الثلاثاء، 16 أبريل 2024

الجيش الأكثر انحطاطاً في العالم

 

الجيش الأكثر انحطاطاً في العالم

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية



تدّعي إسرائيل، ويصدّقها في ذلك حلفاؤها الغربيون، بأن جيشها هو الأكثر أخلاقية في العالم.. ولكن هذا الجيش “الأخلاقي” لم يتورع عن ممارسة كل أنواع الإجرام والقتل والإبادة الجماعية في حق الأبرياء الفلسطينيين، ليس فقط خلال الحرب الحالية في قطاع غزة، ولكن أيضا طيلة تاريخه منذ نشأة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين قبل أكثر من خمسة وسبعين عاماً.

فالسجل الدموي لهذا الجيش في حق أجيال عديدة من الفلسطينيين يؤكد أنه ليس جيشا بالمعنى المعروف، لكن مجموعة من العصابات الإجرامية التي تعيث في الأرض فساداً؛ فبالإضافة إلى قيام هذا الجيش بقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وإصابة ضعف هذا العدد في أقل من سبعة أشهر، فإنه يمارس أيضا حرب التجويع والحصار على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.

وقد تأكد إجرام هذا الجيش ولا أخلاقيته من خلال ما نشرته مؤخراً مجلة 972+، وهي مجلة إخبارية إسرائيلية، عن قيام هذا الجيش باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في استهداف وقتل الفلسطينيين؛ فحسب تقرير نشره الصحافي يوفال أبراهام قبل أسبوع، فقد قامت الوحدة 8200 المسؤولة عن إدارة شبكات التجسس والأمن السيبراني في الجيش الإسرائيلي بتطوير برامج إلكترونية، تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي في توجيه ضربات لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، وذلك باعتبارهم أهدافاً مشروعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

أهم هذه البرامج هو برنامج (لافندر)، وهو برنامج يقوم بتحديد (قوائم قتل) للفلسطينيين في قطاع غزة، وقد أعد هذا البرنامج (قائمة قتل) لما يقرب من 37 ألف فلسطيني خلال الحرب الحالية في قطاع غزة، باعتبارهم أعضاء في حركة حماس أو قريبين منها أو على صلة بأحد أعضائها.

أما البرنامج الثاني فهو برنامج (أين أبي؟) أو (Where’s Daddy?)، وهو برنامج يقوم بإجراء مسح لكافة سكان قطاع غزة، عبر تحديد أسمائهم وهوياتهم وعناوينهم من خلال استخدام تقنية (Machine Learning)، وقد استخدمه في إبادة عائلات فلسطينية بأكملها خلال الحرب الحالية؛ وهو النظام نفسه الذي تستند إليه إسرائيل في القول بأن لدى حماس ما يقرب من ٣٠ ألف إلى ٤٠ ألف مقاتل. 
يقول معد التقرير يوفال أبراهام إن برنامج (أين أبي؟) “يقوم بمسح معلومات عن 90% من سكان غزة على الأرجح، ويمنح كل فرد تقييما يتراوح بين واحد ومئة، وهو تقييم يستند على طريقة تفكير الآلة، وهو عبارة عن احتمالات قائمة على معلومات صغيرة تتجمع لتكوِّن احتمالية بأن ذلك الفرد هو عضو في الأجنحة العسكرية لحماس أو الجهاد الإسلامي؛ ويقول أبراهام إن مصادره أخبروه أن الجيش كان يعلم أن ما يقرب من 10٪ من الأشخاص الذين حددتهم الآلة على أنهم سيُقتلون ليسوا من مقاتلي حماس، ولم يكونوا كذلك، فبعضهم كان على علاقة بعيدة بحماس، والبعض الآخر لم يكن له أي صلة على الإطلاق بحماس.

أما الأكثر خطورة وإجراما فهو توصيل هذه البرامج الإلكترونية بالطائرات المسيّرة التي تقوم باستهداف المدنيين الفلسطينيين بشكل عشوائي، وذلك بناء على المعلومات التي تتم تغذيتها بها من خلال هذه البرامج (لافندر وأين أبي)، وذلك كما حدث في حالة المسيّرة الإسرائيلية التي قتلت قبل أسابيع أربعة شباب فلسطينيين مسالمين، كانوا – كما تابعنا في الأخبار- في طريقهم للحصول على المساعدات. 
كذلك يتم ربط هذه البرامج بالصواريخ التي تقوم بقصف منازل الفلسطينيين بغض النظر عن هوياتهم وأعمارهم، وهو ما يفسر جزئيا ارتفاع حجم القتلى الفلسطينيين من الأطفال والنساء خلال الحرب الحالية.. ويُعتقد أن استهداف عمال “المطبخ المركزي العالمي” قد تم عن طريق استخدام البرامج التكنولوجية نفسها.

وتعتمد إسرائيل على تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل إبعاد تهمة ارتكاب جرائم حرب في حق الفلسطينيين، بالقول إنها لم تقتلهم ولكن البرامج الإلكترونية هي التي فعلت، وهي حيلة إسرائيلية من أجل الهروب من تهمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزة.

كما أنه منذ بدء الحرب على قطاع غزة، فإن الجيش الإسرائيلي “الأخلاقي” قد استخدم الحرب باعتبارها حقل تجارب لأسلحته وترسانته العسكرية والتكنولوجية، واستخدم فيها كل الموبقات والمحرمات التي أدت – ولا تزال- إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، نصفهم على الأقل من الأطفال والنساء.

وحقيقة الأمر، إن ما تم نشره في المجلة الإسرائيلية لهو دليل جديد على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي – وعلى عكس ما يدّعيه قادة الكيان- هو الأكثر انحطاطا وإجراما وسفالة بين جيوش العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق