3 أطفال قتلوا في قصف الجيش المصري لدرنة الليبية
ذبح "داعش" في أقصى الغرب، فرد "داعش آخر" بقصف أقصى الشرق.. في الغرب سقط ضحايا مساكين من فقراء المصريين، وفي الشرق دفع مواطنون ليبيون الثمن، فيما بقي الدواعش يحيون بعضهم بعضا عبر البيانات والتصريحات الإعلامية.
أفلام ذبح الأقباط المصريين صنعت باحترافية عالية في "سرت" حيث يسيطر زميل السيسي في الشركة القابضة للثورات المضادة خليفة حفتر، وعمليات القصف الانتقامية انصبت على مواقع وأهداف في "درنة" معقل ثوار فجر ليبيا المقاومين للانقلاب الذي ينفذه حفتر، مدعوما من السيسي.
لم نعرف عن هذا التنظيم الحاكم في مصر رحمة ولا شفقة في التعامل مع المصريين، فقد قتل من الأقباط في ماسبيرو عددا أكبر مما قتل داعش في "سرت"وبالتالي لا يمكن النظر إلى ما يجري في ليبيا بعيدا عن ترتيبات سابقة أعلنتها صراحة ميكرفونات إعلامية موصولة بمطابخ النظام العسكري، وحددت قبل ستة أشهر من الآن موعد بدء التدخل العسكري في ليبيا، وكان اسم "داعش" حاضرا وقتها كتكئة للمغامرة.
إن الأداء الرسمي المصري في موضوع خطف وذبح الأقباط، يكاد يكون نقلا حرفيا من سيناريو واقعة "شارلي إبدو"
حيث تلقف الجنرالات هدية "داعش" التي جاءتهم مثل حبل إنقاذ ينتشلهم من قاع فضائح تسريباتهم، التي أظهرت للعالم خيبة رهانة على هذه المجموعة التي تدير دولة كبير بمنطق شركة من الحجم الصغير..إنهم مدينون لداعش مرة أخرى.
في سبتمبر الماضي ومع البدء في التحضير للعبث العسكري في بحر الرمال الليبية قلت في هذا المكان "يمكن اعتبار "داعش" اسماً لمسحوق الغسيل المفضل لدى جمهور الثورات المضادة، وأنظمة الاستبداد العربية. هو الحل السحري المطلوب لدى عموم الكارهين الألداء لموجة ثورات "الربيع العربي" في المشرق والمغرب، فقد وجدوا فيه ضالتهم لكي "يقاوموا الإرهاب وينتقموا من الثورات" على طريقة اليهودي العتيد "كوهين ينعى ولده ويصلح الساعات".
وأكرر: إن الاستثمار ذا العوائد الكبيرة في مشروع "الحرب على داعش" تجاوز مسألة غسيل الأيدي من الدماء، وغسيل السمعة من القتل، وغسيل التاريخ من المجازر، وإسقاط الديون والجرائم.. تجاوز ذلك إلى محاولة الحصول على أرباح إضافية، تتمثل في مواراة ما تبقى من ملامح للربيع العربي الثرى، تحت سنابك هذه الحملة "التترية" الصاخبة التي تستبق الحرب بإعلان انتصارها على "العدو" قبل أن يبدأ القتال، لا بل قبل أن توضع خطة واضحة الأهداف والوسائل لهذه"الحرب لمجرد الحرب".
في تلك الأثناء أقدم النظام في القاهرة على توقيع اتفاقية أمنية مع الحكومة الليبية تسبغ شرعية على التدخل العسكري المصري، دعما لمحاولة انقلاب الجنرال حفتر، والتي تدور أحداثها منذ عدة أشهر، وأظن إنها لم تكن مصادفة أن توقّع هذه الاتفاقية قبيل وصول جون كيري إلى مصر في إطار "جولة دفع مقدمات الأثمان" للأطراف الأكثر حماسا لركوب قطار الحرب ضد تنظيم الدولة.
تقول الوقائع البعيدة والقريبة إن إجراءات التمكين للثورات المضادة كانت تتصاعد كلما دار الحديث عن العد التنازلي لبدء الحرب على "داعش" حتى أوشك نظام الانقلاب في مصر أن يضع "ثورة 25 يناير" على لائحة الحركات الإرهابية المتطرفة في المنطقة، وقد سجلت وقتها أنه "إذا مضت الأمور على هذا النحو المغرق في عبثيته، وتحقق ما يريده "تحالف الثورات المضادة" المنبثق من التحالف الدولي ضد "داعش" فليس مستبعدا أن يكتب التاريخ عن "داعش" أنه "إله الثورات المضادة" عند الطغاة الجدد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق