الخميس، 26 مايو 2016

ليبرمان.. مكافأة إسرائيل للسيسي

ليبرمان.. مكافأة إسرائيل للسيسي


وائل قنديل

فور الإعلان عن اتجاه حكومة الاحتلال الصهيوني لتعيين ليبرمان وزيرا للحرب، عقب خطاب السيسي في خيمة أسيوط الزرقاء، اعتبر محللون ومعلقون تلك الخطوة ردا مهينا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على السيسي، الذي عرض سلاما دافئا، بالمجان، على الإسرائيليين.

بنى بعضهم هذا الرأي على مجموعة من العناصر، بعضها يخص شخصية أفيجدور ليبرمان، اليميني الصهيوني المتطرف، منها أنه الرجل الذي هدد يوما بتدمير السد العالي، وكذلك هو الأكثر غلا وكراهية ضد الشعب الفلسطيني، والأشد شبقا لقصف غزة وهدم، وصاحب الآراء العنصرية المعروفة تجاه الفلسطينيين والعرب عامة.. 
ويلخص هؤلاء إلى أن طرح اسمه وزيرا للحرب، في لحظة سلام سيسية، حميمية وساخنة، هو صفعة لعبد الفتاح السيسي واستهانة بمبادرته، وكأن الأخير يمثل تصورا أو طرحا مغايرا ومناقضا لأفكار واتجاهات ليبرمان، أو أنهما ضدان مختلفان، وهو ما تنفيه كل المجريات والتطورات المتلاحقة.

هناك معطيات لا ينبغي إهمالها عند التوقف أمام ليبرمان، المتطرف، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" ومنها أن تعيينه وزيرا للحرب، يأتي في سياق التقارب الروسي- الإسرائيلي غير المسبوق، والذي تجسد في عديد من المواقف، في مقدمها التنسيق والتعاون في الحرب التي يقودها الروس في سورية لتثبيت حكم بشار الأسد، فالوزير الجديد ذو الأصول الروسية والذي تصفه وسائل الإعلام في بلد المنشأ بـ"البعبع الروسي" يعبر عن لحظة مفصلية في نضوج العلاقات بين موسكو وتل أبيب، بدأت بشائرها منذ زيارة بوتين إلى الكيان الصهيوني، عام 2012 والتي تطرق جزء كبير منها إلى أوضاع الإسرائيلينن من أصول سوفييتية.

السيسي يلتقي مع ليبرمان في أمور كثيرة، تتجاوز كون السيسي حقق رغبة قديمة للوزير الصهيوني المتطرف، وهي تدمير السد العالي، وإخراجه من الخدمة، من دون طلقة رصاص واحدة،كما أعلن وزير كهرباء السيسي، صراحة، فالثابت أنه يشاطره تلك الكراهية المرضية لقطاع غزة وللمقاومة الفلسطينية، وإذا كان السيسي يستمتع بقصف وتدمير كل بيت مقاوم في غزة، كما وصف معلق صهيوني، فإن ليبرمان هو من دعا خلال الحرب إلى إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة لتدميره بالكامل والتخلص من وصف العالم لإسرائيل بدولة احتلال.

هذا الأمر دفع المعلقين الإسرائيليين إلى الذهاب إلى أن تصعيد ليبرمان وزيرا للدفاع في دولة الاحتلال يعني مزيدا من الشراسة ضد الفلسطينيين، خصوصا مع استمرار التعاون بين تل أبيب من جانب، وكل من القاهرة وعمان من جانب آخر، ما يعني بالنهاية مزيدا من الحصار المفروض على صانع القرار الفلسطيني، حتى يرضخ لما تريده إسرائيل، وكلفت السيسي بالإعلان عنه في خطاب أسيوط.

يمكنك أن تضيف إلى ذلك أن ليبرمان روسي بوتيني، بحكم العرق والمولد، والسيسي بوتيني، بحكم التبعية والمصلحة الشخصية، فلا غرابة إذن أن يتزامن تصعيد نجم اليمين الصهيوني المتطرف، وزيرا للدفاع، مع تعويم نجم اليمين الانقلابي المتطرف في مصر، داخل بحيرة القرض الروسي، أو بالأحرى إغراق مستقبل مصر في خضم الارتهان الاقتصادي الكامل للمشيئة الروسية.

وعلى ذلك، فإن الوقائع على الأرض تنطق بأن السيسي أقرب من حيث القيم والأفكار إلى وزير الحرب الجديد، منه إلى بنيامين نتنياهو، وبالتالي ليس من قبيل الغلو أو التعسف أن نرى في تعيين ليبرمان مكافأة من الدوائر الإسرائيلية للجنرال السيسي، وليس عقوبة فورية أو نزوعا لإحراجه، أو ردا غليظا على مبادرته البائسة، هذا إن اعتبرنا أن ما جاء به في أسيوط هو من عندياته، وليس نصا عبريا ترجموه له إلى العربية، لكي يقرؤه في"خطبة الكهرباء".

ويضيف لنا السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة تسفي ميزئيل دليلا آخر على هذا التماهي التام بين اليمين الانقلابي"السيسي" واليمين الصهيوني المتطرف"ليبرمان" حين يحذر وسائل الإعلام الإسرائيلية من الاستمرار في تناول السيسي كعميل لهم، مشددا على أنه من مصلحة الصهاينة أن يتم النظر إلى رجلهم في مصر بإيجابية، ويقول نصا"السيسي يقدم لنا خدمات جليلة، فلم يحدث أن ندد بأي عمل قمنا به ضد الفلسطينيين".
باختصار شديد: ليبرمان والسيسي يد واحدة، ومعهما نتنياهو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق