العالمين؟
من حقق التوحيد دخل الجنة
ما الذي أغضب الآخرين من باب: من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ورأس الموحدين الخليل أبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؟

هلْ أزعج المخالفين تبويب شيخ الإسلام باب الخوف من الشرك؟!

هَل تلاعبت الخصوم بالأمة حين خاصمت منهج السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين؟

هل استفز باب الدعاء إلى شهاد أن لا إله الا الله دعاة الخصوم للسنة والسلفية؟

هلْ انقلب الخصوم على باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما؟

هَل جاء شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب بتوحيد خلاف توحيد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام؟

هل تحذير شيخ الإسلام من الشرك خطر على الأمن القومي للبلاد العربية والإسلامية؟

لماذا يخافون من السلفية السنية الرشيدة التي هي دين النبي والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟

أوليس الصحابة رضوان الله عليهم هم أعلم الناس بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم يرون في أبي منصور الماتريدي كمالا يفوق كمال الصحابة رضوان الله عليهم؟
من الشرك الاستعاذة بغير الله
هل تبويب شيخ الإسلام باب من الشرك الاستعاذة بغير الله يعتبر إرهاب فكري وعقدي لدعاة الضلالة المبتدعة أو تبويب وسطي يتوافق مع منهج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟

ما الذي أغضب الآخرين من باب الشفاعة للأنبياء والمرسلين بعد أن يأذن رب الله رب العالمين سبحانه؟

ما الذي جعل تبويب شيخ الإسلام بابا تح عنوان ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين؟ هل تمهد طالبان الطريق لإعادة انتاج الطرق البدعية عامة والماتريدية خاصة في اباب الاعتقاد؟

لماذا اعترض الخصوم على حراسة المآلات عند شيخ الإسلام الذي بوب باب تحت عنوان: ما جاء في التغليظ فيمن عبد عن الله قبر رجل صالح فكيف إذا عبده؟!

لماذا لم تنبه الطرق المخالفة للسنة لباب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل الى الشرك؟

هل أغضب الخصوم تبويب الشيخ وتحذيره من السحر بجميع أنواعه؟

إنما ذلكم الشيطان
هَل أزعج الآخرين تبويب شيخ الإسلام باب إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياؤه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين؟

هلْ أغضب المبتدعة باب التحذير من قنوت الخلق لرب العالمين والذي نتيجة لقوله تعالى

(ألم ترى أنهم يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت؟)

هل ثارت ثائرة الآخرين لتبويب شيخ الإسلام رحمه الله باب من جحد شيئًا من الأسماء والصفات لله رب العالمين

خاصة العلو فوق عرشه بما يليق له سبحانه وتعالى بلا تشبيه أو تعطيل؟

ماذا استفز عقول المخالفين من باب فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون؟

لماذا غضبت المبتدعة من باب احترام أسماء الله الحسنى والصفات العلى لله رب العالمين؟

هل إنقلبت الجماعات المقاومة على باب بوبه شيخ الإسلام رضي الله عنه فكان باب من هزل بشيئ فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم

ماذا تريد الماتريدية بعد الحذر ومنع كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب؟

هل تريد تحكيم الطريقة الماتريدية في تحديد منهج النجاة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

الم يكن الإسلام بلا أبي منصور الماتريدي قائما معصوما بلا أهواء أو طرق محدثة؟

كان الإسلام قبل أن تكون فرق أهل الضلال وذهبت الفرق وبقي الإسلام والسنة والأمة الرشيدة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

هل يريدون إعادة تلميع التعصب للمشايخ والعلماء بلا رؤية أو عقل رشيد شهدت له الأمة وما كان تابعاً لها؟

هل خطوة نحو العلمانية المستورة في رداء البدع وخصومة الأمة السنية السلفية لمحاصرة بلاد الأمة داخل المحيط الفكري الخاص بها

بعيدا عن المكون العقدي السني الجامع للأمة العربية والإسلامية خلال القرون الفاضلة الحاكمة على التاريخ؟

الخلاصة:
يا علماء المنهج الماتريدي ويا خصوم السنة والسلفية اسمعوها مني لوجه الله:

كان الإسلام والسنة والصحابة قبل ظهور أفكار المذاهب العقدية الكلامية

ونزل القرآن الكريم يرفع من شأن فهم الصحابة رضوان الله عليهم عقيدة وشريعة ومنهج حياة نزل التوصيف بالكمال لهذا الدين بلا بدع

ولا رموز بدعية ولا أهواء المتكلمين فكيف تريدون محاكمة المختلف فيه للمجمع عليه أو الانقلاب عليه؟!

الحلقة الرابعة من #جام_ومدخل

 الحلقة الرابعة من #جام_ومدخل 
 تاريخ الجامية مع القضية الكبرى "فلسطــين" 
منتدى العلماء


❗ما سر التشابه المريب بينات الجامية والص #اينة ؟ 
❗بأي منطق يعادي المداخلة المجــــ|هدين ويثيرون الشبهات عليهم ويمجدون المطبعين؟ 
❗ما هي صفات المنافقين المذكورة في القرآن والتي تنطبق على الجامية؟ 🎥 شاهد واكتشف الحقيقة. #منتدى_العلماء



   شاهد    




الاثنين، 28 أبريل 2025

الحرب على الإخوان المسلمين.. من المقصود حقا؟

 الحرب على الإخوان المسلمين.. من المقصود حقا؟

سؤال في الصميم


مضر أبو الهيجاء

المقصود بالدرجة الأولى هم المسلمون وليس الإخوان فحسب، تماما كما أن المقصود من الحرب الإسرائيلية على غزة وفلسطين بالدرجة الأولى هو الشعب الفلسطيني المسلم وليست حماس وحدها.

إن المنظومة الغربية الصليبية والمتصهينة قبلت بتبوؤ الإخوان مواقع متقدمة في مصر والأردن والسودان وتونس والجزائر، وتعاملت مع ذلك بشكل سياسي براغماتي، ولكنها لم تقبل في يوم من الأيام أن تتبوأ الشعوب المسلمة مكانة متقدمة في صنع القرار وصياغة واقع الحال، وبهذا المنطق اختطفت الثورات الشعبية من خلال بعض الأحزاب الإسلامية التي ارتبطت بمنافع حكومية، فأجهضت الوليد قبل أن يشتد عوده!

إن كل معارك النظام العربي الرسمي مع حركات الإخوان لم تتوقف عند الهياكل التنظيمية، بل امتدت حتى طالت الإسلام والمسلمين وجزت عشبهم بعد أن كبر ونما، وهو ما كان.

وعلى خطى النظام العربي الرسمي سارت وبهم اقتدت إسرائيل حذو القذرة بالقذة،

فجعلت من حركة حماس نافذة لجز العشب في فلسطين، واقتلاع شعبها وإضعاف قضيتها الأممية!

فأين تكمن المشكلة وأين محلها في منهجية الأعمال الإسلامية؟

ولماذا تتقدم قيمة الحركات والجماعات التنظيمية في ميزان التغيير عن الشعوب المسلمة وجسم الأمة الفاعل والكبير؟

لا شك بأن هناك معضلة تحتاج إلى إعادة نظر وتفكير وصياغة تصور جديد، لينهي حالة اختطاف الحزب والتنظيم لجماعة المسلمين، وينهي حلول الجماعة التنظيمية محل الأمة.

إن رفض المراجعة، والاستكبار أمام الحقائق الواقعية المعتبرة عند العقلاء، سيطيل عذابات الأمة ويكرر السقطات ويستهلك الرصيد،

لاسيما وأن الغرب يملك أسباب القوة، وقد أطال النظر، وأجاد فهم وممارسة اللعبة، فصاغ نظرية كلاسيكية لتدمير الأمة وجز عشبها كلما نما وكبر من جديد.

الصهيونية من سايكس بيكو إلى الشرق الأوسط الجديد.. «حروب تقسيم المقسم»

 الصهيونية من سايكس بيكو إلى الشرق الأوسط الجديد.. «حروب تقسيم المقسم»

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية
بعد نجاح مخطط سايكس بيكو في تقسيم بلاد العرب والمسلمين بين الدول الاستعمارية الغربية بصفة عامة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي بصفته الوريث الطاغية لشعوب وسط آسيا المسلمة لتسقط في تيه الشيوعية الفاشية قرابة السبع عقود وبعضها إلى اليوم في كنف طاغية الكرملين يسبح حتى ظهرت عاد الثانية المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها الوريث ابن الحرام الطاغية المنفرد بقيادة العالم بعد الحرب العالمية الثانية وزادت طموحاته بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين وانهيار الدول الشيوعية التي كانت في جانب المعسكر الشرقي وهنا كان للصهيونية العالمية الغربية الامريكية رؤية خاصة وهي الانتقال الى مرحلة تفكيك الدول المقسمة أو التي قبلت بحدود سايكس بالسعي نحو نقلهم إلى خرائط الدم الصهيونية التي تكمن في هدم بقايا الكتل الصلبة في الأمة العربية والإسلامية للانتقال لما هو أبعد من حدود سايكس إلى حدود الرؤية العقلية للفكر أو المذهب السياسي أو الطائفة أو النظام القديم او التيار الحاكم للشارع العربي أو الإسلامي بهدف خطير وهو: تفكيك وتقسيم دول المنطقة العربية والإسلامية واستدعاء فكرة الدويلات الطائفية التي شهدت حروب التغيير الديموغرافي لبلاد الاندلس واقتلاع الإسلام الذي حكمها لمدة ثمانية قرون.

مخطط الوصول لتحقيق حلم خرائط الدم الصهيونية:
لقد ادرك الساسة الغرب عامة والأحزاب الحاكمة في بريطانيا وامريكا خاصة أن شجرة الوطن والأمة العربية والإسلامية والكيان السني بصفته القوة الفاعلة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية لن يقطع جذورها الا أحد فروعها ومن هذه الرؤية الجهنمية الشيطانية خرجت فكرة صناعة الجماعات الوظيفية سواء ذات النسخة الليبرالية التي تعمل على تفكيك العقل العربي عن طريق تمكين الحداثة والتغيير العقدي والفكري والأخلاقي والاقتصادي والسياسي للشعوب والقيادات الحاكمة لينتج من خلالها صناعة الديكتاتورية الظالمة ويكون المخطط البديل هو صناعة المعارضة الإسلامية واغتنام حالة التمرد على الظلم وهذا ليس حبا في العدل والانصاف للشعوب العربية والإسلامية كلا ومليار كلا بل المقصد هو تربية الطغاة والسعي نحو صناعة تمرد الشعوب ليتم من خلالهما تفكيك المقسم وهدم الكتل الصلبة بعد تفخيخ اوطان المسلمين بالحكومة الوظيفية والجماعات المؤدلجة لتحقيق الحلم الصهيوني والصليبي والصفوي وهو إعادة تفخيخ عقول الأمة بما يحقق التفوق الإسرائيلي وسط هلاك الشعوب في تيه النزاعات الوظيفية الكارثية لشعوب العرب والمسلمين لمجرد صناعة اهداف نبيلة بوسائل كارثية يكون ظاهرها الرحمة وهي خديعة حقوق الشعوب وحقيقتها هدم الكيانات والدول العربية والإسلامية بعد بناء قيادات لا تؤمن الا بوجودها في المشهد السياسي أو الصراع الصفري الذي يحقق أماني الصهيونية والصليبية العالمية وفي مخطط حريق السودان واليمن خير نموذج.

استثمار الصهيونية للخمينية الصفوية المجرمة:
لقد نجحت الصهيونية في بناء الدولة الإيرانية الفارسية لتكون حاضنة الشر الفارسي الصفوي على حساب شعوب الأحواز العربية المنسية وعلى حساب شعب بلوشستان السنية وشعب الأكراد وغيره من الشعوب المحتلة من عصابات الفرس الوظيفية المدمرة للفطرة والعقل والروح والأرض وعموم المجتمع.

مما نجحت في العلمانية الغربية هو السعي نحو علمنة الحركة الإسلامية واستدعاء فكرة الغلو في القادة وصفرية المعركة مع الشركاء عن طريق توظيف العلماء والدعاة الذين يؤمنون بالصدام كحل وحيد صفري كما يزعم ويريد ويسعى ضحايا التصور الاستئصالي بناء على قراءة جزئية لبعض النصوص أو فهم مبتور للتاريخ والواقع وزاد في إشعال هذه الرؤية عاطفة الشباب المفارقين لحقيقة ربانية المنهج الإصلاحي العقدي والفكري والأخلاقي والاقتصادي والسياسي معتمدين على تصور جزئي خاص بأنصار الولاء الحزبي والجماعي على الولاء العام للأمة العربية والإسلامية.

إن الوصول للهدف الكلي للصهيونية العالمية وضعت من أجله اليات ماكرة كان أخطرها بناء التنظيمات التي لا تؤمن الا بذاتها أو رؤيتها أو جماعتها أو كيانها الخاص لأنه بمثابة وقود التفكيك والتقسيم للمقسم واستدعاء لطوفان الهلاك بعيد المدى للفرد والقرية والمدينة والدولة خاصة بعد استدراج بعض العلماء والدعاة نحو تيه الرؤى الوظيفية لشرعنة الصدام والصراع الإسلامي الإسلامي بعد النجاح في تعليب المفاهيم بما يحقق التكفير أو التفسيق وفقا لرؤية مجلس علمي خاص بجماعة أو مجموعة علمية محددة غايتها تحويل الأمة الى جماعة والدولة إلى طائفة او حزب أو راية حسب الهوى الموروث أو المصنوع.

إن دعم الصهيونية للحركات العلمانية والباطنية عامة والخمينية خاصة هي أخطر الاليات المدمرة للدين والفطرة والأوطان وهذا الذي تم خلال العقود السبع الماضية وزاد الأمر بعد تمكين شيطان القرن الخميني وجميع الجماعات التابعة له لتدمير دول المنطقة وقد كان.

إن سعي الصهيونية في تنفيذ مخطط هدم الكتل الصلبة في الأمة سواء الدول السنية أو المجالس العلمية الجامعة يعتبر أحد أخطر أدوات الأعداء نحو تحقيق هدفهم قريب أو بعيد المدى لذا وجب على العقلاء والعلماء والدعاة والكتاب حراسة البقية الباقية من مقدرات الشعوب والدول العربية السنية القائمة منعا لوصول الأمة والواقع إلى مرحلة أسوأ مما هي عليه فليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر ولكن العاقل الذي يعلم خير الخيرين أو شر الشرين.

الشاب الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد

الشاب الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد

كاتبة أميركية، وأستاذة بجامعة فوردهام

الصحفي حسام شبات 

قُتل الصحفي الشابّ في قناة الجزيرة، حسام شبات، يوم الرابع والعشرين من مارس/ آذار، حين استهدفته طائرة مُسيّرة إسرائيلية بصاروخ واحد أثناء وجوده داخل سيارته.

وقد أفاد صحفي آخر قام بتوثيق آثار الجريمة أن حسام كان قد أنهى للتوّ مقابلة صحفية، وكان متوجهًا إلى المستشفى الإندونيسي في شمال غزة من أجل بث حي على قناة الجزيرة مباشر.

وقد اعتبرت لجنة حماية الصحفيين عملية قتله جريمة قتل متعمدة. وكان حسام يساهم أيضًا في موقع "دروب سايت نيوز" الأميركي، حيث استخدم الصحفي جيفري سانت كلير تقاريره الميدانية الحية ضمن "يوميات غزة" التي نشرها.

ترك حسام رسالة قبل استشهاده جاء فيها:

"إذا كنتم تقرؤون هذه الكلمات، فهذا يعني أنني قد قُتلت – على الأرجح استُهدفت – من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.. لقد كرست الثمانية عشر شهرًا الماضية من حياتي كاملةً لخدمة شعبي.

وثقتُ أهوال شمال غزة دقيقةً بدقيقة، مصممًا على كشف الحقيقة التي حاولوا طمسها.. وأقسم بالله إنني قد أديتُ واجبي كصحفي. خاطرتُ بكل شيء لنقل الحقيقة، والآن، أرقد بسلام…".

في وقت سابق من يوم استشهاده، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفي محمد منصور، العامل لدى قناة فلسطين اليوم، مع زوجته وابنه، عبر قصف مباشر لمنزله في خان يونس.

وبعد اغتيال شبات، احتفى الجيش الإسرائيلي بقتله علانيةً، إذ نشر عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" منشورًا تفاخر فيه بـ"تصفية" حسام، قائلًا: "لا تدعوا السترة الصحفية تخدعكم، حسام كان إرهابيًا". وكان الاحتلال قد زعم قبل ستة أشهر أن شبات وخمسة صحفيين آخرين – جميعهم يعملون لدى قناة الجزيرة – ينتمون إلى حركة حماس.

في ذلك الوقت، كان شبات يغطي الأحداث من شمال غزة، تلك المنطقة التي لم يتبقَّ فيها سوى قلة من الصحفيين، حيث كانت إسرائيل قد أطلقت حملة إبادة مركزة، وكان شبات وزملاؤه يرابطون هناك لتوثيق الجرائم الإسرائيلية وتقديم تغطية مستمرة.

كان حسام يدرك أن إعلان الاحتلال له كـ"عنصر من حماس" يعني نية مبيّتة لاستهدافه. لذلك دعا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفع أصواتهم مستخدمين وسم "#احموا_الصحفيين"، قائلًا:

"أناشد الجميع نشر الحقيقة حول ما يتعرض له الصحفيون، لفضح خطط الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى فرض تعتيم إعلامي. انشروا الوسم وتحدثوا عنا!".

وكانت آخر رسالة صحفية له، والتي أُرسلت قبل ساعات من مقتله، قد تُرجمت من العربية إلى الإنجليزية بواسطة شريف عبد القدوس، وافتتحت بهذه الكلمات:

"كانت الليلة حالكة السواد، يغمرها هدوء حذر. خلد الجميع إلى نومٍ قلق. لكن السكون سرعان ما تحطّم تحت وطأة صرخات مفزعة. وبينما كانت القنابل تمطر السماء، كانت صرخات الجيران تعلن اللحظات الأولى لاستئناف الحملة العسكرية الإسرائيلية. غرقت بيت حانون في الذعر والرعب".

إنه وصف مروع للواقع، يكشف بوضوح السبب الذي دفع إسرائيل إلى إسكات حسام شبات.

وصل عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين قُتلوا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 236 شهيدًا، بانضمام حسام شبات إلى هذه القائمة الدامية. وفي السابع من أبريل/ نيسان، قصفت إسرائيل خيمة إعلامية في خان يونس، مما زاد من ارتفاع عدد الضحايا.

منذ أن أنهى نتنياهو وقف إطلاق النار، انطلقت إسرائيل في موجة قتل عارمة، أسفرت خلال الأيام الثلاثة الأولى عن استشهاد 700 شخص وإصابة 900 آخرين، ولا تزال المجازر مستمرة.

يعلم دعاة الدعاية الحربيّة أنّ خططهم تنهار أمام الشهادات الصادقة والمعارضة الحرة. فالبروباغاندا الحربية تقتضي دومًا فرض الرقابة والصمت.

لم يكن حسام شبات الفلسطيني الوحيد الذي ترك خلفه توثيقًا لعملية قتله والمسؤولين عنها. 

فقد كان رفاعة رضوان من بين خمسة عشر مسعفًا تم إعدامهم على يد إسرائيل، قبل يوم من اغتيال شبات، وقد ترك تسجيلًا مصورًا لعملية قتله، مما أسقط روايات الاحتلال الكاذبة.

في صباح الثالث والعشرين من مارس/ آذار، قتلت قوات الاحتلال العاملين في الإغاثة الإنسانية برفح، وكانوا ثمانية من طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، وستة من الدفاع المدني الفلسطيني، وموظفًا من وكالة الأونروا، أثناء تنفيذهم مهمة انتشال الجرحى والشهداء المدنيين.

وبعد انطلاقهم لتنفيذ مهمتهم، انقطعت أخبارهم لأيام. وأطلق الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، مناشدات يائسة إلى العالم للضغط على إسرائيل لكشف مصيرهم. حتى الثلاثين من مارس/ آذار، حين تم استخراج جثثهم من قبر جماعي ضحل، وهم لا يزالون يرتدون زيهم الرسمي المضيء.

وقد كشفت الفحوصات الجنائية التي أجراها طبيب تعاقد مع مستشفى في خان يونس عن علامات تشير إلى "عمليات إعدام ميداني" بناءً على أماكن الإصابة القريبة والمقصودة.

وقد عُثر على الضحايا وهم لا يزالون يحملون أجهزة الاتصال، والقفازات، والحقائب الطبية. ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية شهادات الطبيب، وأشارت إلى أن إسرائيل قد دمرت النظام الصحي في غزة وقتلت ألفًا من العاملين في القطاع الطبي، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب.

وفي الأول من أبريل/ نيسان، غطت صحيفة "نيويورك تايمز" المجزرة، واضعة في عنوانها اقتباسًا على لسان الأمم المتحدة يتهم إسرائيل بقتل عمال الإنقاذ. لكنها افتتحت التقرير بإبراز نفي الاحتلال، حيث ادّعت إسرائيل أن تسعة من القتلى كانوا "مقاتلين فلسطينيين".

واتّبعت الصحيفة أسلوبها المعتاد في تقديم الروايتين (رغم الفارق بينهما)، مستعرضةً بشاعة المشهد وشهادات وكالات غزة والأمم المتحدة، ثم منح المساحة مجددًا لدفاعات الجيش الإسرائيلي غير القابلة للتصديق، بزعم أن "عددًا من المركبات كانت تتقدم نحو الجنود الإسرائيليين بطريقة مريبة ومن دون إشارات طوارئ".

وزعمت إسرائيل أن من بين القتلى محمد أمين إبراهيم شوبكي، الذي شارك في هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، رغم استحالة تصديق هذه الرواية في ظل الكم الهائل من القنابل التي أسقطت على غزة – بكمية تفوق ما أُلقي خلال الحرب العالمية الثانية – بزعم استهداف حركة حماس فقط، لا عشرين ألف طفل فلسطيني قتلوا جراء ذلك.

غير أن العثور على الهاتف المحمول الذي سجل ما حدث قلب الرواية الإسرائيلية رأسًا على عقب. فقد التقط رفاعة رضوان هاتفه المحمول أثناء تعرض قافلتهم للنيران، وسجل رسالة مؤثرة وهو يركض باتجاه النيران الإسرائيلية محاولًا إنقاذ المصابين. خاطب والدته قائلًا:

"أمي، سامحيني… أقسم بالله إنني اخترت هذا الطريق فقط لأساعد الناس"                                   

وأظهرت اللقطات أن أضواء سيارات الإسعاف كانت تعمل بوضوح، ومع ذلك لم توفر لهم أي حماية.

أكد الشريط المصور ما كان العالم يعرفه بالفعل، وكشف عن شجاعة إنسانية نادرة لشاب فلسطيني واصل إنقاذ الأرواح وسط إبادة جماعية لا توصف.

لقد كان شريط رفاعة رضوان مؤثرًا إلى درجة أن صحيفة "نيويورك تايمز" اضطرت، في السادس من أبريل/ نيسان، إلى نشر عنوان صريح يشير إلى أن "عمال الإغاثة في غزة قُتلوا برصاص إسرائيلي". 

ومع ذلك، منح التقرير، الذي كتبته إيزابيل كيرشنر، مساحة واسعة لمسؤولي الاحتلال لتقديم دفاعاتهم مجددًا، متجاهلًا المنهجية الإسرائيلية في استهداف القطاع الصحي في غزة.

إن المؤرخين الفلسطينيين يتحدثون بلغة الإنسانية. فهم يروون ما يجري بحقهم كما كتب حسام شبات:

"كنت أنام على الأرصفة، في المدارس، في الخيام – في أي مكان أجده. كانت كل يوم معركة من أجل البقاء. تحملت الجوع لأشهر، ومع ذلك لم أتخلَّ يومًا عن شعبي".

كما ترك كلمات خالدة:

"لا تتوقفوا عن الحديث عن غزة. لا تسمحوا للعالم أن يغض الطرف. استمروا في النضال، وواصلوا رواية قصصنا – حتى تتحرر فلسطين".

إنها كلمات حكيمة ومؤثرة، ورسالة بالغة الأهمية لشعب يتعرض لإبادة جماعية. وهي تمامًا الكلمات التي يحتاج العالم إلى سماعها اليوم.

أخلاقيات السياسة الشرعية في التعامل مع العدو المحارب

 أخلاقيات السياسة الشرعية في التعامل مع العدو المحارب


د. كمال أصلان


الحروب في الإسلام ليست دينية، أي يمليها التعصب

 الديني ضد أتباع الديانات الأخرى، فالإسلام دين

 التسامح الذي يُقر بوجود الأمم والشعوب والأديان

 الأخرى، ولا يريد إبادة المخالفين في الدين، ولا

 يجيز الإكراه على الدين أو الاعتقاد، ويتعايش

 المسلمون مع غيرهم على صعيد راسخ من السلم

 والأمان، وحرية ممارسة الشعائر الدينية لغير

 المسلمين، قال الله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة: 256).

وقال ابن تيمية: «لا نُكره أحداً على الدين، والقتال لمن حاربنا ماله ودمه، وإذا لم يكن من أهل القتال لا نقتله، ولا أحد ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكره أحداً على الإسلام، لاممتنعاً ولا مقدوراً عليه، ولا فائدة في إسلام مثل هذا، لكن منأسلم؛ قُبل منه ظاهر الإسلام»(السياسة الشرعية، ص 123).

الحروب في الإسلام ليست دينية يمليها التعصب ولا إبادة المخالفين في الدين

والإسلام كدين شامل وضع أسساً واضحة للتعامل مع الأعداء المحاربين، سواء في حالة الحرب أو السلم، هذه الأسس تستند إلى مبادئ العدل، والرحمة، واحترام الكرامة الإنسانية، حتى في خضم الصراعات الدامية، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة: 8).

ومن أهم الأخلاقيات التي يجب أن يسير عليها المحارب:

أولاً: عدم قتل غير المحاربين وحماية الممتلكات العامة:

اتفق أهل العلم على عدم جواز قتل الشيوخ، والنساء، والصبيان، والولدان في الحرب، باستثناء المشتركين والمساعدين فيها، فإنهم يقاتَلون، ولا عصمة لدمائهم.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي قادة الجند بالتقوى، ومراقبة الله تعالى ليدفعهم إلى الالتزام بأخلاق الحروب، ومن ذلك أنه يأمرهم بتجنب قتل الولدان؛ فيروي بريدة فيقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً، وكان مما يقوله: «ولا تقتلوا وليداً) (رواه مسلم)، وفي رواية أبي داود: (ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأة»، ويحرم الإسلام تدمير الممتلكات العامة والخاصة دون ضرورة.

ثانياً: عدم قتل المتعبدين والرهبان:

ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز قتل الرهبان والأحبار المسالمين في صوامعهم ومنازلهم، وكذلك أهل الكنائس الذين لا يخالطون الناس ولا يتزوجون، ولم يكونوا أهل رأي وتدبير في الحرب، فإن قاتلوا أو ساعدوا، أو حرّضوا على القتال قُتلوا، وكان النبي صلى اللَّه عليه وسلم، إذا بعث جيوشه قال: «اخرُجوا باسمِ اللَّهِ قاتِلوا في سبيلِ اللَّهِ من كفرَ باللَّهِ، ولا تعتَدوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تُمَثِّلوا، ولا تقتُلوا الوِلدانَ، ولا أصحابَ الصَّوامعِ» (رواه أحمد).

ثالثاً: تجنب الخيانة والغدر:

كان من وصيته صلى الله عليه وسلم للجيش: و«لا تغدروا»، وقد وصلت أهمية هذا الأمر عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه تبرأ من الغادرين، ولو كانوا مسلمين، ولو كان المغدور كافراً؛ فقد قال: «من أمَّن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل، وإن كان المقتول كافراً» (رواه البخاري وغيره).

الإسلام وضع أسساً للتعامل مع الأعداء المحاربين منها العدل والرحمة

وقد ترسخت قيمة الوفاء في نفوس الصحابة، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه في ولايته أن أحد المقاتلين قال لمحارب من الفرس: لا تخف، ثم قتله، فكتب رضي الله عنه إلى قائد الجيش: إنه بلغني أن رجالاً منكم يطلبون العلج (الكافر)، حتى إذا اشتد في الجبل وامتنع يقول له: لا تخف، فإذا أدركه قتله، وإني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحداً فعل ذلك إلا قطعت عنقه.

رابعاً: عدم استهداف المدنيين والدبلوماسيين:

لا يجوز قتل المدنيين غير المحاربين من الرجال كالحرّاس والعسيف (الأجير الذي يستهان به)، والأعمى، والمقعد والزمِن (الذي لا حراك فيه)، والجريح، والمجنون، والمعتوه، والسائح في الجبال الذي لا يخالط الناس، وكبار السن، والمرضى، والمزارعين، وذوي الصناعات والتجارات، ومن في معناهم، والسبب في عدم قتلهم أنهم ليسوا من أهل القتال فلا يُقتلون، لكن إن قاتل منهم أحد قتل، وكذا لو حرّض على القتال، أو دلّ على عورات المسلمين، أو كان الكفرة ينتفعون برأيه وماله، أو كان مطاعاً في قومه، لوجود القتال من حيث المعنى.
ولا خلاف بين أهل العلم في عدم جواز قتل الرسل، ومن في معناهم من السفراء، وأفراد البعثات الدبلوماسية والتمثيل القنصلي وسائر المستأمنين إلا إذا شاركوا في القتال حقيقة، أو معنى.

فلم تكن حروب المسلمين حروب تخريب كالحروب المعاصرة التي يحرص فيها المتقاتلون من غير المسلمين على إبادة مظاهر الحياة لدى خصومهم، بل كان المسلمون يحرصون أشد الحرص على الحفاظ على العمران في كل مكان، وظهر ذلك واضحاً في كلمات أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما وصّى جيوشه المتجهة إلى فتح الشام، وكان مما جاء فيها: «ولا تفسدوا في الأرض»؛ وجاء أيضاً في وصيته: «ولا تُغرقُن نخلاً ولا تحرقنها، ولا تعقروا بهيمة، ولا شجرة تثمر، ولا تهدموا بيعة».

خامساً: الإحسان إلى الأسير والإنفاق عليه:

أكثر العلماء على أن الإمام مخيّر في الأسرى؛ منها المنّ عليهم، ومنها الاسترقاق، ومنها القتل، ومنها الفداء، والأمر مرتبط بخطورة الأسير، ومدى عداوته للمسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قتل منهم من تمادى في عداوته للإسلام وأهله (أُبي بن خلف الجمحي)، وقد قتله يوم «أحد»، كما ينظر إلى تعامل العدو مع أسرى المسلمين عنده، فإن قتل أسرانا قتلنا أسراه، وإن قبل التبادل قبلناه.

ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز قتل الرهبان والأحبار المسالمين في صوامعهم

وموضوع الأسرى يخضع للسياسة الشرعية والواقع، ولا مانع من الالتزام بالمواثيق الدولية في هذا الأمر إذا احترم العدو هذه المواثيق ولم يخالفها.

ودعا الإسلام إلى الإنفاق على الأسير، وذلك بحكم ضعفه، وانقطاعه عن أهله وقومه، وشدة حاجته للمساعدة، وقد قرن القرآن الكريم البِر بالأسير ببر اليتامى والمساكين؛
 (
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (الإنسان: 8).


سادساً: الرحمة وعدم التمثيل بالجثث:

حرّم الإسلام التمثيل بجثث العدو بعد الظفر بهم والنصر عليهم بأي نوع من أنواع التمثيل، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المُثْلَة والنُّهبَى، فروى عبدالله بن زيد رضي الله عنه قال: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النُّهْبَى، وَالمُثْلَةِ» (رواه البخاري)؛ والنُّهْبَى: أَخذ المرء ما ليس له جهاراً، والمُثْلَة: التنكيل بالمقتول، بقطع بعض أعضائه.

ورغم ما حدث في غزوة «أُحُد» من تمثيل المشركين بحمزة عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يُغيِّر مبدأه، بل إنه هدَّد المسلمين إن قاموا بالتمثيل بأجساد قتلى الأعداء، فقال: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ، أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا، وَإِمَامُ ضَلاَلَةٍ، وَمُمَثِّلٌ مِنَ الْـمُمَثِّلِينَ» (رواه أحمد).

إن أخلاقيات السياسة الشرعية في التعامل مع العدو المحارب تُظهر مدى رُقي الإسلام وتكامله كدين يدعو إلى العدل والرحمة واحترام الكرامة الإنسانية، حتى في أوقات الصراع، وهذه المبادئ الأخلاقية ليست فقط تعاليم دينية، بل هي أيضاً قواعد أخلاقية وإنسانية يمكن أن تسهم في تقليل وحشية الحروب وحماية المدنيين من آثارها المدمرة.

الحلقة الثالثة من برنامج #جام_ومدخل

الحلقة الثالثة من برنامج #جام_ومدخل

كشف أسرار "الوظيفية" بين العلماء الجامية وآل سعود!!

منتدى العلماء

   شاهد   

قراءة في كتاب: “خارطة الدم”

 قراءة في كتاب: “خارطة الدم” 


كتاب:“خارطة الدم” 

المؤلف: وليد بن عبد الله الهويريني


قراءة  ياسمين الحايك

يكشف الكتاب كيف استخدمت أمريكا وحلفاؤها استراتيجيات معقّدة لإعادة رسم خريطة العالم الإسلامي، وكيف تمّ تنفيذ مشاريع مثل “خارطة حدود الدم” و”الفوضى الخلّاقة” لإضعاف الدول الإسلامية، كما يُبرز دور الإعلام والعقوبات الاقتصادية والمنظمات الدولية في فرض السيطرة الغربية، مؤكدًا أنّ الحلّ يكمن في الوعي والوحدة والتنمية المستقلّة لمواجهة مخطّطات التفكيك والهيمنة، وزيادة عمل الدعاة والمفكّرين في نشر الفكر الإسلامي.

لمحة عن الكتاب:

يتناول الكتاب الجهود الغربية في تقسيم البلاد الإسلامية بما يتوافق مع مصالحها، مستعرضًا مشاريع مثل مشروع سايكس بيكو ومشروع الشرق الأوسط الكبير، كما يناقش دور القوى الإقليمية التي تحرّكت لتحقيق أطماعها القومية في ظلّ هذه المخططات، مؤكّدًا على أهمية الوعي بهذه المشاريع الغربية كخطوة أولى لمواجهتها.

صدر الكتاب عن مركز “تكوين” في عام 2014م، ويحتوي على 216 صفحة.

لمحة عن المؤلف:

وُلد الدكتور وليد بن عبد الله الهويريني في المملكة العربية السعودية، وهو كاتب وباحث متخصّص في الفكر السياسي والاجتماعي، حصل على درجة الدكتوراه في مجال تخصّصه، تتميز كتاباته بالتحليل العميق والرؤية النقدية، معتمدًا على منهجية تجمع بين التاريخ والسياسة لفهم التغيرات في العالم الإسلامي.

من مؤلفاته الأخرى:

» “عصر الإسلاميين الجدد”، يقدّم رؤية لأبعاد المعركة الفكرية والسياسية في حقبة الثورات العربية.

» “تحوّلات الإسلاميين من لهيب سبتمبر إلى ربيع الثورات”، يستعرض فيه التحولات التي شهدتها الحركات الإسلامية بين أحداث 11 سبتمبر والثورات العربية.

بين ثنايا الكتاب:

الفصل الأول- أرض الإسلام من الوحدة إلى التقسيم:

يتناول فيه المؤلف الخلفيةَ التاريخية والاستراتيجية لمخططات تقسيم العالم الإسلامي، مستعرضًا الدوافع والأحداث التي قادت القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى التدخّل في شؤون المنطقة.

أبرز النقاط في هذا الفصل:

1. الجذور التاريخية للمخططات الغربية:

يستعرض هذا الفصل المراحل المختلفة التي مرّت بها المنطقة الإسلامية في ظلّ الاستعمار والهيمنة الغربية بعد سقوط الدولة العثمانية التي تعدّ آخر دولة حفظت بيضة المسلمين، حيث بدأ الاستعمار الغربي عندما احتلت فرنسا الجزائر عام 1830م ثم احتلت بريطانيا مصر عام 1882م.

كما يسلّط الضوء على اتفاقية سايكس بيكو ودورها في تقسيم الشرق الأوسط بين فرنسا وبريطانيا، ويذكر أنّ الحدث العظيم الذي يعتبر إعلانًا مروّعًا لسقوط العالم الإسلامي هو إعلان إلغاء الخلافة العثمانية وإعلان دولة تركيا الحديثة.

وفي منتصف القرن العشرين خرج العالم العربي من الاستعمار العسكري وبرز المشروع القومي الناصري وانضم الشباب لهذا المشروع، لكنّ الإسلاميين كانوا يعيشون محنة القمع والتنكيل الأمني من الحكومات، إضافة لشعورهم بالاغتراب المجتمعي، إلا أنّ هذا المشروع تلقّى طعنة عندما هُزم العرب من دولة الصهاينة في يونيو 1967م ثم مات المشروع بعد غزو العراق للكويت ودخول العالم العربي عصر الهيمنة الأمريكية.

2. الصفقة الخاسرة:

يرى المؤلف أنّ شرارة الصحوة العربية انطلقت عقائديًا وثقافيًا لإيجاد نموذج إسلامي يحاكي النموذج الذي كان في العهد النبوي والراشدين، وهنا قام الغرب بالاتفاق مع النظم العربية الاستبدادية لقمعها بكلّ الوسائل في مقابل دعمها سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا، وقد حقّق هذا الاتفاق مصالح آنية للطرفين ولكنّها ليست بعيدة المدى، فقد أدركت الشعوب العربية أنّ الغرب هو العدو الأكبر وهو الداعم للأنظمة العربية القمعية، وهذه النظم من جهة أخرى -وبسبب الدعم الغربي- استكانت لأوضاعها وتنازلت عن قضايا الأمة الكبرى فغرقت البلاد بالفقر والمرض والجريمة.

3. تشكّل النظام الدولي الجديد:

في هذا المبحث يشرح المؤلف كيف أنّ تشكّل هيئة الأم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية كان له دور كبير في ترسيخ الانقسام بين الدول، ومن نتائج إنشاء هيئة الأمم المتحدة: اعتبار الدولة الحديثة بحدودها الجغرافية هي شرط الاعتراف الدولي بأيّ كيان سياسي وقبول عضويته في النظام الدولي. ودول المركز تمتلك أربع أدوات تسيطر فيها على الدول الأطراف وهي:

‌أ- القوة العسكرية “السلاح”:

يرى المؤلف أنّ الدول المركز هي التي تحتكر السلاح تصنيعًا وتسويقًا، منحًا ومنعًا، أمّا دول الأطراف فلا يُسمح أن تكون لها صناعات عسكرية مستقلة، ولذلك فقد دُمّر المفاعل النووي العراقي في الثمانينيات، واغتيل مئات العلماء العراقيين في المجالات العلمية بعد الغزو الأمريكي عام 2003م.

‌ب- الطاقة والموارد:

يذكر المؤلف أنّ دول المركز تحرص على احتكار الطاقة والموارد الطبيعية كالنفط والغاز والقمح ومنابع المياه؛ حتى تسدّ حاجتها أولاً، ولكي تضع يدها على تلك الموارد وتُبقي دول العالم تحت سيطرتها، ولذا تُمنع أيّ دولة أن تستقل بتحقيق الحدّ الأدنى من أمنها الغذائي كزراعة القمح مثلاً.

ج- الشرعية الدولية: “هيئة الأمم المتحدة”، وقد تقدّم الحديث عنها.
د- العولمة (الثقافة والتعليم والإعلام):

يؤكد المؤلف أنّ الإعلام هو أهم أدوات الهيمنة على ثقافة الشعوب وصياغة مفاهيمها واتجاهاتها وأفكارها، حيث إنّ دول المركز تحرص على توظيف الإعلام في كافّة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، مما يجعل شعوب دول الأطراف شعوبًا مستعمَرة ثقافيًا، وعندها شعور بالهزيمة الحضارية؛ فتنظر للنموذج الغربي بقيمه وثقافته على أنّه النموذج المعياري للحضارة والرقي والتقدّم.

4. فخّ التراجع الأمريكي:

في هذه الفقرة يناقش المؤلف فكرة أنّ التراجع الأمريكي في المنطقة الإسلامية قد يبدو ظاهريًا وكأنّه هزيمة أو انسحاب، لكنه في الحقيقة قد يكون جزءًا من استراتيجية أعمق، تقوم على إعادة التموضع واستخدام أدوات غير مباشرة للحفاظ على النفوذ.

أبرز الأفكار في هذا المبحث:

أ. الانسحاب كخدعة استراتيجية:

يشير المؤلف إلى أنّ الولايات المتحدة لا تنسحب من مناطق الصراع دون تحقيق أهدافها، بل تعيد تموضعها بطرق جديدة. مثال ذلك: الانسحاب الأمريكي من العراق لم يكن تخلّيًا عن النفوذ، بل تمّ استبدال أدوات أخرى بالاحتلال المباشر مثل دعم الميليشيات المحلية والتدخل غير المباشر.

ب. استخدام الوكلاء بدلاً من التدخل المباشر:

فبعدما أصبحت الحروب المباشرة مكلفة وغير شعبية داخل الولايات المتحدة، بدأ الاعتماد على الحلفاء الإقليميين والجماعات المسلحة لتحقيق الأهداف الأمريكية. مثال ذلك: دور بعض الدول في تمويل وتسليح الفصائل المسلحة في سوريا والعراق.

ج. الاقتصاد والحروب غير التقليدية:

لم تعد الحروب تعتمد فقط على الجيوش، بل أصبحت الأدوات الاقتصادية (مثل العقوبات) السياسية والإعلامية تلعب دورًا أكبر، وأمريكا تستخدم العقوبات الاقتصادية لإضعاف الدول المستهدفة، كما فعلت مع إيران وسوريا وفنزويلا.

د. إيجاد حالة عدم الاستقرار لضمان استمرار النفوذ:

يشير المؤلف إلى أنّ التراجع الأمريكي لا يعني انتهاء التأثير، بل يتم استبداله بسياسات تُبقي الدول في حالة ضعف وانقسام. مثال ذلك: حال أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية.

الإعلام هو أهم أدوات الهيمنة على ثقافة الشعوب وصياغة مفاهيمها واتجاهاتها وأفكارها، حيث إنّ دول المركز تحرص على توظيف الإعلام في كافّة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، مما يجعل شعوب دول الأطراف شعوبًا مستعمَرة ثقافيًا، وعندها شعور بالهزيمة الحضارية؛ فتنظر للنموذج الغربي بقيمه وثقافته على أنّه النموذج المعياري للحضارة والرقي والتقدّم.

5. مركزية الحدث السبتمبري:

تناقش هذه الفقرة كيف أنّ أحداث 11 سبتمبر 2001م لم تكن مجرّد هجوم إرهابي عابر، بل كانت نقطة تحوّل استراتيجية استغلتها الولايات المتحدة لإعادة تشكيل سياساتها تجاه العالم الإسلامي، وإطلاق مشروع جديد للهيمنة تحت ذريعة “الحرب على الإرهاب”.

أبرز الأفكار في هذه الفقرة:

أ. ذريعة للتدخل العسكري:

وفّرت هجمات 11 سبتمبر مبررًا مثاليًا للولايات المتحدة لغزو أفغانستان (2001م) والعراق (2003م) بحجّة محاربة الإرهاب، رغم أنّ الأدلة على تورط العراق لم تكن موجودة.

كما تمّ استغلال الحادثة لشرعنة التدخلات العسكرية في الشرق الأوسط والتوسع في بناء القواعد العسكرية.

ب. فرض سياسات أمنية مشددة عالميًا:

تحولت مكافحة الإرهاب إلى أداة للضغط على الدول الإسلامية، مما أدّى إلى تقويض سيادتها، من خلال فرض سياسات أمنية أمريكية.

كما تمّ تبرير انتهاك حقوق الإنسان (مثل معتقل غوانتانامو، والتعذيب في السجون السرية) بذريعة “حماية الأمن القومي”.

ج. إعادة تشكيل خريطة العالم الإسلامي وفقًا للمصالح الأمريكية:

فقد تمّ إدخال دول المنطقة في دوامة الحروب الأهلية والصراعات الطائفية التي ساعدت على إضعافها.

د. التوظيف الإعلامي والخطاب المعادي للإسلام:

استخدمت الإدارة الأمريكية والإعلام الغربي خطابًا يربط الإسلام بالإرهاب، مما أسهم في إيجاد موجة عداء ضد المسلمين عالميًا، وتمّ استغلال ذلك للضغط على الدول الإسلامية للقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية تتماشى مع الرؤية الأمريكية.

الفصل الثاني- مخطط التقسيم من التنظير لأرض الواقع:

يوضّح هذا الفصل كيف أنّ الاستعمار لم ينتهِ بانسحاب الجيوش الأجنبية، بل استمر من خلال سياسات الهيمنة الاقتصادية والثقافية، ويناقش كيف تمّ رسم حدود الدول الإسلامية بطريقة تضمن استمرار النزاعات الداخلية، ويُبرز دور المؤسسات المالية الدولية (كصندوق النقد الدولي) في إضعاف الاقتصادات الإسلامية وإبقاء الدول تحت السيطرة، فما يحدث في الشرق الأوسط ليس مجرّد أحداث عشوائية، بل هو جزء من استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تفتيت الدول الإسلامية وفقًا لمصالح الغرب.

1. مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد:

تناقش هذه الفقرة كيف أنّ “مشروع الشرق الأوسط الكبير” لم يكن مجرّد فكرة إصلاحية كما روّج له، بل هو مخطط استراتيجي لإعادة تشكيل العالم الإسلامي وتفكيكه وفقًا للمصالح الأمريكية والغربية، مستغلاً أدوات سياسية واقتصادية وعسكرية لتحقيق أهداف الهيمنة والتقسيم، مع تحييد الهوية الدينية والثقافية في تعامل الدول العربية مع الصهاينة، وهذا يتطلب ثورة في المفاهيم كما قال بيريز.

أبرز الأفكار في هذه الفقرة:

أ. الهدف الحقيقي للمشروع:

ذوبان المنطقة بهمومها وقضاياها في براح شاسع جغرافيًا، متنوّع ومتفاوت في هويته الثقافية والسياسية والاجتماعية، بحيث تتوه هوية العرب وقضاياهم وسط هذا الخضمّ الهائل الاتساع.

ب. أدوات التنفيذ:

 التدخّل العسكري: تم استخدام القوة العسكرية المباشرة كما حدث في العراق وأفغانستان لإضعاف الدول وخلق فراغات سلطة، وكذلك دعم الجماعات المتطرّفة لإثارة النزاعات الداخلية.

• الفوضى الخلاقة: بدعم الثورات والحركات الاحتجاجية كوسيلة لإسقاط الأنظمة دون تقديم بديل مستقر، مما يؤدي إلى حالة عدم استقرار دائم.

• الاقتصاد كأداة ضغط: بفرض العقوبات الاقتصادية على الدول التي ترفض الانصياع للمخططات الغربية مثل إيران وسوريا.

ج. التقسيم وإعادة رسم الحدود:

يهدف المشروع إلى تقسيم الدول الكبرى إلى كيانات أصغر لضمان عدم وجود قوة إسلامية مركزية قادرة على مواجهة النفوذ الغربي، ومن الأمثلة على ذلك: الخرائط التي تظهر تقسيم العراق إلى ثلاث دول (سنّية، شيعية، كردية)، وسوريا إلى عدة مناطق عرقية وطائفية.

د. دور إسرائيل في المشروع:

يؤكد المؤلف أنّ أحد الأهداف غير المعلنة للمشروع هو تعزيز مكانة إسرائيل عبر إضعاف الدول المحيطة بها، ويتمّ ذلك عبر إيجاد صراعات داخلية تمنع الدول العربية والإسلامية من تشكيل تهديد حقيقي لإسرائيل.

“مشروع الشرق الأوسط الكبير” لم يكن مجرّد فكرة إصلاحية كما تمّ الترويج له، بل هو مخطط استراتيجي لإعادة تشكيل العالم الإسلامي وتفكيكه وفقًا للمصالح الأمريكية والغربية، مستغلاً أدوات سياسية واقتصادية وعسكرية لتحقيق أهداف الهيمنة والتقسيم، مع تحييد الهوية الدينية والثقافية في تعامل الدول العربية مع الصهاينة، وهذا يتطلب ثورة في المفاهيم كما قال بيريز.

2. خارطة حدود الدم:

يقدم هذا المبحث تحليلاً لمفهوم “حدود الدم”، الذي يعدّ من أخطر المشاريع التي طُرحت لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، حيث يستند إلى تقسيم الدول الإسلامية إلى كيانات أصغر على أسس طائفية وعرقية؛ مما يؤدي إلى نزاعات مستمرة تُضعف أي إمكانية لنهوض العالم الإسلامي، وتضمن بقاء المنطقة ضعيفة وممزقة، مما يسهل السيطرة عليها واستغلال مواردها.

أبرز الأفكار في هذا المبحث:

أ. مفهوم “حدود الدم” وأصله:

يشير المؤلف إلى أنّ مصطلح “حدود الدم” يرتبط بمقالة نشرتها مجلة القوات المسلحة الأمريكية عام 2006م للكاتب “رالف بيترز”، حيث عرض فيها خريطة جديدة للشرق الأوسط تعكس رؤية أمريكية لتقسيم الدول الإسلامية وفقًا للانتماءات الطائفية والإثنية.

تؤكّد هذه الخطة أنّ الحدود الحالية للشرق الأوسط لا تعكس “الواقع الديموغرافي”، لذا يجب إعادة رسمها بشكل يناسب المصالح الغربية.

ب. أهداف المشروع:

• خلق كيانات صغيرة متناحرة لمنع ظهور أيّ قوة إقليمية موحدة.

• استغلال التوترات العرقية والطائفية كأداة لتفكيك الدول، مثل استغلال الخلافات بين السنّة والشيعة، والعرب والأكراد، والمسلمين والمسيحيين.

• تعزيز الأمن الإسرائيلي عبر إضعاف الدول المجاورة لها.

ج. مخطط التقسيم وفق “خارطة حدود الدم”:

• العراق: تقسيمه إلى ثلاث دول (شيعية في الجنوب، سنّية في الوسط، كردية في الشمال).

• سوريا: تفتيتها إلى عدة مناطق على أسس طائفية (دولة علوية، دولة سنّية، دولة كردية).

• السعودية: تقسيمها إلى عدة مناطق، تشمل دولة مستقلة للأقلية الشيعية في الشرق حيث تتركز الموارد النفطية.

• إيران وتركيا: تحجيم نفوذهما عبر دعم الحركات الانفصالية، مثل الأكراد والبلوش.

• السودان وليبيا: استكمال مشاريع التقسيم، كما حدث في انفصال جنوب السودان عام 2011م.

د. الأدوات المستخدمة لتنفيذ المخطط:

• أولاً– تفجير المكونات الداخلية: من خلال تفعيل شعور الأقليات بالتهميش لتثويرها، والهدف الاستراتيجي هو تفتيت الدولة العربية المعاصرة، ويذكر المؤلف أنّه كثيرًا ما يتم توظيف الاقتتال الداخلي نحو فرز المكونات المتنوعة المتداخلة جغرافيًا، وهذا يتجلى في الحالة السورية حيث ساهمت الثورة المسلحة في أن يأوي كل مواطن إلى طائفته مما أحدث تغيرًا في الخريطة الديمغرافية.

• ثانيًا– توظيف الجماعات القتالية الجهادية: فكثير من هذه الجماعات ترى أنّ صناعة الفوضى الأمنية هي المدخلَ المناسب للتغيير في العالم العربي والمشروع الجهادي، كما أنّها تعتقد أنّها قادرة على إقامة إمارة تحكم بالشريعة على أيّ بقعة من الأرض، ومن ثمَّ تقوم هذه الإمارة بإعلان الحرب على النظام الدولي ابتداء بالغرب ومرورًا بإيران والشيعة، وانتهاءً بالنظم العربية.

• ثالثًا– إثارة النزاعات الداخلية: بدعم الحروب الأهلية، كما حدث في العراق وسوريا وليبيا.

• رابعًا– التدخلات العسكرية المباشرة: كما حدث في الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان.

• خامسًا– الدعاية الإعلامية: بالترويج لفكرة أنّ التقسيم هو الحلّ الوحيد لتحقيق الاستقرار.

كل هذه الأدوات تؤدّي في النهاية إلى: حالة من الفوضى المستمرة فتتحوّل النزاعات الداخلية إلى صراعات طويلة الأمد، وتُفقد الدول القدرة على أن تصبح قوة إقليمية مما يبقي المنطقة تحت السيطرة الغربية، وتتيح للقوى الكبرى (أمريكا وإسرائيل) التحكّم في الموارد الاستراتيجية مثل النفط والممرات البحرية.

مفهوم “حدود الدم” يعدّ من أخطر المشاريع التي طُرحت لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، حيث يستند إلى تقسيم الدول الإسلامية إلى كيانات أصغر على أسس طائفية وعرقية؛ مما يؤدي إلى نزاعات مستمرة تُضعف أي إمكانية لنهوض العالم الإسلامي، وتضمن بقاء المنطقة ضعيفة وممزقة، مما يسهل السيطرة عليها واستغلال مواردها.

3. هل ستقبل الشعوب العربية خيار التقسيم؟

يذكر المؤلف أنّ البعض يستبعد وقوع التقسيم مستندين على تصوّرهم للحالة الظاهرية لواقع الشعوب العربية، ولكنّ المؤلف يرى أن هذا المنطق غير دقيق لأمرين:

الأول: أنّه لا يوجد بلد عربي يخلو من وجود فجوات بين مكوّناته، وبعض المكونات أخذت نصيبًا كبيرًا من الثروة والسلطة في حين حُرمت مكوّنات أخرى من ذلك، وهذه فرصة للدخول في هذا المشروع.

الثاني: أنّه في بداية الأحداث والثورات يرفض الكثيرون التقسيم ويحاولون الحفاظ على الوحدة، على الرغم من دفع ثمن كبير من مال وعرض وأرض، ولكن بعد زيادة هذه الأثمان لدرجة يصعب تحملها قد يصبح التقسيم مطلبًا.

 الفصل الثالث- أهمية الوعي وسبل مقاومة مخطط التقسيم:

يرى المؤلف أنّه من الضروري بناء تصوّر دقيق للواقع قبل اتخاذ أي موقف صحيح، ويذكر أنّ حدث الثورات العربية كان ضخمًا أربك النخب الإسلامية والليبرالية والقومية؛ ممّا أدّى لحدوث اصطدام في الآراء بين هذه النخب، ويذكر أهم الأسباب التي أنتجت هذه الحالة:

1. توصيف الواقع بناء على قراءة سابقة انتهت صلاحيتها:

فتحليل النخب الإسلامية للأحداث ظلّ أسيرًا للموقف الغربي القديم الذي يقوم على دعم النُظم الاستبدادية في مقابل قهر الشعوب وقمع الإسلاميين وتأمين مصالحه في المنطقة، على الرغم من أنّ الغرب بدأ في تغيير مواقفه وإحلال معادلات جديدة لتأمين مصالحه في المنطقة، وهذا التغيير لم يأت فجأة، بل مرّ بخطة خضعت للمراجعة والمتابعة على مرّ سنوات أو عقود.

2. التطرف في التعامل مع نظرية المؤامرة:

من الناس مَن يعتقد أنّ كلّ التحوّلات التي نعيشها يتحكم بها الغرب، وبالتالي فلا أمل في التغيير، بينما يسخر البعض الآخر من هذه النظرية ويرون أنّ الغرب لا علاقة له بما يعانيه المسلمون من تخلف واستبداد.

3. مشاركة الإسلاميين في المسار السياسي:

في حقبة ما -قبل الثورات- لم يكن لدى الإسلاميين تواجد حقيقي في العمل السياسي مما جعل دورهم في التحليل والنقد متخففًا من استحقاقات الصراع السياسي الذي تفرضه حسابات أي حزب يخوض مسار العمل الديمقراطي، كما أنّ لديهم خلافات وإشكالات حقيقية مع بعض مكوّنات الديمقراطية الغربية في مجال التشريع والحريات الليبرالية، بالإضافة إلى التركة السياسية الثقيلة التي تركتها حكومات ما قبل الثورات التي كانت ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الغرب والعدو الصهيوني، إضافة إلى محاولتهم الإصلاح المتدرّج من الداخل ومحاولة التصالح مع مؤسسات الدولة العميقة؛ وهذا كله أدى إلى عدم قدرتهم على صياغة خطاب سياسي إعلامي متماسك؛ الأمر الذي تسبب في الثورة المضادة لإسقاطهم.

يرى المؤلف أنّه من الضروري بناء تصوّر دقيق للواقع قبل اتخاذ أي موقف صحيح، ويذكر أنّ حدث الثورات العربية كان ضخمًا أربك النخب الإسلامية والليبرالية والقومية؛ ممّا أدّى لحدوث اصطدام في الآراء بين هذه النخب

دور النظم العربية في مقاومة مخطط التقسيم:

يؤكد المؤلف أنّه عند حدوث أيّ أزمة لأيّ مجتمع فإنّ حجم المسؤولية عن الأزمة يتم توزيع أوزانها بحسب ما تمتلكه كل جهة من سلطة وصلاحيات.

والشعوب هي الضمانة الوحيدة لاستقرار الدول، والمجتمعات العربية تحتاج لخطوات إصلاحية لتقوية جبهتها الداخلية ونسيجها الوطني لتلافي التصدّع في مكوناتها والتهديدات الخارجية التي تطرق أبوابها.

كما أنّ مشاريع الاتحاد كمشروع الاتحاد الكونفدرالي في الخليج سيكون مهمًا جدًا في ظلّ التحدّيات التي تستهدف المنطقة، وسيغلق -لو تحقّق- فجوات مهمّة في أمن دول الخليج.

دور النخب والشعوب في مقاومة مخطط التقسيم:

يشرح المؤلف كيف أنّ الشعوب العربية تعاني من الشعور المفرط بالوعي والتحرر الذي منعهم من تجاوز مرحلة الصدمة التي أعقبتها فرحة غامرة لم تنجح في التعاطي مع حجم التحديات السياسية والفكرية والاجتماعية لحقبة الثورات العربية، ويرى أنّنا نحتاج اليوم أن نقف موقفًا وسطيًا معتدلاً بين رؤية مغرقة في الأحلام ظنّت أنّ الشعوب العربية قلبت صفحة التخلف والاستبداد خلال أشهر قليلة، والرؤية المعاكسة المتشائمة من تداعيات الثورات العربية التي ظنّت أنّه لا شيء تغير في مسيرة هذه الشعوب، ويذكر أنّ زلزال الثورات العربية هو منعطف حادّ جاء كحلقة من التدافع التاريخي بين الحق والباطل، وأنّ حجم التربص الاستعماري الغربي والكيد الصفوي يجعلان من توحّد الأمة حول الأصول العامة مهمًّا للغاية.

تمتين الجبهة الداخلية:

أنتج غياب العدالة الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية وجود فجوات اقتصادية واجتماعية بين شرائح المجتمع؛ مما أثّر سلبًا على تماسك البنية المجتمعية، إضافة إلى وجود العنصرية والطائفية والمناطقية فيها، ومما ساعد على خروج هذه المشكلات هو مناخ الثورات العربية وانفتاح المجتمعات على الإعلام، لذلك يرى المؤلف أنّه من الضروري أن يعمل المفكّرون على تصحيح هذه المشاكل، وبناء مجتمع يُعلي من شرط الكفاءة على كل الامتيازات الفئوية التي تفرزها البيئات الفاسدة.

أنتج غياب العدالة الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية وجود فجوات اقتصادية واجتماعية بين شرائح المجتمع؛ مما أثّر سلبًا على تماسك البنية المجتمعية

تقويم ثنائية الثائرين:

يشرح المؤلف هذا المصطلح بأنّ تزامن تراكم ملفات الاستبداد مع اندلاع الثورات العربية أوجد ما يسمى ثنائية الثائرين أو استبداد الثائرين، حيث أصبح بعض الثوار الطامحين للإصلاح لا يرضى من المخالفين له بإدانة الظلم فحسب، بل يجب أن توافقه في مسلكه في تغيير هذا الظلم، حتى لو كانوا من العلماء والمفكرين، ويرى المؤلف أنّنا بحاجة ماسّة لتجنّب تشطير جهود دعاة الإصلاح والتغيير، وهذا يحتاج صبرًا وعدلاً من المصلحين بألا يحتكروا سبل التغيير في مشروعهم.

الإعداد الإيماني ومضاعفة الجهد الدعوي:

يرى المؤلف أن المجتمعات العربية لا تزال توجد فيها فراغات في المجالات الفكرية والتربوية والإيمانية، وتحتاج لانصراف ثلّة من الدعاة لبناء المجتمع وتربيته على القيم الإسلامية وتصحيح ممارساته الخاطئة.

مجابهة الخطر الإيراني الصفوي بما يتناسب مع 

ظرفه الزماني والمكاني:

يذكر المؤلف أنّ التعويل الغربي على الورقة الطائفية جعل من المشكلة تتوزع في معظم المجتمعات العربية، فقد نجح النظام الإيراني في زرع تنظيمات حركية داخل الطائفة الشيعية الحركية، وقوتها تختلف من بلد لآخر، ففي لبنان واليمن هناك توظيف للقوة العسكرية، أمّا في البحرين فقد تمّ توظيف المظاهرات السلمية لإسقاط البلد في حضن إيران، وعلى أهل السنّة أن يتعاملوا بحكمة لصدّ هذا الخطر بما يتناسب مع المكان الجغرافي له وأسلحته المستخدمة فيه.

دعم الجهاد الفلسطيني ضدّ الصهاينة:

يرى المؤلف أنّه من تداعيات الثورات العربية انكفاء كل شعب على همومه القطرية وتواري القضية الفلسطينية في سلم اهتمامات الشعوب الإسلامية لمرتبة متأخّرة، في حين أنّ الجهاد الفلسطيني يتميّز بثلاث خصائص هي: قدسية القضية، والإجماع الشعبي على مشروعية هذا الجهاد، وأهمية دولة الاحتلال الاستثنائية للغرب.

يرى المؤلف أن المجتمعات العربية لا تزال توجد فيها فراغات في المجالات الفكرية والتربوية والإيمانية، وتحتاج لانصراف ثلّة من الدعاة لبناء المجتمع وتربيته على القيم الإسلامية وتصحيح ممارساته الخاطئة.

الورقة الأخيرة: أحلامنا الخالدة التي لن تموت:

يذكر المؤلف ثلاث فجوات في منظومة الوعي التي تهدّد جيل الشباب:

الفجوة الأولى- الانقطاع التاريخي:

فالأجيال الحالية ولدت في ظلّ هيمنة الحضارة الغربية على العالم، وهي تتحكّم في مسار حياة الشباب عبر قاطرتين، الأولى: إفرازات الدولة الحديثة المعاصرة التي تصوغ حياة الأجيال اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا، حيث إنّ معظم الدول الإسلامية بنيت أسسها وفق مفاهيم علمانية؛ مما أوجد تشوهات عميقة في أفكار ومفاهيم قطاعات شعبية غير قليلة. والثانية: الهيمنة الغربية الاستعمارية، فقد تم احتلال شريحة من عقول الشباب العرب الذين باتوا يعانون من الاستعمار الثقافي وهو أصعب من الاستعمار العسكري المباشر، فأصيبت ذاكرتهم بفجوة انقطاع في فهم تاريخ الأمة وهويتها، والقراءة الفاحصة للحظة سقوط الأمة في أسر الحضارة الغربية.

 الفجوة الثانية- التعجل التغييري:

يرى المؤلف أنّ من الأسباب التي أدّت لفشل العديد من التجارب الدعوية والجهادية والسياسة في تحقيق أهدافها هو التعجل التغييري، ومعناه: محاولة الجماعة تحقيق أهداف طموحة لا تمتلك الأدوات الكافية لترجمتها لواقع، ويرى أنّ تفادي فجوة التعجل تبنى على ركيزتين: الأولى: الفهم والاستيعاب العميق القائم على دراسات علمية متخصصة في كافّة المجالات بحجم إمكانات أعداء مشروع الأمة الإسلامية. والثانية: معرفة حجم القدرة على تمدّد المشروع الإسلامي في الفضاءات التي تنشأ عن تدافع القوى المختلفة وحراكها السياسي والجهادي.

الفجوة الثالثة- الغرق المرحلي:

على المصلحين -كما يرى المؤلف- التدرّج في الإصلاح، وخاصة في الميادين الجهادية والسياسية، لكنّ الاستمرار بهذا التدرّج يفضي إلى التعوّد عليه والغرق في تفاصيله وبحث طرق نشره، مما يغرق الإنسان في دائرته فيفقد القدرة على التفكير خارجه، ويتحوّل العمل المرحلي إلى محطّة نهائية، فينجح الخصوم في جرّ المصلحين للتعايش مع الأوضاع الفاسدة، وعلى علماء الأمة ردم هذه الفجوة من خلال نشر المفاهيم الشرعية لدى الجماهير بعيدًا عن مقتضيات الصراع السياسي.

في نهاية الكتاب يبيّن المؤلف أنّه من خلال إسهابه في الحديث عن مخططات الغرب وشواهدها أراد إلقاء الضوء على جانب مغيّب في الإعلام بسبب أجواء الصراع التي عاشتها الشعوب خلال الثورات العربية، ويقول المؤلف: إنّ الغرب يخطط كثيرًا فينجح حينًا ويفشل حينًا، وكم أفشلت الشعوب والنخب مخططات استعمارية أُنفق عليها ملايين الدولارات، فهذه الشعوب تحلم بغدٍ مشرق يزخم بقيم الحرية والعدل تحت ظلال أعظم شريعة عرفتها البشرية جمعاء.

على المصلحين التدرّج في الإصلاح، وخاصة في الميادين الجهادية والسياسية، لكنّ الاستمرار بهذا التدرّج يفضي إلى التعوّد عليه والغرق في تفاصيله وبحث طرق نشره، مما يغرق الإنسان في دائرته فيفقد القدرة على التفكير خارجه، ويتحوّل العمل المرحلي إلى محطّة نهائية، فينجح الخصوم في جرّ المصلحين للتعايش مع الأوضاع الفاسدة، وعلى علماء الأمة ردم هذه الفجوة من خلال نشر المفاهيم الشرعية لدى الجماهير بعيدًا عن مقتضيات الصراع السياسي.


ياسمين الحايك

بكالوريوس إرشاد وتوجيه نفسي، ناشطة وباحثة في قضايا المرأة.