مجلس «الغبن» الاستعمار الجديد
خلود عبدالله الخميس
لقد تأسست بناء على ميثاق هيئة الأمم المتحدة ستة أجهزة تابعة لها، منها مجلس «الغبن» سيئ الذكر، وأوكل إليه حفظ الأمن والسلم الدولييَّن، وجوازاً لا اعترافاً، سأستخدم مصطلح «الأمن» حتى يتمكن القارئ من المتابعة بلا تعقيدات.
الفرضية التي أتبناها هنا، أن مجلس الأمن يمثل الاستعمار الجديد للعالم برداء مدني لتضليل الشعوب عن حقيقة إدارته وتغذيته للصراع العسكري العالمي.
وأعمم الفرضية على هيئة الأمم المتحدة، بصفتها أول من سن سنة «الاحتيال للاحتلال» عبر الدبلوماسية الدولية.
مثل عامة المسلمين والعرب كنتُ بداية أرى أن المدعو «مجلس الأمن» ظالماً في سياساته لنا نحن بالذات خصوصاً موقفه من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، بينما ومع ملاحقة مواقف دول المجلس بانفصال عن عضويتها فيه، وذلك بالربط بين سلوكيات الدول الخمس «كدول» من جهة، و»كعضو» فيه من جهة أخرى، وتتبع استخدام الفيتو، وهو حق النقض ويعتبر الغبن الأكبر ورأس اللامنطق في النظام الأساسي للمجلس ومتى يُستخدم. تكشفت القيم والمبادئ التي يؤمن بها المجلس والهيئة الأم وهي ترتكز على:
1 - فكر استعماري من مبدأ القوي يأكل بالضعيف ولكن بالشوكة والسكين.
2 - الفكر الاستعماري منشأه وأهدافه دينية ولكن بتبني العلمانية والديمقراطية.
كيف استعماري؟ وكيف ديني؟
لقياس سلوك ما بغرض إصدار حكم يتطلب حقائق إحصائية، ولا شك أن المراجع التابعة لمواقف وقرارات مجلس الأمن تمتلك موجاً من الإدانات لمنهجيته الاستبدادية التي يتبعها مع دول الشرق خصوصاً والدول الفقيرة، وهذا ما أعنيه بالفكر الاستعماري، ولتحيزه ضد الدول الإسلامية والشعوب المسلمة في الدول غير الإسلامية، وهذا ما أعنيه بتبنيه أهدافاً دينية.
ولنضع هنا بعض محاور سياسة هذا المجلس «الاستعماري» في مواقف النزاع ونرى أي كفتي الميزان لم ولن ترجح لصالح دولة فقيرة أو مسلمة أو شعب مسلم إلا بتسويات وتنازلات سياسية وضخ اقتصادي، ولمدة محدودة.
أي أن أي قرار يتخذه مجلس الأمن ويكون في صالحنا فهو مثل «عقد المتعة» مؤقت ومحدد بوقت زمني!
والمتتبع لحقيقة منهجية السياسات الداخلية يعلم أن كواليس «اللوبي المسيحي» له يد طويلة جداً في تلك القرارات، ولكن بمفردات مدنية.
الدول الخمس، ليست إلا دول الاستعمار القديم، بريطانيا (ومناطق نفوذها الجزيرة العربية، العراق، مصر والأردن) فرنسا وأوروبا (ويقع تحت دائرة نفوذها لبنان المغرب العربي أوروبا) وروسيا (تتحكم في سوريا) والصين (لديها سلطة سياسية واقتصادية على السودان) بينما أميركا استحقت مقعدها لتفوقها في إبادة الشعب الأصلي لأميركا واحتلال بلده، فتأهلت لتقف في صف أكبر قوى استعمارية بجدارة.
الدول الإسلامية والعربية أعلاه، كانت تارة تحت الاستعمار وأخرى الانتداب أو النفوذ السياسي، واليوم الدول ذاتها تمتثل لمجلس الأمن، الاستعمار الجديد ولكن بأبشع مظاهره؛ حيث التقية ديدنه، وأغلب أفعاله العبث تحت طاولات الاجتماعات المغطاة بمفارش حريرية.
من سينتزع منه حق إدارة أمن العالم؟ الحق الذي اغتصبه أصلاً من فوهات بنادق ومدافع الحرب العالمية الثانية، ولم يستحقه لكفاءة.
الدول الخمس تحكم أو تتحكم في العالم الإسلامي والعربي ضمن مفهوم استعماري مناسب للقرن الحادي العشرين، ننعش اقتصادهم بشراء الأسلحة، ونشغل أيديهم العاملة في مصانع السلاح، ونستأجرهم لتدريبنا على كيفية استخدام وصيانة سلاحهم، لنتقاتل نحن به في حروب طائفية تدربوا جيداً على اللعب على حبالها لإسقاطنا بشر دوامة: الخلاف في الموروث التاريخي والنزعة الثأرية والإقصائية.
باختصار، دماؤنا هي وقود الصراع الاستعماري الجديد على السلطة والمال.
هم فقهوا دروسهم بعد الاحتراب بين بعضهم بعضاً، ثم تأسست هيئة الأمم المتحدة لوقف شلالات الدماء المسيحية في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ملايين ذهبوا هباءً في صراع الأطماع والنفوذ والكنيسة تتخذ من سلطتها، آنذاك وما زالت المحرض والدافع لطحن الشعوب الخارجة عن إرادتها ومشيئتها. وبتمثيل التواضع «البابوي» والتذلل بتقبيل أقدام الفقراء!
الحقيقة واضحة أيها السادة، واليوم أمام المجتمع الإسلامي والعربي مشهد استعماري جديد بهيئة منظمة دولية يتم التعامل معها كولي أمر واجب طاعته، وولي الأمر هذا، مع سخرية التشبيه، لا يمتلك شروط الولاية ولا تجب له الطاعة لتفريطه بحقوق الأمة، والحقائق جلية لمن شاء أن يتخذ موقفاً، فهل سيخرج المسلمين والعرب على هذا «الولي» أو سيتركه يسلم رقبته «للولي الفقيه»؟!
•  @kholoudalkhames
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق