(الحرب المذهبية الكبرى) (3)
د.عبدالعزيز كامل
تشير شواهد عديدة إلى أن المنطقة بأسرها تجري تهيئتها منذ سنوات لتجربة جديدة من ضرب أعدائنا لأعدائهم ببعضنا، وبناء المزيد من أمجادهم على أشلائنا وأنقاضنا -إلا أن يشاء الله شيئًا- في نموذج قريب جدًّا من تجربة الجهاد الأفغاني الأول، الذي رأت أمريكا من خلاله أنه قد آن الأوان لتحويل الحرب الباردة ضد ندِّها (الاتحاد السوفييتي) إلى حرب ساخنة، لا تباشرها بجيوشها ولا أموالها ولا أرواح جنودها، بل تخوض تلك الحرب الفاصلة بالمسلمين الموحدين، ضد غرمائها ومنافسيها في زعامة العالم من الروس الشيوعيين.
فاستغلت غزوهم لأفغانستان لتستنفر العالم الإسلامي كله بحكوماته وشعوبه وشبابه وعلمائه ومجاهديه، للاتحاد في وجه عدوِّها بدعوى مواجهة «خطر الإلحاد»!
وقد كان حقًّا أن يتحد الموحدون ضد الملحدين نصرةً لإخوانهم، ولكن السؤال الذي لم يُطرَح وقتها وللآن ؛ هو : هذه الحرب كانت مِن تخطيط مَنْ؟ ولحساب مَنْ؟..
لقد حشدت أمريكا عموم العالم الإسلامي في حربها ضد الروس، حتى تكوَّنت واشتدت حركات الجهاد الأفغانية، التي سُونِدت بمؤازرة إسلامية عالمية، فكانت سببًا مباشرًا في الهزيمة المنكرة للروس، لا؛ بل كانت سببًا بارزًا ومبكرًا في إسقاط الاتحاد السوفييتي نفسه، ثم المعسكر الشيوعي كله، لإخلاء الأجواء أمام أمريكا كي تتفرد بزعامة العالم قطبًا وحيدًا.
ولم تُزهق وتُستنزف في أفغانستان إلا أرواح المسلمين ودماء المسلمين وأموال المسلمين من أنحاء العالم على مدى عشر سنين !
لا نقول هذا إبطالاً لمشروعية الجهاد الإسلامي وقتها ، معاذ الله ؛ فقد أجرى الله بسببه مقادير خير كثيرة؛ ولكن لنتساءل -كما ينبغي أن نتساءل اليوم-، هل كان يمكن لأمة الإسلام أن تخوض معاركها المفروضة لحسابها ولمصلحة بلادها دون أن تتحول في النهاية لحساب المتلاعبين بها من حُسادها وأعداء دينها ؟.."
انتهى النقل من (حتى لايستباح الحرم ص 202)
الشاهد أن أمريكا الترامبية تريد الآن تكرار اللعبة ولكن لتصفية حساباتها مع إيران الشيعية على حساب البلدان العربية والإسلامية ، بعد أن تجاوز الفُرس كل الخطوط الحمر مع بني الأصفر..
أما حكام العرب والمسلمين بأنظمتهم غير المنظمة إلا في استهداف شرفاء الأمة؛ .. فلا يستبعد أن يكرروا (سيناريو) "الحرب المقدسة " تحت لواء ترامب ضد الفرس، كما سبق أن خاضوها بتوجيهات ريجان ضد الروس، وقد بدأ كثيرون منهم يلمعون ترامب ويمجدونه ويدعون لعدم التصرف دونه ..
المشركون النجس – وبخاصة من البروتستانت - سيدعمون قيام تلك الحرب فيما سوف يطلقون عليه (التحالف الأمريكي السُّني) فهل هانت السنة على المنسوبين إليها حتى تظل تحت الطلب، ولو كان الطالب من نموذج الأخرق ترامب..؟!
صحيح أننا نتمنى أن يكف الله بأس الفُرس ولكن ليس ببؤس العرب والمسلمين كما يخطط الروم..
والرجاء في الله باقٍ بأن يجعل تلك الحرب – حال وقوعها – إضعافاً لأعداء المسلمين وبداية تمكين ونصر للمستضعفين ...
أقرأ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق