الجمعة، 1 يوليو 2016

ميزو ولميس وكريمة

ميزو ولميس وكريمة
  أحمد كريمة ومحمد عبدالله نصر ولميس جابر 


عبد الحكيم حيدر

أعلن الفقية الشرعي لـ "30 يونيو" في مصر، الشيخ محمد عبدالله نصرالشهير بالشيخ ميزو، أنه في طريقه، والعياذ بالله، إلى الانتحار بعد الإهانة التي لحقت به في مطار القاهرة، وأنه خطط أن يلقى وجه الله منتحراً في النيل. 

وأنا أعلم أن أغلب المنتحرين في المحروسة مصر لا يفعلونها إلا ضيقاً بمعيشة، كما أن أغلبهم من صغار الموظفين والمتعلمين، أما وأن يفعلها الشيخ المعمم الحافظ كتاب الله وسنة رسوله، والمتبحر في الديانات الأخرى، والعارف بدروبها ومسالكها، إلى درجةٍ تجعله، من فرط تسامحه، يتناول طعام سحوره مع رئيسة الطائفة اليهودية في مصر ومن داخل المعبد، فيعد ذلك أمراً جللا، خصوصاً وأنهم في (صالة المطار) بعثروا له محتويات حقيبته على البلاط، فظهرت ملابسه الداخلية وصداريه، وهو عائد من رحلة تثقيفية خارج الوطن. 

وبالطبع، يعد الانتحار محرماً ومشيناً في الدين والملة، يورد صاحبه الهلكة، فكيف يقترفها شيخ جليل وثائر، قاد قوافل ثورية في ميدان التحرير تبشيرا بـ 30/6، وكانت له صولات وجولات في حزب التجمع، وفي معظم دساكر مصر ونجوعها وقراها؟ 

أما الشيخ أحمد كريمة، هذه المرة، فلم يفتّ في عرض الممثلة إلهام شاهين، ولا ساق الآيات في عفة كعبها الطاهر وثوبها، حينما خاض فيه والعياذ بالله الشيخ عبد الله بدر. 
وساق الشيخ كريمة ساعتها الآيات الشريفات ضد الشيخ عبدالله بدر، منتصرا للممثلة من القرآن والسنة في المذاهب الأربعة، لكن الرجل أفتى، هذه المرة، بجواز تحويل الزكاة إلى صندوق "تحيا مصر"، فهل الزكاة، كما حدّد الدين، يا فضيلة الشيخ، للنظام مشاريعه، أم هي للفقراء والمساكين الذين ينتحرون يومياً على شبابيك غرفهم، وعلى قضبان السكك الحديدية في الصعيد وغيرها؟، فهل أفلح الشيخ أحمد كريمة في فتواه، أم أخذته الغلواء بجانب خد السلطة وكعبها الرنّان، فمال ميلة المشتاق والعاشق الدنف لروائحها، والعياذ بالله، ونسي المعوزين الذين حرص عليهم محمد رسول الله وأشرف خلقه، فجعلهم أول من يدخلون الجنة. 

أما السيدة الدكتورة والمؤرخة والعضو المعين في البرلمان، لميس جابر، فلها حكاية أخرى، لها علاقة بالشأنين، السياسي والتاريخي، وهي قضية جزيرتي تيران وصنافير، وما أثير حول القضية من آراء متناقضة، لا تزال على مائدة البحث وفي حجر القضاء المصري، الا أنها سبقت كل الأحداث بالطبع، مع أسامة الباز كرجل جيولوجي طائر يرى الحقوق الجيولوجية والسياسية، بالطبع، من السماء، وليس من خلال وزارة الخارجية، وانحازت لها بالطبع السيدة الأديبة سكينة فؤاد، كعادتها التي لن تشتريها، وهي التي ليست لها علاقة بالجيولوجيا، مثل أسامة الباز، وأكّدت أيضا سعودية الجزيرتين، وأكملت أن علينا أن نهتم بتعمير وطننا وزراعته، وهو الأهم، لأن القمح، لا الصخور، هو مستقبل الأمم والأفواه الجائعة، إلا أن السيدة لميس أكدت سعودية الجزيرتين قلباً وقالباً. 
وأكملت أنه، لا قدّر الله، لو حكم القضاء بغير ذلك، فانتظروا المسألة في التحكيم الدولي، وكأنها تتوعّدنا بالفضائح. 

الغريب أن السيدة لميس من دعاة القومية المصرية وغلاتهم، تأريخا وتحريضاً وليلاً ونهاراً، وقد كتبت كثيراً في القومية المصرية الفرعونية، من أيام ما قبل الأسرات، حتى بدايات أيام محمد علي، وخصّت إبراهيم باشا بجلّ الثناء والفضل، فهل فرّط صاحب أيديولوجيةٍ قوميةٍ هكذا، مرة واحدة، في أرضه في ضربةٍ واحدةٍ، من غير أن يتعرّض لهزاتٍ روحيةٍ أو يقينيةٍ في منحنى انتمائه، كما حدث لنيقولا برديائيف، مثلاً، تاركا بداياته الشيوعية الأولى، ومهاجما الستالينية، فما هي هزات لميس التي جعلتها تتخلص من إِرث أفكارها القومية المصرية في غمضة عين؟ هل هو علاجها في مستشفيات القوات المسلحة، أم تعيينها عضواً في البرلمان، والعياذ بالله؟
واضح أن (العكمة جامدة)، خصوصاً أن السيدة ليست في احتياج أشياء من المفترض أنها تجاوزتها من أزمنةٍ، فهي ليست الشيخ ميزو مثلاً، فزوجها مشهور، ودخله في المسلسل تجاوز الملايين، وابنها، مخرجٌ يُشار له بالبنان. 

ألا تخجل الآن دكتورة لميس، وهي تمر من أمام تمثال إبراهيم باشا أمام كازينو بديعة سابقاً، والحمد لله أن مكانه الآن عمارة شاهقة، أسفلها بنك صرافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق