الجمعة، 8 مايو 2015

في حب طارق الجوهري ومحمد مرسي!

في حب طارق الجوهري ومحمد مرسي!

شريف عبدالغني

(1)
أذاعت إحدى الفضائيات تسجيلا لحوار سبق أن أجرته مع الراحل عطر السيرة والمسيرة العميد طارق الجوهري، قائد الحراسة الشرطية الليلية لمنزل الرئيس محمد مرسي.
 نتيجة الحوار أنني ازددت احتراما وحبا للرئيس مرسي والعميد الجوهري على حد سواء.
لقد كشف العميد الجوهري عن جوانب إنسانية للرئيس الشرعي، جعلتني أفخر بنفسي أن أعطيته صوتي وسخّرت كتاباتي المتواضعة دفاعا عنه، منذ أعلن ترشحه، مرورا بفوزه، والحرب التي شنتها ضده الدولة العميقة، وانتهت باختطافه في جريمة بلطجة مكتملة الأركان. وسأظل مساندا للرئيس الأسير المظلوم إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

(2)
بعض الحمقى والمغيبين والتافهين ما زالوا يرددون كالببغاء نفس بلاهات إعلام «الواد والبت» عن الرئيس الذي كان الأمل في عدالة اجتماعية لم نسمع عنها نحن المصريين سوى في خطابات أهل الحكم منذ عقود، دون أن يكون لها أثر في الواقع.
حكى «الجوهري» أن الرئيس مرسي كان يوقف موكبه ويوجّه اللوم لمسؤوليه بسبب إغلاقهم هذا الشارع أو ذاك أثناء سيره، مشددا على ضرورة عدم التضييق على المواطنين في تحركاتهم، وهو ما كانت تتم الاستجابة له فورا، وتعديل خطط تأمينه باستمرار، وبالتالي عدم وجود أي عبء مروري.
الراحل المحترم، الذي لا أدري كيف كان يتعامل مع وسط جهاز الشرطة المليء عفونة وغطرسة وجهلا، أوضح أن الوضع أيام مبارك كان مختلفا تماما حيث كانت التعليمات بإغلاق الطرق والشوارع قبل مروره بأكثر من 10 ساعات، ويتحمل الجنود الغلابة الوقوف في العراء طيلة هذا الوقت، فضلا عن تعطيل مصالح البلاد والعباد.
(3)
أتعجب أن يهين البعض مرسي الذي- كما قال الجوهري- سأل عن سبب إبعاد بائع صحف من محيط منزله، وأمر بإعادته لمكانه.
أتساءل: طوال عمرنا نشكو فساد وتعالي حكامنا فكيف نرفض رئيسا يذهب ليتناول العشاء في منزله مع «عياله» رافضا أُبَّهة القصر الرئاسي.. وهل نهيل اللعنات على رئيس أكدت وزارة المالية أنه لم يتقاض راتبا منذ توليه مهام منصبه وحتى يوم اختطافه؟!!
قال العميد الجوهري إن %95 من رجال الشرطة اعتبروا وجود محمد مرسي في السلطة هو وجود مؤقت قد يستمر عدة أشهر، وهو ما يشير إلى أن خيوط المؤامرة عليه بدأت تنسج منذ فوزه بانتخابات الرئاسة.
وأضاف أنهم وصفوا فترة رئاسته بـ»الترانزيت»، وكان يسمع شتائم أفراد الحراسة للرئيس رغم أن الدكتور مرسي لم يقدم لهم ولكل العاملين بالداخلية إلا كل خير.
تطرق العميد الراحل إلى نقطة مهمة، وهي أن رجال الشرطة لم يشفع عندهم أن أبناء التيار الإسلامي هم الذين ساندوهم بعد ثورة 25 في الأكمنة، ودافعوا عنهم ضد هجمات بعض الخارجين عن القانون عليهم، كما لم يشفع عندهم أن الرئيس مرسي قرر زيادة رواتب العاملين بوزارة الداخلية، بدلا من الزيادات الطفيفة جدا في العهود السابقة، وذلك حتى يفتح معهم صفحة جديدة لإعادة الأمن المفقود إلى البلاد.
الجوهري سخر من اتهام متوقع له بأنه «إخوان» بعد شهادته بحق مرسي. وقال إن الداخلية من خلال تحرياتها الدقيقة لا يمكن أن تسمح لأي من المنتمين فكريا للجماعة أو حتى أقارب لهم بالتواجد بين صفوفها.
وأشار «جوهرة الثورة» إلى نقطة هامة أخرى، وهي أن معظم من دخل الشرطة يكون إما بواساطات أو رشاوى، وفي عقيدتهم أنهم فوق البشر، وبالتالي فهم لا يقبلون ما أرساه الدكتور مرسي بأن رجال الشرطة لهم حقوق، لكن عليهم أن يؤدوا ما عليهم من واجبات.

(4)
هنا مربط الفرس
إنهم لا يريدون أن يعملوا، قبل أكثر من عام هاجمني بلطجية بالأسلحة البيضاء، وسرقوني بالقوة، بعد أن وضع أحدهم طرف السكين على رقبتي. أقنعني البعض وقتها بعمل محضر رسمي في قسم الشرطة القريب من مكان الواقعة لإثبات ما حدث، قررت أن أجرب كيف يتعاملون مع المواطنين العاديين، ذهبت ولم أخبر أحدا بهويتي، ولا بكوني صحافيا، وكما توقعت راحوا يماطلون بأن مكان الواقعة الذي يبعد عنهم 500 متر فقط لا يتبعهم، وإنما يتبع قسما آخر يبعد مسافة 4 كيلومترات!! لما وجدت عدم الاستجابة منهم أخبرتهم بهويتي الصحافية، فدخلت لرئيس المباحث، وبالمصادفة تبين أنه صديق لأحد أقاربي.
هذا الضابط جعلني أكره اليوم الذي دخلت فيه القسم، فبعد السلام والتحيات والذي منه، أخبرني «على بلاطة ومن باب المعرفة» حسب تعبيره، أنه مفيش داعي لأي محضر لأن «اللي بيروح ما بيرجعشي، وهي دي بلدنا».
ثم استغل فرصة أنني صحافي وراح- وهو يشاهد برنامجا غنائيا تلفزيونيا- يستعرض ما يظنه ثقافته الرفيعة. الحقيقة أنه لو كانت نفسيتي أثناء كتابتي هذا المقال على ما يرام لخرجت هذه السطور مسخرة كوميدية تتفوق على مساخر «عبدالعاطي كفتة».

(5)
المسكين ثقافته شبه معدومة، وأسلوبه في الكلام متدن، ويختلق حكايات مضحكة لا يصدقها عقل طفل عن الرئيس محمد مرسي والإسلاميين، ثم يطّعم كلامه بحكم ومواعظ دينية مفادها أن الله ضد الإخوان وخسف بهم الأرض، لأنهم طغوا في البلاد بين العباد. مواعظه ذكرتني بعلي جمعة مفتي الانقلاب، الذي خاطب أبطال المجازر ضد المعتصمين وفي المظاهرات، بتأكيده أمهامهم أن الله معهم والملائكة تساندهم، وكان لافتا وقتها أن بطل المذابح واليد المنفذة لها اللواء محمد إبراهيم، رفع رأسه إلى السماء قائلا «الحمد لله»، كأن كلمات جمعة أنقذته من أي تأنيب ضمير.
كان كلام صاحبنا طوال الوقت يؤكد صحة كلام العميد طارق الجوهري، ويثبت أن معظم ضباط الشرطة يريدون بالفعل أن يكونوا فوق الشعب، وليس في خدمة الشعب كما تقول لوحة عريضة ضخمة بهذه الكلمات تتصدر القسم. كان في كل كلمة يؤكد لي- دون أن يشعر- أنه من أغبى رجال الشرطة، وأظهر نفسه على عكس ما يقصد ويشتهي، وأثبت أنه واجهة مسيئة للجهاز كله.

(6)
خرجت من عنده ولديّ قناعة بأمرين:
الأول أن مصر ستصبح تحت سيطرة البلطجية ما دامت هذه النماذج هي الطاغية في الشرطة، والثاني أن الجسم يطرد كل ما هو غريب عنه.
من الطبيعي جدا والحال كذلك أن طارق الجوهري خرج بدينه ومبادئه وآدميته، من بلاد القهر والكبت والجهل، وأن محمد مرسي بدلا من تكريمه كنموذج للحاكم العالم العادل يتم خطفه وسجنه وتشويه سيرته!.

• shrief.abdelghany@gmail.com
 @shrief_ghany

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق