على رسلك يا دكتور!!
محمد جلال القصاص
|
بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم على رسلك يا دكتور!! كتب الدكتور سيف الدين عبد الفتاح متحدثاً للسلفيين بأن عليهم أن يتخلوا حال التظاهر دفعاً للمتطاولين على الدين ومقام سيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن بعض العبارات حتى لا يخيفوا الأقباط!! وبعيداً عن أن ما جاء به الأقباط في "فيلمهم" لا يوازي أي كلامٍ مهما قيل، فقد انحطوا وأتوا بما لم نسمع بمثله في التاريخ؛ وبعيداً عن أن العبارات الشديدة حال التظاهر لا يؤخذ بها، إذْ ليست كأختها التي تصدر في حالة طبعية؛ وبعيداً عن أن الخطاب السلفي جملةً وتفصيلاً لم يبادر النصارى في مصر ـ أو غير مصر ـ لا بقليل ولا بكثيرٍ، فليس في الخطاب السلفي المصري ـ مع قِدمه في الساحة المصرية ـ طرحاً يتجه للنصارى مباشرة، لا بقليل ولا بكثير، فقد غفلت الحالة الصحوية السلفية ـ والإخوانية أيضاً ـ عن النصارى تماماً كأنها لم توجد، ذلك مع تكرار حملات التنصير على العالم الإسلامي عموماً ومصر خصوصاً منذ قدم الاحتلال الإنجليزي ومع انتشار الردود على تلك الحملات، وممن لهم صوت عالٍ في الساحة الفكرية كالعقَّاد وحسين هيكل، إلا أن الحالة السلفية لم تتجه للأقباط، ولم تجعلهم هدفاً لها لا بقليل ولا بكثير وإلى يومنا هذا !! بعيداً عن هذا كله فإن صدور هذا الكلام من شخصية مثل الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أمر في منتهى الغرابة. فالمفترض أن الدكتور سيف الدين عبد الفتاح سياسي؛ بل يتواجد الآن كـ "خبير سلطة"، ومن قريب تواجد في المشهد كنائب لأحد أبرز مرشحي الرئاسة . والسياق العام لشخصية الدكتور سيف الدين عبد الفتاح هو "التجديد" السياسي، أو العمل من أجل "المشروع الحضاري الإسلامي"، فالمفترض في شخصية كهذه أن تكون أعمق في رؤيتها، وأوسع في ثقافتها، وأثبت في مواقفها، وأدق في حديثها. ولكن حديثاً كهذا من شخص كهذا يجعلنا نفقد الثقة في السياسي "الإسلامي"... في ثقافته.. في تفكيره...أو في ضميره.. وعزمته... أو في كل ذلك. غفل مستشار رئيس الجمهورية عن سياقين في غاية الوضوح وفي غاية الأهمية: السياق الأول: أن الحالة القبطية ـ أو نقول الأقليات عموما ـ ظهرت في إطار الحرب على الخلافة الإسلامية، في اليونان، وفي الشام (ضد إبراهيم باشا)، ثم في إطار الضغط على "الأوطان"، فما سمع بهؤلاء إلا بعد قدوم الاحتلال الغربي للعالم الإسلامي، وبعد ضعف "دول" العالم الإسلامي وتبعيتها للدول "الكبرى". وقد وضح هذا الأمر الدكتور محمد محمد حسين في كتابه "الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر" وهو يتحدث عن فتنة 1910 التي أعقبت مقتل "بطرس غالي"؛ فتمايز جزء في المجتمع بمطالب بوصف خاص ومطالب خاصة، ومساندته من قبل الغرب إحدى وسائل التدخل والضغط. أمارة ذلك أن كل مجتمع من البشر في كل مراحل التاريخ ـ بما في ذلك المجتمعات الغربية التي تأوي الأقليات وتدافع عنها ـ به أقلية وأكثرية، وفي كل هذه المجتمعات تكون الأقلية تبعاً للأكثرية، فقط عندنا نسمع "حقوق الأقليات"، وما هي إلا وسيلة تدخل. كان على سياسي مثل الدكتور سيف أن يقف ضد فكرة وجود أقلية قبطية ـ أو غير قبطية ـ في البلد متميزة عن غيرها، فإن هذا يعارض سيادة القانون، ويعارض مبدأ الديمقراطية... أن السيادة للأغلبية؛ وأن هذا جزء لا يتجزأ من الوقوف في وجه "المخالف"... كسر لإحدى وسائله التي يقاتلنا بها. والسياق الثاني يتعلق بنصارى مصر أنفسهم؛ فما جاء في الفيلم المسيء لمقام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتردد على لسان الكنيسة الرسمي، نسمعه منهم من عشر سنوات، في القنوات الفضائية، والغرف الصوتية، والمنتديات الكتابية، ومن شخصيات رسمية لم تشلح من الكنيسة المصرية، مثل زكريا بطرس، فقد كان يتحدث وهو يرتدي الزي الرسمي للكنيسة، وكتبه مصدَّرة بصورة زعيمهم شنودة، ويلتقي وشنودة في أمريكا لقاء المتحابين، بل حين سئل شنودة من عمرو أديب عما يردده بطرس ـ وهو ما جاء في الفيلم وزيادة ـ لم ينكر عليه، بل تحدث بما يشير إلى تأييده!! ويتولى كبر التطاول على الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ الآن قمص منتسب للكنيسة .. لم يشلح بعد يُدعى "مرقس عزيز"، وقد أيد ما جاء في "الفيلم المسيء"؛ وفي لقاءاته باسمه الصريح وكتاباته (تحت مسمى الأب يوتا) تحدث بأفحش مما في الفيلم. والأنبا بيشوى، وهو "الرجل" الأول عندهم الآن وأكثرهم حظاً في خلافة شنودة، تحدث علانية بأننا ضيوف، وبالتالي على الضيف أن يرحل ... هكذا تنظر الكنيسة في مصر للمسلمين يا دكتور سيف..، وضُغط عليه ولم يتراجع ولم يعتذر لا هو ولا الكنيسة...بل غاب أياماَ ثم خرج علينا يسب القرآن.. يقول محرف قد زيد فيه بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ!!. ولم يعتذر!! وإن النظرة المتأنية للسياق القبطي المصري تعطي دلالة صريحة على أن القوم جادون في الاستيلاء على مصر وما حولها لإقامة "كنيسة الرب" على أرض مصر، يصرحون بهذا، وقد رصد شيئا من خططهم الشيخ محمد الغزالي في كتابه "قذائف الحق". وما أقباط المهجر إلا ذراعاً خارجية يستعملها أقباط الداخل في تمرير مشاريعهم. وأقل ضرر يصيبنا من "أقباط المهجر" أن أطروحاتهم المتطرفة وسيلة من وسائل إضفاء الوسطية على أطروحات الداخل. فنجد أنفسنا قد أدخلنا في حصرٍ وهمي.. نُخيَّر بين متطرفين.. أحدهما يطالب بالدولة كاملة والآخر يطالب بحصة تزيد على خمسة أضعاف حجمه الحقيقي فهؤلاء من أولئك. . وكله سياق واحد... فلا يشك عاقل أن ما جاء في الفيلم خطاب رسمي، ولو كانت الكنيسة صادقة في نبذها لما قيل في الفيلم لشلحت من فعل، أو كذَّبت ما بداخله، ولكنها فقط استخدمت لغة خادعة، تقول: ضد الإهانة.. وتحترم... ولم يصب من فعل منها أذى وهو ابنها.. وطوع أمرها.. فلا نخدع. بل راح أولياءُ الكنيسة .. المتحالفون معها حقيقة أو ضمناً.. يحاولون إفشال سعي الطيبين المنتصرين لسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ بل واستغلال الحدث في صرف النظر عن الانتصار للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، بالقول بأنها فتنة طائفية وعلينا أن لا نستجيب، ويحمل الوزر المعتدي لا المدافع، والعاقل يسير للمعتدي ليأخذه حتى لا يعود؛ وبتخويفنا من غضبة الأمريكان، وما عدنا نسمع، ولا عدنا نخاف، فهم أحوج، وقد تجرأ عليهم الناس ونالوا منهم في الصومال والعراق والأفغان. بل وتمادى أولياء الكنيسة في استغلال الحدث فحاولوا التصعيد في اتجاه النيل من رئاسة الجمهورية التي يعمل الدكتور سيف عبد الفتاح مستشاراً لها. حاولوا بألسنتهم وبأيديهم (عن طريق البلطجية أمام السفارة). وإن القراءة الأعمق للنصرانية عموماً تفسر الحالة المصرية ـ وغير المصرية ـ وهي أن الكنيسة تنكمش وتتمدد... إن ضُغِطوا تراجعوا وانكمشوا.. ورددوا: دع ما لقيصر لقيصر، وإن تُركوا تمددوا.. وركبوا قيصر .. وأهانوا قيصر .. وقتلوا قيصر كما حدث في العصور الوسطى... وذلك لانعدام الدلالة النصية عندهم.. فكل شيء قابل للتأويل.. وهذه الوجود التعسة التي تقود القطيع النصراني حرة في الفهم ومتبوعة إن قالت يسمع لقولها. وإن حنكة السياسي تقول بأن وجود ذراع خارجية "أقباط المهجر" غير خاضعة لسلطة الدولة أمر غير مقبول، ولابد من القضاء عليه، أو تحجيمه، والأمر سهل هين، إذ أنه يتحرك من الداخل، وإن فصل عن الداخل فلن يجد له مأوى بالخارج، فلابد من عرض سفاهات "اقباط الخارج" على من بالداخل وطلب موقفٍ واضح محددٍ منهم. والآن .. وإن واجب الثوري .. ذي المشروع الحضاري الإسلامي أن يعلم أن النصارى هم من يحركون الساحة السياسية المعادية للتوجه الديني والثوري في مصر. فقد اصطفوا جميعاً خلف "المخلوع" وأيدوا توريث الحكم لابن المخلوع ولم يشاركوا في الثورة ولا أيدوها إلا بعد رحيل "المخلوع" بأيام، ثم اصطفوا خلف أحمد شفيق.. ولا يخفى دورَ "ساويرس"، ولا يخفى أن المشاهير من المعارضين يترددون على الكنيسة، وما ذهب هؤلاء وتحدثوا من منابرهم إلا لظنهم أن القوم أهل بأس.. أو بأيديهم خيوطاً.. وإن المفكر الإسلامي ذي المشروع الحضاري كالدكتور سيف يعي جيداً أن عامة الفوضى الفكرية في الساحة الإسلامية أحد مصدرها المباشرة النصارى، وسل عن سيد القمني، وسل عن خليل عبد الكريم، وسل فاطمة ناعوت، ومحمد أبو حامد، وكتابات مارجليوث التي انتشرت كأفكار او ككتابات كاملة (ويخبرك أنور الجندي بالأدلة). وإن واجب الإنسان ذي القلب الرحيم يحتم عليه أن يقف في وجه هذه الفئة التي تترأس الكنيسة المصرية، فقد تعدوا على "شعب الكنيسة" فأذاقوهم بأسهم، ويخبرك عن هذا "أقباط 38".. نصف مليون رجل وإمرأة بالمحاكم يشتكون من ظلم "رجال الدين".. أوقودوا الصدور .. وأوقدوا البيوت.. صدور أتباعهم.. وبيوت أهليهم... فكيف حالهم معنا لو تمكنوا منا. إن هَدْهَدَتُهم تجرئهم علينا وعلى شعبهم... ولا يشبعون. إنهم جزء من الفساد القديم.. وإن حالنا وحالهم يعرفه القاصي والداني فكيف يخفى على "مستشار رئاسي" ؟!. محمد جلال القصاص صباح الاثنين 17/09/2012 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق