الأربعاء، 30 أبريل 2014

هل يتورط الجيش المصري في مستنقع ليبيا ؟


هل يتورط الجيش المصري في مستنقع ليبيا ؟


من الأمور المتعارف عليها سياسيا في مرحلة الدعايات الانتخابية للسباقات الرئاسية؛ أن كل مرشح رئاسي يعمل جاهدا على بث رسائل طمأنة وتفاؤل لجمهور الناخبين بمستقبل أفضل ،كما أنه يتوسع في شرح برنامجه الانتخابي ، وطموحاته الاقتصادية ، وإصلاحاته الاجتماعية ،وخططه العامة ، فمرشح يعد ناخبيه برفع الرواتب ، ومرشح يعد بتخفيض الضرائب ، وثالث يعد بتحسين الخدمات العامة ، ورابع يعد بتخفيض نسب البطالة والعجز في الموازنة وهكذا هو الحال ، فالوعود الانتخابية مهما كانت درجة تفاؤلها هي السمت العام للانتخابات الرئاسية في أي بلد كان ، وحتى لو كانت الانتخابات صورية ، ولا تعدو عن كونها مسرحية هزلية ، والنتيجة محسومة ، والفائز معروف ، وسائر المرشحين مجرد محللين ودوبليرات لبطل المسرحية ، حتى لو كانت الانتخابات بهذه الشكلية إلا إنه من الهام والثابت طرح البرامج الانتخابية ، واعتماد سياسة التهدئة وبث رسائل الطمأنة والتفاؤل .
الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها مصر في أواخر شهر مايو المقبل والتي لم يخض غمارها سوى مرشحين اثنين ، أولهما السيسي المدعوم من المؤسسة العسكرية وجميع مؤسسات الدولة وقواعد الدولة العميقة ورجال عهد مبارك أو الفلول والكنيسة المصرية ، والمؤيد أيضا خليجيا وأوروبيا وأمريكيا ، والثاني هو صباحي المدعوم من بعض الأحزاب الصغيرة وبعض شباب الثورة ،وسيقاطعها التيار الإسلامي وثوار 25 يناير ، ينظر إليها على نطاق واسع على أنها مجرد مسرحية لا تختلف كثيرا عن انتخابات 2005 التي أجراها مبارك لنيل المباركة الأمريكية ، وكبرهان على التزامه بالمعايير الديمقراطية وفقا للرؤية الأمريكية لها .
لذلك لم يكن مستغربا أن يقاطعها جل المرشحين الرئيسيين في انتخابات 2012 مثل أبي الفتوح وخالد علي والعوا ، وحتى أحمد شفيق مرشح الدولة العميقة قاطعها وقد أبدى تخوفه من تزوير الانتخابات لصالح السيسي في تسريب استدرجه إليه الصحفي وائل الإبراشي وثيق الصلة بالمخابرات العسكرية .
العجيب في المشهد المصري الذي يعيش أجواء توتر واضطراب وانفلات أمني وتشقق اجتماعي كبير منذ انقلاب 3 يوليو الماضي أن المرشح الرئاسي السيسي يتعامل مع السباق الانتخابي بصورة غاية في الاستفزاز والجراءة ، مما دفع كثيرا من المراقبين للمشهد السياسي المصري للتساؤل عن المقابل الذي تعهد السيسي بدفعه لأمريكا حتى ينال مباركتها ورضاها التام بعد تمنع وتردد لفترة طويلة حتى أعتقد الكثيرون أن أمريكا لا تريد السيسي رئيسا ؟!
فالسيسي يتعامل مع الداخل المصري بصورة في غاية الحدية والصرامة ، فبدلا من أن يبعث برسائل طمأنة للمعارضين والمتوجسين من حكمه الديكتاتوري ، وبدلا من أن يعمل على تهدئة للأجواء المحتقنة ، وتسكين للمخاوف المتنامية من عسكرة الحياة السياسية ، وبدلا من أن يعد برفع المعاناة اليومية عن كاهل المواطن المصري ، بدلا من ذلك كله ،إذا به يصف نفسه بالعذاب والمعاناة ، والاستعداد للتضحية بجيلين من أجل سلامة كرسيه ،وإذ به يقوم بخطوات أقل ما توصف بأنها خطوات مؤلمة ومقلقة للغاية حتى لمؤيديه والمقربين منه ، فحملته الانتخابية تعلن أنه لا يحتاج إلى برنامج انتخابي ، بل يكفي المصريون فخرا أن يوافق السيسي على الترشح ، ثم إذا بالحكومة التي تأتمر بأمره تقوم بخطوات في غاية الجراءة تتقاطع بقوة مع مصالح المواطن البسيط ، فترفع الدعم عن الغاز والوقود والكهرباء والمياه ، وتخفض وزن رغيف الخبز الذي يمثل القوت الأساسي للمصريين ، وتقوم بالإعلان عن خططها الرامية لرفع معدلات الضرائب وتوسيع قاعدتها لتشمل شرائح لم تكن خاضعة من قبل . 
وبالتزامن مع هذه الخطوات المؤلمة تقوم أجهزة الأمن بحملات قمع وحشية تجاه المعارضين للانقلاب العسكري بلغت معدلات خطيرة ، حتى أصبح من المعتاد يوميا سماع خبر قتل أحد المواطنين على يد أحد المنتمين للأجهزة الأمنية بسبب أولوية المرور أو الخلاف على أمور بسيطة ، وتمادت الأجهزة الأمنية في استخدام القوة المميتة مع المعارضين حتى بلغت أعداد القتلى معدلات لم تعرفها مصر من قبل عبر تاريخها كله ، هذا غير الأعداد الضخمة للمعتقلين والمصابين والمطاردين والمطرودين من أعمالهم وجامعاتهم .
وبالتزامن مع القمع الأمني يمارس في مصر حملات قمع قضائي تاريخية وغير مسبوقة في سجل القضاء الإنساني ، ومن أبرز هذه الحالات إحالة أوراق 1100 مواطن مصري للمفتي تمهيدا لإصدار حكم بالإعدام عليهم ، مما حدا بمنظمة العفو الدولية للتنديد بشدة بهذه الأحكام ، ووصف القضاء المصري بأنه قد أصبح جزء من منظومة القمع العسكرية في مصر بعد الانقلاب ،وتهديد المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان بفرض عقوبات شديدة على القضاء المصري تصل لحد عدم الاعتراف بأحكامه إذا لم يتراجع عن هذه الأحكام الجنونية .
فما السر وراء هذا التصعيد ورفع وتيرة القمع الأمني والاجتماعي والاقتصادي والقضائي في مصر في هذه المرحلة ، ولماذا أطلقت أمريكا يد السيسي في البلاد حتى يتم يتصرف بهذه الجراءة والوحشية ؟
المقابل على ما يبدو من جمع الأخبار المتناثرة ، وربط بعض المواقف التي قد تبدو متباعدة ، يقودنا إلى حقيقة مفزعة ، وإلى مقابل باهظ جدا ، وفي غاية الفداحة ، وهو تحول السيسي للعب دور صدام حسين وشاه إيران من قبل في المنطقة ، ألا وهو دور الشرطي الأمريكي الذي يحقق أهداف السيد الأمريكي وينوب عنه في عملياته السرية ويكون عصاه الغليظة التي يضرب بها المارقين عن طوع السيد الأمريكي ، فلم يكد يمر سوي أيام قليلة على الانقلاب العسكري في 3 يوليو حتى خرج الإعلامي المثير للجدل وقريب الصلة بالأجهزة السيادية في مصر " توفيق عكاشة " في أحد برامجه مطالبا الجيش المصري بالتدخل في غزة وليبيا للقضاء على الجماعات الإرهابية .
ثم توالت الخطوات الدالة على عزم السيسي على توريط الجيش المصري في شرق ليبيا ، بدء من محاولة اللواء الليبي السابق " حفتر " محاكاة السيسي بانقلاب عسكري في ليبيا على الحكم المنتخب ، والفشل الذريع الذي مني به ، ثم تكشف الأخبار بأن السيسي هو من يقف وراء هذه المحاولة الفاشلة 
 فقد بثت وكالة عين ليبيا الاخبارية تصريحات منسوبة لحفتر قال فيها : المصرى عرضوا عليا إرسال قوات عسكرية مصرية في منطقتى "الوادى الأحمر ودالك"؛ للسيطرة على جميع الحقول النفطية في منطقة الهلال. كما قال : ندرس العرض المقدم من ﺍﻟﺤكوﻣﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﺼرﻱ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻓﻲ ﺑﺮﻗﺔ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺠﻀﺮﺍﻥ ﺑإﺭﺳﺎﻝ ﻗﻮﺍﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻭإنشاء ﻗﺎﻋدﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻨطﻘتى ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ الأ‌ﺣﻤﺮ ﻭذﻟك ﻟﻠﺴيطرة ﻋﻠﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨفطية ﻓﻲ ﻣنطقة ﺍﻟﻬﻼ‌ﻝ ﺍﻟﻨفطي ﻭ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋدﺓ فىﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ.
ثم تكرار حوادث قتل المصريين النصارى في ليبيا ، وتوجيه أصبع الاتهام للتيارات الإسلامية هناك ، ثم تكشف الحقيقة بوقف مليشيا " القعقاع " العلمانية الموالية لمحمود جبريل وراء الجريمة لإلقاء اللوم على الإسلاميين في ليبيا ، وتهييج الرأي العام المصري والدولي ضدهم ، ثم التصريحات المتتالية لمفكر الانقلاب وأحد مدبريه وهو الصحفي العجوز " هيكل " والذي أعاد فيها الحديث القديم عن أحقية مصر في إقليم برقة الليبي ، وحيث أكد الكاتب الصحفى الذي ينظر إليه على نطاق واسع بأنه واضع سيناريو الانقلاب في لقاء سابق مع الإعلامية الفلولية لميس الحديدي، إن دبلوماسيا غربيا ـ لم يذكر اسمه ـ سأله مندهشا: لم لا يتحرك الجيش المصري للعدوان على ليبيا للإجهاز على “تنظيم القاعدة ” الموجود في “درنة” الليبية؟! هيكل توقع ـ بلغة لا تخلو من التحريض الصريح ـ تكرار سيناريو عدوان السادات على ليبيا عام 1977 .
 ثم كانت الأكذوبة الإعلامية عن وجود ما يسمى بالجيش الحر المصري على الحدود الليبية ، والذي يستعد للهجوم على مصر ، وتمده قطر وتركيا بالسلاح ، وتكفل الإعلام بإطلاق حملة تخويف كبرى من هذا العدوان الإرهابي المرتقب ، ثم كانت ثالثة الأثافي في حديث السيسي مع وكالة الفوكس نيوز المعروفة بعدائها الشديد للإسلام والعالم الإسلامي ، والتصريحات الخطيرة التي أطلقها الرئيس الفعلي والقادم لمصر ، فقد كان كلامه للقناة الأمريكية بمثابة دعوة ”مبطنة” لاحتلال ليبيا من قبل حلف شمال الأطلسي ”الناتو”، وقال السيسي في المقابلة مع ”فوكس نيوز” إن مصر تحارب الإرهاب الموجود في سيناء وكذلك الموجود على الحدود المصرية الليبية. 
وعن الوضع في ليبيا ذكر بأن رفض حلف شمال الأطلسي نشر قوات حتى استقرار الوضع الليبي، بعد أن لقي الزعيم معمر القذافي مصرعه، أحدث نوعا من الفراغ السياسي، ما جعل ليبيا تحت رحمة المتطرفين، وأضاف السيسي ”إن التاريخ سيحاسب الأمريكيين وحلفاءهم بقسوة لأنهم تركوا ليبيا للمتطرفين الإسلاميين "
العديد من المحللين السياسيين اعتبروا أن أمريكا تحرض السيسي نحو اقتحام الجبهة الليبية ، وأنها تحاول تكرار تجربة صدام مع الكويت سنة 1990 عندما حرضته على احتلال الكويت ، ثم اتخذت ذلك ذريعة للقضاء على الجيش العراقي ثم الدولة العراقية كلها فيما بعد ، وقد اعتبر المحلل الانجليزي الشهير وقال هيرست في مقال نشره موقع "هافينغتون بوست"، إن ما يسعى السيسي "لعمله في شرق ليبيا إنما يهدد أمن جميع الأطراف بلا استثناء"، مضيفا أننا "رأينا كيف ساهم السلاح الذي فاضت به الساحة الليبية في تغذية التمرد في مالي والحرب الأهلية في سوريا"، ومتسائلا "فهل يريد هيجل- وزير الدفاع الأمريكي- ضم مصر إلى تلك القائمة؟ وهل يصب ذلك في المصلحة القومية للولايات المتحدة الأمريكية".
وكان الكاتب يعلق على الدعم العسكري الأمريكي الأخير لمصر، ممثلا في تزويدها بعشر طائرات أباتشي، قيل إنه سيستخدمها في قمع التمرد في سيناء أم أنها ستوجه إلى ليبيا ؟!
ونحن لنا أن نتسائل إزاء التصعيد الداخلي المتنامي ، والأجندة الاقتصادية الصارمة التي شرع الانقلاب في تنفيذها فعليا ، والقمع غير المسبوق في البلاد ، هل المقابل الذي تعهد السيسي بدفعه لأمريكا حتى تسكت عما يقوم به في مصر ، هو قيام الجيش المصري باحتلال شرق ليبيا وإقامة منطقة حاجزة هناك ، وهو ما يعني توريط أقوى الجيوش العربية في واحد من أخطر بقاع العالم حاليا ، وأكثرها سلاحا وعتادا وذخيرة ، وليبيا بلد شاسع الأرجاء ، صحراوي الجغرافيا ، مقبرة للعديد من غزاة التاريخ قديما وحديثا ، حتى أن الناتو والأمريكان رفضوا التورط في هذا المستنقع المهلك . وهذا يعني أن دخول الجيش المصري أو حتى قوة التدخل السريع التي شكلها السيسي منذ أسابيع لهذه المنطقة الخطرة سيكون بمثابة تفجير عارم للمنطقة ، وإيذانا بتغيير واسع في المنطقة يكون أول ضحاياه هو الجيش المصري نفسه . ربنا يستر

سبقك إليه قطب.. يا بديع


سبقك إليه قطب.. يا بديع
خلود عبدالله الخميس
حكم إعدام بديع ليس بدعة في مصر، فقد سبقه إليه قطب منذ عقود، ونفذ بوضاعة يذكرها معاصروه.
تكرار واستمرار المشهد الدامي في التعامل مع المخالفين سياسياً، وهم في مصر جماعة الإخوان المسلمين، وذلك حصرياً لأنهم فقط الفصيل القادر على المنافسة على الفوز بحكم مصر، أكبر دليل على أن العقول بقيت على حالها، وأن الإخوان عندما تبنوا شعار «وأعدوا» قد أعدوا رقابهم لحبال المشانق مع بدء إعلان البنا تأسيس الجماعة.
تنويه يحتاج البعض لتكراره، فالتكرار يعلم الشطار ويرشد المحتار، بأن الحقيقة التي يعرفها الجميع عني، غير المتصيدين والتفهة بالطبع، أني غير منتمية لأي فصيل ديني أو سياسي وحتى ثقافي، أتجنب التصنيف لعدم إيماني بالتحزب والانتماء إلا لله وحده لا شريك له، ولقناعة أرى باستمرار توكيد لها أن ما يفسد الإخلاص وعقيدة الولاء والبراء، الانتماء لغير الله ودينه.
أومن أن الكاتب أو المثقف أو المفكر، أو من يدعي أنه منهم، ليكون محايداً في رأيه عليه التحذر من الانغماس مع فريق، وتبني غير مبادئه وقيمه التي لديه تمام الاستعداد للحياة والموت في سبيلها بلا أن تطرف له عين، وهذا قد لا يقدر على فعله أي منتم منتظم يضطر لتطبيق قوانين الجماعة والحزب والفريق.
لذا، ولأسباب أكبر بالنسبة لي، أجدني أفضل بل وأصر على العزلة من مجتمعات الخلطة التي تصنف نفسها «أدب وثقافة» وأترك لكتاباتي وأعمالي المبارزة بفروسية للفوز والتفوق، إن استحقت، بلا تدخل من ابتساماتي ونظراتي وإيماءاتي، وبعيداً عن قبول دعوات العشاء والغداء والشاي، وحضور الصالونات التي يعتبرها البعض أحد أهم عوامل التقييم للعمل «الأدبي».
لا بأس إن أدخلتكم في تفرع بالحديث عن «بيئة الثقافة والأدب» فرغم أنه مثال مهم لاستكمال السياق ولكن ليس هنا مكان تفصيله، وأعدكم قريباً سنفتح صندوقها الأسود معاً.
المهم، عوداً للمجازر في مصر، فأظن أن القضاء المصري صار بلطجياً يحمل سواطير وسكاكين بدلاً من الأقلام للتوقيع على أحكامه القضائية!
الحالة التي وصلت بمؤسسات الدولة المصرية.
أقول: الحالة في مدخل لحرب أهلية ستحرق المتبقي من الصبر على الظلم الذي تعدى كونه بواحاً، وشرعاً يجب دفعه.
هذه ليست أمنية، ولا تحريض، لا أحد لديه ذرة عقل يتمنى الحروب، ولا أحد لديه جزء من فهم يحرض على الموت، ولكنه استشراف لواقع، واستحضار لتاريخ يؤكد أن الضغط يولد الانفجار في كل زمان ومكان وبوجه أيا كان.
ماذا يتوقع الحكم العسكري في مصر بعد ثورة 25 يناير التي تبناها الشعب بكل أطيافه، هل يظن أنه سيصدق تمرد صنيعة الاستخبارات؟
أم انبطاح صباحي؟

أم تحول العميل البرادعي لمواطن عربي شريف؟
أم اتحاد شيخ السلفية برهامي مع شيخ القبطية تواضروس؟
أم القبول بتحول الأزهر لمحكمة تفتيش؟
أم أن الإخوان يتركون الحكم بعد أن أخذوه بإعدادهم؟
أم أن بقايا الذين اغتسلت رابعة العدوية بدمائهم لديهم لا يريدون الطهر ذاته؟

إن الظانين بشيء مما سبق قوم يجهلون معنى الإيمان الذي يسير إنسان في طريق ما مهما كان وعراً، وبيمينه زوادة من ماء وتمر، وبشماله قنديل ينير ظلمة الظلم، وخلفه أخ له ينتظر سقوطه ليسنده أو يحل مكانه بعد أن يدفنه ويرفض قبول عزائه حتى النصر.
محاولة الإبادة لجماعة الإخوان المسلمين زادتهم عدة، وقربتهم للقلوب، حتى من يختلف معهم، ولا أعني هنا المنافقين الفجار في الخصومة، ولكن العوام غير المنتمين إلا لله، المدافعين عن كل دم معصوم. مصر وبعض دول الخليج التي تولت كبر دعم مشروع إفناء الإخوان لسد طريقها للحكم، لا شك ستدفع الثمن، ولكن بعد أن تكون كل الأثمان أكفان.


خلود عبدالله الخميس
khollouda@gmail.com
http://twitter.com/kholoudalkhames

أولياء الشرق البعيد، أساطير مجهولة في أقاصي المعمورة

أولياء الشرق البعيد، أساطير مجهولة في أقاصي المعمورة


رواية تاريخية حول كيفية انتشار الإسلام في أرخبيل الملايو





(أولياء الشرق البعيد، أساطير مجهولة في أقاصي المعمورة، رواية تاريخية حول كيفية انتشار الإسلام في أرخبيل الملايو)، يقع في 480 صفحة.
 المؤلف الدكتور بشار الجعفري.
 صدر عن دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، 2003م.

قراءة وتحليل

د. محمد أبوبكر باذيب

كتاب (أولياء الشرق البعيد) .. نموذج للعبث التاريخي، والعمل الممنهج على نشر الثقافة الإيرانية في صفوف السادة بني علوي في إندونيسيا


في مطلع شهر جمادى الآخرى 1424هـ، الموافق أغسطس 2003م، زرت دمشق الشام، الغالية العزيزة على قلوبنا، وتجولت كعادتي في مكتباتها، واقتنيت منها ما أعجبني وآنقني من الكتب الجديدة، وما لفت نظري من العناوين الرائقة. وكان من بين ما لفت نظري، كتاب عنوانه (أولياء الشرق البعيد، أساطير مجهولة في أقاصي المعمورة، رواية تاريخية حول كيفية انتشار الإسلام في أرخبيل الملايو)، يقع في 480 صفحة. لمؤلفه الدكتور بشار الجعفري. صدر عن دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، 2003م. أي أنه كتاب طازج في ذلك التاريخ.


ترى ماذا يريد كاتب سياسي، ورجل بمستوى الجعفري، من الكتابة في هذا الموضوع؟ فإن التواصل التاريخي بين بلاد الشام وشرق آسيا كان ضعيفاً جداً، ولو كان الكاتب مكياً أو حجازياً أو حضرمياً، لما كان هناك أي عجب. لكن يزول العجب، إذا علمنا، من خلال تصفح ذلك الكتاب، وليته كان صادقاً مع نفسه، ومع حقائق التاريخ، ولم يعمد الى الكذب والتزوير.

بشار الجعفري مندوب النظام السوري المتوحش في الأمم المتحدة

ذلك الكتاب الغريب المريب ..
طالعته سريعاً في تلك الآونة، وأمررت عليه قلم الملاحظة، وسجلت في هوامش نسختي بعض التعليقات التي لم يكن بد من كتابتها. والذي استدعى مني كتابة هذا المقال الآن وبعد مضي أكثر من 10 سنوات، هو لقاء ضمني ببعض الإخوة الكرام، وجرى ذكر الكتاب، فأخرجته من صف الكتب، وقرأت عليهم بعض ملاحظاتي، فرأوا أنها قيمة بالنشر، وجديرة بالإذاعة. سيما وأن الكتاب يتصل بتاريخ السادة العلويين الحضارمة، المتوطنين منهم أو المهاجرين. فعزمت بعد ذلك على تبييض تلك الملاحظات، لقد كنت أرجو أن أعيد القراءة مرة أخرى، ولكن الوقت لا يسعف، والميسور لا يسقط بالمعسور. والله المعين.

وإليكم الملاحظات:

الملاحظة الأولى:
سرد الكاتب قصة درامية عن السيد أحمد بن عيسى المهاجر، وإيراده تواريخ محددة في ترجمته، وأحداثاً تفصيلية دقيقة، ليس له فيها أي مصدر إلا خيال الكاتب، منها:
1- تاريخ ميلاده، سنة 240هـ (ص 49، 61).
2- أسماء شيوخه، الذين عدد منهم الحافظ أبوداود، المحدث الشهير، وسهل التستري الصوفي المعروف! (ص 66).
وغير ذلك مما حشى به الفصل الأول من كتابه، من ص 49 إلى ص 148. مائة صفحة كلها كذب وخرافات وأساطير في ترجمة شخصية رجل جليل القدر، لم تسعف المصادر المتوافرة لدينا بإمدادنا بتفاصيل عنه، سوى اسمه، وموطن مولده، وبلد هجرته، وتاريخ وفاته. ولم يرد في أوثق المصادر شيء سوى ذلك. وهذا لا يضيره، فكم أفقد الإهمال من شهير.
فأي جرأة لدى الكاتب حتى ينشر أكاذيبه المحضة بهذا الشكل الفاضح؟!

الملاحظة الثانية:
قال أثناء حديثه عن هجرة السيد المهاجر إلى حضرموت، متحدثاً عن تأثير وصوله إلى مدينة الهجرين، فقال:
"وصل نبأ التجمع للإمام أحمد، وهو في داره بالهجرين، يتحدث مع الشيخ عبدالله بن محمد الزماري العمودي، من وجهاء دوعن، فاستشاره بالأمر .." [ص 153].
التعليق:
لأن الكاتبَ متسور على تاريخنا الحضرمي، فهو لا يعي ما يكتب، وكان أستر له لو لم يسوّد أوراق صفحات كتابه، ولو لم يخرجه للناس.
أسرة آل العمودي منسوبون لجدهم الأعلى الشيخ العارف سعيد بن عيسى العمودي، أو: عمود الدين، الذي توفي سنة 670هـ، وهو تلميذ السيد الإمام الكبير، الفقيه المقدم، محمد بن علي باعلوي، المتوفى سنة 653هـ.
ولا عموديَّ إلا وهو من ذرية الشيخ سعيد بن عيسى .. فكيف يصح في الأذهان أن يكون الشيخ الذماري ممن اجتمع بالسيد المهاجر؟!!!
الشيخ عبدالله الذماري العمودي، رحمه الله، كان والياً على وادي دوعن، وكانت وفاته في مدينة ذمار اليمنية سنة 840هـ. وليس هذا موضع ترجمته. وقد عرجت على ذكره في كتابي (جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي). ثم هو عالم فقيه محقق، وليس مجرد (وجيه من وجهاء دوعن)، كما وصفه الكاتب. وهو (الذماري) بالذال المعجمة، وليس بالزاي، كما رسمت في الكتاب.

الملاحظة الثالثة:
قال الكاتب في [ص 154]:
"وبعد معركة بحران، خلد الإمام أحمد للراحة، فقد طعن في السن، وصار عمره بحدود الثمانين عاماً، فأخذ ينيب عنه ابنه عبدالله، يؤم الناس في الصلاة، ويشرح لهم أصول دينهم الحنيف، وفق عقيدة آل البيت..".
التعليق:
يقول المثل العربي: كاد المريب أن يقول خذوني!.
ركب الكاتب متن عمياء، وتدخل في شئون لا دخل له بها .. ثم يقول لنا: عقيدة آل البيت!. ما معنى هذا؟!
أشراف حضرموت منذ عرفوا إلى اليوم، وهم سنيون أشعريون شافعيون، عقيدتهم هي عقيدة السواد الأعظم، ليست لهم عقيدة خاصة بهم، ولا هم على مشرب الفرق التي تدعي أنها على عقيدة آل البيت. ولكن الكاتب أراحنا من كثرة التحليل والتكهن لمعرفة مراده ومقصده من كتابة هذا الكتاب ونشره، بذكره هذه العبارة الواضحة الصريحة.
الكاتب الجعفري، وإن كان من أسرة دمشقية، ومن بيت وجد فيه أكابر من علماء أهل السنة صوفية شافعية، إلا أن هذا لا يشفع له في كون هواه غير هوى أجداده. فاتجاهه واضح لا ريب فيه. والثقافة الإيرانية طاغية في الكتاب، هذا إن سلمنا أن مذهب الرافضة من الفرس مذهب إسلامي صحيح، لم يدخله التحريف والتشويه هو الآخر، وأنه يقوم على محبة آل البيت، إذا لسلمنا، أن الكاتب حسن النية!! ولكن الذي نراه اليوم، من دعاية لمذهبهم، وما يقومون به من مذابح ومنازعات سياسية هنا وهنناك، تجعلنا نستدل عقلاً وتديناً على أنه مذهب سياسي، يقوم على أساس طائفي عرقي، يتلبس بلباس الدين، ويتمسح بملاءات آل البيت، وادعاء حبهم ..

الملاحظة الرابعة:
قال في [ص 155] متحدثا عن رحلة السيد الإمام عبيدالله بن المهاجر وتجارته التي زعمها له، عبر موانئ حضرموت:
"وكان أهل ساحل حضرموت، وخاصة ميناءي الشحر والمكلا، معروفين بنشاطهم التجاري البحري مع الهند والسند وسرنديب، وأفريقيا. فذهب عبيدالله إلى هذين المينائين واستثمر قسماً من أمواله في تلك التجارة البحرية... !!".
التعليق:
ميناءا الشحر والمكلا حديثا التكوين .. أما موانئ حضرموت القديمة فكانت بروم، وحيريج، والمهرة، والأشغاء أو الأسعاء، والشحر كمدينة لم تتكون إلا في وقت متأخر، بعد أن ملكها آل فارس وآل إقبال في حوالي القرن العاشر، وساحلها يعرف بساحل الشحر أو الأشحار .. أما المكلا فكانت خيصة صغيرة، كما وصفها مؤرخونا، ولم يصبح لها شأن إلا في عهد الكسادي، أو قبله بقليل، أي من بعد القرن الثاني عشر الهجري.
فأين القرن الرابع الهجري الذي عاش فيه السيد المهاجر وأولاده، من تلك القرون المتأخرة!؟
ومن أي مصدر أتى لنا أن السيد عبيدالله بن المهاجر كان تاجراً؟!

الملاحظة الخامسة:
قال الكاتب في [ص 159] بعد ذكره وفاة الإمام المهاجر:
"فآلت الإمامة إلى ابنه عبيدالله، وكذلك رئاسة نقابة آل البيت في حضرموت واليمن..".
التعليق:
كلام فضفاض .. لا يوجد لدى كاتبه أدنى دليل أو مستمسك عليه.
وهذه مجاميع كتب سادتنا بني علوي في التاريخ والمناقب والتراجم، لم تذكر شيئا من ذلك البتة. أي نعم، السيد الجليل عبيدالله له مقامه السامي، ولكن أن يوصف بأنه نقيب أشراف حضرموت واليمن !! هذه تحتاج إلى إثبات. بل إن العلامة عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف، ذهب في كتابه (إدام القوت) إلى هدم تلك الهالات اللقبية التي يضفيها المؤرخون بدافع العاطفة البحتة، البعيدة عن التحقيق العلمي التاريخي، ويراجع كلامه في موضعه.
تكرر ذكر النقابة عند المؤلف في ص 163، وص 168، وص 171.
وفي الموضع الأخير قال، عند ذكره وفاة السيد محمد بن علوي بن عبيدالله:
"واجتمعت العائلة، وصحبها، وقرروا نقل الإمامة إلى ابنه علوي بن محمد، مع تسميته نقيباً لهم، على غرار سنتهم التي ساروا عليها أباً عن جد.."!!.
ثم كم هو عدد أشراف بني علوي وقت موت المهاجر؟! لم يتجاوز عددهم العشرة، فعن أي نقابة يتحدث الكاتب!!؟. نعم، ثمة نقابة عرفت في زمن النقيب أحمد بن علوي باجحدب ت 973هـ، وقبله في زمن السيد النقيب عمر المحضار 833هـ، ذكرها المؤرخون، وذلك بعد أن انتشرت الذرية المباركة، وتكاثرت الأسر والبيوت العلوية.
لا أظن السادة بني علوي في حاجة لمتطفلين يعرفونهم بتاريخ أجدادهم!. فقد كفاهم أسلافهم مئونة الكتابة والتدوين، وحرروا تراجم أسلافهم أيما تحرير.

الملاحظة السادسة:
قال الكاتب في [ص 163] مستطرداً في روايته الخرافية الساذجة عن أصول سادتنا بني علوي، مما يدل على جهله المطبق، وغرضه المشبوه في روايته السخيفة المحرفة المكذوبة:
"عاد الإمام عبيدالله من سوق الرابية إلى الحسيسة، مثقلا بالأخبار السيئة الواردة من أنحاء الخلافة كافة، وماهي إلا أيام، حتى توفي أمير حضرموت أبوالجيش، فخلفه ابنه عبدالله بن أبي الجيش، وهو بعد صبي..".
التعليق:
يقول الحكماء: إذا بليتم فاستتروا!.
ترى ما دخل أبي الجيش الزيادي، حاكم زبيد، بحضرموت وأهلها؟!
أبو الجيش، هو القائد محمّد بن إبراهيم بن زياد، الذي ملك زبيد، وتوفي بها سنة 391هـ. لم يأت إلى حضرموت، ولا كان أميراً عليها، ولا عرفها ولا عرفته. فمن أين يأتي ذلك الهاذي بتلك الغرائب؟!
هذا مدعاة للشك في أن يكون الرجل ألف الكتاب بنفسه ..

الملاحظة السابعة:
قال الكاتب في [ص 204]، في الباب الثالث، الذي جعل عنوانه (في الهند، على الطريق إلى آتشيه)، بعد أن تحدث عن رحلة نسجها خياله للسيد عبدالملك عم الفقيه إلى الهند ومنها إلى آتشيه!!:
" .. وشرح السلطان لعبدالرحمن وصحبه أن الإسلام قد وصل إلى الجزيرة في عام 548هـ على يد داعية إيراني قدم من تبريز، ويدعى أبا البركات يوسف التبريزي!..".
التعليق:
هذا الكلام كله من نسج الخيال .. فأي شيء منه نأخذ أو ندع؟!.
الملفت في الكلام أن هناك عملاً ممنجهاً في الرواية إلى ترسيخ قدم التسمية الإيرانية لبلاد فارس. فمعلوم أن إيران اسم مستحدث لبلاد فارس الإسلامية السنية التي فتحتها جيوش الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأن الإسلام فيها قديم جداً. ويعود تاريخ إطلاق هذا الاسم على بلاد فارس إلى سنة 1934م، زمن حكم رضا شاه بهلوي، بتواطئ المؤرخين الفرس سعيد نفيسي، ومحمد علي فروغي، وغيرهما، من دهاقنة السياسة الفارسية آنذاك.
ولكن يبدو أن الجعفري يطمح إلى ما فوق ذلك، فهو يريد أن يرسخ لدى القراء أن إيران قديمة الوجود على الخارطة الدينية والفكرية، منذ العصور القديمة، وهذه لعبة مكشوفة. فليلعب سواها، فإنه لن يتمكن من الضحك على عقول القراء، مادام يوجد فيما بينهم من يقرأ بعقله قبل عاطفته.

الملاحظة الثامنة:
قال الكاتب في [ص 208]، في أثناء حديثه عن سلطنة آتشيه، أيضاً:
" .. ولقد أدى تأسيس السلطنة الإسلامية في آتشيه إلى تهافت التجار والدعاة المسلمين من كل حدب وصوب إليها، وصار لهم مكان يجتمعون فيه، يدعى "أدي قناة"!
ومنهم داعية جاء من حضرموت، ويدعى أحمد بن أبي بكر الشلي، كان قد تتلمذ على يد الإمام علي بن محمد بتريم، ثم فر منها بعد المذبحة التي قام بها عثمان الزنجيلي، عندما دخلها واستباح حرماتها..".
التعليق:
لم يتهافت سوى كذب ذلك الكاتب الذي لا يزال يصدق نفسه أنه مؤرخ، أو قاص، وما أقصوصته إلا الأكاذيبُ. وخذوا هذه الحقائق، لتعلموا مدى كذبه وتزويره في كل صفحات كتابه السخيف.
آل الشلي أسرة علوية تنسب إلى السيد الشريف عبدالله (الملقب شليه) بن أبي بكر بن علوي الشيبة بن عبدالله بن علي بن عبدالله باعلوي. [الشاطري، المعجم اللطيف: ص 110]. توفي السيد عبدالله شليه سنة 924هـ، [ترجم له حفيده في «المشرع الروي»: 2/127، وينظر: الحبشي، عقد اليواقيت، بعنايتي: 2/952].
شيوخ السيد أبي بكر شليه، كما في «عقد اليواقيت»، هم: والده، ومحمد بن علي مولى عيديد المتوفى سنة 862هـ، وأبوبكر العدني ت 914هـ، وحسين، ابنا العيدروس الأكبر، وعبدالرحمن بن الشيخ علي، وعبدالله بن أحمد بامخرمة، الجد، ت 903هـ، وغيرهم.
كلهم بين القرن التاسع والعاشر، فأنى له أن يأخذ عمن توفي سنة خمسمائة ونيف وتسعين؟!!.
وأنى لمن توفي في القرن العاشر أن يدرك مذبحة الزنجيلي التي حدثت سنة 576هـ، أو السنة التي تليها؟!

الملاحظة التاسعة:
قال الكاتب في [ص 315]، في أثناء حديثه عن رحلة ابن بطوطة اللواتي الطنجي، الرحالة الشهير:
" .. وفي (ظفار)، اجتمع ابن بطوطة بالإمام محمد مولى الدويلة، رئيس نقابة الطالبيين في حضرموت، وابنه الشيخ عبدالرحمن السقاف، وأخبرهم نبأ أقاربهم في الهند والصين، وجمقا، وسومطرا، وميندناو..".
التعليق:
هل رأيتم كذباً كهذا الكذب المكشوف؟!
لن أعلق بأكثر من هذا ..

الخلاصة:
هذا الكتاب وأمثاله، من الدسائس التي يراد من نشرها وإشاعتها، غسل الأدمغة، والكذب على العقول، وتزييف الحقائق التاريخية، سيما لدى البسطاء والعامة من الناس، بل حتى بين المثقفين الذين ليس لهم معرفة بالمصادر الصحيحة، سيما في ظل غياب المصادر الموثقة، أو قلة انتشارها. ومثل هذا الكتاب، لاشك وأنه قد نشر بأكثر من لغة، كالعربية، والإنجليزية، والإندونيسية (الملايوية)، وغيرها. سيروج بكافة الوسائل والطرق المتاحة. لذا فإن التصدي لمؤلفه، وأمثاله، أمر واجب.

أرجو أن أكون قد وفقت في التنبيه على خطره، وعلى أخطائه الفاحشة، ودللت على تزوير مؤلفه، وعبثه بالتراث التاريخي العلوي الحضرمي، والعمل على تشويهه وتطويعه ليتوافق مع رغبات مؤلف الكتاب. وهذا جهد المقل، ولو أردت التعليق والملاحظة على الكتاب بكماله، لأخذ مني ومن القراء وقتاً طويلاً. ولكن ما ذكرته هنا، كاف فيما ذكر من إرادة التنبيه على خطره.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ..

د. محمد أبوبكر باذيب
28/6/1435هـ
الموافق: 28/4/2014م

رسالة في ليلة التنفيذ


قصيدة: رسالة في ليلة التنفيذ

للشاعر: هاشم الرفاعي

إلقاء: علاء بن سعيد العمري


أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني
والحبلُ والجلادُ ينتظراني

هذا الكتابُ إليكَ مِنْ
زَنْزانَةٍ مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرانِ

لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها
وأُحِسُّ أنَّ ظلامَها أكفاني

سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ
في هذا وتَحمِلُ بعدَها جُثماني

الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ
والذكرياتُ تَمورُ في وِجْداني

وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ راحَتي
في بِضْعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ

والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ
دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ كَياني

قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ
ولم أَذُقْ إلاَّ أخيراً لذَّةَ الإيمانِ

شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم
فليرفعوه فلست بالجوعان

هذا الطعام المر ما صنعته لي أمي
و لا وضعوه فوق خوان

كلا و لم يشهده يا أبتي
معي أخوان جاءاه يستبقان

مدوا إلي به يدا مصبوغة
بدمي و هذه غاية الإحسان

والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ
عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ

ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها
يرنو إليَّ بمقلتيْ شيطانِ

مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ
وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ

أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ
ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني

هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي
لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ

لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً
ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ

فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً
لو كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني

أوْ عادَ - مَنْ يدري - إلى أولادِهِ
يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني

وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ بها
معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ

قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً
في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ

فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً
ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ

نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ
وَإِنْ هُمُو كَتموا وكانَ المَوْتُ في إِعْلاني

وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي
بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟

أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى
مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في إِذْعانِ؟

ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما
غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟

هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئاً
ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ نِيرانِ

وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِهِ
سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ الْخَفَقانِ

وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ
مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْباني

وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَضِيرُهُ
شاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ القِطْعانِ

هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ
عَنْ بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ ثَوانِ

وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ
أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ ِللطُّغْيانِ

أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ
سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ

وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ
سِياطِهِمْ قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني

دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ
وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ

حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبا
لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ

ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ
هُبُوبُهَا بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ

إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ
الثَّرَى أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ

وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ
سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ

فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً
أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ

أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي
أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟

أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنا
مُتآمِراً أَمْ هَادِمَ الأَوْثانِ؟

كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي
كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني

لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً
غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني

أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا
إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ

فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي
يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني

أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى
وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ

وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ
يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ

وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً
تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ

وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا
سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ

في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ

لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ
ما صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ

نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً
وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ

أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى
بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ

أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً
في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ

إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ قَدْ
سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ

فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا
قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ

وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى
تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ

وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها
أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ

فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني
لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ

مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها
وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ

أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً
لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ

فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ
بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني

كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً
يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني

وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ
سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ

هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي
بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ

لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ
بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ

فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي
مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ

وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ
قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزانِ


هاشم الرفاعي