الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

للقصة بقية - حلم الأكراد إلى أين؟

للقصة بقية - حلم الأكراد إلى أين؟





سعى الأكراد (قومية عرقية يتوزع وجوده
بين تركيا والعراق وسوريا وإيران) في مراحل متعددة من تاريخهم الحديث لبناء دولة تمثل كيانا قوميا لهم، لكن الدول التي تضم بين مواطنيها أكرادا تعاونت لسد الطريق على حلمهم في وطن قومي، كما شهدت بعض الفترات استخدام الأكراد ورقة ضغط متبادل بين الدول التي يوجدون بها.
حلقة (2016/12/12) من برنامج "للقصة بقية" سلطت الضوء على حلم الأكراد من إيران والعراق إلى تركيا فسوريا، وتناقضات الحلم الكردي، وسط الانقسامات الكردية والتلاعب الدولي والإقليمي بقضيتهم.
ففي إيران أعلن الأكراد عام 1946 ميلاد ما عرف بجمهورية مهاباد الشعبية الديمقراطية برئاسة قاضي محمد، لكنها لم تدم سوى 11 شهرا، وانهارت بعد تخلي الاتحاد السوفياتي عن دعمها، وتم إعدام قادة الجمهورية لتطوى بذلك صفحة في تاريخ الأكراد، وبعد الثورة الإسلامية أعلن المرشد الأعلى للثورة روح الله الخميني الجهاد ضد الأكراد وقصف مدنهم بالطائرات.
أما في العراق الذي يضم نحو سبعة ملايين كردي، فقد انتفض الأكراد عدة مرات؛ أهمها في مارس/آذار 1991، وبعد سقوط نظام صدام حسينتحولت كردستان العراق إلى إقليم يتمتع بصلاحيات واسعة مقررة في دستور العراق، وجعل رئيس الإقليم مسعود البارزاني من راية جمهورية كردستان الشعبية راية لإقليم كردستان العراق، كما وظف الإقليم موقعه وثرواته النفطية لنسج علاقات إقليمية قوية.
وفي تركيا، طرح حزب العدالة والتنمية التركي مبادرات لاحتواء القضية الكردية منذ تسلمه الحكم، وسعت أنقرة -بحسب منتقديها- لفك الارتباط بين أكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي دأبت على اتهامه بشن عمليات ضد مصالحها، كما أقدمت على اعتقال نواب أكراد على خلفية شبهات صلتهم بالإرهاب، كما أبدت معارضتها للدعم اللوجستي الذي قدمته واشنطن لقوات كردية بسوريا.
وفي سوريا، استفاد حزب الاتحاد الديمقراطي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي) من اندلاع الثورة، وتحالف مع النظام السوري والإيراني وسيطر على مناطق ذات أغلبية كردية شمال البلاد، وأعلن قيام إدارة حكم ذاتي، قبل أن يتلقى دعما من الولايات المتحدة من أجل محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
تلاعب دولي
الباحث السياسي لقاء مكي أكد أن إيران كدولة إقليمية تتلاعب بالقضية الكردية كما تلاعبت بها الدول الكبرى على امتداد السنوات الماضية، وهذا حصل في زمن الشاه الذي كان يدعم أكراد العراق ضد النظام العراقي، ولما عقدت اتفاقية الجزائر عام 1995 تخلى تماما عن دعم الأكراد فانتهت الحركة الكردية في ذلك الوقت واضطر الملا مصطفى البارزاني للخروج من العراق، وكانت نكسة كبيرة لهم.
وأضاف أنه بعد الثورة الإسلامية عام 1979 تعاملت إيران مع القضية الكردية بنفس طريقة الشاه؛ فمع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عادت لدعم أكراد العراق ضد نظام صدام حسين، وأيضا قام العراق بدعم الأكراد في إيران، أما في داخل إيران فقد تعامل الإيرانيون مع الأكراد بطريقة قمعية مطلقة، وكفرهم الخميني، وأعلن الجهاد ضدهم، وقصف مدنهم بالطائرات.
وشدد مكي على أن الأكراد موجودون في تركيا وإيران والعراق وسوريا وبأعداد قليلة في لبنان، ومعظم هؤلاء بلا حقوق باستثناء العراق ومؤخرا تركيا، لافتا إلى أن مسعود البارزاني هو آخر القادة الأكراد الكبار الذين لديهم شعور إيجابي تجاه العراق، وإذا وجد أجواء إيجابية تسمح ببقاء الأكراد ضمن العراق فلن يفكر في الاستقلال.

وبحسب مكي، فإن الأكراد ليست لديهم مشكلة مع القوى الإقليمية والدولية المحيطة بهم فقط، بل لديهم مشكلة داخلية أعمق؛ فهم لم يتوحدوا أبدا، والعراق أبسط مثال على ذلك، ففيه أكراد السليمانية ويمثلهم جلال الطالباني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وتدعمهم إيران، وأكراد أربيل ودهوك ويمثلهم مسعود البارزاني والحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني وتدعمهم تركيا، وبين الطرفين صراع سياسي وعسكري، وإذا دعوا إلى استقلال سيصبح كردستان العراق دولتين.
أكراد إيران
من جانبه، قال عبد الباسط سيدا القيادي الكردي والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري إن "جمهورية مهاباد نشأت نتيجة ظروف دولية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية وبدعم روسي، ولكن عندما اتفقت الدول الكبرى على تقسيم العالم العربي تخلى السوفيات عن الدولة الكردية الوليدة، وبالتالي كان الطريق مفتوحا أمام الشاه الجديد محمد رضا بهلوي لكي يقضي عليها، لكن سقوط الجمهورية لا يعني أن القضية الكردية في إيران سقطت".
وشدد على أن الكرد في إيران يعانون من اضطهاد ثلاثي الأبعاد؛ فهناك الاضطهاد العام الذي يجري على كل القوميات والأقليات، واضطهاد قومي خاص بالكرد، وأخيرا الاضطهاد على أساس مذهبي كون أغلبهم من السنة.
وفي ما يتعلق بوضع الأكراد في سوريا، أوضح سيدا أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، وعقد صفقة تنص على أن يقوم بدعم النظام مقابل تسليمه قيادة المناطق الكردية، ونجح هذا الحزب المدعوم إيرانيا في اختطاف القضية الكردية نتيجة دعمه بالسلاح والمال والتغطية السياسية.
وردا على سؤال حول مستقبل القضية الكردية في تركيا، أجاب "من دون شك حجم القضية الكردية في تركيا هو الأكبر والأكثر تأثيرا، وكانت هناك عملية سلمية وخطا حزب العدالة والتنمية أشواطا كبيرة في هذا المجال، وكانت هناك العديد من الإنجازات الملفتة، سواء على صعيد الاعتراف باللغة الكردية ودخول الأكراد البرلمان وفتح قناة تلفزيونية رسمية وفتح أقسام باللغة الكردية في عدد من الجامعات".
ومضى قائلا "يبدو أن إيران لم تكن تريد لهذه العملية أن تتم، فحركت القيادة العسكرية لحزب العمال الكردستاني الذي نفذ عدة هجمات انتحارية ضد الشرطة والمدنيين الأتراك، وأعلن الحكم الذاتي في عدة مدن كردية، فانفجرت الأمور مرة أخرى وعادة الحرب مجددا بين الحزب الكردي والجيش التركي، والمتضرر الأكبر هو عشرون مليون مواطن كردي لا ذنب لهم في هذه الحرب".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق