الخميس، 19 يونيو 2025

أحمد سعيد يُبعث في طهران

 رياح وأوتاد

أحمد سعيد يُبعث في طهران

أحمد يعقوب باقر

الواقع الإيراني اليوم ذكرني بهزيمة بل بكارثة 1967، حيث بدأ الصهاينة الضربة الأولى فدمّروا المطارات والطائرات ومراكز الدفاع الجوي وحاصروا وقتلوا آلاف الجنود العرب في 6 أيام، في حين كان زعيم الكذابين أحمد سعيد يذيع أخبار الانتصارات ويبشّر العرب بإحصاء أعداد طائرات العدو التي أُسقطت والدبابات التي عُطّبت، وحدثت هذه الكارثة بعدما كان الزعماء العرب يتشدقون بأنهم سيلقون إسرائيل في البحر، وأنهم يستطيعون تدميرها في ساعتين اثنتين، ويعرضون على العالم صواريخ سكود الظافر والقاهر التي لم يكن لها من القهر والظفر إلّا الاسم. 

فهل وقع الإيرانيون في الخطأ نفسه، فقام أحمدي نجاد يبشّر بفناء إسرائيل، ويصرح أبومهدي المهندس بأن الهدف هو الرياض؟ وهل غفلوا عن اغتيال هنية وقاسم سليماني وأبومهدي المهندس في عمليات استخبارية في عقر دار الثورة الإيرانية، واستمروا في التهديد والوعيد والتبشير بالويل والثبور لإسرائيل، وكأن أحمد سعيد قد بُعث من جديد في طهران؟ 

لذلك كانت النتيجة متوقعة، فبدأ الصهاينة الضربة الأولى، وتم تدمير كثير من القيادات العسكرية وعلماء الذرّة والمطارات وأجهزة الدفاع، لأن كل هذه المنشآت والقيادات كانت بمنزلة بطة جالسة للطائرات والقذائف الصهيونية (sitting duck)، وكان الرد الإيراني وصواريخه التي تشبه صواريخ صدام حسين متواضعاً إذا قِيسَ بحجم تصريحات القيادة والدعاية الإيرانية. 

والمستغرب هو ليس هذه الغفلة والسقوط الإيراني فقط، بل تصديق جماهير عريضة من المسلمين والعرب لها، وربما حجبتهم جرائم الصهيونية والإبادة الجماعية التي كبّدوها للمسلمين وأهل غزة عن رؤية الحقائق والأسباب المؤدية لها. 

يقول ابن تيمية: «الإعراض عن الأسباب نقص في العقل»، وها هو ترامب يطلب من إيران الاستسلام دون شروط. 

لقد أنفقت إيران قوتها في السيطرة على دول عربية ضعيفة، واستخدمت خلايا تابعة لها في التدخل بالشؤون الداخلية وزعزعة الاستقرار وحروب طائفية بالوكالة، رغم أن إيران كان بإمكانها أن تشكّل حلفاً سياسياً قوياً مع الدول العربية متكاملاً وموجهاً إلى العصابات الصهيونية وحلفائها، رغم أي خلاف مع أنظمة هذه الدول، وكان بإمكانها تبنّي ودعم المبادرة السعودية العربية في المحافل الدولية، بدلاً من تصريح أبومهدي المهندس وأمثاله ضد الأنظمة العربية، ولكن يبدو أن سياستهم وتوجهاتهم أوقعتهم في هذه الغفلة. المهم الآن أن يجتمع العرب والمسلمون ويستعينوا - كما ذكرت - بالمكاتب والدراسات الاستراتيجية للعمل الحقيقي ضد خطط الصهاينة بعد انتصارهم، والتي صرحوا بها لتهجير الفلسطينيين والتوسع إلى مناطق عربية جديدة وتغيير خريطة الشرق الأوسط وإنشاء إسرائيل الكبرى... 

ولكن هل يستطيع العرب ذلك وهذه حالهم؟!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق