أحمد عمر
سأل نوري: خال.. ما سقف الوطن؟
بادر ثالثنا، ضيفنا النازح الحج سمسم، إلى الجواب،
فقال: أعرف جبال الوطن، أنهار الوطن، ثروات الوطن، أما سقف الوطن فبِدعةٌ تذكّرني بالباستيل.
بنيت ثلاثة بيوت يا سبعي، وكلما بنيتُ واحداً سقط السقف، احتل دار الوالد الواسعة مستأجرٌ من أمن الوطن، فنزحنا إلى الغوطة، وبنيتُ غرفة ليلة وقفة العيد، لكن الجيران الأفاضل وشوا بي، خوفاً على جمال الحي العشوائي الأغر، فحضرت البلدية بجرافاتها، في الزمان والوقت المناسبين، بسرعة، لو وُفِق لها جيشنا الباسل عند غارات العدو، لكنّا في عزّة ومَنَعة، فقوَّضت السقف، حتى نظل مناضلين لائقين بجملةٍ وَرَدَت في خطاب الرئيس الأب: نفترش الأرض ونلتحف السماء.
بنيت بيتاً ثانياً، صمد سقفه فترة أطول برشوة .. فالرشوة في سورية الأسد رفعت بيوتاً لا عماد لها، ثم سقط السقف بسبب هشاشة العظام، وقلّة الحديد وقلّة الزاد ووحشة الطريق.
الثالث سقط بالبرميل. انتبه مراقبون كثر للأعمدة الضارعة فوق السطوح في نشرات الأخبار، إذ تنتصب على السطوح السورية أعمدة بانتظار الزمان المناسب لصبّة السقف، فسورية الأسد تعاقب على السقف، ولا تعاقب على الأعمدة.
وكأنّ صبّة سقف المواطن تعادي أو تنقص من سقف الوطن، الرئيس هو سقف الوطن، لو سقط، سقط الوطن كله. ولا معنى للوطن بغير دار للمواطن.
كان المستأجر مثلي ينقل أولاده مثل الهرِّة التي كلما جار عليها الزمن، عضّت على رقاب أولادها ونقلتهم. وها نحن أولاء ننتقل إلى تركيا، خوفاً من أن يسقط سقف الوطن علينا أو يكاد.
قال نوري: خال.. ما رأيك؟
كان جواباً وافياً، أضفت هوامش أخرى: كنا نشبه تلك الأعمدة، وكان في سورية الأسد وحدة نقدية اسمها "صبّة السقف".
الناس تدعو لبعضها: بصبّة السقف إن شاء الله، وصبّة السقف تحتاج إلى أضحية ووليمة، لأمرين:الأول استثنائية الحدث. والثاني لدرء العين الحاسدة، حتى لتظنّنّ أنّ الرئيس والجبهة الوطنية التقدمية، وقصابي فروع الأمن، يعملون في البيتون والمقاولات العمرانية السوداء، والإسمنت غال، يا ولدي، ومفقود مفقود مفقود، وهو تراب، ترابٌ محضٌ فيه بعض الخلائط، وكُـلُّ الـذي فـوقَ التُّرابِ تُرابُ.. الأسد الأب كان أدهى من المهندس المعمار سنمّار الذي بنى للنعمان قصر الخورنق، وأخبره عن آجرّةٍ فيه، لو سقطت لسقط القصر، فعلَّمه مكانها، فقتله النعمان حتى لا يعلم بها غيره. بنى الأسد الأب سورية على شاكلة قصر الخورنق، وجعل من شخصه الفاضل آجرّة الخورنق السورية.
تابعت: في بداية الثورة، رفع الأسد الأجور، وزعم أن المكرمة كانت مخططة ومعدة، ولا علاقة لها بالربيع والثورات، وذلك جحود وإهانة، بل إنه يَسَر قيود صبات السقوف غير الشرعية، فغضَّ النظر عنها، كما لو أنها غارات إسرائيلية، وسعدت أعمدة كثيرة مرفوعة بسقوف قصيرة العمر. انشغل بها الناس، كما كان بنو إسرائيل ينشغلون بالسمك في يوم السبت، " إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ". وانطلقوا يعمرون ويبنون سورية سوداء تهريباً.
سورية كانت كريمة قبل ثورة آذار، وكان كل مواطن هو عمود الوطن، ولم يكن من سقفٍ للوطن سوى كرامة المواطن.
وكانت سورية، قبل ستين سنة، أجمل من قصر تاج محل، وساحرة مثله، تلتقي الأمطار كلها في جدول واحد وتصبُّ في بردى أو بقين أو الفرات.. إلى أن أعاد الأسد معمارها السياسي على مخططات سنمّار، ثم قتلَ الشعبَ السنمّار، فظهر تعبير سقف الوطن، وسيد الوطن، وقبر الوطن. حوّل الأسد سورية من تاج محل إلى بوط محل.
قال الحاج سمسم، وهو يخرج أدويته من الكيس، كي يعالج جروحه من شظايا البرميل: هات، يا سبع الوطن، ماء الوطن كي نأخذ حبة الوطن، من أجل أن نداوي جروح سيادة الآجرة، قفل الوطن، فهمت يا سبعي؟
قال السبع نوري: فهمت أنّ النظام صبّة بيتون إرهابي مسلّح، يا خال.
سأل نوري: خال.. ما سقف الوطن؟
بادر ثالثنا، ضيفنا النازح الحج سمسم، إلى الجواب،
فقال: أعرف جبال الوطن، أنهار الوطن، ثروات الوطن، أما سقف الوطن فبِدعةٌ تذكّرني بالباستيل.
بنيت ثلاثة بيوت يا سبعي، وكلما بنيتُ واحداً سقط السقف، احتل دار الوالد الواسعة مستأجرٌ من أمن الوطن، فنزحنا إلى الغوطة، وبنيتُ غرفة ليلة وقفة العيد، لكن الجيران الأفاضل وشوا بي، خوفاً على جمال الحي العشوائي الأغر، فحضرت البلدية بجرافاتها، في الزمان والوقت المناسبين، بسرعة، لو وُفِق لها جيشنا الباسل عند غارات العدو، لكنّا في عزّة ومَنَعة، فقوَّضت السقف، حتى نظل مناضلين لائقين بجملةٍ وَرَدَت في خطاب الرئيس الأب: نفترش الأرض ونلتحف السماء.
بنيت بيتاً ثانياً، صمد سقفه فترة أطول برشوة .. فالرشوة في سورية الأسد رفعت بيوتاً لا عماد لها، ثم سقط السقف بسبب هشاشة العظام، وقلّة الحديد وقلّة الزاد ووحشة الطريق.
الثالث سقط بالبرميل. انتبه مراقبون كثر للأعمدة الضارعة فوق السطوح في نشرات الأخبار، إذ تنتصب على السطوح السورية أعمدة بانتظار الزمان المناسب لصبّة السقف، فسورية الأسد تعاقب على السقف، ولا تعاقب على الأعمدة.
وكأنّ صبّة سقف المواطن تعادي أو تنقص من سقف الوطن، الرئيس هو سقف الوطن، لو سقط، سقط الوطن كله. ولا معنى للوطن بغير دار للمواطن.
كان المستأجر مثلي ينقل أولاده مثل الهرِّة التي كلما جار عليها الزمن، عضّت على رقاب أولادها ونقلتهم. وها نحن أولاء ننتقل إلى تركيا، خوفاً من أن يسقط سقف الوطن علينا أو يكاد.
قال نوري: خال.. ما رأيك؟
كان جواباً وافياً، أضفت هوامش أخرى: كنا نشبه تلك الأعمدة، وكان في سورية الأسد وحدة نقدية اسمها "صبّة السقف".
الناس تدعو لبعضها: بصبّة السقف إن شاء الله، وصبّة السقف تحتاج إلى أضحية ووليمة، لأمرين:الأول استثنائية الحدث. والثاني لدرء العين الحاسدة، حتى لتظنّنّ أنّ الرئيس والجبهة الوطنية التقدمية، وقصابي فروع الأمن، يعملون في البيتون والمقاولات العمرانية السوداء، والإسمنت غال، يا ولدي، ومفقود مفقود مفقود، وهو تراب، ترابٌ محضٌ فيه بعض الخلائط، وكُـلُّ الـذي فـوقَ التُّرابِ تُرابُ.. الأسد الأب كان أدهى من المهندس المعمار سنمّار الذي بنى للنعمان قصر الخورنق، وأخبره عن آجرّةٍ فيه، لو سقطت لسقط القصر، فعلَّمه مكانها، فقتله النعمان حتى لا يعلم بها غيره. بنى الأسد الأب سورية على شاكلة قصر الخورنق، وجعل من شخصه الفاضل آجرّة الخورنق السورية.
تابعت: في بداية الثورة، رفع الأسد الأجور، وزعم أن المكرمة كانت مخططة ومعدة، ولا علاقة لها بالربيع والثورات، وذلك جحود وإهانة، بل إنه يَسَر قيود صبات السقوف غير الشرعية، فغضَّ النظر عنها، كما لو أنها غارات إسرائيلية، وسعدت أعمدة كثيرة مرفوعة بسقوف قصيرة العمر. انشغل بها الناس، كما كان بنو إسرائيل ينشغلون بالسمك في يوم السبت، " إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ". وانطلقوا يعمرون ويبنون سورية سوداء تهريباً.
سورية كانت كريمة قبل ثورة آذار، وكان كل مواطن هو عمود الوطن، ولم يكن من سقفٍ للوطن سوى كرامة المواطن.
وكانت سورية، قبل ستين سنة، أجمل من قصر تاج محل، وساحرة مثله، تلتقي الأمطار كلها في جدول واحد وتصبُّ في بردى أو بقين أو الفرات.. إلى أن أعاد الأسد معمارها السياسي على مخططات سنمّار، ثم قتلَ الشعبَ السنمّار، فظهر تعبير سقف الوطن، وسيد الوطن، وقبر الوطن. حوّل الأسد سورية من تاج محل إلى بوط محل.
قال الحاج سمسم، وهو يخرج أدويته من الكيس، كي يعالج جروحه من شظايا البرميل: هات، يا سبع الوطن، ماء الوطن كي نأخذ حبة الوطن، من أجل أن نداوي جروح سيادة الآجرة، قفل الوطن، فهمت يا سبعي؟
قال السبع نوري: فهمت أنّ النظام صبّة بيتون إرهابي مسلّح، يا خال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق