السبت، 13 أبريل 2024

في الصميم

في الصميم

كيف يمكن لعدوين مفترضَين أن يقضيا كل هذا الوقت في التفاوض حول طبيعةِ ونوعية رَدِّ أحدهما على صَفعات الآخر؟!
وما هو نوع الحشيش الذي يتعاطاه المقتنعون بوجود عداء (حقيقي) بين إيران وإسرائيل؛ كعدائنا- نحن المسلمين- لإسرائيل؟!
نؤمن بوجود عداءٍ ما بينهما؛ بيد أنه عداءٌ (سرياليٌ) لا يصلح حتى لأفلام هوليود!!
لم يُصدّق كثيرٌ من الناس (ترامب) حين قال: (لقد اتصل بنا الإيرانيون وأخبرونا أنهم سيقصفون قاعدةً أمريكية خاليةً في العراق رداً على مقتل سليماني؛ فقلت: دعوهم يحفظوا ماء وجوههم)..
لم يَحمل كثيرٌ من الناس- آنذاك- كلامَ ترامب على محمل الجد، واعتبروه مخموراً يهذي.. وها نحن نشاهد علناً ما فضحه ترامب مما كان يحدث سراً..
لقد صار اللعب على المكشوف، وصرنا نسمع حتى في (قناة الجزيرة المتأيرنة) عن تلك المفاوضات التي تدور لتحديد طبيعة الرد الإيراني، وتعنت نتنياهو في التغاضي عنه إن أصاب صاروخ إيراني واحد الأراضي المحتلة المسماة (إسرائيل)!!
هذا شيء مذهل والله.. تخيلوا نظاماً بنى سرديته كلها منذ أكثر من أربعين سنة على الجعجعة بالصمود والتصدي والمقاومة، وادعاء انتظار اللحظة الفارقة لحرق إسرائيل أو إلقائها في البحر، وحين تابعت إسرائيل الدعس على رأسه مراراً وتكراراً أرسل هو الوسطاءَ مراراً وتكراراً ليسمح له عدوه بأي رد يحفظ به ماء وجهه.. ثم هو- ويا للذهول- لا يفعل ذلك سراً؛ بل يفعله علناً أمام أنظار المشاهدين، ويكاد يدعو له مراسلي وكالات الأخبار!!
إنَّ أي رد إيراني بعد كلِّ هذه الفضائح لن يُعتبر في الحقيقة رداً- إلا عند الحمقى والمغفلين والمتأيرنين-؛ لأن التفاوض على الرد يُسقط منطلقات الرد نفسها.. يُسقط (نوعية العداء) الذي روجته إيران للحمقى والمغفلين.. بل ويسقط السردية الإيرانية كلها عن الصمود والتصدي والمقاومة التي عاش عليها النظام الإيراني منذ المقبور الخميني!!

عشرة أيام وإيران تتفاوض حول ردها على إسرائيل وتنتظر الإذن به، وحين جاءها الإذن لم تزد على إرسال (طراطيع عيد) كطراطيع حسن حول ذلك العامود!! هل لا زلت مقتنعاً يا بُنيّ أنَّ الشيعة انتصروا في الشام والعراق واليمن بقوتهم الذاتية وليس بإذن أمريكا وروسيا وتحت غطائهما العسكري والسياسي؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق