السبت، 13 نوفمبر 2010

لماذا يفخر رئيس الموساد بخطته في اختراق وتدمير مصر؟



لماذا يفخر رئيس الموساد بخطته في اختراق وتدمير مصر؟
بقلم : السفير د. عبد الله الأشعل 
لا يجوز أن تمر تصريحات وإنجازات رئيس الموساد السابق دون عناية فائقة بمضمونها وتوقيتها والغرض منها. فإن كانت صحيحة فماذا يقصد بها وكيف نتعامل مع وقائعها، وإن كانت غير صحيحة فلماذا أدلى بها، وما المعيار الفاصل لاختبار صحتها أو كذبها.
يميل القارئ عادة إلى تصديق كل ضرر تلحقه إسرائيل بمصر، أو كل أذى يلحق بالعالم العربي، بحكم فكرته عن إسرائيل ووظيفتها في هذه المنطقة التي شغلتها لأكثر من ستة عقود.
ولذلك أكدت هذه التصريحات ما كان يعتبره القارئ سوء ظن وحدساً، حيث أشارت إلى دور إسرائيل في الفتنة الطائفية، وإلى أنشطة الموساد الواسعة في مصر بقصد تدميرها حتى لا تقوى على النهوض بعد انتهاء نظام مبارك.
الانطباع العام قبل نشر هذه التصريحات أن معدل الدمار وطرقه في قطاعات الدولة يشي بأنه منظم ومخطط ويتجاوز شبهة العجز عن الإنجاز، مما يؤدي إلى استدعاء عدد من الأحداث التي تظهر مصر بمظهر المتساهل والمضحي، في حين تظهر إسرائيل في سلوك الباطش المتعمد الإضرار، خاصة أن إسرائيل تعتبر معاهدة السلام الجائزة الكبرى الأهم منذ واقعة قيام إسرائيل عام 1948؛ لأنها أخرجت مصر من مواجهة المشروع الصهيوني، بل دفعتها أحياناً من مجرد وسيط إلى طرف خارجي لا علاقة له بالمنطقة وأحياناً المتعاطف مع إسرائيل.
فمنذ سنوات أكدت في مقالات عديدة دور الموساد في الفتنة الطائفية وتدمير مصر. والآن لابد أن نتوقف أمام هذه التصريحات؛ ذلك أن مجمل تصريحات وملاحظات الإسرائيليين وصحفهم تقول إن مصر عدو، وإن معاهدة السلام كانت فرصة تاريخية فتحت مصر كلها لمخطط إسرائيلي يهدف، وبكلمات رئيس الموساد السابق المنشورة في الصحف المصرية يوم 2/11/ 2010 إلى القضاء على مصر فلا تقوم لها قائمة بعد نظام مبارك، ولذلك عبثوا في كل شيء، واخترقوا كل الأجهزة الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا أخطر اعتراف بعد تصريحات سفراء إسرائيل السابقين بمصر جميعاً منذ إنشاء العلاقات وظهور العلم الإسرائيلي في سماء القاهرة. 
اعترف رئيس الموساد أيضاً بأن سياستهم في إفريقيا والمياه والسودان وتفتيته تهدف إلى القضاء على البيئة الحاضنة للمصالح المصرية، أي إن خطة إسرائيل هي تجريد مصر من البيئة المحيطة، وتدمير مصر من الداخل.
وعندما رشحت مصر فاروق حسني أقسمت إسرائيل أنها سوف تتصدى له، وبالفعل أسقطته رغم تفوقه الظاهر في التصويتات المتعاقبة.
كذلك أذاعت القنوات التليفزيونية في إسرائيل فيلماً اسمه "روح شاكيد" حول اغتيال الأسرى المصريين.
وعندما تمردت ليفني واشتطت في هجومها مع ليبرمان على الرئيس مبارك كان رد الفعل من الجانبين المصري والإسرائيلي لافتاً.
  منمصر قال مبارك في التليفزيون الإسرائيلي إن“ليفني تجاوزت جميع الخطوط الحمراء” معي ومع ذلك فالرئيس حريص على العلاقات بين البلدين

أما من الجانب الإسرائيلي فقد أكد أولمرت ثم بن أليعازر وعوفاديا يوسف أن الرئيس مبارك كنـز استراتيجي لإسرائيل، ولا ندري ماذا كانت إسرائيل ستفعل لو لم يكن الرئيس هناك ودعا له بطول العمر.
على الجانب الآخر، عملت إسرائيل على تحجيم أي دور لمصر في أي قضية إقليمية وأهمها القضية الفلسطينية، وحتى شاليط والمصالحة أعاقت إسرائيل أي تقدم لمصر في هذين الملفين، بل إن الوقيعة التي أرادتها إسرائيل قائمة بين مصر وحماس، وبين مصر وحزب الله.
ومعلوم موقف مصر خلال محرقة غزة، ودورها في الجدار الفولاذي، وموقف إسرائيل من الحدود وهجماتها نيابة عن مصر على الأنفاق واصطياد الطفلة المصرية في رفح من جانب الحراس اليهود، وسلسلة طويلة من العدوان على مصر وأبنائها وقواتها ولا تحرك مصر ساكناً، بل ردتها إسرائيل رداً مهيناً على تفصيل أوردته الصحف المصرية في كل المناسبات والحوادث، حتى اتهمت مصر بهذه المواقف بالتعاون مع إسرائيل، أو على الأقل بإغماض العين عن مخطط إسرائيل ضد الفلسطينيين، والانتظام بجدية في فريق الاعتدال الفائق ضد المصالح المصرية.
كيف يفسر المصريون أن علاقة مصر بإسرائيل لها جانبان: من جهة مصر التساهل مع إسرائيل ومساعدتها، وهي من جهة إسرائيل تجاهر وتفخر بإضرارها بمصر حتى لا تقوم لها قائمة؟ كما تعتز بما تقدمه مصر لإسرائيل على هذا النحو،دون أن تجرؤ مصر على مجرد التعليق، بل إن فضيحة الغاز وتصدي الحكومة للحمل لاستداد الحقوق المصرية يحتاج إلى محاكمات طويلة.
كيف يفسر المصريون أن مؤامرة إسرائيل التي نفذها وزير خارجيتها في منابع النيل لا تهم الخارجية المصرية وفق بيان متحدثها الرسمي، كما أن الوجود الإسرائيلي في إفريقيا الذي اعترف مدير المخابرات الإسرائيلي السابق أنه منذ الخمسينيات يهدف إلى حصار مصر، لا يؤثر في نظر مساعدة وزير الخارجية المصري على الأمن القومي المصري.
وكيف يفهم المصريون الدفاع المستميت للمسؤولين وكتبة الحكومة عن جدار مبارك الفولاذي الذي لا يزال العمل به جارياً، وعدم اكتراث مصر بما أذاعته إسرائيل عن مخططها لبناء جدار على الحدود المصرية الإسرائيلية .

نحن الآن إزاء زواج غريب: طرف مصري يكن الحب والإعزاز والتضحية بمصالحه للطرف الإسرائيلي، في حين أن الطرف الإسرائيلي حريص على العلاقة لهدف واحد وهو القضاء على مصر.
وإذا كانت هذه الصورة هي ما سمح به المنشور فما صورة العلاقة وفق المسكوت عنه في هذه العلاقة.

من الواضح أن إسرائيل لايهمها تطبيع الشعب المصري معها لأنها شعرت بالفعل أنها استبدلت برضي هذا الشعب رضي حكومته.
لم يفزع سفراء إسرائيل في مصر من مقاطعة الشعب لهم ولعزلتهم في مصر مادامت سهامهم وسمومهم مستمرة ضد هذا الشعب الذي أحس بفطرته من هو العدو وأصدقاؤه ومن هو الصديق وحلفاؤه.
نفهم لماذا تصر إسرائيل على تدمير مصر حتى لا يقوى نظام بعد مبارك على إنقاذها، ولكننا لا نفهملماذا يجاهرون بذلك ويعتبرونه علناً من إنجازات موسادهم الذي يعتبر مصر الساحة الأساسية لعمله باطمئنان.
إن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تضع علامة استفهام كبيرة لابد من الإجابة عنها.
كيف تحالف مصر عدواً يفخر بعداوتها؛ وكيف تفهم الحكومة الأمن القومي لمصر بعد كل هذه الاعترافات؟
إننا نطالب بفتح ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية بالشفافية التي فتحوه بها بشكل فيه نبرة التحدي.
سوف يكشف يوماً نراه قريباً أن دخول اليهود إلى مصر دخول المظفر عام 1979 يشبه دخول القائد البريطاني في فلسطين فاتجه إلى قبر صلاح الدين وقال: “ها قد عدنا يا صلاح الدين”، ولابد أنهم زاروا قبر عبد الناصر وقالوا ها قد عدنا يا ناصر مصر والعرب!.
ما سبق هو ما نشرته الصحف المصرية نقلاً عن الإسرائيلية، ولكننا نشك في أكاذيبهم ونتحدى أن يذكروا اسماً واحداً ممن وقعوا في حبائلهم. أم عدم الرد أو التعليق من الجانب المصري ولو بالتكذيب فإنه يبقي التساؤل مطروحاً فمن يتطوع بالتعليق؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق