الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

كلّه يهون من أجل السيسي!

كلّه يهون من أجل السيسي!

أحمد بن راشد بن سعيد 


تتجاهل الصحافة السعودية السائدة حجم الهوّة التي تفصل المواقف الرسمية والشعبية، عن المواقف التي يتخذها النظام في مصر من مجمل قضايا المنطقة.
 يدسّ معظم كتّابها أنوفهم في التراب، وهم يسمعون أبواق السيسي تزعق ضد السعودية ليل نهار، بل يسعون إلى وضع تلك المواقف العدائية في إطار الشذوذ زاعمين أن كلّ تفسير غير ذلك «مؤامرة إخوانية»، وأن على السعوديين ابتلاع الإهانات حتى «لا يصطاد الإخوان وأنصارهم في الماء العكِر». كلّه يهون من أجل السيسي!.

ماذا لو تعرّض مواطن سعودي في مطار القاهرة للضرب على يد الشرطة؟ أنكر الحادثة جملة وتفصيلاً، واتّهم من رواها بأنه «مروّج للإشاعات»، أو «إخواني» الميول.
 لا تردّ حتى ردّاً متوازناً، ولا تدعُ إلى تشكيل لجنة تحقيق، بل طالب بمحاكمة «شاهد العيان» الذي رأى بعينيه الضرب الوحشي للمواطن. كلّه يهون من أجل السيسي!.

ماذا لو اعتدى بلطجية على مواطن سعودي في شقّته بالقاهرة، من أجل سرقته، وخنقوه حتى الموت، وتركوا جثّته حتى تحلّلت؟ 
كن «كأنك لم تسمع ولم يقلِ». لكن القصة أصبحت «حديث المدينة»! إذن لا بدّ من تناولها، ولكن «همِّشها»، وضعها في إطار جنائي بعيداً عن الفوضى الأمنية، والتعبئة الدعائية ضد أصحاب «الرز»، وحذار أن تشير إلى إهمال السلطات، بل «أبرز» دورها في القبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة، فالمهم أن يبقى «كلّ شيء على ما يُرام»، وألا تتأثر السياحة في شرم الشيخ.كلّه يهون من أجل السيسي!

ماذا لو انحاز النظام الانقلابي للعدوان على الشعب السوري؟ مممم..حسناً، لا بد من مخرج وإن أبلغ السيسي في الخذلان وإنكار الجميل. يمكن الزعم بأن هذا السلوك ليس إلا امتداداً لسلوك الرئيس المغدور، محمد مرسي، وليس بدعة انقلابيّة، وهو ما أشار إليه مدير قناة العربية السابق، عبد الرحمن الراشد، الذي أنحى باللوم على مرسي زاعماً في جريدة «الشرق الأوسط» أنه ظلّ زمناً «يقاوم الضغوط السعودية والقطرية ممتنعاً عن اتخاذ موقف معادٍ للأسد...»، وما ذلك إلا لأن علاقته بإيران «عميقة ومتجذّره» بحسب بهتانه. ذهب الراشد في تماهيه مع السيسي حدّ تأييد مؤتمر غروزني، الذي حضره شيخ الأزهر، والذي أخرج السلفيّة و «الوهّابيّة» والإخوان من دائرة أهل السنّة ساخراً في «الشرق الأوسط» من «صراخ المستبعَدين»، مهاجماً الإخوان لـ «إفراطهم في تكفير مخالفيهم»، والسلفيين لتأثرهم بهم. هل يبدو ذلك فجوراً خسيساً في الخصومة؟ لا بأس، كلّه يهون من أجل السيسي!!

ماذا لو صوّتت مصر السيسي لقرار قدّمته روسيا يدعم عدوانها في سوريا؟ قل أيّ كلام. خذ مثلاً هذه التدوينات للراشد نفسه: «موقف متوازن»، «وأتفهّم ظروفها»؛ «مصلحة السعودية ليست بالتورّط في مواجهة مع الشقيقة مصر..بالإنابة عن الإخوان..»؛ «مصر صوّتت مع المشروع الفرنسي...وهو القرار الأصلي والأهم..». لكن مندوب السعودية في الأمم المتحدة انتقد موقف النظام في مصر من القرار؟ يردّ مدير «العربية» السابق: «..لا أصدّق أخبار «الجزيرة» عن مصر». حسناً، ذاع التصريح، وأصبح «معرفة عامّة»، فماذا تقول؟ «رأيي أن تصريح السفير غير مناسب..». عنز ولو طارت! 
يبدو أنك راضٍ بالحملة الدعائية في مصر ضد وطنك؟ اممم..لماذا «نتفهّم موقف قطر وإعلامها المحرّض ضد السعودية أكثر من (تفهّمنا) إعلام السيسي»؟ وعين الرضا عن كل عيب كلِيلةٌ.
لكن هذا الكاتب ليس وحده. 
لفيف من الليبروفاشيين السعوديين يرون في السيسي «بقرة مقدّسة» كأنّما يقولون له: «اذهب مغفوراً لك ما دمت تستأصل الإسلاميين في مصر، وتخنقهم في غزة، لتعيش إسرائيل آمنة». كاتب في جريدة «الوطن»، اسمه علي الموسى، برّر تصويت نظام السيسي للقرار الروسي بقوله إن النظام لم يعترض على «تحالفنا المعلن مع تركيا رغم تدخلها السافر في الشأن المصري..»، فعلينا «ألا نخسر مصر» بسبب «تصويت لا قيمة له في مجلس الأمن»!
وكلّه يهون من أجل السيسي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق