الجمعة، 15 أكتوبر 2021

الإصرار على دعم الإرهابيين يعرّي الدور الأمريكي في سوريا

 الإصرار على دعم الإرهابيين يعرّي الدور الأمريكي في سوريا

تركيا فتحت أبوابها قبل 7 سنوات أمام الأكراد الذين عانوا من الاضطهاد في عين العرب، وقامت بحمايتهم.

بايدن 

ياسين أقطاي

قرر الرئيس الأمريكي جو بايدن تمديد “الأمر التنفيذي” رقم 13894 الصادر في 2019، والمتعلق بسياسة الولايات المتحدة في سوريا، بحجة أن حالة الطوارئ الوطنية التي كانت سببًا له لا تزال قائمة اليوم.

لكن “حالة الطوارئ الوطنية” المشار إليها إنما تقررت في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب وفقًا لـ”قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية”.

وقيّم القرار آنذاك الوضع في سوريا بأنه يشكل تهديدًا استثنائيًّا للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ومن أجل التعامل مع هذا التهديد أُعلنت حالة الطوارئ الوطنية.

إن هذا العقل الذي يتولى مسؤولية تقييم الأوضاع في سوريا، وتوجيه السياسة الأمريكية بهذه الطريقة، لا يختلف كثيرًا عن العقل الذي قيّم الوضع في أفغانستان.

وبات معلوما للجميع إلى أي هاوية أودى هذا العقل بالولايات المتحدة، لكن مع ذلك فإن عجز بايدن عن التخلص من هذا العقل يخلق للولايات المتحدة متاعب أكبر بكثير مما يسببه لنا.

ربما تتساءلون: وما علاقتنا بذلك؟ الولايات المتحدة قوة عظمى غير أنها في مرحلة انحسار سريع، وتبعات هذه المرحلة لا تتعلق بالولايات المتحدة فحسب، بل لها أيضًا تبعات كبيرة على شعوب المنطقة.

إن تصريحات بايدن والاتهامات التي وجهها إلى تركيا خلال إعلان هذا القرار، تظهر بوضوح العقل الذي تخضع له الولايات المتحدة، ومع من يتحرك، سواء في تركيا أو في عموم المنطقة.

حينما اعتبر بايدن أن عمليات تركيا العسكرية ضد تنظيمات (بي. كا. كا) الإرهابية في سوريا تهدد أمن الولايات المتحدة، فإنه في الوقت ذاته قد كشف عن نوع المؤامرات والخيانة التي رسمها لتحديد معالم خطه الأمني.

الدعم الأمريكي

لا أحد يجهل مستوى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لمنظمة (بي. كا. كا) الإرهابية في سوريا، على الرغم من أن (بي. كا. كا) ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية، لكن مع تغيير في الاسم فحسب أغدقت عليها دعمًا سخيًّا وأنشأت منها جيشًا على مستوى دولة وزودته بأثقل الأسلحة.

لا جدوى على الإطلاق من انتظار أو توقّع صدور تفسير منطقي وعقلاني من قبل الولايات المتحدة حول هدف هذا الدعم الكبير لتنظيم إرهابي. إذا كان تبرير ذلك هو محاربة تنظيم داعش فهذا لعمري ليس سوى حماية تعرّي الولايات المتحدة بطريقة ساخرة.

ما يهمنا بشكل أكبر من هذا المشهد هو أن يصل أولئك الذين لا يزالون يعتقدون أن منظمة (بي. كا. كا) الإرهابية تمثل الأكراد إلى قناعة بأن استثمار الولايات المتحدة في (بي. كا. كا) الإرهابية بهذه الطريقة ليس لأنها تخدم الأكراد، بل لأنها تخدم مصالح وخطط الولايات المتحدة لا أكثر.

في ضوء هذه الحقائق، ندرك تمامًا أن الذين يدعون للتفاوض مع هذا الكيان الإرهابي (بي. كا. كا) عبر الحوار لا السلاح، وهو اللغة التي يفهمها، ليسوا سوى صدى لهذه السياسة الأمريكية.

الفظائع

إن السياسة الكردية الحقيقية المستقلة عن مخططات وأهداف الولايات المتحدة، وتتفهم الأكراد حقًّا وتمثل مشاكلهم وهمومهم، لا يمكن أن تضر بهذا البلد أبدًا، إلا أن السياسة الكردية الآن في رهينة في أيدي أمراء الحرب القذرين.

لقد بات لدينا الكثير من المعلومات والمعطيات لفهم الفظائع التي ارتكبت قبل سنوات في مثل هذه الأيام، خلال أحداث 6-8 أكتوبر/تشرين الأول 2014.

إن تركيا هي الدولة الوحيدة التي قاتلت تنظيم داعش الإرهابي بشكل حقيقي.

الولايات المتحدة لا تحارب تنظيم داعش، بل تستخدمه كعنصر إضافي ضمن سياساتها تمامًا كما تستخدم منظمة (بي. كا. كا) الإرهابية وذراعها السوري “بي يي دي”، حيث كتبت الولايات المتحدة لكل منهم دوره الخاص ضمن السيناريو القذر الذي أعدّته، هذا كل ما في الأمر.

تركيا هي الدولة التي فتحت أبوابها قبل 7 سنوات أمام الأكراد الذين عانوا من الاضطهاد في عين العرب، وقامت بحمايتهم.

لكن على الرغم من ذلك، سرعان ما ظهرت محاولات تستهدف أمن الشعب التركي ووحدته، وكأن تركيا هي المسؤولة عما حدث ولذلك فإن محاسبة من قام بهذه المحاولات ليست سوى مطلب عادل وموقف مشرف ضد التدخلات الإمبريالية الخبيثة.

مهرجان سيرت التقليدي الدولي للأفلام

تزامنت النسخة الرابعة من مهرجان سيرت التقليدي الدولي للأفلام هذا العام مرة أخرى، مع ذكرى أحداث 6-8 أكتوبر 2014، المعروفة بأحداث عين العرب.

بعد أن تحولت مدينة سيرت التركية إلى ساحة مرعبة بسبب أعمال منظمة (بي. كا. كا) الإرهابية الفاشية قبل 7 سنوات، ها هي تستضيف اليوم النسخة الرابعة من مهرجان الأفلام وسط مشاركة واسعة.

لقد كتبت سابقًا تزامنا مع النسخ السابقة من المهرجان، أن المكتبة العامة التي اعتدت على قراءة كتبها وأنا ابن ثمانية أعوام في مدينة سيرت، أُحرقت ضمن أحداث 6-8 أكتوبر 2014، من قبل أطفال بالعمر ذاته عبر زجاجات المولوتوف بتحريض وتغرير من (بي. كا. كا) الإرهابية. كانت المنظمة تسمم عقول هؤلاء الأطفال من خلال نعتهم بأبطال أفلام الأكشن، أما اليوم فيتم عرض جمال وبهاء الفنون ضمن الساحات التي شهدت حريق تلك المكتبة.

يقام المهرجان اليوم تحت رعاية وزارة الثقافة والسياحة، والمديرية العامة للسينما، وتحت إشراف باران ميدان، أحد أكثر المنظمين حماسة ونشاطًا ممن أعرفهم. أود أن أغتنم هذه الفرصة لأهنئ كل من أسهم وقدم شيئًا في إطلاق النسخة الرابعة من مهرجان سيرت لهذا العام.

ياسين أقطاي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق