الخميس، 6 أغسطس 2015

سأنتقم يا أُم حنفي


سأنتقم يا أُم حنفي

 آيات عرابي

اليوم تستطيع شراء تكييف يقيك قيظ الصيف
اليوم تستطيع بنصيبك من أرباح الترعة أن تشتري ملابس جديدة
اليوم سترفع رأسك بعد أن نكسها مشروع المليون وحدة سكنية والعلاج بالكفتة
اليوم تستطيع أن تنتقم لكرامتك المبعثرة طوال سنتين, وتستطيع أن ترد سخرية الساخرين
انت اليوم مواطن (ملو هدومه) وستتقاضى أرباحاً شهرية بالدولار
لا تلتفت لسخريتهم, فستكون أقوى وأغنى وأكثر وجاهة وأناقة
تقف أمام المرآة تتحسس قميصك القديم .. تقول لنفسك غداً اشتري قميصاً جديداً من نصيبي في أرباح التفريعة
تتخيل كيف ستعد الدولارات في تلذذ
اليوم ستحتفل بالتفريعة وستشتري كيلو بامية كامل
نعم اليوم يجب أن تحتفل وتشتري كيلو بامية بل وكيلو ليمون أيضاً
تحذرك زوجتك من الإقدام على تلك المغامرة, فمصروف البيت ليس لعبة
تعدها بالرخاء القادم
يجب أن تمر من أمامهم وانت تحمل البامية والليمون, دعهم يرون كم أنت غني
دعهم يذوقون سخريتك, لا ترحمهم, اليوم اثبت لهم أنها ليست ترعة كما كانوا يقولون
سيمتليء جيبك بالدولارات
تسرح بخيالك, فتتخيل شقتك الجديدة في ذلك الحي الراقي
لن تكمل حياتك في هذا المنزل الضيق
ستشتري سيارة فاخرة بنهاية العام
وستأكل اللحم أكثر من مرة في الأسبوع
يقاطع أحلامك جرس الباب, لتجد محصل الكهرباء, يقدم لك الايصال
تنظر إلى ثيابه الرثة بتأفف
تطلب منه أن يمر عليك في وقت آخر حتى تغير الدولارات
تضغط على كلمة دولارات حتى تسمعك أم حنفي في الدور الثالث
تغلق الباب وتستدير في اهتمام إلى شاشة التليفزيون التي تظهر عليها مذيعة لطخت وجهها بالأصباغ تهتف في حماس
تتذكر زميلك في العمل الذي يرميك بنظراته المشفقة كلما تحدثت عن الرخاء المتوقع
تبتسم لنفسك في تشفِ, من اليوم لن يجرؤ على السخرية مني
لا لم أكن مغفلاً
حتى جهاز الكفتة لم يكن نصباً
ولكنها المؤامرة العالمية التي تقودها أجهزة المخابرات العالمية
نعم المخابرات الامريكية والفرنسية والتركية والموساد هي التي سرقت تصميمات جهاز الكفتة لتحرم مصر من الرخاء
يتصاعد غضبك حين تتذكر كيف سخرت منك أم حنفي وقت شراءك اسهم التفريعة
تهمس لنفسك لابد أن انتقم من أم حنفي .. لابد أن اثبت لأم حنفي أنني الأذكى والأقوى والأغنى
على التليفزيون فاصل, يقطع حبل افكارك من جديد
ممثلة ما تتحدث عن الارهاب العالمي
ممثل ما يريد أن “يزغرد”
تسمعهم يقولون .. ماثر بتفرح
تنزل إلى السوق ممنياً نفسك بكيلو بامية طازجة
ستدفع له الثمن كاملاً دون أن “تفاصل”
تنزل السلم مسرعاً وتنظر متأففاً إلى البيوت المتلاصقة
تخطو في حذر على الحجارة التي وضعت وسط بركة مياه الصرف التي تغمر الشارع الضيق
أصوات الضجيج القادمة من ورشة عم صبحي تزعجك
سأغير كل هذا واسكن في مكان أرقى .. هكذا تقول لنفسك
في شرودك تتعثر, فتقع في مياه الصرف وتكتسي ملابسك بالمياه العفنة
تزداد سخطاً على حياتك البائسة
تفيق من البلل على صوت يسبك بأمك, فقد نثرت عليه رذاذ مياه الصرف دون أن تقصد
تلتفت إليه غاضباً, ثم تصمت وتبلع لسانك
إنه جارك أمين الشرطة
تنظر إليه شذراً وتحسبن
يقتادك إلى قسم الشرطة ممسكاً بك من ياقة قميصك
تنهال عليك هناك الصفعات والركلات والسباب
وبعد عدة ساعات, تنجح في استرضاءه لتعود إلى منزلك
تتذكر أم حنفي التي تسخر منك
مازال هناك أمل ما دمنا قد تخلصنا من الإخوان .. تهمس لنفسك
وسانتقم منك يا أم حنفي !



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق