الجمعة، 13 فبراير 2015

موقع للحرس الثوري يهاجم مشعل ويطلب استسلام حماس!!

موقع للحرس الثوري يهاجم مشعل ويطلب استسلام حماس!!
ياسر الزعاترة

قبل أيام شنَّ موقع “تابناك” الإلكتروني التابع للحرس الثوري الإيراني، هجوما لافتا على خالد مشعل لم ينحصر في شخصه بل شمل الحركة أيضا، وذلك بعد أسابيع من أحاديث كثيرة عن استعادة العلاقة لبعض دفئها القديم بعد تصريحات ومواقف لافتة من حركة حماس حيال إيران، في وقت تعاني الأخيرة من عزلة شاملة في المحيط الإسلامي السنّي الذي هو الأمة في واقع الحال، ولم يكن طائفة يوما ولن يكون.
في سياق هجومي؛ ذكّر الموقع بأن “خالد مشعل وقيادات حماس وقفوا واصطفوا قبل عامين إلى جانب الإرهابيين الدوليين في سوريا، مطالبين بإسقاط النظام السوري والرئيس بشار الأسد، بينما نراهم الآن يضعون الشروط لعودة العلاقات بين حماس وإيران، وكأن إيران ليس لديها أي شروط!”.
نفتح قوسا هنا لنشير إلى أن ذلك يأتي تعليقا على الحوار الذي دار بين الطرفين خلال الأسابيع الماضية، وحيث اشترط محافظو إيران حضور خالد مشعل شخصيا إلى طهران، فيما اشترطت حماس أن يحصل على استقبال يليق بالحركة، يشمل لقاءات مع كبار المسؤولين، وفي مقدمتهم المرشد، إلى جانب مسألة أخرى تتمثل في عدم اشتراط تغيير الحركة لموقفها مما يجري في سوريا، وهو ما يبدو مرفوضا من طرف طهران، أقله فيما خصّ الاستقبال، وحيث يريد محافظوها توجيه إهانة للرجل، وللحركة بطبيعة الحال، خلاصتها أنها جاءت رغما عنها تطلب الرضا.
وحين يحظى قائد فصيل هامشي من وزن أحمد جبريل بلقاءات مع كل المسؤولين، بما فيهم خامنئي، فإن رسالة عدم لقاء مشعل ستكون واضحة كل الوضوح، مع أن الميزة الوحيدة التي يتمتع بها جبريل هي قبوله العمل كغطاء فلسطيني لإجرام النظام السوري.
في هذا السياق ذكّر الموقع، وفي معرض الغطرسة والغرور، وطلب الاستسلام من الحركة، بالوضع الراهن في المنطقة، والذي لا يسمح لحماس بإملاء الشروط، بل بتلقيها. فقال: “عندما غادر خالد مشعل دمشق إلى الدوحة لم يتصور أن الزعماء والرؤساء الذين طالبوا بإسقاط النظام السوري والرئيس بشار الأسد قد تغيروا، من مصر حتى الدوحة. ولم يخطر ببال خالد مشعل أنه سيُجبر يوما ما على الرجوع إلى أكبر داعم وحليف للنظام السوري وبشار الأسد، ويلجأ إلى طهران من جديد”.
وزاد الأمر تفصيلا بالقول: “محمد مرسي سقط في مصر، ويرأسها اليوم عبد الفتاح السيسي الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع بشار الأسد. وفي تركيا ترك هاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية منصبه دون أن يسقط بشار الأسد. وفي السعودية، لم يرحل الملك عبدالله فقط، بل إن المسؤولين الأساسيين عن الملف السوري حتى تمت إزاحتهم. وفي قطر، أصبح الشيخ تميم بن حمد أميرا.. وكل هذه التحولات أسهمت في إضعاف حماس؛ ما جعل قيادتها تفكر بالهجرة إلى تركيا”.
هنا تصل الغطرسة مداها حين يتحدث الموقع عن طرح يتحدث عن تقديم خالد مشعل لاستقالته من رئاسة الحركة كشرط لإعادة العلاقة مع إيران، مستهجنا بعد ذلك أن يسمع اليوم أن “خالد مشعل يرفض المجيء إلى طهران بسبب عدم وجود نية لاستقباله من قبل المسؤولين الإيرانيين الكبار”. 
وليصل الحال حد القول، إن “حركة حماس اليوم في وضع لا يسمح لها بأن تضع شروط عودة مجرى علاقتها بشكل طبيعي مع طهران، وليس من عادة إيران أن تعتمد على أي جهة أو طرف بعد أن ينكشف معدنه الحقيقي”.
والحال أن هذا المستوى من الغطرسة في كلام الموقع الذي يعبر عن الحرس والمحافظين، لا يعكس قناعة بوجود أصوات في الحركة تريد إعادة العلاقة مع طهران بأي ثمن وحسب، وإن كانت محدودة، بل يعكس أيضا محاولة للقول، إن إيران لا يعنيها الأمر، مع أن واقع الحال أن عزلتها عن غالبية الأمة تجعلها في حاجة ماسّة إلى حماس، هي التي تاجرت وتتاجر بقضية فلسطين وشعار المقاومة والممانعة. هذا طبعا مع قناعتنا، بأن فضائحها الطائفية لم يعد يسترها شيء، لا عباءة حماس ولا أي أحد آخر.
من الأفضل لحماس أن تترك هذا المسار، ليس فقط لأنه يرتب عليها أثمانا كبيرة في وعي غالبية الأمة التي ترى عدوان إيران عليها، بل أيضا لأن المكاسب ستكون هامشية، فلا الوضع الاقتصادي لإيران يسمح بدعم معتبر، وبالطبع بعد تدهور أسعار النفط واتساع النزيف ليشمل اليمن بعد سوريا والعراق يسمح بدعم معتبر، ولا السياسي وهي تغازل أمريكا من أجل اتفاق النووي يسمح أيضا، فضلا عن أن علاقتها بالسيسي تبدو أهم من علاقتها بحماس، هي التي ترى أن الأخير يقبل بإعادة تأهيل بشار، في وقت لا ترى طهران أولوية تتقدم على هذه الأولوية في كل سياستها الخارجية.
بمزيد من الصبر والصمود يمكن لحماس أن تتجاوز المأزق الراهن، من دون الحاجة إلى العودة إلى نظام دخل في عداء سافر مع غالبية الأمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق