موجز تاريخ الدولة الأموية (3)
محمد إلهامي
اقرأ أولاً:
وفي الشام أسفرت الأمور عن اختيار أهل القوة والعصبة من أهل الشام لمروان بن الحكم ومبايعته خليفة، ثم دارت حرب بين مروان بن الحكم، وبين أنصار ابن الزبير بقيادة الضحاك بن قيس الفهري في مرج راهط (في ذي الحجة 64هـ)، انتصر فيها مروان بن الحكم بعد قتال شديد، واستقرَّ له أمر الشام.
ثم بدأ في ضمِّ البلاد إليه؛ فبدأ بمصر التي دخلت في سلطانه بسهولة، ثم عهد بالولاية من بعده لابنه عبد الملك، ثم لعبد العزيز، ولا شكَّ في هذه اللحظة أنه كان مقتنعًا إلى النهاية بأن ولاية العهد هي التي تمنع الفتن والانقسامات والتنافس على الخلافة، فما زال الأمر مضطربًا منذ أن انفرط عقد الشام بموت يزيد بن معاوية، ثم خلع معاوية بن يزيد نفسَه، ثم ما لبث أن مات (رمضان 65هـ) بعد تسعة أشهر فقط في الحكم، وتولَّى بعده ابنه عبد الملك بن مروان.
والمتابع لتاريخ الفترة يتعجَّب من خلوِّ مشهد الشام من عبد الله بن الزبير، الذي اعتمد كلية على أنصاره في الشام، ولم يُجَيِّش معهم الجنود، ولا أرسل إليهم الدعم للقضاء على المعارضة هناك، كذلك خرجت مصر من بين يديه بسهولة، وسنرى بعدئذٍ أن البلاد ظلَّت تتساقط من بين يديه على ما كان متحقِّقًا له من اجتماع الكلمة.
فيما استطاع بنو أمية أن يستعيدوا ملكهم كاملًا مرَّة أخرى؛ بل وأن يُوَسِّعوه أضعافًا على الرغم مما وقع في الشام من فرقة وانقسام، في دلالة فارقة على أن بني أمية كانوا الأصلح للخلافة في هذا الوقت؛ بما امتلكوه من عصبة وتوحد، وبما نشأ فيهم من شخصيات قوية حازمة واسعة السياسة وبعيدة النظر.
تولَّى عبد الملك بن مروان الأمر وليس بيده إلَّا الشام ومصر – وكان من كبار العلماء والفقهاء في وقته (1)- فكان المؤسس الثاني لملك بني أمية، فعبد الملك شخصية قوية بارعة نجيبة إلى الحدِّ الذي ولاه معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه- أمر المدينة وعمره ستة عشر عامًا فحسب، فكيف وهو الآن في الأربعين من عمره، أي في اكتمال النضج؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق