فتنة في مصرأم مؤامرة على مصر؟
السفير د. عبدالله الأشعل
وأخيراً وقعت الكارثة التى حذر منها الجميع، وهى سيارة مفخخة مثل أعمال القاعدة، ومثل العراق ولبنان خلال الحرب الأهلية، وضد كنيسة رئيسية وعشية العام الجديد وقبل أسبوع من عيد الأقباط، ثم تعلن السلطات عن أسفها، وتقوم جماعة من الأقباط فوراً بمهاجمة أحد المساجد، ويسارع الفاتيكان فى أول عمل بعد مؤتمر المسيحيين المشارقة فى الفاتيكان باتهام الحكومة المصرية بعدم قدرتها على حماية المسيحيين فى مصر.
المسألة ليست فتنة بين المسيحيين والمسلمين فى مصر كما كان يحلو للسلطة أن تردد، وقد حذرنا مع غيرنا من أن انشغال الحزب الوطنى بتجميع السلطة والثروة وانصرافه عن إصلاح البلاد والاهتمام بقضاياها الكبرى وتحييد الشعب المصرى وتزوير إرادته وامتهان قضائه، أدى إلى امتهان القضاء وأحكامه من جانب الطرف الآخر.
من قام بهذا العمل الذى يؤشر لمرحلة جديدة خطيرة فى مصر؟
ولماذا وماذا استغل هؤلاء حتى يقدموا على هذه المرحلة وما معنى تصريح بابا الفاتيكان، وماهو المتوقع؟
المتوقع أن تتزايد الحوادث من هذا النوع ضد مساجد مصر وكنائسها وضد مبانيها وأمنها ونسيجها الذى حرصوا على تمزيقه ولن تجدى المعالجات الأمنية الهزيلة.
لأن الذى قام بهذا العمل هم عملاء الموساد، وكان يجب أن تأخذ السلطة مأخذ الجد التحذيرات التى أطلقناها تعليقاً على كشف الحساب الذى قدمه عاموس يالدين مدير المخابرات العسكرية فى إسرائيل الذى كشف عن إنجازات الموساد فى مصر ومن أخطرها ترتيب الفتنة الطائفية وتمزيق المجتمع المصرى حتى لاتقوم له قائمة.
ثم نشرت فى تلك اللحظة معلومات عن تورط مسئولين كبار فى العالم العربى مع إسرائيل والولايات المتحدة بتهم الخيانة العظمى، واستعداد ويكيليكس لنشر هذه التقارير ولذلك لايجوز إهدار الوقت والجهد فى تحقيقات لاقيمة لها فالفاعل هو الموساد وعملاؤه فى مصر، منهم الصغار ومنهم الكبار، ومعنى ذلك أن مصر كلها فى خطر عظيم على وجودها ووحدة أراضيها بعد كل ماهددها من أمور حياتية ومجتمعية ومع ذلك يصر الحزب الوطنى على التآمر على إبعاد المعارضة، فهل كان إبعادها للانفراد بالسلطة والتفرغ لحماية البلاد وحده، أم أن الانفراد قصد به ألا يعكر أحد صفو إدارته "الناجحة" لمصر ولمجتمعها.
ومالم يتم البدء الآن فى مراجعة كل ما يتعلق بإسرائيل وأمريكا وتنقية المجتمع المصرى من أصابعهما، وإجراء انتخابات حرة تشرك كل المصريين فى الدفاع عن وطنهم بعد أن تعرض للضياع وإنشاء دولة حرة مستقلة حازمة قانونية عادلة فأظن أن كل مصرى مطالب بالدفاع عن وطنه وعن حقه فى دولة لكل مواطنيها بعد أن احتكرها حزب عرضها لأعظم الأخطار.
مصر بصراحة يمكن أن تنزلق إلى حرب أهلية تقوم على قاعدتى المسلم والمسيحى والغنى والفقير وحينئذ يفر من أشعلوها إلى أسيادهم، فماذا يفعل العقلاء فى مصر بعد تحذير الفاتيكان من عدم قدرة الحكومة على حماية الأقباط؟
أليس ذلك مدخلاً إلى تدخل دولى لحمايتهم، ثم من يحمى المواطن غير القبطى مما يعانيه وأليس مدخلاً لتقسيم مصر مادام أبناؤها غير قادرين على العيش المشترك؟ ألا تشبه دعوة الفاتيكان تحذير بريطانيا لعرابى بأنه غير قادر على حماية الأجانب وأن الاحتلال هدفه توفير هذه الحماية؟
إننى أدعو إلى لقاء عاجل بين عقلاء الأمة من المسلمين والمسيحيين لوضع أسس نظام ديمقراطى يقف وراءه شعب مصر ويسانده العالم بدلاً من السعى إلى توسيع الشقة ونزع الفتنة.
مشكلتنا هى الشمولية والغفلة عن مصالح البلاد العليا وحلنا هو نظام ديمقراطى، فالمؤامرة على كل واحد فينا وليس فتنة بين أبناء مصر الذين لم يفرقوا يوما بين أقباطها ومسلميها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق