الخميس، 18 أبريل 2024

حرب خجولة وقصف محدود

حرب خجولة وقصف محدود



د. عز الدين الكومي




منذ أيام قلائل وجهت إيران ضربة “خجولة” للكيان الصهيوني – رغم أنها تزيد على 300 طائرة مسيرة وصاروخ – وذلك رداً على قصف الكيان للقنصلية الإيرانية في دمشق وقَتل 13 شخصًا من بينهم العميد محمد رضا زاهدي أحد كبار القادة في فيلق القدس الذي يمثل الحرس الثوري الإيراني خارج البلاد ، والذي يُعد من أبرز الشخصيات الإيرانية التي تتولى مسؤولية تسليح مقاتلي حزب الله .


وفي الوقت الذي أعلن فيه الكيان الصهيوني اعتراض معظم الصواريخ خارج حدود فلسطين المحتلة .. فقد أكد وقوع أضرارٍ “طفيفة” في قاعدة نفاطيم العسكرية . وقال في بيان له : “من أصل أكثر من 120 صاروخًا بالستيًّا .. اخترق عدد ضئيلٌ جدًا الحدود وسقط في قاعدة لسلاح الجو في نفاطيم ولكن بعض الطائرات ألحقت أضرارا طفيفة بمنشأة عسكرية صهيونية” ، إلا أنه أكد أن “القاعدة تواصل عملها ومهامها ، وأن إيران فشلت في اعتقادها بأنها ستشل عمل القاعدة الجوية وستضر بقدراتنا الجوية” .


لكن من ناحية أخرى فقد أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية أن الهجوم بالطائرات المسيّرة والصواريخ الذي شنّته طهران على إسرائيل ليلاً .. حقق كل أهدافه ، وأن عملية الوعد الصادق نُفِّذت بنجاح وحققت كل أهدافها ، وأن الضربات استهدفت موقعين عسكريين هما : المركز الاستخباري الذي وفّر لإسرائيل المعلومات المطلوبة لقصف القنصلية الإيرانية في دمشق و “قاعدة نفاطيم ، وأن الموقعين أصيبا بأضرار بالغة وخرجا من الخدمة” .


ولكن ما لفت نظري هو الكم الهائل من التحليلات التي أعقبت الرد الإيراني ، والتي تراوحت ما بين اعتبار الرد مجرد مسرحية وفيلم هندي هابط .. وبين اعتباره تطورًا ملحوظًا غيَّر قواعد الاشتباك مع الكيان الصهيوني ، حيث تم توجيه الضربة الإيرانية من الأراضي الإيرانية وليس من أراضي الوكلاء في العراق واليمن ولبنان وسوريا ، وبين هؤلاء وهؤلاء ضاعت الحقيقة !! .


وقد حاولتُ التفريق بين ضربة الكيان الصهيوني والرد الإيراني فلاحظت فارقاً كبيراً بين الضربتين .
فالكيان الصهيوني قام بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق ولم نسمع بذلك إلا بعد القصف ، مع تحقيق هدفه المباشر وهو قتل مجموعة من القادة على رأسهم رضا زاهدي .
أما الرد الإيراني فقد علمت به الدنيا بأسرها قبل القصف !! ، بل لا أكون مبالغاً إذا قلت : أن الرد الإيراني كان معلومًا طريقته ومواقعه وموعده !! .


ومما لفت نظري كذلك بصورة أكبر هو مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من المسلسل التركي الشهير “وادي الذئاب” لحوار حول العلاقة بين إيران والكيان الصهيوني !.
يقول الحوار : “في الحقيقة هناك تعاون غير معلن بين إسرائيل وإيران في المنطقة ، الدولتان تستمدان استمرارية وجودهما من افتعال النزاعات بينهما ، لو لم تكن إسرائيل لم تستطع إيران فرض نفوذها في المنطقة ، ولولا إيران لم يكن بمقدور إسرائيل استخدام أمريكا وفق هواها ، ما أن يشعروا بهدوء الأوضاع حتى يصطنعوا الأزمات ، فالسفن الحربية تجري المناورات في مضيق هرمز ، والعالم كله يُستنفر فتتباهى إيران بذلك ، وتكون مقابل ذلك قد بعثت برسالتها المطلوبة ، وإسرائيل تقول إن إيران أكبر دولة داعمة للإرهاب ، لذا علينا القضاء عليها ، في ذلك الحين تجني لوبيات السلاح والبترول الكثير من الأموال” .


أضف إلى ما سبق تصريحات الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” عن التنسيق المسبق بين واشنطن وطهران بعدما قام الحرس الثوري الإيراني بضرب قاعدة “عين الأسد” الأمريكية في العراق مطلع العام 2020 رداً على مقتل “قاسم سليماني” .
فقد قال ترامب ساعتها : “إن إيران أخبرته بألا يشعر بالقلق ، وذلك قبل هجوم صاروخي باليستي أطلقته (قوات إيرانية) على إحدى القواعد الأمريكية في العراق خلال فترة رئاسته لأمريكا .


وأضاف : “هذه قصة لم أروها من قبل ، عندما أسقطت إيران طائرة بدون طيار ، كان عمر الطائرة المعدنية بدون طيار 14 عامًا ، وليست مفيدة جدًا ، وكان على مقربة منها طائرة كبيرة بمحركات وعلى متنها 39 مهندسًا وطيّارًا ، وإيران أسقطت الطائرة بدون طيار ، سألت الجنرالات : (هل أسقطوا الطائرة التي خلفها؟) قالوا: (لا يا سيدي، لم يفعلوا) !”
وأكد ترامب في حديثه أن الإيرانيين اتصلوا بإدارته (عقب مقتل سليماني) وقالوا : “سنقوم بإطلاق 18 صاروخاً على قاعدة عسكرية معينة لديكم ، لكن لا تقلقوا، لن تصل الصواريخ إلى القاعدة” !.


وأضاف ترامب : “هل تتذكرون تلك الليلة؟ كنت الوحيد الذي لم يكن متوترًا لأنني كنت أعرف ما سيحدث ، خمسة من الصواريخ التي اطلقتها إيران انفجروا في الهواء . والآخرون سقطوا خارج منطقة القاعدة” !.
نعود إلى الضربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة على الكيان الصهيوني، فقد كشفت تصريحات عدة عن أنّ إيران تلقّت رسائل من وسطاء للسماح لإسرائيل بتنفيذ ضربة رمزية لحفظ ماء وجهها ، وطلبت من إيران عدم الرد ، وذلك من خلال اقتراح قدمته السفارة السويسرية في طهران . !


فهل إلى هذا الحد تعتبر أمريكا وإيران ومعهما الكيان الصهيوني أن العالم ساذج لهذه الدرجة؟؟ وتنطلي عليه هذه الألاعيب؟ ويصدق هذه التمثليات التي لا تصلح أن تكون فيلماً كرتونيًا يشاهده الأطفال على غرار سبايدر مان وباتمان وسلاحف الننجا ؟؟؟ .
ارحموا عقولنا يا عالم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق