الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

كيف سترد السعودية على القانون الأميركي (جاستا) (2-2)


كيف سترد السعودية على القانون الأميركي (جاستا) (2-2)

د. محمد عياش الكبيسي

الإشكال الذي تواجهه المملكة العربية السعودية ليس في نص القانون، وإنما في طريقة تعامل ذوي الضحايا معه، ثم في المؤسسات المعنية بالنظر في مثل هذه القضايا، حيث من المتوقع أن يكون هناك جو من العواطف والمحاباة والرغبة في الإثراء المفتوح، طالما أن الشكاوى لا توجه ضد طرف أميركي، بل ضد السعودية البلد العربي الثري!

وإذا اقترن هذا بصورة العربي بشكل عام والسعودي بشكل خاص في مخيلة الرأي العام الأميركي، التي أنتجتها ورسختها وسائل الدعاية النشطة التي تتبناها لوبيات معروفة بعدائها الشديد لكل ما هو عربي، فإننا أمام مخاوف جادة وخطيرة بالفعل.

السؤال الذي يرد في هذا السياق أين دور اللوبي السعودي؟ وكيف تتمكن الدوائر المعادية للسعودية من تشويه الحقائق وتوظيفها دون أن يكون هناك رد مكافئ؟

الحقيقة أن المسألة أوسع بكثير من ذلك، وهي بحاجة إلى مراجعة ومناصحة أكثر، فالسعودية بالرغم من ثقلها ورمزيتها الكبيرة في ضمير الأمة، نجد أن إيران تمكنت من منافستها وإيذائها في المساحة التي كان يفترض أن تكون خالصة لها، إن العالم الإسلامي كله وبسواده الأعظم متوافق مع السعودية من الناحية الدينية ويعدها قبلة له، وهو أيضا كاره لانحرافات التشيع الصفوي الإيراني، إلا أن اللوبيات الإيرانية تعمل في كل هذا العالم بشبكة من العلاقات الفعالة والنشطة بخلاف السعودية, وعلى سبيل المثال لو أحصينا عدد المنح الدراسية التي تقدمها الجامعات الإيرانية للطلاب السنة من إندونيسيا وماليزيا وأفريقيا والهند مقارنة بالجامعات السعودية، فإننا أمام كارثة حقيقية، أما أبواب إيران المفتوحة للمفكرين والإعلاميين والنشاطات الاستثنائية التي تقوم بها الملحقيات الثقافية الإيرانية، وحضورها الفاعل في المناسبات الوطنية وحتى الاجتماعية فحدث ولا حرج، وأذكر بهذا الصدد يوم عقدت إحدى الملحقيات مؤتمرا بعنوان (الإمام الخميني مجددا) ضمن سلسلة من أنشطتها، ودعت له أساتذة الشريعة أيضا، وشارك بعضهم بالفعل! 
بينما لا أذكر أي نشاط مقابل لأي سفارة عربية أو إسلامية ، فإذا كان هذا في عالمنا العربي السني، فما بالنا في العالم الغربي الذي تزدحم فيه اللوبيات المعادية لكل ما هو عربي وإسلامي؟
على صعيد آخر نرى أن السعودية قادرة الآن على أن تقود بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مشروعا مناهضا لهذا القانون، فضحايا الحروب الأميركية الظالمة في العراق وأفغانستان وغيرهما لا يمكن عدهم أو حصرهم، وهناك اعترافات أميركية صريحة بارتكاب جرائم إنسانية كما في سجن أبي غريب، ومجزرة حديثة، واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا في الفلوجة، وإذا جاء هذا المشروع متزامنا ومتعاضدا مع ما يمكن أن تقوم به اليابان مثلا، أو ما تقوم به تركيا بعد تورط فتح الله غولن في الانقلاب الأخير الذي تسبب بإزهاق مئات الأرواح، والذي لا زالت الولايات المتحدة الأميركية تقدم له الحماية والرعاية، فإن هذا كله سيجعل البيت الأبيض أمام أزمة عالمية معقدة، تجبره على إعادة النظر في هذا القانون أو التريث في تفعيله على الأقل.

هناك خطوات كثيرة يمكن القيام بها، إذا توفرت الإرادة الصادقة والإدارة الناجحة، وهذا الذي نأمله ونرجوه.;



كيف سترد السعودية على القانون الأميركي «جاستا» (1-2)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق