الاثنين، 10 أغسطس 2015

تفكيك حجج إدارة أوباما حول الاتفاق النووي الإيراني

تفكيك حجج إدارة أوباما حول الاتفاق النووي الإيراني

علي حسين باكير

هل كانت ايران تسعى حقيقة الى إنتاج قنبلة نووية أم لا؟ بالنسبة الى الايرانيين فهم أنكروا دوما ان يكون هدفهم انتاج قنبلة نووية حتى وصل الامر بالرئيس روحاني ان يقول انّه لم يكن لدى ايران ابدا اي نوايا لانتاج قنبلة ولن يكون لديها اي مساع مستقبلا ايضا في هذا المجال.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، اذا لم يكن الايرانيون قد سعوا او يسعون الى القنبلة النووية، فلماذا هذه الهرولة من الجانب الامريكي الى عقد اتفاق سيئ بهذه المعايير؟ أما اذا كان الامريكيون يعلمون جيدا ان الايرانيين سعوا ويسعون الى قنبلة نووية، فهذا يعني أنّهم يعلمون ان الجانب الايراني كاذب وانّه لن يتورّع عن استخدام الاتفاقية من أجل تحسين موقفه لاحقا لمتابعة ما يسعى إليه وانّ هذا الاتفاق لن يوقفه، وانما سيكون بمثابة استراحة لهم في أسوأ الاحوال.

على العموم، خلال الأسبوع الماضي كان هناك تشديد من قبل الادارة الامريكي على عدد من الحجج التي بدت انّها غير قابلة للنقض أو المناقشة، وقد تمّ تكرارها سواء في جلسات الاستماع الى وزير الخارجية جون كيري او في خطاب الرئيس اوباما، لكنّ المناقشة الجدلية لهذا الطروحات التي يتم تسويقها على انها حقائق لا بديل عنها تشير الى انّها ليست صحيحة، ومنها:

أولا: الاتفاق يقطع الطريق على ايران للوصول الى القنبلة النووية.

كل نقاش ادارة اوباما حول هذه النقطة يرتكز على نظرية ان ايران تبعد قرابة شهرين الى ثلاثة اشهر عن إمتلاك ما يكفيها من مواد لازمة لصناعة القنبلة النووية، وانّ الاتفاق سيوسّع هذه المدّة الزمنية أو الفترة الفاصلة الى سنة. لا أحد يناقش "ماذا بعد ان ينتهي مفعول الاتفاق خلال 10 الى 15 سنة"؟
 "كيف سيكون وضع ايران النووي والتكنولوجي والصاروخي والعسكري في حينه اذا ما التزمت بالاتفاق"؟ و"كم ستكون المدة الزمنية الفاصلة حينها"؟ .

الجواب على هذا السؤال سهل، في القوس والنشّاب، عندما نشدّ النشّاب الى الخلف، فهذا يعني انّه يتراجع، لكنّ هذا التراجع مرحلي وهدفه النهائي هو الانطلاق الى الامام.
الاتفاق النووي الامريكي مع ايران كحال القوس والنشاب، فهو يرجع البرنامج النووي الايراني في بعض أجزائه ولكن ليس لكي يقف او يتعطّل كما يتم الترويج له وانما ليعود الى الانطلاق مجددا كالسهم، وهذا يعني أنّ المدة الزمنية ستتقلص حينها من سنة الى ايام معدودة بحسب الخبراء. فاذا كان تقييمنا الحالي انّ شهرين او ثلاثة اشهر هو امر خطير وغير مقبول به الآن، فما الذي سيجعلنا نعتقد انّه سيكون مقبولا لاحقا وغير خطيرا عندما يكون أقل زمنيا!!

ثانيا:جميع الخيارات السابقة ستكون متاحة مستقبلا.

تقول ادارة اوباما أنّ ايران اذا خرقت الاتفاق لاحقا فان جميع الاحتمالات القائمة حاليا ستبقى على الطاولة حينها، ما يعني إمكانية اعادة فرض العقوبات عليها وامكانية استخدام الخيار العسكري ضدّها.
لكن ادارة اوباما نفسها قد ضحّت بكل شيء وتخلّت عن ادنى المعاير المقبولة للإتفاق "الجيّد" وذلك من اجل تفادي إمكانيّة إندلاع حرب مع ايران. فاذا كانت الادارة الأمريكية تفعل كل ذلك من اجل ان الحرب مع ايران الآن وهي في موقع ضعيف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعسكريا، فما الذي يجعلنا نؤمن بانّ هذه الادارة ستكون مستعدة لمواجهة إيران عسكريا وهي في وضع اقوى مما هي عليه الآن؟! بمعنى آخر، اذا كانت الادارة تعتقد انّ مواجهة ايران اليوم هو خيار سيء ولهذا يجب الاعتماد على الدبلوماسية، ما الذي سيتغير مستقبلا بخصوص هذه المعادلة باستثناء انّ ايران ستصبح أقوى؟!

ثالثا: هذا الاتفاق سيحقق الاستقرار للمنطقة.

بعد ايام قليلة من التأكيدات الأمريكية على انّ الاتفاق سيعزز من الاستقرار والأمن في المنطقة، خرج المرشد الأعلى علي الخامنئي ليؤكّد أنّ بلاده ستواصل دعمها لنظام بشار الأسد، والحكومة العراقية ولبنان واليمن ، مضيفاً أن الاتفاق النووي الإيراني لن يغير سياسة طهران في مواجهة "الحكومة الأمريكية المتغطرسة ولا سياستها في دعم أصدائها بالمنطقة. وما زاد الامور تعقيدا انّ هذا الاتفاق أطلق مباشرة سباق تسلّح رهيب في المنطقة، إذستقوم الولايات المتّحدة بتقديم دعم عسكري اضافي الى إسرائيل بعشرات المليارات من الدولارات بالاضافة الى احدث الاسلحة لاسيما في سلاح الجو ومنظومة الصواريخ، كما تعهدت واشنطن أيضا لدول مجلس التعاون الخليجي بدعم عسكري كبير مقابل عشرات المليارات من الدولارات لاسيما صواريخ وانظمة دفاعية، وفي المقابل فهي سترفع العقوبات عن ايران (ماليا وعسكريا) وهذا سيؤدي الى سباق تسلح تقليدي محموم سيزيد الامور تعقيدا وتفجيرا.

رابعا: الخيارات المتوافرة هي اما قبول الاتفاق أو الحرب.

يمكننا ان نفهم من كلام اوباما هذا أنّه ليس هناك خيارات أخرى أصلا، فاما الاتفاق السيء وإمّا الحرب، لكن ووفقا لرئيس هيئة الاركان الجنرال مارتن ديمبسي، هناك عدّة خيارات في حال فشل الاتفاق النووي.
ايضا في الكونجرس هناك من يرى ان احد الخيارات هو العودة للتفاوض على اتفاق أفضل، وهناك من يرى ان التمسك بالعقوبات وفرضها بشكل أكبر واكثر تماسكا سيكون له نتائج ايجابية. خيار الاطاحة بأذرع ايران الاقليمية في سوريا والعراق ايضا متاح لاضعاف النظام الايراني والضغط عليه، لكن الادارة الامريكية لا تريد ان ترى من هذا المنظور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق