الأحد، 30 أكتوبر 2016

قراءة في كتاب: “الطاغية”

قراءة في كتاب:


 “الطاغية”

الطاغية: دراسة فلسفية لصور من الإستبداد السياسي
تأليف: إمام عبد الفتاح إمام
قسم: سياسة
عدد الصفحات: 302 
دار النشر: عالم المعرفة
سنة النشر: 1994 
الرقم الدولي للكتاب: 9771434802

هذا كتاب يذهب فيه صاحبه إلى أن تخلف المجتمعات الشرقية بصفة خاصة، والمجتمعات الإسلامية بصفة عامة يعود أساساً إلى النظام السياسي الاستبدادي الذي ران على صدور الناس ردحاً طويلاً من الزمن ولا يكمن الحل في السلوك الأخلاقي الجيد، أو التدين الحق بقدر ما يكمن في ظهور الشخصية الإنسانية المتكاملة التي نالت جميع حقوقها السياسية كاملة غير منقوصة، واعترف المجتمع بقيمتها وكرامتها الإنسانية، فالأخلاق الجيدة والتدين الحق نتائج مترتبة على النظام السياسي الجيد لا العكس. وهو يستعرض نماذج من صور الطغيان، مع التركيز على الاستبداد الشرقي الشهير. الذي سرق فيه الحاكم وعي الناس عندما أحالهم إلى قطيع من الغنم ليس له سوى وعي ذو اتجاه واحد، كما يقترح حلاً بسيطاً يكسبنا مناعة ضد الطاغية، ويمكننا من الإفلات من قبضته الجهنمية، ويقضي على الانقلابات العسكرية التي أصبحت من سمات المجتمعات المتخلفة وحدها. وهذا الحل هو التطبيق الدقيق للديمقراطية. بحيث تتحول قيمها إلى سلوك يومي يمارسه المواطن على نحو طبيعي وبغير افتعال.


إقتباسات


“لا جدال في أن انفصام الشخصية الظاهر جدا في الشخصية الشرقية جاء نتيجة لحكم الطاغية الذي يعتمد كما رأينا مرارا علي مبدأ الخوف وبث الرعب في قلوب الناس, فلا يستطيع أحد أن ينتقد أو يناقش ولا أن يفكر بصوت مسموع, فيلجأ إلي الرياء والنفاق والتملق في الظاهر, ولايفصح عما بداخله إلا إذا اختلي بصحبة يثق فيها, وهكذا يعتاد أن تكون له شخصية ظاهرة علنية هي التي تقول "نعم" بصفة مستمرة, وشخصية خفية مستترة يمكن أن تقول "لا" في أوقات خاصة!
سوف ينعكس هذا الانقسام في جميع سلوك الفرد وتصرفاته بحيث يكون نمطا للشخصية: فتراه أولا يهتم بالشكل دون الجوهر, فيكون تدينه زائفا لا يأخذ من الدين سوي جانبه الظاهري السهل ويترك الجوهر الذي يتجلي في الصدق والإخلاص والأمانة والتعاون والضمير والعدل والإحسان.. . إلخ. وتراه ثانيا يفصل نفسه عن وطنه: فالحكومة والشرطة والصحافة شيء ومصلحته هو الخاصة واهتماماته شيء اخر. وهذة القسمة راجعة إلي أنه لم يشترك في حكم بلاده, ولا في تشريع القوانين التي يخضع لها, ولا في إعداد الخطة التي يسير عليها.. .إلخ 
فذلك كله كان متروكا "للقائد الملهم"!.. ” 
― إمام عبد الفتاح إمام, الطاغية: دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي

“يبدو أن أفلاطون كان علي حق عندما ذهب إلي أن ظهور الطاغية مرهون بوجود ضب من الفوضي أو التسيب في الدولة, بحيث يكون هو "المنقذ" الذي يعيد النظام, والأمن, والاستقرار إلي البلاد حتي يشعر كل مواطن أنه امن علي نفسه, وأهله, وماله... الخ. يقول أندوروز في كتابه عن "طغاة الإغريق" إنهم كانوا يظهرون في فترت الأزمات بحيث يكون المبرر العام الشائع الذي يسوغون به الطغيان وهو نفسه تبرير الدكتاتورية الان وهو قدرة الطاغية أو الديكتاتورية علي النهوض بحكومة فعالة, بعد أن أصبح جهاز الدولة عاجزا عن مواجهة الأزمات التي تظهر بسبب ضغوط خارجية او توترات داخلية. ومن ثم كان الامل ينعقد علي ظهور حاكم قوي يعيد النظام والاستقرار إلي المدينة اليونانية, هو: الطاغية, وإن كان أندروز نفسه يستطرد ليقول: "عندما كانت الحاجة تدعو إلي وجود طاغية, فإنه عندما يحكم كان يذهب في حكمه أبعد من الأزمة التي جاء ليعالجها, فالضرورة العامة شيء يتحد مع الطموح الشخصي, ولايمكن الفصل بينهما بوضوح, فضلا عن أنه ليس من السهل علي الحاكم المطلق أن يتقاعد !".” 
― إمام عبد الفتاح إمام, الطاغية: دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي


قراءة حواس محمود


الطاغية.. تلك الكلمة – الظاهرة ـ المرعبة والمظلمة التي توحي للإنسان العاقل السويّ بشتّى الصور والوقائع والممارسات اللاإنسانية التي ارتكبت وترتكب بحقّ البشرية منذ بدايات التاريخ حتى عصرنا الراهن، إنّها نقيض للحرية والحياة والحضارة بل عدوّة لها، تنتعش في واقع التخلف ومنه تستمدّ ثباتها واستمراريتها، تحوّل الإنسان إلى شيء لا قيمة له، مثله أيّ جماد في هذا الكون، تؤلّه القائد الزعيم، وتثير الحروب والويلات والمآسي، تحرق الأخضر واليابس، تقتل البراءة والصدق والسعادة.


الكتاب الذي نتناوله الآن عنوانه “الطاغية” للدكتور إمام عبد الفتاح إمام، يعالج موضوع الطغيان منذ بدايات التاريخ وحتى يومنا الراهن، تكمن أهمية هذا العمل في هذا الجهد الضخم والمضني والمتميّز الذي بذله المؤلّف في شرح الطغيان وتوضيحه من كافّة الجوانب وفي أكثر من موقع من جغرافيا العالم، وفي مراحل تاريخية متعدّدة ـ يتألّف الكتاب من أربعة أبواب وتسعة فصول توزّعت على 363 صفحة قطع كبير، ويمكننا هنا أن نستعرض أهمّ الأفكار والنقاط الواردة فيه محاولين التركيز أكثر على الطغيان الشرقيّ لأنه يهمّنا قبل غيره.


المستبدّ العادل


يتناول الكاتب مصطلح “المستبدّ العادل” ويشير إلى أنّه قد ظهر أوّل ما ظهر في أوربا، واستخدمه في البداية المؤرّخون الألمان للتعبير عن نظام معيّن في الحكم في تاريخ أوربا، كما أنّ هذا المصطلح يدلّ على التحالف بين الفلسفة والسلطة المطلقة الذي به تتمّ سعادة الشعوب، وانتقل هذا المصطلح إلى الشرق العربيّ والإسلامي، إذ أنّ جمال الدين الأفغاني رأى فيه الحلّ الحقيقيّ لمشكلات الشرق، وبرأيه فإنّ المستبدّ العادل يحكم بالشورى، ويؤكّد الأفغاني على هذا المصطلح في كتابه “الخاطرات” بقوله “لا تحيا مصر ولا يحيا الشرق بدوله وإماراته إلا إذا أتاح الله لكلّ منهم رجلا قويا عادلا يحكمه بأهله على غير التفرّد بالقوّة والسلطان”.. ينتقد الكاتب هذا المصطلح الغريب بالتركيز على التناقض الواضح فيه (المستبدّ العادل) إذ كيف يمكن لحاكم أن تجتمع لديه صفتان إحداهما تنفي الأخرى.


الطاغية الذئب


نظرية أفلاطون : لا يعدّ أفلاطون صاحب أوّل نظرية فلسفية عن الطغيان السياسي فحسب، وإنّما كان بالإضافة إلى ذلك أوّل فيلسوف يلتقي بالطاغية وجها لوجه. ويروي المؤلّف قصة معاناة أفلاطون مع طاغية سيراقوصة. هذه المعاناة خبر خلالها أفلاطون بنفسه الظلام الدامس الذي يعيش فيه الطاغية، وعرف طباعه وأفكاره وممارساته، ورآه كيف يتآمر على الناس وكيف يقتلهم ويعذّبهم، وحيث تتقدّم الحرية – والحالة هذه ـ يكثر الوشاة والمرجفون وتحاك الدسائس والمؤامرات… الخ، وبحسب أفلاطون فإنّ الطاغية أوّل ما يتسلّم الحكم يتقرّب من الناس بالابتسامة والتحية، ويحدث بعض الإصلاحات والتعديلات الطفيفة في بعض قوانين الدولة، يجزل الوعود الخاصة والعامّة، ويعفي الناس من الديون، ويوزّع الأرض على الشعب وعلى مؤيّديه، يبدأ بتكوين حرس قويّ بحجّة المحافظة على مطالب ومكاسب الشعب ومراعاة مصلحته، ومن ثمّ يبدأ في تقوية وجوده في الداخل والخارج، يتفاوض مع بعض أعدائه في الخارج، ويحارب البعض الآخر، ثم يتحوّل إلى الداخل ليقضي على صاحب أيّ رأي مناهض، وإسكات أيّ صوت مخالف، ويشعل الحروب ليشعر الشعب بحاجته الدائمة إلى قائد يحميه من أخطار كبيرة آتية من الخارج، وبعد أن يقتنع الطاغية بقوّة سيطرته على مقاليد البلد يقوم بإلصاق التهم الباطلة بحقّ أهله ويسفك دماءهم، ويحتقر القوانين، وهذه الحالة من شأنها أن تؤدّي إلى إيقاف أيّ معارضة محتملة لنظام حكمه، وشيئا فشيئا يتحوّل حكمه إلى جنون وإلى كارثة، ويتحوّل “الطاغية” إلى ذئب، وليس له أيّ صديق فهو على استعداد لقتل أيّ شخص من أعوانه لمجرّد شعوره بأنّه يشكل خطرا على شخصيته أو نظامه، إنّ ممارسات الطاغية هذه تثير في نفوس المواطنين قلقا وكراهية وعداء تجاهه، وهذا ما يدفعه لتدعيم سلطاته بزيادة عدد الحرس والمرتزقة والجواسيس، ويغدق عليهم الأموال فيتحوّل مصيرهم إلى مصيره ـ يتوحّد المصير (يصبحون جزءا لا يتجزأ من النظام الحاكم)، وقد لا تكون بطانة الطاغية الحرس أو رفاق السلاح فقط، وإنما أيضا الكتاب والمثقفون والشعراء، ولهذا فإننا نجد من بين هؤلاء من يمتدح الطاغية بل ينشر وعيا مشوّها بضرورة الاستناد إلى حاكم قويّ ـ طاغية ـ يكون الحامي والرمز والمنقذ للشعب الذي بدونه لا يمكن له أن يعيش بسعادة وراحة وأمان، ويؤكّد أفلاطون أنّ الشعب سيدرك أخيرا مدى الحماقة التي ارتكبها حين أنجب مثل هذا المخلوق ورعاه وربّاه حتى أصبح أقوى من أن يستطيع طرده.


الطاغية يرتدي عباءة الدين


يتناول الكاتب مسألة استغلال الدين في العالم المسيحي من قبل الطاغية وارتدائه لباس الدين، وتمرير سياساته وممارساته من خلاله وباسمه والدين منها براء، ويمسح تناوله. هذا الفترة من بداية المسيحية إلى الإصلاح الديني، ويرى أنّ اليهود أوّل من حاول إقامة الدولة الدينية من بين الديانات السماوية الكبرى، وهم أوّل من صاغ مصطلح التيوقراطية “الحكم الديني” لأسباب خاصة بهم، ويتعرّض الكاتب إلى موضوع البروتستانية والطاغية من خلال المرجعية البروتستانتية – مارتن لوثر ـ جون كالفن …


مقاومة الطغيان ـ الطغيان الشرقي


يبحث المؤلف في مقاومة الطغيان من خلال الفقرات التالية ( ضمن الفصل الأول من الباب الرابع من الكتاب) : رجل المحارـ الديمقراطية المباشرة استئناف المسيرة في العصر الحديث، فلمر وجون لوك، إسهامات شتى، ويتناول من خلال الفقرة الأخيرة إسهامات بعض المفكرين والفلاسفة الأوروبيين في تحليل ظاهرة الطغيان، وسبل مقاومته، ومنهم مونتسيكو، جان جاك روسو، أمانويل كانط، هيغل، جون ستيورات مل، وهؤلاء يؤكّدون مسألة الديمقراطية كحلّ ناجع للقضاء أو الإقلال من ظاهرة الطغيان، باعتبار أنّ ماهية الإنسان هي الحرية، وأنّه يتحوّل إلى درجة الحيوان عندما يفتقدها ـ وكما قلنا آنفا ـ فإنّ ما يهمنا من هذا الباب وبالتالي من هذا الكتاب هو الطغيان الشرقي.


الطغيان ليس ظاهرة خاصة بمنطقة محدّدة من العالم دون غيرها، ونطالع في التاريخ نماذج لطغاة حكموا شعوبهم في أكثر من منطقة من العالم، كالطغاة اليونانيين والفراعنة وطغاة بابل وفارس…الخ إلا أن الطغيان في الشرق (الطغيان الشرقي) أكثر شمولا وأشدّ قسوة وأبقى مدى زمنية، يصف المؤلف بواقعية دقيقة صورة الطاغية عندنا (في العالم العربي ) بأنه الشعب وهو مصدر كلّ السلطات، وأن أيّ نقد أو هجوم على سياساته هو نقد وهجوم على الدولة بأسرها لأنه هو الدولة، والنقد لا يصدر إلا منه، ولا يمكن لأي شخص آخر ممارسته، إنه يمد الحبل السرّيّ إلى جميع أفراد المجتمع فيتنفّسون شهيقا كلّما تنفّس ولا تعمل خلاياهم إلا بأمره فهو “الزعيم الأوحد” و”الرئيس المخلص” و”مبعوث العناية الإلهية” و” القائد والمعلّم” والملهم الذي يأمر فينصاع المجتمع لأوامره، وهو يعبّر عن مصالح المواطنين ويعرفها بصورة أفضل منهم لأنّهم “قصّر” لم يبلغوا بعد سنّ الرشد والبلوغ، وكيف يمكن للقاصر إدراك الخطأ من الصواب، والحقّ من الباطل، لقد انتشرت هذه الظاهرة “التوحيد بين الحاكم والشعب” لتصبح “الكلّ في واحد” وبصدد هذه الظاهرة “الطغيان الشرقي” يتحدّث أرسطو فيقول : “يتمثل الطغيان بمعناه الدقيق في الطغيان الشرقيّ حيث تجد لدى الشعوب الآسيوية على خلاف الشعوب الأوروبية طبيعة العبيد، وهي لهذا تتحمّل حكم الطغاة بغير شكوى أو تذمّر”، إذن ما يلاحظه المرء من اعتياد جماهير القرن العشرين لطغيان الطغاة وعدم معارضتهم له وتحمّلهم لمظالمه وجرائمه بحقّهم ليس أمرا غريبا طالما أنّ لهذه الظاهرة جذورا تاريخية ممتدّة إلى عصور موغلة في القدم، اعتاد فيها سكان هذه المنطقة العيش مع الطغاة في ذلّ وهوان، وللأسف فإنّ مفهوم أرسطو هذا امتدّ إلى الفكر الأوروبي الحديث، مع تغيّر طفيف من خلال بعض رموزه كمونتسيكو إذ يرى أن “الحكومة المعتدلة هي أصلح ما يكون للعالم المسيحي، وأن الحكومة المستبدة هي أصلح ما يكون للعالم الإسلامي”، لا شك أنّه يقول ذلك بسبب عدم قراءته للإسلام الذي يدعو إلى حرية العقيدة والتفكير وإلى الشورى بين الناس، هذا مع العلم أنّ الإسلام لم يقل إنّ كلّ سلطة سياسية مستمدّة من الله، وهو المبدأ الذي يبرّر الطاعة العمياء المطلقة والاستسلام الكامل لأوامر الطاغية وتعليماته أينما وجد.


والحقيقة التي لا جدال حولها هي أنَ الأمم الشرقية أصبحت تنشد الحكم الاستبدادي لطول اعتيادها عليه، إذ أنَ أبناء هذه الأمم يدبّجون القصائد التي تتغنّى بأياديه البيضاء على الناس، وأصبح ” الحاكم الشرقي” لا يجد حرجا في تسخير الصحافة والإذاعة والتلفاز وجميع وسائل الإعلام للحديث عن بطولاته وانتصاراته وأمجاده، ويستخدم طغاة الشرق في العصر الراهن أحدث تكنولوجيات الغرب المستوردة وعلوم العصر في خدمة آلة القمع والإرهاب، وهنا يمكن القول بتعانق التخلّف الفكري المستوطن – لدى هؤلاء الطغاة- مع التقدم التكنولوجي المستورد في جدلية القمع المنظم ضد الجماهير.


لا بدّ من الديمقراطية


وقبل أن ينهي المؤلف كتابه القيّم هذا يجد الحلّ من “الطغيان” بالديمقراطية التي هي ليست نسخة عن الديمقراطية الفرنسية أو الألمانية أو الأمريكية، ولكنها ديمقراطية تلائم الخصوصية التاريخية والاجتماعية والسيكولوجية والحضارية لبلداننا، ويرى بأنّ وسائلنا في الوصول إلى الحكم الديمقراطي هي :


التربية ( في المدرسة والمنزل … الخ)، تعويد الطفل على احترام الرأي والرأي الآخر، كرامة الإنسان وقيمته، التفكير الحرّ، رأي الأغلبية

القانون واحترامه، مما يتيح ممارسة المبادئ الديمقراطية على مستوى جماعي، فإن كان هناك من هو فوق القانون اختفت الديمقراطية

أجهزة الإعلام المختلفة : الإذاعة، التلفزيون، الصحف، فهي كلها يمكن أن تقوم بدور بالغ الأهمية لبث المبادئ الديمقراطية..



خاتمة:


وفي ختام هذه القراءة يمكننا القول بأن هذا الكتاب غنيّ بالأفكار والتفصيلات والتوضيحات حول شتى جوانب مسألة الطغيان، وتكمن أهمية الكتاب في تناوله لمسألة “الطغيان” من الجوانب الفلسفية والتاريخية والاجتماعية والنفسية، والمؤلف لا يكتفي بالطرح والمناقشة النظرية لهذه المسألة، وإنما يسقطها على الواقع، ويتبيّن ذلك من خلال إيراده للعديد من الأحداث والوقائع والمجريات القديمة والمعاصرة، وهناك سلبية نذكرها : وهي عدم تطرّق المؤلف إلى “الطغيان في الخطاب الفكري العربي المعاصر” ذلك أنه بالرغم من عدم وجود مؤلفات كثيرة في هذا الصدد ولكن توجد كتابات معاصرة تتناول الطغيان والاستبداد عبر دراسات وأبحاث منشورة في الصحف والدوريات العربية.


قراءة




 

من برنامج: خارج النص

من برنامج "خارج النص" كتاب "الطاغية" الذي صدر عام 1993 لصاحبه إمام عبد الفتاح إمام، والذي تسبب في ضجة كبيرة خاصة في الأوساط السياسية العربية.
وقال إمام في مقدمة كتابه "في ظني أن موضوع الطاغية بالغ الأهمية وأنه لم ينل حقه من الدراسة والبحث في مكتبتنا العربية، مع أننا أحوج ما نكون إلى دراسته بعمق.. ربما لأن الباحث لا يجرؤ على الكتابة في هذا الموضوع ما أبقى الطاغية متربعا على كرسي الحكم".
ويرى إمام أن الطغيان قديم قدم الإنسانية، وأنه على مر العصور عرفت البشرية العديد من الطغاة والمستبدين الذين تمكنوا من حريات المحكومين.
كما ينتقد كتاب الطاغية تبرير الطغاة وجودهم وأساليبهم في الحكم، فالطاغية يسعى دائما لإقناع شعبه المضطهد أنه ما أتى إلا لمصلحته وليوفر له العدل الذي لم يوفره العهد السابق، ويقول إمام في هذا الصدد إن "الطغيان هو أسوء أنواع الحكم وأكثرهم فسادا، لأنه نظام يستخدم السلطة استخداما فاسدا".
من جهته، قال أستاذ الفلسفة في جامعة الجزائر عبد المالك عيادي إن الكاتب العربي لا يجرؤ على الكتابة عن الطاغية والتقرب من منطقة الحاكم لأنه يشكل تهديدا حقيقيا له.
واعتبر الباحث في الفكر الإسلامي حسام محمد عقل أن الكتاب يجابه أنظمة سياسية في المنطقة العربية قائمة على أساس السلطة المطلقة، كما يدين الكتاب دكتاتورية الأفراد والجماعات في الآن ذاته، ولذلك فمن الطبيعي أن لا ينال الكتاب إعجاب الأروقة السياسية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق