عباس«المقاوم» مع الأسد «الممانع»
في حصار مخيم اليرموك!!
ياسر الزعاترة
منذ عامين أو أكثر، دأبت وسائل الإعلام التابعة للتحالف الإيراني على استضافة محمود عباس وبعض أعوانه على نحو يفضح شعار المقاومة والممانعة، لاسيما أن الرجل لا يخفي أن شعاره هو التنسيق الأمني والمفاوضات، مع رفض المقاومة والانتفاضة حتى آخر لحظة من حياته.
لا يشكل ذلك أية مفاجأة في واقع الحال، فمن أجل بقاء بشار الأسد ستدوس إيران على كل الشعارات، وسيدوس هو أيضا وكل الحلفاء عليها، ومن يعتبر أن عملية في مزارع شبعا يمكن أن تستر عورة القوم هو صاحب موقف مسبق، فالقضية كانت وستبقى هي بقاء نظام بشار، ولتذهب بعد ذلك كل القيم والمبادئ والشعارات إلى الجحيم.
ليس هذا موضوعنا، لكنه مقدمة للحديث عما تناقلته وسائل إعلام لبنانية وسورية وبعض صفحات التواصل الاجتماعي حول قيام النظام السوري بتشكيل لواء عسكري باسم لواء اليرموك ستكون مهمته اقتحام مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق تمهيدا لبسط السيطرة عليه؛ هو الذي يعاني من حصار مشدد تفرضه عليه قوات النظام منذ نحو عام ونصف العام. ويتشكل اللواء المذكور من عناصر من الفصائل الفلسطينية “المجهرية” التابعة للنظام على شاكلة الجبهة الشعبية (القيادة العامة) بقيادة أحمد جبريل، حركة فتح الانتفاضة وجبهة النضال، إضافة إلى من يتم تجنيدهم إجباريا من الفلسطينيين في إطار “جيش التحرير الفلسطيني” التابع لمنظمة التحرير.
لكن المفارقة البارزة في هذه اللعبة تمثلت في الدعم الذي حظيت به من قبل حركة فتح، وبتعبير أدق من محمود عباس شخصيا، والذي احتفل مندوبوه قبل أسابيع في السفارة الفلسطينية بذكرى تأسيس الحركة برعاية النظام السوري؛ في تجاهل بائس؛ ليس لمعاناة الشعب السوري الذي يتعرض لبراميل النظام المتفجرة صباح مساء، بل أيضا لمعاناة اللاجئين السوريين في مخيم اليرموك على مرمى رصاصة من مكان الاحتفال.
والحال أن هؤلاء جميعا لن يكون بوسعهم اقتحام المخيم، فهم زمرة لا يمكنها فعل الكثير أمام المقاومة الموجودة بداخله، ومن سيدير المعركة وسيخوضها عمليا هم مقاتلو حزب الله، وبعض شبيحة النظام ومليشيات شيعية أخرى، لكن مهمة أولئك (أعني المنضوين في ما يسمى لواء اليرموك) هي منح الغطاء الفلسطيني للتنكيل بالمخيم وأهله، لكي لا يقال، إن النظام يستقوي عليهم.
منذ عام ونصف العام ومخيم اليرموك يتعرض لحصار حقير من لدن النظام وأتباعه (وصل الأمر حد قطع المياه عنه مؤخرا)، الأمر الذي هجّر حوالي 90 في المئة من سكانه، بينما أبقى البقية الباقية رهن الجوع والخوف على نحو هو الأسوأ؛ ربما في سوريا كلها، ودعك من عمليات القصف التي أودت بحياة المئات من السكان.
لكن الأسوأ من النظام هومن يمنح الشرعية للحصار ممثلا في تلك القوى المشار إليها، والتي تتلقى تمويلها من طهران مباشرة، مع أن بعضها لا يملك سوى بضع عشرات من المتفرغين، وهم وقادتهم شركاء في الجريمة دون شك.
لا قيمة هنا للحديث عن الثوار الموجودين داخل المخيم، لأن هؤلاء جزء لا يتجزأ من ثورة ضد طاغية، والمخيم ليس جزيرة معزولة، بل هو ملتحم بمناطق أخرى حساسة في محيط دمشق، وفي حال سيطرة النظام عليه سيُتخذ منصة لمهاجمة المناطق الأخرى، ومن يصدق حكاية التحييد هو كمن يصدق طاغية يقتل شعبه بالبراميل المتفجرة، بينما يتحدث عن قتال إرهابيين فقط لا غير، لكأن الطفل حمزة الخطيب كان إرهابيا حينما قتلوه تحت التعذيب في مسالخ بشار الأسد قبل أن تطلق رصاصة واحدة في سوريا.
والخلاصة أن ما يجري من حصار لمخيم اليرموك هو عار على الطاغية وعلى كل داعميه بالقول أو بالفعل، وفي مقدمتهم إيران، لكن العار الأكبر هو ذلك الذي تتحمله فصائل تحسب نفسها على فلسطين، وهو أيضا ذلك الذي يتحمله قائد يتحدث باسم الشعب الفلسطيني (عباس)، بينما يتعاون معد عدوهم الصهيوني ليل نهار، وها هو يتعاون مع قاتلهم، وقاتل إخوانهم السوريين أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق