الأحد، 1 فبراير 2015

حسام الغمري يكتب : ظهور الدولة الاسلامية ، هل أضر الأخوان أم نفعهم ؟

حسام الغمري يكتب : ظهور الدولة الاسلامية ، هل أضر الأخوان أم نفعهم ؟



قد يظن البعض انه كتابة مقالات الرأي البعيدة عن التوازنات التقليدية في هذا المناخ المحتقن المملوء بالتعصب أمر بالغ الصعوبة .

فانصار جماعة الأخوان على سبيل المثال باتوا شديدي الحساسية من أي نقد قد يوجه إليهم أثناء هذه المحنة العصيبة حيث يتعرضون لتنكيل لا انساني من عصابة أكثر همجية في ممارساتها من تلك التي عاشت في اوروبا العصور الوسطى ، لذلك تراهم يبرزون اليك عند كل نقد قائلين :-
  • احنا اللي في الشارع بقالنا 19 شهر
  • احنا اللي بندفع فاتورة الثورة من دمنا وعرضنا
  • لولا صمود مرسي كان الانقلاب ثبت اركانه وانتهت الحكاية
  • احنا بس اللي بنحارب اليهود عن طريق حماس

وهذا بالطبع كله صحيح وليس محل شك أو جدال .

وانصار الدولة الاسلامية وقد باتوا اليوم كثر وفق رصد الاعلامي اللامع أحمد منصور ايضا يرفضون سياسة ” الطبطبه ” على الاخوان رغم هذه المحنة القاسية فيبرزون إليك قائلين :-
  • هل استطاعت جماعة الاخوان اعلان الخلافة على شبر واحد من الارض بعد انقضاء ثمانين عاما هي عمر الجماعة ، فهل يجب علينا انتظار المزيد ؟
  • هؤلاء الاخوان لا حمية لديهم على اعراضهم ، فلولا السلمية ما كان الاغتصاب
  • الم يطلق مرسي جيش السيسي ضد من يطلقون الصواريخ على ايلات من سيناء
  • الم تر كيف انهارت حدود سايكوس بيكو تحت ضرباتنا في شهور ؟
وانا بين هؤلاء وهؤلاء اكتب ما اعتقد ان فيه صلاحا للأمة مبتغيا وجه الله سبحانه دون غيره ، لذا اراه يسيرا باذن الله مهما غضب الغاضبون .

والحق اقول لكم ان كلا الطرفين احتكر لنفسه الفهم الصحيح للاسلام ، كلا الطرفين استعلى بالايمان على سائر مسلمي الأمة .

بينما لا اقر عليهما ما اسموه بالاسلام الوسطي أو الاسلام الاصولي أو السلفي الجهادي ، كما لا أقر على الأخوان ما يسموه الفقه المكي ، فالاسلام تام بخطبة الوداع ، والاسلام واحد و هو الاسلام دون الحاجة الى تصنيفاتكم هذه .

والمسلم أخو المسلم كما جاء في الحديث الصحيح لا يسلمه ولا يحقره ولا يخذله

ولكن يُقبل الاختلاف بالطبع في الرؤى السياسية وترتيب الأولويات ، ومن العبث الاختلاف فيما بينكم وقاتلكم واحد ، وعدوكم واحد ، المتآمر على ديننا واحد يا عباد الله الواحد .

تحدث السيسي اليوم معرفا هذه الموجه بأنها الأعتى منذ قرنين من الزمان ، ولقد صدق وهو كذوب ، ولكن كثيرون منا لم يفهموا عبارته هذه ، أو فسروها وفق منظور حزبي ضيق ، فالسيسي يقصد ان هذا الحراك باسم الاسلام هو الأعتى منذ قدوم نابليون بونابرت الذي قام المرتد السيسي بزيارة قبره اثناء رحلته الى فرنسا

وهذه هي البشرى السارة التي احملها للمسلمين في كل مكان .

فقبل قرن من الزمان كانت المغنيات المسلمات ينشدن قائلات :-

  • ارخي الستارة اللي فريحنا احسن جيرانك تجرحنا
  • يا سمباتيك خالص يا مهندم تسمح تزورني الليلة يا فندي
وقبل ذلك بعقود كان ابن الازهر رفاعة الطهطاوي يسوق باريس والباريسيات والثقافة الغربية في كتابه الذائع الصيت ” تخليص الابريز في وصف باريس ” برعاية من الخائن القاتل محمد علي باشا الذي شق قلب الخلافة باستقلاله بمصر والسودان عن خلافتنا في الاستانة !

أي ان المسلمين كانوا لا ينفرون باسم الاسلام لقرنيين من الزمان ، ولكنك بوضوح تستطيع ان تسمعهم الآن في شوارع القاهرة يهتفون ” لن تركع أمة قائدها محمد ” .

كما تستطيع ان تسمع مجاهدي الدولة الاسلامية وهم يؤكدون ان سيفهم لن يغمد الا في روما بنبوءة الرسول الكريم .

هكذا بات الاسلام اليوم أعلى نفيرا وهذا ما يعنيه الخائن السيسي حين أكد على خطورة ما يواجهونه الآن بعد قرنين من الزمان ، واسألوا اوروبا اليوم ايضا عن اعداد المهاجرين الى سوريا رغم التضييقات كل شهر .

لا ينكر منصف فضل جماعة الاخوان التي نشأت في بلد تظاهر بعض مواطنوه المسلمين ضد قانون الغاء البغاء ، وكيف استمروا بهدوء وصبر رغم الضربات الموجعة في رفع شعار الاسلام ” وأعدوا ” في بلاد كنا نخالها بلدا مسلما ، اللهم الا لو كان الأصل هو اسلام الهام شاهين استايل .

ولا ينكر منصف كذلك كيف اوجعت الدولة الاسلامية الثور الامريكي في العراق منذ عام 2003 حتى بات يحسب الف حساب قبل النزول مجددا على اراضينا ، بل بات يترك المهمة الاولى لاذنابه من بيشمرجة وشيعة العراق وخونة العرب السنة ، كما لا ينكر منصف ايضا انهم اعادوا لكلمة ” الخلافة ” زخمها وقد استيقظ المسلمين يوما على رجل منهم تمكن من بسط نفوذه على مساحة من الارض واعلن فيها قيام خلافة على منهاج النبوة كعهد السابقين ، وصار الغرب واسرائيل في مواجهة مباشرة مع اشد كوابيسهم رعبا لهم ” الخلافة ” .


وحتى نتمكن من الاجابة على السؤال الذي يطرحه عنوان المقال يجب ان ندرك ان الاختلاف الجوهري بين الاخوان والدولة يكمن في العلاقة مع الغرب واعتناق آلياته .

فالدولة الاسلامية تتعامل مع الغرب لا اقول من منطلق الندية والتحدى ، بل يتعاملون معه من باب الاحتقار والدونية ، والنيل من خرافات عقيدتهم الضالة كما تصفها فاتحة القرآن الكريم ، وسبيلهم الى ذلك انهم اختبروا اعتى آلاتهم العسكرية في العراق لعقد من الزمان ، وشاهدوا باعينهم جنودهم لا اقول كيف يفرون ، بل اقول كيف ينتحرون .

بينما يعتمد الاخوان لغة مهذبة مع الغرب حتى حين يأمر هذا الغرب بقتلهم بدم بارد لا يجدون غضاضة في السير للقائهم حين يطلبوهم ، وقد يتعمد احد مندوبيهم أخذ صورة له في الكونجرس وهو يبتسم رافعا شعار رابعة في سعادة مدهشة .

ربما هذه اللغة المهذبة تفسر معظم تصريحات الاخوان المتسقين مع النظام العالمي القائم على انقاض خلافتنا وكأنهم يريدون دوما توصيل رسالة مفادها : نحن طيبون

انا بالطبع لا انكر التواصل مع اي طرف ، فلقد خلقنا الله شعوبا وقبائل لنتعارف ، كما افهم جيدا وجهة النظر الاخوانية التي تقول ان الاصطدام المباشر مع الغرب يرفع فاتورة الدماء في الأمة وهم يعملون على جعلها في الحدود الدنيا ، كما انهم يعلمون جيدا ان مجرد بقاءهم وتمددهم السلمي في العديد من البلدان يغيظ الكفار ويعجزهم دون الحاجة الى حمل السلاح ودفع فاتورة دماء باهظة ، وان المسألة فقط مسألة صبر قبل التمكين واستاذية العالم ، و ها هو برادعي الغرب يعترف اخيرا ان الاخوان لن يتبخروا .

ولكن الواقع يؤكد ان حوار الغرب الجدي مع الاخوان توقف تماما بعد فض اعتصام رابعة ، وكان قبلها حوارا املائيا متعجرفا حتى ظهرت الدولة على الموصل واعلنت الخلافة ، عندها ادرك الغرب ان نار الاخوان افضل من جنة الدولة الاسلامية ، وبات من الممكن استقبال الاخوان في الكونجرس لان وجود الاخوان يضمن استمرار الملايين من الشاب المسلم في المسيرات السلمية دون الحاجة الى حمل السلاح كما حدث في العراق لتطابق العوامل والاسباب فتخرج الامور عن السيطرة وتتسع الجبهة على الغرب باضافة مصر الى المعادلة ، والمصريون ثلث المسلمين العرب الباحثين عن استعاده مجدهم .

اذن ظهور الدولة غير المعادلة الغربية من ابادة الاخوان تماما كما صرح مندوبهم السيسي باشارة من يده في برنامج تليفزيوني ابان هزلية ترشحه للرئاسة ، الى الحفاظ عليهم مؤقتا ولكن في الحدود الدنيا مع هامش ضيق من الحركة وأضيق من السلطة ، ولا مانع من ان يكتب البرادعي تدوينة عبارة عن آية من القرآن الكريم استخدمها الاخوان قبل شهور تحكي عن جزاء من يقوم بقتل مؤمن متعمد ، وبالتالي يسهل تسويق البرادعي من جديد للشباب المسلم وفق معادلة وحيدة لحلحلة الازمة المصرية بمشاركة السلطة ولكن دون رئاستها ، فالغرب لن يضحي باحتلاله الناعم لمصر بالسيطرة على رئاستها ورئاسة وزرائها .

اذن ظهور الدولة الاسلامية وتمددها حتى ولاية سيناء جعل وجود الاخوان ضرورة مؤقتة وقد كانت دماءهم من قبل اهون على الغرب من موجة صقيع .

ولو كنت مكان الدولة الاسلامية لمددت جسور التواصل مع جماعة الاخوان أكبر جماعة سنية على وجه البسيطة ولخففت من حدة خطابي الصادم صوبهم ، معتبرين الشاب المسلم الذي يجاهد في شوارع مصر في شجاعة نادرة دون سلاح لاعلاء راية محمد صلى الله عليه وسلم دون ان تلوثه سياسات أو توازنات وهو يواجه أظلم أهل الارض انتهاكا للحرمات .

ولو كنت مكان قادة الاخوان لقبلت هذه الجسور ومهدت لها لادراكي بأن أهميتي النسبية قد زادت لدى الغرب قضيتي حين ظهرت الدولة واعلنت الخلافة .

ولعلنا لو توحدنا نحن أهل السنة واذبنا خلافاتنا نستطيع رد كيد اعدائنا الذين تكالبوا علينا صهاينة وشيعة وكفار .

كلمة أخيرة اهمسها في اذن قادة الاخوان بكل الاحترام اللازم :

” السيسي مهما تعاظم بطشه لن يتمكن من القضاء علي جماعتكم ، ولكن مع أول طلقة تطلقها الدولة صوب فلسطين المحتلة سيودعكم انصاركم وداعا جميلا “

فللقوة بريق وللجهاد زهوة وللشدة على الكفار صدى عذب قديم .

ولكم في وقع ما حدث في سيناء الأثر والدليل .



والله تعالى اعلى واعلم


حسام الغمري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق