الآباء المؤسسون لوحشية جنرالات الانقلاب
خالد حسن
وحوش الاستعمار الذين خلفوا لنا جنرالات الانقلاب: العقيدة العسكرية للجيش الفرنسي غلبت عليها النزعة العدوانية الوحشية، حتى إن القائد السفاح مونتانيك أطلق على جنوده وصف "مشاة الموت"، كما إن كبار الضباط والمؤرخين كانوا يطلقون على طوابير التخريب التي سلطها الجنرال بيجو على الجزائر تسمية "الطوابير الجهنمية".
وقد مجَد بجرائمها الجنرال "سانت أرنو" في رسائله، حيث افتخر بأنه محا من الوجود عدة قرى وأقام في طريقه جبالا من جثث القتلى.
ولما لام البرلمان الفرنسي الجنرال بيجو على جرائمه في الجزائر، ردَ على وزير حربيته قائلا: "وأنا أرى بأن مراعاة القواعد الإنسانية تجعل الحرب في إفريقيا تمتد إلى ما لا نهاية".
جنرالات الجزائر الانقلابيين مشوا على الدرب الجهنمي نفسه، فأسسوا فرق الموت وقصفوا القرى وارتكبوا مجازر لم ينافسهم فيها إلا بيجو ولاكوست.
وهكذا السيسي، جنرال إسرائيل في مصر: أقام في طريق انقضاضه على الحكم جبالا من جثث القتلى في رابعة وأخواتها وما قبلها وما بعدها.
وحتى لا تمتد حرب جنرالات فرنسا وإسرائيل في الجزائر ومصر إلى ما لا نهاية: اختصرا طريقها بالقتل الهمجي والإبادة الجماعية، هي عقيدة المستعمر القتالية بحذافيرها لم ينقصوا منها شيئا.
وانظر ماذا خلف المستعمر: بعض شوارع قلب العاصمة الجزائرية سُميت بأسماء جنرالات فرنسا من عتاة المجرمين والقتلة والسفاحين، تخليدا لذكراهم الدموية المرعبة: كافينياك وكلوزيل.
وسجل التاريخ صفحات مخزية من انحطاط خلقي وإنساني كتبت بأقلام قادة وجلادي الاستعمار الفرنسي، حتى أصبح يشك في وجود شيء اسمه الإنسانية، ومن زرعوهم وخلفوهم من بني جلدتنا على العهد باقون.
وكتب ضابط يُدعى "بان" واصفا مذبحة اقترفت ضد أبناء الجزائر: "إنها مذبحة فظيعة اختلطت فيها الجثث بالحجارة والحيوانات وبيوت الشعر والتراب.
وقد تبين من تحقيق أجريناه أننا قتلنا 2300 شخصا بين النسوة والأطفال، وكان جنودنا يهجمون على المنازل ويذبحون فيها كل مخلوق يعثرون عليه أمامهم.
وهؤلاء السفاحون كانوا يعتبرون الأهالي من جنس بشري منحط، لا يصلح إلا للاعتقال والأعمال الشاقة من دون مقابل، ولا يستحقون إلا القهر والإذلال.
وكذلك من زرعوهم وخلفوهم عاملوا معارضيهم بمثل ما عامل به المستدمر الأهالي، بالسحق والتصفية، إذ لم يكونوا يستحقون الحياة في نظرهم.
كل حروب إبادة الاستعمار الفرنسية كانت بتوجيهات من قادة الجيش، وسار على طريقتهم جنرالات الانقلاب في مصر والجزائر.
اعترف جندي فرنسي مشارك في إحدى عمليات الإبادة: "مسألة العرب قبرت نهائيا، ولم يبق لهم سوى الموت أو الهجرة أو قبول الخدمة عند أسيادهم".
وأرجو أن تستبدل العرب بالمتظاهرين أو المعتصمين أو الثوار أو المحتجين.
واقترف سفاحون آخرون جرائم إبادة أخرى من أمثال "ديمونتنياك" الذي اشتهر كقاطع للرؤوس، وقد سجل في كتابه رسائل جندي: "همنا الوحيد الإحراق والقتل والتدمير والتخريب حتى تركنا البلاد قاعا صفصفا، إن بعض القبائل لازالت تقاومنا لكننا نطاردها من كل جانب، ينبغي أن نقضي على كل من لا يركع أمامنا كالكلب".
وطار بها زرعهم في مصر، فمن لم يركع للسيسي كالكلب أُحرق ومن نجا طورد وسُجن وعُذب.
وإمعانا في قهر الجزائريين، قامت قوات فرنسا بجمع الأهالي في محتشدات الأسلاك الشائكة وتركتهم في الصحراء يعانون الموت البطيء في العراء..
كما شكلت فرقة خاصة مهمتها اغتصاب النساء وقتل الأطفال لإرهاب أي قرية يشتبه في تمردها ضد فرنسا.
وفعلها من بعدهم تلاميذهم النجباء في صحراء الجزائر ومصر
وإلى جانب سياسة الإبادة والتهجير، تبني قائد الغزو الفرنسي "روفيجور" مخططا لتحويل المساجد إلى كنائس بقوله: "دُلَوني على أجمل مسجد في المدينة لأجعل منه معبدا للمسيح"، فاختار مسجد "القشاوة"، وأمر على الفور بتحويله إلى كنيسة، فتقدمت إحدى فرق الجيش الفرنسي وهاجمت المسجد بالفئوس والبلط وبداخله 4000 مسلم جزائري اعتصموا جميعا خلف الأبواب دفاعا عن بيت الله، لتهجم عليهم القوة العسكرية بالسكاكين والحراب، وقد استمرت هذه المعركة طيلة الليل، وأدت إلى قتل أكثر المصليين.
ولما انتهى الجنود من اغتصاب هذا المسجد، تحولوا إلى مسجد "القصبة"، ففعلوا به ما فعلوه بمسجد "القشاوة"، ثم اصطف الضباط، والجنود بعد ذلك لإقامة قداس ابتهاجًا بهذا النصر العظيم!!
وفعل نظير هذا رؤوس الانقلاب من جنرالات إسرائيل في مصر وجنرالات فرنسا في الجزائر.
كما تعرضت المؤسسات الثقافية والدينية إلى الهدم والتخريب والتدمير، وعلى رأسها المساجد والجوامع والمدارس والزوايا، حيث كانت مدينة الجزائر تضم لوحدها 176 مسجدا قبل الاحتلال الفرنسي لينخفض هذا العدد سنة 1899 إلى خمسة فقط.
وأهم المساجد التي عبث بها الاحتلال: جامع القصبة الذي تحول إلى كنيسة الصليب المقدس، وجامع علي بتشين الذي تحول إلى كنسية سيدة النصر.
ومن خلفوهم في مهمتهم من بعدهم أغلقوا الجمعيات الخيرية وبعض المساجد وعطلوا أنشطة أكثر الجوامع وعمًروها بالعسس والجواسيس حتى صارت أشبه بالمراكز الأمنية.
كما تعرضت الزوايا إلى أعمال الهدم والبيع والتحويل، حيث لقيت مصير المساجد والجوامع نفسه، فقد تعرضت 349 زاوية للهدم والاستيلاء.
فما مصير المدارس القرآنية والشرعية في مصر والجزائر اليوم تحت حكم جنرالات الاستعمار؟؟؟
ولخص أحد جنرالات فرنسا في تقريره إلى نابليون الثالث إصرار الإدارة الفرنسية على محاربة المؤسسات الثقافية الجزائرية، قائلا: "يجب علينا أن نضع العراقيل أمام المدارس الإسلامية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وبعبارة أخرى يجب أن يكون هدفنا هو تحطيم الشعب ماديا ومعنويا".
فتلقفها جنرالات إسرائيل وفرنسا في مصر والجزائر فأفقروا الشعب وحاربوا تدينه.
وتعرض رجال الإصلاح وشيوخ الزوايا للتضييق والمراقبة والنفي والقمع، وفتحت كثير من المدارس التنصيرية وبنيت الكنائس، ووُجه نشاطها للأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية لربطها بواقع السكان هناك، وقام الرهبان والقساوسة بالتدريس في الكثير من المدارس، فحسب الإحصائيات الفرنسية في الجزائر، فإن منطقة القبائل المستهدفة بالتنصير كان بها مدرسة لكل 2100 طفل، في حين كانت هناك مدرسة لكل 40 ألف طفل في مناطق أخرى من البلاد.
وقد سعى الفرنسيون إلى عزل بعض المناطق بالجزائر والحيلولة دون اتصالها أو تفاعلها مع باقي المناطق الأخرى، وكان تركيزهم على منطقة القبائل. وصدرت تعليمات واضحة لموظفي الإدارة الاستعمارية الجزائرية تتلخص في ضرورة حماية القبائل وتفضيلهم في كل الظروف على العرب.
وهذا ما أخذ به جنرالات إسرائيل وفرنسا الانقلابيين في مصر والجزائر، فصنعوا لهم شعبا خاصا وبهذا قسموا الشعب إلى شعبين: شعب الانقلاب وشعب المعارضين؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق