أيمن نور ليبرالية بنكهة البيادة !
آيات عرابي
دير ياسين جديدة ترتكبها ميليشيات العسكر بالأمس في البصارطة, 5 شباب سقطوا شهداء وفتيات تم اعتقالهن دون وجه حق لاجبارهن على الاعتراف بما لم يرتكبنه وهي حلقة في مسلسل طويل من إخراج البنتاجون وتنفيذ عسكر كامب ديفيد, لم تتوقف منذ الانقلاب ولم اجد مثيلاً لمثل هذه المجازر الا تلك التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني في فلسطين والاحتلال الفرنسي في الجزائر, وفي ظل هذه اللوحة الكئيبة التي تسيطر عليها أجواء الاحتلال العسكري البغيض, يخرج د. أيمن نور بتصريحات تبدو أشبه بضحكات عالية وسط دموع المشيعين في موكب جنائزي.
الطرح الذي طرحه د. أيمن نور في حواره مع جريدة العرب القطرية كان نكتة متكاملة الأركان, فالرجل يريدنا أن ننسى الرئيس مرسي المختطف وأن نحتكم إلى الديموقراطية التي جاءت بالرئيس مرسي, وأن ننسى مجازر العسكر وآلاف الشهداء ويحدثنا عن (الضرورة الوطنية) التي يراها هو وحده والتي ستدفعه (للتضحية) من أجل الوطن والترشح في مواجهة (قملة الانقلاب) ويستخدم في هذا تعبيرات رومانسية على غرار (مواجهة – ضرورة وطنية – من لم يخش مواجهة مبارك ..الخ).
ولم ينس السيد نور أن يتبوأ مقعد الحكمة السياسية ويتحدث عما أسماه ( عدم منطقية ) دفع الإخوان بمرشح لهم في ذلك التوقيت وأنه كان عليهم أن يقبلوا بفكرة رئيس لمرحلة! فهل كان يجب على الإخوان أن يحجموا عن الترشح ليحقق السيد نور حلمه في الوصول لمقعد الرئاسة ؟
وما يريد السيد نور أن يقوله ببساطة هو (أيها الإخوان المسلمون إياكم أن تدفعوا بمرشح لكم, ليس الترشح من حقكم, ليست لكم حقوق سياسية مثلنا نحن الأحزاب الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة .. نحن نفهم افضل منكم .. ونحن فقط لنا الحق في الترشح )
مكارثية بشعة تتسلل من حروف كلمات الرجل دون أن يشعر وإقصاء فج تفوح رائحته من حديثه دون أن يتنبه.
وهي مكارثية الليبرالية المصرية التي تربت تحت نعل بيادة العسكر والتي تعتبر الديموقراطية صنماً من العجوة.
الديموقراطية بالنسبة لليبرالية العسكرية هي ماكينة إقصاء الإخوان هكذا (على بلاطة ).
والأخطر من تلك المكارثية الواضحة هو اتفاق مضمون ( الحكمة السياسية العميقة ) للسيد نور مع ( الوصفة الكارثية ) التي تحدث عنها دنيس روس المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط حين دعى لـ ( إجبار الإخوان على التعايش ) ودعى لاعتناق النموذج التونسي, فالإخوان في رأي السيد نور وفي رأي دينيس روس لا يجب أن يسمح لهم بما يزيد عن الترشح للبرلمانات.
الرجل الذي قال في حديثه للجارديان منذ ما يقرب من شهر, أنه صارح الرئيس مرسي بأنه غير مستعد للسجن والذي قال أنه كان يرتب ملابسه في حقيبته بينما كان يمسك بالتليفون مستمعاً إلى قزم الانقلاب يدعوه فيه للنقاش, واتته الشجاعة فجأة بعد سنتين من الصمت وقرر ( النزول إلى مصر وخوض ما سماه بالانتخابات ضد معتوه العسكر ) وبالإضافة إلى ذلك, فإننا نستشعر حالة من المكاشفة المسترخية يتحدث بها عما اسماه(استعداده لخوض انتخابات رئاسية), وهو ما يجعل الشكوك التي تراود البعض حول وجود دعم سعودي له, تتردد و بقوة.
السيد نور لم ينس إضفاء لمسة ( قذافية) جذابة على حواره الشيق, فهو يؤكد أنه لا شرعية لقزم الانقلاب ولكنه كان على استعداد لخوض ما اسماه بـ (انتخابات) 2014 (وهي مسرحية بالمناسبة لم يحضرها أحد سوى قملة الانقلاب وأولاد خالته) ولكنه لم يعترف بالمسار التالي على ما يسميه (3 يوليو) وهو بالمناسبة يخشى أن يسميه انقلاباً, وفي نفس الوقت سيخوض ضده (انتخابات رئاسية) !!
ثم يعود ليقول (أنت تريد عودة الشرعية وأنا لا أريد عودة مرسي، فالحل أن نتحدث عن عودة الديمقراطية، وعندما تعود الديمقراطية وتأتي بمرسي أو عبدالناصر أو «الجن الأزرق»، أو بشخص جديد، هذه مشكلة الديمقراطية ) !!!
يعني لا شرعية لمعتوه الانقلاب ولكن يمكن اجراء انتخابات في ظل انقلاب وانت ضد عودة مرسي وهذا ليس تفريط في الشرعية والصراع بين الديموقراطية واللا ديموقراطية ولكن الديموقراطية جاءت بالرئيس مرسي ولكنك لا تريد الرئيس مرسي فيجب الاحتكام للديموقراطية !!
يا ملكوت الله !!
ما هذا الخلط ؟
لم أرى جملة في حياتي تحتشد بكل تلك المعاني المتنافرة وتحتوي على كل هذه الكمية من ( اللف والدوران ) الذي احتوته هذه الجملة.
الم تات الديموقراطية التي تدعي يا سيد نور أنك تدعو إليها بالرئيس مرسي ؟
عبقرية المشهد الحالي هو أنه احتوى على كل عناصر الدراما التي تؤهله أن يكون جزءاً ثانياً لفيلم ( الزوجة الثانية), ففي خلفية المشهد يقف البلطجي المعتوه الذي يخرج قميصه خارج سرواله ويرتدي كسرولة فوق رأسه مدعياً أنه يتقدم لطلب يد الزوجة ( التي ما تزال على ذمة رجل ), ومعه حمدين صباحي يدعي أنه يتقدم لنفس الزوجة, ومن أقصى الكادر يأتي أيمن نور ليطلب الزوجة هو الآخر لنفسه, فلا مانع لدى المخرج من زيادة عدد المتقدمين, بعد أن تصاعدت شكوى أهل الزوجة المغتصبة.
الكوميدي بعد كل ذلك هو أن السيد نور يحاول التنصل من كلماته في نفس اليوم ويتهم الجميع بأنهم يجتزئون كلماته, حسناً فلتقاضي إذن جريدة العرب القطرية وكل المواقع الإخبارية التي نشرت مقاطع من حوارك.
الرئيس مرسي يا سيد نور, لم يعد فقط رئيساً بل اصبح زعيماً للثورة والثوار أنفسهم قد تشكل لديهم الوعي الكافي لإدراك أن عودة الرئيس مرسي لمنصبه بصلاحيات كاملة, هي ضمانة كسر العمود الفقري لدولة العسكر.
وربما وجدت أحلام السيد نور بمقعد الرئاسة, آذاناً صاغية لدى السيد صباحي وستجد لديه الوقت والسعة النفسية والتفهم, اما الثوار فهم الآن مشغولون بجمع أشلاء الشهداء الذين يرتقون يومياً ولديهم ثورة يستكملونها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق