السلفية والوطنية عندما يختطفهما
الجاهلون!
ريم سعيد آل عاطف
لن ألقّبهم بالجامية ولا أدعياء السلفية ولا عبيد السلطان هم الجاهلون وحسب!
جاهلون بالسلفية الحقّة، جاهلون بالمعنى الصحيح للوطنية، جاهلون بالعلاقة السوية بين الحاكم والمحكوم، جاهلون بميزان "الحقوق والواجبات" و" العدل والاعتدال"!.
إن أجمع الخلق _مسلمهم وكافرهم، عربهم وأعاجمهم_ على أن الحاكم والشعب كلهم فداء للوطن، فإن هؤلاء الجاهلين وحدهم من يعتقد أن الأرض والشعب فداء للحاكم!.
كنت قد كتبت مقالا دفاعا عن حق الدكتور العواجي في التعبير عن رأيه والنصح لبلده، وانتقاداً للهجوم عليه وتخوينه واتهامه في دينه ووطنيته.
وما إن نشرت مقالي حتى خرج أشباه الرجال من مخابئهم ليمارسوا العمل الوحيد الذي يجيدونه وهو القدح والتصيّد والتأليب!.
فاضت مقالاتهم وتغريداتهم وردودهم بالشتائم والاتهامات والتهديدات، ولم يراعوا كرامةً لمسلم أو تعظيماً لشهر صيام أو أدباً لحوارٍ ونقد.
جنّدوا عشرات الحسابات للإساءة إلي وانهالوا بأقذر الألفاظ وأحقر الأساليب من لعنٍ وقذفٍ وتجريح.
ومع ذلك لم أدخل معهم في جدل، ولم أهبط إلى مستواهم، ولم أرد بحرف، ولم أنتصر لنفسي باستخدام حقي في مقاضاتهم.
ولولا أني لاحظت انجراف بعض الناس وراء تخريفهم وتصديق أكاذيبهم دون تبيّن ما كتبت هذه الكلمات لبيان مسائل عدة:
* يزعم هؤلاء الجاهلون الحرص على الدين والوطن وهم أكثر من يشوّه _برعونتهم_ منهج السلفية وركائز الوطنية، فحاشا لله أن تكون السلفية ظلماً واعتداءً وإسفافاً، ومحالٌ أن يُبنى وطن أو يُحمى بمثل هذه الأساليب الدنيئة، بل إن في تلبّس تلك الحسابات بلبوس الدفاع عن أمن الدولة وتمثيلها، إساءةً عظيمة إلى الدولة ذاتها، وإيحاءً بأنها تمارس إرهاب الناس بالضغط النفسي عليهم، وتخوينهم، وخنق حرياتهم، وسحق كرامتها.
* اعتدنا من أصحاب تلك الحسابات مهاجمتهم الكثير من الشرفاء، ولكن الاستئساد على بنات الوطن أمر في غاية الخسّة.
كتبت رأيي بين أهلي ومجتمعي في بلدٍ أجزم أنه يكرم المرأة ويفرض احترامها وهيبتها على الجميع، فتنادى أشباه الرجال يشتمون ويلعنون ويتوعدون، فأي رجولة تُذكر فيمن يترصد لأنثى ويستقوي عليها؟!
ثم يسخر أولئك من أهل الجنوب، أو يسألون؛ أين رجال قبيلتها عنها؟!!
فات هؤلاء الصغار أن أهلي وأبناء قبيلتي في الجنوب كانوا منشغلين بمحاربة العدو، يدفعون عنا النار بصدورهم، ويفتدون بدمائهم ثرى الوطن، بينما انشغل الجبناء بمحاربة امرأة مختفين خلف براقع من الأسماء المجهولة.
ومع ذلك، فلن أتفاخر، أو أنتسب إلى قبيلة، فكل رجال هذه الأرض الطاهرة أهلي وسندي، وما كانوا ليرضوا لي ضيماً أو إهانة .
* قبل أن يدلّس أصحاب "الوطنية الزائفة" الحقائق، ويصطنعوا الحمية، فيجتزئوا الكلام من سياقاته،
وينتقوا ما يخدم غاياتهم البائسة، أقول : قبل أن ينساق أحد لأباطيلهم، لا بد من الخروج من دائرتهم الضيقة، والنظر إلى الصورة كاملة من خلال طرح الأسئلة التالية:
ما دام هؤلاء يزعمون الغيرة على السلفية، وعلى أمن ومصلحة البلاد، لماذا يتخندقون خلف الأسماء المستعارة والحسابات الوهمية؟ إن كان الحق معهم؟ إن القضايا العادلة والغايات المشروعة تحتاج إلى صدق ووضوح وشجاعة، لا اختباء وانزواء!
وحدهم ذوو الأهداف الموبوءة والأفكار المشبوهة يخشون الظهور بهُوياتهم الحقيقية، ووحدهم من يتذبذبون ويتخلون عن قناعاتهم مع أول صفعة.
حتى "مدخلي"، الوحيد الذي كان يكتب باسمه، ما إن حذره بعض المغردين من احتمال توكيلي محامياً لمقاضاته على مقاله حتى مثّل مسرحية "الحساب المخترق"، ثم حذف تغريدة المقال، وبقدرة قادر استعاد حسابه فوراً!
* من عجائب هؤلاء القوم أنهم يتقاطعون مع بني ليبرال في مداهنتهم أصحاب العقائد المنحرفة والفكر السقيم، ثم لا يضيقون إلا بالأحرار ولا يضايقون إلا المصلحين. لا مشكلة لهم مع الصهاينة أو الرافضة أو أعداء الدين.
ثم إن التهم موحّدة جاهزة لإلباسه الخصوم :"خارجي، إخونجي، محرّض، خائن، عميل لتركيا وقطر".
أما ما يتعلق بي، فقد رموني بتهم شتى: "الإخونجية الخبيثة التي سكت قلمها عن الإرهاب، وانطلق في التطبيل والتصفيق لأردوغان تركيا، وتميم قطر"
حفنة من الصغار الحمقى، إذ ما كتبت قط حرفاً واحداً في حياتي ثناءً على أردوغان أو تميم - ولو أردت لفعلت غير عابئة بأحد، بينما كتبت الكثير في التحذير من التطرف والعنف وإزهاق أرواح الأبرياء.
أما وصفي بالإخونجية فما ذاك إلا لأني رضيت من الإيمان بعضه ومن المواقف الشجاعة أدناها فكنت من الملايين الذين حركتهم أخوّة الدين أو الإنسانية فاستنكروا مجازر العسكر في مصر وحملات الاغتيالات والاعتقالات ضد مسلمين أبرياء، تماما كما استنكرنا عمليات الإبادة والاضطهاد في سوريا والعراق وميانمار.
* ليس من السلفية ولا الوطنية في شيء أن يجعل المرء من نفسه عبداً لحاكم، أو درعاً يحمي مسؤولا فاسدا، والأدهى أن يكون سفيها على قارعة الطريق يقذف الحجر على من يعبرون بثباتٍ : إلى الله، إلى البناء ، إلى الإصلاح، إلى العمل الجاد المسؤول.
الجهل قرين العبودية. كان وما يزال
كتبته: مقالات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق